أثر التدخلات الخارجية على فشل الدولة السورية (2011 – 2022)

اعداد : أمير خالد سعيد محمد حسن   – إشراف : أ. د على جلال عبدالله معوض – كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

مقدمة:

تعتبر الدول الفاشلة من أكثر الدول المهددة بالإنقسام سواء من خلال الاستعمار أو الحركات التحررية. ولكي نوضح هذا المفهوم المركب سيتم تقسيمه إلى جزئيين، الأول وهو مفهوم الدولة والذي يشير إلي قطعة من الأرض يعيش فيها الناس لفترات طويلة، ولها سلطة تقوم بفرض حكمها على الشعب، ولها حدود سياسية محددة تفصل سلطتها عن سلطة الدول الأخرى([1])الجزء الثاني، وهو صفة الفشل حيث يمكننا أن نطلق على دولة أنها دولة فاشلة إذا كانت هذه الدولة لا تستطيع السيطرة على كامل أراضيها، وتواجه تهديدات داخلية مثل أزمات سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وقد تواجه تهديدات خارجية مثل التهديد بالتدخل في شئونها من الدول الأخرى([2]).

فهناك يوجد مجموعة من السمات قد تم الإتفاق عليها لتميز الدولة الفاشلة ومنها، عدم قدرة الدولة على إصدار القرارات، وضعف قدرتها على أن تصون أراضيها وتحافظ على مواطنيها وذلك بجانب عجز الدولة عن تقديم الخدمات وتلبية رغبات المواطنين، مما يؤدي ذلك كله إلي فقدان ثقة المجتمع الدولي في قدرات هذه الدولة.

المشكلة البحثية:

عانت العديد من دول الشرق الأوسط وخصوصًا الدول العربية من التدخلات الخارجية وذلك بالأخص بعد ثورات الربيع العربي، حيث شهدت بعض الدول ثورات تطالب بجلاء نظم الحكم السائدة فيها، وقد نجحت بعض هذه الثورات في تحقيق أهدافها وفشل البعض الأخر في تحقيق أهدافه. فقد كانت أهداف بعض هذه الثورات هو الإطاحة بحكم رؤساء وحكام استمرت مدة حكمهم لفترات طويلة تصل فيما بين عقدين لثلاث عقود، ومن أمثلة الدول التي نجحت فيها هذه الثورات هي مصر وتونس وليبيا واليمن، ولكن هذه الثورات لم تنجح في دول أخرى مثل سوريا بسبب قمع هذه الثورات بالقوة .

كما أن هناك العديد من الدول التي استطاعت أن تحقق الإستقرار النسبي داخلها بعد أن إنتهت الثورات داخلها، ومن أمثلة هذه الدول مصر، وعلي الصعيد الآخر فهناك العديد من الدول وقد إزدادت أوضاعها سوءً بعد هذه الثورات حيث شهدت انقسامات وضعف مؤسسي كبير.([3]) وهذه الإنقسامات والضعف شجع العديد من الدول الكبرى على التدخل في الشئون الداخلية لتلك الدول بحجة أنها تسعى لتحقيق الإستقرار داخل تلك الدول، ولكن في حقيقة الأمر كانت النية الحقيقة للدول الكبرى هي استنزاف موارد تلك الدول وتحقيق أهدفها ومصالحها.([4])

ومما سبق فإن هذه الدراسة تسعى لدراسة التدخلات الخارجية وأثرها على فشل الدولة السورية، وعليه فإننا سوف نطرح مجموعة من الأسئلة البحثية.

الأسئلة البحثية

  • ما هو تأثير التدخلات الخارجية على مؤشرات فشل الدولة ؟
  • وبالتطبيق على الحالة السورية فالسؤال البحثي هو
  • ما هو تأثير التدخل التركي والروسي في مؤشرات فشل الدولة السورية ؟

ومن هذا السؤال فإنه يتفرع منه مجموعة من الأسئلة الفرعية و هي:

  • ما هي أهداف التدخل التركي والروسي في الأزمة السورية ؟
  • ما هي أدوات ووسائل التدخل التركي والروسي في الأزمة السورية ؟
  • ما هو تأثير هذه الأدوات على فشل الدولة السورية ؟
  • إلى أي مدى نجحت تركيا وروسيا في تحقيق أهدافهم في سوريا ؟

فرضيات الدراسة:

تحتوي هذه الدراسة على مجموعة من الافتراضات وهي:

  • كلما زادت الثورات في الدولة زاد عدم الاستقرار فيها وبالتطبيق على الحالة السورية فالإفتراض هو:
  • كلما زادت الثورات في سوريا زاد عدم الإستقرار فيها.
  • كلما زادت التدخلات الخارجية زادت الصراعات داخل الدولة وبالتطبيق على الحالة السورية فالإفتراض هو:
  • كلما زادت التدخلات الخارجية زادت الصراعات داخل سوريا.

الأهمية البحثية

هذه الدراسة لها أهمية نظرية.

الأهمية النظرية

تهدف هذه الدراسة، لدراسة أثر التدخلات الخارجية على الأزمة السورية. وعليه فإن هذه الدراسة تهدف لدراسة دوافع كلاً من تركيا وروسيا من وراء التدخل في الشئون الداخلية لسوريا، كما أننا سنركز على بعض الأدوات والوسائل التي استعملتها كلاً من تركيا وروسيا تجاه سوريا، وبالإضافة إلى ذلك فسوف نستعرض دور الولايات المتحدة الأمريكية وإيران والعديد من الفواعل الدولية الأخرى المؤثرة في الازمة السورية.

الأهمية العملية:

هذه الدراسة لها أهمية عملية؛ لأنها توضح لصانع القرار في سوريا الأهداف والنوايا السرية وراء تدخل القوى الدولية في سوريا وعلي رأسهم، تركيا وروسيا، وبالتالي سوف يستطيع إصدار القرارات التي تحقق مصالح الدولة السورية.

التحديد الزماني:

تتمحور هذه الدراسة في الفترة ما بين سنة 2011 و 2021 أي العشر سنوات التالية لثورات الربيع العربي.

التحديد المكاني:

أدت ثورات الربيع العربي إلى حالة من عدم الاستقرار في العديد من الدول العربية، كما ساهمت هذه الثورات في زيادة التدخلات الخارجية في شئون بعض الدول العربية، وعليه فإن هذه الدراسة تركز على الحالة السورية باعتبارها من أكثر الدول التي شهدت تدخلات خارجية بعد ثورات الربيع العربي.

عرض الأدبيات

دراسات اهتمت بالمتغير المستقل (التدخلات الخارجية)

هناك دراسات تناولت التدخلات الخارجية مثل :

1) دراسة معنونة ” إدارة الأزمة في السياسة الخارجية الروسية”

قدمها محمد يوسف علي لطفي، وقد وضح الباحث فيها استراتيجية السياسة الخارجية الروسية وأهدافها ووسائل تحقيقها، ووضع المؤسسات التي تقوم باتخاذ القرار في السياسة الخارجية الروسية، ثم قام الباحث بتوضيح كلاً من السياسة الخارجية الروسية و محدداتها تجاه الشرق الأوسط، ثم قام بتحديد رؤية روسيا تجاه الشرق الأوسط، وكذلك موقف روسيا من ثورات الربيع العربي.

وانطلق الباحث بعد ذلك لعرض نبذة تاريخية عن موقف الأتحاد السوفيتي من سوريا، ومن ثم العلاقات الروسية السورية من 2000-2010  والموقف الروسي من الأزمة السورية،ومن زاوية أخري قام الباحث بتحديد دوافع روسيا لإدارة الأزمة السورية، وقد عرّفَ هذه الدوافع بأنها دوافع اقتصادية وعسكرية واستراتيجية، ثم قام بعرض أدوات السياسة الخارجية الروسية لإدارة هذه الأزمة، وذلك ظهر عندما عرف دور روسيا في مجلس الأمن والمبادرات التي قدمتها روسيا لحل الأزمة السورية. بالإضافة إلي ذلك فقد تحدث الباحث عن الإدارة العسكرية ثم عن طبيعة الأطراف المتصارعة في سوريا، ودور روسيا في إدارة هذه الأزمة، ومن ثم فقد حدد موقف السياسة الخارجية الروسية من كل الأطراف المتداخلة في هذه الأزمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا وإيران وإسرائيل والسعودية والأكراد.

والباحث قد استخدم منهج تحليل النظام الدولي، وعليه فإن هذه الدراسة كانت تهدف لتوضيح كيفية إدارة روسيا للأزمة السورية. ولكن الباحث لم يكن موفق في اختيار عنوان لهذه الدراسة([5]).

    2) هناك دراسة معنونة “السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي” قدمها أحمد سالم محمد أبو صلاح وقد تناولت محددات السياسة الخارجية الروسية والأمريكية تجاه سوريا وقد أوضح الأهمية السورية بالنسبة لروسيا، كما تناول المصالح الروسية في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك قد أوضح الباحث المحددات الدولية المؤثرة في السياسة الروسية، وقام بتناول الأهمية السورية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.

وقد قام بتوضيح المصالح الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط. كما أنه وضح المحددات الدولية المؤثرة في السياسة الأمريكية. وقد قام بتوضيح الأطراف العربية الإقليمية المؤيدة لروسيا وبعد ذلك حدد الأطراف الإقليمية العربية الداعمة للولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك قد قام الباحث بتوضيح كيف نشأت الأزمة السورية، وماهو سياقها الداخلي، وما مدى اختلافها عن الثورات العربية، وتناول التوجهات العامة للسياسة الروسية وموقف روسيا من الأزمة السورية وتطورها، ثم تناول أبعاد وأهداف وأدوات إدارة روسيا للأزمة السورية. وعلي الجانب الآخر فقد تناول الموقف الأمريكي وتطوره في الأزمة السورية، وذلك من خلال تحديده للسياسة العامة الأمريكية وتوجهاتها تجاه هذه الأزمة، ثم قام بتحديد أبعاد وأهداف وأدوات الولايات المتحدة الأمريكية تجاه الأزمة السورية، بجانب عرضه لتداعيات السياسة الأمريكية والروسية تجاه الأزمة السورية، والتداعيات على العلاقات بين روسيا وأمريكا.

ومن زاوية أخري فقد وضح التداعيات في التصويت داخل مجلس الأمن. كما تناول التداعيات على السلم والأمن الدوليين، بجانب تناوله التأثيرعلى التوازنات الدولية وهيكل النظام الدولي، ثم تناول التداعيات على مستوى الأمن الإقليمي والتفاعلات بين القوى الإقليمية.

وقام بتناول التداعيات على النظام العربي وأمنه القومي، وإظهار التداعيات على التحالفات والتوازنات في منطقة الشرق الأوسط، والتداعيات على الدولة السورية والجهود الأولية والعربية لتسوية الأزمة. وقد استعمل العديد من الاقترابات مثل إقتراب صنع القرار و النسق ولكن كان من الأفضل للباحث أن يصيغ عنوان موجز لهذه الدراسة([6]).

   3) هناك دراسة معنونة “تأثيرات تدخل الأطراف الدولية في الصراع السوري من 2015 لـ 2018“. قدمها عطية محمد محمد مصطفى وقد وضح في هذه الرسالة أبعاد التدخل الدولي في سوريا وتفسيره.

وقام بتناول تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في سوريا، وتفسيرهذا التدخل . كما أنه تناول التدخل الروسي في سوريا، وقام بعمل رؤية مقارنة للتدخل الأمريكي والروسي في سوريا ثم أوضح كيف كان التدخل الدولي في الأزمة السورية، وبالإضافة إلي ذلك قام بعرض أثر التدخل الأمريكي والروسي في هذه الأزمة. وكذلك وضح أثرالتدخل الأمريكي والروسي في التطور الكمي للصراع السوري، وقام بوضع رؤية مقارنة لتأثير التدخل النوعي للصراع السوري وتناول تأثير التدخل الدولي على إدارة وتسوية  هذا الصراع .

وقد وضح تأثير التدخل الأمريكي والروسي على إدارة الصراع السوري وتسويته وقام بعرض تأثير الموقف الأمريكي والروسي على الدور الأممي في إدارة وتسوية الصراع السوري، ومن ثم قام بعرض رؤية مقارنة لتأثير التدخل الأمريكي والروسي على إدارة الصراع السوري وتسويته. والباحث هنا قام باستعمال نظرية الصراع الدولي، ولكن لم يكن الباحث موفق اختيار عنوان مناسب لهذه الرسالة([7]).

هناك دراسة معنونة “السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الجمهورية العربية السورية في الفترة ما بين 2001 لـ 2008“. قدمها أبوبكر فتحي عواد عبدالمجيد خليل الدسوقي وقد تناول في هذه الرسالة محددات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الجمهورية العربية السورية، وقد قام بتوضيح المحددات الداخلية الخاصة بالولايات المتحدة الأمريكية، بجانب عرضه لمؤسسات صنع السياسة الخارجية، كما أنه قام بعرض السلطة التنفيذية والتشريعية وعملية صنع السياسة الخارجية الأمريكية. وقام بتوضيح القوى المجتمعية وجماعات المصالح ووسائل الإعلام والرأي العام الأمريكي، وكذلك المحددات الإقليمية الخاصة بالشرق الأوسط. وقد ألقي الضوء علي الوجود العسكري والمصالح الاستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط، وعلاقة الولايات المتحدة الأمريكية بدول الشرق الأوسط.

كما أنه تناول المحددات الدولية وتغيرالنظام الدولي،وقام بشرح أحداث 11 سبتمبرلعام 2001 وتناول الحرب على الإرهاب. وقد وضح القضايا التي تفاعلت فيها الولايات المتحدة الأمريكية مع الجمهورية العربية السورية، وتناول قضية الصراع العربي الإسرائيلي، والموقف السوري من التسوية السلمية لهذا الاصراع، بجانب عرضه لتسوية النزاع بين سوريا وإسرائيل، وموقف الولايات المتحدة الأمريكية من هذه التسوية. ومن جهة أخري فقد وضح الموقف الأمريكي من العراق، وكذلك الإستراتيجية السورية تجاه لبنان، والسياسة الأمريكية أيضاً تجاه لبنان. وقام بعرض قضايا الإصلاح السياسي في منطقة الشرق الأوسط، وعرض موقف الولايات المتحدة الأمريكية من قضايا الإصلاح السياسي. وقام بتوضيح المبادرات التي قامت بها سوريا من أجل الإصلاح الخارجي.

كما أنه تناول التحالفات مع الدول المعارضة، والتعاون مع كوريا الشمالية في مجال التسلح ووضح السياسة الخارجية الأمريكية وتأثيرها في سياسة سوريا الإقليمية. وقد تناول الأدوات التي لجأت إليها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه سوريا، والتهديد باستعمال القوة العسكرية ضدها، وكذلك الأدوات السياسية المتمثلة في تشجيع القوى المناهضة للنظام السوري، والأدوات الدبولماسية والتنسيق مع الاتحاد الأوروبي، كما قام بعرض تسييس دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وعرض الأدوات الاقتصادية في قانون محاسبة سوريا والعقوبات المفروضة على البنك التجاري السوري ومصادر الأصول المالية. كما أنه تناول عرض السياسات الأمريكية وخسائر سوريا الاقتصادية، والأدوات القانونية والتشريعية مثل تسييس أجهزةالأمم المتحدة.

والقي الضوء علي قانون محاسبة سوريا، واستعادة السيادة اللبنانية، بالإضافة إلي تناوله السياسة الخارجية الأمريكية وتأثيرها على سياسة سوريا الإقليمية، بجانب عرضه لركائز الصمود السوري وكيفية الاستجابة السورية سواء الكلية أو الجزئية للسياسة الأمريكية. وقد است

عمل منهاجية تحليل نسق السياسة الخارجية، ولكن لم يكن الباحث موفق في اختيار عنوان لهذه الدراسة([8]).

هناك دراسات اهتمت بالمتغير التابع (الصراع السوري):

هناك دراسات تناولت الأزمة السورية مثل :

دراسة معنونة “الأزمة السورية في ظل تحول التوازنات الإقليمية والدولية”من عام

(0112-2013 )، قدمتها سهام فتحي سليمان أبو مصطفى. فهذه الدراسة تعرضت لإشكالية بحثية حول الأزمة السورية في ظل توازن القوى الإقليمية والدولية من عام( 2011 إلى 2013)، وأيضاً فقد تناولت هذه الدراسة البيئة الداخلية للأزمة السورية ثم القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية في سوريا قبل أزمتها الحالية بجانب تعريفها للأزمة السورية والدوافع التي أدت لنشأتها، ومن ثم قامت هذه الدراسة بعرض أهداف الثورة السورية، والأسباب الداخلية التي أدت لقيامها، وذلك بجانب عرضها للعوامل الإقليمية التي أثرت عليها.

وعلي الصعيد الآخر، فقد تناولت هذه الدراسة الدور الإسرائيلي، والتركي والإيراني، ومن ثم موقف دول الخليج من هذه الازمة، مثل الموقف القطري والسعودي والعراقي، وبعد ذلك قامت بتوضيح أثر التحول في توازن القوى على الأزمة السورية. كما أنها عرضت الموقف الأمريكي  والروسي من الأزمة السورية، وأشارت إلى الموقف الصيني، وموقف دول أوروبا من هذه الازمة  وقد عرضت هذه الدراسة أيضاً المبادرات الإقليمية لحل هذه الأزمة. بالإضافة لذلك، الحلول التي تم طرحها خلال مؤتمر عدم الإنحياز، والحلول الدولية التي أُصيغت لحل هذه الأزمة

وقد استخدمت هذه الدراسة مجموعة من المناهج مثل المنهج التاريخي، والوصفي، والتحليلي بالإضافة إلى منهج تحليل النظم. ولكن لم تكن الباحثة موفقة في وضع عنوان يناسب هذه الدراسة([9]).

دراسات اهتمت بالمتغير المستقل والتابع:

هناك دراسات تناولت التدخلات الخارجية والأزمة السورية مثل :

دراسة معنونة”دورالأطراف الإقليمية والدولية في الأزمة السورية” قدمها جلال مرزوق، وقد تناولت هذه الدراسة مفهوم الأزمة وكذلك مفهوم الأطراف الخارجية، ثم قامت هذه الدراسة بتعريف الأزمة السورية، وعرض أسباب ودوافع واتجاه هذه الأزمة . ثم قامت بتوضيح الأطراف المتداخلة في هذه الأزمة، مثل الأطراف المحلية والإقليمية والدولية، كما عرضت الدراسة التدخل الروسي وبالأخص أشكال التدخل العسكري الروسي في الأزمة السورية . ثم تناولت الدور التركي في سوريا، والأسباب التي دفعت تركيا إلي أن تتدخل في سوريا بالقوات العسكرية.

وفي ذات الوقت فقد تناولت هذه الدراسة التدخل التركي والروسي من منظور العلاقات الدولية باستخدام مجموعة من المناهج مثل المنهج التاريخي، والمنهج المقارن، ومنهج دراسة الحالة، وكذلك منهج تحليل النظم، ولكن الباحث لم يكن موفق في اختيار عنوان الدراسة([10]).

الإطار النظري والمفاهيمي:

الإطار المفاهيمي:

1) مفهوم الدولة:

هي صورة من صور الاجتماع الإنساني، فالدولة هي أرض يعيش عليها مجموعة من الناس؛ يساعدون بعضهم البعض لتحقيق رغباتهم. فالفرد الواحد لا يستطيع أن يلبي احتياجاته بشكل كامل دون وجود الجماعة. وقد يربط هؤلاء الأفراد قيم، وثقافة، ولغة مشتركة فيما بينهم ويحكمهم سلطة تطبق عليهم القانون. ويجب على الأفراد أن يلتزموا بهذا المفهوم وإلا تعرضوا للعقاب([11]).

2) مفهوم الدولة الفاشلة:

يوجد العديد من التعريفات للدولة الفاشلة:

التعريف الأول:

هي الدولة التي لا تستطيع الحفاظ على سيادتها، وتواجه أزمات اقتصادية واجتماعية شديدة، وقد تطور الأمر بها إلى فقدان شرعيتها والاعتراف بها أمام المجتمع الدولي.

التعريف الثاني:

الدولة الفاشلة هي التي تواجه أزمات تهددها بالانقسام، وقد يتطور الأمر إلى فناء الدولة.

التعريف الثالث:

الدولة الفاشلة هي التي لا تستطيع السيطرة على كامل أراضيها، ولا تستطيع أن تطبق القانون أو تحترمه([12]).

  • مفهوم الثورة:

هي حالة من الغضب يجتمع فيها مجموعة كبيرة من الأفراد بشكل منظم؛ وذلك لعمل انقلاب من أجل تغيير ظروف معينة وتحقيق بعض المطالب الشعبية مثل الخلع الكلي أو الجزئي للنظام وغيرها([13]).

  • مفهوم التدخل العسكري:

يعتبر التدخل العسكري هو أحد أدوات السياسة الخارجية لأي دولة، بمعني قيام دولة بإرسال قواتها إلى دولة أخرى؛ للتأثير في الشئون الداخلية أو الخارجية لتلك الدولة، وذلك يكون بشكل قهري للدولة، لتغير الوضع الراهن أو الحفاظ عليه([14]).

  • مفهوم الدبلوماسية:

هي عملية يقوم فيها طرفين دوليين أو أكثر بالتفاوض فيما بينهم؛ وذلك من أجل حل مشكلة ما فيما بينهم، أو بهدف تحقيق مصالح مشتركة([15])

تعريفات إجرائية:

مفهوم القوات المسلحة:

هي أحد أدوات السياسة الخارجية للدولة، حيث تستعملها الدولة؛ من أجل الدفاع عن نفسها إذا تعرضت لأي هجمات إرهابية سواء من الدول الأخرى أو من أي تنظيمات إرهابية أخرى. وقد تستعملها الدولة في تهديد وردع الدول الأخرى في حالة فشل الوسائل الدبلوماسية وأدوات السياسة الخارجية في حل النزاعات الناشئة بينها وبين الدول الأخرى.

  • كما أن هناك مجموعة من المؤشرات الداخلية والخارجية الدالة علي فشل الدولة :

المؤشرات الداخلية الدالة علي فشل الدولة

  • مؤشرات اجتماعية:  

تتعلق بمدى قدرة الدولة على تقديم الخدمات التي تضمن مستوي من العيش الكريم للمواطنين مثل توفير المواد الغذائية لهم، ومد خطوط المياه والصرف الصحي، وتوفير المراكز الطبية لمعالجتهم عند المرض.

     2-  مؤشرات اقتصادية:

  • هجرة العقول المفكرة.

هذ المؤشر يتعلق بالتأثر الاقتصادي الذي سوف تواجهه الدولة؛ نتيجة هجرة العقول المبدعة التي تطرح أفكاراً للنهوض بالاقتصاد الخاص بالدولة، وهذه الهجرة قد تكون لأسباب مختلفة مثل ضعف القدرات المادية أو الشعور بالاضطهاد العرقي أو الديني أو عدم التقدير من الدولة التي يعيش فيها .

  • مؤشر عدم المساواة في العائد

يتعلق هذا المؤشر بضعف قدرة الدولة علي تحقيق العدالة والمساواة في العوائد المادية التي يحصل عليها الأفراد في نفس المكانة الوظيفية، وعدم المساواة في الحصول على التدريب اللازم للعمل .

  • مؤشر الفقر وسوء الأوضاع الاقتصادية.

يركز هذا المؤشر على حجم البطالة وعدد الأفراد تحت مستوى خط الفقر، كما أنه يركز على أسعار السلع الضرورية ومدى أرتفاعها في وقت الأزمات .

     3- مؤشرات سياسية

  • مؤشر مدي شرعية الحكم

يمكن ملاحظته من خلال وجود انتخابات نزيهة .

  • مؤشر مدي ضعف مؤسسات الدولة

هذا المؤشر يشير إلى ضعف المؤسسات العامة في الدولة، وعدم قدرتها على تلبية رغبات المواطنين في توفير مراكز طبية لعلاج المرضى عند الضرورة وتوفيرالمراكز التعليمية ومد خطوط المياه والكهرباء والصرف الصحي للمناطق التي تعاني من الفقر وإنخفاض مستوى الخدمات. كما أنه يقيس مدى قوة الحكومة داخل الدولة ومدى رضاء المواطنين عن أداء الحكومة.

  • مؤشر مدى إنتشار القانون وحقوق الإنسان.

يقيس هذا المؤشر مدى قدرة الدولة على منع أعمال العنف، وحماية حقوق الإنسان والأفراد والجماعات في المشاركة المدنية والسياسية بدون أن يكون عليهم أي ضغوط .

  • مؤشر مدي إنتشار الإستقرار وعدم وجود حركات تمرد.

يقيس هذا المؤشر مدى قدرة الدولة على السيطرة على المواطنين وأفراد القوات المسلحة، بحيث لا تظهر حركات  تمردية تُعادي الدولة وتقوم بعمليات إرهابية تهدد استقرار النظام وسلامة المواطنين.

  • مؤشر مدي تفكك وحدة الدولة.

يقيس هذا المؤشر مدى قدرة الدولة على الحفاظ على الوحدة الوطنية وتجنب انتشار الفتن بين طبقات المجتمع، سواء كانت هذه الفتن عرقية أو دينية أو اي نوع أخر من أنواع الفتن التي تهدد الوطن بالتفكك .

المؤشرات الخارجية الدالة علي فشل الدول

1- التدخلات الخارجية

تقوم الدول الكبرى في الواقع بالتخطيط والتآمر، وذلك بهدف التدخل في شئون الدول الضعيفة وخاصةً الدول الغنية بالموارد والتي يتوافر فيها البترول وذلك لتحقيق أهداف خاصة بها، وهي انتزاع تلك الثروات من تلك الدول الضعيفة والمتهالكة.

حيث تقوم الدول الكبرى بضرب تلك الدول الضغيفة عسكريًا، بشكل يهدد بطبيعة الحال أمن تلك الدول وأنشطتها الإقتصادية والسياسية مما يؤثر على جيش الدولة والحكومة.

وبالتالي فالدول الكبرى  تسعى وراء مصالحها دون مراعات الخصوصية لتلك الدول.([16])

ومما سبق فإن هذه الدراسة ستركز على مؤشر التدخلات الخارجية، وسنقوم بتطبيقه على الحالة السورية.

الإطار النظري:

تركز هذه الدراسة على نظرية الدور

نظرية الدور

تفترض هذه النظرية أن لكل وحدة دولية دور أو مجموعة أدوار في السياقين الإقليمي والدولي، ويقوم صانع السياسة  الخارجية بتحديد هذه الأدوار بناءً على قدرات دولته وما تمتلكه من موارد.

كما تفترض هذه النظرية تصور للوظيفة التي تحددها الدولة لنفسها وللدول الأخرى حيث تمارس هذه الدول تلك الوظيفة بشكل دوري ومستمرعلى السياق الإقليمي والدولي. وتشمل نظرية الدور ثلاث أبعاد:

 البعد الأول وهو تصور صانع السياسة الخارجية لمركز دولته على المستوى الدولي فمن هذا البعد يقوم صانع السياسة الخارجية بتحديد المجالات التي تتميز فيها الدولة، وتزيد من نفوذها على المستويين الإقليمي والدولي.

والبعد الثاني فيه يقوم صانع السياسة الخارجية بتحديد الأهداف من وراء قيام دولته بسياسة خارجية معينة، فقد تهدف هذه السياسة إلى الحفاظ على الوضع الراهن أو السعي لتغير هذا الوضع.

والبعد الثالث فيه يقوم صانع السياسة الخارجية برسم صورة تخيلية لمدى التغير المتوقع من وراء قيام دولته بأتباع سياسة خارجية معينة. كما تشمل نظرية الدور تخيل صانع السياسة الخارجية لدور دولته، وكيف تقوم دولته بتنفيذ هذا الدور في إطار السياسة الخارجية كما تشمل نظرية الدور تخيل صانع السياسة الخارجية لدوردولته، وكذلك تصوره للأدوار التي تقوم بها الدول المعادية لدولته، فقد تقوم الوحدة الدولية بالعديد من الأدوار في نفس الوقت. وهذا النظام هو الأكثر إتباعًا حيث يتطلب توجيه الوحدة الدولية للموارد من أجل تنفيذ هذا الدور، فإذا قامت الدولة بدور يفوق قدرات وإمكانيات الدولة وما تمتلكه من موارد، يصبح هذا الدور أكثر تهديدًا بالفشل، أما إذ قامت الدولة بدور يقل عن إمكانيات الدولة وقدراتها وما تمتلكه من موارد فهنا تفرط الوحدة الدولية بفرصة كانت من الممكن أن تستغلها لتحقيق مصالح أكبر.

فنظرية الدور تقوم بالأساس على تصورات صانع السياسة الخارجية؛ وذلك لأنه يتأثر بالعديد من العوامل في صياغته لدور وحدته الدولية، وهي تصورات الدول الكبرى لهذا الدور في النظام الدولي. وبالإضافة إلى ذلك حجم الموارد الاقتصادية والعسكرية التي تمتلكها دولته، ومدى تأثير الأزمات الإقتصادية والإجتماعية على دولته. وقد قام هولستي بتصنيف الدور إلى عدة أنواع وهي كالتالي :

1) الأدوار الصراعية التدخلية.

تقوم فيها الدولة بالتدخل في شئون الدول الأخرى؛ وذلك بغرض إحداث تغيرات على المستوى الإقليمي أو الدولي، أو بهدف تحقيق الدولة لمصالحها.

ويشمل هذا النوع من الأدوار أنواع عديدة منها دور رجل الشرطة، وفيه يظن صانع السياسة الخارجية أن للوحدة الدولية التي ينتمي إليها دور في قمع من تظنهم معتدين سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.

2) الأدوار الصراعية السلبية  

تسعى الدولة فيها إلى تغير الوضع الإقليمي من خلال الدخول في اشتباكات مع مختلف الدول على المستوى الإقليمي والدولي ثم تقوم الدولة بتفويض العمل الإيجابي إلى دولة أخرى. ومثال علي ذلك دور حليف قاعدة الثورة، حيث تقوم الوحدة الدولية بدعم حركات التحرر الوطني لدولة أخري، مع ترك مهمة الدعم المادي لهذه الحركات إلي الدولة الإقليمية القائد .

3) الأدوار التعاونية التدخلية

تسعى فيها الدولة إلى التعاون مع الدول الكبرى على المستوى الإقليمي والدولي؛ وذلك من أجل تغير النظام الدولي، بالإضافة إلي أنها تهدف إلى حل المنازعات التي قد تنشأ بين الدول بطريقة سلمية؛ حتى لا يتطور الأمر ويصل إلى الحرب. ويشمل هذا النوع من الأدوار أنواع عديدة منها. دورالوسيط الدولي، حيث تسعى فيه الوحدة الدولية إلى التدخل كوسيط بين الدول في النزاعات سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي.ودورصانع السلام، حيث يظن فيه صانع السياسة الخارجية أن للوحدة الدولية التي ينتمي إليها دور في تحقيق السلام. كما أنه يوجد مجموعة أخرى من الأدوار. ويعتبر مفهوم ضغوط الدور وصراعاته أحد المفاهيم المحورية في نظرية الدور وفي تحليل السياسة الخارجية، وقد يحدث ذلك نتيجة تعدد أدوار الفاعل بشكل يفوق قدراته وإمكانياته، أو عدم التوافق بين بعض الأدوار، أو اختلاف إدراك الفاعل لدوره عن توقعات الفاعلين الأخرين.

4) الأدوار التعاونية السلبية

تسعي فيها الدولة إلي التحالف مع الفاعلين الدولين الآخرين؛ لتغير النظام الدولي أولتثبيت الوضع الدولي القائم، وحل المنازعات التي قد تهدد بتغير الوضع القائم. وينبثق من هذا الدور العديد من الأدوار مثل دور الحليف المخلص، وفيه تؤيد الدولة بصورة مطلقة سياسات دولة أُخري .

5) الأدوار المحايدة    

فيها تبتعد الوحدة الدولية عن التعاون أو الإشتباك أو التعرض للوحدات الدولية الأُخري، ومن أهم هذه الأدوار، دور صانع التنمية الداخلية، وفيه يهتم صانع السياسة الخارجية بالتنمية الإقتصادية الداخلية، ويحاول أن يبعد دولته عن قضايا السياسة الدولية([17]) .

  الأسباب الجيوسياسية لتفسير التدخلات الخارجية:

الأسباب الجيوسياسية تركز على المخاطر التي قد تعاني منها الدول الضعيفة، فالخطر هنا يظهر إذ كانت الدول القوية لديها أهداف تتعارض مع أهداف الدول الضعيفة المجاورة لها وبالتالي هذا سوف يؤدي بطبيعة الحال إلى نشأة نزاعات فيما بينهم بشكل قد يترتب عليه  احتمالية تدخل الدول القوية في شئون الدول الضعيفة، وإذا لم تتمكن الدول الضعيفة من مواجهة التدخلات الخارجية فهذا سوف يسلبها سيادتها الخارجية وحريتها مما يؤدي بطبيعة الحال إلى عدم قدرة الدولة على مواجهة الأزمات الداخلية، وقد يهدد الدولة نفسها بالفناء.

كما أن سيطرة الدول على كافة أراضيها ومواطنيها من أهم متطلبات استقرار الدولة فكلما زادت إمكانية النظام على فرض حكمه على كافة أقاليم الدولة ومواطنيها زادت إمكانية استقرار الدولة، وفي العديد من الدول يوجد بعض المناطق البعيدة عن مركز السلطة حيث يقل فيها ولاء المواطنين للسلطة الحاكمة وهنا يأتي دور الحكومة في إخضاع هؤلاء الأفراد الذين يعيشون في تلك المناطق البعيدة.

والدول الفاشلة هي من أحد نتائج الاستعمار، فبعد انتهاء الاستعمار حصلت الكثير من الدول على حريتها واستقلالها ولكن العديد منها لم يكن يتوافر فيها شروط الدولة، ولم يكن لها قومية خاصة بها أو حدود سياسية محددة بدقة. كما أن النخب المحلية التي كانت تدين بالولاء لتلك الدول، وكانت تحكم هذه الدول قبل الاستعمار لم تكن موجودة، فقد كان الحكم في يد فئات متصارعة تسعى للوصول للحكم فقط، وبالتالي فإن التدخلات العسكرية التابعة للإستعمار هددت هذه الدول بالتفكك بشكل ساهم في إضعاف مؤسساتها وإسقاط الكثير من الجرحى والقتلى.

كما أن الدول المستعمِرة اتخذت العديد من الحجج لتخفي من ورائها نوايها الحقيقية من وراء الاستعمار مثل أنها تسعى من وراء التدخلات إلي القضاء على الإرهاب أو إسقاط النظام الفاسد أو حماية الذات بجانب الحفاظ على الأمن الدولي. وبالتالي فإن التدخلات الخارجية ساهمت في القضاء على آليات الديموقراطية وخاصةً في الدول التي تتيح حرية التعبير عن الرأي.

وعليه يوجد العديد من الاتجاهات التي تفسر التدخلات الخارجية وهي:

الإتجاه الأول:

يقوم هذا الاتجاه بتوسيع دائرة مفهوم التدخلات الخارجية ليشمل جميع أشكال السياسة الخارجية للدولة، وقد أيد “شوارز” هذا الاتجاه، فهو يرى أن قيام الدولة بتصرف في صدد أزمة معينة يمثل تدخل خارجي، ومن أنصارهذا الاتجاه أيضاً” هوفمان ” فهو يرى أن هناك مجموعة من الحالات يُعتبرعدم التدخل فيها من صورالتدخل الخارجي، أما بالنسبة”لفريد مان ” فهو يرى أن قيام دولة ما باستعمال القوة للتدخل في الشئون الداخلية والخارجية لدولة أخري  يمثل تدخل خارجي .

وقد قام” شرايدر “بوضع مفهوم للتدخل، وهو قيام الدولة باستخدام الأدوات السياسية أو الاقتصادية أو العسكرية للتأثير على السياسة الداخلية أو الخارجية لدولة أخري .

وبالتالي هذا الاتجاه يطرح مجموعة مختلفة من أنواع التدخل مثل:

  • التدخل عن طريق إعطاء المعونة أو منعها سواء كانت هذه المعونة اقتصادية أو عسكرية.
  • التدخل عن طريق العمليات العسكرية؛ وذلك لتحقيق أهداف قد تكون عقابية أو ردع أو من أجل الحفاظ على السلام وحقوق الإنسان.

الإتجاه الثاني:

ينظر هذا الاتجاه للتدخلات الخارجية بشكل أضيق من الاتجاه الأول. وقد أيد البعض هذا الاتجاه مثل” فريدريك بيرسون”، فهو يرى أن التدخلات الخارجية تقتصر على التدخلات العسكرية فقط، كما يرى” نيل مازيسون “أن التدخلات تشمل قيام الدولة باستعمال قوتها ضد دولة أخرى؛ وذلك للحفاظ على الوضع الراهن أو تغيره، وقد يكون للتأثير على قدرات هذه الدولة الداخلية والخارجية، وأيضاً كما يرى” بيلوف “أن التدخلات الخارجية هي قيام دولة باستعمال قوتها للتأثير على الشئون الداخلية والسياسة الخارجية لدولة معينة، وكذلك فإن        ” ريتشارد هاس “ يري أن السياسة الخارجية هي استعمال دولة ما لقوتها العسكرية؛ للتأثير على الأوضاع الداخلية والسياسية في دولة معينة. وبالتالي هذا الاتجاه يميل إلى استعمال القوة والعنف؛ من أجل التأثير على الدول الأخرى سياسيًا واجتماعيًا.

الإتجاه الثالث:

يرفض هذا الإتجاه التدخلات الخارجية، ويرى أنها غير شرعية، وأنه من الصعب أن يتم تعريف التدخلال الخارجية. وقد أيد هذا الاتجاه البعض مثل” جيمس فاوست “فهو يرى صعوبة في تفسير التدخلات الخارجية قبل حدوثها وإنما يمكننا أن نفسرها بعد حدوثها([18]).

ومما سبق، فإن هذه الدراسة تؤيد الإتجاه الأول الذي يرى أن التدخلات الخارجية لها أكثر من طابع، فقد تكون هذه التدخلات إما تدخلات عسكرية أو تدخلات عن طريق إعطاء بعض المساعدات سواء العسكرية أو الاقتصادية أو غيرها، وإذ قمنا بتطبيق هذا الاتجاه على الحالة الدراسية في سوريا سنجد أن هناك دول تتدخل بشكل عسكري مباشر في سوريا مثل روسيا، كما يوجد بعض الجماعات الإرهابية مثل حزب الله تقوم بالتدخل بطريقة غير مباشرة في الأزمة السورية عن طريق مد النظام السوري الحاكم بالأسلحة؛ لمواجهة المتظاهرين([19]).

وبصفة عامة فإن التدخلات الخارجية لها أسباب مختلفة وقد تكون هذه الأسباب إما تعاونية أو احترازية أو وقائية.

كما يوجد مجموعة من المستويات لدراسة المحددات لتفسير التدخلات الخارجية

المستوي الأول : ويشمل المحددات الداخلية و الخارجية

المحددات الداخلية:

يركز هذا النوع من المحددات على الأوضاع الداخلية في الدولة، فهو يفترض أن التدخلات الخارجية تكون نتيجة عدم قدرة النظام السياسي داخل الدولة في مواجهة الكيانات المحلية المعارضة، وبالتالي يظهر دور القوى الدولية من خلال تدخلها لمساندة النظام او الإطاحة به. وبالتالي فإن الدولة تقوم باستعمال القوة في مناطق معينة داخل الدولة وذلك بهدف تحقيق الأمن وحماية نفسها من التدخلات الخارجية.

المحددات الخارجية:

يركز صانع السياسة الخارجية في هذا المحدد على المصالح والمكاسب التي سوف تجنيها دولته من وراء هذا التدخل، أو ينظر إلى هذا التدخل على أنه ضروري وذلك من أجل حل مشكلة معينة.

مثال: في حالة انتشار حرب أهلية في دولة معينة فإن صناع السياسة الخارجية في الدول المجاورة لها يرون وجود ضرورة للتدخل في تلك الدولة؛ حتى لا تتأثر دولهم بحالة الفوضى والعنف الموجودة داخل هذه الدولة.

المستوي الثاني: ويشمل محددات طبيعة التدخل

ويشمل هذا المستوي أشكال وأنواع التدخل وأدواته وآلياته، كما يأتي :

  • أشكال التدخل، التي تركز على الوظيفة التي تسعى الدولة المتدخلة على القيام بها، وقد تشمل هذه الوظائف قيام الدولة المتدخلة بالانحياز لأحد الطرفين المتنازعين محليًا بشكل قد يُعلِي من شأن طرف على حساب الطرف الأخر. وقد تهدف الدولة المتدخلة إلى الوساطة بين كل من الأطراف المتنازعة محليًا وذلك من أجل الحفاظ على استقرار الأوضاع الداخلية في الدولة . بالتالي فإن تدخل دولة ما في شئون دولة أخرى سواء قامت بدور الوسيط بين الأطراف المتنازعة محليًا أو بالإنضمام لأحد الأطراف المتنازعة لتحقيق مصالحها وأهدافها في المقام الأول .
  • أنواع التدخل الخارجي وهي تتعلق بالتدخل العسكري لاعتبارات انسانية كما لخصها” تايلور سيبورت “ في توصيل المساعدات، وإنقاذ الضحايا، وهزيمة الجناة، وحماية عمليات الإغاثة، وذلك في إطار استراتيجي معين من قبل الطرف المتدخل؛ لضمان نجاح التدخل العسكري.
  • أدوات التدخل الخارجي وقد تأخذ أشكال مختلفة منها، التدخل العسكري المباشر من خلال فرض العقوبات الإقتصادية بشكل فردي أو جماعي، وغير مباشر من خلال

التدخل بين أطراف الصراع بتوفير السلاح والدعم العسكري لهم .

  • المدي الزمني للتدخل العسكري، في إطاره يمكن أن يصنف التدخل العسكري إلي التدخل العسكري طويل الأجل أو التدخل السريع، وذلك حسب فترة ومدي التدخل وكذلك حسب عدد ال جرحي والقتلي الناتجة عن التدخل وذلك بالقياس مع نوايا المتدخل مع وضع التكاليف في الإعتبار. وقد اكدت الدراسات علي أن التدخلات العسكرية السريعة تتواجد كلما كانت العلاقة بين الدولة المتدخلة والدولة محل التدخل قوية؛ وذلك لأن الظروف تكون ملائمة للتدخل في إطار مساندة المنظمات الإقليمية والدولية، بينما لو كانت العلاقة غير طيبة بين الدولة المتدخلة والدولة محل التدخل فإن التدخل يكون طويل المدي لمنع أي تدخل من أي دولة خارجية .
  • وكذلك كلما زاد عدد الأطراف المتدخلة في أزمة داخل دولة معينة زادت صعوبة الوصول لحل ينهي هذه الأزمة بشكل قد يستغرق وقت طويل لتسوية هذه الأزمة.

المستوي الثالث: نتائج وآثار التدخلات الخارجية

هذا المستوي يُظهر أهم نتائج التدخل الخارجي في الأزمات الداخلية المتواجدة بين الحكومة والمتمردين من الشعب، حيث يضعف التدخل الخارجي من قدرة حكومة الدولة علي أداء وظائفها بشكل قد يؤدي إلي إشتعال الأزمة و تسربها إلي الدول الأخري، فتكون النتيجة هي إشتعال الحرب بين الدول. وبالتالي فإن التدخلات الخارجية قد يكون لها آثار سلبية وأُخري إجابية سواء علي المستوي السياسي أو الإقتصادي، وكذلك علي المستوي الإجتماعي أو الإنساني؛ لأن المتدخل الخارجي يهدف لتوسيع دائرة نفوذه ومصالحه الأمنية والإقتصادية والسياسية لتغير النظام الحاكم والتحكم فيه خاصةً بعد إنتهاء الحروب الأهلية إن وجدت ([20]).

تقسيم الدراسة:

تنقسم هذه الدراسة إلى أربع فصول في كل فصل يوجد ثلاث مباحث.

الفصل التمهيدي سوف نتناول الحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وتأثيرها على الأزمة السورية.

  • ففي المبحث الأول سنقوم بعرض الحالة الاقتصادية وتأثيرها على الأزمة السورية.
  • وفي المبحث الثاني سنتناول الحالة الاجتماعية وتأثيرها على الأزمة السورية.
  • وفي المبحث الثالث سنتناول الحالة الساسية وتأثيرها على الأزمة السورية .

الفصل الثاني سنتناول أثر التدخلات الخارجية على الأزمة السورية.

  • في المبحث الأول من هذا الفصل سنتناول أثر حلفاء النظام على الأزمة السورية.
  • في المبحث الثاني سنتناول التدخلات الخارجية وحلفاء الثورة.
  • في المبحث الثالث سوف نتناول الموقف العربى و الأمريكى من الأزمة السورية.

الفصل الثالث سوف نتناول التدخل التركى  وأثره على الأزمة السورية.

  • المبحث الأول سنتناول أثر القضية المائية على الأزمة السورية.
  • المبحث الثاني سنتناول أثر القضية الكردية على الأزمة السورية.
  • المبحث الثالث سنعرض التدخل العسكري التركي وتأثيره على الأزمة السورية.

الفصل الرابع التدخل الروسي وتأثيره على الأزمة السورية.

  • المبحث الأول سنتناول الدبلوماسية الروسية وتأثيرها على الأزمة السورية.
  • المبحث الثانى سنتناول التدخل العسكري الروسي وتأثيره على الأزمة السورية.
  • المبحث الثالث سنتناول الدعم الإقتصادى الروسى والأزمة السورية.

الفصل الأول : أثر الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على الأزمة السورية

  • المبحث الأول : الحالة الأقتصادية والأزمة السورية
  • المبحث الثانى : الحالة الإجتماعية والأزمة السورية
  • المبحث الثالث : الحالة السياسية والأزمة السورية

الفصل التمهيدي : أثر الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية على الأزمة السورية

مقدمة

عانت سوريا في العقود الأربعة الأخيرة من مجموعة من الأزمات على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وهذه الأزمات قد ساهمت بشكل كبير في فشل الدولة السورية، وجعلها فريسة أمام الدول الكبرى التي تهدف للتدخل في شئونها وذلك لتحقيق أكبر قدر من المصالح.

كما أن هذه الأزمات على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي أدت إلى غضب الشعب السوري وقيامه بشن ثورة ضد نظام بشار الأسد الديكتاتوري.

فقد طالب الشعب بعمل إصلاحات في هيكل النظام حتى يتحول من نظام ديكتاتوري إلى نظام تعددي يسعى لتحقيق العدالة والمساواة، ويُمَكّن الأقليات من المشاركة الفعالة. فقد بدأت الثورة سنة 2011 بشكل سلمي في مدينة درعا الموجودة في جنوب سوريا وذلك من أجل تحقيق الحرية والإصلاح ولكن سرعان ما تغير شكل هذه الثورة من استعمال الأسلوب السلمي إلى استعمال القوة.

حيث حدثت مناوشات وصدام مسلح بين قوات الأمن السورية والشباب المسلح. ومع اندلاع الثورة في مدينة درعا بدأت بقية المدن السورية تقوم بمساعدتها مما أدي ذلك إلي جعل النظام السوري يقوم باستعمال القوة والعنف ضد الثوار. ومع استمرار هذه الأزمة وتزايد حدتها فقد حدثت تدخلات على المستوى الإقليمي، بعضها قد تحالف مع النظام السوري مثل إيران التي تعتبر من أول الدول التي قامت بمساندة النظام السوري ضد الشعب، كما قامت تركيا بالتدخل في الأزمة السورية لتساند الثورىة السورية . والصين كان لها دور مهم في رفض أي قرار يتخذه المجتمع الدولي ضد سوريا. كما تدخل فاعلون آخرون على المستوى الدولي، لمساندة النظام السوري ضد الشعب ومنهم روسيا([21]).

ومما سبق وجدنا أن إندلاع الثورة السورية إشتعالها بسبب زيادة نفوذ السلطة التنفيذية وتقيدها للسلطة التشريعية وإضعافها للسلطات الممنوحة للسلطة القضائية([22]).

كما كان يوجد درجة كبيرة من الفساد داخل سوريا سواء على المستوى السياسي أوالاقتصادي حيث تم تصنيف سوريا في تقرير منظمة الشفافية الدولية باعتبارها الدولة رقم 127 في مؤشرات الفساد وذلك كان من خلال مسح عينة من الدول حجمها 180 دولة. وقد تم تصنيفها عربيًا باعتبارها الدولة رقم 15 في مؤشرات الفساد وذلك قبل قيام الثورة السورية بسنة([23]).

ولذلك سوف نتناول في المباحث القادمة في هذا الفصل الحالة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ساهمت في اندلاع الثورة في سوريا.

المبحث الأول  :الحالة الإقتصادية والأزمة السورية

عانت سوريا أثناء الانتداب الفرنسي من التراجع على المستوى الاقتصادي كما أن المشاريع الاقتصادية في تلك الفترة كانت فيها محدودة بشكل كبير، فعندما حصلت سوريا على استقلالها كانت تعاني من انتشار ظاهرة التخلف وتدهور اقتصاد الدولة؛ وذلك كان نتيجة لإستنزاف المستعمر الفرنسي لمواردها.

فعندما تسلم الرئيس حافظ الأسد الحكم سعى لعمل بعض الإصلاحات الإقتصادية من خلال النهوض ببعض المشروعات التنموية، وكان يعتمد على المساعدات المادية الضخمة التي كانت تمنحها الدول العربية لسوريا وخاصةً الدول النفطية.

وقد نجحت هذه المشروعات في البداية في تحقيق نمو اقتصادي لسوريا وذلك بسبب ارتفاع أسعار النفط، ولكن كان الإقتصاد السوري يقوم على الزراعة والصناعة التحويلية وتصدير النفط بشكل قد أدى بطبيعة الحال إلى انخفاض العائد من العملات الأجنبية التي تحصل عليها سوريا من وراء تصدير النفط، كما انخفض العائد الذي يعود لسوريا من وراء تحويلات الأموال التي كان يقوم بها العمال السوريين الذين يعملون في الدول النفطية. ومن ناحية أخري فقد تدهور الإقتصاد السوري بسبب حالة الجفاف التي حلت بسوريا من عام (2006-2011) وهذا جعل الحكومة السورية تقوم بإستيراد كميات ضخمة من القمح .

وبجانب هذا فقد حُرِمت سوريا من الإمدادات المادية التي كانت تقدمها لها دول الخليج وكذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية قامت بفرض عقوبات ضخمة على سوريا باعتبارها دولة تقوم برعاية الإرهاب، وهذه الأزمة الاقتصادية أدت بطبيعة الحال إلى زيادة البطالة وانخفاض دخول المواطنين .

وعقب وفاة الرئيس حافظ الأسد تولى إبنه بشار الأسد حكم البلاد، حيث كانت الدولة السورية تعاني من ارتفاع معدل البطالة، بجانب معاناة طبقة الشباب من عدم توافر فرص العمل، وكانت مؤسسات القطاع العام تعاني من ضعف شديد نتيجة عدم وجود خبرات لدى العاملين فيها.([24])

وقد أوضحت الدراسات أن الإقتصاد السوري قد تدهور أكثر بعد ثورة 2011؛ لضعف قطاع السياحة بشكل كبير نتيجة انتشار الفوضى داخل الدولة وعدم قدرة نظام بشار الأسد على السيطرة عليها. وبالنسبة لقطاع النفط فقد تراجع هذا القطاع بعد ثورة 2011؛ وذلك نتيجة إغلاق الطرق وعدم القدرة علي السفر أونقل البضائع من مكان لآخر داخل سوريا، وبالتالي فقد عانت الدولة في تلك الفترة من السلب والنهب، وتدهورت المؤسسات الصناعية وكل ذلك أدى بطبيعة الحال إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية للبلاد([25]).

ونتيجة لهذا التدهور فقد قامت سوريا بعمل العديد من الخطط لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، ومن أهمها الخطة الخمسية العاشرة. وهذه الخطة الهدف منها تحقيق العدالة والتشغيل وتحقيق النمو الاقتصادي والحد من الفقر. وقد أظهرت هذه الخطة أن سوريا تسعى لتحقيق التقدم الشامل حيث كانت تسعى هذه الخطة للتغير نحو اقتصاد السوق الاجتماعي.

كما أنها سعت لزيادة النمو وتحقيق ارتفاع في الإنتاج، بالاستناد إلى القطاعات ذات القيمة المضافة المرتفعة وذلك كان على حساب القطاعات الريعية. كما أن هذه الخطة اهتمت بالجانب الاجتماعي وذلك قد ظهر من خلال الاهتمام بالفقراء وقامت على إعادة توزيع الدخل وتحقيق التنمية والاستثمار في قطاعات الصحة والتعليم والبحث العلمي، وزيادة معدلات التشغيل بهدف القضاء على البطالة. وذلك من خلال إتاحة أكثر من مليون فرصة عمل جديدة للأفراد. ولكن هذه الخطة لم تحقق نمو اقتصادي حقيقي في سوريا وذلك بسبب انخفاض معدلات النمو وتذبذبها.

جدول A

البيان2005/20062006/20772007/20082008/2009متوسط معدل النمو الفعلي الفترة (2006/2009)%متوسط معدل النمو خلال الخطة العاشرة المشهد المتفائل %**متوسط معدل النمو خلال الخطة العاشرة المشهد الأقل تفاؤل %**
الزراعة10.2-13.5-7.112.80.645
الصناعة التحويلية-2.7-1.514.8166.71511
الصناعة الاستخراجية17.613.530.9-25.89.1-4-4
مياه وكهرباء16.816.14.3-9.76.91312
البناء والتشييد10.90.7-8.15.32.2129
تجارة الجملة والمفرق-512.4161.46.2128
النقل والمواصلات والتخزين9.111.49.62.88.276
المال والتأمين والعقارات13.521.54.15.111.0159
الخدمات8.1255.511.412.554
معدل النمو الاقتصادي %55.74.545.375

يوضح هذا الجدول حجم النمو الاقتصادي في سوريا في الفترة من)  2006 إلى 2009  (

هذا الجدول أظهر لنا،  أنه على الرغم من تبني الخطة الخمسية العاشرة إلا أن معدل النمو الاقتصادي كان منخفض في قطاع الزراعة والصناعة التحويلية والاستخراجية، وعلى مستوى الكهرباء والمياه والبناء والتشييد والتجارة والنقل والمواصلات والخدمات والتأمين([26]).

كما أن سوريا تعاني من درجة كبيرة من الفساد على مستوى القطاع العام، وقد استمر هذا الفساد حتى يومنا هذا.

فقد ظهر في دراسة قامت بها منظمة الشفافية الدولية لاستطلاع مدركات الفساد في 180 دولة على مستوى العالم، أن سوريا من أكثر الدول التي تعاني من زيادة كبيرة في معدلات الفساد على مستوى القطاع العام.

جدول B

يمثل هذا النموذج النتائج التى توصلت إليها منظمة الشفافية الدولية فى تقريرها عن مؤشرات مدركات الفساد لسنة 2021 ، والذى يظهر الارتفاع الكبير لمستوى الفساد فى القطاع العام في سوريا([27]).

المبحث الثاني : الحالة الاجتماعية والأزمة  السورية

تعتبر الدولة السورية من أكثر الدول العربية تنوعًا على المستوى الديني والأثنى الطائفي، فعلى المستوى الطائفي تتمتع سوريا بوجود العديد من الطوائف داخلها مثل:

الطائفة العلوية:

يمثل العلويين 11% من السكان المقيمين في سوريا. وهم يعيشون في “جبال الاذقية”. وقد قامت هذه الطائفة بالالتحاق بالجيش منذ الإحتلال الفرنسي لسوريا، وقد قاموا في ستينات وسبعينات القرن الماضي بالانتقال إلى المدن السورية، وذلك نظرًا للمعاملة الحسنة التي يتعامل بها النظام السوري مع هذه الطائفة([28]). وقد تزايدت نسبتهم إلى 12% من السكان وأصبحوا موالين للنظام السوري بشكل كبير([29]).

الطائفة الكردية:

يُشكل الأكراد حوالي 8% من سكان سوريا، وهم يعيشون في المناطق الحدودية داخل سوريا ، بالقرب من تركيا والعراق وخاصةً في ريف حلب،  وكانوا يعانون من اضطهاد وحرمان من حقوقهم اللغوية والثقافية، وكان هذا بشكل مستمر في كافة الأنظمة السورية المتتالية؛ حيث كانوا يُعامَلون على أنهم أجانب في سوريا وبالتالي لا يستطيعون الحصول على الجنسية. ونتيجة لهذا الاضطهاد فقد قام الأكراد باحتجاجات في عام 2004 ليطالبوا فيها بحقوقهم في الحرية الثقافية والمشاركة السياسية، وبالتالي هذا دفع نظام بشار الأسد لأإستعمال  العنف ضدهم وذلك منأجل قمعهم، والقضاء على طموحاتهم في أن يكون لهم دولة مستقلة، حيث أنهم كانوا يمثلون أقلية مشتتة داخل الدولة السورية ولا ينتمون بشكل جغرافي لدولة كردستان([30]).

كما كان يوجد طوائف أخرى مثل السنّة وهم يمثلون حوالي 78% من سكان سوريا. وأيضًا يوجد السريان واليهود وهم يمثلون 6% من سكان سوريا. وأيضًا المسيحيين الذين كانوا يمثلون 6% من الشعب السوري، وكذلك الدروز الذين كانوا يمثلون 3% من الشعب السوري. وأخيراً الشيعة الذين يمثلون 1%من السكان ([31]).

ومما سبق فإن تعدد الهويات والطوائف داخل سوريا أدى إلى إضعاف الإنتماء الوطني، وزيادة تعلق الأفراد بالطائفة التي ينتمون إليها وذلك على حساب الإنتماء الوطني للدولة، فعندما وصل الرئيس السابق لسوريا حافظ الأسد إلى الحكم، قام بإضعاف الحكم المدني، وقام بتقيد النظام بمجموعة من الفرق العسكرية والأجهزة الأمنية وقد غلب على هذه الفرق الطائفة العلوية، حيث كانت تمثل الطافة العلوية نسبة كبيرة من الجيش السوري.

وعمل علي توظيف الطوائف المختلفة في كافة أجهزة الدولة العسكرية والأمنية، وقد سعى لنشر الطائفية في سوريا؛ لأنه كان لديه اعتقاد في أن الطوائف المختلفة تمنح من يعشقها الانتماء والعصبية، ورأى أن هذه العصبية مطلوبة من أجل الحفاظ على وحدة واستقرار الدولة السورية. وقد قام حافظ الأسد في فترة مبكرة من حكمه باتخاذ هذه الإجراءات؛ لنشر الفكر العلوي باعتباره أحد مذاهب الشيعة الإثنى عشرية، وسعى لنبذ التوجه العلماني. كما أن القيادة السياسية في سوريا قامت بمحاولة للحصول على مجموعة من الفتوى من مصادر إيرانية ولبنانية تؤكد أن الطائفة العلوية هي طائفة مسلمة، مما أدى إلى قيام البعثيين إلى اتهام النظام السوري بأنه ينحاز للطائفة العلوية على حساب بقية الطوائف الأخرى.

وازدادت الأمور خطورة عندما قام جميل شقيق الرئيس الأسد بإنشاء جمعية المرتضى سنة 1981، وقد كانت توجهات هذه الجمعية متعارضة مع توجهات حزب البعث، وسعت لتعبئة العلويين من خلال الحديث عن المظالم التي ارتكبتها الطائفة السنية ضد الناصريين. وانتشر نشاط هذه الجمعية في العديد من المدن السورية مثل حمص وحماه؛ وذلك بهدف دعوة المواطنين في هذه المناطق إلى الانضمام للمذهب الناصري، ومن ثم قام بتسليم أعضاء هذه الجمعية مما أدى إلى ظهور العديد من الفرق العسكرية ، التي قامت بالعديد من التجاوزات الأمنية. وزادت نفوذ فواز بن جميل الأسد كقائد لهذه القوات العسكرية الطائفية ولكن لم تستمر هذ الجمعية كثيرًا؛ لأن حافظ الأسد قام بحلها سنة 1983 عندما وقف جميل الأسد مع شقيقه رفعت ضد حافظ الأسد([32]).

المبحث الثالث :الحالة السياسية والأزمة السورية

سعى الرئيس حافظ الأسد في السنوات الأخيرة من حكمه لتهيئة الأوضاع داخل سوريا وذلك تمهيدًا ليقوم بتوريث الحكم لإبنه بشارالأسد، ومن أجل هذا فقد قام بإزالة المؤسسات الأمنية والعسكرية، وقام بوضع من هم يؤيدون فكرة التوريث داخل المناصب العليا في الدولة وسعي لإزالة المعارضة؛ من أجل أن يفسح الطريق لإبنه بشار الأسد للوصول للسلطة. وعليه فإن هذا أدى لإنتشار الفساد داخل سوريا([33]).

وبالمثل عندما تولى بشار الأسد حكم سوريا سعى للهيمنة على الجيش والتحكم فيه، وسعى لنشر ثقافة الحزب الحاكم داخل كل مؤسسات الدولة؛ حتى يتمكن في النهاية من السيطرة على السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية داخل سوريا. كما سعي الرئيس بشار الأسد ونظامه لتخريب أي مشروع للإصلاح من شأنه أن يهدد بقاء النظام السوري؛ وذلك حرصًا منه  للهيمنة على السلطة وبقاء النظام الملكي واستمرار أسرة الأسد في قمة السلطة.

بالإضافة إلي أن حزب البعث كان هو المسيطرعلى الحياة السياسية في تلك الفترة، وكانت سياسة الحزب تهدف لجعل المجتمع السوري خاضع لسلطة النظام الحاكم المسندة، بالإضافة إلي قضاء الحزب على المشاركة السياسية للمواطنين، فلم يعد من حق الشعب المشاركة في قيادة الدولة في ظل إختفاء الإنتخابات النزيهة والعادلة وغياب المحاسبة بشكل دفع المسؤولين إلي الاستبداد بالسلطة، مما ساعد علي إنتشار الفساد السياسي الذي أشعل ثورة 2011([34]).

وفي اليوم السادس من شهر مارس في عام 2017 قامت القوات السورية بإلقاء القبض على مجموعة من الشباب الذين لم يتجاوزعمرهم الخمسة عشرَعام؛ وذلك بتهمة قيامهم بكتابة شعارات تهدد النظام السوري على جدران مدينة درعا في جنوب سوريا مثل (الشعب يريد إسقاط النظام). وعقب مرور عدة أيام من القبض على هؤلاء الشباب، إتجه الأهالي إلى الشرطي الذي قام بالقبض على هؤلاء الشباب وطلبوا منه أن يفرج عن أبنائهم، ولكنه رفض وعاملهم بقسوة وهددهم بالإعتقال، وهنا يمكن أن تقول أن هذا الحادث هو الشرارة التي أدت إلى اندلاع الثورة في سوريا، وخاصةً في أهم المدن السورية، مدينة دمشق ودرعا . وفي اليوم العشرين من شهر مارس بعد هذه الحادثة خرجت المظاهرات في درعا ضد الوفد الحكومي الذي جاء للتعزية في القتلى الأربعة الذين قتلوا أثناء الإحتجاجات على يد قوات الأمن.

ونتيجة لهذه المظاهرات والغضب ضد الحكومة السورية، أعلنت الحكومة إخلاء سبيل خمسة عشر شاب من الذين اُتهموا برسم شعارات معادية للنظام السوري؛ وذلك بهدف تهدئة الغضب الشعبي، ولكن لم تهدأ الأوضاع وخرجت المظاهرات من مدينتي درعا ودمشق وقاموا بمواجهة قوات الشرطة بقوة، وقد تواصلت الاحتجاجات في أيام متعددة، ونتيجة الصدام بين قوات الأمن والمتظاهرين وسفك الدماء قام العديد من المسئولين المحليين بتقديم استقالتهم .

وفي غضون الثورة السورية لعام 2018 نجد أن الأحداث قد مرت بمرحلتين، المرحلة الأولى كانت في شكل مظاهرات، وتم قمعها بسهولة من الحكومة؛ نتيجة التصرفات العنيفة الموجهة من الحكومة السورية ضد المواطنين مما تسبب في بدأية المرحلة الثانية، من خلال دعوات على وسائل التواصل الاجتماعي تنادي بالثورة على النظام القائم.

المرحلة الأولى بدأت من خلال إندفاع مجموعة من الشباب لتنسيق التظاهر أمام المبنى الخاص بمجلس الشعب، في ساحة سعد الله الجابري في حلب في اليوم الخامس من شهر فبراير لسنة 2018. وقد وصل عدد المتظاهرين إلى حوالي 2000 شخص تقريبًا، ولكن قد واجهت هذه الحركات المعادية للنظام السوري مشكلة وهي ظهور حركات من الجانب المؤيد للنظام السوري والرافض للتظاهر ضد النظام، وقد وصل عدد المشتركين في هذه الحركات إلى حوالي 2500 شخص تقريبًا ([35]).

وقد طالب الشعب السوري في هذه الثورة بعدم تركيز السلطة في يد الرئيس بشار الأسد، وتحقيق توازن بين السلطات، وعدم تغليب السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية والقضائية، وإلغاء نظام التوريث؛ وذلك حتى لا تتركز السلطة في أسرة الأسد، ولإحياء الحياة السياسية التي قد ألغاها حزب البعث، وذلك من خلال المشاركة السياسية العادلة للمواطنين في الانتخابات، وحرية الأحزاب السياسية وعدم تهميشها، وإلغاء فكرة سيطرة الحزب الحاكم على السلطة.

كما أن للشعب السوري أهداف إقتصادية يسعى للوصول إليها من وراء هذه الثورة وهي عمل إصلاحات اقتصادية؛ بغرض القضاء على الفقر والبطالة والفساد، وتحقيق العدالة في توزيع الموارد، ولتخفيض أسعارالمنتجات الغذائية التي قد ارتفع ثمنها نتيجة الجفاف الذي قد انتشرفي سوريا من ( 2006إلى 2011) . لكن الحكومة لم تستجيب لهذه المطالب وسرعان ما تحركت لفض هذه الثورة بالقوة، مما أدي بطبيعة الحال إلى زيادة حدة الثورة، وزيادة قوة ووحدة الشعب؛ لإستكمال هذه الثورة ([36]).

وبالتالي مما سبق، نجد أن الفشل على المستوى الإقتصادي، وضعف الهوية الوطنية نتيجة انتماء الأفراد بشكل أساسي إلى تدعيم نظام الطوائف، قد أدي إلى الفشل على المستوى الاجتماعي بجانب الفشل على المستوى السياسي، وكل هذا أدى بدوره إلى ضعف الدولة السورية وجعلها مفتوحة أمام التدخلات الخارجية.

الفصل الثاني : التدخلات الخارجية والأزمة السورية

  • المبحث الأول : أثر حلفاء النظام على الأزمة السورية
  • المبحث الثانى : التدخلات الخارجية وحلفاء الثورة
  • المبحث الثالث : الموقف العربى و الأمريكى وأثره علي الأزمة السورية

الفصل الثاني : التدخلات الخارجية والأزمة السورية

  مقدمة  

مع استمرار التدهور الإقتصادي والإجتماعي والسياسي عقب ثورة 2011، أصبحت الدولة السورية مفتوحة أمام التدخلات الخارجية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي؛ وذلك بسبب عدم قدرة النظام الحاكم في سوريا على السيطرة على كافة أنحاء الدولة، وعدم قدرته على الحد من العنف، وذلك في إطار تدخل العديد من الفاعلين الدوليين الذين قاموا بتأييد النظام السوري، والدفاع عن حكم بشارالأسد باستخدام العمليات العسكرية والتي تهدف إلى قمع المتظاهرين السوريين.

وعلي الصعيد الآخر يوجد العديد من الفاعلين الدوليين الذين وقفوا بجانب الحراك الشعبي في سوريا ورفضوا حكم بشارالأسد ، وهذا ليس لإنهاء الأزمة السورية على قدر ما كانت تسعى لتحقيق مصالحها من وراء هذا التدخل. بالإضافة إلى تدخل فاعلين غير دوليين مثل التنظيمات الإرهابية كحزب الله، الذي وقف بجانب النظام السوري ضد المتظاهرين، وكان يقوم بمد النظام السوري بالأسلحة ليواجه بها الحراك الشعبي في سوريا([37])..

وكذلك فقد تدخلت أطراف دولية أخري، مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والعديد من الدول الكبرى الأخرى مثل الصين، بجانب العديد من دول الاتحاد الأوروبي. وكانت كل الأطراف الدولية المتدخلة لها مصالح من وراء تدخلها في نطاق الأزمة السورية. ولكن الموقف العربي المتمثل في دور جامعة الدول العربية قد سبق التدخل الدولي الذي نادت به المعارضة السورية عندما عجزت عن إسقاط نظام بشارالأسد، لأنهم قد أيقنوا أن نظام بشار الأسد لن يسقط إلا من خلال التدخل الدولي([38]).

وبجانب هذا توجد مجموعة من العوامل الجيوسياسية التي شجعت علي التدخلات الخارجية في الشئون السورية.

عوامل جيوسياسية:

تتمتع سوريا بموقع جغرافي متميز في قارة أسيا . ويعتبرالموقع الجغرافي الخاص بسوريا  من أهم دوافع التدخلات الخارجية في شئونها؛ نظرًا لأهميته. وتمثل سوريا أهمية كبيرة بالنسبة لتركيا وإيران؛ فهي ممر لإيران تجاه لبنان وفلسطين، كما أنها تطل على البحر المتوسط من ناحية الغرب.

كما أنه يوجد خمس دول تشترك مع سوريا في الحدود، ومنهم تركيا في شمال سوريا، والعراق من الشرق، وفلسطين والأردن في حدود سوريا الجنوبية.

وبالتالي نظرًا لأهمية الموقع الجغرافي في سوريا فقد سعت الكثير من الدول للتدخل في شئونها سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي. فهي تمثل معبر وطريق للمواصلات لكثير من الدول الكبرى، مثل روسيا التي تسعى من وراء التواجد في سوريا إلى تحقيق مصالحها في الشرق الأوسط([39]).

شكل A

خريطة توضيحية لموقع سوريا فى محيطها الأقليمى([40]).

المبحث الأول :أثر حلفاء النظام على الأزمة السورية

لعبت “روسيا” دور مهم علي المستوي الدولي، حيث قامت بتأييد النظام السوري؛ وذلك بهدف إحياء دورها في الشرق الأوسط ولتحقيق مصالحها في المقام الأول، حيث كانت هناك علاقات قوية بين روسيا وسوريا قبل تولي الرئيس حافظ الأسد لحكم سوريا حتي امتدت هذه العلاقة ليومنا هذا.

كما أن روسيا قد سعت لمنع أي تدخلات خارجية من خلال المحاولات الدبلوماسية الروسية، أو فرض عقوبات على سوريا وذلك بعد أزمة 2011، وكذلك فقد رفضت تدخل حلف الناتو في سوريا؛ وذلك لأن روسيا كانت حليف قوي لسوريا وقد كانت روسيا تستعمل الفيتو في مجلس الأمن لمنع أمريكا من فرض أي عقوبات على سوريا .

وكذلك توجد قوي أُخري من الحلفاء للنظام السوري على المستوى الإقليمي مثل “إيران” فعلى الرغم من أن سوريا دولة علمانية وإيران دولة إسلامية إلا أنهما قد إتفقا على نفس الموقف من أمريكا وإسرائيل، فهذا التحالف يصب في مصلحة إيران؛ وذلك لأن سوريا تمثل لإيران حلقة وصل لبقية دول العالم العربي، وكذلك يعتبر هذا التحالف نافذة تمكن إيران من الوصول للبحر المتوسط،  كما يساعدها في الوصول لحزب الله في لبنان وحركات المقاومة في فلسطين. ومن جانب آخر فقد كانت إيران تهدف من وراء هذا التحالف إلى تدعيم علاقتها مع روسيا لإضعاف قوة أمريكا في الشرق الأوسط والخليج العربي([41]).

فمنذ إندلاع  الثورة في سوريا عام 2011 ، رأت إيران أنه من الضرورة التدخل لدعم النظام السوري، واعتبرت أن مطالبة الثوار بالحرية هو أمر غير شرعي يتطلب التدخل من إيران لقمع هذه الثورة. فقد كانت إيران في وقت من الأوقات تقوم بمد النظام السوري بالأسلحة وفي فترةٍ أخرى كانت تقوم بمده بالقيادات العسكرية أو بفرق من الميليشيات الطائفية. ومع استمرار الخسائر البشرية في صفوف الموالين للنظام، أعلنت إيران تدخلها في الأزمةالسورية؛ للحفاظ على بقاء نظام بشارالأسد .وعلي الرغم من كثرة الخسائر البشرية التي أصابت إيران من خلال تدخلها في الأزمة السورية إلا أنها سعت لعمل ثمانية قواعد عسكرية تابعة لها في سوريا. فقد كانت إيران تهدف من وراء تدخلها في الشأن السوري إلى أن يكون لها دور في اتخاذ قرار في الأزمة السورية ومن ثم تستغل هذا الدور في التفاوض مع النظام الدولي حول مشروعها النووي([42]).

دور حزب الله في الأزمة السورية:

في عام 2010 تم عقد إجتماع ثلاثي في دمشق بين القمم الثلاثة المتمثلة في الرئيس الإيراني محمود أحمدي، والرئيس السوري بشار الأسد، وقائد حزب الله اللبناني حسن نصرالله لتوثيق العلاقات والتحالف الإستراتيجي بينهم بشكل رسمي . وعند إشتعال الإحتجاجات في عام 2011 في سوريا قام حزب الله بتدريب قوات الجيش السوري علي حرب العصابات قبل نشرها رسميا لمحاربة الثوار. ونتيجة لإعتراف حسن نصر الله بنشر بعض المقاتلين من حزب الله علي الحدود المتاخمة بين سوريا ولبنان بحجة حماية الشيعة اللبنانين الذين يعيشون في قري هذه المنطقة، وبجانب توقيع العقوبة علي حزب الله من الولايات المتحدة لتعاونه مع الحكومة السورية، فإن الثوار قاموا بتوجيه صواريخهم علي أهم المناطق الشيعية بالإضافة إلي مركز حزب الله في بيروت، مما جعل حزب الله يشن حملته علي منطقة القصير السورية المتاخمة للبنان حتي تم إسقاطها، وأرغم الثوار علي وقف الهجوم بشكل أضعف معه مركزهم لصالح قوات النظام([43]).

وفي نهاية عام 2013 قامت قوات حزب الله بالتدخل في الأزمة السورية؛ نتيجة ضعف النظام السياسي السوري، وعدم قدرته في السيطرة على الإقليم لقمع الثورة، ونتيجة للمخاوف التي هاجت في صدر “حزب الله” من أن تقوم جماعات الإسلام السُنّية بالسيطرة وقطع قناة التواصل بين حزب الله والحكومة السورية([44]).

وفي عام 2015 حرصت قوات حزب الله على تأمين الخطوط الإستراتيجية التي من خلالها تقوم إيران بمد حزب الله بالأسلحة، وذلك من خلال الإشتراك مع الجيش السوري بشن هجوم على” الزبداني “حتى أدى ذلك إلى قيام الثوار بالتنازل عن أسلحتهم بعد وقف النيران وانسحابهم من الزبداني، مع خروج الشيعة بشكل آمن من القريتين الشيعيتين، وفي ذات الوقت قامت قوات الحزب في المناطق الهامة حول العاصمة بتجويع السكان حتى يتم الضغط عليهم ويرحلوا عنها، وبالفعل حدثت تغيرات ديمغرافية في هذه المناطق وفق ما كان يخطط له حزب الله

وفي عام 2016 أعلن حسن نصر الله تكثيف الجهود حول حلب للدفاع عنها؛ باعتبار أن الدفاع عن حلب هو بمثابة الدفاع عن العراق ولبنان، وبالفعل قاد حزب الله عمليات هجومية لتعزيز قوات الأسد في حلب، وفتح النيران على الثوار حتى تم السيطرة على طريق “الكاستيلو” الذي يعتبر قناة الإمداد بين الثوار وتركيا.

وعلي الصعيد الآخر نظر حزب الله باهتمام إلى المناطق الإستراتيجية التي تحيط بمنطقة الجولان المحتلة من إسرائيل والتي يقطنها السٌنّة والمسيحيين والدروز، وبالأخص “منطقة القنيطرة السورية إلى أن قام العدو الإسرائيلي بضربها، فأسفر ذلك عن مقتل أربعة من حزب الله مما دفع حزب الله إلى استغلال اللحظة التي كان ينتظرها، وقام بتجهيز حملة عسكرية، أطلق عليها “شهداء القنيطرة” للسيطرة على أهم مناطق الثوار في جنوب سوريا فأسفر ذلك عن استشهاد أحد أهم أفراد حزب الله وهو “سمير القنطار” عن طريق صواريخ أرض – أرض الإسرائيلية، وذلك لعلمهم أن حزب الله يقوم بتدريب القوات الموالية للنظام في هذه المنطقة، وأن هناك حركة مقاومة جديدة على رأسها سمير القنطار.

ومنذ عام 2016 يقوم حزب الله بتقديم الاستشارات والخبرات لسوريا، ويقوم علي نشر التشّيِعُ من خلال إنشاء مركز “للتحول إلى الإسلام الشيعي” ، وبالتالي ففي ضوء الأزمة السورية استطاع (حزب الله) أن يطور من نفسه ويتحول من دور الدفاع إلى إحتلال الأراضي، وأن يتعلم كيفية القتال بجانب الجيوش الأخرى ([45]).

المبحث الثاني :التدخلات الخارجية وحلفاء الثورة

منذ عام 2011 فقد حدث مزيد من التدخلات من بعض الدول العربية مثل “المملكة العربية السعودية” و “قطر”،ولكن المملكة العربية السعودية من أهم دول الخليج التي تدخلت في الأزمة السورية، وقامت بتبني موقف معادي لنظام بشارالأسد، وقد كانت ترى ضرورة إسقاط النظام السوري بقيادة بشارالأسد لتقليل نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، ومنع إيران من التمدد الشيعي.

أما “إسرائيل” فقد تبنت كذلك موقف معادي لنظام بشار الأسد؛ وذلك حتى تقلل من التدخل الإيراني الروسي في سوريا، وتقلل من إمدادات إيران للنظام بالأسلحة. كما قامت اسرائيل بضرب مواقع تمركز القوات السورية وطرق إمداد الأسلحة التي تربط سوريا بحزب الله اللبناني؛ وذلك لتقليل التهديد العسكري السوري لها أو التهديد التي تشكله إيران لها.

أما بالنسبة لتركيا فقد قامت في بداية الأمر بتقديم النصائح للنظام السوري وعندما وجدت أن النظام بقيادة بشارالأسد يرفض هذه النصائح، ويقوم برفض مطالب الثوار فقد قامت بالإنقلاب على النظام السوري، وتبنت موقف عدائي له وذلك بالانحياز لصفوف الثورة، بتشجيعها على إسقاط نظام بشار الأسد في إطار تقديم المساعدات المادية للثورة و الثوار([46]). فقد أرادت تركيا أن تستغل فرصة عدم الاستقرار في صفوف النظام، وسعت لعمل حكومة وحدة وطنية في سوريا تكون أعضاء هذه الحكومة من الإخوان المسلمين الذين يدينون بالولاء لتركيا، مما يؤدي بطبيعة الحال إلى زيادة نفوذ تركيا داخل سوريا، ولكن قد انتهت هذه الفكرة بالفشل، مما أدى إلى غضب الإدارة التركية وأعلنت العداء للنظام السوري والانضمام السياسي والعسكري للمعارضة السورية. وكذلك سعت تركيا لتزعم التيار الإسلامي في المنطقة، وقامت بدعم التيارالإسلامي في سوريا؛ وذلك حتى يكون لها الكلمة العليا في الداخل السوري إذا إستطاع  الثوار إسقاط نظام بشارالأسد، ولأهمية سوريا بالنسبة لتركيا، فهي تمثل طريق تمرمن خلاله البضائع التركية حتى تصل للمنطقة العربية، فمن مصلحة تركيا أن يكون النظام السوري موالي لها، ولكن تدهورت الأمور بالنسبة لتركيا عندما أعلنت عدائها للنظام السوري.

وكذلك قد تدخلت الولايات المتحدة الأمريكية في الأزمة السورية؛ حتى تقلل النفوذ الإيراني في المنطقة وتقوم بالحفاظ على توازن القوة، فهي ترى ضرورة إسقاط النظام السوري الحالي حتى يتم تقليل النفوذ الإيراني في المنطقة. حيث يحظى نظام بشارالأسد بتأييد كبير من إيران ومن الممكن أن تثير هذه الأزمة خطرعلى الولايات المتحدة الأمريكية في حالة قيام تحالف إيراني روسي. فأمريكا لا تهتم بالنظام السوري أو حتى بالشعب السوري، فالذي يهمها هوالحفاظ على توازن القوى في المنطقة([47]).

المبحث الثالث :الموقف العربى والأمريكى وأثره على الأزمة السورية

سعت جامعة الدول العربية لإيجاد حل للأزمة السورية؛ من أجل وقف سفك الدماء داخل الدولة وتحقيق أهداف الشعب السوري، وذلك من خلال الإتصال بالمنظمات الدولية المختصة بحقوق الإنسان بما فيها الأمم المتحدة؛ لتقديم مزيداً من المساعدات لحماية المدنيين السوريين، والتواصل مع المعارضة السورية لإيقاف سفك الدماء والعنف. بالإضافة إلي ذلك فقد قامت جامعة الدول العربية بدعوة الجيش السوري إلى عدم الاعتداء على المدنيين، كما دعت المعارضة السورية إلى الإجتماع في جامعة الدول العربية من أجل مناقشة الأزمة، وتقديم حلول لها، ثم قام مجلس الجامعة بالنظر في نتائج هذا الاجتماع واتخاذ ما هو مناسب من قرارات.

جامعة الدول العربية ودورها في تسليح المعارضة السورية.

بدأت جامعة الدول العربية تدعو الدول العربية إلى تقديم السلاح للمعارضة السورية وخاصةً بعد أن قامت روسيا وإيران وحزب الله بالتدخل لدعم حكومة بشارالأسد، وفي نفس الوقت قد عارض الأمين العام لجامعة الدول العربية قيام السوريين باستعمال الأسلحة الكيماوية، وأيد المبادرة الروسية بوضع هذه الأسلحة تحت الرقابة الدولية، واختلفت الآراء السورية حول هذه المبادرة فالبعض رفض هذه المبادرة وهم متمثلين في المعارضة السورية، والبعض الأخر أيد هذه المبادرة من أجل تحقيق التسوية السياسية للأزمة([48]). وقد أكدت المعارضة السورية أن أي حل سلمي (سياسي) يجب أن يبدأ بحل نظام بشار الأسد الحاكم.

وقد تم عمل مؤتمر في القاهرة لمناقشة القضية السورية وقد ضم هذا المؤتمر العديد من قيادات المعارضة السورية؛ من أجل إيجاد تسوية سلمية للنزاع، ولكن هذا المؤتمر لم ينجح بسبب كثرة الخلافات فيه، مما جعل نائب الأمين العام يدعوا إلى ضرورة التدخل في الأزمة السورية ومحاولة إقناع الحكومة والمعارضة السورية لكي يتمتعوا بالحكمة لإنهاء الأزمة بطريقة سلمية؛ لأن استمرار الأزمة يشكل خطر كبير على سوريا([49]).

وقد قامت جامعة الدول العربية بإحالة الأزمة السورية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة؛ باعتبار أن له الحق في التدخل في الأزمات الدولية التي تهدد السلم والأمن الدوليين وهذا ينطبق على الأزمة السورية.

موقف جامعة الدول العربية من دعوات إطلاق النار:

    دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية الأمين العام للأمم المتحدة بأن يطلب من مجلس الأمن إصدار قرار لسوريا بضرورة وقف إطلاق النار؛ من أجل تقليل أعداد الضحايا من كل الأطراف المتنازعة، سواء كانت المعارضة السورية أو القوات المؤيدة للحكومة السورية وأن يقوم مجلس الأمن بإعداد قوات حفظ السلم لإرسالها في أي وقت([50]).وذلك كان من منطلق أن  لمجلس الأمن له الحق في أن يتدخل في هذه القضايا وفقًا للفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة والذي يتعلق بالقضايا التي تهدد السلم والأمن الدوليين([51]).

وكذلك قد لجأت جامعة الدول العربية إلى هذا الحل؛ لأن استمرار الأزمة السورية سوف يؤدي إلى تفاقم الأزمة وقد تنتشر في لبنان والأردن والعراق([52]). وهذا بالطبع سوف يؤدي إلى تدخل الدول الكبرى مما يزيد من صعوبة حل الأزمة، فالجامعة العربية تعلم أن تدخل الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا البيضاء لم يكن لحل الأزمة؛ وإنما لتحقيق بعض المصالح الشخصية ولذلك قامت جامعة الدول العربية بإرسال بعثة المراقبة إلى سوريا وقامت بإعطاء الحكومة السورية مهلة مدتها ثلاثة أيام؛ وذلك من أجل توقيع الحكومة السورية بروتوكول تتعهد فيه بأنها سوف تحمي المدنيين، وتقوم بإيقاف سفك الدماء، وتسمح للجامعة بإرسال بعثة المراقبين العرب.

وتعتبر الأزمة السورية هي من أول المواقف التي أتُخذ فيها قرار من قبل جامعة الدول العربية بالإجماع، حيث كان أعضاء الجامعة يعلمون أن سوريا تتعرض لمؤامرة كبرة من العديد من الأطراف الدولية التي تدخلت في الأزمة مثل تركيا وروسيا البيضاء والولايات المتحدة الأمريكية.

أما بالنسبة لموقف النظام السوري من قرار تعليق مشاركة سوريا في جامعة الدول العربية فالبعض رفض هذا القرار وأعتبره ما هو إلا مؤامرة عربية على سوريا. كما أن الحكومة اعتبرت هذا التجميد هو بداية لتدخلات عسكرية وإقليمية ودولية، وبالتالي أدى هذا إلى إسراع الحكومة السورية بالموافقة على طلب جامعة الدول العربية في إرسال لجنة المراقبين العرب إلى سوريا، وقد طالبت اللجنة بعقد إجتماع قمة تجتمع فيه الدول العربية من أجل إنهاء الأزمة السورية. وقد أظهر النظام السوري أنه موافق على قيام الجامعة بالتدخل لحل هذه الأزمة، لكنه في الواقع لم يكن يرغب في ذلك.

موقف جامعة الدول العربية من نظام بشار الأسد:

قامت جامعة الدول العربية بإيقاف الوفد السوري من حضور الجلسات الخاصة بالجامعة؛ حتى يستجيب النظام السوري لمطالب الشعب والمعارضة السورية والتي تتمثل في إيقاف استعمال الحكومة للقوة والقمع للمتظاهرين.

كما طالبت الجامعة من النظام السوري حماية الشعب والمدنيين حتى تستطيع الجامعة إرسال بعثة المراقبين العرب إلى سوريا وكان أعضاء جامعة الدول العربية يحاولون جاهدين في حل الأزمة السورية.

وخلاصة القول، كان دور جامعة الدول العربية ضعيفًا في الأزمة السورية بسبب تدخل كلاً من إيران والصين وروسيا بجانب النظام السوري بقيادة بشار الأسد. وقد قامت جامعة الدول العربية في إطار هذه الأزمة بإصدار مجموعة من القرارات حول الأزمة السورية وكان من أهمها.

قرار رقم 7651:

أدانت جامعة الدول العربية قيام النظام السوري باستعمال الأسلحة الكيميائية ضد المتظاهرين في العديد من المناطق سنة 2013، وطالبت بالتدخل الخارجي من قبل مجلس الأمن، والقبض على المتورطين في هذ الجريمة، كما أن جامعة الدول العربية قد رأت أن قيام النظام باستعمال الأسلحة الكيميائية مخل بالقانون الدولي.

القرار رقم 7717:

مع استمرار الأزمة السورية زاد عدد المهاجريين السوريين للدول العربية المجاورة، وطالبت جامعة الدول العربية في هذا القرار بضرورة تقديم الدعم اللازم للشعب السوري، وضرورة تقديم الدعم للدول التي تستقبل اللاجئين السوريين.

القرار رقم 7737:

طالبت فيه جامعة الدول العربية من مجلس الأمن بالتدخل نظرًا لفشل المفاوضات في سورية، وقامت بدعوة الإئتلاف الوطني السوري لقوي الثورة والمعارضة السورية في القمة التي تم عقدها في الكويت، والتفاوض مع القادة العرب([53]).  كما أنه يوجد العديد من القرارات الأُخرى.

الموقف  الأمريكي من الأزمة السورية

بعد أحداث 11 سبتمبر في عام 2001 سعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى تغير خريطة العالم من خلال استخدام القوى العسكرية لتحقيق مصالحها، فقامت في البداية باحتلال العراق، ومن ثم بعد ذلك بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تتوجه إلى سوريا لمواجهتها؛ نظراً لرفض سوريا قيام الولايات المتحدة الأمريكية باحتلال العراق.

ونظراً لإختلاف التوجهات السياسية بين الولايات المتحدة الأمريكية و سوريا فقد حاولت أمريكا الضغط على سوريا بإستخدام كافة الوسائل السياسة والدبلوماسية والعسكرية، كما أنها قامت باتهام سوريا بأنها تملك اسلحة دمار شامل وتقوم برعاية الإرهابيين وكان ذلك بالأخص بعد أحداث 11 سبتمبر، حيث اعتبرت الولايات المتحدة الأمريكية أن أي موقف معادي تتبناه دولة ما ضد أيٍ من امريكا أو إسرائيل فإنه يعتبر موقف إرهابي ويتطلب الرد العنيف عليه.

الدبلوماسية الأمريكية ودورها فى الأزمة السورية

مع استمرار الخلافات الأمريكية السورية سعت الولايات المتحدة الأمريكية لقطع العلاقات الدبلوماسية مع سوريا، كما أنها حاولت تقليل اللقاءات بين الدبلوماسيين الأمريكيين والسوريين؛ ظناً بأن ذلك سوف يغير الموقف السوري، وتعود سوريا من أجل إرضاء أمريكا. فقد كانت أمريكا ترى أن التفاوض مع سوريا سوف يؤدي إلى تغير سياسة سوريا بما يحقق رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في إدارة الملف السوري بشكل يُصَدّر المخاوف لإيران ولباقي دول المنطقة المعادية لأمريكا.

العقوبات الأقتصادية التى فرضتها امريكا على سوريا

مع استمرار الخلاف الامريكي السوري قامت امريكا سنة 2004 بإصدار عدة قوانين لمعاقبة سوريا، حيث قامت بحظر كافة الصادرات الأمريكية لسوريا فيما عدا الصادرات الخاصة بالغذاء والدواء، وقامت بمنع تحليق الطائرات السورية في سماء الولايات المتحدة الأمريكية، وكذلك منعت هبوطها علي الأراضي الأمريكية . كما تم فرض الحظر علي سوريا باستيراد أي منتج تكون الولايات المتحدة الأمريكية مساهمة في صناعته بقدر يصل إلى    20%، ولكن هذه العقوبات لم تستمر لفترة طويلة؛ لأن العديد من الشركات رفضت الالتزام بهذه العقوبات. ونتيجة لذلك فقد عانت سوريا بشكل كبير بعد احتلال أمريكا للعراق خاصةً بعد قيام أمريكا بقطع الأنابيب التي تقوم من خلالها العراق بمد سوريا بالنفط الرخيص؛ لمنع الحكومة السورية بالاستفادة من هذا النفط الذي تقوم بإعادة بيعه مرة أخرى للدول الأخرى بأسعارمرتفعة عن طريق ميناء طرطوس السوري، مما أدي إلي الإضرار بدخل الحكومة السورية بمقدار قد يصل إلى مليار دولار سنوياً، كما تراجع تصدير السلع السورية للعراق التي كانت تمثل سوقاً للمنتجات السورية؛ وذلك بسبب قيام الولايات المتحدة الأمريكية بشن حرب على العراق. وبالتالي فإن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تسعى للتأثيرعلى الاقتصاد السوري؛ وذلك بهدف فرض تواجهاتها علي سوريا دون الحاجة إلى أي تدخل عسكري.

دور السياسة الخارجية الأمريكية فى الأزمة السورية

عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية عام 2003 بضرب العراق عسكرياً، كانت سوريا هي الدولة العربية الوحيدة التي رفضت قيام الولايات المتحدة الأمريكية بضرب العراق، مما أغضب الولايات المتحدة الأمريكية من سوريا، وقامت بإرسال تهديدات لها بالتدخل العسكري في حالة استمرار الرفض للتدخل الأمريكي في العراق، ولكن مع استمرار المقاومة العراقية للإحتلال الأمريكي قامت الولايات المتحدة الأمريكية بالتخلي عن القيام بأي عمليات عسكرية داخل الدول العربية؛ بسبب التحديات التي تواجهها داخل العراق.

ومع استمرار التهديدات الأمريكية لسوريا بدأت تتراجع سوريا عن موقفها المتشدد تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ الرئيس السوري يقوم بإنشاء علاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها استجابة سوريا للسياسة الخارجية الأمريكية وقد ظهر ذلك من خلال فتح ملف إعادة التفاوض مع إسرائيل([54]).

الفصل الثالث :التدخل التركي والأزمة السورية

  • المبحث الأول : أثر القضية المائية على الأزمة السورية
  • المبحث الثانى : أثر القضية الكردية على الأزمة السورية
  • المبحث الثالث : التدخل العسكرى التركى والأزمة السورية

الفصل الثالث :التدخل التركي والأزمة السورية

مقدمة

تنوعت العلاقة فيما بين تركيا وسوريا، فأحيانًا كانت علاقات توافقية، وأحيانًا أخرى تكون العلاقات متوترة؛ وذلك بسبب الجوار الجغرافي الذي أدى إلى وجود قضايا مشتركة فيما بينهم ومن أهم هذه القضايا: التنازع فيما بينهم على الموارد المائية، وقضية الأكراد، واعتراف تركيا بدولة إسرائيل سنة 1949([55]). فعندما قامت الثورة في سوريا في عام 2011 ضد نظام بشارالأسد، سعت تركيا للتدخل في الأزمة السورية بحكم العلاقات الجيدة مع سوريا، وقامت بتقديم النصح للنظام السوري بأن يتجه نحو التحول الديموقراطي، وأن يقبل مطالب الشعب السوري؛ ليتجنب العنف في الداخل السوري، وحتى لا يواجه خسائر ضخمة، وللحد من تصعيد موقف الثورة السورية. وقد أعلنت تركيا أنها مستعدة لتقديم كافة المساعدات للحكومة السورية وذلك بهدف تحقيق الإستقرار داخل سوريا.

ولكن بدأت العلاقات السورية التركية تتوترعندما وجدت تركيا أن النظام السوري لا يستجيب لنصائحها، ويقوم بقمع الثورات، فبدأت تركيا تعلن انضمامها للحراك الشعبي السوري بقطع العلاقات التركية السورية، وبدأت تتحول من تقديم النصائح للنظام السوري إلي التهديد والإنذار في حالة عدم الاستجابة لمطلب الشعب السوري. وكذلك قامت تركيا بانتقاد القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد الثوار، وقد قام وزير خارجية تركيا (أحمد داوود أغلو) بإرسال إنذار إلى بشار الأسد، وطلب منه أن يتوقف عن قمع المتظاهرين، ويقوم بإخلاء المدن السورية من قوات الجيش ويستجيب لمطالب الشعب.

ولكن مع تجاهل النظام السوري لتهديد تركيا واستمرار قمع الثوارأدركت تركيا أن الإصلاح لن يحدث في ظل استمرار نظام بشارالأسد، وأن هذا سوف يهدد مكانة تركيا الإقليمية والدولية ومنذ ذلك الحين لم يعد القادة السياسيين التابعين لتركيا يثقون في نظام بشارالأسد، ولذلك انتهزت تركيا الفرصة وقامت بإعلان عدائها للنظام السوري عام 2012 عندما قام النظام السوري بمذبحة في مدينة الحولة المجاورة لريف حمص، وقد أدانت تركيا هذا الفعل المتهور من نظام بشارالأسد وقامت بتأييد موقف الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية وغيرها من الدول الغربية التي تتبني موقف معادي للنظام السوري، ومنذ ذلك الحين بدأت الدول تقوم بطرد السفراء السوريين من دولهم ومن بين هذه الدول تركيا. كما أن العديد من دول العالم طلبت من نظام بشارالأسد أن يقوم بالتنحي([56]).

وبالإضافة إلي ذلك فقد قامت تركيا بإستغلال ملف المياه المشترك مع سوريا، وإعتبرته ورقة للضغط على الحكومة السورية، كما أستغلت تركيا ملف الأكراد كحجة للتدخل العسكرى فى شئون سوريا وهذا سوف يظهر بوضوح فى المباحث التالية.

المبحث الأول

أثر القضية المائية على الأزمة السورية

قد تكون الموارد المائية في بعض الأحيان مصدر للتعاون بين الدول، وفي أحيان أخرى قد تكون مصدر للصراع فيما بينهم، فنهر الفرات يمر في كلاً من تركيا وسوريا ولكن أوجه النظر التركية إختلفت عن أوجه النظر السورية، فسوريا ترى أن نهر الفرات هو نهر يمر في أكثر من دولة وبالتالي هو نهر دولي يتم تطبيق قوانين الأنهار الدوليةعليه، بينما تري تركيا أنه نهر محلي لها حق تطبيق السيادة المطلقة عليه؛ لأن تركيا تتمتع بسمة جغرافية وهي أنها دولة من دول المنبع وهذا جعلها تمتلك حوالي 88% من مياه نهر دجلة و87% من مياه نهر الفرات.

وتقوم تركيا باستعمال المياه كوسيلة للضغط على سوريا؛ لتقوم سوريا بإعطاء تركيا النفط مقابل أن تحصل على المياه، وكذلك تقوم تركيا بالسيطرة على مياه كلاً من نهر دجلة والفرات وتقليل حصص المياه الخاصة بدول المصب، وذلك من خلال المشروعات المائية على كلاً من النهرين مثل مشروع الغاب ومشروع أنابيب السلام؛ وذلك للضغط على سوريا والعراق اللتين يعتبران من دول المصب، بهدف تقليل دعم سوريا والعراق للأكراد، الذين ينتشر مراكز تدريبهم في كلاً من سوريا والعراق، ويقومون بتهديد الأمن القومى التركي.

وتقوم تركيا بتجاهل الحصة السورية والعراقية من نهري دجلة والفرات وذلك بالرغم من أنها تمتلك عدد كبير من الأنهار، التي تمدها بالمياه مثل نهر إيرماك ونهر سيمون ونهر جيمون ونهري دجلة والفرات بالإضافة لعدد من الأنهار الأخرى، حيث يصل مجمل عدد الأنهار في تركيا إلى حوالي 26 نهر، وتصل كمية المياه التي تحصل عليها تركيا من أنهارها إلى 196 مليارمترمكعب. بينما تعتمد سوريا على الأنهار فقط في الحصول على المياه حيث تعتمد على الوديان والينابيع والمياه الجوفية بجانب الأنهار، وتبلغ نسبة المياه التي تصل إليها من الأنهار والوديان والينابيع والمياه الجوفية إلى حوالي 15 مليار متر مكعب. حيث تستفيد سوريا من نهر الفرات بدرجة أكبر من تركيا والعراق، حيث يمدها بنسبة 6,720 مليار متر مكعب وهذه الحصة تقترب من نصف نصيب سوريا من المياه سنويًا حيث تعتمد سوريا بشكل كبير على الزراعة لتحقيق التنمية الاقتصادية وذلك بعد أن كانت تعتمد على تصدير النفط في تحقيق التنمية الاقتصادية ولكن عندما قل عائد النفط قامت سوريا بالتحول إلى تحقيق التنمية الزراعية وذلك بهدف تحسين الاقتصاد السوري. وبالتالي فتوفر المياه يعتبرهدفاً ضرورياً؛ لتحقيق التنمية الزراعية، ولمواجهة الاستهلاك المائي الكبيرالناتج من الزيادة السكانية، ولمواجهة التحديات المختلفة الناتجة من زيادة الإنتاج الصناعي، والنقص المائي الناتج بسبب التبخر.

وتعتبر أزمة المياه السورية ليست وليدة العقدين السابقين وإنما قد بدأ يظهر النزاع بين بتركيا وسوريا على الموارد المائية في الستينات من القرن العشرين. وقد أشتد هذا النزاع في السبعينيات من القرن الماضي عندما قامت تركيا بإنشاء مشروع شرق الأناضول وهو يعرف بـ GPA على نهري دجلة والفرات بدون التفاوض مع سوريا والعراق.

وبالتالي فإن هدف تركيا من بناء المشاريع على نهري دجلة والفرات وبقية الأنهار الأخرى التي تمرعلى أراضيها،هو السيطرة على الموارد المائية واستخدامها كورقة للضغط على سوريا والعراق والكثير من الدول العربية للخضوع للسياسات التركية، وإيجاد حل لقضية الصراع العربي الإسرائيلي، وذلك بالإضافة لإنتاج الطاقة الكهربائية والتي تمكن من تحقيق التنمية([57]).

المبحث الثاني :أثر القضية الكردية على الأزمة السورية

يعتبر الأكراد هم أقلية لديها لغة خاصة وعادات وتقاليد، ورفضت الإندماج مع بعض الدول؛ أملاً في تحقيق حلمها في بناء دولة واحدة تضمهم جميعاً، وذلك لأن الأقلية الكردية المبعثرة داخل العديد من الدول مثل تركيا وإيران والعراق وسوريا بدأت في الأونة الأخيرة يزداد قوتها داخل تلك الدول مع إهمال حكومات هذه الدول لهذه الأقلية مما أدى بطبيعة الحال إلى إثارة غضب هذه الأقلية وسعوا للإنفصال عن هذه الدول بفضل قيادتهم السياسية القوية، ولأنهم يتمركزون في المناطق الهامشية داخل هذه الدول. وبالتالي فإنهم أصبحوا يمثلون تهديد للاستقرار والأمن التركي. وفي عام 1990 كانت القضية الكردية مصدر خلاف بين تركيا وسوريا؛ حيث كانت سوريا تدعم حزب العمال الكردستاني الذي نشأت حرب بينه وبين تركيا وقد وصل الأمر إلى قيام تركيا بتهديد سوريا في حالة استمرار دعمها للأكراد. وتعتبر قضية الأكراد من أخطر التهديدات التي واجهت الحكومات التركية المتوالية منذ نشأة الجمهورية التركية في عام 1923، وذلك لأن الأقلية الكردية يصل حجمها نحو 25% من جملة سكان تركيا. وعند إعلان دستور 1924 والذي بموجبه تحولت تركيا من دولة إلي جمهورية، قام الأكراد بمعارضة هذا الدستور؛ لأنه يحث علي تجاهل الأكراد وحقوقهم، ودعى إلى ممارسة القمع والعنف ضد الأكراد، ومنع استعمال اللغة الكردية أو ممارسة العادات والتقاليد الكردية أو إرتداء الملابس الكردية. كما أنه صدر العديد من القوانين التي تنص على ضرورة طرد الأكراد من بيوتهم وجعل المواطنين الاتراك يقيمون مكانهم. وهناك قانون تم فرضه وينص على إلزام الأكراد بالأسماء الإسلامية، وضرورة أن يسلموا المحلات التجارية التابعة لهم للأتراك.

فبعد مرور سنتين من إنشاء الجمهورية التركية، ونتيجة سوء معاملة الحكومة التركية للأكراد قام الأكراد بعمل تمرد ضد الحكومة التركية في عام 1925، وسمى هذا التمرد باسم الشيخ سعد بيران، ولكن تم قمع هذه الحركة بالقوة وبعدها قام الأكراد بعمل مجموعة من الحركات الأخرى ولكن تم القضاء على كل هذه الحركات بالقوة.

وفي عام 1980 بعد الإنقلاب على الحكومة التركية، قامت الحكومة التركية باستعمال العنف والشدة ضد الأكراد مما أدى إلي هروب الكثير منهم خارج تركيا، وعلي رأسهم قيادات الأحزاب الكردية مثل عبدالله أوجلان وهو قائد حزب العمال الكردستاني وقد حظي هؤلاء الأكراد الهاربين بترحيب كبير في سوريا، ويعتبرهذا الترحيب من أحد الأسباب التي تفسر توتر العلاقات بين تركيا وسوريا، كما يفسر سبب قيام تركيا بالتدخل في الشأن السوري([58]). بحجة أن هدفها الأساسي هو مساعدة الشعب السوري في التخلص من نظام بشارالأسد، وفي حقيقة الأمرتعتبر حجة تستند إليها تركيا لتبرر تواجدها في سوريا.

وقد بدأ الانتهاك التركي لحقوق الإنسان في سوريا في عام 2018 عندما قامت تركيا بشن أول هجوم ضد أكراد سوريا في مدينة عفرين المجاورة لمحافظة حلب، مما أدي إلى هروب الكثير من سكان المنطقة ومنهم كثيرمن الأكراد، الذين لم يستطيعوا العودة حتى الأن إلى منازلهم وذلك بسبب سيطرة القوات العسكرية التركية على المدينة بالتعاون مع المعارضة السورية، وقد اثبتت لجنة التحقيق الدولية المستقلة أن هناك انتهاك من تركيا لحقوق الإنسان في العديد من المدن السورية التي تسيطر عليها مثل تهجير الأكراد الذين يعيشون في العديد من المدن مثل عفرين وتل أبيض ورأس العين.

وفي عام 2021 واجهت تركيا العديد من مطالبات الدول الأوروبية تدعوا فيها تركيا لسحب قواتها العسكرية من الأراضي السورية، وقد اعتبرت هذه الدول أن التواجد التركي في سوريا هو بمثابة احتلال، وقد اعتبرت الكثير من منظمات حقوق الإنسان أن السياسات التي تتبعها تركيا ضد الأكراد والسوريين مناهضة لحقوق الإنسان؛ وذلك لأن تركيا كانت تقوم بالقبض على السوريين والأكراد وتلقي بهم في السجون التركية، وذلك على الرغم من أنهم لا يحملون الجنسية التركية([59]).

ومما سبق فقد ظهر لنا أن تركيا تسعى إلى الحفاظ على أمنها القومي من وراء تواجدها في سوريا.

 المبحث الثالث :التدخل العسكري التركي والأزمة السورية

بعد قيام ثورة 2011 التي كانت تهدف لإسقاط النظام السوري بقيادة بشارالأسد، قامت تركيا بسحب السفير التركي من دمشق عام 2012، وبالتالي لم يعد هناك أي طريقة لكي تتواصل بها تركيا مع سوريا. ومع استمرار الأزمة السورية وعدم قدرة النظام في السيطرة على الدولة قامت تركيا بالطعن في شرعية النظام السوري، وقامت بتقديم الدعم للحراك الشعبي السوري المعارض للنظام على المستوى الإعلامي والسياسي والإغاثي والعسكري.([60]وبجانب ذلك كانت تركيا حليفًا قويًا للمعارضة السورية؛ وذلك لأن أغلب مؤتمرات المعارضة السورية كانت تُقام داخل تركيا وتحت إشرافها، مما سمح لتركيا بتشجيع المعارضة السورية علي التحول من مجلس وطني إلى ائتلاف وطني لقوى الثورة والمعارضة السورية؛ من أجل الحصول على الاعتراف من النظام الدولي. وكذلك قامت تركيا بإمداد الجيش الحر في شمال سوريا بالأسلحة والمساعدات العسكرية؛ وذلك بهدف مواجهة نظام بشار الأسد.

ومما سبق نجد أن هدف تركيا المعلن كان لمساعدة المعارضة والوقوف بجانب الثورة السورية ضد نظام بشارالأسد، ولكن في حقيقة الأمر فإن تركيا كان لها أهداف غير معلنة وهي القضاء على الأكراد الذين يمثلون تهديداً لأمنها القومي وذلك قد ظهر من خلال العمليات العسكرية التي شنتها تركيا ضد الأكراد في سوريا.

   ففي عام 2016 قامت تركيا بضرب سوريا عسكريًا بهدف القضاء على القوات الكردية الموجودة في مدينة جرابلس التابعة لسوريا، وخلال فترة وجيزة استطاعت المعارضة السورية المدعومة من تركيا عسكريًا السيطرة على هذه البلدة، وكذلك في عام2018 قامت تركيا بالاشتراك مع الجيش الحر التابع لسوريا في حرب تسمى بغصن الزيتون؛ لضرب المليشيات الكردية التي تحمي الشعب الكردي والتي صنفتها تركيا على أنها تنظيمات إرهابية.

وبالتالي فإن الهدف الأساسي لتركيا من وراء تدخلها في الأزمة السورية ليس لمناصرة الشعب السوري ضد نظام بشار الأسد؛ وإنما لتشرعن تواجدها في سوريا من أجل منع الميليشيات الكردية من السيطرة على المنطقة الحدودية، وخصوصًا منطقة غرب الفرات([61]).  فالرئيس التركي رجب طيب أردوغان دائماً يؤكد على نية تركيا لإستخدام كافة الوسائل لمنع الميليشيات الكردية من عبور الحدود الجنوبية لتركيا، وأكد على سعيه في نشر السلام في المنطقة والحفاظ على سوريا باعتبارها دولة موحدة، بجانب تأكيده على أنه يسعى لتحرير الشعب السوري. وقد رأى أردغان أن الميليشيات الكردية التي تحمي الشعب الكردي هي من بين قوات سوريا الديموقراطية التي انبثقت من حزب العمال الكردستاني التي تعاديه تركيا نظرًا للحرب التي خاضتها تركيا معه، والتي استمرت لفترة تصل تقريبًا على ثلاثة عقود؛ وذلك لأن  هدف حزب العمال الكردستاني من وراء هذه الحرب هو لإعلان حق الأكراد في تقرير مصيرهم([62]). وفي الآونة الأخيرة يوجد توتر في شمال شرق سوريا نظرًا لوجود مناوشات عسكرية بين الميليشيات الكردية الإرهابية وقوات تركيا المتحالفة مع القوات المسلحة السورية([63]).

الفصل الرابع :التدخل الروسي والأزمة السورية

  • المبحث الأول : الدبلوماسية الروسية والأزمة السورية
  • المبحث الثانى : التدخل العسكرى الروسى والأزمة السورية
  • المبحث الثالث : الدعم الإقتصادى الروسى والأزمة السورية

الفصل الرابع :التدخل الروسي والأزمة السورية

مقدمة

سعت روسيا للتدخل في الأزمة السورية؛ بهدف إحياء دورها مرةً أخرى في النظام الدولي وذلك بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، فلم يكن هدفها الأساسي من وراء تدخلها في الأزمة السورية هو لحماية الحقوق الإنسانية بقدر ما كانت تسعى لتحقيق مصالحها الإقتصادية التي تربط روسيا بسوريا منذ عهد الاتحاد السوفيتي السابق، وكانت هذه المصالح الاقتصادية متمثلة في التبادل التجاري، والتعاون في قطاعات الطاقة وغيرها.

وقد تطورت العلاقات الروسية السورية في عام 2005، عندما التقى الرئيسي الروسي فلاديميربوتين مع الرئيس السوري بشارالأسد، وفي هذا اللقاء تم حسم الديون التي يجب أن تدفعها سوريا للعديد من الدول، وتم عمل اتفاقية تنص على إلغاء ما يقرب من 73% من الديون المستحقة على سوريا([64]). كما أن روسيا قامت بالموافقة على صفقة بيع صواريخ متطورة لسوريا، وهذا قد رفضته الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ولكن على الرغم من الرفض الأمريكي والإسرائيلي إلا أن روسيا لم تنصت لهما. وقد سعت روسيا لتحافظ على العلاقات السورية وفي نفس الوقت على العلاقات مع إسرائيل، وبالفعل قد نجحت في ذلك.

وبالنسبة للعلاقات العسكرية بين سوريا وروسيا، فقد كانت هذه العلاقات قوية منذ عهد الاتحاد السوفيتي، وذلك قد ظهرعام 1955 عندما قامت روسيا بعرض المساعدات الاقتصادية والعسكرية لسوريا كمكافأة لها بعد امتناعها عن الانضمام لحلف بغداد الذي تم إنشائه تحت إشراف بريطانيا وأمريكا. وقد قامت روسيا بتقديم الإمدادات لسوريا سواء العسكرية أو غيرها بعد هزيمة 1967، وقد ظهر هذا الدعم العسكري في حرب أكتوبر 1973؛ حيث قامت روسيا بتقديم المعدات العسكرية للجيش السوري، وقد وصل حجم هذه المعدات إلى قرابة 4000 طن من الأسلحة.

وبالنسبة للعلاقات الاقتصادية بين روسيا وسوريا، فقد شهدت الفترة ما بين الستينيات والتسعينيات من القرن الماضي تضاعف في العلاقات الاقتصادية بين البلدين؛ حيث تم إنشاء ما يقرب من 60 مشروع تنموي داخل سوريا بمساعدة الاتحاد السوفيتي، ومن أمثلة هذه المشاريع سد الفرات. وكذلك قامت روسيا بمساعدة الحكومة السورية في تحقيق التنمية، وذلك من خلال تقديم المساعدات لإنشاء خط سكة حديد يربط المناطق الزراعية بالمناطق الساحلية.

وقد ساعد المهندسين السوفيتيين في تدريب العمال الذين يعملون في السكة الحديد التابعة لسوريا ووفرت لهم الخبرات اللازمة لمواجهة المشاكل المختلفة، وقد استمرت هذه العلاقات الوثيقة حتى يومنا هذا.

وعندما قامت الثورة السورية عام 2011، لم تتردد روسيا في دعم نظام بشارالأسد على الرغم من أنها غير راضية عن قيام النظام السوري لقمع الثورة.

وقد ساعد الدعم الروسي للنظام السوري إلى زيادة قوة نظام بشارالأسد، وبدأ حينها يوجه قوات الأمن للتعامل مع المتظاهرين بالقوة والعنف.

المبحث الأول :الدبلوماسية الروسية والأزمة السورية

قامت روسيا بالتدخل بشكل دبلوماسي في الأزمة السورية للبحث عن حل لهذه الأزمة بشكل سلمى دون الدخول في معارك عسكرية، حيث أصبحت تشكل تهديدات على المستوى الإقليمي وخصوصًا بعد تدخل التنظيمات الإرهابية في هذه الأزمة

وقد قامت روسيا باتخاذ مجموعة من الإجراءات القوية لمنع الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها من التدخل في الأزمة السورية([65]). وذلك بهدف الحفاظ على النفوذ الروسي في سوريا. وكانت تتوقع الحكومة الروسية أن النظام السوري يستطيع الوقوف والصمود أمام الثورة الشعبية في سوريا، وعلى هذا فقد قامت الحكومة الروسية بقيادة الرئيس بوتين بإعلان أنها سوف تعرقل أي محاولة داخل مجلس الأمن تهدف للتدخل في الشأن السوري، وقد ظهر ذلك عام 2014 عندما قامت روسيا والصين باستخدام حق الفيتو في مجلس الأمن؛ وذلك لعرقلة المشروع الفرنسي، الذي يهدف لإحالة الأزمة السورية للنائب العام في المحكمة الجنائية الدولية.

وقد قامت روسيا بإحباط كافة القرارات التي اتخذها مجلس الأمن بشأن القضية السورية حفاظًا على بقاء النظام السوري، فعلي سبيل المثال قد رفضت الدبلوماسية الروسية القرار الذي اتخذته الجمعية العامة سنة 2012 والخاص بالمشروع السعودي الذي يدين قيام الحكومة السورية باستخدام العنف ضد المتظاهرين. كما أن المملكة العربية السعودية طالبت بسرعة الانتقال السياسي داخل سوريا، مما أغضب الدبلوماسية الروسية؛ لأن هذا القرار يتعارض مع التوجه الروسي داخل سوريا، ولكن استطاعت روسيا تغير توجهات أعضاء مجلس الأمن التي كانت تهدف إلي إصدار قرارات تدين فيها النظام السوري، وبدأ يحدث تقارب نسبي بين التوجه الروسي والتوجهات الخاصة بالدول الأعضاء في مجلس الأمن، وقد ظهر ذلك من خلال  القرارات التي تبنتها الدول الأعضاء الخاصة بإعادة التفاوض مرة أخرى فيما بين النظام السوري وقيادات الحراك الشعبي.

وكذلك قامت روسيا والصين باستعمال حق الفيتو داخل مجلس الأمن؛ بهدف إلغاء المقترح الأوروبي والذي يهدف إلى فرض عقوبات على نظام بشارالأسد في سوريا في حالة استمرار العنف المسلح والقمع من قبل النظام للثوارالسوريين([66]).

وقد قامت روسيا والصين باستعمال حق الفيتو لثالث مرة في مجلس الأمن؛ وذلك لمنع الدول الأوروبية في عام 2012 من إصدار قرار لدعوة سوريا للإلتزام بالمبادئ الستة التي وضعها كوفي عنان، وفي حالة عدم التزام النظام السوري لهذه المبادئ الست يتم فرض عقوبات مادية غير عسكرية على سوريا.

وقد بررت روسيا رفضها لهذا القرار؛ لأنها ترى أن هذه القرار يستهدف النظام السوري فقط ولا يستهدف طرف النزاع الثاني المتمثل في الحراك الشعبي. وقد أعلنت روسيا أنها لن تسمح بفرض عقوبات على سوريا، ولن تسمح بأي محاولة للتدخل الدولي في شئونها([67]). وبالفعل قد رفضت روسيا تدخل مجلس حقوق الإنسان في سوريا عام 2012، مما جعل مجلس حقوق الإنسان يتهم سوريا بأنها تقوم بانتهاك حقوق الإنسان بحجة مذبحة الحولة، وقد رفضت روسيا هذا الاتهام بحجة أنه من الخطأ أن يتم استعمال أداة حقوق الإنسان كحجة للتدخل في شئون سوريا لتحقيق أهداف سياسية([68]).

المبحث الثاني : التدخل العسكري الروسي والأزمة السورية

منذ بداية الأزمة السورية كانت روسيا داعمًا قويًا للنظام السوري ضد المعارضة التي تحالفت مع الغرب والولايات المتحدة الأمريكية. وكانت المعارضة السورية تسعى لإسقاط النظام السوري المتحالف مع روسيا، مما يهدد المصالح الروسية داخل سوريا ويجعل روسيا تقوم بتقديم كافة أشكال المساعدة السياسية والدبلوماسية لنظام بشارالأسد، ومن بين هذه المساعدات قامت روسيا بدعم النظام السوري في مؤتمر جينيف عام 2012 و 2014 للتفاوض مع المعارضة السورية. وفي عام 2015 قامت روسيا بعمل لقاءات للتفاوض بين النظام السوري والمعارضة تحت رعايتها، ولكن لم تتوصل كافة هذه اللقاءات لحل الأزمة السورية؛ وذلك بسبب التحيز الروسي لنظام بشارالأسد، ورفض أي فكرة لتغير النظام السوري كما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مؤتمر أمني بطاجكستان أعلن استمرار روسيا بالدعم العسكري لسوريا، وأكد أن دولته ستستمر بدعم النظام السوري وتقديم المعدات الحربية له، وقد شجعه دول العالم على تقديم كافة المساعدات العسكرية وغيرها للنظام السوري؛ لأنه في حالة إذ استمر التمرد الشعبي على النظام السوري سوف يزداد عدد اللاجئين السوريين في أغلبية دول العالم.

وقد ظهر بوضوح الدعم العسكرية الروسي لنظام بشارالأسد عندما وافقت روسيا على طلب الرئيس السوري، وهوإرسال العديد من الفرق العسكرية للقضاء على قوات داعش المتواجدة في سوريا. وبالفعل قامت روسيا بإرسال العديد من الفرق العسكرية لمساعدة القوات العسكرية التابعة لنظام بشارالأسد، وبالفعل تم استهداف العديد من قوات داعش الأسلحة والذخائر([69]).

وكذلك قامت روسيا عام 2013 بالوقوف بجانب النظام السوري، عندما تم اتهامه باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المتظاهرين، أي أن الدور الروسي المساند لسوريا ظهر عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها سوف تشن ضربة عسكرية ضد نظام بشارالأسد فتدخلت روسيا لعمل اتفاقية تنص على أن تقوم سوريا بتفكيك ترسانتها الخاصة بالأسلحة الكيميائية مقابل أن تمتنع الولايات المتحدة الأمريكية من ضربها عسكريًا. وقد قامت روسيا بالتدخل العسكري بين قوي النظام والمعارضة؛ لتحقيق التوازن وللتأكيد علي الدور الروسي علي المستوي العالمي بجانب التأكيد علي قوتها عندما وجدت أن النظام السوري غير قادر على فرض سيطرته على العديد من الأقاليم داخل سوريا، وبسبب زيادة التدخل العسكري من الدول على المستوى الإقليمي والدولي.

ولمنع سقوط نظام بشارالاسد، ووقوع خسائر كبيرة بروسيا قامت القوات العسكرية الروسية عام 2015 بشن ضربة عسكرية بالتحالف مع الجيش التابع للنظام السوري والقوات العسكرية الإيرانية ضد القوات المسلحة من المعارضة وذلك من خلال إرسال الطائرات الروسية لشن ضربات رادعة ضد النقاط التي تتمركز فيها قوات المعارضة المسلحة.

وبالتالي فإن الدعم الروسي لقوات النظام عسكريًا جعل توازن القوى يميل لصالح النظام السوري؛ وذلك لأن روسيا كان لها أهداف عديدة منها المعلن من أجل مكافحة الإرهاب مثل تنظيم داعش وغيرها من التنظيميات الإرهابية([70]). وكان لها أهداف أخري غير معلنة وهي سعيها لزيادة تواجدها وإبراز قوتها على المستوى العالمي. ولم تكن سوريا هي الحالة الوحيدة التي استعملت فيها روسيا القوة العسكرية، وإنما أيضاً نجد في الحالة الأوكرانية قد استعملت روسيا القوة العسكرية؛ لندرك ونتأكد أن روسيا تطمع في زيادة نفوذها وقوتها على المستوى العالمي. فقد قامت روسيا بضرب المطارات ومن أهمهم مطار بوربسيل الدولي، الذي يعتبر من أهم المطارات في مدينة كييف. وبعد ذلك انطلقت القوات العسكرية الروسية والدبابات الروسية لكي تقوم بغزو بقية المدن الأوكرانية، وضرب أهم المراكز العسكرية الأوكرانية ([71].

ومما سبق يتضح لنا أن الهدف الروسي من التدخل في الحالة السورية، هو إعادة إظهار دورها وقوتها التي فقدتها بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق، وإعادة تواجدها علي المستوي الدولي .

المبحث الثالث :الدعم الاقتصادي الروسي والأزمة السورية

قامت روسيا بإعلان رفضها عن كافة العقوبات الاقتصادية التي فرضها المجتمع الدولي ضد سوريا. كما أنها قامت بتقديم كافة أشكال المساعدات الاقتصادية لنظام بشار الأسد لمواجهة العقوبات الدولية المفروضة على سوريا.

حيث قامت كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وتركيا بفرض عقوبات اقتصادية على نظام بشارالأسد، وكانت العقوبات الأمريكية هي أقدمهم.

حيث حرمت الولايات المتحدة الأمريكية بمقتدي هذه العقوبات سوريا من كافة الصادرات الأمريكية فيما عدا الغذاء والدواء، كما منعت كافة أشكال الاستثمار داخلها وقد قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتجميد كافة الأرصدة المالية السورية المتواجدة لديها.

وكذلك فإن العقوبات التي فرضتها جامعة الدول العربية شكلت قوي للضغط على نظام بشارالأسد، وقد تمثلت في وقف كافة التعاملات المالية مع البنك المركزي السوري، وتجميد عمليات تبادل السلع. وقد شملت هذه العقوبات أيضاً إيقاف التمويل الذي تقدمه الدول العربية لتمويل مشروعات التنمية في سوريا.

وقد قامت تركيا هي أيضًا بوقف التعامل مع البنك المركزي السوري، وتجميد كافة الأرصدة المالية السورية لديها. وقد أدى ذلك إلى غضب حكومة بشارالأسد، وقامت بإنهاء العمل باتفاق التجارة الحرة الذي أبرمته سوريا مع تركيا سنة 2007.

كما قامت تركيا بفرض بعض العقوبات المالية والإقتصادية والتجارية على نظام بشارالأسد؛ وذلك بسبب سياسات القمع التي يتبعها النظام السوري ضد الثوار، الذين يطالبون بتنحي الرئيس بشار الأسد، وللضغط على الرئيس السوري؛ لقبول مطالب جامعة الدول العربية والتي تهدف إلى إرسال مراقبين عرب إلى سوريا وذلك بهدف التأكد من احترام حقوق الإنسان. وقد قامت تركيا بتهديد النظام السوري بإيقاف إمدادها بالتيار الكهربائي وإقامة حواجز عازلة على الحدود السورية لاستقبال اللاجئين الهاربين من قمع النظام السياسي السوري([72]).

ونتيجة لهذه العقوبات الاقتصادية قامت بعثة سورية بالذهاب إلى روسيا سنة 2012 وكانت هذه البعثة بقيادة (قدري جميل) الذي يشغل منصب رئيس الوزراء السوري في تلك الفترة؛ وذلك بهدف النقاش من أجل الوصول إلي حل يُمكّن سوريا من مواجهة الأزمة الاقتصادية التي أصابتها بسبب العقوبات الاقتصادية التي تم فرضها عليها. وقد تم التوصل إلى اتفاقية تقوم بمقتداها روسيا بتقديم قرض ضخم إلى سوريا، بالإضافة إلي كمية ضخمة من العملات الصعبة. كما أنه سوف تستمر عمليات تصدير النفط بكامل مشتقاته إلى سوريا.

وقد أكد (قدري جميل) أن كلاً من روسيا والصين وايران يدعمون نظام بشارالاسد سياسيًا واقتصاديًا وماليًا، وقد وصلت نسبة الدعم الذي يصل لسوريا من هؤلاء الدول الثلاث نحو 500 مليون دولار تقريبًا. كما أن نائب وزير الخارجية الروسي أكد أن دولته تسعى لزيادة المساعدات الإنسانية التي تقدمها روسيا للشعب السوري([73]).

نتائج الدراسة

توصلت هذه الدراسة إلى العديد من النتائج أهمها أن كلاً من التدخل الروسي والتركي في الأزمة السورية كان ناجحًا؛ حيث استطاعت تركيا أن تشرعن تواجدها في سوريا من خلال دعم الثورة الشعبية والمعارضة ضد النظام، بينما روسيا استطاعت أن تشرعن تواجدها في سوريا بدعمها للنظام السوري ضد الثورة الشعبية والمعارضة السورية، ولكن على الرغم من أن القوات التركية استطاعت التمركز داخل سوريا في العديد من المناطق، إلا أنها تواجه مشكلة تهدد من تواجدها داخل سوريا وهي الدعم الروسي للنظام السوري.

وكذلك تري روسيا أن التواجد التركي غير شرعي داخل الاراضي السورية؛ وذلك لأنها ترى أن الدعم التركي للمعارضة السورية هو بمثابة دعم للإرهاب، ولذلك قامت روسيا بالضرب العسكري لتركيا في العديد من المناطق السورية، ومن أهمها: منطقة غصن الزيتون التي قامت الطائرات الروسية بضربها([74]).

وعلى الرغم من نجاح روسيا في التواجد داخل الأزمة السورية إلا أنها لا تستطيع التحكم في مسارالأزمة السورية؛ وذلك بسبب كثرة الأطراف الإقليمية والدولية والجماعات المسلحة المتداخلة في هذه الأزمة، وأيضاً بسبب عجز روسيا عن اتخاذ قرار بشأن القضية السورية داخل مجلس الأمن؛ وذلك بسبب سياسة الفيتو التي تستعملها الدول الخمس في مجلس الأمن والمتمثلين في فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا([75]).

وقد لعب دور حق الفيتو في مجلس الأمن عام 2016 دوراً حيوياً في إبطال أي مشروع قرار يُتخذ تجاه الأزمة السورية، وخيردليل علي ذلك، عندما قامت روسيا باستعماله ضد القرار الفرنسي الذي يطالب بوقف العمليات العسكرية الجوية في سماء مدينة حلب السورية بينما قامت روسيا هي أيضًا بإصدار قرار تدعوا فيه إلي إيقاف الحرب والصراعات المسلحة داخل سوريا، بجانب السماح بوصول مزيداً من المساعدات المختلفة لأغراض إنسانية داخل سوريا. وقد أبدى السفير البريطاني استيائه من القرار الروسي، ولم يحصل على أغلبية الأصوات أي 9 أصوات من أصل 15 عضو، وبالتالي فالقرارالروسي لم ينفذ بشأن القضية السورية([76]).

وتعتبر سوريا من الدول التي تحرص روسيا فيها علي منع التدخل في شئونها من أي دولة أخرى، وتقوم بتهديد أي دولة تسعى للتدخل في شئونها. فالقضية السورية تمثل أهمية كبيرة بالنسبة للقيادة الروسية؛ وذلك لأن سوريا تمثل القاعدة العسكرية الوحيدة لروسيا في حوض البحر المتوسط.

ولذلك فالقيادة الروسية ترى أنه في حالة انهيار النظام السوري فسوف يؤثر ذلك  بالسلب على روسيا، وينهار النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط([77]).

وبالتالي فإن روسيا ستبذل قصارى جهدها للدفاع عن هذه القاعدة وفقًا للتصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الروسية (سيرغي لافروف) سنة 2011 وعليه فإن روسيا تسعى لاستعادة مكانتها على المستوى الدولي، وخصوصًا في منطقة الشرق الأوسط. وعلي الصعيد الآخر لمواجهة توسعات حلف الناتو في منطقة شرق أوروبا التي كانت خاضعة للنفوذ الروسي في فترة الاتحاد السوفيتي السابق([78]).

كما أن الأزمة السورية أظهرت دور وإمكانيات وسياسات روسيا في منطقة الشرق الأوسط وذلك من خلال الدبلوماسية التي تبنتها روسيا في مجلس الأمن تجاه أي قرار يدين نظام بشارالأسد وذلك من خلال استعمال حق الفيتو.

وقد ظهرت الأداة العسكرية الروسية وأثبتت كفاءتها في سوريا وذلك من خلال منع سقوط نظام بشارالأسد، وبالتالي فإن روسيا ترى أن سيطرتها على سوريا هي البداية لإعادة تواجدها بقوة في الساحة الدولية([79]).

وفي ذات الوقت فقد نجحت روسيا في إفشال مساعي الغرب التي تهدف إلى إنهاء النفوذ الروسي داخل سوريا، وقامت بتحريك الأزمة السورية في الاتجاه الذي يحافظ على مصالح روسيا القومية بتعديل ميزان القوة داخل سوريا وذلك من خلال زيادة قوة النظام السوري عن طريق زيادة قوة المليشيات التابعة له([80]).

ومما سبق فإننا سوف نوضح أشكال التدخل المختلفة لكل من روسيا وتركيا وذلك من خلال المقارنة بينهم:

جدول C

روسياتركيا
أشكال التدخل                ل تنوعت الأدوات التي استعملتها روسيا تجاه سوريا. ففي فترة من الفترات كانت تستعمل الأداة الدبلوماسية وفي فترة أخرى كانت تستعمل الأداة العسكرية وقد قامت باستعمال الأداة الاقتصادية أيضًا.الأداة الدبلوماسية:ظهرت الأداة الدبلوماسية الروسية وذلك من خلال عرقلة مجلس الأمن في اتخاذ بشأن القضية السورية وذلك قد ظهر سنة 2014 عندما قامت روسيا ومعها الصين باستعمال حق الفيتو وذلك بهدف عرقلة المشروع الفرنسي الذي يهدف إلى إحالة الأزمة السورية إلى النائب العام في المحكمة الجنائية الدولية.حيث أن الدبلوماسية السورية كانت تسعى دائمًا للحفاظ على النظام السوري.حيث قامت الدبلوماسية السورية باستخدام حق الفيتو لعرقلة المشروع الأوروبي والذي يهدف لفرض عقوبات على النظام السورية في الة إذ لم يتوقف عن قمع المتظاهرين السوريين.الأداة العسكرية:ظهرت الأداة العسكرية السورية سنة 2015 عندما قامت القوات العسكرية الروسية بالتحالف مع القوات العسكرية التابعة للنظام بشن ضربة جوية ضد المراكز التي يتواجد فيها المعارض السورية.الأداة الاقتصادية:ظهرت الأداة الاقتصادية من خلال القروض والمساعدات المختلفة التي منحتها روسيا لنظام بشار الأسد لمواجهة العقوبات الاقتصادية.قامت تركيا باستعمال الأداة العسكرية في التعامل مع الأزمة السورية.الأداة العسكرية.قامت تركيا باستعمال الأداة العسكرية بحجة أنها تسعى لمساعدة المعارضة والوقوف بجانب الثورة السورية.ولكن كان لدى تركيا هدف غير معلن متمثل في القضاء على الأكراد وذلك قد ظهر سنة 2016، عندما قامت تركيا بضرب مدينة طرابلس السورية بهدف القضاء على الأكراد ولمنعهم من السيطرة على منطقة غرب الفرات.الأداة الدبلوماسية:يتضح الدور الدبلوماسي لتركيا من خلال استضافة مؤتمرات المعارضة السورية والإشراف عليها، مثل”مؤتمر عشائر سورية” و”مؤتمر أنطاليا” وغيرها من مؤتمرات المعارضة  السورية([81]).الأداة العقابية:تمثلت الأداة العقابية في العقوبات الاقتصادية والمالية والتجارية التي فرضتها تركيا على سوريا؛ بهدف الاستجابة لمطالب جامعة الدول العربية لإرسال مراقبين عرب للتأكد من احترام حقوق الإنسان داخل سوريا.   

ومما سبق فقد ظهر التفوق الروسي على تركيا؛ حيث نجحت روسيا في أن تكون فاعل أساسي في الأزمة السورية، ولكن على الرغم من التواجد الروسي القوي في الأزمة السورية إلا أنها عاجزة عن توجيه هذه الأزمة في الطريق الذي تريده وذلك بسبب كثرة الفاعلين سواء الإقليميين أو الدوليين المتدخلين في الأزمة السورية.

ومن جانب آخر فقد أظهرت هذه الدراسة فشل الدولة السورية؛ وذلك من خلال انطباق العديد من مؤشرات الدول الفاشلة عليها والتي أشرنا إليها في بداية هذه الدراسة وهي :

  • مؤشر مدى انتشار القانون وحقوق الإنسان.
  • مؤشر مدى انتشار الاستقرار وعدم وجود حركات تمرد.
  • مؤشر مدى تفكك وحدة الدولة.
  • مؤشر التدخلات الخارجية.

توصيات الدراسة:

الدراسة السابقة أظهرت لنا إختلاف الدول المتدخلة في الأزمة السورية فيما بينهم حول كيفية الوصول لتسوية حقيقية للأزمة السورية، وكذلك عجز الدول الأعضاء داخل جامعة الدول العربية حول تبني موقف سواء كان سلبي أو إيجابي تجاه الأزمة السورية. ولذلك أصبح من الضروري أن تقوم  إحدي الدول العربية التي لديها قوة إستراتيجية على المستوى الإقليمي وقوة عسكرية قوية مثل مصر بالتدخل في الأزمة السورية لعرض المساعدة على النظام السوري سواء على المستوى الاقتصادي أوالسياسي  مع تقديم الدعم العسكري لمواجهة كافة التدخلات الخارجية في سوريا، ومواجهة حركات التمرد الشعبية وذلك في إطار تثبيت أركان النظام والحفاظ عليه من السقوط؛ وذلك حمايةً لسوريا من الوقوع في دوامة من الصراع السياسي مثل اليمن. وهذا كله مقابل أن يقوم النظام السوري بفك الشرا كة والتعاون مع روسيا وقواتها العسكرية.

وبصفة عامة فإن خروج روسيا من حسابات الازمة السورية يمثل  بداية لحل الازمة لأن  كل الاطراف المتدخلة في الازمة السورية يُعتبر تدخلهم غير شرعي داخل هذه الازمة سواء كانت تركيا  أو روسيا  أو حزب الله  أو غيرهم، ففي حالة خروج روسيا من حسابات الأزمة السورية ستكون بقية القوات العسكرية المتدخلة في سوريا سواء التابعة لتركيا أو أي طرف آخر ماهي إلا مليشيات عسكرية إرهابية  يسهل القضاء عليها لتحقيق الإستقرار النسبي داخل سوريا، ومع تحسن العلاقات الخارجية للدولة السورية فمن المتوقع أن يتم إلغاء العقوبات الإقتصادية المفروضة عليها، وتعود الإستثمارات مرة أخري داخل سوريا، وذلك مثلما حدث في السودان عندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بإلغاء العقوبات المفروضة عليها، وذلك عندما تحسنت العلاقات فيما بينهم بعد تطبيع السودان للعلاقات مع إسرائيل .

قائمة المراجع

أولاً: الكتب

1- د ن، الأزمة السورية، الجذور والآثار الاقتصادية والاجتماعية، كتاب، دم، د د، 2013، ص38

2- بشير زين العابدين. الجيش والسياسية في سوريا من 1918-2000، كتاب، دم، دار الجابية، 2008، صـ 495، 496، 497.

3- محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، كتاب، دم، دد، دس، ص 41-42-43-44-45-46-47-48.

4- عبدالله العروي، مفهوم الدولة، كتاب، د م، المركز الثقافي العربي، 2016، صـ 17.

5- نادين عبدالله، الاحتجاجات في سوريا، نذير ثورة في الأفق، كتاب د م. د د د ت، صـ 4-5-6-7.

ثانياً: المقالات المنشورة فى المجلات والدوريات

1- عقيل محفوظ،سوريا وتركيا نقطة تحول أم رهان تاريخي؟،دم، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2012، صـ 54.

2- منى علمى، التورط العسكرى لحزب الله فى سوريا ودوره الأقليمى الأوسع، مقالة، دم، مركز الملك فيصل للبحوث والدرسات الإسلامية، دس،ص 13-14-15 .

3- د ن، المسألة السورية واستقطاباتها الإقليمية والدولية: دراسة في معادلات القوة والصراع على سورية، مقالة، د م، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015، صـ 13، 14، 22، 23

ثالثاً: ابحاث علمية

  • أحمد الأشقر، منال فيصل، الخطة الخمسية العاشرة في سوريا: أداة الانتقال إلى نظام اقتصاد السوق الاجتماعي، بحث سوريا، كلية الاقتصاد، 2012.
  • سلامى حنيدى وشيبانى فاتح،العلاقات المدنية – العسكرية فى جمهورية اقريقيا الوسطى بين هشاشة الدولة والتدخلات الخارجية، مجلة أبحاث، 5/6/2021، ص 631
  • عدنان بوزيدي، الدولة الفاشلة: دراسة في المفهوم والظاهرة، مجلة، الجزائر، مجلة مدارات سياسية 4/3/2018، صـ 59، 60.
  • عقيل محفوظ، سوريا وتركيا نقطة تحول أم رهان تاريخي؟،دم،المركزالعربي للأبحاث ودراسة السياسات، د س، صـ 54.

رابعاً: رسائل علمية

  • أبو بكر فتحي عواد عبد الميد خليل الدسوقي، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الجمهورية العربية السورية في الفترة ما بين 2001- 2008، رسالة ماجستير، مصر ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2001، ص 124 ، 125 ، 136 ، 137 ، 146 ، 147 ، 149 ، 150 ، 161، 162 ،163
  • أحمد سالم محمد أبو صلاح، السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي، رسالة دكتوراه، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2016، صـ 40، 41، 42، 172.
  • أسماء بلجهم، الدور الأمني لروسيا في سوريا بعد ثورات الربيع العربي، رسالة ماجستير، دم، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2015/2016، صـ 33-34.
  • أركان إبراهيم عطوان، تطور العلاقات التركية – السورية فى الفترة من عام 2000 حتى 2012 ,رسالة دكتوراه ،القاهرة، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2015 ، ص 177
  • أية محمد طارق أحمد دسوقي، أثر الفضية السورية على العلاقات السورية التركية، منذ عام 2011، رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019، صـ 198، 199، 200، 201.
  • إسلام محمد جوهر محمد، دور التدخلات الخارجية في ظاهرة فشل الدول: دراسة نظرية مع التطبيق على الحالة الليبية منذ عام 2011، رسالة دكتوراه، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2020، صـ 38، 39، 40، 77، 78 ،79 .
  • إسلام نزيه سعيد أبو عون، تداعيات الحراك العربي في ظل مفهوم الثورة وأثره على التنمية السياسية في الوطن العربي، رسالة ماجستير، فلسطين، كلية الدراسات العليا. 2017، صـ 14، 15.
  • بحر الزين المسعودي، الأزمة السورية في السياسية الخارجية الروسية والتركية من 2011/2019، رسالة ماجستير، دم، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2018-2019، صـ 65.
  • جلال مرزوق، دور الأطراف الإقليمية والدولية في الأزمة السورية، رسالة ماجستير، دم، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2017-2018، صـ 25، 26، 28، 29.
  • جمال منصر، التدخل العسكري الإنساني في ظل الأحادية القطبية : دراسة في المفهوم والظاهرة، رسالة دكتوراه ،د م، كلية الحقوق والعلوم السياسية 2010-2011، صـ 83.
  • خوضر أمينة، المعضلة المجتمعية الطائفية في الأزمة السورية: من منظور بنائي، رسالة ماجستير، دم، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016-2017، ص44.
  • دلال التجاني، سارة بولوسة، “التدخلات الإقليمية في الأزمة السورية”، دراسة حالة إيران وتركيا، رسالة ماجستير، د م. كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016/2017، صـ 32، 33.
  • زبيدة سنوسي، تداعيات الأزمة السورية على العلاقات الروسية التركية فترة 2013-2017، رسالة ماجستير، د م. كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016/2017، صـ 28.
  • سهام فتحي سليمان أبو مصطفى، الأزمة السورية في ظل تحول التوازنات الإقليمية والدولية 2011-2013، رسالة ماجيستير، غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية.
  • عطية محمد محمد مصطفى، تأثيرات تدخل الأطراف الدولية في الصراع السوري من 2015 لـ 2010، رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2020.
  • عمار عدنان شمران، دور جامعة الدول العربية في إدارة الأزمة السورية في ضوء ثورات الربيع العربي 2011-2018، رسال ماجستير، مصر، كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الاسكندرية، 2020، صـ 197، 198، 2015، 2016.
  • مجدي خالد محمود عمران، دور جامعة الدول العربية تجاه تطورات الأزمة السورية من 2013-2019، رسالة ماجستير، غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2021, صــ 47.
  • محمد يوسف علي لطعي، إدارة الأزمة في السياسة الخارجية الروسية: دراسة حالة الأزمة السورية، رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2018، صـ 66, 82, 84, 85.
  • معين عبدالعزيز، محمد أحمد شريعة، “التدخل الإيراني في الأزمة السورية وأثره على نفوذها في المنطقة العربية (2011 – 2017)، رسالة ماجستير، غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2017، صـ 26.

خامساً: مواقع ألكترونية

  • أنقرة تفرض عقوبات اقتصادية على نظام بشار الأسد 30/11/2011، متاح على الرابط التالي: france24.com تاريخ الدخول: 25/5/2022
  • مفهوم الدولة، جامعة سبها، رس، متاح على الرابط التالي: https://sebhau.edu.ly، تاريخ الدخول 29/10/2021، ص 88.
  • الدولة الفاشلة ومؤشرات الدولة الهشة، GSDA، 16/2/2021، متاح على الرابط التالي: https://igsda.org       تاريخ الدخول 13/10/2021
  • عشر سنوات على “الربيع العربي”.. أحلام تروح مكانها ||DW ، 17/12/2020. متاح على الرابط التالي: https://www.albayan.ae/

تاريخ الدخول 4/11/2021

  • الانقسام والتدخلات الخارجية – متلازمة تدمير الدول – البيان، 5/11/2019، متاح على الرابط التالي: https://www.albayan.ae/ تاريخ الدخول 4/11/2021
  • الدبلوماسية ووسائل السياسة الخارجية، د س، متاح على الرابط التالي:

تاريخ الدخول21/11/2021.  https://www.siironline.org

  • أيمن الشوفي، الفساد في سوريا بنية أم ظاهرة ؟، 29/11/2018، متاح على الرابط التالي : https://assafirarabi.com/:https
  • مدركات مؤشرات الفساد، reliefweb، متاح على الرابط التالي:  https://reliefweb.int

تاريخ الدخول: 15/4/2022

  • بن حلي: موقف الجامعة العربية بحل الأزمة السورية سلميًا. د س، متاح على الرابط التالي:

http://arabic.people.com.cn/31662/7867362.html تاريخ الدخول 5/1/2021

  • ميثاق الأمم المتحدة/ الأمم المتحدة the united nations، د س، متاح على الرابط التالي: an.org         تاريخ الدخول: 5/1/2021.
  • خريطة أسيا – العالم واحد – google sites .دس.متاح على الرابط التالى: https://sites.google.com/site/elmundouno3/mapa-de-asia تاريخ الدخول 30/5/2022
  • هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا ؟ 17/11/2011. متاح على الرابط التالي:        dohainstitute.org تاريخ الدخول 6/1/2021
  • من تحارب أنقرة في سوريا: الأكراد أم العمال الكردستاني؟- CARNEGIE. متاح على الرابط التالي:

https://carnegieendowment.org    تاريخ الدخول 4/5/2021

  • عملية عسكرية تركية شمال شرق سوريا وانتقادات غربية وعربية، 9/10/2019، متاح على الرابط التالي: bbc.com ،

تاريخ الدخول 15/2/2022.

ناشطون: مقتل 4 أشخاص بضربة لمسيرة تركية، 25/12/2021، متاح على الرابط التالي: https://arabic.rt.com ، تاريخ الدخول 15/2/2022.

  • فيتو روسي صيني ضد تمديد آلية المساعدات لسوريا عبر الحدود، 7/7/202، متاح على الرابط التالي: alarabiya.net تاريخ الدخول: 26/4/2022
  • لماذا يأمر بوتين قواته بالدخول إلى أوكرانيا، 24/2/2022، متاح على الرابط التالي: bbc.com                       تاريخ الدخول: 26/2/2022
  • روسيا تضرب غصن الزيتون التركي شمال 26/9/2021، متاح على الرابط التالي: https://aawsat.com                تاريخ الدخول 27/2/2022
  • الدول التي لها حق الفيتو – موضوع 20/1/2016، متاح على الرابط التالي : https://mawdoo3.com        تاريخ الدخول 27/2/2022
  • مجلس الأمن يفشل في تبني قرارين حول سوريا pt-arabic 9/10/2016، متاح على الرابط التالي: https://arabic.rt.com تاريخ الدخول 27/2/2022

سادساً: المراجع الأجنبية:

  • Jeremy M. Sharpand others. Syria: armed conflict in Syria: U.S. and international response. Congressional research service. CRS. July 12.2012
  • Hinnebusch, Raymond and rifia ola, uoder standing syrias sectarian wave,2021,accessible at:
https://www.e-ir-info/

([1]) مفهوم الدولة، جامعة سبها، رس، متاح على الرابط التالي: https://sebhau.edu.ly،تاريخ الدخول 29/10/2021، ص 88.          

(2) سلامى حنيدى وشيبانى فاتح،العلاقات المدنية – العسكرية فى جمهورية اقريقيا الوسطى بين هشاشة الدولة والتدخلات الخارجية،مجلة أبحاث، 5/6/2021،    ص 631

([3]عشر سنوات على “الربيع العربي”.. أحلام تروح مكانها ||DW ، 17/12/2020. متاح على الرابط التالي:

  https://www.albayan.ae/  تاريخ الدخول 4/11/2021                                                                                                             

([4]الإنقسام والتدخلات الخارجية – متلازمة تدمير الدول – البيان، 5/11/2019، متاح على الرابط التالي: https://www.albayan.ae/   تاريخ 4/11/21

([5] ) محمود يوسف على لطعي، إدارة الأزمة في السياسة الخارجية الروسية: دراسة لحالة الأزمة السورية، رسالة ماجستير، مصر 2018، كلية اقتصاد وعلوم سياسية.

([6] ) أحمد سالم محمد أبو صلاح، السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي، رسالة دكتوراه، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2016.

([7] ) عطية محمد محمد مصطفى، تأثيرات تدخل الأطراف الدولية في الصراع السوري من 2015 لـ 2010. رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2020.

([8] ) أبوبكر فتحي عواد عبدالمجيد خليل الدسوقي، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الجمهورية العربية السورية في الفترة ما بين 2001-2008، رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2011.

([9] ) سهام فتحي سليمان أبو مصطفى، الأزمة السورية في ظل تحول التوازنات الإقليمية والدولية 2011-2013، رسالة ماجيستير، غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية.

([10]جلال مرزوق، دور الأطراف الإقليمية والدولية في الأزمة السورية، رسالة ماجستير، د م. كلية الحقوق والعلوم السياسية 2017-2018.

([11] ) عبدالله العروي، مفهوم الدولة، كتاب، د م، المركز الثقافي العربي، 2016، صـ 17.

([12]عدنان بوزيدي، الدولة الفاشلة: دراسة في المفهوم والظاهرة، مجلة، الجزائر، مجلة مدارات سياسية 4/3/2018، صـ 59، 60.

([13]) إسلام نزيه سعيد أبو عون، تداعيات الحراك العربي في ظل مفهوم الثورة وأثره على التنمية السياسية في الوطن العربي، رسالة ماجستير، فلسطين، كلية الدراسات العليا. 2017، صـ 14، 15.

([14]جمال منصر، التدخل العسكري الإنساني في ظل الأحادية القطبية : دراسة في المفهوم والظاهرة، رسالة دكتوراه ،د م، كلية الحقوق والعلوم السياسية 2010-2011، صـ 83.

([15]الدبلوماسية ووسائل السياسة الخارجية، د س، متاح على الرابط التالي:  

  تاريخ الدخول21/11/2021.  https://www.siironline.org 

([16])الدولة الفاشلة ومؤشرات الدولة الهشة، GSDA، 16/2/2021، متاح على الرابط التالي: تاريخ الدخول 13/10/2021  https://igsda.org 

([17]د. محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، كتاب، دم، دد، دس، ص 41-42-43-44-45-46-47-48.

([18] ) إسلام محمد جوهر محمد، دور التدخلات الخارجية في ظاهرة فشل الدول: دراسة نظرية مع التطبيق على الحالة الليبية منذ عام 2011، رسالة دكتوراه، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2020، صـ 38، 39، 40، 77، 78 ،79 .

([19] ) مرجع سابق، جلال مرزوق، ص 19.

([20] ) مرجع سابق، إسلام محمد جوهر محمد، ص 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87 ،88 ، 89، 91.

([21]) أسماء بلجهم،  الدور الأمني لروسيا في سوريا بعد ثورات الربيع العربي، رسالة ماجستير، دم، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2015/2016، صـ 33-34.

([22]) سهام فتحي سليمان أبو مصطفى، الأزمة السورية في ظل تحول التوازنات الإقليمية والدولية 2011-2013، رسالة ماجستير، مصر، كلية الآداب والعلوم السياسية، 2015، صـ 38.

([23]) أيمن الشوفي، الفساد في سوريا بنية أم ظاهرة ؟، 29/11/2018، متاح على الرابط التالي https://assafirarabi.com/:https

([24]) مرجع سابق، سهام فتحي سليمان أبو مصطفى، ص18، 19، 20، 22.

([25]) د ن، الأزمة السورية، الجذور والآثار الاقتصادية والاجتماعية، كتاب، دم، د د، 2013، ص38.

([26]) أحمد الأشقر، منال فيصل، الخطة الخمسية العاشرة في سوريا: أداة الانتقال إلى نظام اقتصاد السوق الاجتماعي، بحث سوريا، كلية الاقتصاد، 2012.

([27])  مدركات مؤشرات الفساد، reliefweb، متاح على الرابط التالي: تاريخ الدخول: 15/4/2022https://reliefweb.int

([28]) مرجع سابق، سهام فتحي سليمان أبو مصطفي، ص24، 25.

 29) Hinnebusch, Raymond and rifia ola, uoder standing syrias sectarian wave,2021,accessible at: 

https://www.e-ir-info/

([30]) مرجع سابق، سهام فتحي سليمان أبو مصطفي، ص25.

([31]) خوضر أمينة، المعضلة المجتمعية الطائفية في الأزمة السورية: من منظور بنائي، رسالة ماجستير، دم، كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016-2017، ص44.

([32]) بشير زين العابدين. الجيش والسياسية في سوريا من 1918-2000، كتاب، دم، دار الجابية، 2008، صـ 495، 496، 497.

([33]) مرجع سابق، سهام فتحي سليمان أبو مصطفي، ص33

([34]) مرجع سابق، خوضر أمينة، ص38، 39.

([35] ) نادين عبدالله، الاحتجاجات في سوريا، نذير ثورة في الأفق، كتاب د م. د د د ت، صـ 4-5-6-7.

([36]) مرجع سابق، جلال مرزوق، ص15، 16، 17، 20.

([37])  مجدي خالد محمود عمران، دور جامعة الدول العربية تجاه تطورات الأزمة السورية من 2013-2019، رسالة ماجستير، غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2021, صــ 47. 

([38] ) معين عبدالعزيز، محمد أحمد شريعة، “التدخل الإيراني في الأزمة السورية وأثره على نفوذها في المنطقة العربية (2011 – 2017)، رسالة ماجستير، غزة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2017، صـ 26.

([39] ) دلال التجاني، سارة بولوسة، “التدخلات الإقليمية في الأزمة السورية”، دراسة حالة إيران وتركيا، رسالة ماجستير، د م. كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016/2017، صـ 32، 33.

 (40) خريطة أسيا – الغالم واحد – google sites .دس.متاح على الرابط التالى: https://sites.google.com/site/elmundouno3/mapa-de-asia           تاريخ الدخول 30/5/2022

([41]) مرجع سابق، جلال مرزوق،صـ 25، 26، 28، 29.

([42]) مرجع سابق، مجدي خالد محمود عمران، صـ 48.

(42) منى علمى،التورط العسكرى لحزب الله فى سوريا ودوره الأقليمى الأوسع، مقالة، دم، مركز الملك فيصل للبحوث والدرسات الإسلامية، دس،ص 13-14-15 .

 (43) مرجع سابق، جلال مرزوق، صـ 19.

([45] ) مرجع سابق، منى علمي ،ص 17-18-19-20-26-27.

([46]) مرجع سابق، جلال مرزوق، صـ 27.

([47] ) د ن, المسألة السورية واستقطاباتها الإقليمية والدولية: دراسة في معادلات القوة والصراع على سورية. مقالة. د م. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، 2015، صـ 13، 14، 22، 23

([48]عمار عدنان شمران، دور جامعة الدول العربية في إدارة الأزمة السورية في ضوء ثورات الربيع العربي 2011-2018، رسال ماجستير، مصر. كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية جامعة الاسكندرية، 2020، صـ 197، 198، 2015، 2016. 

([49]) بن حلي: موقف الجامعة العربية بحل الأزمة السورية سلميًا. د س، متاح على الرابط التالي:

http://arabic.people.com.cn/31662/7867362.html   تاريخ الدخول 5/1/2021

([50]) مرجع سابق، عمار عدنان شمران ، صـ 2017.

([51]) ميثاق الأمم المتحدة/ الأمم المتحدة the united nations، د س، متاح على الرابط التالي:

www.an.org تاريخ الدخول: 5/1/2021. 

([52])هل الجامعة العربية قادرة على إنقاذ سوريا ؟ 17/11/2011. متاح على الرابط التالي:                           

www.dohainstitute.org  تاريخ الدخول 6/1/2021

([53]) مرجع سابق، مجدي خالد محمود عمران، صـ 82, 83.

([54]) أبو بكر فتحي عواد عبد الميد خليل الدسوقي، السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الجمهورية العربية السورية في الفترة ما بين 2001- 2008، رسالة ماجستير، مصر ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2001، ص 124 ، 125 ، 136 ، 137 ، 146 ، 147 ، 149 ، 150 ، 161 ، 162 ، 163.

([55]) مرجع سابق، سهام فتحي سليمان أبو مصطفى، صـ 74.  

([56])  آية محمد طارق أحمد دسوقي، أثر الفضية السورية على العلاقات السورية التركية، منذ عام 2011، رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2019، صـ 198، 199، 200، 201.

([57] ) أركان إبراهيم عدوان، تطور العلاقات التركية السورية في الفترة من عام 2000 حتى عام 2012: دراسة للمحددات والقضايا، رسالة دكتوراه، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2015، صـ 87،89،90،92،93،98.

([58]) مرجع سابق، أركان إبراهيم عدوان،صـ 117، 118، 119، 120، 121.

([59]) من تحارب أنقرة في سوريا: الأكراد أم العمال الكردستاني؟- CARNEGIE.

4/5/2021 متاح على الرابط التالي: https://carnegieendowment.org

(59) أركان إبراهيم عطوان, تطور العلاقات التركية – السورية فى الفترة من عام 2000 حتى 2012 ,رسالة دكتوراة ,القاهرة ,كلية الأقتصادةوالعلوم السياسية        ,2015 , ص 177   

([61]مرجع سابق، جلال مرزوق، صـ 38، 39، 40، 43, 44, 45.

([62]) عملية عسكرية تركية شمال شرق سوريا وانتقادات غربية وعربية، 9/10/2019، متاح على الرابط التالي: www.bbc.com ، تاريخ الدخول 15/2/2022.

([63]) ناشطون: مقتل 4 أشخاص بضربة لمسيرة تركية، 25/12/2021، متاح على الرابط التالي: https://arabic.rt.com ، تاريخ الدخول 15/2/2022.

([64] ) أحمد سالم محمد أبو صلاح، السياسة الروسية والأمريكية تجاه الأزمة السورية وأثرها على النظام الدولي والأمن الإقليمي، رسالة دكتوراه، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2016، صـ 40، 41، 42، 172.

([65] ) محمد يوسف علي لطفي، إدارة الأزمة في السياسة الخارجية الروسية: دراسة حالة الأزمة السورية، رسالة ماجستير، مصر، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2018، صـ 66, 82, 84, 85.

 (65) Jeremy M. Sharpand others. Syria: armed conflict in Syria: U.S. and international response. Congressional research service. CRS. July 12.2012

([67] ) فيتو روسي صيني ضد تمديد آلية المساعدات لسوريا عبر الحدود، 7/7/202، متاح على الرابط التالي: www.alarabiya.net  تاريخ الدخول: 26/4/2022

([68] ) مرجع سابق، أحمد سالم محمد أبو صلاح، صـ 195.

([69] مرجع سابق، أحمد سالم محمد أبو صلاح، صـ 199، 200.

([70] ) مرجع سابق، جلال مرزوق،صـ 36, 37, 38.

([71] ) لماذا يأمر بوتين قواته بالدخول إلى أوكرانيا، 24/2/2022، متاح على الرابط التالي:

تاريخ الدخول: 26/2/2022 www.bbc.com

([72] ) أنقرة تفرض عقوبات اقتصادية على نظام بشار الأسد، 30/11/2011، متاح على الرابط التالي:

www.france24.com   تاريخ الدخول: 25/5/2022

([73] ) مرجع سابق، أحمد سالم محمد أبو صلاح، صـ 202، 203، 204.

([74] ) روسيا تضرب غصن الزيتون التركي شمال 26/9/2021، متاح على الرابط التالي:

تاريخ الدخول 27/2/2022 https://aawsat.com 

([75] ) الدول التي لها حق الفيتو – موضوع 20/1/2016، متاح على الرابط التالي :

 تاريخ الدخول 27/2/2022 https://mawdoo3.com                                                                           

([76] ) مجلس الأمن يفشل في تبني قرارين حول سوريا pt-arabic 9/10/2016، متاح على الرابط التالي:

  تاريخ الدخول 27/2/2022     https://arabic.rt.com  

([77] )مرجع سابق، أسماء بلجهم،صـ 38.

([78] ) زبيدة سنوسي، تداعيات الأزمة السورية على العلاقات الروسية التركية فترة 2013-2017، رسالة ماجستير، د م. كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2016/2017، صـ 28.

([79] ) بحر الزين المسعودي، الأزمة السورية في السياسية الخارجية الروسية والتركية من 2011/2019، رسالة ماجستير. د م. كلية الحقوق والعلوم السياسية، 2018-2019، صـ 65.

([80] ) مرجع سابق، محمد يوسف علي لطعي،صـ 124.

([81] ) عقيل محفوظ، سوريا وتركيا نقطة تحول أم رهان تاريخي؟. دم. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات،

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button