دراسات سياسيةدراسات قانونيةرسائل و أطروحات قانونية

إصلاح الأمم المتحدة بين لغز الفيتو وهشاشة الرأي العام الدولي

 جامعة انواكشوط العصرية كلية العلوم القانونية والاقتصادية – فسم العلاقات الدولية

رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الدولي والعلاقات الدولية

إعداد الطالب : الشيخ عمي ولد الشيخ صيار

بإشراف  : أ. لدكتو: محمد سيديا ولد خباز

نوقشت بتاريخ: 2/12/2019

المقدمة:

“نحن شعوب الأمم المتحدة”:

 بهذه الكلمات افتتح الآباء المؤسسون ميثاق الأمم المتحدة؛ ثم أضافوا أربع تصورات رئيسية لأهداف المنظمة العالمية، أولها أن الأمم المتحدة آلت على نفسها حفظ السلم والأمن الدوليين، “إنقاذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب، ثم أكدوا على إيمانهم بصون الحقوق الأساسية للإنسان، وكذا احترام القانون الدولي، ومن ثم أن يدفعوا بالرقي الاجتماعي والاقتصادي قدما لضمان مستوى عيش كريم لجميع الشعوب.

كان ذلك في صيف العام 1945؛ حين قطعت الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة على نفسها عهدا بان تجعل العالم مكانا أفضل وأكثر أمنا، غير أن العالم الذي نعيش فيه اليوم يختلف اختلافا كبيرا عن العالم الذي كان يتصوره الآباء المؤسسون الذين وضعوا ميثاق الأمم المتحدة.

وبعد 74 عاما من التأسيس؛ لازالت الفكرة التي تهمين على أغلب سكان العالم هـــــــــــي: أن أعظم التحديات التي جابهتها الأمم المتحدة؛ تتمثل في الفجوة الواسعة بين طموحات التأسيس وتحديات الواقع.

وذلك بسبب أن التاريخ الذي يتشكل أمام أعيننا يتميز بشدة الحركية والتسارع والتنافس والتناقض وتضارب المصالح، الأمر الذي ينبئ بمزيد من النزاعات القومية والعرقية والدينية؛ وبذلك يكون على الأمم المتحدة أن تتأهب لتسوية الصراعات المحتملة في كل أنحاء الكون؛ وأن تساير التغيرات الكبيرة التي تحدث في العالم في نفس الوقت.

وهناك شكوك كثيرة تحيط بقدرة الأمم المتحدة على القيام بمهامها في ظل وضعها الراهن وتركيبتها الحالية؛ على الرغم من أن تاريخ المنظمة حافل بالإنجازات الكبيرة وكذا الإخفاقات المريرة في تسوية العديد من الأزمات الإقليمية كحرب كوريا 1950 ثم افيتنام، والصراع الفلسطيني الإسرائيلي ثم الإبادة الجماعية في يوغسلافيا وروندا والصومال. إلخ.. ولعل الوضع الراهن في ليبيا واليمن ومالي وسوريا، أبرز نماذج على عجز المنظمة الدولية عن تسوية بعض النزاعات أو الحد منها.

ومن مظاهر إخفاق المنظمة الدولية أيضا، أن قوات حفظ السلام التابعة له عادة ما تصل إلى بؤر التوتر بعد انتهاء أسوأ الأعمال العدائية بوقت طويل.

ومن جهة أخرى تعاني الأمم المتحدة من مشكلة عويصة تتعلق بكيفية التعامل مع الصراعات؛ سواء بين الدول أو داخل الدولة الواحدة؛ دون الاصطدام بحاجز السيادة الوطنية للدولة، الأمر الذي ينعكس سلبا على دور المنظمة في إدارة وتسوية العديد من الصراعات الدولية والإقليمية؛ ولاسيما الداخلية منها؛ وينطبق الأمر نفسه على ضمان احترام حقوق الإنسان، فعلى الرغم مما عقد من معاهدات وما صدر من إعلانات وما أنشئ من مجالس ومفوضيات للتبليغ عن انتهاكات حقوق الإنسان ومحاكم جنائية دولية لملاحقة كل من تسول له نفسه انتهاك هذه الحقوق المصانة، فعلى الرغم من كل ذلك تبقى هذه الجهود مجرد نظريات غير قابلة للتطبيق لعدة أسباب أهمها؛حاجز السيادة والأمن القومي الداخلي ؛ كما أن المقررين الأمميين الذين يحققون في انتهاكات حقوق الإنسان ينتظرون دعوة مسبقة من جانب الحكومات التي تكون في أحوال كثيرة هي نفسها موضع التحقيق!. الأمر الذي أفضى بالعديد من التحقيقات والجهود إلى سبل مسدودة، ونتيجة لذلك تدهورت مصداقية المنظمة الدولية؛ الأمر الذي تسبب في استقبال ساخط للامين العام السابق للأمم المتحدة بطرس غالي في العديد من بؤر التوتر في العالم. كما أصبحت قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة هدفا مشروعا بمنظور أطراف النزاع لعدم حيادها، كما حدث في صربيا 1994 حيث إستهدفت هذه القوات مرارا .

لكن على الرغم من كل نقائص المنظمة الدولية وإخفاقاتها، فلا تزال تمثل أهم أداة لتسوية العديد من المشكلات الدولية والإقليمية؛ لاسيما في المجالات الإنسانية؛ كما تعد رمزا للتعاون والتنسيق البناء بين المجتمعات العالمية من خلال المؤتمرات والمعاهدات والمساعدات والاتفاقيات في مجالات مختلفة كمكافحة الفقر والوباء وتشجيع التنمية وحظر التجارب النووية وحماية البيئة، وتقليص الميزانيات العسكرية.. إلخ.

وبناء على ما تقدم يمكن القول أنه ليس من المنطقي مسايرة ما يذهب إليه البعض من المطالبة باستبدال منظمة دولية جديدة بالأمم المتحدة القائمة، وإنما المتعين إجراء الإصلاحات الهيكلية اللازمة في هذه المنظمة العالمية، من أجل تعزيز قدرتها على تحقيق أهدافها في حفظ السلم والأمن وإنماء التعاون الدولي وضمان احترام حقوق الإنسان.

وليست الدعوة إلى إصلاح منظمة الأمم المتحدة وترشيد حق الفيتو وتعزيز سلطة الرأي العام الدولي وليدة اللحظة ؛ وإنما ظهرت الأصوات المطالبة بها منذ الستينيات إلى يومنا هذا، من طرف عدة دول ومنظمات غير حكومية وحركات وطنية وحتى الجمعية العامة للأمم المتحدة نفسها أدركت أهمية هذه المسألة، حين أصدرت سنة 1974 قرارا يقضي بإعادة النظر في ميثاق الأمم المتحدة لتعزيز دور المنظمة وفاعليتها كما تكررت دعوات الإصلاح هذه من قبل الأمناء العامين للمنظمة وتضمنتها تقاريرهم السنوية.

وفي العام 2013 قدمت فرنسا مشروعا لإصلاح مجلس الأمن يركز على ضبط اللجوء إلى حق النقض الفيتو، من خلال تعهد الدول 5 الخمس بعدم اللجوء إلى هذا الحق في حالات الجرائم الواسعة النطاق.

وجددت فرنسا نفس الدعوة في العام 2015 لكنها جوبهت بفيتو روسي. وفي يناير 2017 تعهد الأمين العام الحالي انطونيو غوتيرش بالعمل من أجل إصلاح الأمم المتحدة وقدم مقترحات لتحقيق ذلك الغرض.

وعلى هامش اجتماع الجمعية العامة في سبتمبر 2017 أيضا؛ قدم الأمين العام رؤية لإصلاح منظمة الأمم المتحدة من عشرة بنود وحظيت دعوته بموافقة 126 دولة.

 وتأسيسا على ماتقدم يجدر بنا أن نوجه الأسئلة التالية :

➢ – ماهي أهم مراحل نشأة وتطور منظمة الأمم المتحدة ؟

➢ _ وماهي الأهداف الرئيسية؛ والمبادئ الأساسية لهذه المنظمة؛وماطبيعتها القانونية والسياسية ؟

➢ _ وماهو النظام الهيكلي (الأجهزة الرئيسية) لمنظمة الأمم المتحدة (تشكيلها واختصاصاتها؟

➢ _ وماهي الدروس المستفادة من تجربة الحرب الباردة؛ وكيف أثرت تلك الحرب على أداء المنظمة الدولية ؟

سنحاول الإجابة عن هذه الأسئلة في الفصل الأول.

وفي الفصل الثاني سنتطرق للب الموضوع؛ من خلال محاولتنا الإجابة على الأسئلة التالية :

➢ إصلاح الأمم المتحدة هل هو حلم بعيد المنال ؟

➢ 2-وأي إصلاح يريد بطرس غالي وكوفي عنان والدول الخمس الكبار ؟

➢ 3-وهل ستغلب الدول الخمس دائمة العضوية؛ المصلحة الدولية العامة على مصالحها الخاصة؛ وترضخ للأصوات المطالبة بإصلاح مجلس الأمن؟

➢ 4-وماذا ومن يعيق الإصلاح ؟

وأخيرا : “أي مستقبل للأمم المتحدة؟

وتجدر الملاحظة أنه لا يخفى على أحد ضخامة ما كتب عن هذه المنظمة من مؤلفات وما نشر عنها من تقارير وقرارات داخل وخارج مكتبة الأمم المتحدة، ورغم ذلك يبقى تصور الغالبية العظمى عن الأمم المتحدة يشوبه التشويش والشك لعدة أسباب أهمها:

1-نمط الكتابة الأكاديمية: التي لا تستهوي سوى القليل من النخب المتخصصين.

2-نمط الكتابة الصحفية الانتقائية: التي تركز على القضايا الساخنة والمثيرة للرأي العام والتي تركز غالبا على الجوانب السلبية والقاتمة للمنظمة.

3-نمط الكتابة الدعائية: التي تنشرها أجهزة المنظمة وفروعها؛ وهي في أغلبها منشورات تميل إلى المثالية والتفاؤل.

وكل هذه الأنماط من الكتابات لا تقدم ما يكفي من الأجوبة عن نوعية الأسئلة التي تدور في ذهن العديد من الباحثين؛ المهتمين بشأن هذه المنظمة العالمية.

لذا أطمح من خلال هذه الرسالة أن أقدم كل ما هو جديد؛ ومتاح؛ وموضوعي

وغير متحيز- ولامتشائم؛ اوانتقائي .

تحميل الرسالة PDF من هنا

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى