أزمة لبنان: بين طموح شعب وهشاشة النظام السياسي

اعداد : م.م. سيماء علي مهدي – المركز الديمقراطي العربي

المقدمة:

، ومن غياب لمشروع إنقاذ وطني يتّفق عليه أصحاب القدرة على القرار في داخل لبنان وخارجه.

فأزمات لبنان كلّها هي دائماً نتيجة خليط من عوامل مركّبة داخلية وخارجية تتحرّك معاً لتصنع أتون الحروب والصراعات المسلّحة أحياناً، والتسويات السياسية أحياناً أخرى. ويُخطئ من يظنَّ أنّ الأزمات اللبنانية تنتهي باتّفاق اللبنانيين فيما بينهم فقط؛ ويخطئ من يظنّ اليوم أنّ “المستقبل اللبناني” سيتحقّق بإرادة لبنانية.

كثيـرة هـي الأسـباب والعوامـل التـي دفعـت بالنظـام السياسـي اللبنـاني إلـى الطريـق المســدود، وقــادت إلــى انفجــار الوضــع وانــدلاع صــراعات هــددت مصــير الدولــة اللبنانيــة، ومازالــت تهــددها جــراء زرع الفتنــة، والانقســام الــداخلي، وتضــارب المصــالح الداخلية والإقليمية، والدولية.

أهمية البحث:

وتبين أهمية البحث في إبراز الصـيغة الطائفيـة وأثرهـا علـى بنـاء الدولـة اللبنانيـة، وبيـان مـدى فعاليتها بـالرغم مـن دعـوة ميثـاق الطـائف لإلغائهـا. وإذ تـم اختيـار البحـث لتسـليط الضـوء علـى التركيبـة السياسـية والطائفيـة للبنــان، وإعطــاء صــورة عــن التعامــل الإقليمــي والــدولي المــؤثر عليهــا. فالســاحة اللبنانيــة هــي ســاحة مكشــوفة للتــدخلات الخارجيــة، كمــا أن للصــراع اللبنــاني الــداخلي علاقة وثيقـة بموضـوع الأمـن القـومي العربـي.

اشكالية البحث:

شكلت الصـيغة الطائفيـة فـي لبنـان تحـدياً فعليـاً للدولـة الوطنيـة اللبنانيـة، وكـان لهـا بالغ الأثر علـى المؤسسـات الدسـتورية، وتثير الاشكالية جملة من التساؤلات هي:

  • مـا مـدى تأثير القوى الاجتماعية ، والسياسية ، في لبنان؟.
  • الى أي مدى تساهم الطائفية الدينية والمذهبية في بناء مؤسسات النظام السياسي اللبناني ؟.
  • ماهو دور القوى الاقليمية والدولية في الشأن اللبناني؟ .

فرضية البحث:

( إن النظام السياسي اللبناني في بنيته هو نتاج للتوافقات الطائفية. بالاضافة الى أن هناك علاقة سلبية بين تسييس الطائفية في لبنان والانقسام الحاد للفواعل الرئيسة التي تعبر عن أجندات ما فوق الدولة” إقليمية وعالمية” التي استغلت أزمة الحكم الداخلية ، فأصبح لها تـأثيراً واضحاً ، على مجمل الحياة السياسية في البلد).

منهجية البحث:

اعتمــدت الدراســة علــى عدة مناهج منها, (المــنهج الوصــفي) الــذي يقــوم علــى دراســة الظــاهرة كمــا توجد في الواقع، ويهـتم بوصـفها وصـفاً دقيقـاً، ويعبـر عنهـا تعبيـراً كيفيـاً. هذا بالاضافة الى اســتخدام (المــنهج التــاريخي) لدراسـة التطورات السياسية في لبنان . وكذلك (المنهج النظمـي) الذي يهتم بمجال النظام السياسي، وقدراتـه، داخـل بيئته، وتطوراته المختلفة.

هيكلية البحث:

قسم البحث على ثلاث مطالب منها:

  • المطلب الاول: البعد التاريخي والجغرافي والسكاني للبنان.
  • المطلب الثاني: المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في لبنان.
  • المطلب الثالث: الازمة اللبنانية أسبابها ودوافعها

المطلب الاول : البعد التاريخي والجغرافي والسكاني للبنان

أن الجمهورية اللبنانيـة ، بـدأت سيادتها واستقلالها، بمشـاكل سياسـية ، واقتصـادية ، واجتماعية كـثيرة، نابعـة عـن موقعهـا الجغـرافي ، وتاريخهــا المعقــد، وتركيبــه الاقتصــادي، وبنائــه الاجتماعي المتنوع، والذي تميـز بـاختلاف السـكان وتعدد أديانه وهنا سنتطرق الى ثلاث فروع ضـمن هـذا المطلب بمايلي:

الفرع الاول: لمحة تاريخية عـن نشـوء الدولـة اللبنانية الحديثة .

إن الرجوع للتاريخ ، والوقوف عنـد أحداثـه، هـو أمر لازم من أجلِ استكمال قـراءة بنيـة وتطـور اي نظام سياسي، من اجل وضـع تصـور عـن واقعـه الحالي والمستقبلي، وهنا تعود بدايات لبنـان ككيـان سياسي إلى أمـارة جبـل لبنـان([1]). إثـر انتصـار العثمانيين على المماليـك في معركـة (مـرج دابـق ) عام ١٥١٦ وتخلل هذا العهد نشـوء نـواة الكيـان اللبناني وكانت أمـاره (ال معـن ) أوضـح تشـكيل سياسي حكم المعنيـون لبنـان فتـره مـن الـزمن ثم أنتقل الحكـم الى الشـهابيين وحكمـوا مـدة قـرن ونصف القرن بعـد ذلـك انتـهى عهـد الامـارة بإقصــاء( بشــير الثــاني) عــام ١٨٤١في النفــوذ العثماني وبسطت الدولة العثمانيـة حكمهـا المباشـر على الجبل فقضت على ما عرفـه هـذا الجبـل مـن الحكــم الــذاتي([2]).بعــد ذلــك ظهــر عهــد القائممقاميتين وهنـا تم تقسـيم لبنـان الى منطقـتين أداريــتين : شماليــة يتــولى أدارة شــؤونها قائمقــام (ماروني ) مركزها في ديـر القمـر، وجنوبيـة يتـولى إدارتها قائمقـام (درزي) ، ومركزهـا بيـت الـدين، على أن يكون القـرار النـهائي، في القضـايا المهمـة ، لــوالي صــيدا، وأيــدت بريطانيــا وفرنســا الاقتراح([3]). هذا النظـام لم يجـد حـلاً للصـراعات الطائفيــة ، وأيضــاً أدى الى توســيع الانقســامات، وخلق جـو مـن التناقضـات ، وإشـعال الحـروب ، الطائفية داخل البيت اللبناني.

وممـا زاد الأوضـاع سوءاً هو التـدخل الخـارجي ممـثلا بـ دور الـدول الأوربية وتدخلاتها غـير المـبررة في الشـأن اللبنـاني ([4](، وهنا يتولى الحكم فيها متصرف (مسـيحي ) مـن التابعية العثمانية، وغير لبناني يرشحه البـاب العـالي، وتوافق عليه الـدول الأوربيـة الكـبرى ثم يصـدر السلطان الموافقة علـى تعيينـه, وقـد ضـم إقلـيم المتصرفة مناطق الجبل دون المـدن السـاحلية وهـي: طرابلس، وبيروت، وصـيدا، والبقـاع الـتي ظلـت تابعة لولاية دمشـق([5]) .وجـد هـذا النظـام في أول الأمر نجاحاً ووفر اجواء من الاسـتقرار ، والطمأنينـة ، مما أرسى ظـروف ايجابيـة في السـلطة السياسـية ، لحكم لبنان السياسي ، أهمها وجـود مجلـس تمثيلـي يعكس نوعاً، من الرقابة الدسـتورية([6]) الا إن هـذا النظام أظهر مصالح فرنسا بـين (الموارنـة ) وروسـيا بــين (الأرثــوذكس) وبريطانيــا بــين (الــدروز). وأبعدت المناطق التي يسـكنها المسـلمون، بموجـب الخطط لهذه الـدول([7]). وخـلال انـدلاع الحـرب العالمية الأولى انتـهزت الدولـة العثمانيـة الفرصـة وألغت نظام المتصرفة وفرضـت الحكـم العسـكري على لبنـان وأسـتمر الوضـع الى بـدايات القـرن العشرين وفي الاول من ايلـول عـام ١٩٢٠ أعلـن (الجنــرال غــورو) عــن تأســيس دولــة لبنــان وهنا عملت فرنسا على تغذيـة الطائفيـة، في لبنـان ، مما أدى الى تمـازج سـكاني غـير متـرابط ومتعـدد الولاءات الحال الذي أنتج تكـريس قواعـد النظـام الطائفي([8]).

وفي نهاية عـام ١٩٢٥ دعـا المفـوض السامي (دوجوفينيل) المجلـس التمثيلـي الى الانعقـاد لسن دسـتور جديـد، فتحـول المجلـس الى جمعيـة تأسيسية، وأبرم المفوض الدستور، ودعـا المجلـس الى انتخاب رئيس للجمهوريـة ، معترفـاً بهـذا المجلـس وعـين (سـت عشـر) عضـوا في مجلـس جديـد للشيوخ، وأجتمع المجلسـان في جلسـة مشـتركة تم  فيهــا انتخــاب (شــارل دبــاس(أول رئــيس للجمهورية اللبنانيـة ، بصـلاحيات أداريـة واسـعة([9]) .وصل التناقض الشعبي ذروتـه، في عهـد الانتـداب الفرنســي، ولا ســيما الفتــرة بــين ( ١٩٢٠– ١٩٢٥ (فقـد تمسـك بعـض المسـلمين بمـوقفهم السلبي من الكيان الجديد، وتمسـك الفريـق الآخـر المتمثل بالمسيحيين، ولاسـيما (الموارنـة ) بالانتـداب الفرنسي([10]). حقق لبنـان اسـتقلاله في٢٢تشـرين الثاني ١٩٤٣, ويعد أول رئيس جمهوريـة في عهـد الاستقلال هو (بشارة الخوري). أما رئـيس الـوزراء فكان (رياض الصلح)، الذي عمـد بالاتفـاق علـى  إقرار الميثاق الوطني([11]) الذي بدأ التمهيد لـه عـام 1943 الذي تمثل بدولـة تضـم طوائـف متعايشـة غير منقسـمة ، وتجسـد ذلـك في التقـارب بـين المسلمين والمسيحيين في اجتماع وفـود عديـدة مـن مختلف الطوائف ، في المقـر البطريكـي المـاروني ، في25كانون الاول ١٩٤٣ .([12]) وتضــمنت مبادئــه الأساسية بالاتي: –

1-أن يتخلى المسيحيون اللبنانيون ، عن رغبتـهم في طلب الحماية الفرنسية، والدخول ضـمن المجموعـة العربية ، مقابل تخلي المسلمون عن السعي إلى ضم جـزء من لبنان إلى سوريا ، أو أي وحدة عربية.

2-توزيع الطرفين على مناصب الدولة الرئيسة، توزيعا دينيا. فضلا عن تقسيم الوظائف ذات المسؤولية ، بين الطوائف المختلفة، فيكون رئيس الجمهورية )مسيحياً مارونياً) ورئيس الوزراء ( سنياً) ورئيس مجلس النواب ( شيعياً([13] ) (, والملاحظ أن (الميثاق الوطني) قد كرس الطائفية، والعشائرية، والقبلية داخل الدولة .

استمرت سلسلة الأزمات المتعاقبة ذات الصبغة الطائفية منذ الاستقلال وبلغت ذروتها بالحرب الأهلية سنة ١٩٧٥, وبسبب ذلك كانت ولادة وثيقة الطائف عام١٩٩٠ ([14]) وقد تضمنت الأخيرة عدة بنود إصلاحية، تحول قسم كبير منها بقانون الى مواد دستورية . كما أشارت هذه الوثيقة على محاولة إلغاء الطائفية السياسية بشكل تدريجي. وعبر مرحلتين : الأولى بإلغاء قاعدة التمثيل الطائفي. والثانية :بإلغاء ذكر الطائفة او المذهب في بطاقة الهوية ، وكذلك نصت على حل جميع المليشيات ، وتسليم أسلحتها للدولة ، وتعزيز قوى الأمن الداخلي ، والقوات المسلحة ، وكذلك أفرز اتفاق الطائف ظواهر جديد وأبرزها ماعرف بـ (السلطة المجلسية) وكان له قدر وتأثير كبير لوقف الحرب والمساهمة في التخفيف من هولها([15]).

الفرع الثاني: البعد السكاني والجغرافي للبنان

تعود تسمية لبنان الى الجبل الابيض لـ(بياض ثلوجه التي تكسو قممه في أكثر فصول السنة)؛ أو “أللبنان” أي (البخور والكندر) كما في العربية لما يفوح من جوانبه العطرة التي تنشرها أشجاره ونباتاته أو في اللغة السريانية المصطلح “لب أنان” يعني (قلب الله)([16]).

فالمجتمع اللبنـاني كـان ولا يـزال مجتمعـاً يتميــز بالتعدديــة الطائفيــة، فالطوائـف الإسـلامية تتمثـل بـ (الــدروز، والســنة ، والشــيعة والعلويــون والاسمــاعيليون). أما الطوائــف المســـيحية فتتمثل بـ:(الموارنـة، والـروم الارثـوذكس، والكاثوليـك والارمــن الأرثــوذكس، والكاثوليــك، والســريان الارثــوذكس، والكاثوليك، والكلــدان، واللاتــيني والانجليــون والاشــوريون والاقبــاط الارثــوذكس )([17]).

كما أن التوزيع السكاني يتفاوت بشكل مستمر, إذ أن عدد سكان لبنان لعام 2020 بلغ ما يقارب 6,831,971 وهذه النسبة تأخذ نسبة 9 % من عدد سكان العالم الكلي ([18]) .

أما موقعها الجغرافي فأنها تتميز بموقع استراتيجي مهم لأنه يقع بين سوريا شمالاً وفلسطين جنوباً وحوض دمشق شرقاً والبحر الأبيض المتوسط غرباً لذا فالمظهر العام للأراضي اللبنانية يبدو بشكل نطاق جبلي شبة مستطيل ، ويتكون من ستة محافظات وهي: بيروت العاصمة والنبطية ومحافظة الشمال ومحافظة الجنوب ومحافظة البقاع، وجبل لبنان، وكل محافظة مقسمة الى (٢٥ ) قضاء، وهي اصغر دولة عربية من حيث المساحة إذ تبلغ ١٠٤٥٢ كلم٢ ، فهو يحتل قلب العالم القديم ويشكل همزة وصل بين قاراته الثلاث : آسيا وأوروبا وإفريقيا([19]) .وتعطي الطبيعة للبنان أهم ثرواته المتمثلة بالمحميات الطبيعية والنفط والغاز، ولم يتم استثمار النفط اللبناني حتى الآن بعد اكتشافه في حوض البحر المتوسط نتيجة الأطماع الإسرائيلية بثروات هذا البلد. فيما يؤكد لبنان حقه كونه يقع ضمن مياهه الإقليمية والاقتصادية. ويتمثل المجمع أو”البلوك” رقم 9 في منطقة على شكل مثلث تصل مساحتها إلى 860 كيلومترا مربعا، وتقع على امتداد ثلاثة من المجمعات البحرية العشرة في لبنان.  ويعود تاريخ المجمع أو الرقعة رقم 9 إلى عام 2009 حين اكتشفت شركة “نوبل للطاقة” الأميركية كمية من احتياطي النفط والغاز في الحوض الشرقي من البحر الأبيض المتوسط. وقسمت المساحة التي يدعي الاحتلال الإسرائيلي تملكها إلى عشر مناطق أو مجمعات، ويمثل المجمع 9 إحدى تلك المناطق. وتشكل البلوكات 8 و9 و10 محط أطماع الكيان الإسرائيلي الذي يزعم أن البلوك 8 جنوبا تبلغ مساحته 1400 متر مربع، وبعمق يتراوح بين 1672 و2062 مترا تحت سطح البحر جنوبا، وتزعم أنه يقع أيضا داخل حدود فلسطين المحتلة([20]).

المطلب الثاني : المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في لبنان

أن طبيعة النظام اللبناني بموجب الدستور يتضـح لنـا بأنه : ( نظام جمهـوري، نيـابي، برلمـاني ) وان الركيزة الاساسية التي يقوم عليها هـي (الطائفية ), والـتي تحمـل في الكـثير مـن التناقضـات ،أي تحكمهـا النزاعات، والصدامات الدامية ، فضـلا عـن عامـل الشك والقلق السائد، بين جميـع الأطيـاف الرئيسـة في البلد ، وسنوضح في الفرعين الآتيين المؤسسات الرسمية( سلطة تشريعية-تنفيذية-قضائية) والمؤسسات الغير الرسمية( احزاب-منظمات المجتمع المدني):

الفرع الاول: المؤسسات الرسمية في لبنان

أن النظام السياسي اللبناني حسب نص الدستور في الفقرة (ج)(جمهوري ديموقراطي نيابي)، وأن الشعب مصدر السلطات، كما أن النظام قائم على فصل السلطات وتوازنها وتعاونها.

أولاً: السلطة التشريعية: تتكون السلطة التشريعية في لبنان من مجلسين هما:

1-مجلس النواب: تنص المادة 24 من الدستور على أن مجلس النواب يتألف من أعضاء منتخبين, يتم انتخاب النواب بتساوي بين المسيحيين والمسلمين، أي أصبح البرلمان اللبناني يتكون من 128 عضو في المقاعد النيابية، وتتم أعادة انتخاب الاعضاء حسب نفس المادة مرة كل أربع سنوات, وحسب الميثاق الوطني فإن رئاسة المجلس حق للطائفة الشيعية، على الرغم من إنه في بداية تكوين المجلس أثناء فترة الانتداب الفرنسي قد تولى رئاسة المجلس أشخاص ينتمون لمذاهب أخرى([21]). أما اهم اختصاصاته هي:

أ- منح الدستور مجلس النواب، سلطة التشريع الكاملة، وذلك في مجال اقتراح القوانين وإقرارها . اذ جاءت المادة (١٨) بالنص علـى انه لمجلس النواب ومجلس الوزراء ، حق اقتراح القوانين  ولا ينشر قانون ما لم يقره مجلس النواب.

ب- انتخاب رئيس المجلـس ونائـب الـرئيس، وأعضاء هيئة مكتـب المجلـس، وأعضـاء اللجـان الانتخابية, و انتخاب رئـيس الجمهوريـة قبـل انتـهاء ولايته بشهرين, و انتخــاب نصــف أعضــاء المجلــس الدستوري, و انتخاب أعضاء المجلـس الأعلـى لمحاكمـة الرؤساء والوزراء وتتكـون مـن ( ٧ ) نـواب و (٨( من أعلى المستوى من القضاة([22]).

ت- يقوم مجلس النواب بدور الرقيب على تصرفات السلطة التنفيذية، وتكون مسؤولة عن جميع أعمالها أمام المجلس([23]).ويعود ضعف الرقابة لعدم الممارسة الصحيحة للحياة السياسية والديمقراطية، ولعدم إنتظام عمل المؤسسات الدستورية في هيكليتها أو في هيمنة الواقع السياسي الخاص بلبنان على الممارسة الفعلية([24]).

ث- الاختصاص المالي: تعـد الحكومـة مشـروع الموازنة وتحوله بمرسوم كأي قانون أخر وتجري مناقشـة الموازنة وإقرارها قبل أي عمل اخر وذلك حسب المادة ) ٨٣ (من الدستور اللبناني.

2-مجلس الشيوخ: هو المجلس الثاني في البرلمان اللبناني أنشأ بموجب الدستور اللبناني الصادر في 23 أيار 1926 وتم إلغاؤه بموجب القانون الدستوري الصادر في 17 تشرين الاول1927 بإيعاز من سلطات الانتداب وضم أعضاؤه لمجلس النواب بعدما تبين أنه يعرقل الحياة البرلمانية.  لكن أعيد تشكيله بعد التوقيع على أتفاق الطائف سنة 1990 ، وهذا ما نجده في البند السابع من وثيقة الوفاق الوطني إذ تنص “مع انتخاب أول مجلس نواب على أساس وطني لا طائفي يستحدث مجلس للشيوخ تتمثل فيه جميع العائلات الروحية وتنحصر  صلاحياته في القضايا المصيرية”([25]).

يمثل في المجلس شخصين عن كل طائفة، وبهذا يكون مجلس الشيوخ بمثابة الكفيل لحقوق الاقليات في التمثيل ضمن الهيئة التشريعية، لكن هذا المجلس لم يستحدث لأن إنشائه مشترط بالتخلي التام عن نظام الطائفة السياسية([26]).

ثانياً: السلطة التنفيذية: تتكون السلطة التنفيذية في النظام السياسي اللبناني من منصبين وهما:

1- رئيس الجمهورية: يعتبر رئيس الجمهورية اللبنانية حسب نص الدستور المادة 49 المعدل في 2004 انه هو رئيس الدولة، يسهر على احترم الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته, وبذلك تقلصت صلاحيات رئيس الجمهورية لصالح مجلس الوزراء مجتمعاً.  فهو يصدر القوانين، وله أن يطلب إعادة النظر فيها، منفرداً، من دون الحاجة إلى موافقة مجلس الوزراء، مكتفياً بإطلاعه عليها . وهذا الانفراد ينسجم مع كونه رئيساً للدولة، وهو يحيل مشاريع القوانين، المقررة في مجلس الوزراء، إلى المجلس النيابي لدراستها وإقرارها)[27]). ومنح رئيس الجمهورية صلاحية حضور جلسات مجلس الوزراء وترؤسها، وإبداء الملاحظات والرأي في كل أمر يطرح، والمشاركة في النقاش، من دون حق التصويت في المجلس؛ لأنه ليس منه، بل هو فوقه، لكونه رئيساً للجمهورية، ورئيساً للدولة فرئيس مجلس الوزراء هو الذي يحدد جدول أعماله، وهو يدعوه للإجتماع بالتنسيق مع رئيس الجمهورية([28]).يحق لرئيس مراقبة أعمال المجلس الدستوري و مدى دستورية القوانين، ويمكنه أيضا طلب اقتراح إعادة النظر في الدستور حسب المادة 76 ويمكنه اقتراح إعادة النظر في الدستور .

ينتخب رئيس الجمهورية في لبنان حسب البند الثاني من المادة 49 بالاقتراع السري بغالبية الثلثين من مجلس النواب في الدورة الاولى ويكتفي بغالبية المطلقة في دورات الاقتراع التالية، وتدوم مدة رئاسته ست سنوات ولا تجوز إعادة انتخابه إلا بعد ست سنوات لانتهاء ولايته، ولا يجوز انتخاب احد لرئاسة الجمهورية ما لم يكون حائز على الشروط التي تؤهله للنيابة والغير المانعة لاهلية الترشيح([29]) ، ويكون منصب منوط فقط بالطائفة  المسيحية المارونية وهذا حسب العرف المعمول به.

حسب المادة 73 من الدستور انه قبل موعد انتهاء ولایة رئیس الجمهوریة بمدة شهر على الأقل أو شهرین على الأكثر یلتئم المجلس بناء على دعوة من رئیسه لانتخاب الرئیس الجدید واذا لم یدع المجلس لهذا الغرض فانه یجتمع حكما في الیوم العاشر الذي یسبق اجل انتهاء ولایة الرئیس.

2-رئيس الوزراء: وتتكـون الـوزارة في لبنان من رئيس ونائبه وعـدد مـن الـوزراء يعينـهم ويقيلهم رئيس الجمهوريـة ، اسـتنادا إلى مـا أشـار الدســتور عليــه في مادتــه (٥٣)، ومــن الوجــه الدستورية ، يجري تشكيل الحكومـة علـى مراحـل تبدأ عندما يجري رئيس أَلجمهورية ، مشـاورات مـع أعضاء البرلمان ، ويطلـع رئـيس مجلـس النـواب ، عليها وبعد ذلك يقوم رئـيس الجمهوريـة ، بتسـمية رئـيس الـوزراء المكلـف ، بالتشـاور مـع رئـيس المجلس، ويصدر مرسوم التسمية منفرداً وبعـد ذلـك يجري رئيس الوزراء المكلف استشاراته مـع النـواب والكتل النيابيـة لاختيـار أعضـاء حكومتـه ومـن الصلاحيات التي يمارسها هي –([30])

  • أ .وضع السياسات العامـة للدولـة في جميـع النواحي .
  • ب .العمل علـى تنفيـذ القـوانين، والأنظمـة ، والإشراف على عمل كل أجهزة الدولة ومؤسساتها .
  • ت .تعيين موظفي الدولـة وقبـول اسـتقالاتهم وفقا إلى القانون .

ث.حل مجلس النـواب بطلـب مـن رئـيس الجمهورية ، إذا امتنع مجلس النـواب بغـير أسـباب قاهرة عـن الاجتمـاع طـوال عقـدين اسـتثنائيين متواليين ،لا تقل مدة كل منهما عن شـهرا في حالـة رد الموازنة بقصد عرقلة الحكومـة عـن العمـل ، ولا تجوز ممارسة هذا الحق مـرة ثانيـة للأسـباب نفسـها .أما من حيث الشروط الخاصـة بالترشـيح لمنصـب الـوزارة ، فـان ذلـك حددتـه المـادة (66 ) مـن دستور١٩٩٠.اذ نصـت علـى مـايلي (لا يتـولى الوزارة الا اللبنانيون ولا يجوز تولي الـوزارة الا لمـن يكون حائزاً على الشروط الـتي تؤهلـه للنيابـة).

3- السلطة القضائية: القضاء اللبناني له كيان مستقل عن باقي السلطتين السابقتين، فالمادة (20 )من الدستور اللبناني يقر بوجوب قيام المحاكم القضائية إذ تنص: “السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة والمتقاضين الضمانات اللازمة أما شروط الضمانة القضائية وحدودها فيعينها القانون. والقضاة مستقلون في إجراء وظيفتهم وتصدر القرارات والاحكام من قبل كل المحاكم وتنفذ باسم الشعب اللبناني”. فالقضاء في لبنان على ثلاث درجات مع وجود مجلس دستوري يفصل في دستورية القوانين. أما هيكلة القضاء فيتكون من القضاء العدلي والقضاء الاداري والقضاء المالي وقضاء الاحوال الشخصية وكذلك القضاء الدستوري ([31]).

فنجد في لبنان كل طائفة تحتكم لمحكمة خاصة بها فهناك المحكمة السنية والشيعية ومحاكم المسيحيين باختلاف طوائفهم، ويصطلح على هذه المحاكم في لبنان بالمحاكم الروحية وتختص بالأحوال الشخصية كالزواج والطلاق وكذلك الميراث([32]).

الفرع الثاني: المؤسسات غير الرسمية

تعد الاحزاب السياسية اللبنانية عاملاً رئيسياً في عملية الاستقرار السياسي ، كما تلعب منظمات المجتمع المدني كالنقابات والتنظيمات الشبابية دوراً بارزاً في التأثير على الحياة السياسية اللبنانية.

أولاً: الاحزاب السياسية

إن الأحزاب السياسية في لبنان عمرها من عمر الدولة التي نشأت في مطلع عشرينات القرن الماضي. ولقد واكبت الأحزاب في تكونها وتطورها الحقب الثلاث التي مرت بها الدولة، بدءاً بمرحلة الانتداب الفرنسي، مروراً بالمرحلة الممتدة من الاستقلال حتى اندلاع الحرب الأهلية فـي منتصف السبعينات من القرن الماضي، وصولاً إلى فترة الحرب الأهلية ومابعدها.

1-تيار المستقبل: يعد  تيار المستقبل من أهم التيارات السياسية اللبنانية ومن أبرز القوى السنية،  نشأ في منتصف التسعينات مع مؤسسه (رفيق الحريري) بعد عودته من السعودية، وبعد اغتياله  في شباط 2005 تولى نجله (سعد الحريري) زعامته، والذي تأسس رسميا في آب 2007 وأعلن عنه في الخامس من  نيسان 2009. أما من حيث المعتقد الايديولوجي يمثل تيار المستقبل توجه ليبرالي، حيث أعلن في برنامجه أنه يسعى إلى تأسيس دولة المواطنة وترسيخ الديموقراطية واحترام الحريات العامة وضمان سيادة لبنان واستقلاليته. كما نجح تيار المستقبل في تشكيل خمس حكومات في لبنان، ابتداء من أول حكومة شكلها (رفيق الحريري) سنة 1992 وانتهاء بخامس حكومة استقالت في تشرين الاول 2004، كما تقرر حضور التيار بعد انتخابات 2009 وشكل الحكومة، وحقق فوزاً في الانتخابات النيابية 2009 وتولى زعيمه (سعد الحريري) رئاسة الحكومة اللبنانية إلى غاية 2011، ولعب تيار المستقبل دوراً بارزاً في تشكيل (تحالف قوى) 14 آذار إثر ما يسمى بانتفاضة الارض ضد الوجود السوري في لبنان، ويمثل الوجه السني السياسي في لبنان المتماهي تقليديا مع النظام الرسمي العربي عبر المملكة العربية السعودية ويعتمد التيار في السياسة الداخلية على الشراكة مع جميع الاطراف وتقوم رؤيته السياسية في بناء الدولة على حصر السلاح في يد الدولة ونزع سلاح المليشيات بما فيها حزب الله([33]).

2-الجماعة الاسلامية: نشأت الجماعة الاسلامية في لبنان من رحم جماعة أخرى (جماعة عباد الرحمن) التي أسسها محمد عمر الداعوق, الذي بدأ نشاطه يطوف المساجد في بيروت رابطاً بين المأساة الفلسطينية والبعد عن الاسلام, ونجحت هذه الطريقة ولقيت اقبالاً من الشباب المسلم لكنه لم يشر الى صلة تنظيمه بجماعة الاخوان المسلمين وفي أوائل 1951 حصلت على رخصة رسمية واتخذت مقراً علنياً في حي البسطة في بيروت. وعند صعود التيار القومي الناصري بدأت الحركات الاسلامية يقل تأثيرها وبالأخص (جماعة عباد الرحمن) التابعة للإخوان المسلمين([34]). ثم اسس (فتحي يكن) جمعية اسلامية(جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية) واخذت ترخيصها الرسمي18حزيران1964 وتأثرت بالفكر الاخواني وطورت تنظيمها في طرابلس لكن يختلف عن تنظيم (جماعة عباد الرحمن) بفكر متحرر , لكن سرعان ماتبلت افكار مؤسسها وتأثيره بطروحات (حسن البنا) ونظرية الاسلام السياسي بنظر يكن تتلخص( الامة الاسمية واحدة ويجب ان تخضع لقيادة واحدة-العقيدة الاسلامية هي اساس الدولة- الحاكمية في الدولة الاسلامية لله والكتاب والسنة هي وحدهما الادلة المعتبرة للأحكام الشرعية- الشورى حق لجميع المسلمين على رئيس الدولة أما نتيجة الشورى فهي غير ملزمة للحاكم وعلى الامة السمع والطاعة مالم يأمر بمعصية-تتمتع الطوائف الاخرى بالحقوق العامة ولهم استقلالهم الذاتي في الاحوال الشخصية وبعض القضايا الخاصة) وعقدت في بداية السبعينات خلوة يتناقش بها المشروع الفكري والنظام الداخلي والمواقف السياسية وعلية كانت ترشيح المحامي(محمد علي ضناوي) للانتخابات النيابية اول خطوة في المعترك السياسي اللبناني وانقسم الرأي عن الجماعة بين الضناوي وفتحي يكن وفي التصويت رجحت كفة الضناوي بفارق صوت واحد, ورغم فشلهم في حصولهم على مقعد نيابي فقد اصدر ضناوي كتاب(المسلمون في لبنان مواطنون لارعايا) متهجماً على السيطرة المارونية على مؤسسات الحكم مما عرضه للمسائلة عن ماكتبه([35]).

برزت كقوة مستقلة انتخابيًّا بعد أول انتخابات تَلَت الطائف عام 1992، ثم أصبحت بعد الانسحاب السوري من لبنان عام 2005 أكثر ارتباطًا بتيار المستقبل في أدائها السياسي بسبب ضعف وجودها في بنية “السلطة اللبنانية”، ولتشاركها مع المستقبل في الجمهور المستهدف، أي: “الجمهور السني”، وتبنَّت مقولاته الأساسية في مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري (2005) لاسيما مواقفه إزاء “بناء الدولة” بنزع سلاح المليشيات و”محاكمة” قتلة الحريري ولاحقًا التقت معه في دعم الثورة السورية (2011). ويمكن اختصار دور الجماعة الإسلامية على الصعيد المحلي في أنها التعبير المحافظ عن سنَّة لبنان حتى عندما يختلف بعضهم معها سياسيًّا، لأنها تمثل الطموحات الدينية للمجتمع السنِّي المتدين من جهة، وتشكِّل داعمًا إضافيًّا للسنِّيَّة السياسية عند تلاقي الديني والسياسي، أي إنها تُسهم في الحفاظ على الجوهر الديني للسنَّة وبنفس الوقت هي قوة احتياط سياسية بالنسبة لهم، وهذا ما يجعلها أكثر نخبوية وقوة متوسطة تقف وراء الفاعلين أو الفاعل السني الأول. إلا أن الجماعة قد تتحول إلى عقَبة لتيار المستقبل لأنها ليست مرتبطة بالسياسة السعودية ارتباطًا وثيقًا، كما أن اقترابها من إيران أو بُعدها عنها مبني على حسابات خاصة بمصالحها السياسية وبمنظومة قيمها الأيديولوجية؛ حيث كانت أقرب إلى “محور المقاومة” وإيران إلى أن اجتاح حزب الله بيروت عسكريًّا عام 2008، ثم أصبحت في مواجهة معه مع اندلاع الثورات العربية عام 2011 التي جعلتهما متواجهين. وتسببت الثورات أيضًا بجفاء ولو لفترة قصيرة، في علاقة الجماعة بالسعودية خلال حكم الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز؛ حيث وضعت الرياض حينها حركة الإخوان العالمية على لائحة المنظمات الإرهابية، ولكن هذا لا ينفي أن الجماعة تحرص على الانسجام مع السياسة السعودية في الإقليم ما استطاعت، أو على عدم الاصطدام مطلقًا معها باعتبارها الراعي العربي الأكثر التزامًا بسنَّة لبنان، والأكثر فعالية في الساحة اللبنانية سواء اتفقوا معها أم اختلفوا. وهم يقدِّرون أن السعودية تدرك أو يجب تدرك أن أولوية الجماعة الإسلامية في لبنان المتمثلة بحفظ المكون السني اللبناني وتنمية دوره المحلي والإقليمي تتقدم على أية مصلحة أخرى ولو كانت تتصل بمصير حركة الإخوان المسلمين في المنطقة([36]).

3- حزب الله: ظهر حزب الله إبّان الحرب الأهلية اللبنانية، التي اتخذت لها اسم “حزب الله”. يصف نفسه بأنه “حركة مقاومة شيعية”، وقد وضّح أيديولوجيته في بيان عام 1985، وتعهد بطرد القوى الغربية من لبنان، ودعا إلى تدمير دولة إسرائيل، وتعهد بالولاء للمرشد الأعلى لإيران، كما دعا إلى بناء نظام إسلامي مستوحًى من النظام في إيران، لكنه شدد على أن الشعب اللبناني يجب أن يتمتع بحرية تقرير المصير. يتزعم “حزبَ الله” حسن نصر الله، الذي تولى منصب الأمين العام عام 1992 بعد أن اغتالت إسرائيل عباس الموسوي (مؤسس الجماعة وزعيمها السابق). ويشرف نصر الله على مجلس الشورى المكون من سبعة أعضاء، وعلى مجالسه الفرعية الخمسة: السياسي، والجهاد، والنواب، والتنفيذي، والقضائي. وتقدر وزارة الخارجية الأميركية أن حزب الله لديه عشرات الآلاف من الأعضاء والأنصار الآخرين الموزعين في جميع أنحاء العالم([37]). ففي أواخر الثمانينيات من القرن الماضي كان حزب الله أقرب إلى التشكيل العسكري المنظم ، لكنه مع ذلك كان عاجز عن الإمساك بالأرض في جنوب لبنان حتى في مقابل منافسه اللبناني الشيعي، عدا أنه واجه أحد أقوى الجيوش التقليدية في الشرق الأوسط في الجنوب إبان حرب تموز  2006 ، إلا أن إحدى أبرز نتائج هذه المواجهة كانت تثبيت وقف إطلاق النار تحت رعاية قوات دولية، جاءت مدعومة بقرار من مجلس الأمن، وانغمس حزب الله بالشؤون الداخلية اللبنانية وشارك لأول مرة بالحكومة اللبنانية، ومن ثم تورط بنزاعات عسكرية لم يتردد فيها عن استخدام سلاحه – بل إنه تخطى كل ذلك وذهب بسلاحه إلى سوريا لدعم نظام (بشار الأسد )منذ عام 2012 خارج إطار الشرعية اللبنانية([38]).

4-حركة أمل: إسم أمل هو اختصار لتعبير”أفواج المقاومة اللبنانية” .وهو الجناح العسكري لحركة المحرومين التي أسسها عام 1974في لبنان السيد (موسى الصدر) كتنظيم سياسي للشيعة بالتعاون مع النائب (حسين الحسيني (, وكان الهدف من تأسيسها دعم قضايا الشيعة في لبنان ويتلخص ذلك بتمثيلهم بشكل متكافئ في مؤسسات الدولة والحصول على نصيبهم من ثروات البلاد وتنمية مناطقهم ومعظمها في الجنوب وتحصينها ضد اعتداءات إسرائيل. في بداية تأسيس الحركة رفض السيد (موسى الصدر) توريط حركة أمل في الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، الأمر الذي قوض مصداقيتها في أعين الكثير من الشيعة الذين توجهوا لتأييد منظمة التحرير الفلسطينية أو الأحزاب اليسارية الأخرى. كما أن الحركة لم تحظ في بداياتها بشعبية تذكر نظرا لتأييدها التدخل السوري في لبنان عام 1976. استقال الحسيني عام 1980من زعامة أمل ليخلفه المحامي الشاب( نبيه بري). شارك بري خلال الاجتياح الإسرائيلي عام 1982في “هيئة الإنقاذ الوطني” التي شكلها حكم الرئيس (الياس سركيس) بالتعاون مع حلفائه في حزب الكتائب الذين شجعوا اجتياح إسرائيل للبنان. وكان ذلك سببا في انفضاض عدد من كوادر الحركة الذين شكل بعضهم لاحقا حزب الله. ثم انخرط الزعيم الدرزي (وليد جنبلاط) مع أحزاب أخرى في قتال ضد حركة أمل انتهى بتصفية مواقعها في بيروت الأمر الذي استدعى تدخلا عسكريا سوريا أعاد دمشق لأول مرة إلى بيروت منذ انسحاب قواتها منها عام 1982, وبعدها عادت أمل إلى الواجهة عام 1985 بعد مشاركتها مع الزعيم الدرزي (وليد جنبلاط) وبدعم سوري في الانتفاضة على حكم الرئيس (أمين الجميل ) إذ سيطر الحليفان على غرب بيروت وانضمت إليهما الألوية غير المسيحية في الجيش اللبناني([39]).

اعتبر ميثاق حركة أمل القضية الفلسطينية قضية العرب الأولى لكن ذلك لم يمنع الحركة من خوض حرب على الفلسطينيين في لبنان بين أعوام 1985-1987 نيابة عن الرئيس السوري (حافظ الأسد) الذي كان على خلاف مع زعيم منظمة التحرير (ياسر عرفات), وزرعت حرب المخيمات كذلك بذرة أول انشقاق شيعي. ففي نهاية عام 1987 اندلع قتال بين حركة أمل وحزب الله على خلفية تعاطف الحزب مع الفلسطينيين. استطاع (نبيه بري) الذي دعم اتفاق الطائف أن ينتزع حيزا مهما من المناصب للشيعة وفقا للاتفاق. كما منحه الاتفاق والانتخابات التي تلته مكانة أهلته للبقاء في منصب رئيس مجلس النواب بشكل متواصل منذ عام 1992 ([40]).

5-الحزب التقدمي الاشتراكي: تأسس الحزب في 5 كانون الثاني 1949 م وكان من أبرز مؤسسيه: (كمال جنبلاط، وفريد جبران، وألبرت أديب وعبدالله العلايلي وفؤاد رزق وجورج حنا). تحت زعامة كمال جنبلاط انضم الحزب إلى الحركة الوطنية اللبنانية التي كانت جبهة مؤلفة من الحزب التقدمي الأشتراكي وأحزاب اخرى لعبت دورا كبيرا في مواجهة الجبهة اللبنانية المسيحية التي ضمت حزب الكتائب اللبنانية وحزب الوطنيين الأحرار بزعامة كميل شمعون أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. يتزعمه حاليا (وليد جنبلاط) وإستناداً إلى مبادئ الحزب فإن توجه الحزب هو توجه علماني ويتبنى الاشتراكية إلا أن أغلب مؤيديه ينتمون إلى الطائفة الدرزية. تمكن جنبلاط الأب من بناء ميليشيا لعبت دورا فعالا في لبنان من 1975 إلى 1990 وكانت مسيطرة على أجزاء من جبل لبنان و الشوف بمساعدة من الفلسطينيين و لاحقا من السوريين. كان عدوهم الرئيسي الموارنة وحزب الكتائب اللبنانية. في 16 أذار 1977 اغتيل (كمال جنبلاط) وتم إلقاء اللوم على المسيحيين و أرتكبت عمليات قتل بحق هؤلاء كردة فعل . ورث جنبلاط الإبن زعامة الحزب من والده و قاد الحزب في أحلك مراحل الحرب الأهلية اللبنانية. وقام الحزب التقدمي الإشتراكي بالانتقام من المسيحيين كردة فعل على مجازر كبيرة قامت بها القوات اللبنانية المارونية ضد مواطنين مدنيين دروز, و تم تهجير المسيحيين من مناطق جبل لبنان التي سيطرت عليها الحزب التقدمي بمساعدة من المنظمات الفلسطينية المسلحة والجيش السوري. ولكن في حزيران 2005 صرح (جورج حاوي) على قناة الجزيرة بأن (رفعت الأسد) كان وراء عملية الاغتيال([41])ويتخذ الحزب منذ 2009 موقفا وسطياً في الخلافات السياسية اللبنانية .

6- الحزب الديمقراطي اللبناني: هو حزب سياسي أسسه الدرزي (طلال أرسلان). إنطلق الحزب في 1تموز 2001 وإنتخب أرسلان رئيسا له. يعتبر الحزب إمتدادا لنضال الأمير (مجيد أرسلان) وهو يعد من أكبر المنافسين للحزب التقدمي الاشتراكي الذي يقوده (وليد جنبلاط). ينتمي الحزب، الذي ليس له مقاعد في البرلمان، إلى قوى 8 آذار المعارضة لحكومة (فؤاد السنيورة ) والذي يضم حزب الله([42]) .

7- الحزب العربي الديمقراطي: هو حزب سياسي لبناني ذو اغلبية علوية زعيم الحزب هو (رفعت علي عيد)  ومقر الحزب في طرابلس شمال لبنان .الحزب مشارك في المعارك الدائرة في باب التبانة وجبل محسن في تاريخ 10 حزيران 2014 قام القضاء العسكري اللبناني بإصدار مذكرة توقيف غيابية بحق رفعت عيد بعدما هرب مع غالبية قادة المحاور المشاركة في القتالات الداخلية في التبانة وجبل محسن في شمال لبنان. وفيما تردد أن رفعت عيد موجود حالياً في سوريا، قيل أن والده أي (علي عيد) تمكن من السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية بعدما توافرت لديه إقامة دائمة هناك([43]).

8- حزب القوات اللبنانية: هي منظومة عسكرية أسسها (بشير الجميّل) سنة 1976 لكي تكون الذراع العسكري للجبهة اللبنانية. ان سبب تأسيس القوات اللبناني بحسب قول مؤسسها هو تنظيمي وتحضيري تحسباً لتحديات عسكرية كانت تحيط بمسيحيي لبنان وليس لإقامة حزب جديد أو انتخابات مختار أو بلدية الخ؛ وعند انتخابه رئيساً للجمهورية عد القوات اللبنانية جهاز كتائبي وفي اتجاه العمل على حل هذه القوى وإعادتها إلى احزابها أو ضمها إلى الجيش الوطني اللبناني , وعرفت بعد اغتيال الجميّل سنة 1982 عدة تغييرات على قيادتها وبدأت تأخذ استقلاليتها عن المكتب السياسي الكتائبي وبطبيعة الحال الجبهة اللبنانية. بعد عدة انتفاضات على قيادتها الشرعية وتقاتل بين المنتفضين انفسهم وبعد ان استتب الوضع (لسمير جعجع) وهو ليس من مؤسسي القوات اللبنانية، دخلت القوات اللبنانية التي اصبحت تحت سيطرته في صراع دموي مع وحدات الجيش الموالية لرئيس الحكومة العسكرية (ميشال عون) بين 1989 و 1990.  قبلها كان قد تحول المسمى الوظيفي “قائد القوات اللبنانية” إلى “رئيس الهيئة التنفيذية” وكان هذا المؤشر الأقوى انفلات هذه المنظومة من سيطرة المكتب السياسي الكتائبي والبدء بتعاطيها ودخولها السياسة من بابها العريض. والتغيير هذا اتى على يد (إيلي حبيقة) الذي يعد أحد المسؤولين عن مجزرة صبرا وشاتيلا الثانية سنة 1985. قبل ان ينتفض عليه (سمير جعجع) ويستلم زمام القيادة. سلمت القوات اللبنانية أسلحتها بعد اتفاق الطائف وتحولت إلى حزب سياسي. بعام 1994 اتهم قائد القوات (سمير جعجع) بعدة جرائم كان أحدها تفجير كنيسة” سيدة النجاة” وهو الحادث الذي ما زالت القوات تنفي مسؤوليتها عنه، كما اتهم باغتيال (طوني فرنجيّة) نجل رئيس الجمهورية السابق (سليمان فرنجيّة) واغتيال رئيس الوزراء (رشيد كرامي) والعديد من الجرائم الأخرى فأدى ذلك إلى الحكم على جعجع بالسجن المؤبد وحظر القوات لكن رفع الحظر مع خروج الجيش السوري من لبنان سنة 2005 وأطلق سراح سمير جعجع بعفو. يرأس الهيئة التنفيذية للقوات حاليًا (سمير جعجع)، وللقوات 17 مقعد في المجلس النيابي الحالي . شاركت القوات في حكومة (فؤاد السنيورة) الأولى و الثانية وعدة حكومات أخرى([44]).

9-حزب الكتائب: حزب سياسي لبناني تأسس كحركة قومية لبنانية شبابية عام1936 على يد (بيار الجميل). كانت الحركة مستوحاة من حركة الفالانج الإسبانية بقيادة (خوسيه أنطونيو بريمو دي ريڤيرا). وقف الحزب مع الرئيس( كميل شمعون) خلال أحداث سنة 1958. حصل على 9 مقاعد خلال الانتخابات النيابية سنة 1968. كان اهم فصيل يميني خلال بدايات الحرب الأهلية اللبنانية و كان ابرز المساهمين في تكوين القوات اللبنانية ثم تقلص دوره تدريجياً مع وفاة مؤسسه سنة 1984 وشهد بعد الحرب عدة انقسامات. يشغل الشيخ (أمين الجميل) رئيس الجمهورية السابق ونجل( بيار)، منصب الرئيس الاعلى للحزب. وشارك الحزب في حكومة (فؤاد السنيورة ) عبر وزير الصناعة (بيار أمين الجميل) إلى اغتياله في تشرين الثاني 2006 ([45]).

10- تيار المردة: حزب سياسي لبناني يرأسها حاليا الوزير السابق (سليمان طوني فرنجيّة) الذي قادت عائلته تقليديا التنظيم. يعد قضاء زغرتا – الزاوية معقله التقليدي ويشكل الموارنة أغلب أعضائه. انشأت ميليشيا المردة سنة 1968 وكانت بقيادة (طوني فرنجية) نجل النائب آنذاك ورئيس الجمهورية السابق (سليمان فرنجية) خاضت الميليشيا عدة معارك ضد ميليشيات الحركة الوطنية اللبنانية والفلسطينيين قرب طرابلس وفي بيروت في بداية الحرب الأهلية اللبنانية. كانت جزء من الجبهة اللبنانية حتى انفصالها عنها سنة 1978. أدت خلافاتها معها إلى هجوم ميليشيا الكتائب اللبنانية الذراع العسكري للجبهة على معقلها في أهدن مما أدى إلى مقتل الوزير (طوني فرنجية) مع زوجته وطفلته وعدد من أنصاره. لعبت بعد ذلك دورا أقل تأثيرا في الحرب. بعد اتفاق الطائف سلمت أسلحتها، وشغل (سليمان طوني فرنجية) المترأس للتيار منذ 1990 عدة مناصب وزارية. لم يحصل التيار على أي مقعد في الانتخابات النيابية التي أجريت بعد اغتيال (رفيق الحريري) في تموز 2005. وفي الانتخابات النيابية 2009 حصد المقاعد النيابية الثلاث في قضاء زغرتا – الزاوية و يعد من حلفاء حزب الله وحلـيف سوريا وحاليا بعد الانتخابات النيابية سنة 2018 بات يملك تكتل نيابي من 7 نواب 3 منهم حزبيين 2 نواب عن قضاء زغرتا – الزاوية ونائب عن قضاء الكورة وهو ممثل بحقيبة الاشغال العامة والنقل في الحكومة اللبنانية([46]).

11-التيار الوطني الحر: حزب سياسي لبناني رئيسه (جبران باسيل) ، واسع التمثيل، منتشر في كل قرية في لبنان، ينادي بدولة مدنية تقوم على أساس احترام مختلف الأفراد فيها. كان هدفهم منذ البدئ وقف النزاعات الحاصلة بين الطوائف اللبنانية وتحرير لبنان من الهيمنة السورية السياسية والعسكرية. بدأ عملهم يقتصر على المظاهرات الشعبية والتطوع في الجيش و شكلوا ما يسمى انصار الجيش. بعد خسارة الجيش اللبناني امام الجيش السوري في 13 تشرين الاول 1990 حيث تم قصف الجيش اللبناني أيضًا من مدافع ميليشية القوات اللبنانية و نَفي (العماد ميشال عون) إلى فرنسا تحول عملهم إلى عمل سري (FAL). بعد خروج الجيش السوري من لبنان في 26 نيسان 2005 و عودة العماد عون في 7 أيار 2005 أُعلن عن التيار الوطني الحر الذي اصبح أقوى تيار ذات أكثرية مسيحية في لبنان متجسد بثاني أكبر كتلة نيابية وهي تكتل التغير والإصلاح وأكبر كتلة مسيحية في المجلس النيابي اللبناني. كما أنه التيار الأكثر تنوعاً بين أحزب وتيارات الطبقة الحاكمة في لبنان([47]).

ثانياً: منظمات المجتمع الوطني: تلعب منظمات المجتمع المدني دوراً كبيراً في الحراك السياسي في لبنان خصوصا النقابات العمالية و التنظيمات الشبابية حيث تمثل دوراً مناهضا للطائفية السياسية التي تسود البلد.

  • النقابات العمالية: أدت الظروف المعيشية الصعبة إلى تكتّل العمال دفاعًا عن مصالحهم، وإلى توحيد صفوفهم مطالبة بحقوقهم. وعبر الزمن، تطورت تحركات العمال، وبدأت تظهر على شكل تجمعات أو تكتلات مطلبية، إلى أن وصلت شيئًا فشيئًا إلى تنظيمها فكانت النقابات. مرت الحركة النقابية العمالية في عدة مراحل، نبدأها مع صدور قانون الجمعيات تاريخ 3 آب 1909([48])، في ظل الحكم العثماني، ولم يشترط هذا القانون الترخيص المسبق لإقرار شرعيتها، وإنما اكتفى بحصولها على علم وخبر من وزارة الداخلية، وحصر أهداف الجمعية بتقديم خدمات طوعية مجانية وجمع العمال وأرباب العمل في منظمة واحدة([49]), وقد استفاد العمال من هذا القانون، وأسسوا جمعيات عمالية تحت ستار نقابي, وسمح قانون 24 نيسان 1912، المعدل سابقًا، بإنشاء الجمعيات المهنية وبكل ما يلزم لتنمية المهنة، فتأسست جمعيتان مهنيتان، بين سنتَي 1912 و1913 وهما: “تعاضدية مستخدمي وعمال سكة الحديد” و”جمعية عمال المطبعة الأميركية”. وخلال الحرب العالمية الأولى، توقف نشاط الجمعيات المهنية بظل تطبيق الأحكام العرفية([50]).

في عهد الانتداب الفرنسي، ونتيجة لتدنّي القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، طالبت “جمعية التعاضد في سكة الحديد” بزيادة الأجور في لبنان وسوريا. ومن جراء عدم الانصياع لمطالبها، توقف العمال عن العمل، فحصل أول إضراب عمالي([51]). وفي هذه المرحلة، تأسس حزبان سياسيان على أساس عمالي، وهما: حزب العمل في العام 1921، وحزب الشعب اللبناني في العام 1924   الذي أدى دورًا أساسيًا في تنظيم النشاط العمالي وتطويره. ومع صدور الدستور اللبناني في 23 أيار 1926، ظن العمال بأن تكريسه الحريات العامة كحرية الفكر والقول، والاجتماع سيشكّلان مدخلًا لإنشاء جمعياتهم العمالية. ولكن ما لبث أن أجاز قانون 26 أيار 1928 للحكومة رفض العلم والخبر لأي جمعية لا ترغب في تشجيعها. وأمام هذا الواقع، قامت السلطة برفض منح العلم والخبر للعديد من الجمعيات، وحاولت محاربة إنشاء الجمعيات العمالية، ولاحقت المسؤولين خوفًا من تكتلات عمالية كبيرة تقف ضد الشركات الكبرى والمصالح الفرنسية، إضافة إلى قلقها من تحوّل هذه التكتلات العمالية إلى تجمعات وطنية تطالب باستقلال البلاد([52]).

وفي سنة 1939، تأسس “اتحاد نقابات مستخدمي وعمال لبنان”، برئاسة (مصطفى العريس)، الذي جمع العمال ووحّد صفوفهم من أجل إقرار قانون العمل. ونتيجة تخوّف السلطة من قوّته، حاولت إضعافه عن طريق تأسيس “جبهة العمل”. أما المنحى الذي أخذه العمال، خلال الحرب العالمية الثانية، فتخطى مرحلة المطالبات الضيقة والمؤقتة، وشكّل مرحلة المطالبة بتشريعٍ للعمل، يمنح العمال حقوقًا لم تتطرق إليها التشريعات السابقة. لذلك، وفي 14 شباط 1945، طالب وفد عمالي رئيس الحكومة بإصدار قانون للعمل وقانون خاص للنقابات المهنية؛ وفي 11 آذار 1946، ألحّ وفد عمالي، في أثناء مقابلته رئيس الجمهورية، بوجوب إيجاد تشريع للعمل في لبنان. وفي 23 أيلول 1946، دخلت النقابات في مرحلة الاعتراف والشرعية مع صدور قانون العمل([53]).

في 30 نيسان 1958 ّ تأسس الاتحاد العمالي العام في لبنان وضم ّ الاتحادات المرخص لها في حينه:( جامعة النقابات، اتحاد النقابات المتحدة، وإتحاد الشمال). وأنتخب (غربال خوري)، من القطاع المصرفي ورئيس اتحاد النقابات المتحدة، أول رئيس للإتحاد, ومنذ ذلك التاريخ إحتدم الصراع، البادئ منذ الاستقلال، داخل الحركة النقابية اللبنانية بين الاتحاد العام والاتحادات الأخرى غير المرخص لها وهي إتحادات يسارية بمعظمها)[54]).

إثر انجازات حققتها الحركة النقابية لا سيما صدور المرسوم التطبيقي الخاص بفرع الضمان الصحي ( 16 آذار ۱۹۷۰ ) وبعد إجتماعات متواصلة عقدها المجلس الأعلى للنقابات (الذي كان يضم الاتحادات كافة ) ، تم الإتفاق على أن تنضم جميع الاتحادات النقابية الخمسة التي كانت خارج الإتحاد العام ، فتصبح جميع الاتحادات الموجودة في لبنان وعددها تسعة داخل الإتحاد العام ، على أن يعلن هذا الحدث في إحتفال مشترك يقام بمناسبة أول أيار عيد العمال العالمي بتاريخ 3 أيار 1970، ومنذ ذلك التاريخ اصبح الاتحاد العام الممثل الرئيسي للحركة النقابية اللبنانية وبدأت مرحلة جديدة من العمل النقابي على المستوى الوطني . استطاع الشكل التنظيمي الذي أعتمد في الاتحاد العام بعد توقد الاتحادات كافة في إطاره ، الذي لم يتغير حتى اليوم ، أن يؤمن وحدة الحركة النقابية ، إلا أنه عجز عن توفير الوظائف الأساسية الأخرى للتنظيم النقابي ولا سيما التمثيل الواسع والديمقراطية والفعالية ، حتى أن هذا الشكل التنظيمي بات غير قادر اليوم على حماية الوحدة النقابية ، بل أصبح من المبررات المطروحة للإنقسامات المتكررة لا سيما بعد سنة ۱۹۹۳([55]).

2-التنظيمات الشبابية: يلعب الشباب دوراً مهما في منظمات المجتمع المدني في لبنان . قامت معظم منظمات المجتمع المدني في لبنان على أساس ديني، وانحصرت أعمالها على مساعدة المحتاجين والفقراء. بعد الحرب الأهلية (1975-1990), بدأت منظمات المجتمع المدني بإدراك دورها الحقيقي المكمل لدور الحكومات، وانخرطت في العديد من القضايا في لبنان. تحسن تدريجياً التعاون فيما بين هذه المنظمات والجمعيات من جهة، كما والتعاون مع الجهات المعنية الأخرى من هيئات حكومية وغير حكومية. إضافة إلى ذلك، أدرجت منظمات وجمعيات المجتمع المدني اللبناني في برامج عملها مجموعة من المبادئ الجديدة التي أتت بها العولمة، ومنها على سبيل المثال الديموقراطية التشاركية، التنمية المستدامة، والحكم الرشيد والشفافية والمساءلة. انبثقت معظم منظمات المجتمع المدني من جمعيات معنية بشؤون الشباب خلال العام 2000 , ومنذ ذلك الوقت، يرتفع عدد المنظمات والجمعيات العاملة بشكل تدريجي.  وأن اهتمامات الشباب في السياسة هي من أكثر المواضيع جذباً لهم، إذ تحولت وسائل التواصل الاجتماعي إلى “منتدى عام” بديل، بعدما أصبح ابتكاره على أرض الواقع أمراً متعذراً من قبل السلطة السياسية القائمة, وفي هذا السياق، يؤكد التقرير السنوي الراهن للمعهد الفرنسي للعلاقات الدولية(2014 ) أن سياسة الرقابة وخنق التعبير لم تعد قابلة للتطبيق إزاء انتشار وسائل التواصل عبر الانترنت وتشكيلها رأي  عام يعبر من خلاله الشباب عن استيائهم من تردي الاوضاع الاقتصادية والسياسية. إن عمل المجتمع  المدني  واستدامته يتطلب انخراطاً أعمق من جانب المنظمات والجمعيات في قضايا الشباب، إضافة إلى متابعة ومواكبة التحديات العديدة التي تواجه الشباب في لبنان([56]).يرى الشباب في لبنان أن الانقسام الطائفي والمذهبي يشكل عائقا أساسياً دون مشاركتهم الفاعلة في مجالات الحياة المختلفة، كما تبرز منظمات شبابية حزبية تابعة لإحزاب لبنانية وتأخذ على عاتقها تحقيق السلم الاهلي وأبرزها الاتحاد الشبابي الديمقراطي – تيار المستقبل- الشباب ومنظمة الشباب التقدمي وشباب العزم وغيرها من المنظمات. يشكل الشباب 3 %من أعضاء البرلمان الحالي وينحدرون جميعهم من عائلات  سياسية ([57]).

 المطلب الثالث : الازمة اللبنانية أسبابها ودوافعها

هناك تحديات كثيرة نابعة من ظروف المجتمع اللبناني وتركيبته الطائفية المتعددة من جهة، ومن موقع لبنان في المنطقة ككل من جهة ثانية. إضافة إلى الدور البارز الذي تلعبه العوامل السياسية والاقتصادية في تأزم الوضع اللبناني.

الفرع الاول: الازمة الاقتصادية: تعاني لبنان من أزمات اقتصادية ومالية تجعلها عرضة لاهتزازات بنيوية داخلية خطيرة. وتترافق هذه الأزمات مع محيط مشتعل ما بين حروب مدمرة وصراعات عسكرية وعقوبات اقتصادية؛ فالانكماش الاقتصادي وارتفاع الدَّيْن العام والعجز المالي هو نتاج تراكمات لنظام سياسي يحمل في طياته بذور التناقضات والصراعات، واليوم تبدي الطبقة السياسية اللبنانية أنها تعي خطورة المرحلة وتداعياتها وتحاول تفادي الوصول إلى الانهيار، خاصة بعد التصنيفات من وكالات التصنيف الدولية: “فيتش” التي خفضت تصنيف لبنان إلى CC([58])، و”موديز” فكان تصنيفها بمستوى  C([59]) وخفضت “ستاندرد آند بورز” بمستوى  D وحذّرت من أنّه «من دون التزام قوي بتنفيذ إصلاحات هيكلية اقتصادية ومالية ونقدية، وفي غياب دعامة سياسية يوفّرها برنامج من صندوق النقد الدولي، نتوقّع أن تمتدّ مفاوضات إعادة هيكلة الديون إلى ما بعد 2020 ([60] )«والتصنيف المنخفض يعني انعدام الثقة بسندات الخزينة اللبنانية وبقدرة الدولة على سداد مستحقاتها المالية ما يُحدث مزيدًا من ارتفاع الفوائد وبالتالي ارتفاع كلفة الدين العام، وأيضًا مزيدًا من الضغط على الليرة اللبنانية.

لم يتجاوز نمو إجمالي الناتج المحلي في لبنان، بحسب البنك الدولي 0.2% في عام 2018، وارتفع معدل التضخم في العام نفسه ليبلغ في المتوسط 6.1%. وتشير تقديرات صندوق النقد الدولي إلى انخفاض النمو نحو 0.3% وفي العام 2018 تأثر بانخفاض مستوى الثقة، وارتفاع عدم اليقين، وتشديد السياسة النقدية، والانكماش الكبير في قطاع العقارات. وارتفع في نفس العام عجز الحساب الجاري إلى أكثر من 25% من إجمالي الناتج المحلي بسبب اقتران النمو المنخفض للصادرات مع ارتفاع واردات المحروقات، وتراجع صافي تحويلات العاملين في الخارج إلى لبنان ([61]).وبحسب البنك الدولي، فإن محركات الاقتصاد اللبناني المتمثلة بالقطاعات الثلاث -العقارات والبناء، والتمويل، والسياحة- ما زالت بطيئة بسبب الأزمة السورية منذ العام 2011. ولا تتعدى مساهمة القطاعات المنتجة من الناتج المحلي الإجمالي الـ14%، ويعتمد الاقتصاد اللبناني بشكل كبير على الاستهلاك؛ إذ بلغ متوسط الاستهلاك الخاص 88.4% من الناتج المحلي خلال الفترة 2004-2016. ولا تنتج القطاعات الرئيسية ( العقارات-التجارة-الادارة العامة…الخ) البضائع الاستهلاكية المطلوبة أذ يتم استيراد الجزء الأكبر منها في حين تتركز الاستثمارات الاجمالية بنسبة 23% من الناتج المحلي الاجمالي في قطاع العقارات غير المنتج والريعي, وهذا الأخير يشهد تراجعًا ما ينذر بتفاقم أزمة البطالة على اعتبار أن هذا القطاع يؤمِّن واحدة من أصل كل عشر وظائف بالبلاد كما سجَّل ميزان المدفوعات عجوزات متتالية بين حزيران 2018 وأيار 2019، بلغ مجموعها التراكمي أكثر من 10.4 مليارات دولار، ولم تعد الدولارات التي يحصل عليها لبنان كافية لتسديد ما يتوجب عليه للخارج، وبلغت العجوزات التراكمية حتى الآن 18351 مليون دولار، وهذا يعني استنزافًا متواصلًا لصافي الأصول الأجنبية في لبنان، التي يعد حجمها واستقرارها والقدرة على التحكم بها من الشروط الأساسية لتثبيت سعر صرف الليرة الاسمي إزاء الدولار، فأحدث هذا العجز مزيدًا من الطلب على الدولار وتهديدًا لاستقرار سعر الليرة. وفضلًا عمَّا سبق فقد تدهورت في الآونة الأخيرة بيئة الأعمال بشكل عام مع تراجع لبنان 46 رتبة خلال 10 سنوات من حيث البنية التحتية؛ إذ هي دون المستوى وتبلغ المرتبة 113 بين 137 دولة([62]).

يشهد لبنان أسوأ انهيار اقتصادي منذ عقود، ودفعت هذه الأزمة اللبنانيين للخروج إلى الشارع منذ 17 تشرين الاول احتجاجاً على أداء الطبقة السياسية التي يتهمونها بالفساد والفشل في إدارة الأزمات المتلاحقة.

الفرع الثاني: العامل الخارجي: أن العوامل الداخلية ما هي إلا أسباب ثانوية في تفجر الأزمة اللبنانية، وأنه في كل المراحل التاريخية ظل العامل الخارجي يؤثر على الوضع والاستقرار في لبنان. وبالتالي، فإن أغلب المشاكل والأزمات التي يتخبط فيها لبنان، بما فيها الطائفية، ناجمة عن التدخلات الخارجية في الشؤون اللبنانية, وبالتالي فقد أصبحت الدول الخارجية تدير مصالحها في لبنان من خلال ما تجمع من معلومات وخبرة في تحريك الهواجس الطائفية والمذهبية عند أبنائه([63]).

وقد أرست حقبة ما بعد الحرب الباردة واقعاً جديداً تمثّل بتعوّد النخب المحلية على طرق أبواب السفارات (politics of extraversion)، لاقتناعها بأن الوصول إلى السلطة يتطلب توفير الدعم الخارجي, وإن قراءة تاريخ لبنان المعاصر لا يمكن أن تكون مكتملة أو تتحقق تحققاً وافياً، ما لم يؤخذ بالاعتبار الدور المباشر للولايات المتحدة في صنع هذا التاريخ أذ ينسب المتابعون إلى إدارة الرئيس (جورج بوش) إطلاق اسم «ثورة الأرز» على التعبئة للشارع التي بدأت مع صدور القرار 1559 (إنه عنوان المشروع الفرنسي ــــ الأميركي الذي صمم بمبادرة الفرنسيين لمعاقبة سوريا على دورها في العراق، من خلال الضغط عليها في لبنان، وصولاً إلى إحداث تغيير للنظام في سوريا. أي أن النخبة اللبنانية أو جزءاً منها، وافق على أن يكون طرفاً في معركة شنتها دول غربية ضد بلد عربي لمعاقبته على موقفه في الصراع الإقليمي القائم (، وخصوصاً بعد اغتيال الرئيس الحريري في عام 2005([64]).

منذ اغتيال الحريري، سيطر على السياسة اللبنانية كلٌّ من “تحالف 8 آذار” المدعوم من إيران، وعلى رأسه حزب الله، وتحالف” 14 آذار” المدعوم من المملكة العربية السعودية، وعلى رأسه تيار المستقبل الذي يرأسه سعد الحريري. ويرى كلٌّ من التحالفين في الصراع السوري فرصةً لتوطيد قوّتهما والسيطرة على الساحة السياسية اللبنانية. يعتقد حزب الله أن فوز الرئيس السوري (بشار الأسد) لن يضمن مصالح الحزب العسكرية الاستراتيجية وحسب، بل سيمثّل أيضاً تأكيداً لهيمنة الحزب السياسية، وبالتالي هيمنة إيران السياسية، على لبنان. في المقابل، يعتقد تحالف 14 آذار أن نهاية نظام الأسد ستشكّل فرصةً لمواجهة نفوذ حزب الله المتنامي في لبنان. هاتان النظرتان المتباينتان للغاية إلى الصراع السوري فاقمتا التوترات السياسية في بيروت. فقد مارس تحالف 14 آذار ضغطاً دفع الحكومة اللبنانية إلى إصدار (إعلان بعبدا) في العام 2012، الذي نصّ على أن موقف لبنان الرسمي من الصراع السوري يتمثّل “بالنأي عن النفس”. بيد أن حزب الله أرسل، على الرغم من ذلك، قوات للقتال إلى جانب قوات الأسد بحجّة أنه يحمي حدود لبنان. وهكذا، أدّت الخلافات حول تدخّل حزب الله في سورية إلى استقالة الحكومة في العام 2013، وبالتالي إلى حصول فراغ سياسي دامَ عشرة أشهر. جاء تشكيل حكومة جديدة مؤقّتة، في آذار/مارس 2014، جزئياً نتيجة الضغط الذي مارسه الرعاة الأجانب على اللاعبين اللبنانيين، وهو ضغط حفّزته التطورات على الأرض في سورية. ومع تطوّر الصراع السوري، تضاعفت قوة المجموعات المتطرّفة ونفوذها. أبدى حزب الله خشيةً إزاء هذا التطوّر، لأن المجموعات المتطرّفة المناهضة لنظام الأسد كانت شنّت سلسلةً من الهجمات على معاقل الحزب في لبنان، تكثّفت في أواخر العام 2013 وبداية العام 2014، الأمر الذي كشف نقاط الضعف في جهاز حزب الله الأمني. في غضون ذلك، أبدت السعودية أيضاً قلقاً حيال آلاف المواطنين السعوديين الذين كانوا انضمّوا إلى المجموعات الجهادية المقاتلة في سورية، والذين قد يزعزعون استقرار المملكة إذا ماعادوا إليها. كما خشيت الرياض أن يؤدّي تنامي نفوذ المتطرفين السنّة غير الموالين لسعد الحريري، إلى تهديد زعامة الحريري للطائفة السنّية في لبنان. وهكذا، أصبح المتطرّفون السنّة مشكلةً أمنيةً مشتركةً لكلٍّ من حزب الله والمملكة العربية السعودية معاً. إضافةً إلى ذلك، تصاعدت التوترات المذهبية بين السنّة المعادين للأسد وبين العلويين الموالين له في شمال لبنان في العام 2013 وأوائل العام 2014، وشكّل بعض السنّة مجموعات جهادية مرتبطة بتلك المتواجدة في سورية. ولم يرغب أيٌّ من الأحزاب السياسية في لبنان في أن يتحوّل هذا التوتر إلى حرب أهلية، لأنّ ذلك قد يقوّض مصالحه السياسية الخاصة. قبيل الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي كان من المقرّر إجراؤها في ربيع العام 2014، وللمرة الأولى منذ بداية الصراع السوري، كان لمختلف اللاعبين السياسيين في لبنان (ورعاتهم الأجانب) قضيّتان مشتركتان: تأمين الحدود اللبنانية ضدّ تدفق الجهاديين، واحتواء العنف الطائفي في لبنان. أدت هذه المصالح المشتركة إلى تسوية بدأت مع تشكيل الحكومة ووضع خطة أمنية لشمال لبنان نفّذها الجيش اللبناني في نيسان 2014. أدّت التسوية السياسية إلى انخفاض كبير في الهجمات الإرهابية والعنف الطائفي في لبنان. لكن لم تعالج الدولة اللبنانية بشكلٍ مناسب المشاكل الأخرى الناجمة عن الصراع السوري. فعلى الرغم من ارتفاع عدد اللاجئين السوريين في لبنان – الذين يُقدّر عددهم بحوالى ربع مجموع السكّان – لاتملك الحكومة اللبنانية سياسة واضحة حول كيفية التعاطي مع هؤلاء اللاجئين المنتشرين في أرجاء لبنان كافة، والذين يعيش معظمهم في ظروف مزرية ([65]).

وحين وقع الانفجار في بيروت, المرفق الحيوي الذي تعتمد عليه البلاد لاستيراد الجزء الأكبر من احتياجاتها الأساسية، وأودت بحياة 154 شخصاً، وتسبّبت بإصابة أكثر من خمسة آلاف آخرين، فيما شرد أكثر من 300 ألف. كان الرئيس الفرنسي حريصًا على الدفاع عن آخر جيوب النفوذ الفرنسي في المنطقة، لذا، أتت زيارة (ماكرون) لبيروت بضوء أخضر أميركي من حيث الشكل. وقد وبّخ ماكرون القادة اللبنانيين، ودعا إلى “نظام سياسي جديد”، كما حذر من أن باريس ستتخذ المزيد من الإجراءات في أيلول، أي بعد شهر من تاريخ وقوع الانفجار، إذا لم تُبادر السلطات اللبنانية إلى إجراء الإصلاحات؛ لأن المجتمع الدولي لن يعطي “شيكات على بياض لنظام لم يعُد يحظى بثقة شعبه”. لكن إدارة (ترامب) غيرت هذه الاندفاعة الفرنسية عبر زيارة (هيل) الذي ضبط الإيقاع الدولي في موقف يتقاطع مع طهران. ويبقى لبنان بعيدًا عن استعادة حقبة الاستعمار الفرنسي أو النفوذ العثماني، فالولايات المتحدة وإيران هما اللاعبان الرئيسان في المشهد السياسي اللبناني حتى إشعار آخر([66]).

الخاتمة:

لبنان لست صورة للفنانين والفنانات والاغاني والرقص وغيرها من صورة الترفيه الظاهرية بل بلد يعاني الكثير من الازمات وأنّ العوامل الصانعة للأزمات اللبنانية هي في داخل النظام السياسي الذي ينمي الانتماءات الفرعية والهويات الثانوية المانعة من وحدة المجتمع في إطار دولة حديثة تعزز وتضمن المصالح المشتركة، الأمنية والاقتصادية، لجميع المواطنين. ومن الخارج مطامع الدول الخارجية، ترى في ضعف لبنان محفزاً لزرع الفتن وتحقيق المآرب. ومن أهم العناصر المؤثرة واللافتة في التعامل مع هذين العاملين هزالة أو غياب النخب المثقفة في وعيها وتنظيمها ومعالجتها للأخطار الناجمة عن هذه العوامل، الداخلية والخارجية، والدور الذي يلعبه استشراء الفساد والذين يحسنون توظيفه في شل الإرادات وتدمير القدرات اللازمة لدرء هذه الأخطار والتغلب عليها.

(1) فواز طرابلسي، تاريخ لبنان الحديث من الإمارة الى اتفاق الطائف، دار رياض الريس للنشر، بيروت، ٢٠١١ ، ص٩.

(2) سليم نصر كلود دوبار، الطبقات الاجتماعية في لبنان مقاربة سوسيولوجية تطبيقية، تعريب جورج أبي صالح، مؤسسة الأبحاث العربية، بيروت، ١٩٨٢ ،ص٣٠ -٣١.

(3)  عارف العبد، لبنان والطائف تقاطع تاريخي ومسار غير مكتمل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت ، ٢٠٠١ ،ص٥٦-٥٧.

(4) لحد خاطر، عهد المتصرفين في لبنان (١٨٦١ –١٩١٨)، قسم الدراسات التاريخية، بيروت، ١٩٦٧، ص٢٣.

(5) علي معطي، تاريخ لبنان السياسي والاجتماعي، دراسة في العلاقات العربية التركية ١٩٠٨ –١٩١٨، مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر، بيروت ، ١٩٩٢، ص١١ -١٣.

(6)  هاشم ياغي، ملامح المجتمع اللبناني الحديث، دار بيروت للطباعة والنشر، لبنان، ١٩٦٤، ص٣٩.

(7) جورج حنا، العقدة اللبنانية، دار العلم للملايين، بيروت،  ١٩٥٧, ص12-13.

(8) سليم حداد، قوات الأمم المتحدة المؤقتة العاملة في لبنان: ظروف أنشاءها_ تنظيمها_ والمهام الموكلة اليها، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت- لبنان، ١٩٨١ ، ص١٥-١٦.

(9)  شادي خليل أبو عيسى، رؤساء الجمهورية اللبنانية خفايا – وقائع – وثائق –صور، شركة المطبوعات النشر والتوزيع ، بيروت ،٢٠٠٨ ، ص31.

(10) أسراء شريف جيجان آل كعود، النظام السياسي في لبنان(١٩٨٢-١٩٩٥ ) ، رسالة ماجستير -كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، ١٩٩٦،ص ١٢٦ -١٢٧.

(11) -عصام نعمة إسماعيل، النظم الانتخابية: دراسة حول العلاقة بين النظام السياسي والنظام الانتخابي، منشورات زين الحقوقية، بيروت- لبنان، ط٢ ،٢٠٠٩ ، ص498.

)12)  إسراء شريف جيجان أل كعود، المصدر السابق، ص ١٢٨.

) 13) مرغريت الحلو، الديمقراطية التوافقية في المجتمعات غير المتجانسة : تقويم التجربة اللبنانية، في إشكالية الديمقراطية التوافقية في المجتمعات المتعددة : لبنان والعراق، المركز اللبناني للدراسات، بيروت ، ٢٠٠٧, ص36.

(14) مسعود ضاهر، الطائفية في الحرب اللبنانية : أزمة نظام ام أزمة مجتمع؟، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت –لبنان، العدد (١٢٤) ،حزيران /١٩٩٩ ص ٦-١1.

(15) عاطف عطية، الدولة المؤجلة: دراسة في معوقات نشوء الدولة والمجتمع المدني في لبنان، دار امواج، بيروت-لبنان،٢٠٠٠، ص١٥

(16)  قاسم مصطفى إسطنبولي, معنى كلمة لبنان, نشر 14 أب2020 على الرابط: https://sadasour.net/archives/145433

(17)  مارون حداد، طوائف لبنان الـ ١٨ : أقليات كبرى وأقليات صغرى، صحيفة الشرق الأوسط، لندن، العدد(١٠٢) ،٢٥ حزيران 2008 , ص3.

(18) حسن اسميك, كم عدد سكان لبنان2020, نشر في 6أب2020, على الرابط: https://www.almuheet.net/117604/

(19) الجغرافيا في لبنان, نشر في موقع فنك بتاريخ 26أب2020, على الرابط: https://fanack.com/ar/lebanon/geography/

(20) ثروات لبنان, قناة الكوثر, نشر بتاريخ13ايار2018, على الرابط: https://www.alkawthartv.com/news/138421

(21) يوسف بن يزة ، “الدولة والطائفة في عصر العولمة (دراسة في بنية الدولة الحديثة – لبنان نموذجا)” , اطروحة دكتوراه في العلوم السياسية لقسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة حاج لخضر باتنة، 2012-2013, ص164.

(22) محمد المجذوب، القانون الدستوري والنظام السياسي في لبنان واهم الأنظمة الدستورية في العالم، الدار الجامعية للطباعة والنشر، بيروت- لبنان، ٢٠٠٠ ، ص ٢65 .

(23)  منتصر العيداني، قيادات الانتقال والتنمية السياسية: العراق – لبنان أنموذجا، شركة المعارف، بيروت،٢٠١٢، ص ٤٢٣.

(24) ساندي طانيوس, الرقابة  البرلمانية, الجمهورية اللبنانية- مجلس النواب- المديرية العامة للدراسات والمعلومات, لبنان, 2017, ص8.

(25) المادة (22) من الدستور اللبناني الصادر في 23 أیار سنة 1926 مع جمیع تعدیلاته.

(26) خالد مزابية ،”الطائفة السياسية و أثرها على الاستقرار السياسي  (دراسة حالة لبنان)”، رسالة ماجستير في العلوم السياسية- لقسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة قصدي مرباح ورقلة، 2012-2013 ، ص42.

(27) ألبير منصور، الانقلاب على الطائف، بيروت، دار الجديد، 1993، ص76.

(28) شادي ابو عيسى، رؤساء الجمهورية البنانية، بيروت، شركة المطبوعات، 2008 ،ص167.

(29) المادة 49 من الدستور .

)30) المادة (٦٥ ) من الدستور المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990.

(31) مجلس النواب اللبناني لجنة حقوق الانسان، “الخطة الوطنية لحقوق الانسان”، سلسلة الدراسات الخلفية، لبنان، العدد 01 ، 2008 ، ص 29.

(32) عزيزة بايزيد، حفيظة مكي، “الحركات الطائفية في العالم العربي (دراسة حالة لبنان) “، رسالة ماجستير في العلوم السياسية- لقسم العلوم السياسية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة 8 ماي 1945 قالمة، 2014-2015 ، ص 34.

(33) تيار المستقبل, موقع الجزيرة, نشر بتاريخ 13/3/2014, على الرابط: https://www.aljazeera.net

(34) عبد الغني عماد, إسلاميو لبنان الوحدة والاختلاف على أرض المستحيل, المسبار للنشر والتوزيع, دبي, 2012, ص4-9.

(35) عبد الغني عماد, إسلاميو لبنان الوحدة والاختلاف على أرض المستحيل, مصدر سبق ذكره, ص 9-48.

) 36) شفيق شقير, خريطة الفاعلين السُّنَّة في لبنان: التركيبة والتوجهات, مركز الجزيرة للدراسات,16أذار2015, ص4.

(37) كالي روبنسون, ترجمة: أحمد عيشة, ما هو حزب الله؟!, مركز حرمون للدراسات المعاصرة, نشر بتاريخ 25أب2020, على الرابط: https://www.harmoon.org/reports/

(38) عبد الغني عماد, حزب الله في لبنان المؤسسات والحضور الاجتماعي, مركز المسبار للدراسات والبحوث, ايار 2015, ص82.

) 39) حركة أمل, موقع الجزيرة, نشر بتاريخ 31/7/2006, على الرابط: https://www.aljazeera.net/news/arabic/2006/7/31

(40)  حركة أمل, موقع الجزيرة, مصدر سبق ذكره.

(41) الحزب التقدمي الاشتراكي, المعرفة, نشر بتاريخ 6حزيران2009, على الرابط: https://www.marefa.org/index.php?title

(42) الحزب الديمقراطي اللبناني, المعرفة, نشر بتاريخ 6حزيران 2009, على الرابط: https://www.marefa.org/index.php?title

(43) الحزب العرابي الديمقراطي, الموسوعة الحرة( ويكيبديا) , نشر بتاريخ 5أب 2020, على الرابط: https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title

(44) القوات اللبنانية, الموسوعة الحرة( ويكيبديا), نشر بتاريخ 29أب2020, على الرابط: https://ar.wikipedia.org/wiki

(45) حزب الكتائب اللبنانية, المعرفة, نشر بتاريخ 7أيار2015, على الرابط: https://www.marefa.org/index.php?title

(46) تيار المردة, ويكي ويند, نشر 15كانون الاول2019, على الرابط:  https://www.wikiwand.com/ar

(47) التيار الوطني الحر, الموسوعة الحرة (ويكيبديا) , نشر بتاريخ 14أب2020, على الرابط: https://ar.wikipedia.org/w/index.php?title

(48)  عفيف زيناتي، النقابات العمالية تنظيمها ونشاطها في العالم وفي لبنان، الجزء الأول، منشورات فريديريش أيبرت، بيروت، 1973، ص 40.

(49)  يوسف الجباعي، مساهمات في الثقافة العمالية والنقابية، منشورات فريديريش أيبرت، بيروت، 1995، ص 41.

(50)  عفيف زيناتي، المصدر السابق, ص 40 -47.

(51) المصدر نفسه, ص 41 -42.

(52)  روزالين مبارك, لحرية النقابية في لبنان في ضوء معايير منظمة العمل الدولية, مجلة الدفاع الوطني, عدد112, 2020, ص37.

(53) المصدر نفسه, ص38.

(54)  سماعيل بدران ومحمد زبيب، الاتحاد العمالي العام في لبنان (من يمثل من؟)، المركز اللبناني للتدريب النقابي بالتعاون مع مؤسسة فريديريش أيبرت، بيروت، 2001، ص 28.

(55) غسان صليبي,  ” إحتياجات تنظيمية لتعزيز مشاركة النساء في النقابات في لبنان”, التجمع النسائي الديمقراطي اللبناني, بيروت, 2014, ص70.

(55)  علي خليفة وزينة المير, دليل المنظمات والجمعيات الشبابية في لبنان 2015 ، من تنفيذ المركز الدولي لعلوم الانسان (CISH ) , مكتب اليونسكو الاقليمي للتربية في الدول العربية , بيروت، 2015, ص7.

(56) كارمن جحا,  دور مجلس النواب في تفعيل مشاركة الشباب اللبناني في الاحزاب السياسية وفي الانتخابات من المشاركة إلى الشراكة في صنع القرار السياسي,  مشروع التعاون بين مجلس النواب وبرنامج الامم المتحدة الانمائي, لبنان, أب2013,ص17.

(57) “فيتش” تخفض تصنيف لبنان للمرة الثانية في 2019 , شبكة موقع الاناضول, نشر بتاريخ 12-12-2019, على الرابط:  https://www.aa.com.tr/ar

(58)  “موديز” وتقريرها القاتم: لا تغيير بالتصنيف الأسوأ للبنان, جريدة المدن الالكترونية, نشر بتاريخ 16-9-2020, على الرابط: https://www.almodon.com/economy

)59) «ستاندرد آند بورز» تخفض تصنيف سندات لبنان إلى فئة «التعثر», جريدة الشرق الاوسط, 23 أب 2020 م, رقم العدد ( 15244) على الرابط: https://aawsat.com/home/article

(60) أيمن عمر,  الأزمة الاقتصادية اللبنانية: الواقع والتداعيات, مركز الجزيرة للدراسات, 30أيلول2019, ص3.

(61) أيمن عمر,  الأزمة الاقتصادية اللبنانية: الواقع والتداعيات, مصدر سبق ذكره, ص3.

(63) داوود خير الله, العوامل الداخلية والخارجية في الأزمات اللبنانية, جريدة الاخبار الالكترونية , نشر بتاريخ 20أيار2013, على الرابط: https://al-akhbar.com/Opinion/51111

(64)  ألبر داغر, التجربة اللبنانية: التدخل الخارجي والفتنة الداخليّة, الاخبار, نشر بتاريخ 8أيلول2009, على الرابط: https://al-akhbar.com/Archive_Articles/126927

(65)  لينا الخطيب, التداعيات الإقليمية: لبنان والصراع السوري, مركز مالكوم كير-كارنيغي, نشر بتاريخ 9حزيران2014, على الرابط: https://carnegie-mec.org/2014/06/09/ar-pub-55872

(66) جو معكرون, لبنان بعد انفجار بيروت: بين فشل الدولة والوصاية الدولية, لبنان , المركز العريبي  للأبحاث ودراسة السياسات,25أب2020, ص4

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button