إشکالية العلاقة بين ظاهرة الإرهاب الجديد والإعلام الرقمي

مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة ، المقالة 6، المجلد 20، العدد 1 – الرقم المسلسل للعدد 78، الشتاء 2019، الصفحة 149-182 
المؤلف سوزى محمد رشاد – جامعة 6 أکتوبر ،مصر.

یعمل الإرهاب على تطویر تقنیاته للوصول لأهدافه، وقد اعتمد فی ذلک على الوسائل الإعلامیة الحدیثة فی تسویق أغراضه وغایاته والسیطرة على العقول وتجنیدها ونشر رسائله للعالم بطریقة أسرع ولها أثر أکبر، ومن هنا کانت وسائل الإعلام الحدیثة وسیلة من وسائل نشر العنف والمعتقدات الخاطئة.

کلمات مفتاحیة: الإرهاب، الإعلام الرقمی، الهجوم الإلیکترونی، الاتصالات الاستراتیجیة.

مقدمـــة :

أصبح الإرهاب ظاهرة مرکبة تختلط فیها الجوانب الجنائیة والإجرامیة والنفسیة بالجوانب السیاسیة والاقتصادیة والأیدیولوجیة، وقد شهد الإرهاب انتشارًا واسعًا وغیر مسبوق فی العدید من مناطق العالم، لاسیما فی بعض البلدان العربیة.

وقد استغل الإرهابیون الوسائل الإعلامیة فی تسویق أغراضهم وغایاتهم، وتوظیفها فی تضلیل الأجهزة الأمنیة، واکتساب السیطرة على الرأی العام عن طریق نشر أخبار العملیات الإرهابیة التی یقومون بتنفیذها، انطلاقًا من أن الحملات الإعلامیة التی تغطی هذه العملیات تساعد فی تحقیق واستکمال أهدافهم؛ حیث یرون فی التغطیة الإعلامیة لجرائمهم معیارًا مهمًّا لقیاس مدى نجاح فعلهم الإرهابی، وبالتالی أصبح للإعلام دور فی تغذیة أو دعم أو ظهور العنف والإرهاب والتطرف.

إشکالیة الدراسة:

تمثل وسائل الإعلام أحد مکونات النظام الاتصالی حول الإرهاب فکرًا وممارسة وتداعیات، فهی تسهم فی إحداث وحدة فی الفکر العام للمجتمع وصیاغة رأی عام متفق علیه تجاه الإرهاب، بالإضافة إلى دورها فی إحاطة الجمهور بتطورات الأحداث الإرهابیة. وفی خضم التطورات التکنولوجیة الهائلة، وانتشار الأقمار الاصطناعیة، واستخدام التکنولوجیا الرقمیة، برزت وسائل الإعلام الرقمیة التی أعطت مساحة من التعددیة فی مصادر تلقی المعلومات، وحریة فی طرح الأفکار، ومزیدًا من قنوات الاتصال مع الجمهور، والتأثیر فی الرأی العام. وبالتوازی مع ذلک فطنت المنظمات الإرهابیة إلى أهمیة وسائل الاتصال فی عرض أفکارها وجذب المؤیدین وتحقیق العدید من الأهداف الاستراتیجیة.

واستنادًا على ذلک، ظهرت إشکالیة التناقض بین ما یجب أن تقوم به وسائل الإعلام من دور فی نقل المعلومات وعرض الأخبار وتحلیلها لتکوین رأی عام ضد ظاهرة الإرهاب، وبین ما یحدث فی الواقع من استغلال المنظمات الإرهابیة لتلک القنوات الاتصالیة لتحقیق أهدافها والوصول لأغراضها المختلفة، ودرجات نجاح وفشل کل طرف فی تحقیق أهدافه.

ومن هنا تظهر عدة تساؤلات تناقشها الدراسة تتمثل فی:

  1. ما المقصود بالإرهاب الجدید والإعلام الرقمی؟
  2. کیف استفادت المنظمات الإرهابیة من وسائل الاتصال الحدیثة للوصول إلى أهدافها؟
  3. ما مظاهر التصدی لتلک الاستفادة وکیفیة تعامل الإعلام بشکل صحیح مع تلک الظاهرة؟

منهج الدراسة:

تستخدم الدراسة المنهج الوصفی التحلیلی فی رصد مدى نجاح التنظیمات الإرهابیة فی الإفادة من وسائل الإعلام الحدیثة لتفعیل استراتیجیتها الإعلامیة الهادفة إلى کسب المؤیدین وتحقیق الأهداف الاستراتیجیة بصورة أسرع وأیسر، مع بیان الکیفیة التی یجب أن تتعامل بها وسائل الإعلام مع تلک الظاهرة من أجل مجابهتها.

أهداف الدراسة:

تهدف الدراسة إلى بیان ما یلی:

  1. رصد تطور ظاهرة الإرهاب عبر المراحل الزمنیة المتعاقبة وتطور آلیاته.
  2. رصد العلاقة الجدلیة بین الإعلام والإرهاب، وتوضیح مدى استفادة الأخیر من وسائل الاتصال الحدیثة.
  3. بیان الأخطاء التی قد یقع فیها الإعلام عند معالجة الظاهرة الإرهابیة بهدف تلافیها.
  4. تقدیم تفسیرات مختلفة للکیفیة التی یجب أن یتعامل بها الإعلام مع الظاهرة الإرهابیة.

 نطاق الدراسة ومستوى التحلیل:

بالنسبة للنطاق الزمنی للدراسة فیبدأ بعد أحداث الحادی عشر من سبتمبر؛ حیث انتقلت المواجهة ضد الممارسات الارهابیة من المواجهة المادیة المباشرة الواقعیة إلى الفضاء الإلیکترونی، ویستمر نطاق الدراسة إلى الآن.

أما النطاق المکانی والمستوى التحلیلی للدراسة، فهو المستوى الدولی انطلاقًا من عالمیة ظاهرة الإرهاب، وعبور الإعلام الرقمی للحدود الدولیة.

وتمثلت وحدة التحلیل الخاصة بالدراسة فی التنظیمات الإرهابیة ذات الطابع الدولی مثل تنظیم “القاعدة” و”داعش”، وبالنسبة للإعلام الرقمی رکزت على الأخص شبکة المعلومات الدولیة (الإنترنت)، والفضائیات.

 تقسیم الدراسة:

تنقسم الدراسة إلى محورین؛ یتضمن الأول منهما المدخل المفاهیمی والإطار النظری للدراسة، بینما یناقش المحور الثانی مدى استفادة الإرهاب الجدید من التطور فی مجال الاتصال والإعلام وکیفیة التصدی لتلک الاستفادة.

أولاً: الإطار النظری والمدخل المفاهیمی:

1- الإطار النظری المفسر للعلاقة بین الإرهاب الجدید والإعلام الرقمی

ﺗﻌﺗﻣــد اﻟدارﺳـﺔ اﻟﺣﺎﻟﻳـﺔ ﻓـﻲ إطﺎرﻫـﺎ اﻟﻧظری ﻋﻠﻰ “ﻧظرﻳﺔ ﺗﺄﺛﻳر اﻟﺷﺧص اﻟﺛﺎﻟث”؛ ﺣﻳث ﺗﻌـد أﺣد أﻫـم اﻻﺗﺟﺎﻫـﺎت اﻟﻌﺎﻟﻣﻳـﺔ اﻟﺣدﻳﺛﺔ اﻟﺗﻲ اﻫﺗﻣت ﺑﺎﻟﻛﺷف ﻋـــن اﻟﺗــﺄﺛﻳرات ﻏﻳـر اﻟﻣﺑﺎﺷرة ﻟﻠرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﺣوث اﻟﺗﺄﺛﻳرات اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳﺔ ﻟوﺳﺎﺋل اﻻﺗﺻﺎﻝ.

وﺗﻌـود اﻟﺟـذور اﻟﺗﺎرﻳﺧﻳـﺔ ﻟﻧظرﻳـﺔ ﺗـﺄﺛﻳر اﻟﺷﺧص اﻟﺛﺎﻟـث إﻟـﻰ ﻋﺎﻟم اﻻﺟﺗمـﺎع اﻷﻟﻣـﺎﻧﻲ “ﻓﻳﻠﻳـب داﻓﻳﺳـون”، اﻟـذى ذﻫــب إﻟـﻰ أن: “أﻓراد اﻟﺟﻣﻬور ﻳﻌﺗﻘدون أﻧﻬـــم ﻻ ﻳﺗﺄﺛرون ﺑﺎﻟرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳﺔ اﻟﺗﻲ ﻳﺗﻌرﺿـون ﻟﻬﺎ – ﺑﺎﻋﺗﺑـﺎرﻫم اﻟﺷـﺧص الأوﻝ- وﻳﻧﺳﺣب اﻟﺣﻛـم نفسه ﻋﻠــﻰ أﻗـراﻧﻬم اﻟـذﻳن ﻳﺷـــﺑﻬوﻧﻬم ﺑﺎﻋﺗﺑﺎرﻫم – اﻟﺷـﺧص اﻟﺛـﺎﻧﻲ- ﺑﻳﻧﻣـﺎ ﻳﺗـﺄﺛر الآﺧرون ﻣﻣـن ﻻ ﻳﺷـﺑﻬوﻧﻬم اﺟﺗﻣﺎعیًّا وﺛﻘﺎﻓیًّا – اﻟﺷﺧص اﻟﺛﺎﻟث – تأثیرًا کبیرًا”[1].

ﻫـذا وﻗـد أﺛﺑﺗـت اﻟدراﺳـﺎت أن اﻟﺗﺑـﺎﻳن ﻓـﻲ إدراک أﻓـراد اﻟﺟﻣﻬور ﻟﺗـﺄﺛﻳر اﻟرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳـﺔ ﻋﻠـﻰ ذواتهم وﻋﻠﻰ الآﺧـرﻳن ﻳﻣﻛن ﺗﻔﺳـﻳرﻩ ﻓـﻲ ﺿـوء ﻋــﺎﻣﻠﻳن أﺳﺎﺳﻳﻳن؛ أوﻟﻬﻣـﺎ:

اﻟﺗﻘﻠﻳـﻝ ﻣـن ﻗﻳﻣـﺔ ﺗـﺄﺛﻳرات اﻟرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟــذات؛ حیث یفترض “Perloff”: “أن اﻟﻔــرد ﻳﺧﺿـﻊ ﻟﻌﻣﻠﻳـﺎت إدراﻛﻳـة ﺗدﻓﻌـﻪ إلـﻰ اﻻدﻋـﺎء ﺑﺄﻧـﻪ ﻟـم ﻳﺗـﺄﺛر ﺑﺎﻟﻣﺣﺗوى اﻹﻋﻼﻣـﻲ اﻟــذى ﻳﺗﻌــرض ﻟـه، ﺣﺗﻰ وإن ﻛﺎن ﻗد ﺗـﺄﺛر ﺑﺎﻟﻔﻌـــﻝ، وذﻟـک ﻣـن أﺟـﻝ الاحتفاظ بقیمته الذاتیة وتقدیره لذاته وتعزیز صورته الإیجابیة عن ذاته”[2]. وﻗـد أﻛــدت ﻫـذا اﻻﻓﺗــراض عدة دراﺳـﺎت وﺟـدت “أن الأﻓـراد ﻟـدﻳﻬم ﻣـﺎ یسمونه ﺑﺎﻟﺗﺣﻳز ﻟﻠـذات؛ ﺑﻣﻌﻧﻰ أﻧهـم ﻳـرون أﻧﻔﺳـﻬم أﻗـﻝ ﺗـﺄﺛرًا ﺑﺎﻟرﺳـﺎﺋﻝ اﻟﺳـﻠﺑﻳﺔ ﻣـن الآﺧـرﻳن؛ لأﻧﻬـم أﻛﺛـر ذﻛـﺎءً ﻣــن ﻏﻳـرﻫم”[3]، أﻣﺎ اﻟﻌﺎﻣـﻝ اﻟﺛـﺎﻧﻲ ﻓﻳﺗﻣﺛـﻝ ﻓـﻲ: اﻟﻣﺑﺎﻟﻐـﺔ ﻓـﻲ ﺗﻘـدﻳر ﺗـﺄﺛﻳرات اﻟرﺳـﺎئل الإﻋﻼﻣﻳـﺔ ﻋﻠـﻰ الآخرین؛ حیث ﻳــذﻫب “perloff” إﻟـﻰ أن: “الأﻓــراد ﻟـدﻳﻬم ﻫﻳﺎﻛـﻝ ﻣﻌرﻓﻳـة ﺗﺗﺿـﻣن ﻣﺟﻣوﻋـة ﻣـن اﻟﻣﻌﺗﻘـدات اﻟﺗﻲ ﺗﺗﻌﻠق ﺑـﺄن وﺳـﺎﺋﻝ الإﻋـﻼم ﻗـﺎدرة ﻋﻠﻰ ﻣﻧـﺎورة اﻟﻣــﺎﻫدﻳن وﺧداعهم والتلاعب ﺑﺄﻓﻛـﺎرﻫم”[4]، وﻋﻠﻳـﻪ ﻓﻼﺑـد ﻣـن ﻓرض رﻗﺎﺑة وﻗﻳود ﻋﻠﻰ وﺳﺎﺋﻝ الإﻋﻼم.

وقد حدد العلماء بعض العوامل المؤثرة فی إدراک تأثیر الشخص الثالث کالتالی[5]:

أ- ﻛﺛﺎﻓﺔ التعرض: وﺟـد “ﻣـﺎﻛﻠود وزﻣﻼؤه” أن الأﻓـــراد اﻟـــذﻳن ﻳــﺗم إدراﻛﻬـم ﻋﻠى أﻧﻬـم أﻛﺛـر ﺗﻌرﺿًـﺎ ﻟﻠرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳـﺔ ﻫـم الأﻓراد اﻟـذﻳن ﻳـﺗم ﺗﺻﻧﻳﻔﻬم ﻋﻠـﻰ أﻧﻬم الأﻛﺛر ﺗﺄﺛرًا، وﺗﺗﺳق ﻫـذﻩ اﻟﻧﺗﺎﺋﺞ ﻣﻊ ﻧظرﻳـﺔ اﻟﺗﻧـﺎﻓر اﻹدراﻛــﻲ “ﻟﻔﻳﺳﺗﻧﺟر” واﻟﺗﻲ ﺗﻧﺎوﻟت اﻟﻌﻼﻗـﺎت ﺑـﻳن اﻟﻌﻧﺎﺻر الإدراﻛﻳﺔ ﺑﻣـﺎ ﻓﻲ ذﻟک اﻟﻣواﻗف واﻟﻣﻌﺗﻘدات واﻟﺳﻠوﻛﻳﺎت[6].

ب- المسافة اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻳـﺔ: أﺛﺑﺗـت اﻟدراﺳـﺎت التی ﻗـﺎم “ﺑﻳرﻟــوف” ﺑﻣراﺟﻌﺗﻬا أن ﻫﻧﺎک ﻣﻳﻼً ﻋﺎﻣًّﺎ ﻟدى اﻟﻔرد ﻟﻠﺗﺣﻳز اﻹدراﻛﻲ ﻟﻸﻓراد اﻟذﻳن ﻳﻧﺗﻣـون إﻟﻰ اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ نفسها أو الأﻓراد اﻟذﻳن ﻳﺗﺷﺎﺑﻬون ﻣﻌـﻪ ﻓـﻲ ﺳـﻣﺎﺗﻬم، وذﻟـک ﻹظﻬﺎر أﻓراد اﻟﺟﻣﺎﻋﺔ اﻟﺗــﻲ ﻳﻧﺗﻣﻰ إﻟﻳﻬﺎ اﻟﻔرد ﻓﻲ ﺻورة أفضل من الأفراد الذین لا ینتمون إلیها[7].

ج- ﻣﺳـﺗوى المعرفة أو اﻟﺧﺑرة: أﺷﺎرت ﺑﻌض اﻟدراﺳـﺎت إﻟﻰ أن اﻟﻔﺟوة الإدراﻛﻳﺔ ﺑـﻳن ﺗﺄﺛﻳر اﻟرﺳﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳـﺔ ﻋﻠـﻰ اﻟـذات والآﺧرﻳن ﺗـزداد ﻋﻧـدﻣﺎ یعتقد المبحوثون أﻧﻬـم أﻛﺛر ﻋﻠماً ودراﻳـﺔ بالقضایا اﻟﻣﺗﺿـﻣﻧﺔ ﻓـﻲ اﻟرﺳــﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳـﺔ، ودﻋم ذﻟـک دراسـﺔ “ﺗﻳـدج” اﻟﺗﻲ أﺟراﻫﺎ ﻋـﺎم ١٩٩١؛ ﺣﻳث ذﻫـب إﻟـﻰ أن الفجوة الإدراﻛﻳﺔ ﺗزداد وﺗﺗﺳـﻊ ﻟـدى الأﻓـراد الأﻛﺛــر ﺗﻌﻠﻳﻣًــﺎ؛ إذ ﻳﻌﺗﺑــــرون أﻧﻔﺳﻬم ﻣن اﻟﺻﻔوة، وأن ﻣﺳﺗواﻫم اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻲ اﻟﻣﻣﻳـز ﻳﺟﻌﻠﻬم أﻗـﻝ ﺗﺄثرًا ﺑوﺳﺎﺋﻝ الإﻋﻼم ﻣﻘﺎرﻧﺔ ﺑﻐﻳرﻫم[8].

د- إدراک اﻟﺟﻣﻬور ﻟﺗﺣﻳز اﻟﻣﺻدر: أﺛﺑﺗت اﻟدراﺳـﺎت أن الأﻓـراد ﺣﻳﻧﻣﺎ ﻳدرﻛون أن اﻟﻘـﺎﺋم ﺑﺎﻻﺗﺻﺎﻝ ﻟدﻳﻪ ﺗﺣﻳز سلبی ﻳزداد ﺗﺄﺛﻳر اﻟﺷـﺧص اﻟﺛﺎﻟث؛ أی إن الآﺧرﻳن ﻳﻛوﻧون أﻛثر عرضة للانخداع بهذا التحیز السلبی[9].

هـ- مــدى القبول اﻻﺟﺗﻣــﺎﻋﻲ للرسالة الإﻋﻼﻣﻳــﺔ: أظﻬــرت اﻟدراﺳـﺎت أن الأﻓـراد أﻛﺛر اﺳـﺗﻌدادًا ﻟﻼﻋﺗـراف ﺑﺎﻟﺗﺄﺛر ﺑﺎﻟرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳـﺔ اﻟﺗﻲ ﺗﺟـد ﻗﺑـوﻻً اﺟﺗﻣﺎﻋﻳًّـﺎ ﺑدرﺟـة أﻛﺑر ﻣن اﻟرﺳﺎﺋﻝ اﻟﺗﻲ ﻻ ﺗﺟد ﻗﺑـوﻻً اﺟﺗﻣﺎﻋﻳـًـﺎ؛ ﺣﻳــــث ﻳﻣﻳـﻝ الأﻓـراد إﻟﻰ أن ﻳـروا أﻧﻔﺳﻬم أﻓﺿـﻝ ﻣن الآﺧـرﻳن، وأن اﻟرﺳـﺎﺋﻝ الإﻋﻼﻣﻳﺔ اﻟﺳﻠﺑﻳﺔ ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻳر ﻗوی ﻋﻠـﻰ اﺗﺟﺎﻫﺎت وﺳــﻠوﻛﻳﺎت أﻓـراد اﻟﺟﻣﻬـور الآﺧرﻳن اﻟﻣﺧدوﻋﻳن؛ وﻳﻔﺳر ﻫذا اﻻﻋﺗﻘﺎد ﺑﺎﻟﻣﻳﻝ إﻟﻰ ﺗﻘدیر الذات[10].

و- العوامل اﻟدﻳﻣوﻏراﻓﻳـﺔ: إذ ﺗﻌـد اﻟﻣﺗﻐﻳـرات اﻟدﻳﻣوﻏراﻓﻳﺔ ﻛﺎﻟﻌﻣر واﻟﻣﺳﺗوى اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻲ ﻣـن أﻫـم اﻟﻌواﻣـﻝ اﻹدراﻛﻳﺔ اﻟﺗـﻲ ﺗﻣﺎرس ﺗﺄﺛﻳراﺗﻬﺎ ﻋﻠـﻰ اﻟﺗﺻـورات اﻟﺗـﻲ ﻳﻛوﻧﻬﺎ الأﻓـراد ﺑﺷﺄن ﺗﺄﺛﻳرات وﺳﺎﺋﻝ الإﻋـلام ﻋﻠﻰ الآﺧـرﻳن وﻋﻠﻰ أﻧﻔســﻬم؛ ﺣﻳث ﺗوﺻﻝ “ﺗﻳدج” ﻣن ﺧﻼﻝ دراﺳﺗﻪ اﻟﺗﻲ أجراها عام ١٩٩١ إﻟﻰ أن ﺗﺄﺛﻳر “اﻟﺷـــﺧص اﻟﺛﺎﻟث” ﻳﻛون أﻛﺑر بین اﻟﻔﺋـﺔ اﻟﻌﻣرﻳﺔ الأﻛﺑر سـﻧًّﺎ وذوی اﻟﻣﺳﺗوﻳﺎت اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﻳﺔ اﻟﻣرﺗﻔﻌﺔ ﻣن اﻟﻣﺑﺣوﺛﻳن.[11]

2- الإرهاب الجدید.. تطور فی الآلیات والوسائل:

رغم اهتمام العالم بظاهرة الإرهاب، وشغلها حیزًا کبیرًا من اهتمام الساسة والقادة والمسؤولین فی العدید من دول العالم، فإنه لم یتم الاتفاق حتى الآن على مفهوم وتعریف واضح ومحدد للإرهاب، وقد عرفت المادة الأولى من الاتفاقیة العربیة لمکافحة الإرهاب مصطلح الإرهاب على أنه: “کل فعل من أفعال العنف أو التهدید أیًّا کانت بواعثه أو أغراضه، یقع تنفیذًا لمشروع إجرامی فردی أو جماعی، ویهدف إلى إلقاء الرعب بین الناس، أو ترویعهم بإیذائهم، أو تعریض حیاتهم أو أمنهم للخطر، أو إلحاق الضرر بالبیئة أو بأحد المرافق أو الأملاک العامة أو الخاصة، أو اختلاسها أو الاستیلاء علیها، أو تعریض أحد الموارد الوطنیة للخطر”.

وتشیر کثیر من الدراسات المهتمة بتاریخ وجذور تطور العمل الإرهابی کظاهرة معقدة ومرکبة إلى أن الإرهاب تنوعت صوره، وتعددت أدواته، وتطورت مع تطور الإنسان، وکذا توسعت ساحاته، وانتقل مفهوم الإرهاب من النطاق المحلی إلى النطاق الإقلیمی فالنطاق الدولی، ومن الإرهاب الفردی والعشوائی إلى الإرهاب المنظم – الجماعی والنسقی، کما مرت مسیرة تطور الإرهاب بعدة مراحل؛ حیث کان یضعف ویغیب فی أزمنة ویظهر بقوة وبشدة فی أزمنة أخرى بوسائل جدیدة تتوافق ومعطیات فترة عودته.

ویعرف الجیل الأول بموجات الإرهاب ذات الطابع المتطرف فی أوروبا، وقد ساد فی القرن التاسع عشر حتى عقد الثلاثینیات من القرن العشرین، وکان القائمون بالفعل الإرهابی فی الأغلب من الوطنیین المتطرفین، والذین وجهوا عملیاتهم الإرهابیة ضد الحکام والسیاسیین فی إطار عملیات إعادة رسم الخریطة السیاسیة فی أوروبا[12]، ویتسم هذا الجیل من الإرهاب بأن ینتهی المشارکون فی العمل الإرهابی وضحایاه إلى جنسیة نفس الدولة التی وقع بهـا العمـل الإرهابی، کما تنحصر نتائج الفعل الإرهابی داخل حدود هذه الدولة، ویتم الإعداد والتخطیط للعمل الإرهابی فی نطاق السیادة القانونیة والإقلیمیة لها، ویکون تواجد المشارکین فی العمل الإرهابی داخل حدودها، ولا یکون هناک أی دعم مادی أو معنوی لذلک النشاط الإرهابی من الخارج، کما أن هذا النوع من الإرهاب یخضع للاختصاص العقابی للدولة دون تدخل خارجی[13].

أما الجیل الثانی، فهو الجیل الذی اختلط فیه مفهوم الإرهاب بالحرکات الوطنیة لمجابهة الاستعمار، والتی قادتها حرکات التحرر الوطنی، وقد قامت الکثیر من أبواق الدعایة ووسائل الإعلام الغربیة آنذاک بوصف عملیات التحرر والکفاح الوطنی من أجل الاستقلال والسیادة الوطنیة بالإرهاب[14].

وکذلک نشأت العدید من الحرکات الإرهابیة الیساریة فی ذلک الوقت فی أوروبا، مثل الإرهاب الأسود فی إیطالیا، والإرهاب الأحمر فی کل من إسبانیا والبرتغال، وکذلک فی دول شرق آسیا مثل تایوان والیابان وحتى أندونسیا، وما یمیز الجیل الثانی من الإرهاب أنه إرهاب ذو طابع أیدیولوجی[15]، وقد استخدم کإحدى أدوات الصراع بین المعسکرین الغربی والشرقی خلال الحرب الباردة، وانتشر بکثرة فی القارة الإفریقیة؛ حیث تمثل فی حرب العصابات داخل الدولة الواحدة، وکذلک بین الدول المختلفة والمتجاورة والمتنازعة فی إطار حروب بالوکالة (بالتفویض أو بالنیابة) على أساس أن إفریقیا کانت مسرحًا حقیقیًّا للصراع بین الشرق والغرب. ومن هنا، بدأت الفکرة الأولى لتنمیط العمل الإجرامی الإرهابی فی إفریقیا.

وحتى بعد انتهاء الحرب الباردة، شرعت بعض الدول المتواطئة فی تجنید الإرهابیین، واستغلال المتطوعین العرب فی توظیفهم کمعارضین سیاسیین ضد بلدانهم بحسب مصالح وأهداف کل دولة[16].

أما الجیل الثالث، فقد بدأ فی منتصف الثمانینیات؛ وخلاله أصبحت ظاهرة الإرهاب عالمیة من الناحیة الجغرافیة، بشکل أساس، خاصة من ناحیة توزیعها وتماثلها العملیاتی والوظیفی، وفی الوقت ذاته کانت ظاهرة محلیة إلى حد کبیر تنشط داخل الدولة الواحدة أو فی إقلیم جغرافی ضیق.

فقد اتجه محور ترکیز النشاط الإرهابی إلى التنقل حول العالم، بحیث انحسر فی أوائل السبعینیات فی أمریکا اللاتینیة، وفی عام 1973 انتقل إلى القارة الأوروبیة، وخلال عامی 1986 و1987 انتقل إلى الشرق الأوسط وإفریقیا، وفی عام 1988 انتقل إلى آسیا، وعاد مرة أخر إلى أمریکا اللاتینیة فی عام 1989. واستمرت هذه المرحلة طیلة سنوات التسعینیات من القرن الماضی[17]، فشهدت هذه المرحلة موجات الإرهاب ذات الطابع الإثنی، ولاسیما الإرهاب ذو الطابع الدینی أو الطائفی أو العرقی الضیق. وکان هذا النوع من الإرهاب مرتبط إلى حد کبیر بتفاقم الصراعات الداخلیة فی العدید من دول العالم فی فترة ما بعد الحرب الباردة، وکان الإرهاب واحدًا من أدوات الصراع فیها[18].

ویمثل إرهاب الیوم الجیل الرابع من تلک الظاهرة التی دخلت أدبیات السیاسة العالمیة خلال عقد التسعینیات؛ إذ أصبح تحرکه أیدیولوجیًّا، ویتمیز باعتماده على شبکات تنظیمیة واسعة بالإضافة إلى کونه أکثر تصمیمًا على استخدام الأسلحة الثقیلة، وهو الأصعب والأخطر والأکثر انتشارًا، خاصة أنه أصبح إرهابًا استباقیًّا؛ حیث أفاد من المعطیات التکنولوجیة والتقنیة لیغیر من أسالیبه وأنماطه وفقًا لتسارعیة وشمولیة العولمة.

وفی هذا الإطار، شکلت هجمات الحادی عشر من سبتمبر 2001 نقله نوعیة وخطیرة فی نمط وأسالیب وأشکال ووسائل الإرهاب الجدید أکثر من کونها شکلاً من أشکال الإرهاب التقلیدی القدیم[19]. ومع ما تمثله هذه الهجمات من نقلة نوعیة فی تطور ظاهرة الإرهاب، فإنها لم تکن لتمثل نقلة مفاجئة، بل إنها (الأحداث) جاءت لتمثل ذروة تطور طویل فی ظاهرة الإرهاب، وهو تطور لا یقتصر فقط على مضمون وطبیعة العمل الإرهابی بحد ذاته، لکنه یمتد أیضًا إلى متغیرات البیئة الدولیة التی یتحرک فیها، والتی تعتبر العامل الرئیس وراء التحول فی أشکال الإرهاب الدولی.

ورغم أن جوهر الإرهاب یظل واحدًا – حیث هو استخدام العنف أو التهدید من أجل إثارة الخوف والهلع فی المجتمع عبر استهداف أفراد أو جماعات أو مؤسسات أو نظام الحکم ککل فی المجتمع، لتحقیق هدف سیاسی معین، فإن أشکال الإرهاب وأدواته وتکتیکاته تختلف وتتطور بسرعة مع الزمن، کما یتأثر الإرهاب إلى حد کبیر بخصائص النظام الدولی وتوازناته، والتی تترک بالضرورة تأثیرًا جوهریًّا على ظاهرة الإرهاب، من حیث الأهداف والآلیات، ووفق هذا المنظور، فإن الإرهاب الجدید یتسم بخصائص متمیزة ومختلفة عن إرهاب العقود السابقة من حیث التنظیم والتسلیح والأهداف[20].

1. فمن حیث التنظیم؛ تتسم جماعات الإرهاب الجدید بغلبة النمط العابر للجنسیات؛ حیث تضم أفرادًا ینتمون إلى جنسیات مختلفة، ولا تجمعها قضایا قومیة، لکن تجمعها أیدیولوجیا دینیة أو سیاسیة محددة، کما تنتقل هذه الجماعات من مکان إلى آخر، کما تمیل إلى الاعتماد على الشکل العنقودی کنمط أساس للتنظیم من أجل ضمان أمنها، مما یجعل أمر الخوض فی مکافحة – الإرهاب الجدید – وفق هذه المعطیات – غایة فی الصعوبة.

2. أما من حیث الأهداف؛ فإن الإرهاب الجدید یرکز على إیقاع أکبر قدر من الخسائر المادیة أو البشریة أو الاثنین معًا، ولیس فقط مجرد لفت النظر إلى المطالب السیاسیة والعقائدیة.

3. کما أن هذا الإرهاب أصبح قادرًا على استخدام منظومات تسلیحیة أکثر تطورًا وتعقیدًا.

4. أیضًا یتسم الإرهاب الجدید بکثافة التعبیر عن الکراهیة والرفض الشدید للآخر، من خلال استهداف رموز بارزة لدیه.

5. ویتسم کذلک بالاعتماد على مصادر متنوعة للتمویل والمساندة اللوجستیة، بما یجعل من الصعب رصدها أو اختراقها أو التنبؤ بحرکاتها أو ردود أفعالها.

6. کما یتسم الإرهاب الجدید بالطابع المرکزی للتخطیط واللامرکزی للعمل؛ حیث یترکز دور قائــــده والحلقة الضیقة حوله بتحدید اتجاهات عامة بالأساس؛ أی التخطیط العام الذی یحدد خطوطًا رئیسة عامة للحرکة والفعل أکثر مما یعنى بالتفاصیل الصغیرة[21].

وبالتالی، فإنه لیس من قبیل المبالغة القول إن أحداث 11 سبتمبر شکلت نقطة تحول فی النظام الدولی؛ حیث أصبح الإرهاب الجدید واحدًا من الأشکال الرئیسة، إن لم یکن الشکل الرئیس  للصراع المسلح على الساحة الدولیة، فهو لم یعد شکلاً  ثانویًّا من أشکال الصراع، ولم یعد مجرد أداة من أدوات الصراع المسلح، ولکنه أصبح شکلاً مستقلاً بذاته، بل ربما جاز القول إنه أصبح بدیلاً للحروب التقلیدیة فی الکثیر من الحالات على الساحة الدولیة[22].

وقد تطورت هذه الموجة من الإرهاب عبر مرحلتین؛ الأولى شهدت عولمة نشاطها وانتقالها من مرحلة العمل داخل حدود الدولة الوطنیة إلى العمل خارج حدودها وتأسیس تنظیمات عابرة للحدود أثرت على العالم أجمع، وامتازت جماعاتها بالبناء العقائدی والدینی طویل الأجل من أجل تجنید من یحمل السلاح ویقوم بالعملیات الإرهابیة.. والثانیة هی ظهور تنظیمات العنف والانتقام التکفیریة المتعولمة التی لم تحتج إلى بناء عقائدی طویل الأجل من أجل الإیمان بالفکرة، بل جاء أعضاؤها بغرض الانتقام السیاسی أو المذهبی، ثم بعد ذلک یتم البحث عن غطاء دینی یبرر القتل والإرهاب، وهذا ما یمثله تنظیم داعش باعتباره الأنموذج الأبرز للإرهاب الجدید العابر للحدود[23].

والحقیقة، إن العملیات الإرهابیة الحالیة هی نتاج تحولین کبیرین؛ أحدهما یرجع للتغییر الذی أصاب الجماعات الجهادیة وانتقالها من المحلیة والصراع مع السلطة الداخلیة بغرض إسقاطها وبناء مشروعها الإسلامی، إلى صراع انتقامی متعولم، ومع هذا التحول حدث تغیر أعمق یتعلق بتراجع تأثیر الإطار العقائدی الحاکم لهذه الجماعات؛ ففی عهد الجماعات الجهادیة المحلیة کان هناک إطار عقائدی وتفسیر فقهی خطأ للدین یحرک هذه الجماعات. والآن، تراجع هذا الإطار حتى الغیاب لصالح شعارات دینیة سطحیة تُستدعى لتبریر القتل والإرهاب الذی یتشکل أساسًا نتیجة الواقع الاجتماعی والسیاسی[24]. ومن هنا، یمکن القول بتراجع إرهاب المرجعیات لصالح إرهاب الانتقام.

والحقیقة، إن قدرة هذه التنظیمات الجدیدة وخلایاها المنتشرة فی شتى أنحاء العالم على امتلاک أدوات الإعلام الرقمی الجدید بتقنیة متقدمة مکنتهم من تنسیق عملیاتهم وخططهم وتجنید أتباع جدد ونشر الأفکار والمعتقدات، کما وفرت لهم ساحة افتراضیة للتدریب والحصول على الدعم المادی والمعنوی[25]. وتستخدم هذه التقنیات بفعالیة ربما أکبر من فعالیة استخدام الدول والمؤسسات الرسمیة لهذه التقنیات والوسائل؛ حیث إنها تراهن على توظیف الإعلام التقلیدی المعروف جنبًا إلى جنب مع المستجدات التکنولوجیة کالشبکات الإلیکترونیة الفائقة الدقة، إن لم یکن لترویع وشل حرکة “الأعدء” فعلى الأقل لإحراج الحکومات أمام شعوبها، وإظهار ضعف منظومتها فی الأمن والاستخبارات، وکذا قدرتها على الرد والمجابهة.

3- مفهوم الإعلام الرقمی- الإعلام الجدید:

  1. المفهوم: یعرف خبراء الإعلام العملیة الإعلامیة بأنها الوسائل التی تتم بها عملیة الاتصال بالجماهیر، بحیث تتمیز هذه الوسائل بالقدرة على توصیل الرسائل فی اللحظة نفسها إلى جمهور عریض متباین الاتجاهات والمستویات مع قدرتها على نقل الأخبار والمعلومات والترفیه والآراء والقیم، والقدرة على خلق رأی عام وتنمیة اتجاهات وأنماط من السلوک لم تکن موجودة لدى الجمهور المستهدف، ومن هذه الوسائل: الصحافة والإذاعة والتلیفزیون والسینما والکتاب والتسجیلات المسموعة والمرئیة والإنترنت وغیرها کثیر[26].

وقد ظهرت وسائل الإعلام الجدید کمصطلح واسع النطاق فی الجزء الأخیر من القرن العشرین لیشمل دمج وسائل الإعلام التقلیدیة مثل الأفلام والصور والموسیقى والکلمة المنطوقة والمطبوعة، مع القدرة التفاعلیة للحاسب الآلی وتکنولوجیا الاتصالات، وتطبیقات الثورة العلمیة التی شهدها مجال الاتصال والإعلام؛ حیث ساهمت الثورة التکنولوجیة فی مجال الاتصال فی التغلب على الحیز الجغرافی والحدود السیاسیة، والتی أحدثت  تغییرًا بنیویًّا فی نوعیة الکم والکیف فی وسائل الإعلام.. وهکذا جاءت وسائل الإعلام الجدید لتحل محل وسائل الإعلام التقلیدیة المرکزیة، وأصبح بإمکان الأفراد والمؤسسات مخاطبة الجمیع مباشرة وبتکلفة معقولة[27].

إن قوة وسائل الإعلام الجدید لا تقتصر على مجرد خاصیة التفاعل التی تتیحها، والتی تسمح لکل من المرسل والمستقبل بتبادل أدوار العملیة الاتصالیة، ولکن تلک الوسائل أحدثت أیضًا ثورة نوعیة فی المحتوى الاتصالی متعدد الوسائط الذی یشتمل على النصوص والصور وملفات الصوت ولقطات الفیدیو.

ومصطلح الإعلام الجدید هو مصطلح حدیث العهد، مثیر للجدل، لم یجد تعریفًا واحدًا بین منظری العلوم الإنسانیة نظرًا لتداخل الآراء والاتجاهات فی دراسته، ورغم ذلک فقد عکس هذا المصطلح فی بدایاته التطور التقنی الکبیر الذی طرأ على استخدام تکنولوجیا الصوت والصورة فی الإعلام، ولاحقًا بعد ثورة الإنترنت، أُطلق على کل ما یمکن استخدامه من قبل الأفراد والجماعات على هذه الشبکة العنکبوتیة العملاقة. ویقف هذا المصطلح أمام رؤیتین: الأولى، هی الإعلام الجدید بوصفه بدیلاً للإعلام التقلیدی، والثانیة هی الإعلام الجدید بوصفه تطورًا لنظیره التقلیدی.

وقد حصر “نیکولاس نیغروبونتی”، مؤسس معمل الإعلام الجدید فی “ماساشوستس”، الفارق بین الإعلامین الجدید والتقلیدی[28] فی أن الإعلام الجدید قام على استبدال الوحدات المادیة بالرقمیة، وهو ما أیده “فین کروسبی” بتأکیده أن الإعلام الجدید یضم مزایا الاتصالین الشخصی والجماهیری، ویتجاوز سلبیاتهما، أما “ریتشارد دیفیز” و”دیانا أوبن” فذهبا إلى تجاوز مدخلی “نیغروبونتی” و”کروسبی”، بالتخفیض من التماهی بین الإعلامین الجدید والتقلیدی، وجاء هذا عبر توزیع صیغ الإعلام الجدید ضمن ثلاثة أنماط: النمط الأول یمارس فیه الإعلام الجدید بتقنیة تقلیدیة، مثل برامج الحوار الحیة (Talk Show)، والفقرات الصباحیة من (Good Morning America) على القنوات التلیفزیونیة، والثانی یمارس التأثیر الإعلامی الجدید بتقنیة جدیدة مثل الصحف الإلیکترونیة، والخدمات الإعلامیة على النقال، أما النمط الثالث فهو تطبیق الإعلام الجدید بتقنیة مختلطة، بما یذیب الفارق المفترض بین الإعلامین الجدید والتقلیدی، مثل النسخ الإلیکترونیة للصحف الورقیة[29].

وقد أصبحت الوسیلة التقنیة المستخدمة فی إیصال المعلومة متوافرة فی کل مکان، وتقوم ببث رسائل تحمل فی مضامینها رسائل إیجابیة وأخرى سلبیة لیس من السهولة السیطرة علیها، وتشمل القنوات الفضائیة والوسائل التقنیة مثل الهاتف النقال والإنترنت ووسائل التخزین الصوتیة والمرئیة المختلفة. ومن ضمن مرادفات الإعلام الجدید مفهوم “الإعلام الرقمی” الذی تم تعریفه على أنه الإعلام المعتمد على التکنولوجیا الرقمیة مثل: مواقع الویب، والفیدیو، والصوت، والنصوص وغیرها، وبالتالی فهو العملیة الاجتماعیة التی یتم فیها الاتصال عن بعد بین أطراف تتبادل الأدوار فی بث الرسائل الاتصالیة المتنوعة واستقبالها من خلال النظم الرقمیة ووسائلها لتحقیق أهداف معینة، وهو وفق هذه الرؤیة یشمل کل وسائل الإعلام التی تعمل وفق النظم الرقمیة، بما فیها التلیفزیون التفاعلی أو التلیفزیون غیر التفاعلی الذی یستخدم النظم الرقمیة فی إنتاج وبث المضامین الإعلامیة، وهو مجموعة من الأسالیب والأنشطة الرقمیة الجدیدة التی تمکننا من إنتاج ونشر المحتوى الإعلامی وتلقیه، بمختلف أشکاله من خلال الأجهزة الإلیکترونیة (الوسائط) المتصلة بالإنترنت، فی عملیة تفاعلیة بین المرسِل والمستقبِل، بحیث تکون جمیع الوسائل والأدوات المستخدمة فی إنتاج المحتوى الإعلامی من صحافة وأخبار وغیرها من الأدوات ومصادر المعلومات هی بشکل رقمی ومخزنة على وسط خزن إلیکترونی وظهور مرحلة التفاعل(Interactivity )، وتتمیز بوجود نوع من التحکم الانتقالی من جانب أفراد الجمهور فی نوعیة المعلومات التی یختارونها؛ أی إن الفرد یمکن أن یکون رئیسًا لتحریر المجلة التی یختارها، مثل “الفیسبوک” و”المدونات” بأنواعها و”الفیدیوتیکس” و”التلیفزیون الرقمی”؛ أی أصبح الجمهور مشارکًا فی وسائل الإعلام بدلاً من أن یکون متلقیًّا فقط[30].

وسواء کان الإعلام الجدید أو الإعلام الرقمی، فإنهما یعنیان العملیة الاتصالیة الناتجة عن تزاوج بین تکنولوجیات الاتصال والبث الجدیدة والتقلیدیة مع الحاسب الآلی وشبکاته، بما أحدث طفرة فی طبیعة تناول القضایا المختلفة، ومن ضمنها قضیة الإرهاب.

  1. الخصائص: یتمیز الإعلام الجدید أو الإعلام الرقمی بعدة خصائص تشمل[31]:

أ- التفاعلیة (Interactivity)، وهی القدرة على التفاعل مع حدیث المستخدم بشکل تام من خلال تطویر شکل التفاعل بالانتقال من دائرة رجع الصدى للمحتوى المنشور على المواقع الإلیکترونیة من خلال إضافة تعلیقات، إلى التحرر بتقدیم وجهات النظر من خلال المواقع التشارکیة مثل الیوتیوب وشبکات التواصل الاجتماعی.

ب- اللاجماهیریة (Demassification)، وتعنی أن الرسالة الاتصالیة من الممکن أن تتوجه إلى الفرد أو إلى جماعة معینة ولیس إلى جماهیر ضخمة فقط.

ج‌- التنوع (Variety)، وذلک فی توفیر أکبر عدد من الاختیارات للمتلقی لجهة توظیف عملیة الاتصال بما یتفق مع حاجاته ودوافعه.

د‌- التکامل (Integration)، ویعنی توفیر أسالیب العرض ووسائل التخزین فی أسلوب متکامل وقت التعرض إلى شبکة الإنترنت.

هـ- الحرکیة (Mobility) من خلال الأجهزة الصغیرة سهلة الحمل التی تستخدم فی أوجه الاتصال المختلفة متجاوزة حدود المکان والزمان والثقافات.

ثانیاً: مدى استفادة الإرهاب الجدید من التطور فی مجال الاتصال والإعلام وکیفیة التصدی لتلک الاستفادة:

أولاً: الإعلام الرقمی کبیئة ملائمة للممارسات الإرهابیة:

قدم تطور وسائل الاتصالات وأنظمة المعلومات خدمة غیر مقصودة للتنظیمات الإرهابیة؛ حیث قامت الأخیرة باستغلال هذا التطور فی خدمة أغراضها غیر المشروعة وفی إتمام عملیاتها الإجرامیة، فقد وفرت الاتصالات الحدیثة عملیة نقل الأفکار والبیانات والتوجیهات إلى خلایا الشبکات الإرهابیة بأمان بعیدًا عن أعین الرقابة الأمنیة، کما أمنت أنظمة المعلومات الإلیکترونیة أیضًا تدفق سیل من المعلومات اللازمة لتنفیذ عملیاتها الإرهابیة، ولا یمکن إغفال الاستراتیجیة الإعلامیة التی اعتمدها زعیم تنظیم “القاعدة” “أسامة بن لادن” قبل رحیله؛ حیث أنشأ إدارة إعلام القاعدة فی عام 1988، کجزء من الهیکل التنظیمی للتنظیم، وذلک بغرض الاحتفاء بالمجاهدین فی أفغانستان الذین کانوا یحاربون الاتحاد السوفیتی، غیر أن الرسالة الإعلامیة تحولت إلى هجوم على إسرائیل والولایات المتحدة الأمریکیة وبعض الأنظمة العربیة، کما کان هدفها التأثیر فی الرأی العام ونشر أفکارها حول عملیاتها، واستقطاب أتباع جدد عبر العالم[32].

وإمعانًا فی خلق أجواء الفوضى والترویع، وإتاحة المجال أمام انتشار الشائعات المغرضة التی تثیر خوف الرأی العام وتؤلبه ضد السلطات المحلیة بحجة عجزها عن حمایة أمنه، یعمد الإرهابیون إلى التسلح بوسائل الإعلام المختلفة لتسویق أغراضهم وغایاتهم وتوظیفها فی تضلیل الأجهزة الأمنیة واکتساب السیطرة على الرأی العام عن طریق نشر أخبار العملیات الإرهابیة التی یقومون بتنفیذها على اعتبار أن الحملات الإعلامیة التی تغطی هذه العملیات تساعد على تحقیق واستکمال أهداف الإرهابیین الذین یرون فی التغطیة الإعلامیة لجرائمهم معیارًا مهمًّا لقیاس مدى نجاح فعلهم الإرهابی، لدرجة أن البعض اعتبر العمل الإرهابی الذی لا ترافقه تغطیة إعلامیة عملاً فاشلاً. من هنا، یأتی استغلال الإرهاب لوسائل الاتصال المختلفة لترویج فکره الإرهابی ودعمه من خلال محاولاته المستمرة فی البحث عن الدعایة الإعلامیة لتسلیط الضوء على وجوده وأغراضه. فبحسب باحثین نفسیین؛ فإن الإرهابیین قد یحجمون عن تنفیذ عملیاتهم فی حال علموا مسبقًا أنها لن تترافق مع الدعایة الإعلامیة التی من شأنها کشف حجم الخسائر التی ألحقوها بأعدائهم على اعتبار أن الحرب النفسیة تعمل عملها فقط فی حال أبدى البعض اهتمامًا بالأمر[33].

ﻭﻴﻤﻜﻥ ﺤﺼﺭ ﺍﻷﺩﻭﺍﺭ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺩﺘﻬﺎ ﺘﻠﻙ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻹﻋﻼﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺴﺎﻋﺩﺓ على ﺯﺭﻉ ﺍﻟﻌﻨﻑ ﻭﺘﻨﻤﻴﺔ ﻓﻜﺭ التطرف والإرهاب – ﺒﺸﻜل ﻤﺒﺎﺸﺭ ﺃﻭ ﻏﻴﺭ ﻤﺒﺎﺸﺭ–  فی الآتی[34]:

  • ﻤﺴﺎﺤﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﻁﻠﻘﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻤﻨﺤﺘﻬﺎ ﺸﺒﻜﺔ ﺍﻟﻤﻌﻠﻭﻤﺎﺕ ﺍﻟﺩﻭﻟﻴﺔ ﻟﻤﻌﺘﻨﻘﻲ ﺍﻟﻔﻜﺭ ﺍﻟﻤﺘﻁﺭﻑ ﻭﺍﻟﺘﺭﻭﻴﺞ ﻟﻪ (Online Radicalization) من خلال ﻭﺇﺘﺎﺤﺔ ﺍﻟﻔﺭﺹ ﻟﻨﺸﺭ ﺒﻴﺎﻨﺎﺘﻬﻡ ﻭﺘﺼﺭﻴﺤﺎﺘﻬﻡ ﻭکتبهم ﻭﺃﻓﻼﻤﻬﻡ ﻭﺘﺴﺠﻴﻼﺘﻬﻡ ﻋﻠﻰ ﺍﻤﺘﺩﺍﺩ ﺍﻟﻌﺎﻟﻡ ﺒﺴﻬﻭﻟﺔ ﻭﻴﺴﺭ ﻏﻴﺭ ﻤﺴﺒﻭﻗﻴﻥ.
  • ﺍﻟﺘﻬﻭﻴلﻭﺍﻟﺘﻀﺨﻴﻡ ﻓﻲ ﻗﻭﺓ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻟﺘﺤﻘﻴﻕ ﺍﻹﺜﺎﺭﺓ ﺍﻟﺼﺤﻔﻴﺔ ﻭﺍﻹﻗﺒﺎل ﺍﻟﺠﻤﺎﻫﻴﺭﻱ ﺒﻐﺭﺽ ﺍﻟﺭﺒﺢ ﺍﻟﻤﺎﺩﻱ ﻓﻲ ﻅل ﺍﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺔ ﺍﻟﺸﺭﺴﺔ.
  • ﻫﻴﻤﻨﺔ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻹﺨﺒﺎﺭﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺘﻐﻁﻴﺔ ﺍﻹﻋﻼﻤﻴﺔ ﻟﻺﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﻭﺘﻐﻴﻴﺏ ﺍﻟﺘﻐﻁﻴﺔ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻁﺎﺒﻊ ﺍﻟﺘﺤﻠﻴﻠﻲ ﻭﺍﻟﺘﻔﺴﻴﺭﻱ.
  • ﺍﻓﺘﻘﺎﺭ ﺒﻌﺽ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺒﺭاءﺀ ﻭﺍﻟﻤﺘﺨﺼﺼﻴﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺠﺎﻻﺕ ﺍﻷﻤﻨﻴﺔ ﻭﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻭﺍﻟﺘﺭﺒﻭﻴﺔ؛ ﻹﻗﻨﺎﻉ ﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩ ﺒﺤﻘﻴﻘﺔ ﺍﻟﺤﺩﺙ ﻭﻋﺩﻡ ﺍﻻﻨﺴﻴﺎﻕ ﻭﺭاء ﺍﻟﺘﻀﺨﻴﻡ ﺍﻹﻋﻼﻤﻲ.
  • ﻗﻴﺎﻡ ﺒﻌﺽ ﺍﻟﻘﻨﻭﺍﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺌﻴﺔ ﺒﻌﺭﺽ ﺍﻟﻤﻨﺎﻅﺭ ﻭﺍﻟﻤﺸﺎﻫﺩ ﺍﻟﻤﺄﺴﺎﻭﻴﺔ ﻭﺘﺼﻭﻴﺭ ﺍﻷﻀﺭﺍﺭ ﺒﺸﻜل ﻤﺘﻜﺭﺭ ﻭﻤﺒﺎﻟﻎ ﻓﻴﻪ، إضافة إلى ﺒﺙ ﻭﺠﻬﺎﺕ ﻨﻅﺭ ﺍﻹﺭﻫﺎﺒﻴﻴﻥ ﺩﻭﻥ ﺇﺘﺎﺤﺔ ﺍﻟﻔﺭﺼﺔ ﻟﺘﻌﺭﻴﺘﻬﺎ ﻭﺍﻟﺭﺩ ﻋﻠﻴﻬﺎ.

ویتجلى الدعم الإعلامی للإرهاب فی الإعلام الإلیکترونی والفضائیات فی صور کثیرة منها[35]:

  • التهدید الإلیکترونی: تعددت الأسالیب الإرهابیة فی التهدید عبر الإنترنت من التهدید بالقتل لشخصیات عامة، إلى التهدید بتفجیرات فی مراکز حیویة أو تجمعات ریاضیة، والتهدید بإطلاق فیروسات لإتلاف الأنظمة المعلوماتیة فی العالم.
  • القصف الإلیکترونی: وهو أسلوب للهجوم على شبکة المعلومات عن طریق توجیه مئات الآلاف من الرسائل الإلیکترونیة إلى مواقع هذه الشبکات؛ مما یزید الضغط على قدرتها على استقبال رسائل من المتعاملین معها، مما یؤدی إلى وقف عمل الشبکة. ومن المواقع التی تعرضت للقصف الإلیکترونی هو “موقع شرکة أمازون” للبیع على الإنترنت، وأیضًا موقع شبکة “سی إن إن” للأخبار على الإنترنت؛ مما أدى إلى بطء تدفق المعلومات لمدة من الوقت.
  • تدمیر أنظمة المعلومات: وهی محاولة اختراق شبکة المعلومات الخاصة بالأفراد أو الشرکات أو المؤسسات العامة؛ بهدف تخریب نقطة الاتصال أو النظام عن طریق تصنیع أنواع من الفیروسات الجدیدة التی تسبب کثیرًا من الضرر لأجهزة الحاسب الآلی والمعلومات التی تم تخزینها على هذه الأجهزة.
  • التجسس الإلیکترونی: ومن أمثلة القرصنة المعلوماتیة التی تمارسها بعض الجهات الإرهابیة للحصول على المعلومات العسکریة المخزنة فی ذاکرة الحاسبات الآلیة التابعة لوزارات الدفاع بالدول المستهدفة، ما حدث فی صیف 1994م، عندما تمکنت إحدى هذه المنظمات الإرهابیة من سرقة معلومات عسکریة تتعلق بالسفن التی تستعملها الجیوش التابعة لدول أعضاء حلف شمال الأطلسی من أنظمة الحاسبات الآلیة الخاصة بسلاح البحریة الفرنسیة.

وترکز الدراسة على وسیلتین من وسائل الإعلام الرقمی وعلاقتهما بالإرهاب، وهما: الإنترنت، والفضائیات.

  1.  الإرهاب والإنترنت:

اﺳﺗﺧدم أرﺑﺎب اﻟﻔﻛر المتطرف اﻹﻧﺗرﻧت فی ﻣﻌرﻛﺗﻬم ﻋﻠﻰ ﻋدة ﻣﺣﺎور أﻫﻣﻬﺎ وأولها: أن ﻳﺻﺑﺢ اﻹﻧﺗرﻧت ﻋﺎﻣﻼً مساعدًا للعمل الإرﻫﺎﺑﻲ اﻟﺗﻘﻠﻳدی اﻟﻣﺎدی، وذﻟک ﺑﺗوﻓﻳر اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺿرورﻳﺔ ﻋن اﻷﻣﺎﻛن اﻟﻣﺳﺗﻬدﻓﺔ أو استخدامه ﻛوﺳﻳط ﻓﻲ ﻋﻣﻠﻳﺔ اﻟﺗﻧﻔﻳذ؛ إذ یعد الإﻧﺗرﻧت إﺣدى أدوات ﺗﺣﻘﻳق الترابط اﻟﺗﻧظﻳﻣﻲ ﺑﻳن اﻟﺟﻣﺎﻋﺎت واﻟﺧﻼﻳﺎ اﻟﺗﻲ ﺗﻣﻛﻧﻬم ﻣن ﺗﺑﺎدﻝ اﻟﻣﻘﺗرﺣﺎت واﻷﻓﻛﺎر واﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﻣﻳداﻧﻳﺔ ﺣوﻝ ﻛﻳﻔﻳﺔ إﺻﺎﺑﺔ اﻟﻬدف واختراقه واﻟﺗﺧطﻳط واﻟﺗﻧﺳﻳق ﻟﻠﻌﻣﻝ اﻹرﻫﺎﺑﻲ[36]، وقد استغلت “القاعدة” الإنترنت لتحقیق أهدافها سواء العسکریة أو الدعائیة، فکثیر من العملیات الإرهابیة التی قامت بها لعب فیها “جوجل إیرث” الدور الأکبر، هذا بالرغم من السیطرة المحکمة على الشبکة الدولیة، غیر أن ذلک لم یمنع ظهور برامج تشفیر تساعد الإرهابیین على التواصل، مثل ما أشار إلیه موقع الإخلاص من أن برنامج “أسرار المجاهدین 2” هو أول برنامج إسلامی للتراسل الآمن عبر الشبکات، وهو یمثل أعلى مستوى تقنی فی التراسل المشفر[37]. وﺛﺎﻧﻳﻬﺎ: ﻳﺗﻣﺛﻝ فی اﺳﺗﺧدام اﻹﻧﺗرﻧت ﻹﺣداث آثار ﻧﻔﺳﻳﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ اﻟﺗﺣرﻳض ﻋﻠﻰ ﺑث اﻟﻛارﻫﻳﺔ واﻟﺣﻘد وﺣرب اﻷﻓﻛﺎر؛ ﺣﻳث یخدم اﻹﻧﺗرﻧت اﻟﺧﻠﻳﺔ اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ ﻣن ﺣﻳث ﺗﺿﺧﻳم اﻟﺻورة اﻟذﻫﻧﻳﺔ ﻟﻘوة وﺣﺟم ﺗﻠک اﻟﺧﻼﻳﺎ، واﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗﻛون ﻓﻲ واﻗﻊ الأﻣر ﻣن عدد قلیل ﻣن الأفراد ﻟدﻳﻬم أو ﻟدى أﺣدﻫم ﺧﺑرة ﺑﺎﻹﻧﺗرﻧت وﺑراﻣﺞ  “MultiMedia” ﻟﺑث رﺳﺎﺋﻝ إﻋﻼﻣﻳﺔ ﺗﺧدم أﻫداﻓﻬم ﻟﺷن ﺣرب ﻧﻔﺳﻳﺔ ﺿد ﻣﺳﺗﻬدﻓﻳﻬﺎ واﻟدﻋﺎﻳﺔ ﻷﻫداﻓﻬﺎ وأﻧﺷطﺗﻬﺎ بعیدًا ﻋن وﺳﺎﺋﻝ اﻹﻋﻼم اﻟﺗﻘﻠﻳدﻳﺔ، ﻓﺎﻟﺗﻧظﻳم الإرهابی لا یهمه کم سقط من الناس ﻓﻲ الحدث اﻹرﻫﺎﺑﻲ ﺑﻘدر ﻣﺎ ﻳﻬﻣﻪ عدد اﻟﻧﺎس الذین ﺷﺎﻫدوا وﺗﻔﺎﻋﻠوا ﻣﻊ اﻟﺣدث اﻹرﻫﺎﺑﻲ[38]، وﺛﺎﻟﺛﻬﺎ: ﻳﺗﻣﺛﻝ ﻓﻲ الإﻣﻛﺎﻧﺎت اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻳﺔ اﻟﺗﻲ یتیحها اﻹﻧﺗرﻧت؛ فمن ﺧﻼﻝ اﺳﺗﺧدام آﻟﻳﺎﺗﻪ اﻟﺟدﻳدة ﻳﺗﻣﻛن أﻋﺿﺎء اﻟﺧﻠﻳﺔ الإرﻫﺎﺑﻳﺔ ﻣن تحدید ﺻورة رﻗﻣﻳﺔ ﻳﻣﻛن ﻣن ﺧﻼﻟﻬﺎ أن ﺗدار رﺣﻰ ﻣﻌﺎرﻛﻬم ﻓﻲ اﻟﻔﺿﺎء اﻹﻟیکترونی. ومن ثم، ﻻ ﻳﻘﺗﺻر ﺗﺄﺛﻳرﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺑﻌدﻫﺎ اﻟرﻗﻣﻲ ﻓﻘط ﺑﻝ ﺗﺗﻌداﻩ ﻹﺻﺎﺑﺔ أﻫداف أخرى ﻛﺗدﻣﻳر ﻣواﻗﻊ اﻹﻧﺗرﻧت اﻟﻣﺿﺎدة واﺧﺗراق ﻣؤﺳﺳﺎت ﺣﻳوﻳﺔ أو ﺣﺗﻰ ﺗﻌطﻳﻝ ﺧدﻣﺎﺗﻬﺎ اﻹﻟیکترونیة[39].

ﺗﺄﺳﻳﺳًﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺳﺑق، ﺗﺗﺣدد أﻫم اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟﺗﻲ تخدم اﻟﺧﻼﻳﺎ اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ واﻟﺗﻲ یوفرها لها اﻹﻧﺗرﻧت کما جاء فی التقریر السنوی لمکتب الأمم المتحدة المعنی بالمخدرات والجریمة عام 2012 ﻓﻳﻣﺎ یلی[40]:

أ- إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ اﻟﺗواﺻﻝ ﻣﻊ ﻗﺎﻋدة ﺟﻣﺎﻫﻳرﻳﺔ ﻋرﻳﺿﺔ ﺑﺳﻬوﻟﺔ ویسر (الدعایا) (Propaganda)؛ﺣﻳث ﺗﺗﻳﺢ ﺗﻛﻧوﻟوﺟﻳﺎ اﻻﺗﺻﺎﻝ إﻣﻛﺎﻧﻳﺔ ﻛﺳب ﺗﺄﻳﻳد ﺑﻌض اﻟﺟﻣﺎﻫﻳر اﻟﺟدﻳدة، وﻏﺎﻟﺑًﺎ ﻣﺎ ﺗﻛون ﻫذﻩ اﻟﺟﻣﺎﻫﻳر ﻣن ﻓﺋﺔ اﻟﺷﺑﺎب واﻟﻣﺛﻘﻔﻳن، وهذا ما یفعله تنظیم الدولة الإسلامیة فی سوریا والعراق “داعش”؛ حیث أصبح الانتداب عبر الإنترنت أحد وسائل “داعش” فی الفترة الأخیرة خاصة فی القارة الأوروبیة، وقد أشارت صحیفة “لوموند الفرنسیة”، استنادًا إلى وثائق خاصة بالتنظیم قامت بالاطلاع علیها، إلى قیامه بتزوید عناصره بالأدوات والنصائح التقنیة، وإتاحته للبرامج والتقنیات المتعلقة بحمایة بیانات عناصره عبر الإنترنت، ویشدد التنظیم فی تعلیماته على ضرورة حجب عناوین بروتوکول الإنترنت IP الخاصة بعناصره، واستخدام شبکات VPN  وتشفیر نشاطهم ورسائلهم عبر الإنترنت، من خلال اللجوء إلى برامج إلیکترونیة یشتهر النشطاء السیاسیون وتجار السلاح والمخدرات عبر العالم باستخدامها، والتی تتیح لهم فی معظم الأحیان إمکانیة استخدام شبکة الإنترنت دون التعرض للتعقب.[41]

ب- الهجوم الإلیکترونی (Cyberattacks) والقضاء على المواقع التی تهاجم تلک التنظیمات والانتقام للشهداء من المجاهدین والأسرى منهم على حد تعبیرهم، بالإضافة إلى العمل على إلحاق الضرر بمعنویات الغرب والسعی لإنزال أکبر ضرر اقتصادی ممکن عن طریق مهاجمة وتعطیل بعض المواقع الحیویة.

ج- اﻧﺧﻔﺎض اﻟﻧﻔﻘﺎت: ﻓﻳﻣﻛن ﻟﻠﺷﺑﻛﺎت واﻟﺗﻧظﻳﻣﺎت الإرﻫﺎﺑﻳﺔ أن ﻳﻛون ﻟﻬﺎ دور ﻣؤﺛر ﻓﻲ الأﺣداث اﻟوطﻧﻳﺔ واﻟدوﻟﻳﺔ ﻋﻧدﻣﺎ ﺗﻣﺗﻠک ﺟﻬﺎز ﺣﺎﺳب آﻟﻲ وﺗوﺻﻳﻠﻪ ﺑﺟﻬﺎز اﻟﻬﺎﺗف وتبادل المعلومات عن طریق الـ(Modem).

د- ﺧﻠق الإرﻫﺎب الإلیکترونی (Cyber terrorism)؛ ﻓﻘد ﺳﺎﻫﻣت ﺛورة اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت واﻻﺗﺻﺎﻻت فی اﻧﺗﺷﺎر أﻧﻣﺎط ﺟدﻳدة ﻣن الإرهاب؛ ﺣﻳث وﺿﻌت ﻋﻣﻠﻳﺔ ﺣوﺳﺑﺔ اﻟﺑﻧﻰ اﻟﺗﺣﺗﻳﺔ ﻓﻲ ﻛﺛﻳر ﻣن دوﻝ اﻟﻌﺎﻟم ﺑﻳن أﻳدی اﻟﺗﻧظﻳﻣﺎت الإرﻫﺎﺑﻳﺔ ﻣن ﺧﺑراء اﻟﺣﺎﺳوب اﻟﻘدرة ﻋﻠﻰ ﺗﺣﻘﻳق أﺿرار اﻗتصادیة بالغة دون أن ﻳﻛوﻧوا ﻣﺿطرﻳن ﻟﻠﻣواﺟﻬﺔ ﻣﻊ الأﺟﻬزة الأﻣﻧﻳﺔ وﻣﺎ ﺗﺗﺧذﻩ ﻣن إﺟراءات ﻟﺣﻣﺎﻳﺔ الأﻫداف اﻟﺣﻳوﻳﺔ ﻣن اﻻﻋﺗداءات الإرﻫﺎﺑﻳﺔ، ﻓﺷﺑﻛﺎت وﻧظم اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﺗﺷﻛﻝ ﻓﻲ ﻫذﻩ الأﻳﺎم أﺣد اﻟﻌﻧﺎﺻر اﻟرﺋﻳﺳﺔ ﻹدارة ﻏﺎﻟﺑﻳﺔ أﻧﺷطﺔ اﻟدوﻟﺔ واﻟﻣﺟﺗﻣﻊ، ﻣﻣﺎ ﻳﺟﻌﻠﻬﺎ ﺻﻳدًا غالیًّا ﻟﻸﻋﻣﺎﻝ الإرﻫﺎﺑﻳﺔ؛ ﻧظرًا ﻟﻣﺎ ﻳﺗرﺗب ﻋﻠﻰ اﻻﻋﺗداء ﻋﻠﻳﻬﺎ ﻣن ﺗﻌرﻳض اﻟﻣﺻﺎﻟﺢ اﻟﺣﻳوﻳﺔ ﻟﻠﺧطر؛ ﻓﺎلآﺛﺎر اﻟﺗﻲ ﻗد ﺗﺗرﺗب ﻋﻠﻰ ﺗﺧریب ﺑﻌض ﺷﺑﻛﺎت اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت ﻳﻔوق ﻛﺛﻳرًا الآﺛﺎر اﻟﻧﺎﺟﻣﺔ ﻋن ﺗﻧﻔﻳذ ﺑﻌض اﻟﻌﻣﻠﻳﺎت الإرﻫﺎﺑﻳﺔ اﻟﺗﻘﻠﻳدﻳﺔ[42]، وقد عرف الإرهاب الإلیکترونی بأنه العدوان أو التخویف أو التهدید مادیًّا أو معنویًّا باستخدام الوسائل الإلیکترونیة، ویصدر من الدول أو الجماعات أو الأفراد عبر الفضاء الإلیکترونی، والذی قد یکون فی الوقت ذاته هدفًا لذلک العدوان بما یؤثر على الاستخدام السلمی له[43]. ومن ثم، فإن الأهداف التی قد تکون عرضة للتهدید مجتمعة أو فرادى ذات الصفة المادیة المباشرة هی: تخزین المعلومات؛ عملیة إدخال المعلومات؛ إرسال واستقبال الرسائل؛ التحکم فی الأجهزة والتصامیم.. بمعنى آخر یمکن استهداف البنیة التحتیة القومیة للمعلومات – خصوصًا فی مجال التکنولوجیا التی تجمع قطاعات الکهرباء والاتصالات والکمبیوتر – وهی من رکائز الأمن القومی الجدید المعرضة لتهدیدات الحرب الرقمیة، وهذا الهجوم یقوم على أساس المصادر التی یعتمد علیها من یرید القیام بهجوم رقمی والمتوافرة والمنتشرة بین عامة الناس وتتألف من جهاز حاسب آلی ونقطة اتصال بالإنترنت، وبذلک تتعدد مصادر التهدید ومکان انطلاق الحرب[44].

هـ- اﻻﺗﺻﺎﻻت (Communications)؛ إذ ﺗﺳﺎﻋد اﻟﺷﺑﻛﺔ اﻹﻟیکترونیة ﻋﻠﻰ اﻻﺗﺻﺎﻝ ﺑﻳن أﻋﺿﺎء اﻟﺧﻠﻳﺔ اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ ﺑﻌﺿﻬم ﺑﺑﻌض واﻟﺗﻧﺳﻳق ﻓﻳﻣﺎ ﺑﻳﻧﻬم، ﺑﻝ وﺗزﻳد ﻣن ﻓرص اﻟﺗﻌﺎون ﻣﻊ ﺗﻧظﻳﻣﺎت إرﻫﺎﺑﻳﺔ أخرى، ﻓﻣن ﺧﻼﻝ ﻫذﻩ الإﻣﻛﺎﻧﻳﺎت اﻟﺗﻛﻧوﻟوﺟﻳﺔ ﻳﺗﻣﻛن ﻗﺎدة اﻟﺗﻧظﻳﻣﺎت الإرﻫﺎﺑﻳﺔ ﻣن اﻻﺗﺻﺎﻝ ﺑﺑﻌﺿﻬم وﺗﻧﺳﻳق أﻋﻣﺎﻟﻬم ﺑﺷﻛﻝ ﻣﺗوازٍ ﻛﻣﺎ ﺗﻣﺗﺎز ﺑوﻓرة اﻟﻣﻌﻠوﻣﺎت اﻟﺗﻲ ﻳﻣﻛن ﺗﺑﺎدﻟﻬﺎ ﺑﺎﻟﺻوت واﻟﺻورة.

و- اﻟﺗﻌﺑﺋﺔ وﺗﺟﻧﻳد إرﻫﺎﺑﻳﻳن  جدد(Recruitment)، وﻫذا اﻷﻣر ﻳﺣﺎﻓظ ﻋﻠﻰ اﺳﺗﻣرار اﻟﺧﻠﻳﺔ وﺑﻘﺎﺋﻬﺎ، وﻫم ﻳﺳﺗﻐﻠون ﺗﻌﺎطف اﻵﺧرﻳن ﻣن ﻣﺳﺗﺧدﻣﻲ اﻹﻧﺗرﻧت ﻣﻊ ﻗﺿﺎﻳﺎﻫم وﻳﺟﺗذﺑون اﻟﺻﻐﺎر ﺑﻌﺑﺎرات ﺣﻣﺎﺳﻳﺔ ﻣﺛﻳرة، ﺧﺎﺻﺔ ﻣن ﺧﻼﻝ ﻏرف اﻟدردﺷﺔ اﻹﻟیکترونیة، فعلى سبیل المثال قام تنظیم “القاعدة” وتنظیم “داعش” من بعده بتکوین جبهة إعلامیة تنقسم إلى أقسام الإعلام الفنی والتقنی والبریدی والسمعی والمرئی والترجمة والنشر والتوعیة والکتب والنشرات، ویحدد التنظیم مهمة الجبهة فی أنها مؤسسة إعلامیة کبیرة واسعة الانتشار ولا یحدها أحد، وهدفها تبیان الحقائق بأسالیب منطقیة وشرعیة واعتبارها رسول المجاهدین عبر العالم[45].

ز- اﻟﺗﺧطﻳط (Planning) والتنسیق والتحریض (Incitement)؛ حیث یعتبر اﻹﻧﺗرﻧت وﺳﻳﻠﺔ اﺗﺻﺎﻝ ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻷﻫﻣﻳﺔ ﺑﺎﻟﻧﺳﺑﺔ ﻟﻠﻣﻧظﻣﺎت واﻟﺧﻼیا؛ إذ یتیح اﻟﺗﻧﺳﻳق ﻟﺷن ﻫﺟﻣﺎت إرﻫﺎﺑﻳﺔ وﻳﺳﺗﺧدم أﻋﺿﺎء اﻟﺧﻼﻳﺎ الإرهابیة (chat وemails وrooms) وﻏﻳرﻫﺎ ﻟﺗدﺑﻳر اﻟﻬﺟﻣﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ وﺗوزﻳﻊ اﻷدوار وﺗﻧﺳﻳق اﻷﻋﻣﺎﻝ واﻟﻣﻬﺎم ﻟﻛﻝ ﻋﺿو ﻓﻲ الخلیة.

ح- اﻟﺣﺻوﻝ ﻋﻠﻰ اﻟﺗﻣوﻳﻝ (Financing)؛ إذ ﻳﺣﺻﻝ أﻋﺿﺎء اﻟﺧﻼﻳﺎ اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ ﻣن اﻹﻧﺗرﻧت ﻋﻠﻰ ﻗواﺋم إﺣﺻﺎﺋﻳﺔ ﺳﻛﺎﻧﻳﺔ ﻟﻠﺗﻌرف ﻋﻠﻰ اﻷﺷﺧﺎص ذوی اﻟﻘﻠوب اﻟرﺣﻳﻣﺔ؛ وﻣن ﺛم، یتم اﺳﺗﺟداؤﻫم ﻟدﻓﻊ ﺗﺑرﻋﺎت وﺻدﻗﺎت وزﻛوات ﻷﺷﺧﺎص اﻋﺗﺑﺎرﻳﻳن أو ﻣؤﺳﺳﺎت ﺧﻳرﻳﺔ ﻳﻣﺛﻠون واﺟﻬﺔ ﻟﻬؤﻻء اﻹرﻫﺎﺑﻳﻳن، وذﻟک ﺑطرق ﻻ ﻳﺷک ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻣﺗﺑرع ﺑﺄﻧﻪ ﻳﺳﺎﻋد إﺣدى اﻟﻣﻧظﻣﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻳﺔ.

ط- إﻋطﺎء اﻟﺗﻌﻠﻳﻣﺎت واﻟﺗﻠﻘﻳن الإلیکترونی والتدریب (Training )، وذلک ﺑواﺳطﺔ ﻣواد ﻣرﺋﻳﺔ وﻣﺳﻣوﻋﺔ ﺗﺷرح ببساطة طرق ﺻﻧﻊ اﻟﻘﻧﺎﺑﻝ واﻷﺳﻠﺣﺔ اﻟﻛﻳﻣﺎوﻳﺔ.

وبالرغم من أن الفضاء الإلیکترونی یتسم بکونه وسیلة إعلامیة دولیة تشکل عنصر جذب للإرهابیین واستخدامه من قبلهم للتأثیر على الرأی العام وتجنید أعضاء جدد وجمع الأموال، فإن الفضاء الإلیکترونی أصبح أیضًا ساحة حرب بین الإرهابیین والأجهزة الشرعیة والتی تحاول التصدی لتلک الظاهرة، وذلک من خلال جهود عدیدة شملت:

(1) استخدام الإنترنت کساحة لجمع الأدلة ضد الإرهابیین (gathering of evidence)[46]، وذلک من خلال جمع المعلومات عن مواقعهم وأفکارهم توجیهاتهم والمنضمین لهم والأنشطة التی یخططون لها.

(2) القیام بالاتصالات الاستراتیجیة (Strategic communications)؛[47] فالمناقشات عبر الإنترنت تتیح فرصة لتقدیم وجهات نظر مختلفة والدخول فی مناقشات، والتی یمکن أن یکون لها تأثیر على الأعضاء المحتملین، وذلک عبر الروایة المضادة للدعایة الإرهابیة ونشرها بلغات متعددة للوصول إلى جمهور واسع ومتنوع جغرافیًّا.

(3) تأسیس مرکز الاتصالات الاستراتیجیة لمکافحة الإرهاب (The Center for Strategic (cscc) (Counterterrorism Communications[48]، ومقره فی الولایات المتحدة وتأسس عام 2011، وهو مبادرة للعمل المشترک بین الوکالات المختلفة المعنیة بمکافحة العنف والتطرف، هدفه الحد من التطرف والعنف على شبکة الإنترنت والاستجابة السریعة للدعایة المضادة من قبل الإرهابیین ودحضها.

(4) السیاق الدولی (The international context) لمکافحة الإرهاب، وقد انقسمت تلک الجهود إلى ثلاثة أنماط؛ النمط الأول منها یتعلق بالعمل على إدخال تلک الجرائم الإلیکترونیة والعمل على إصدار تشریعات وطنیة تکافح تلک الظاهرة، ویناقش النمط الثانی سعی عدد من التکتلات الإقلیمیة إلى التعاون فیما بینها فی مکافحة الإرهاب والجریمة عبر الإنترنت، أما النمط الثالث فینطلق من حث الأمم المتحدة على فرض الأمن الإلیکترونی.

(5) استراتیجیة الأمم المتحدة لمکافحة الإرهاب (The United Nations Global Counter-Terrorism Strategy)، وقد اعتمدتها الجمعیة العامة عام 2006 وتهدف إلى[49]:

  • إدانة الإرهاب بکل أشکاله على نحو لا لبس فیه وبقوة، أینما کان وأیًّا کانت أغراضه، لأنه یشکل أحد أخطر التهدیدات للسلام والأمن الدولیین.
  • اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع الإرهاب بجمیع أشکاله ومکافحة مظاهره.
  • الأخذ فی الاعتبار أن أی تعاون دولی مشترک لمنع ومکافحة الإرهاب یجب أن یمتثل للالتزامات الخاصة بالقانون الدولی، بما یشمله من میثاق الأمم المتحدة والاتفاقیات والبروتوکولات ذات الصلة.
  • تنسیق الجهود الدولیة المشترکة لمکافحة الإرهاب، واعتبار أن شبکة الإنترنت أداة لمکافحة الإرهاب مع الوضع فی الاعتبار احتیاج الدول للمساعدة.

(6) تأسیس برنامج الأمن الإلیکترونی العالمی GCA)) للاتحاد الدولی للاتصالات والذی یعتمد على عدة رکائز، وهی[50]:

  • وضع استراتیجیات لاستحداث تشریع نموذجی لمکافحة الجریمة الإلیکترونیة یمکن تطبیقه عالمیًّا وقابل للاستخدام.
  • ·      وضع استراتیجیات عالمیة لإیجاد الهیاکل التنظیمیة والسیاسات العامة الملائمة على الصعیدین الوطنی والعالمی.
  • وضع استراتیجیات لإیجاد إطار عالمی للرصد والإنذار والاستجابة للحوادث لضمان التنسیق عبر الحدود بین المبادرات الجدیدة.
  • وضع استراتیجیات عالمیة لبناء القدرات البشریة والمؤسسیة من أجل تعزیز المعارف والمهارات.
  • وضع مقترحات بشأن إطار لاستراتیجیة عالمیة لأصحاب المصلحة المتعددین لتحقیق التعاون والحوار والتنسیق على الصعید الدولی فی جمیع المجالات.
  1. الإرهاب والفضائیات:

تحتل الفضائیات مساحة مهمة فی حیاة المواطن، مما یؤثر على تکوینه الثقافی والمجتمعی والفکری، خاصة أنها تخاطب قاعدة عریضة من المواطنین أصحاب الثقافات والمعارف والمستویات التعلیمیة المختلفة، کما أنها سهلة الوصول والتأثیر وتسهم بصورة کبیرة فی تشکیل الرأی العام[51]، وقد وعى الإرهابیون لأهمیة الفضائیات، وبالتالی استخدامها بهدف توجیه الأنظار إلیهم طلبًا للشهرة وللتعریف بهم، ولتکوین وسیلة للضغط والتخویف بغرض الاستجابة لمطالبهم؛ فالتغطیة الإعلامیة المکثفة والمستمرة للإرهاب تخلف إرهابًا وإرهابیین أکثر، فهو حافز یولد استجابة، وتؤثر الفضائیات فی نشر الإرهاب بطریقتین:

– الطریقة الأولى: نشر مفهوم العنف والسلوک العدوانی.

– الطریقة الثانیة: توصیل الرسالة الإرهابیة.

بالنسبة لنشر مفهوم العنف؛ فقد بدأ الاهتمام بدراسة العنف مع ارتفاع السلوک العدوانی والمشاکل الاجتماعیة، مما دفع الباحثین لدراسة الإعلام وعلاقته بالعنف، وقد تمخضت دراساتهم عن نتائج کثیرة منها، نظریة التأثیر القوی أو المطلق (الرصاصة الإعلامیة)، ویعتقد أصحاب هذه النظریة بالتأثیر القوی والمباشر للإعلام، الذی یکاد یبلغ حد السیطرة والهیمنة مثل الرصاصة التی تصیب ولا یفلت منها أحد[52].

إن نشر العنف والجریمة من خلال وسائل الإعلام یجعل المشاهدین والمتتبعین یقبلون علیهما بشکل أکبر من غیرهما، ومن أهم الآثار التی تترکها مشاهدة العنف ما یلی:

أ- رفع حدة الآثار النفسیة والعاطفیة عند الفرد، مما یقود إلى ارتکاب سلوک عنیف تجاه الآخرین، ویتوقف سلوک الفرد على مدى إحساسه وشعوره بالإحباط والضیق.

ب- تعزیز السلوک القائم بالفعل داخل الفرد؛ حیث تعمل المشاهدة للعنف أو قراءتها على تعزیز وتدعیم السلوک الموجود أصلاً عند المشاهد، وذلک لأن الشخص العنیف بسبب دوافع العنف داخله، یرى السلوک المتلقى على أنه حقیقة.

ج- التعلیم والتقلید، فالتقلید والمحاکاة هی إحدى طرق التعلم التی ینقلها الإعلام للمشاهد؛ مما یدفعه لممارسة هذا النوع من العنف.

إن وسائل الإعلام المرئیة أصبحت تنتج الجریمة والعنف بمختلف أشکاله، وأصبح ذلک مدعاة للقلق فی جمیع الأوساط الاجتماعیة فی العالم؛ حیث أصبحت تلک الوسائل تسهم مساهمة کبیرة فی نشر الجرائم داخل المجتمع، خاصة فی أوساط الأطفال والشباب، وتعد وسائل الإعلام حسب نظریة التعلم لـ”ألبرت باندورا” من أهم مصادر اکتساب السلوک العنیف، بما تبثه من مشاهد عنیفة یقوم الأفراد بإعادة إنتاج ذلک السلوک العدوانی، إما على ذواتهم أو على أقرانهم عن طریق التقلید[53].

ویمکن حصر الأدوار التی أدتها تلک الوسائل الإعلامیة فی المساعدة فی زرع العنف وتنمیة فکر التطرف والإرهاب بشکل مباشر أو غیر مباشر فی الآتی[54]:

  • تکوین جماعات العنف النبتة الأولى للتنظیمات الإرهابیة من خلال نشر ثقافة العنف فی المجتمع.
  • تضخیم صورة الإرهابی بشکل یفوق صورته الحقیقیة.

وخلال العقدین الأخیرین بدأ ظهور العولمة التی عملت فی إطارها تکنولوجیا الإعلام والاتصال باتجاه توحید العالم على أساس التجانس الثقافی أو ما یسمیه البعض تأحید العالم، وبدأ على الصعید الاجتماعی والسیاسی تفعیل شعارات مثل الدیمقراطیة وحقوق الإنسان لاستنهاض الفئات المهمشة حتى تشغل مکانة فعالة فی النظام العالمی الجدید، وقد ساعدت هذه التطورات مجتمعة على اتساع خریطة العنف على ساحات مجتمعات دول العالم النامی، فتصادمت الثقافة النامیة مع القیم المتضمنة فی النمط الاقتصادی الجدید، وظهرت مشکلات المجتمع الاستهلاکی، وبرزت المشکلات الاقتصادیة من بطالة وجهل وفقر وأمیة، وذلک عزز الشعور بالکراهیة للآخر مع بروز أفکار متطرفة تهرب من العالم الحقیقی بمشکلاته العدیدة، وقد تحولت تلک الأفکار فیما بعد إلى تنظیمات جهادیة تستهدف تارة دول الغرب وتارة أخرى الأنظمة السیاسیة داخل بلدانها، ویمکن بالتالی القول إنه إذا کان الإعلام وتکنولوجیا المعلومات الحدیثة قد طورت وعی هذه الفئة المحرومة، فإننا نجدها قد شکلت بذلک ساحة لانطلاق جماعات العنف الموجهة ضد النظام السیاسی أو المجتمع.

أما بالنسبة لتسویق الإرهابیین لرسالتهم وغایاتهم؛ فقد اعتمد الإرهابیون فی استراتیجیاتهم الجدیدة على وسائل الإعلام، ومنها الفضائیات؛ لتسویق غایاتهم من أجل تضلیل الأجهزة الأمنیة من جهة، والسیطرة على الرأی العام من جهة ثانیة، عن طریق نشر أخبار وصور الأنشطة الإرهابیة، على اعتبار أن تسویقها یساعد على تحقیق واستکمال الأهداف الإرهابیة؛ لأن التغطیة الإعلامیة بالنسبة لهم هی مؤشر إیجابی على نجاح العمل الإرهابی إلى درجة أنه ارتبط فی الأذهان أن أیة عملیة إرهابیة لم تحظ بتغطیة إعلامیة فهی عملیة فاشلة، وفی هـذا الإطار یقول “والـتر لاکیر”Laqueur)  (Walter: “الإرهاب وحده لا شیء، نشره عبر وسائل الإعلام هو کل شیء”[55]، وعلى هذا الأساس یلجأ هؤلاء الإرهابیون إلى الإعلام لتغطیة أنشطتهم وعملیاتهم؛ لأن تغطیة الحدث الإرهابی إعلامیًّا یحقق مکاسب تکتیکیة واستراتیجیة للقائمین علیه تتضمن[56]:

  • ترغیب الآخرین فی الانضمام إلى هذه التنظیمات والقیام بمثل هذه العملیات.
  • الطرف الآخر المستهدف من خلال إظهار القوة والإمکانات القتالیة والتخطیطیة والتنفیذیة.

وتعد القنوات الفضائیة أحد أهم مرتکزات الإرهاب، وأول ما یخطط له الإرهابی عادة هو:

(1) کیف یوسع من دائرة اهتمام الرأی العام به؟

(2) کیف یزید من التعریف بقضیته؟

وهذا لن یتحقق إلا عن طریق الإعلام الذی یجعل من الإرهاب مادة إعلامیة مطلوبة. وفی هذا الإطار، أشارت الباحثة “Nocos” فی 2002 إلى مسألة إصرار الإرهابیین على استخدام وسائل الإعلام لنشر أفعالهم وقضایاهم فی إطار مفهوم جدید أسمته بـ”الإرهاب المروج عبر الإعلام” ((mass-mediated terrorism[57].

ویسعى الإرهاب دومًا إلى إحداث حالة خوف لدى الجماهیر کی تضغط على حکوماتها لقبول مطالب الإرهابیین، ولهذا فالهدف من العمل الإرهابی لیس العنف بحد ذاته، بل نشر حالة ذعر لدى الجماهیر المستهدفة، وکلما کانت تغطیة وسائل الإعلام لحدث العنف أوسع کان نجاح العمل العنیف أکبر، ویهدف الإرهابیون عمومًا من خلال تنفیذهم لمختلف العملیات الإرهابیة من اغتیال، واحتجاز للرهائن إلى تحقیق هدفین هما[58]:

  • إثارة انتباه الرأی العام إلى کون الإرهاب موجودًا، وأن الإرهابیین أصحاب قضیة، لذا وجب الاعتراف بهم، ومن ثم ضرورة معالجة قضیتهم.
  • الحصول على الشرعیة الدولیة لقضیتهم والتعاطف معها.

ولتحقیق هذه الأهداف یعتمد الإرهابی بالدرجة الأولى على تجاوب وسائل الإعلام معه، ولیس من الضروری أن یکون التجاوب بالتعاطف، وإنما المهم هو أن تنقل هذه الوسائل رسالة الإرهابیین إلى الرأیین العامین الداخلی والخارجی. وعلیه، فإن العلاقة الموجودة بین الإعلام والإرهاب بحسب رأی العدید من الباحثین المتخصصین فی الإعلام أمثال “Wardlaw” هی علاقة تکاملیة (Symbiotic relationship)؛ حیث یعتمد کل منهما على فوائد الآخر[59]. فالإرهابی یحتاج إلى الإعلام ویعتبره بمثابة سلاح استراتیجی لابد من جذب انتباهه، والإعلام قد یخدم أهداف الإرهابیین بنشر أقوالهم وأفعالهم وتضخیم قوتهم دون قصد لیعطی بذلک للإرهاب صدى إعلامیًّا واسعًا یسعى الإرهابیون دومًا إلى تحقیقه[60].

وأصبحت الدعایة بعد تطور بحوث الاتصال ودراسات الإعلام الدولی جزءًا من نشاط وسائل الإعلام، وهناک نوع من الدعایة یعرف بالدعایة غیر المقصودة، ویقصد به مجموعة من العوامل والظروف التی تجعل من التغطیة الإخباریة عملاً دعائیًّا دون أن یکون ذلک من أهداف الصحافی أو المؤسسة الإعلامیة، فالضوابط السیاسیة والثقافیة التی توجه الصحافی إلى اختیار أحداث معینة والاهتمام ببعض جوانب هذه الأحداث دون جوانب أخرى، قد تجعل التغطیة الإخباریة عملاً دعائیًّا.

إن التأثیر الدعائی للأخبار قد یکون أقوى خاصة أن الجمهور یتابع الأخبار باعتبارها تقاریر عن حقائق مباشرة، غیر أنه من الناحیة الفعلیة یبقى اختیار الحقائق والتلاعب بها، أو حذفها من الخبر عن قصد أو غیر قصد، هو نوع من الدعایة یمارسها رجل الإعلام الذی یعلم جیدًا الجوانب الدعائیة فی الخبر[61]، لتتحول بذلک التغطیات الإخباریة إلى تغطیات دعائیة تسهم فی ترویج أخبار الإرهابیین. ومن ثم، الدعایة لأفعالهم، وهذا ما یطمح إلیه الإرهابیون، وهی الدعایة لقضیتهم. ولهذا السبب اقترحت اللجنة الخاصة بموضوع الإرهاب الدولی التابعة للأمم المتحدة على الدول أن تحصر تغطیتها الإخباریة للأعمال الإرهابیة فی حدود ضیقة، وذلک لحرمان الإرهابیین من تحقیق هدفهم المتمثل فی الحصول على أکبر دعایة دولیة ممکنة لعملیاتهم[62].

إن الوجود الإرهابی النشط سواء أکان على الشبکة العنکبوتیة، أم ما یظهر فی الفضائیات المتعددة، متنوع ومراوغ بصورة کبیرة، ویحقق أقصى استفادة من “الآلة الإعلامیة الجهادیة”، وأوفى دلیل على ذلک ما یقوم به تنظیم الدولة الإسلامیة فی سوریا والعراق “داعش” من استفادة واسعة عبر النشرات الأسبوعیة الحدیثة للإرهاب، أو حتى الیومیة فی فضاء الإنترنت من عملیات الإعدام المنتجة ببراعة، وأعمال إطلاق النار والتفجیرات، وتدمیر المعالم الثقافیة والقتال والمقابلات مع أمراء الحرب والدعاة المتشددین والنشطاء، وصور الغنائم، والصور مع القتلى، مما أثبت بجدارة وبحزم مکانها فی الفضاء المعلوماتی على الصعید الدولی. وبالطبع فإن الإمکانات المالیة للتنظیم تسمح له بتمویل مشاریع وسائل الإعلام المختلفة بنشاط، وتوزیعها فی الشبکة، ما یؤدی فی نهایة المطاف، لیس فقط إلى تدفق مقاتلین جدد، ولکن یساعد أیضًا على تعزیز السلطة على الأرض؛ ففی عام 2014 أصدرت وکالة “الفرقان” دعایة وثائقیة تحمل اسم” صلیل الصوارم” انتشرت بسرعة کبیرة فی الشبکة، واکتسبت شعبیة هائلة. فهی صورت العدید من مشاهد الهجمات العنیفة وأعمال الإرهاب وعملیات الإعدام التی نفذت من قبل أعضاء “داعش”. وفی الوقت ذاته، یعرض الفیلم الأعضاء العادیین وقادة المنظمة الإرهابیة، الذین یعلنون الولاء “للخلافة”، وکذلک العمل الاجتماعی فی “الدولة الإسلامیة”. وفی هذا الأخیر، على وجه الخصوص، تظهر اللقطات “مرتدین” من الجیش والشرطة العراقیة، یسامحهم مسلحو “داعش” ویغفرون لهم بکل سخاء. هذا الفیلم ذو جودة نوعیة عالیة جدًا، قارنتها وکالة  CNN بأفلام هولیوود.

 وفی سبتمبر/أیلول من العام نفسه، أطلق مرکز “الحیاة” فیدیو دعائیًّا عن المستقبل تحت عنوان “لهیب الحرب”، والذی نفذ وفق جمیع مواصفات أفلام الأکشن الهولیوودیة أیضًا، وفی ینایر/کانون الثانی 2015، ظهر على الإنترنت شریط فیدیو یعرض مقاتلین ناطقین بالفرنسیة قام فیه المسلحون بدعوة أتباع “الدولة الإسلامیة” لتدمیر الشرطة وجمیع الأوروبیین فی منازلهم، فی أوروبا. وفی الفیدیو أیضًا، حذر أحد المسلحین الأوروبیین قائلاً: “بعون الله، سنأتی إلى أوروبا.. سنخترق فرنسا، ألمانیا، سویسرا والولایات المتحدة.. إننی أناشد إخوانی، غیر القادرین على الهجرة والانضمام إلى الخلافة الإسلامیة – المقاومة بکل الوسائل، اذبحوهم، واحرقوا سیاراتهم ومنازلهم”.[63]

إن هذه المنظمة الإرهابیة لدیها استودیوهات مهنیة خاصة بها- “الفرقان” و”الحیاة”، تم إنشاؤها أساسًا لإنتاج الأفلام الخاصة بها التی یتوافر فیها کل ما یرید الجمهور رؤیته من: صورة کامیرا عالیة الجودة؛ حوار؛ حبکة متماسکة، وبطبیعة الحال المحتوى المحظور، والذی یجذب الکثیرین، وینبغی أن یکون مفهومًا أن عملیات الإعدام أمام الکامیرا، أمر یعمل فی عدة اتجاهات. أولاً، فهو ترویج ذاتی قوی یجذب انتباه العالم کله.. ثانیًا، ینشر موجة من التوتر وعاصفة من العواطف التی تختلط فیها مشاعر الرعب بالقلق، وکل ذلک یعکس إدراکًا من التنظیم بأهمیة وسائل الاتصال الحدیثة وکیفیة تطویعها لتحقیق أغراضه.

ثانیًا: کیفیة تعامل وسائل الإعلام مع ظاهرة الإرهاب:

تباینت مواقف ووجهات نظر رجال الإعلام والصحافیین تجاه ظاهرة الإرهاب، وحسب تقریر “شون ماکبراید” تم تحدید خمس فئات من المهنیین والعاملین فی مجالی الإعلام والاتصال، بخصوص کیفیة تناولهم لأحداث العنف بما فیها الإرهاب وکذا الحروب، وجاءت هذه الفئات على النحو التالی[64]:

– الفئة الأولى: وهی الفئة التی ترى أن مهمتها هی الإعلام فقط، أی ینقلون الأنباء “الخام”، ولا یهمهم إذا کان لعملهم انعکاسات فیما یتعلق باحتمالات السلم أو الحرب.

– الفئة الثانیة: وهم الذین یعتبرون أن واجباتهم المهنیة تتطلب منهم الالتزام بالحیاد الکامل، مهما کانت جسامة وخطورة القضیة المطروحة.

– الفئة الثالثة: وهی الفئة التی تؤمن بأن هدف ورسالة وسائل الإعلام الجماهیریة، یتمثلان فی تعزیز الوفاق الاجتماعی لخدمة السلم، ومعارضة کل أشکال العنف.

– الفئة الرابعة: ترى أن دورها یقتصر على تأیید حکومة بلدها مهما کانت الظروف.

– الفئة الخامسة: وهی الفئة التی ترى أنه ینبغی تهیئة الرأی العام لکافة الاحتمالات، سواء أکانت حروبًا أم أزمات أم حالة سلم واستقرار.

إن هذا التصنیف یکشف عن المواقف المختلفة لکل فئة فی تعاملها مع قضایا الإرهاب والحروب، وهذا الاختلاف فی المواقف ووجهات النظر، یعکس جوًّا من الارتباک السیاسی، وأحیانًا خوفًا وترددًا لدى الإعلامیین فی تناول قضایا حساسة مثل قضایا الإرهاب.

أما بالنسبة لطرح مدى تأثیر التغطیة الإعلامیة للإرهاب على الرأی العام، هناک نظریتان مهمتان فی هذا الخصوص، وهما:

1- نظریة العلاقة السببیة بین الخطاب الإعلامی والإرهاب: ووفقًا لهذه النظریة فإن التغطیة الإعلامیة للإرهاب تؤدی إلى انتشار ظاهرة الإرهاب؛ حیث تتکاثر العملیات الإرهابیة کنتیجة طبیعیة للتغطیة الإعلامیة، وحسب هذه النظریة هناک ثلاثة أنواع للتأثیرات الإعلامیة هی: الوعی والتبنی، وانتشار العدوى، والوساطة؛ “فالوعی والتبنی” یشیران إلى أن التغطیة الإعلامیة لحوادث الإرهاب ترفع مستوى وعی الجماهیر عامة والجماعات الأکثر میلاً خاصة، أما أثر “انتشار العدوى” فیعنی أن التغطیة الإعلامیة تفرز العدید من العملیات الإرهابیة، و”الوساطة” تعنی إمکانیة وجود تدخل فعلی من جانب الصحافیین، للوساطة بین الإرهابیین ورجال الشرطة أو المسؤولین بالدولة.

وتدعو هذه النظریة الحکومات إلى المزید من القیود على وسائل الإعلام، فهی تفترض أن وسائل الإعلام ترتبط عضویًّا بالإرهاب، فالإرهاب یعتمد على الإعلام لتحقیق المزید من الفزع فی أوساط الجماهیر وللحصول على الشرعیة لدى السلطة، فی المقابل یعتمد الإعلام على التهویل فی تغطیته للإرهاب بقصد تحقیق أکبر ربح ممکن من خلال زیادة المبیعات، فالعلاقة بین الطرفین تأخذ شکلاً دائریًّا لا ینتهی؛ حیث یستفید کل طرف منهما من الطرف الآخر[65].

2- نظریة الخطاب الإعلامی والإرهاب والعلاقات المتباعدة: یرى أصحاب هذه النظریة أنه لا یوجد دلیل علمی على أن التغطیة الإعلامیة للإرهاب هی المسؤولة عن مضاعفة العملیات الإرهابیة؛ فلیست هناک أیة علاقة قائمة بین المتغیرین، ولهذا یدعو أصحاب هذه النظریة إلى عدم التدخل فی أداء وسائل الإعلام عامة وفی علاقتها بالإرهاب خاصة؛ لأنه من غیر المعقول حسب رأیهم أن تکون هناک علاقة بین الطرح الإعلامی لقضایا الإرهاب وزیادة معدله. علاوة على هذا فهم یرون أن حرمان الإرهابیین من الوصول إلى وسائل الإعلام قد ساهم فی زیادة معدل الإرهاب؛ لأن الإرهاب یرید أن تصل رسالته إلى الطرف الثالث، وفی حالة عدم وصولها من خلال وسائل الإعلام، سیعتمد الإرهابیون على تکرار الأحداث باستخدام وسائل أکثر شناعة فی مختلف الأماکن وعبر فترات زمنیة مختلفة، لیحققوا بذلک خسائر مادیة وبشریة کبیرة تمکنهم من إیصال رسالتهم وتحقیق أهدافهم[66].

بناء على النظریتین السابقتین نستطیع أن نؤکد على تأثیر المعالجة الإعلامیة لأحداث العنف والإرهاب فی خلق رأی عام مؤید أو معارض لها، ولکن هذا لا یعنی أن حریة النظم الإعلامیة تشکل سببًا للإرهاب، خاصة عبر الإنترنت الذی تذاع علیه المادة الإعلامیة للتنظیمات الإرهابیة ویستطیع الجمیع الوصول إلیها ولا تتطلب تحلیلاً للحدث أو تفسیرًا، أما بالنسبة للفضائیات فیمکن القول إن تجاهل الحدیث عن الأسباب الأساس فی بروز وتطور ظاهرة الإرهاب یعد بمثابة عیب ونقطة ضعف عند تناول الحدث الإرهابی، وهو ما أکده کلٌّ من “میشال کیلی” (Michel Kelly) و”توماس میتشیل” (Thomas Mitchell) فی دراسة لهما عن التغطیة الإعلامیة للعملیات الإرهابیة لـ158 حدثًا إرهابیًّا فی عدة مناطق فی العالم وطریقة تعاطی نیویورک تایمز الأمریکیة، والتایمز البریطانیة لهم، وتوصلا إلى أن هناک قصورًا فی إبراز الأسباب الکامنة وراء هذه العملیات[67].

وعلیه، نصل إلى القول إنه تفادیًا للوقوع فی المساوئ الناجمة عن تأثیرات التعامل الإعلامی مع ظاهرة الإرهاب، ینبغی أن ترتکز المعالجة الإعلامیة للأحداث الإرهابیة على عدة عناصر أساس تتمثل فیما یلی:

أ- إیجاد استراتیجیة إعلامیة موحدة ومستمرة للتعامل مع ظاهرة الإرهاب، بحیث لا یکون اهتمام وسائل الإعلام مجرد ردود أفعال مؤقتة لأحداث إرهابیة متفرقة.

ب- ضرورة وضع ظاهرة الإرهاب فی حجمها الحقیقی، بهدف تحقیق التوازن بین الاهتمام الإعلامی بالإرهاب، وبین حجم مخاطره على المجتمع، فلا للتهوین، ولا للتهویل. فالتهوین من شأن العملیة الإرهابیة إلى درجة المبالغة فی محدودیتها وضعفها هو خطأ إعلامی کبیر، تفوقه فی المقابل خطورة عملیة التهویل بقوة الإرهابیین واستحالة مواجهتهم، ولهذا یبقى دور المعالجة الإعلامیة المعتدلة مقتصرًا على ترسیخ الحقائق وتوطیدها، ولیس صنع الأساطیر والأوهام ونشرها.. نعم إن الإرهاب خطر حقیقی، ولکن مواجهته ضروریة والانتصار علیه ممکن إعلامیًّا[68].

ویتم کشف وفضح الإرهابیین وأعمالهم من خلال معالجة إعلامیة موضوعیة معتدلة، وتبقى المصداقیة فی وسائل الإعلام عند تناولها لظاهرة الإرهاب مرهونة بثلاثة أمور[69]:

(1) سرعة نشر الحدث، مع تقدیم المعلومات والبیانات الکافیة عنه، فالالتزام بنشر المعلومات للجمهور فی أسرع وقت ممکن، یحول دون إمکانیة توفیر الخلفیة اللازمة أو السیاق الذی یشرح المعلومات أو یفسر الحدث هذا من جهة، ومن جهة أخرى یؤدی إلى عدم لجوء المواطن إلى وسائل الإعلام الأجنبیة لمتابعة الحدث والوقوف على الحقیقة، خاصة أن الإعلام الأجنبی یسعى دائمًا إلى تضخیم الأحداث بما لا یتناسب مع واقعها الحقیقی وهذا یؤدی بدوره إلى ظهور الإشاعات وإثارة البلبلة.

(2) توفیر أکبر قدر ممکن من الموضوعیة والدقة فی التغطیة الإخباریة للأعمال الإرهابیة، ویبقى الترکیز على أهمیة التحقق من صدق المعلومات، وتقدیم الوقائع بصورة مجردة، هو لب الإعلام الموضوعی المحاید.

(3) وضع استراتیجیة للتوعیة ومکافحة الإرهاب فی المجال الإعلامی تتضمن[70]:

  • تحقیق السیطرة الإعلامیة بما تبثه الوسائل الإعلامیة بصورة جاذبة تلبی حاجات مستقبل الرسالة.
  • العمل على صناعة رأی عام ضد جریمة الإرهاب.
  • التنسیق المشترک بین وسائل الإعلام المختلفة لتحدید رؤیة واضحة عند تغطیة الحدث الإرهابی.
  • الاعتماد على مصادر دقیقة للمعلومات عند نشر الخبر.
  • تبنی مفهوم الأمن الشامل والمجتمعی فی مکافحة الظاهرة.

الخاتمة:

ناقشت الدراسة جدلیة العلاقة بین الإعلام بآلیاته الحدیثة خاصة الإنترنت والفضائیات، والظاهرة الإرهابیة ومدى استفادة الأخیرة من وسائل الاتصال الحدیثة، بحیث تقوم وسائل الإعلام بعملها کقناة اتصال تعمل على تزوید الجمهور بکافة الحقائق والأخبار الصحیحة والمعلومات السلیمة عن القضایا والموضوعات والمشکلات ومجریات الأمور بطریقة موضوعیة وبدون تحریف، بما یؤدی إلى تکوین أکبر درجة ممکنة من المعرفة والوعی والإدراک والإحاطة الشاملة لدى فئات جمهور المعلقین للمادة العلمیة بکافة الحقائق والمعلومات الموضوعیة الصحیحة عن هذه القضایا والموضوعات، وبما یسهم فی تنویر الرأی العام وتکوین الرأی الصائب لدى الجمهور فی الوقائع والموضوعات والمشکلات المثارة والمطروحة، وفی الوقت ذاته مکافحة الأخطاء الإعلامیة فی تقدیم الحدث الإرهابی بطریقة تفید الظاهرة الإرهابیة وتساعدها على استغلال وسائل الاتصال لتحقیق أهدافها، وذلك من خلال عرض البحث للانعکاسات السلبیة للممارسات الإعلامیة الخطأ فی تناول الحدث الإرهابی على مستوى الفضائیات، وکذلک کیفیة استفادة التنظیمات الإرهابیة من الشبکة العنکبوتیة، مع مناقشة کیفیة تصحیح مسار العلاقة بین الإعلام والإرهاب، ویؤکد البحث فی النهایة على عدة نقاط أساس کتوصیة لضبط العلاقة بین الظاهرة الإرهابیة، والتغطیة الإعلامیة تشمل:

  1. إمکانیة إنشاء مراکز إعلامیة متخصصة فی ظاهرة الإرهاب تمد وسائل الاتصال المختلفة بتفسیرات وتحلیلات الحدث الإرهابی.
  2. استخدام استراتیجیة المواجهة لأسالیب التنظیمات الإرهابیة لکسب التعاطف والتأیید بفضح حقیقتها ودحض أفکارها.
  3. مناقشة الأسس الفکریة للتنظیمات الإرهابیة من متخصصین والاستفادة من المراکز البحثیة المتخصصة فی الدراسات الإرهابیة فی معرفة طبیعة تلک التنظیمات ودینامیکیات عملها وهیاکلها التنظیمیة والأسس الفکریة المتأسسة علیها.
  4. إبراز الجهود المحلیة والدولیة فی مکافحة تلک التنظیمات لتحفیز الجمهور للتفاعل معها.
  5. المواجهه الإلیکترونیة مع المواقع التی تنشر الفکر المتطرف وتوفیر المادة الإعلامیة التی تهدف إلى مجابهة الإرهاب والتی تحتوی على عدة عناصر منها:

أ- الرد الفوری على الشائعات کافة سواء أکان مصدرها داخلیًّا أم خارجیًّا.

ب- تقدیم شرح قانونی یتناول العقوبات القانونیة الرادعة لجرائم الإرهاب.

ج- وضع الإرشادات الخاصة بدور المواطنین فی مواجهة الإرهاب.

المراجع

[1]Philip Davison, “Third Person Effect in Communication”, Public Opinion Quarterly, (vol. 47), no1, 1983, p8.

[2]Michel Dupagne &Others, “Impact of Question Order on the Third Person Effect”, International Journal of Public Opinion Research ( voll11),no4 ,1999,p334.

[3]Evra Horens & Suzanne Ruiter,”The Impact Phenomenon: Beyond the Third Person Effect”, European Journalism of Social Psychology, (vol. 26), 1996, p601.

[4]Vincent Price &Others, “Third Person Effect of News Coverage: Orientation toward Media”, Journalism and mass Communication Quarterly, (vol. 97), no3, 1997, p521.

[5] ایمان عبد الرحیم السید الشرقاوی، “جدلیة العلاقة بین الاعلام الجدید والممارسات الارهابیة: دراسة تطبیقیة على شبکات التواصل الاجتماعی”، ورقة بحثیة فی: مؤتمر دور الاعلام العربی فی التصدی لظاهرة الارهاب، 16-18 دیسمبر 2014، ص8

[6]Jennifer B & Gilkins,”A Question Order Effects and the Third Person Perceptions”, International Journal of Public Opinion Research, (vol. 11), no 1,2007 ,p16.

[7] Evelan, William &others, “Rethinking the Social Distance Corollary Perceived Likelihood of Exposure and Third Person Perception”, Communication Research, (vol. 26), no 3, p227.

[8] أﻳﻣن ﻣﻧﺻور ﻧدا ،”ﻧظرﻳﺔ ﺗﺄﺛرﻳﺔ اﻻﺧرﻳن ﻓﻲ دراﺳﺎت اﻟرأی اﻟﻌﺎم : اﺳﺳﻬﺎ اﻟﻧظرﻳﺔ وﺑﻌض ﺗطﺑﻳﻘﺎﺗﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻣﺟﺗﻣﻊ اﻟﻣﺻری “، اﻟﻣﺟﻠﺔ اﻟﻣﺻرﺔ ﻟﺑﺣوث اﻻﻋﻼم. (ﻛﻠﻳﺔ اﻻعلام؛ جامعة القاهرة)، (عدد 15)، ص18.

[9] ایمان عبد الرحیم، مرجع سابق، ص9.

[10]Stephen A & Banning, “Third Person Effects on Political Participation”, Journalism and Mass Communication Quarterly, (vol. 83), no 4, 2006, p786.

[11]ﻣﺣﻣد ﻓﺿﻝ اﻟﺣدﻳدی ،ظرﺎت اﻻﻋﻼم: اﺗﺟﺎﻫﺎت دﻳﺛﻪ ﻓﻲ دارﺎت اﻟﺟﻣﻬور واﻟرأی اﻟﻌﺎم (دمیاط: ﻣطﺑﻌﺔ ﻧﺎﻧﺳﻲ،2009) ،ص265.

[12]أحمد محمود إبراهیم، “مفهوم الإرهاب: تعریفات غامضة وتطبیقات ملتبسة”، شؤون عربیة، (عدد13) ربیع 2008، ص48-63.

[13] عبد الناصر حریز، النظام السیاسی الإرهابی الإسرائیلی : دراسة مقارنة، الموسوعة السیاسیة العالمیة،(بیروت : دار الجیل، بدون سنة) ص 53.

[14]عمار بن سلطان “نظام الاختراق والتغلغل ونشوء الظاهرة الإرهابیة فی الجزائر”، من أعمال الملتقى الدولی الأول لکلیة العلوم السیاسیة والإعلام بجامعة الجزائر، الدولة الوطنیة والتحولات الدولیة الراهنة، (الجزائر:دار هومة،2004) ص 107.

[15]أحمد محمود إبراهیم، مرجع سابق، صص48-63.

[16]إبراهیم نافع، انفجار سبتمبر: بین العولمة والأمرکة (الجزائر: منشورات الوکالة الوطنیة للنشر والإشهار، 2002) ص19.

[17]أحمد محمود خلیل، الجریمة المنظمة: الإرهاب وغسل الأموال ( الأسکندریة: المکتب الجامعی الحدیث،2009) صص162-163.

[18]سوزی محمد رشاد، “الثورة التکنولوجیة فی ضوء الإرهاب الجدید”، ورقة مقدمة للمؤتمر السنوی الثامن عشر للمرکز القومی للبحوث الاجتماعیة والجنائیة بعنوان العدالة الجنائیة فی مجتمع متغیر، 22-24 فبرایر 2016، ص7.

[19]عبد الفتاح مصطفى الیفی وآخرون، الجریمة المنظمة: التعریف والأنماط والاتجاهات (الریاض: أکادیمیة نایف العربیة للعلوم الأمنیة،1999) ص33

[20]رشید صبحی جاسم، “الإرهاب والقانون الدولی”، رسالة ماجستیر (جامعة بغداد: کلیة الحقوق،2003)صص11-21.

[21]وحید عبد المجید، الإرهاب وأمریکا والإسلام من یطفئ النار (القاهرة:مصر المحروسة،2002) صص60-65.

[22]أحمد إبراهیم محمود، “الإرهاب الجدید: الشکل الرئیسی للصراع المسلح فی الساحة الدولیة”، مجلة السیاسة الدولیة (العدد 137) السنة 38، ینایر 2002،ص44.

[23]عمرو الشوبکی، “تحولات جماعات العنف وتحدی الإرهاب الجدید”، مجلة الدیمقراطیة، (العدد67) یولیو 2017، ص43.

[24]المرجع نفسه، ص 45.

[25]سماح عبد الصبور، “الإرهاب الرقمی:أنماط استخدام الإرهاب الشبکی”، مرکز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 2014.

[26]صالح خلیل أبو أصبع، تحدیات الإعلام العربی (بیروت: دار الشروق،1999)

[27]مها فالح ساق الله، “ماهیة الإعلام الجدید”، رسالة ماجستیر (الجامعة الإسلامیة: کلیة الآداب،2013) ص50.

[28]Nicholas Negroponte, Being Digital (New York: Alfred A. Knopf, 1995) p67.

[29]Richard Davis, Diana Owen, New media and American politics, (New York: Oxford University press, 1998) p34.

[30]حسنین شفیق، الإعلام الجدید: الإعلام البدیل تکنولوجیات جدیدة فی عصر ما بعد التفاعلیة (بغداد: دار فکر وفن ،2010) ص53

[31] المرجع نفسه، ص76.

[32]Mari Ouellet, “Criminal collaboration and risk: the drivers of Al Qaeda’s network structure before and after 9l11”,Social Networks (vol51), October 2017, pp171-177.

[33]هایل ودعان الدعجة، “الإعلام والإرهاب”، ورقة مقدمة لمؤتمر جامعة الحسین بن طلال الدولی حول الإرهاب فی العصر الرقمی، 2008، ص3.

[34]حسن علی محمد، “الإعلام والإرهاب:الإشکالیات والتحدیات”، المجتمع والإعلام العربی، (عدد 21)، 2016، ص2.

[35]نفس المرجع، ص3.

[36]فلیب سیب، دانا جانبک، جیل ما بعد القاعدة: دور الإعلام الجدید فی انتشار ظاهر الإرهاب، عرض رضوى عمار، مرکز الکاشف للمتابعة والدراسات الاستراتیجیة، 2011، ص3.

[37]سهیر عثمان عبد الحلیم، “الإرهاب والإنترنت:دراسة حالة فی ضوء التجربة المصریة”، ورقة مقدمة للمؤتمر الدولی الأول حمایة أمن المعلومات والخصوصیة فی قانون الإنترنت، (القاهرة: مرکز الأبحاث والدراسات القانونیة، 18/12/2008).

[38]Cristina Archetti, “Terrorism, communication and new media: Explaining Radicalization in the Digital Age”, perspectives on Terrorism, (vol.9) No.1, February 2015, p50.

[39]David L. Altheide, “The Mass Media and terrorism”, Discourse and Communication, 2007, p301.

[40]UNODC, The use of the internet for terrorist purposes (New York: United Nations, 2012) PP3-11.

[41]داعش والإنترنت: حرب افتراضیة توازی المعرکة على الأرض، شبکة النبأ المعلوماتیة، 18/12/2017 من: http://mail.annabaa.org/arabic/violenceandterror/213

[42]إیمان عبدالرحیم السید الشرقاوی، مرجع سابق، ص 16.

[43]عادل عبدالصادق، الإرهاب الإلیکترونی: القوة فی العلاقات الدولیة، نمط جدید وتحدیات مختلفة، (القاهرة: المرکز العربی لأبحاث الفضاء الإلکترونی، ط2، 2013) ص109.

[44]Yonah Alexander, and Donald J. Musch (eds.), “Cyber Terrorism and Information Warfare. Dobbs Ferry”, NY: Oceana Publications, (vol.4) 1999, pp.70-125.

[45]عادل عبد الصادق، مرجع سابق، ص188.

[46]Isabel Kershner, Cyberattack exposes 20,000 Israeli credit card numbers and details about users, (New York Times, 6 January 2012)p47

[47]UNODC, THE USE OF THE INTERNET FOR TERRORIST PURPOSES, optic, p12.

[48]https://prezi.com/wingndkrcxwf/center-for-strategic-counterterrorism-communications/

[49]General Assembly resolution 60/288

[50]The Global Cybersecurity Agenda (GCA), “A framework for international cooperation in cybersecurity”, international telecommunication union (ITU) April, 2008.

[51]اعتدال مجبری، الفضائیات العربیة ومتغیرات العصر ( القاهرة: الدار المصریة اللبنانیة،(2005 ص 391

[52]Valkenburg, P. M., Peter, J., & Walther, J. B., “Media effects: Theory and Research”, Annual Review of Psychology, (vol. 67) 2016,p7

[53]Albert Bandura, “Social learning theory of Aggression”, Journal of communication, (vol.28) Issue3, September 1978, p12-29.

[54]Maura Conway, “Terrorist ‘use’ of the Internet and fighting back”, Information & Security, (vol. 19) (2006), pp.12-14.

[55] Walter Laquaur, The New Terrorism: fanaticism and the arms of mass destruction, (Oxford University Press, 2000) p131.

[56]حسن علوان، “موضوعات الإرهاب فی الفضائیات العربیة:دراسة فی الشکل والمضمون”، رسالة دکتوراة، (الدانمارک: الأکادیمیة العربیة المفتوحة، 2008) ص9.

[57] Brigitte L. Nacos, Mass-Mediated Terrorism: the central rol of the media in terrorism and counterterrorism (U.S.A: Rowman and Littlefield publishers, 2.ed, 2007) p13.

[58]نصیرة تامی، “المعالجة الإعلامیة لظاهرة الإرهاب من خلال البرامج الحواریة فی الفضائیات الإخباریة العربیة المتخصصة: دراسة تحلیلیة مقارنة بین قناة الجزیرة القطریة وقناة العربیة السعودیة”، رسالة دکتوراة (جامعة الجزائر: کلیة العلوم السیاسیة والإعلام، 2012) ص312.

[59] Grant Wardlaw, “Terrorism and the Media: Asymbiotic Relationship”, sage journals, novemberi, 1981, p34.

[60]John Hardiecarruthers, «Media and Terrorism », the media at war –communication and conflict in the twentieth century-, (London: Macmillan press LTD, first published, 2000) p171.

[61]حمدی حسن،الوظیفة الإخباریة لوسائل الإعلام (القاهرة: دار الفکر العربی،1991) ص72.

[62]نصیرة تامی، مرجع سابق، ص323.

[63]مکسیم فاسیلییف، “دراسة: کیف تستخدم داعش تقنیات الإعلام الحدیثة لنشر الإرهاب وکیف نافست أفلامها هولیوود”، صحیفة أنحاء الإلکترونیة، 10 ابریل 2016، موقع: http://www.an7a.com/245391/

[64]شون ماکبراید، “أصوات متعددة وعالم واحد: الاتصال والمجتمع الیوم وغدا”، تقریر اللجنة الدولیة لدراسة مشکلات الاتصال، (الجزائر: الیونیسکو، الشرکة الوطنیة للنشر والتوزیع، 1981) ص369.

[65]Calhoun, C. (1991) “Indirect Relationships and Imagined Communities: Large Scale Social Integration and the Transformation of Everyday Life,” in P. Bourdieu and J. S. Coleman (Eds.) Social Theory for a Changing Society (Oxford: Westview Press), pp. 95–121.

[66] Gartenstein-Ross, D. and L. Grossman, Homegrown Terrorists in the U.S. and the U.K.: An Empirical Examination of the Radicalization Process (Washington, DC: Foundation for the Defense of Democracy’s Center for Terrorism Research, 2009), pp. 56–57.

[67]Michael J. Kelly and Thomas H. Mitchell, “Transnational Terrorism and the western elite press”, paper presented to the Annual meeting of the Canadian political science association, (Canada: Saskatoon, May 30m1979) p45.

[68]فاطمة القلینی (وآخرون)، الإعلام والمجتمع (القاهرة: دار المعرفة الجامعیة،1998) ص193.

[69]المرجع نفسه، ص194.

[70]عبد المحسن بدوی محمد أحمد، دور برامج الإعلام فی تنمیة الوعی الأمنی ومکافحة الإرهاب: المعوقات والتحدیات، (الریاض:جامعة نایف للعلوم الأمنیة، 2009) ص17.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button