شكلت منطقة الشرق الاوسط أحد المجالات الجيوسياسية الأكثر تأثر بالحرب الأمريكية على الإرهاب باعتبار مثلت مسرحا رئيسيا لمختلف أساليب و تكتيكات التدخل الدولي سواء كانت قمعية مباشرة من خلال تحريك الجيوش النظامية وفقا للمنطق الكلاوزفيتزي “الحرب هي استمرار للسياسة و لكن بوسائل أخرى” أو عبر تفعيل ميكانيزمات التدخل و الاختراق غير المباشر بواسطة الضغوطات الدبلوماسية و العقوبات الاقتصادية و الدولية… الأمر الذي ادى لإلى افراز مضاعفات خطيرة ليس فقط على سيادة دول المنطقة و أمنها القومي، و إنما أيضا انتهاك حق شعوب المنطقة في تقرير مصيرها و اختيار أنظمتها السياسية و الاقتصادية و الثقافية و القانونية بشكل حر و سيد، فضلا عن الاجهاز على ما تبقى من النظام الإقليمي العربي. و عليه إن ما تسميه الولايات المتحدة حربا على الارهاب تحولت من خلال واقع الممارسات الدولية الانفرادية إلى حرب شاملة على السيادة الوطنية و الشرعية الدولية. و لذلك يحاول الموضوع محل البحث و الدراسة تفكيك إشكالية العلاقة الجدلية و الغير المتناسقة بين الاستراتيجية الأمريكية تجاه ظاهرة الإرهاب الدولي و التي تقوم على منطق الاستخدام الانفرادي للقوة و أزمة السيادة الوطنية في منطقة الشرق الاوسط، و ذلك في إطار المناورة الاستراتيجية الكبرى التي أطلق عليها في الدوائر الأمريكية بالحرب الكونية على الارهاب.