دراسات سياسيةدراسات قانونية

إشکاليات حقوق الإنسان في المراحل الإنتقالية

مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة،المقالة 3، المجلد 20، العدد 3 – الرقم المسلسل للعدد 80، الصيف 2019، الصفحة 72-90 

المؤلف علياء سرايا* کلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة ،مصر.

برزت حقوق الإنسان کمفهوم فى العصور الحدیثة وتطرق لها منظرو العقد الإجتماعى کإشکالیة. إنطلاقا من ذلك، تهتم الدراسة بالمراحل الإنتقالیة بإعتبارها لیس فقط مثالا لسیاق تطرح فیه إنما أیضا وبدرجة معینة أحد أشکال الظروف الإستثنائیة. کما یتمثل تساؤلها الرئیسى فى الکیفیة التى تطرح بها إشکالیات حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة. فى هذا الصدد تناقش الدراسة بالتوالى إحترام حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة، السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة ومضمون العقد الإجتماعى الجدید.

مقدمـــة

     یمکن النظر إلى حقوق الإنسان، التى نشأت کفکرة وأصبحت قضیة، بإعتبارها مثل أعلى یشغل الإنسانیة منذ زمن بعید وفى لحظات تاریخیة مختلفة. کما إهتمت بها مجالات معرفیة مختلفة[i] مثل الفلسفة، الإنثروبولوجیا، النظریة السیاسیة والقانون. إن قیمتى الحریة والمساواة یمکن إعتبارهما أساسیین فلسفیین لحقوق الإنسان التى إهتم بها أیضا الفکر السیاسى والتى برزت کمفهوم فى العصور الحدیثة. فى هذا الصدد، یتضح  إسهام نظریات العقد الإجتماعىحیث أکدت، بصفة عامةوبالرغم من الإختلاف بینها، على الحقوق الطبیعیة التى تعد أحد المصادر الفکریة لحقوق الإنسان کما إنشغلت بالحقوق لیس فقط فى حالة الطبیعة الأولى إنما أیضا بعد نشأة الدولة وبعلاقتها بالسلطة السیاسیة[ii].  

إن منظرى العقد الإجتماعى طرحوا بهذا الشکل إشکالیة حقوق الإنسان والتى یمکن أیضا التطرق لها فى سیاقات مختلفة. إنطلاقا من ذلک، تهتم الدراسة بسیاق معین وهو المراحل الإنتقالیة وذلک لأنها مراحل بینیة تعکس عملیة الإنتقال من فترة تاریخیة إلى أخرى مختلفة عنها بدرجة أو اخرى ویتم السعى فیها من أجل مواجهة مشکلات الفترة السابقة ومن أجل توفیر حیاة أفضل للمواطنین.کما تأخذ الدراسة فى إعتبارها إختلاف المراحل الإنتقالیة التى مرت بها دول متنوعة فى فترات تاریخیة مختلفة  وذلک دون الترکیز على مثال معین لها.

یتمثل التساؤل الرئیسى للدراسة فى الکیفیة التى تطرح بها إشکالیات حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة. کما تتمثل تساؤلاتها الفرعیة فى دور الدولة فى الوفاء بحقوق الإنسان وعلاقة حقوق الإنسان بالعدالة وأنواع الحقوق التى تحظى بإهتمام فى المراحل الإنتقالیة.

یمکن التمییز بین رؤیتین لحقوق الإنسان عند التطرق للإطار النظرى للدراسة وهما الرؤیة اللیبرالیة والرؤیة الإستبدادیة. تؤکد الرؤیة اللیبرالیة[iii] على أن الدولة علیها ضمان حقوق الإنسان عن طریق تنظیمها بشکل ملائم وأن هذه الحقوق تحد مجال عمل الدولة. من هنا تعتبر هذ الرؤیة أن حقوق الإنسان یتمتع بها الأفراد من الناحیة القانونیة فى مواجهة السلطة السیاسیة. أما الرؤیة الإستبدادیة[iv]، فتؤکد على السیادة المطلقة من أجل الدفاع عن حقوق الإنسان التى تعتبرها  بمثابة رخص تسمح بها الدولة والتى یمکن بالتالى أن  تلغیها فى أى وقت. 

هناک مفهومان أساسیان للدراسة وهما حقوق الإنسان والمراحل الإنتقالیة. بالرغم من تعدد التعریفات الخاصة بحقوق الإنسان إلا أنه یمکن التمییز بین معنیین أساسیین لها[v]. فحقوق الإنسان، وفقا للمعنى الأول، هى الحقوق التى یتمتع بها الإنسان لمجرد أنه إنسان وهى حقوق ثابتة  وطبیعیة. هذا یعنى أنها “حقوق معنویة” نابعة من إنسانیة الإنسان وتهدف إلى ضمان کرامته. لکن تشیر حقوق الإنسان، وفقا للمعنى الثانى، إلى “الحقوق القانونیة” أى الحقوق التى کرستها القوانین فى المجتمعات الوطنیة والمواثیق الدولیة. یمکن القول أنه اذا کان المعنى الأول لا یربط حقوق الإنسان بالضرورة بوجود الدولة، فإن المعنى الثانى یفترض وجودها حتى یمکن الحدیث عن حقوق الإنسان. کما تجدر الإشارة إلى أن تعریف الفکر السیاسى بصفة عامة لحقوق الإنسان  ینتمى إلى المعنى الأول لها حیث شدد على أنها “الحقوق التى یملکها الکائن البشرى لمجرد أنه کائن بشرى”[vi]. هذا المعنى أکدت علیه أیضا الفلسفة السیاسیة فى تعریفها لحقوق الإنسان مع تشدیدها على أن الإستقلال الذاتى یمیز الطبیعة الإنسانیة أى “حریة الإنسان فى تحدید قانونه الخاص به”[vii].

تتبنى الدراسة المعنى الأول لحقوق الإنسان الذى أکدعلیه کل من الفکر السیاسى والفلسفة السیاسیة والذى یمیز حقوق الإنسان عن الحریات العامة. فحقوق الإنسان بهذا المعنى “تظل موجودة” حتى إذا لم یتم الإعتراف بها أو تم إنتهاکها[viii]. أما الحریات العامة فهى مرتبطة إرتباطا وثیقا بالنظام السیاسى والإجتماعى والإقتصادى السائد فى کل دولة وتعرف على أنها “القدرة المکرسة بموجب القوانین الوضعیة للسیطرة على الذات والتحکم فیها” أى أنها لا توجد إلا فى إطار نظام قانونى معین[ix]. 

     أما المراحل الإنتقالیة التى یمکن أن تمربها دولة، فتعرف بصفة عامة[x] على أنها مراحل تبرز کنتیجة لسیادة نظام معین لفترة معینة وتتسم بعدم التأکد وعدم الیقین فیما یتعلق بکیفیة مواجهة تحدیات النظام الجدید. فالدولة، وفقا لهذا التعریف، تواجهه فیها بصفة عامة مشکلة التعامل مع الماضى والحفاظ على السلام الدائم من أجل تحقیق الدیمقراطیة والنمو الإقتصادى بالإضافة إلى التحدى الخاص بالبدائل المطروحة أمامها. تتبنى الدراسة هذا التعریف للمراحل الإنتقالیة الذى یوضح طبیعتها الخاصة ومن هنا یمکن إعتبارها “ظرفا إستثنائیا” بدرجة معینة نتیجة تمیزها بهذا الشکل عن الظروف العادیة وإتسامها بالطابع المؤقت أى أنها تمهد للدخول فى مرحلة جدیدة تختلف بدرجة أو بأخرى عن المرحلة القدیمة.

     بصفة عامة، یمکن التمییز بین رأیین فیما یتعلق بتعریف الظروف الإستثنائیة فى الإتفاقیات الدولیة. یرى أنصار الرأى الأول[xi] أن الظروف الإستثنائیة تشیر من ناحیة إلى الأزمات السیاسیة الخطیرة، مثل الحرب والنزاع المسلح –الدولى أو غیر الدولى- وحالة عدم الإستقرار الداخلى، ومن ناحیة أخرى إلى الکوارث الطبیعیة مثل الزلازل والبراکین والفیضانات. أما أنصار الرأى الثانى[xii] فیؤکدون على أن الظروف الإستثنائیة یمکن أن تأخذ فى الواقع الدولى المعاصر ثلاثة أشکال وهى الحرب الفعلیة أو الإستعداد لمواجهة وقوعها، وجود الإرهاب أو التخریب الداخلى أو الخوف من حدوثه، والأزمات الإقتصادیة الحادة أو الخوف من حدوث الإنهیار الإقتصادى. من هنا یمکن إعتبار المراحل الإنتقالیة أحد أشکال الظروف الإستثنائیة بالمعنى الأولى وبدرجة معینة حیث أنها تتسم بصفة عامة بعدم الإستقرار الداخلى.  

     تنقسم الدراسة فى تحلیلها لإشکالیات حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة، بإعتبارها لیس فقط مثالا لسیاق تطرح فیه إنما أیضا و بدرجة معینة أحد اشکال الظروف الإستثنائیة، إلى ثلاث اقسام رئیسیة. تناقش هذه الأخیرة بالتوالى إحترام حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة، السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة ومضمون العقد الإجتماعى الجدید.

أولا : إحترام حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة 

یمکن القول أن الإشکالیة الأولى لحقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة تتمثل فى إحترام حقوق الإنسان فیها. إذا کانت هذه الإشکالیة تثار أیضا فى الظروف العادیة، فإنه یمکن التطرق لها بالإشارة إلى ثنائیة الحریة- الأمن التى تکتسب أهمیة خاصة فى الظروف الإستثنائیة. یلاحظ أنه یتم اللجوء بصفة عامة إلى آلیات معینة فى الظروف الإستثنائیة تهدف إلى زیادة السلطة وترکیزها وتتمثل فى التضییق على الحریات العامة وبعض الضمانات الدستوریة أو تعلیقهما، بالإضافة إلى إنتهاک بدرجة أو بأخرى مبدأ فصل السلطات لصالح السلطة التنفیذیة[xiii]. إن ثنائیة الحریة- الأمن[xiv] تشیر إلى محاولة التوفیق بین الحریة والأمن.  ففى الواقع، یمکن النظر إلیهما بإعتبارهما “ضرورتان متناقضتان ومترابطتان”، أى أنه کان الأمن یعد شرطا لممارسة الحریة لأنه یؤدى إلى التحرر من المجازفة والتخلص من التهدیدات، فإن ضمانه قد یتم على حساب الحریة[xv].

تجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن هوبز Hobbes [xvi] تصور أن الناس فى حالة الطبیعة الأولى، التى تتسم بحرب الجمیع ضد الجمیع، تمتعوا بالحریة و الحقوق الطبیعیة المطلقة . لکنهم، وفقا له، خضعوا نتیجة لإتفاق إرادى لسلطة قویة حتى یسود النظام ویتحقق الأمن. هذا لا یعنى، وفقا له، تخلیهم نهائیا عن حقوقهم الطبیعیة نتیجة إبرام هذا العقد الإرادى الذى یخرجهم من حالة الطبیعة الأولى. ففى الواقع، یرى هوبز Hobbes [xvii] أن الإنسان یحتفظ بحق طبیعى أساسى وهو الحق فى الحفاظ على الذات أو الحق فى الآمان بالمعنى الواسع. فهذا الحق یشیر، وفقا له، لیس فقط إلى البقاء لکن أیضا إلى کل شهوات الحیاة التى یمکن الحصول علیها بشکل مشروع وبدون أن یؤدى ذلک إلى تعرض الجمهوریة للخطر أو للشر. کما یشدد هوبز Hobbes على أن الناس فى ظل نشأة الدولة یتمتعون بحریة وملکیة محدودتین لکن محمیتین من قبل الدولة[xviii].

تختلف هذه الرؤیة عن رؤیة لوک Locke  الذى یؤکد على أهمیة الأمن فى التمتع بالحریة والحقوق[xix]. ففى الواقع،  تصور لوک  Locke  أن الناس فى حالة الطبیعة الأولى یتمتعون بحقوق طبیعیة[xx] لکن لا یستطیعون ممارستها بشکل کامل نتیجة غیاب التنظیم  وغیاب الأمن الذى ینتج عن عدم توفر شروطه الثلاثة. هذه الأخیرة تتمثل فى : وجود قوانین واضحة ومقبولة، ووجود قاض محاید یحکم فى الخلافات ویعاقب على أى خرق، ووجود سلطة مسئولة على العمل على إحترام القرارت[xxi]. إن نشأة الدولة هى التى تسمح، وفقا له، بتحقیق هذه الشروط الضروریة لممارسة الحقوق، التى یحتفظ الناس بها عند الخروج من حالة الطبیعة الأولى عن طریق إتفاق إرادى والخضوع لسلطة محدودة، بشکل کامل. تجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى أن لوک Locke   أکد على أن الملکیة، التى یهدف الناس إلى حمایتها بشکل أفضل بالخروج من حالة الطبیعة الأولى، لا تقتصر على الثروة إنما تشمل فى الواقع “الحیاة والحریة” وتشیر إلى “کل ما یمتلکه الإنسان ملکیة خاصة والذى لا یمکن حرمانه منهدون موافقته”[xxii]. 

تثار مسألة إحترام حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة إنطلاقا من إمکانیة تعلیق الدولة لإلتزامها بإحترام بعض الحقوق فى الظروف الإستثنائیة المرتبطة بثنائیة الحریة-الأمن. یمکن النظر إلى هذه الإمکانیة  بإعتبارها حلا وسطا بین ضروریتین من المهم تحقیقهما فى هذه الظروف وهما بقاء الدولة وحمایة حقوق الإنسان[xxiii]. بهذا المعنى  یسمح، العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة، الذى صدر فى دیسمبر  1966 ودخل حیز النفاذ فى مارس 1976، للدول الأطراف التى تمر بظرف إستثنائى بتعلیق إلتزامها بإحترام بعض الحقوق التى کرسها[xxiv].

کما حدد العهد الدولى المذکور قائمة الحقوق التى لا یسمح بتعلیق الإلتزام بإحترامها فى الظروف الإستثنائیة وذلک حتى لا یفتح الباب لتفسیرات یمکن أن تؤدى، نتیجة هذه الرخصة التى تتمتع بها الدولة، إلى إنتهاک الحقوق التى یمکن إعتبارها “حقوقا أساسیة فى کل الظروف”. تشمل هذه القائمة : الحق فى الحیاة، والحق فى عدم التعرض للتعذیب  وللمعاملة أو العقوبة القاسیة أو اللا إنسانیة أو الحاطة بالکرامة، والحق فى عدم الخضوع للرق أو العبودیة، والحق فى عدم السجن لمجرد العجز عن الوفاء بإلتزام تعاقدى، والحق فى عدم الإدانة بأیة جریمة بسبب فعل أو إمتناع عن فعل لم یکن وقت إرتکابه یشکل جریمة  بمقتضى القانون الوطنى أو الدولى وعدم فرض أیه عقوبة تکون أشد من تلک التى کانت ساریة المفعول فى الوقت الذى إرتکبت فیه الجریمة، والحق فى الشخصیة القانونیة، والحق فى حریة الفکر والوجدان والدین.

هناک تساؤلان تثیرهما إمکانیة تعلیق الدولة لإلتزامها بإحترام بعض حقوق الإنسان فى الظروف الإستثنائیة. یتعلق التساؤل الأول بزیادة قائمة الحقوق التى لا یسمح للدولة بتعلیق إلتزامها بإحترامها فى الظروف الإستثنائیة وذلک حتى تشمل حقوقا أخرى کرسها العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة. هذه الحقوق یعد إحترامها هاما سواء من أجل ضمان تمتع الناس بالأمن أو السماح لهم بالمشارکة بحریة فى بلورة رؤیة لحیاتهم المشترکة فى المرحلة اللاحقة. کما تشمل بالأساس حق کل إنسان فى الحریة وفى الأمان على شخصه، وحریة الرأى والتعبیر، والحق فى التجمع السلمى والحق فى حریة تکوین الجمعیات. هذا بالإضافة إلى حظر القانون لأیة دعایة ضد الحرب وأیة دعوة إلى الکراهیة القومیة أو العنصریة أو الدینیة تشکل تحریضا على التمییز أو العداوة أو العنف. إذا کان تعلیق الدولة لإلتزامها بإحترام بعض الحقوق فى الظروف الإستثنائیة یمکن أن یفتح المجال إلى إنتهاکها، فإن إحترام الحقوق الأخرى لیس أمرا مفروغا منه. لذلک یتعلق التساؤل الثانى بحالة حقوق الإنسان إجمالا فى المراحل الإنتقالیة فى حد ذاتها ومقارنة بالظروف العادیة سواء السابقة أو اللاحقة علیها.

یمکن على سبیل المثال الإشارة إلى بعض الملاحظات من واقع مضمون بعض التقاریر غیر الحکومیة الخاصة بحالة حقوق الإنسان فى المرحلة الإنتقالیة التى مرت بها تونس بعد  17 دیسمبر 2010  وفى تلک التى مرت بها مصر بعد 25 ینایر 2011  والتى تعد کاشفة فى هذا الصدد. ففى المقام الأول، یلاحظ أنه فى 2011 بعد رحیل الرئیس بن على  صدقت تونس على بعض الإتفاقیات الدولیة الخاصة بحقوق الإنسان وسحبت بعض التحفظات التى کانت قد وضعتها على إتفاقیة إلغاء کافة أشکال التمییز ضد المرأة التى تم إعتمادها فى دیسمبر 1979 ودخلت حیز النفاذ فى سبتمبر  1981[xxv]. کما أن هناک تقدما ملموسا، فى المقام الثانى، تم رصده فى تونس فى 2011  فیما یتعلق بإحترام الحریات[xxvi]. هذا بالإضافة إلى تحسن حالة المدافعین عن حقوق الإنسان وحریة تکوین الجمعیات، فى المقام الثالث، فى تونس فى 2011 وذلک على عکس مصر[xxvii]. لکن إذا کانت الإنتخابات، فى المقام الرابع، فى تونس إتسمت بصفة عامة بأنها حرة ونزیهة بدرجة کبیرة[xxviii]، فإن التقدم فى إحترام حقوق الإنسان فى مصر تعلق بالأساس بإحترام الحق فى الإنتخاب والترشح سواء فى الإنتخابات التشریعیة أوالرئاسیة[xxix]. بالرغم من ذلک، إعتبرت کل من منظمة العفو الدولیة ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان أن المرحلة التى تمتد من رحیل الرئیس مرسى فى یولیة 2013 إلى إنتخاب الرئیس السیسى فى 2014 تعد “أسوء فترة بها أزمة فى حقوق الإنسان منذ عقود”[xxx].  

ثانیا : السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة

إذا کانت الإشکالیة الأولى لحقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة تتعلق بإحترام حقوق الإنسان فى  نفس هذه المرحلة، فإن الإشکالیة الثانیة ترتبط بإنتهاکات حقوق الإنسان فى المرحلة السابقة علیها. ففى الواقع، تتمثل الإشکالیة الثانیة فى السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة نتیجة تفشى هذه الإنتهاکاتفى المرحلة السابقة وبهدف التصدى لها فى المرحلة الإنتقالیة.

هناک إختلاف بین الکتاب فى تحدید جذورمفهوم العدالة الإنتقالیة. فبعض الکتاب یرجعونه إلى المرحلة التى تبدأ بعد نهایة الحرب العالمیة الأولى ویؤکدون على أن معالمه بدأت تتضح فیها نتیجة إهتمام المجتمع الدولى بسیاسات فض وحل المنازعات وحثه الدول على إتباع منظومة العدالة الجنائیة من أجل مواجهة الإنتهاکات الجسمیة لحقوق الإنسان[xxxi]. بینما یرى کتاب أخرون أن جذور هذا المفهوم ترجع إلى المرحلة التى تبدأ بعد نهایة الحرب العالمیة الثانیة  والتى شهدت بصفة خاصة محاکمات  نورمبرج التى لاحقت مجرمى الحرب فى ألمانیا النازیة و لکنه تطور منذ منتصف سبعینات القرن العشرین مع المحاکمات الخاصة بإنتهاکات حقوق الإنسان فى الیونان ثم التحول عن الأنظمة العسکریة فى دول أمریکا اللاتینیة[xxxii] التى بادرت بإنشاء لجان الحقیقة والمصالحة.

هناک تعریفات متعددة لمفهوم العدالة الإنتقالیة. فبصفة عامة، یشیر هذا المفهوم إلى الإجراءات الرسمیة وغیر الرسمیة التى تتخذها جماعة أو مؤسسة تتمتع بشرعیة فى المرحلة التى یتم فیها الإنتقال من نظام إجتماعى قمعى أو عنیف وذلک من أجل محاکمة مرتبکى الجرائم ومعاونیهم من ناحیة، وإنصاف الضحایا من ناحیة أخرى[xxxiii]. یلاحظ أن هذا التعریف لا یأخذ فى إعتباره إمکانیة تحقیق العدالة الإنتقالیة من خلال آلیات غیرقضائیة. کما تعرف العدالة الإنتقالیة، على أنها مجال من النشاط أو التحقیق یرکز على المجتمعات التى شهدت إنتهاکات کثیرة لحقوق الإنسان والإبادة الجماعیة، أو أشکال  أخرى من الإنتهاکات مثل الجرائم ضد الإنسانیة والحرب الأهلیة، وذلک من أجل بناء مجتمع اکثر دیمقراطیة  لمستقبل آمن[xxxiv]. یمکن أیضا التمییز بین نوعین من العدالة الإنتقالیة : العدالة الإنتقالیة الداخلیة أى التى یتخذ المجتمع  إجراءاتها دون تدخل خارجى، والعدالة الإنتقالیة الخارجیة أى التى یدیرها فاعلون لم یکونوا أطرافا فى الصراع والتى تتم تحت إشراف مؤسسة[xxxv]. کما یلاحظ أن العدالة الإنتقالیة بهذا المعنى لا تهدف إلى الإنتقام إنما تسعى، کالعدالة فى الظروف العادیة، إلى “إحقاق الحق وإعادته إلى أصحابه وکشف الحقیقة وجبر الضرر وتعویض الضحایا”[xxxvi]. 

إهتمت أیضا الأمم المتحدة بمسألة إدراة العدالة فى المراحل الإنتقالیة.فقد أکد تقریر أمینها العام الصادر فى 2004، بعنوان “سیادة القانون والعدالة الإنتقالیة فى مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع”[xxxvii]، على أن العدالة تعد من المثل العلیا للمساءلة والإنصاف وذلک من أجل حمایة الحقوق ومنع التجاوزات والمعاقبة علیها کما أنها تتضمن لیس فقط إحترام  حقوق المتهمین ومصالح الضحایا إنما أیضا رفاه المجتمع. من هنا شدد هذا التقریر على أن مفهوم العدالة الإنتقالیة یشمل کل العملیات والآلیات المتعلقة بالمحاولات التى یبذلها المجتمع من أجل تفهم تجاوزات الماضى الواسعة النطاق وذلک لتحقیق المساءلة والعدالة والمصالحة. هذه الآلیات، وفقا لهذا التقریر، تشمل القضائیة  وغیر القضائیة وقد تسمح بمشارکة من جانب المجتمع الدولى بدرجات متفاوتة. کما یمکن  أیضا، وفقا لهذا التقریر، أن ینتج عنها على سبیل المثال تقصى الحقائق، وفحص السجل الشخصى للکشف عن التجاوزات والفصل، محاکمات الأفراد وتعویض الضحایا والإصلاح الدستورى. کما یلاحظ أن مجلس حقوق الإنسان عین لأول مرة فى 2011 مقرر خاص معنى بتعزیز الحقیقة، والعدالة، والجبر، وضمانات عدم التکرار[xxxviii].                

یمکن القول أن السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة یمهد للدخول فى مرحلة جدیدة مع إتخاذ موقف من إنتهاکات حقوق الإنسان فى المرحلة السابقة  أى عدم تجاهلها بل الإعتراف بها وفحصها. من الممکن أن یؤدى ذلک إلى تعزیة الضحایا ورد إعتبارهم  والسعى لإدماجهم فى المجتمع. کما قد یسهم ذلک فى حدوث عملیة الإنتقال إلى المرحلة الجدیدة بشکل سلمى. یمکن التمییز بین آلیتین لتحقیق العدالة الإنتقالیة. تتمثل الآلیة الأولى فى لجان الحقیقة و المصالحة بینما تتعلق الآلیة الثانیة بالملاحقات القضائیة لمرتکبى إنتهاکات حقوق الإنسان فى المرحلة السابقة. یمکن القول إن الإختیار بین هاتین الآلیتین فى سیاق وطنى إنتقالى یکمن فى الإجابة على التساؤل الآتى : هل یتم تفضیل العفو الذى تمنحه لجان الحقیقة والمصالحة وفقا للشروط التى تحددها أو الحکم الصادر عن محکمة مختصة أیا  کان مضمونه ؟

تختلف لجان الحقیقة  والمصالحة عن المحاکم المختصة بالرغم من إتفاقهم  فى الهدف من أعمالهم فى المرحلة الإنتقالیة أى السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة. فبصفة عامة، تعرف لجان الحقیقة والمصالحة[xxxix] على أنها هیئات مستقلة ومعترف بها من قبل الدولة وتتکون من هیئات غیر قضائیة بهدف العمل لفترة زمنیة محددة. کما أکد هذا التعریف على أن تأسیسها یرتبط عادة بمرحلة إنتقالیة تشهدها الدولة وتتمثل مهامها فى النظر فى الإنتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان التى حدثت فى الماضى. بهذا المعنى، تختص لجان الحقیقة والمصالحة موضوعیا بتحدید نوعیة الإنتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان التى تتصدى لها والتى تختلف من سیاق وطنى إلى آخر کما تختص زمنیا بمرحلة تاریخیة معینة تشتغل علیها والتى تطول أو تقصر بالأساس وفقا للسیاق الوطنى[xl]. فهذه اللجان تنظر خلال فترة عملها فى هذه الإنتهاکات الجسیمة لحقوق الإنسان التى تمت فى سیاق وطنى معین  وفى فترة زمنیة معینة، ولکنها لیست هیئة قضائیة تقوم بعملیة ملاحقة المجرمین الذین إرتکبوا هذه الإنتهاکات.  بهذا المعنى، نشأت لجان الحقیقة والمصالحة فى ثمانینات وتسعینات القرن الماضى فى بعض دول أمریکا اللاتینیة مثل الأرجنتین وشیلى وجواتیملا وبیرو، کما برزت منذ تسعینات القرن الماضى فى بعض الدول الأفریقیة مثل جنوب أفریقیا وسیرالیون والمغرب، وفى بعض دول أوروبا الشرقیة مثل بولونیا وصربیا، وفى بعض الدول الآسیویة وخصوصا فى تیمور الشرقیة[xli]. بالإضافة إلى ذلک، یلاحظ أن کل من تونس ومصر إهتمتا بتحقیق العدالة الإنتقالیة وذلک بعد 17 دیسمبر 2010 و25 ینایر 2011 ومع الترکیز على الملاحقات القضائیة[xlii].    

 بصفة عامة، تتسم لجان الحقیقة والمصالحة بإنشغالها بالکشف عن “حقیقة” هذه الإنتهاکات  والتحرى فیها بالإضافة إلى تحلیلها فى ضوء مرجعیتها ومعاییر حقوق الإنسان وذلک بالنظر إلى السیاقات العامة أو الخاصة التى أنتجتها، وآثارها المباشرة وغیر المباشرة على الضحایا والمجتمع مع الإهتمام بتوثیقها فى إطار السجل التاریخى لماضى البلد[xliii]. إذا  کانت المحاکم المختصة تصدر أحکاما بخصوص قضایا معینة بناء على قواعد معینة محددة للعدالة وبالإستعانة بالأدلة والشهود، فإن لجان الحقیقة والمصالحة تتمتع بمیزتین هامتین. تتمثل المیزة الأولى فى سعیها، بشکل أساسى وبإعتبارها هیئات مؤقتة، إلى إنجاز عملها فى فترة زمنیة محددة. أما المیزة الثانیة، فتتعلق بطریقة عملها حیث تهتم “بالإستماع” إلى الضحایا وأسرهم ولیس التحقیق معهم،  وتعاملهم بإحترام وتحافظ على کرامتهم فى المرحلة الإنتقالیة وذلک على عکس ماتعرضوا له فى المرحلة السابقة[xliv].  

لکن إذا کانت لجان الحقیقة والمصالحة بهذا المعنى لا تعرض مرتکبى الإنتهاکات الجسمیة لحقوق الإنسان فى المرحلة التاریخیة التى تشتغل علیها، والذین من الممکن أن یذهبوا إلیها للإدلاء بإعترافات، للملاحقات القضائیة، فإن الدعاوى القضائیة التى ترفع أمام محاکم مختصة للنظر فیها قد تکون إنتقائیة وغیر نزیهة  بل قد تعانى من نقص الأدلة. یثیر ذلک  تساؤلا یمکن طرحه فى سیاقات وطنیة إنتقالیة مختلفة و هو : إلى أى مدى وفى أى ظروف یمکن أن تنجح کل من لجان الحقیقة والمصالحة والمحاکم المختصة فى تحقیق هدفهم فى المراحل الإنتقالیة ؟

 فى هذا الصدد، یمکن إعتبار- و لو جزئیا-  أن عدم نجاح تطبیق آلیات العدالة الإنتقالیة بشکل کبیر فى الدول العربیة بعد 2010  وبصفة خاصة المحاسبة ینتج أساسا عن تشابک خمس عوامل أکد علیهم عادل ماجد عند تطرقه للعدالة الإنتقالیة فى مرحلة ما بعد الثورات[xlv]. هذه العوامل تتمثل، وفقا له، فى ضعف الإرادة السیاسیة، عدم وجود إستراتیجیات وطنیة واضحة خاصة بالتطبیق، ضعف منظومة العدالة الجنائیة، عدم وجود کوادر وطنیة متخصصة فى تطبیق العدالة الإنتقالیة  وعدم إصدار قوانین فعالة للعدالة الإنتقالیة فى هذه الدول.

کما تجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من أن النتائج المترتبة على السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة ترتبط  بسیاقها[xlvi]، فإن إدریس لکرینى حدد ثمانیة عوامل یتوقف علیها نجاح آلیاتها وذلک أیا کانت وأیا کان السیاق الوطنى الإنتقالى الذى تعمل فیه[xlvii]. یتعلق العامل الأول بوجود إرادة سیاسیة للدولة من أجل طى صفحات الماضى بینما یشیر العامل الثانى إلى قدرتها على عمل توافقات وتحالفات داخلیة تسمح بتخطى آثار الماضى ومواجهة مقاومة الإصلاح. کما یتمثل العامل الثالث فى الحرص على الإبتعاد عن أسالیب الإنتقام و الإنتقائیة عند التعامل معالجناه والخصوم. أما العامل الرابع فیشیر إلى مشارکة الضحایا لیس فقط فى آلیات ومراحل العدالة الإنتقالیة إنما أیضا فى بلورة توصیاته. هذا ویتعلق العامل الخامس فى الإنفتاح على الإعلام ، فاعلیات المجتمع المدنى، الباحثین، النخب، والأحزاب السیاسیة وذلک من أجل التوصل إلى مقترحات وتوصیات. کما یتمثل العامل السادس فى إرساء ثقافة حقوق الإنسان والعدالة الإنتقالیة فى المجتمع  ویشیر العامل السابع  إلى الحرص على إستقلالیة الهیئات المعنیة بالعدالة الإنتقالیة من أجل القیام بمهامها والعامل الثامن إلى القدرة على متابعة التوصیات وتنفیذها. 

یتضح إذن أن هذه العوامل الثمانیة تتعلق بالدولة والمجتمع والضحایا وآلیات العدالة الإنتقالیة نفسها وأنها لا تتعارض مع أهمیة النظر إلى تجربة العدالة الإنتقالیة فى سیاقها الوطنى الإنتقالى. کما یمکن القول أن الحرص على إحترام الضحایا وحسن معاملتهم  والتضامن معهم  ومع أسرهم یعدوا من العوامل التى تسهم فى نجاح آلیات العدالة الإنتقالیة لأنها تشجعهم على التفاعل الإیجابى معها وذلک بکل شفافیة ودون الخوف من المساس بکرامتهم. ففى الواقع، من الممکن أن یشجعهم ذلک سواء على الإنفتاح على لجنة الحقیقة والمصالحة، فى حالة تأسیسها، من خلال نقلهم إلیها تجاربهم بل معانتهم، أو على القیام برفع دعوى قضائیة أمام محکمة مختصة و/أو الإدلاء بشهادتهم أمامها. کما أن إستقلالیة و حیادیة ونزاهة الإعلام ومؤسسات المجتمع المدنى بالإضافة إلى عدم المماطلة فى الإجراءات القضائیة أو غیر القضائیة التى یتم إتخذها فى إطار آلیة معینة من آلیات العدالة الإنتقالیة من الممکن أن یسهم فى نجاحها.

ثالثا : مضمون العقد الإجتماعى الجدید

تطرح إشکالیة ثالثة لحقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة ولکنها ترتبط، على عکس الإشکالیتین السابقتین، بالمرحلة اللاحقة علیها وتتعلق بمضمون العقد الإجتماعى الجدید. هذا المضمون یتم التفاوض حوله فى المراحل الإنتقالیة فى الوقت الذى یتم أخذ فیه موقف من إنتهاکات حقوق الإنسان فى المرحلة السابقة علیها، کما یعکس الرؤیة لحقوق الإنسان التى ستمیز المرحلة اللاحقة علیها. إذا کان یترتب على فکرة العقد الإجتماعى وجود إتفاق داخل جماعة، فإن هذا الإتفاق “لا ینشأ حقوق لکنه یعترف بها ویدیر عملیة تحقیقها و یضمن ممارستها”.[xlviii] بهذا المعنى فإن مضمون العقد الإجتماعى الجدید یمکن أن یعکس الترکیز على الحقوق- الحریات التى تعطى سلطات للقیام بعمل فى مواجهة الدولة  و/أو  الحقوق- الخدمات التى تعطى سلطات من أجل إلزام الدولة بتقدیم خدمات معینة[xlix].

إن الإختلاف فى طبیعة هذین النوعین من الحقوق مرتبط فى الواقع برؤیتین مختلفتین لدور الدولة فى الوفاء بالحقوق وبالتالى للقانون[l]. فالوفاء بالحقوق- الحریات یترتب علیهتحدید دور الدولة بحیث یقتصر على ضمان للمواطنین أکبر قدر من إمکانات العمل المتسقة مع وجود المجتمع وتصبح الرؤیة للقانون بالتالى سلبیة حیث إنه یقوم فقط بمنع أى محاولة تحول دون تمتع المواطن بحریاته وذلک فى حدود إتساقها مع حریات الآخرین. لکن یترتب على الوفاء بالحقوق- الخدمات تزاید سلطات الدولة حتى تقوم بتوفیر الخدمات وتصبح الرؤیة للقانون بالتالى إیجابیة حیث إنه یسمح بتدخل الدولة. إنطلاقا من ذلک، یؤدى ترکیز العقد الإجتماعى الجدید على الحقوق-الحریات إلى التأکید على الدولة الحارسة التى یقتصر دورها على حمایة الإستقلال الذاتى للمواطنین بینما یؤدى ترکیزه على الحقوق-الخدمات على التأکید على دولة الرفاهة التى تهدف إلى ضمان “الأمن المادى” للناس.

فى هذا الصدد تجدر الإشارة إلى أن هناک جدل سیاسى برز حول هذین النوعین من الحقوق. ففى الواقع، یدافع الیسار عن الحقوق-الخدمات وبصفة خاصة الحقوق الإجتماعیة وینتقد إعطاء حقوق لمجموعة متمیزة، بینما یدافع الیمین عن الحقوق-الحریات ویحذر من المخاطر التى یمکن أن تترتب على تدخل الدولة وبصفة خاصة الإقلال التدریجى من الحریات بحجة کفالة التمتع بالحقوق-الخدمات[li].

تاریخیا، أکدت وثائق مختلفة على حقوق الإنسان فى لحظات فارقة فى تاریخ مجتمعتها وعکست إهتمامات العصر الذى صدرت فیه. فعلى سبیل المثال، صدر إعلان الحقوق الإنجلیزى[lii] عقب الثورة التى إندلعت فى سنة  1688 مؤکدا على أن تمتع الملک الجدید بالسلطة یتوقف على إحترام بعض الحقوق. ففى الواقع، أکد هذا الإعلان على أن الملک لیس له سلطة تعلیق القوانین، وعلى ضرورة موافقة البرلمان على الضرائب المفروضة و على تجنید الجیوش، کما کرس الإنتخابات الحرة ومنع العقوبات القاسیة والنادرة والغرامات المبالغ فیها. أما إعلان الإستقلال الأمریکى الذى صدر فى سنة  1776[liii]  فلم  یترتب علیه فقط الإنفصال عن بریطانیا إنما التأکید أیضا على بعض الحقوق إنطلاقا من فلسفة القانون الطبیعى وفلسفة التنویر. إن هذا الإعلان یشدد على المساواة بین الناس وعلى أن “خالقهم منحهم حقوق ثابتة لا یمکن التنازل عنها” مثل الحق فى الحیاة، الحق فى الحریة والحق فى تحقیق السعادة[liv]. من هنا یمکن إستنتاج أن هذه الحقوق بالنسبة لهذا الإعلان مستمدة من الآله ولیس من الطبیعة الإنسانیة. کما تشمل هذه الحقوق حریة ممارسة العقیدة،  حریة التعبیر والصحافة،  حق التجمع السلمى،  حق الشعب فى إمتلاک وحمل الأسلحة، وحق  الشخص فى الأمان على نفسه وعلى مسکنه،  الحق فى المحاکمة العادلة ومنع العقوبات القاسیة والنادرة[lv]. هذ بالإضافة إلى الإعلان الفرنسى لحقوق الإنسان والمواطن الصادر فى سنة 1789 عقب الثورة الفرنسیة التى أکدت على الحریة والمساواة والإخاء. فقد کرس بعض حقوق الإنسان مثل الحریة، الملکیة، الأمن، مقاومة الإضطهاد، عدم التعرض للإعتقال أو للسجن التعسفى، حریة الرأى و التعبیر، بالإضافة إلى حقوق المواطن مثل الحق فى وضع القانون إما مباشرة أو من خلال النواب والحق فى شغل المناصب والوظائف العامة[lvi].

الجدیر بالذکر أن إعلان حقوق الإنسان والمواطن الفرنسى أصبح جزءا من الدستور الفرنسى الصادر فى سنة 1791 وذلک للتأکید لیس فقط على القطیعة مع النظام القدیم إنما أیضا على أهمیة حقوق الإنسان[lvii]. إذا کان هذا الدستور تضمن فى متنه نص هذا الإعلان، فإن الدساتیر بصفة عامة من الممکن أن تکتفى بالإشارة فقط إلى وثائق معینة خاصة بحقوق الإنسان سواء وطنیة أو إقلیمیة أو عالمیة، أو تکرس هى نفسها حقوقا معینة للإنسان دون هذه الإشارة. کما یلاحظ إهتمام بعض الدول فى الوقت المعاصر بالتشدید على حقوق الإنسان فى دساتیرها وخصوصا بعد أن شهدت تجربة یمکن وصفها بالدیکتاتوریة أو الشمولیة مثل  ألمانیا الإتحادیة وإیطالیا بعد الحرب العالمیة الثانیة، وأسبانیا والیونان فى سبعینات القرن العشرین ودول أوروبا الشرقیة بعد سنة 1989[lviii]. 

     یثیر مضمون العقد الإجتماعى الذى یتم إبرامه فى المراحل الإنتقالیة والذى یعکس رؤیة حقوق الإنسان التى ستمیز المرحلة اللاحقة مسألة مراجعة الدستور. فى هذا الصدد، یلاحظ أن هذه الرؤیة یمکن أن  تتضمن لیس فقط تحدیدا للحقوق التى یتم التمتع بها إنما أیضا الإشارة إلى أسسها وعملیة وأسباب إختیارها من ناحیة والإلتزامات التى ینبغى الوفاء بها  لضمان هذا التمتع من ناحیة أخرى[lix]. کما تجدر الإشارة إلى أن الدستور هو “القانون الأعلى فى البلاد” أو “أبو القوانین” حیث إنه لا یحدد فقط هویة الدولة ونظام الحکم،  إنما أیضا الحقوق والحریات والواجبات، کما ینظم السلطات العامة موضحا إختصاصتها وعلاقتها بعضها ببعض[lx]. بالإضافة إلى ذلک، یعتبر بعض الکتاب الدستور بمثابة قانون أساسى  و”أداة تقوم بوضع حد على السلطة وتهدف إلى ضمان حریة الفرد”[lxi]. بهذا المعنى یکتسب الدستور أهمیة خاصة فى المراحل الإنتقالیة وذلک لأن عملیة وضع دستور جدید تصبح من المهام الأساسیة فى هذه المراحل إن لم تکن مهمتها الأولى[lxii]. کما تکشف هذه العملیة عن مدى الإهتمام بتکریس حقوق الإنسان والسعى لتوفیر حمایة لها فى المرحلة الاحقة.

ففى الواقع، تتم مراجعة الدستور فى المراحل الإنتقالیة فى ضوء الرؤیة لحقوق الإنسان التى یعکسها مضمون العقد الإجتماعى الجدید وذلک حتى یتم وضع دستور جدید. کما یفترض ذلک إحترام حریة الرأى والتعبیر التى لا تعد ضمن الحقوق التى لا یسمح للدولة بإمکانیة تعلیق إلتزامها بإحترامها فى الظروف الإستثنائیة وفقا للعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة. لکن تثیر عملیة مراجعة الدستور نفسها تساؤلاین. یتعلق التساؤل الأول بالتقدم أو التراجع فى تکریس حقوق الإنسان فى الدستور الجدید وذلک مقارنة بنظیره الذى کان سائد فى المرحلة السابقة. أما التساؤل الثانى، فیتعلق بإشارة الدستور الجدید إلى المواثیق الدولیة لحقوق الإنسان وخصوصا الشرعة الدولیة لحقوق الإنسان[lxiii] أو عدم تطرقه لهم.

فى هذا الصدد، یمکن على سبیل المثال التطرق إلى حریة التعبیر فى الدستور التونسى الصادر فى سنة  2014.  فهذا الأخیر[lxiv] حرص، کسابقه الصادر فى سنة  1959 وتعدیلاته، على تکریس حریة التعبیر مع قرنها فى نفس المادة بحریات أخرى لکن مختلفة. فالدستور التونسى القدیم قرنها بحریة الفکر والصحافة والنشر والإجتماع وتأسیس الجمعیات، بینما قرنها الدستور التونسى الجدید بحریة الرأى والفکر والإعلام  والنشر وأضاف عدم جواز ممارسة رقابة مسبقة علیها. من هنا یمکن القول إن الدستور الجدید ضمن بشکل أکبر حریة التعبیر بالرغم من عدم تطرقه لها فى مادة مستقلة.

کما یلاحظ أن الدستور المصرى الصادر فى سنة 2014  أکد على إلتزام الدولة المصریة بالإتفاقیات الدولیة الخاصة بحقوق الإنسان التى تصدق علیها وشدد على المساواة بین المواطنین فى الحقوق والحریات والواجبات العامة وذلک مقارنة بالدستورالمصرى الصادر فى سنة  2012  والذى أسقط  کلمة الحریات[lxv]. یمکن القول أن هذا یعنى أن الدستور المصرى الصادر فى سنة 2014 لم یحرص فقط على التمییز بین الحقوق والحریات إنما أیضا على التأکید على ضرورة  تمتع المواطنین بهم على قدم المساواة مع التشدید على تلازمهم مع أداء الواجبات العامة. کما أنه إذا کان الدستور المصرى الصادر فى 2012 لم یشر صراحة فى هذا الصدد إلى أسس التمییز التى یرفضها وذلک على عکس الدساتیر المصریة السابقة الصادرة منذ سنة 1956، فإن الدستور المصرى الصادر فى سنة 2014  فصل هذه الأسس بل أضاف فیها على سابقیه[lxvi] . فلم یکتف فى هذا الصدد بالنص على الدین والعقیدة  والجنس والأصل والعرق واللون کأسس مرفوضة للتمییز بل أشار أیضا إلى اللغة أو الإعاقة أو المستوى الإجتماعى أو الإنتماء السیاسى والجغرافى أو لأى سبب آخر یؤدى إلى التمییز المرفوض. هذا ویلاحظ أن الدستور المصرى الصادر فى سنة 2014 قد ضمن، على عکس سابقیه، الحق فى الحصول على الجنسیة لأبناء الأم المصریة من زوج أجنبى والذى کان قد أقره القانون المصرى فقط[lxvii].

الخاتمة

یمکن القول إن إشکالیات حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة، بإعتبارها لیس فقط مثالا لسیاق تطرح فیه إنما أیضا وبدرجة معینة أحد اشکال الظروف الإستثنائیة، ترتبط لیس فقط بهذه المراحل إنما أیضا بالمرحلة السابقة واللاحقة علیها. إذا کان إحترام حقوق الإنسان یثار فى المرحلة الإنتقالیة، فإن السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة فى هذا السیاق التاریخى الخاص یتعلق بالمرحلة السابقة و یمهد للدخول فى مرحلة جدیدة مع إتخاذ موقف من إنتهاکات حقوق الإنسان فى المرحلة السابقة. بالإضافة إلى ذلک، فإن مضمون العقد الإجتماعى الجدید یتم التفاوض حوله فى نفس السیاق ومع إتخاذ هذا الموقف کما یعکس الرؤیة لحقوق الإنسان التى ستمیز المرحلة اللاحقة.

   إنطلاقا من إمکانیة تعلیقالدولة لإلتزامها بإحترام بعض الحقوق فى الظروف الإستثنائیة المرتبطة بثنائیة الحریة-الأمن تم التطرق، فى المقام الأول، إلى إحترام حقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة. کما أنه فى إطار السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة، یتم الإختیارفى سیاق وطنى إنتقالى، فى المقام الثانى، بین آلیتین مختلفتین : لجان الحقیقة والمصالحة والملاحقات القضائیة لمرتکبى إنتهاکات حقوق الإنسان فى المرحلة السابقة. فى المقام الثالث، یمکن أن یرکز مضمون العقد الإجتماعى الجدید على الحقوق-الحریات و/أو الحقوق-الخدمات ویثیر مسألة مراجعة الدستور التى تفترض إحترام حریة الرأى والتعبیر.

فى هذا الإطار، تم طرح عدة تساؤلات متعلقة بالإشکالیات الثلاثة لحقوق الإنسان فى المراحل الإنتقالیة والتى من الممکن التطرق لها فى سیاقات وطنیة إنتقالیة مختلفة. تعلق التساؤل الأول بزیادة  قائمة الحقوق التى لا یسمح للدولة بتعلیق إلتزامها بإحترامها فى الظروف الإستثنائیة وذلک حتى تشمل حقوق أخرى کرسها العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة والتى یعد إحترامها ضروریا سواء من أجل ضمان تمتع الناس بالأمن أو السماح لهم بالمشارکة بحریة فى بلورة رؤیة لحیاتهم المشترکة فى المرحلة اللاحقة. أما التساؤل الثانى، فتعلق بحالة حقوق الإنسان إجمالا فى المراحل الإنتقالیة فى حد ذاتها ومقارنة بالظروف العادیة سواء السابقة أو اللاحقة علیها. کما تمثل التساؤل الثالث فى المدى والظروف التى یمکن أن تنجح فیها کل من لجان الحقیقة والمصالحة والمحاکم المختصة فى تحقیق هدفهم فى المراحل الإنتقالیة. بالإضافة إلى ذلک، تعلق التساؤل الرابع بالتقدم أو التراجع فى تکریس حقوق الإنسان فى الدستور الجدید وذلک مقارنة بنظیره الذى کان سائد فى المرحلة السابقة. کما تعلق التساؤل الخامس بإشارة الدستور الجدید إلى المواثیق الدولیة لحقوق الإنسان وخصوصا الشرعة الدولیة لحقوق الإنسان أو عدم تطرقه لهم.  

یمکن القول إستنادا إلى الرؤیة اللیبرالیة لحقوق الإنسان، أنه فى المراحل الإنتقالیة من المفترض أن تقوم الدولة بإحترام بحقوق الإنسان بالرغم من إمکانیة تعلیق إلتزامها بإحترام بعض الحقوق فى الظروف الإستثنائیة والتى کرسها العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة.

هذا الإحترام یکتسب أهمیة فى المراحل الإنتقالیة لیس فقط من أجل السهر على السعى إلى تحقیق العدالة الإنتقالیة، لکن حتى یمکن أیضا التفاوض حول مضمون العقد الإجتماعى الجدید.

المراجع

[1] قدمنا النسخة الأولى من هذه الدراسة باللغة الفرنسیة فى إطار الندوة التى نظمها المعهد الفرنسى للتنمیة(IRD)  بالتعاون مع مرکز دراسات وبحوث الدول النامیة (جامعة القاهرة) فىالقاهرة فى 8 دیسمبر 2013 وبعنوان “الحراک المجتمعى والتغییر السیاسى فى مصر  “Mouvement social et changement politique en Egypte ” .

[1] محى الدین محمد قاسم، “حقوق الإنسان العالمیة : دراسة فى الإتجاهات المعرفیة المعاصرة”، النهضة، العدد 4، یولیة 2000، ص. 6.

[1] Danièle Lochak, Les droits de l’homme (Paris : La découverte, 2002), p. 7-8 et p. 14-16.

[1] Olivier Beaud, “Souveraineté – souveraineté, puissance, pouvoir”  dans : Philippe Raynaud et Stéphane Rials (sous la direction de), Dictionnaire de philosophie politique (Paris : Presses universitaires de France, 2003), p. 742.

[1] Ibid.

[1] رضوان زیادة، مسیرة حقوق الإنسان فى العالم العربى )الدار البیضاء وبیروت : المرکز الثقافى العربى،2000(، ص. 17.

[1] المرجع السابق.

[1] Guy Haarscher, “Droits de l’homme” dans : Philippe Raynaud et Stéphane Rials (sous la direction de), Dictionnaire de philosophie politique(Paris : Presses universitaires de France, 2003), p. 190-191.

[1] رضوان زیادة، مرجع سابق، ص. 19.

[1] المرجع السابق.

[1] Alexander L. Boraine,” Transitional justice: a holistic interpretation”, Journal of international affairs, vol. 60, n° 1, fall/winter 2006, p. 17-18.

[1] سعید فهیم خلیل، الحمایة الدولیة لحقوق الإنسان فى الظروف الإستثنائیة – دراسة فى أحکام القانون الدولى لحقوق الإنسان(القاهرة : طباعة الشرکة المصریة للنشر والإعلام- إیباک، 1998)، ص. 53.

[1] المرجع السابق، ص. 54.

[1] Jean- François  Kervégan, “Etat d’exception”, dans : Philippe Raynaud et Stéphane Rials (sous la direction de), Dictionnaire de philosophie politique(Paris : Presses universitaires de France, 2003), p. 252.

[1] إنظر فى هذا الصدد :

–      Danièle Lochak, Op.cit., p. 106-107.

–      Jean-Frédéric Laurendol, “Les libertés démocratiques face à la menace terroriste”, Cahiers français, n°354, Janvier- février 2010, p. 37-41.

[1] Danièle Lochak, Op.cit., p. 106.

[1] Ibid., p.15.

[1] Olivier Beaud, Op.cit., p. 741.

[1] Danièle Lochak,Op.cit., p. 15.

[1] Ibid., p. 14-15 et p. 106.

[1] بول جوردن لورن، نشأة وتطور حقوق الإنسان الدولیة- الرؤى، ترجمة أحمد أمین الجمل) القاهرة :  الجمعیة المصریة لنشر المعرفة والثقافة العالمیة، 2008(، ص. 33.

[1] Danièle Lochak,Op.cit.,p. 14-15 et p. 106.

[1] Philippe Raynaud, “Locke, John, 1632-1704”,  dans : Philippe Raynaud et Stéphane Rials (sous la direction de), Dictionnaire de philosophie politique(Paris : Presses universitaires de France, 2003), p. 414-415.

[1] سعید فهیم خلیل، مرجع سابق، ص. 25.

[1] إنظر فى هذا الصدد إلى المادة الرابعة من هذا العهد والتى تنص على : “1- فى حالات الطوارئ الإستثنائیة التى تهدد حیاة الأمة، والمعلن قیامها رسمیا، یجوز للدول الأطراف فى هذا العهد أن تتخذ، فى أضیق الحدود التى یتطلبها الوضع، تدابیر لا تتقید بالإلتزامات المترتبة علیها بمقتضى هذا العهد، شریطة عدم منافاه هذه التدابیر للإلتزامات الأخرى المترتبة علیها بمقتضى القانون الدولى وعدم إنطوائها على تمییز یکون مبرره الوحید هو العرق أو اللون أو اللغة أو الدین أو الأصل الإجتماعى. 2- لا یجیز هذا النص أى مخالفة لأحکام المواد 6 و7 و8 (الفقرتین 1 و2) و11 و15 و16 و18. 3- على أیة دولة طرف فى هذا العهد إستخدمت حق عدم التقید أن تعلم الدول الأطراف الأخرى فورا عن طریق الأمین العام للأمم المتحدة، بالأحکام التى لم تتقید بها وبالأسباب التى دفعتها إلى ذلک. وعلیها فى التاریخ الذى تنهى فیه عدم التقید، أن تعلمها بذلک مرة أخرى وبالطریق ذاته”.

[1] إنظر فى هذا الصدد :

–          مرکز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، سقوط الحواجز- حقوق الإنسان فى العالم العربى- التقریر السنوى 2011، القاهرة،مرکز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2012، ص. 29.

–          منظمة العفو الدولیة، التقریر السنوى 2012، متاح على موقعها الالکترونى

–          http://www.amnesty.org

[1] مرکز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان،مرجع سابق، ص. 118.

[1] المرجع السابق، ص. 38.

[1] Mona Rishmawi, “Transitional justice in arab countries : opportunities and challenges”, Proceedings of the annual meeting, Amercian society for international law, vol. 106, 2012, p. 501.

[1] مرکز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان، آلام المخاض- حقوق الإنسان فى العالم العربى- التقریر السنوى 2012، القاهرة، مرکز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2013، ص. 110-111.

[1] إنظر فى هذا الصدد :

–           Amnesty international and Human rights watch, Egypt : new leader faces rights crises, public statement, Beirut, 10 june 2014. (available on : http://www.amnesty.org).

–          Amnesty international and Human rights watch, Egypt’s human rights crisis (july 2013 – june 2014), report, 2014. (available on : http://www.amnesty.org).

[1] عادل ماجد، “منظومة شاملة : “العدالة الإنتقالیة” والإدارة الناجحة لمرحلة ما بعد الثورات”، السیاسة الدولیة، العدد 192، أبریل 2013،ص. 11.

[1] إدریس لکرینى، “”شروط الفاعلیة” : دور لجان المصالحة فى معالجة الإستقطاب المجتمعى”، إتجاهات نظریة فى تحلیل السیاسة الدولیة – العدالة الإنتقالیة  : الإشکالیات النظریة والعملیة لعدالة ما بعد التغییر السیاسى- ملحق مجلة السیاسة الدولیة، العدد 194، أکتوبر 2013،ص. 24.

[1] Marek M. Kaminski, Monika Nalepa and Barry O’Neill, “Normative and strategic aspects of transitional justice”, The journal of conflict resolution, Vol. 50, nº 3, june 2006, p. 295.

[1]رضوان زیادة، “کیف یمکن بناء تونس دیمقراطیة – العدالة الإنتقالیة للماضى وبناء مؤسسات للمستقبل”، المجلة العربیة للعلوم السیاسیة، العدد 30، ربیع 2011،ص. 163.

[1] Marek M. Kaminski, Monika Nalepa and Barry O’Neill, Op.cit., p. 295-296.

[1] عبد الحسین شعبان، “العدالة الإنتقالیة  : مقاربات عربیة للتجارب الدولیة”، المستقبل العربى، العدد 413، یولیو 2013،ص. 100.

[1] الأمین العام للأمم المتحدة، تقریر بعنوان”سیادة القانون والعدالة الإنتقالیة فى مجتمعات الصراع ومجتمعات ما بعد الصراع”، أغسطس 2004، ص. 6. متاح على الموقع الإلکترونى للامم المتحدة : http://www.un.org

[1] إنظر فى هذا الصدد نص قرار تعین المقرر الخاص بتعزیز الحقیقة، والعدالة، والجبر، وضمانات عدم التکرار والمتاح على الموقع الإلکترونى للأمم المتحدة :   http://www.un.org

[1] إدریس لکرینى، مرجع سابق، ص. 27.

[1] أحمد شوقى بنیوب، “العدالة الإنتقالیة : المفهوم والنشاة والتجارب”، المستقبل العربى، العدد 413، یولیو 2013،ص. 132.

[1] إدریس لکرینى، مرجع سابق، ص. 24-25.

[1] إنظر فى هذا الصدد :

–          عادل ماجد، مرجع سابق، ص. 12-13.

–          عادل ماجد، “تحدیات تطبیق العدالة الإنتقالیة فى مصر”، الدیمقراطیة، العدد 54، أبریل 2014،ص. 10.

[1] أحمد شوقى بنیوب، مرجع  سابق، ص. 133.

[1] Juan E. Méndez, “Accountability for past abuses”, Human rights quarterly, vol. 19, 1997, p. 278.

[1] عادل ماجد، “”عقابیة أم تصالحیة ؟” : مقاربات المحاسبة والقصاص لإنفاذ عدالة الثورات”، السیاسیة الدولیة- إتجاهات نظریة فى تحلیل السیاسة الدولیة – العدالة الإنتقالیة  : الإشکالیات النظریة والعملیة لعدالة ما بعد التغییر السیاسى- ملحق مجلة السیاسة الدولیة، العدد 194، أکتوبر 2013، ص. 14-15.

[1] Roman David, “What we know about transitional justice : survey and experimental evidence”, Advances in political psychology, vol. 38, 2017, p. 172.

[1] إدریس لکرینى، مرجع سابق، ص. 24.

[1] John O’ Manique, “Universal and inalienable rights : a search for foundations”, Human rights quarterly, vol. 12, 1990, p. 479.

[1] Luc Ferry et Alain Renaut, Philosophie politique – 3- Des droits de l’homme à l’idée républicaine (Paris : Presses universitaires de France, 1988), p. 28.

[1]Ibid., p. 30-31.

[1] Guy Haarscher, Op.cit., p. 192.

[1] Danièle Lochak, Op.cit., p. 20.

[1] Ibid., p. 21.

[1] محمد یونس، موجز تاریخ الحریة- قصة میلاد حقوق الإنسان والمواطن)القاهرة : مرکز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، 2011)، ص. 147.

[1] Danièle Lochak, Op.cit., p.20-21.

[1] محمد یونس، مرجع سابق، ص. 174-175.

[1] Danièle Lochak, Op.cit.,p. 63.

[1] Ibid.

[1] Mathias Risse, Global political philosophy (United Kingdom : Palgrave Macmillan, 2012), p. 14.

[1] على الدین هلال، “من الغلبة إلى التوافق : وضع دستور 2014″، فى : على الدین هلال ومى مجیب ومازن حسن، عودة الدولة – تطور النظام السیاسى فى مصر بعد 30 یونیو (القاهرة : الهیئة المصریة العامة للکتاب، 2015)، ص. 93.

[1] Olivier Beaud, “Constitution et constitutionnalisme” dans : Philippe Raynaud et Stéphane Rials (sous la direction de), Dictionnaire de philosophie politique(Paris : Presses universitaires de France, 2003), p. 133.

[1] على الدین هلال، مرجع سابق،ص. 94.

[1] تشمل الشرعة الدولیة لحقوق الإنسان الإعلان العالمى لحقوق الإنسان الصادر فى دیسمبر 1948، والعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة والعهد الدولى الخاص بالحقوق الإقتصادیة والإجتماعیة والثقافیة اللذان تم إعتمادهما فى دیسمبر 1966 ودخلا حیز النفاذ  بالتوالى فى مارس 1976 و ینایر 1976. هذا بالإضافة إلى البرتوکولین الإختیاریین الملحقین بالعهد الدولى الخاص بالحقوق المدنیة والسیاسیة وهما البرتوکول الخاص بالشکاوى الفردیة الذى تم إعتماده فى دیسمبر 1966 ودخل حیز النفاذ فى مارس 1976 والبرتوکول الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام الذى تم إعتماده فى دیسمبر 1989 ودخل حیز النفاذ فى یولیة 1991.

[1] بوطیب بن ناصر وهبة العوادى، “الحمایة الدستوریة لحریة التعبیر فى الدول المغاربیة – دراسة حالة تونس، الجزائر، المغرب”، المستقبل العربى، العدد 446، ، أبریل 2016،ص. 53.

[1] على الدین هلال، مرجع سابق، ص. 111  وص. 115.

[1] المرجع السابق، ص. 115.

[1] المرجع السابق، ص. 116.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى