استراتيجيات “داعش” و”جبهة النُصرة” في توظيف الوسائل والمنصات الإعلامية الجديدة

 د. شريف درويش اللبان – د. نهى إبراهيم محمد –  المركز العربي للبحوث والدراسات

أولت التنظيمات الإرهابية الإعلام ووسائطه الجديدة ولاسيما شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي أهمية قصوى في الترويج لأطروحاتها الإيديولوجية فكريًا وعسكريًا وسياسيًا، فسعت تلك التنظيمات إلى تمرير رسائل مباشرة وغير مباشرة عبر المحتوى الإعلامي الذي قدمته عبر المنصات المختلفة سواء كان هذا المحتوى مكتوبًا أو مسموعًا أو مرئيًا. وقد أدركت تلك التنظيمات خطورة وأهمية الحرب الإعلامية، فقامت بتدعيم صفوفها بجيلٍ محترف من الإعلاميين فضلاً عن مؤيدي التنظيم من الشباب أصحاب الخبرات التقنية المتميزة، لتنجح تلك التنظيمات خلال فترة وجيزة في فرض نفسها وأفكارها إعلاميًا، هذا التواجد الإعلامي لهذه التنظيمات يفرض علينا دراسة  كيفية توظيفها لوسائل الإعلام الجديدة بأدواتها التفاعلية لخدمة أهدافها في حربها الفكرية والإعلامية لتحقيق الانتشار والتأثير الأيديولوجي على الجمهور المستهدف وكسب أرضية من التعاطف أو التأييد لدى الرأي العام، فهذه التنظيمات تدرك تمامًا الدور الذي يمارسه الإعلام في جعلها عابرة لحدود الجغرافيا ، فضلاً عن صناعة شعبية افتراضية تفوق الواقع.  

وسعت هذه الدراسة للتعرف على استراتيجيات التنظيمات الإرهابية في توظيف وسائل الإعلام الجديدة لتحقيق أهدافها والتعرف على المضامين المقدمة بالوسائل الإعلامية الجديدة لتلك التنظيمات وأهدافها التواصلية وعوامل الابراز الفني للمحتوى المقدم عبر المنصات المختلفة، والتعرف علي معايير طرح محتوى إعلامي معين عبر وسائل الإعلام الجديدة بما يتناسب مع طبيعة كل وسيلة إعلامية (مواقع إلكترونية – تويتر – يوتيوب) والهدف المرجو تحقيقه؛ حيث تقدم هذه المضامين رسائل غير المباشرة ترسم صورةً كاملة للتنظيم وقادته وأفراده والمناطق التي يقع بها الصراع.

استخدمت الدراسة أداة تحليل المضمون للتعرف على الأهداف الاتصالية للتنظيمات الإرهابية والأشكال الإعلامية المستخدمة في تقديم المحتوى الإعلامي لهم، ومدى الترابط الاتصالي بين الوسائل المختلفة لكل تنظيم من التنظيميْن محل الدراسة وهما “داعش” و”جبهة النُصرة”، وامتدت الدراسة التحليلية في الفترة من يناير حتى مارس 2018، خضعت خلاله وسائل الإعلام التابعة للتنظيميْن للتحليل.

وقد تم تحليل جميع المواد الإعلامية التي تم نشرها عبر القنوات المختلفة لتنظيميْ الدراسة خلال تلك الفترة، بالإضافة إلى تحليل جميع أعداد مجلة “دابق” الصادرة عن تنظيم “داعش”، علاوة على وسائل الإعلام الأخرى التابعة لتنظيميْ الدراسة، وشهدت فترة التحليل صعوباتٍ كبيرة بسبب عمليات الحذف والاغلاق المستمرة التي اتبعتها المواقع الكبرى لتقليل المحتوى المتطرف عبر شبكة الإنترنت.

توظيف تنظيمي الدراسة للإعلام الجديد

تميزت التنظيمات المتطرفة محل الدراسة في توظيف وسائط الإعلام الجديد واستغلال برامج التواصل الحديثة لنشر أفكارها وتجنيد مزيدٍ من الشباب للانضمام لصفوفها، حتى تحولت تلك الوسائط الجديدة الأداة الأهم في يد الجماعات المتطرفة لنشر أفكارها ومعتقداتها، ووضع خططها وتنفيذ أهدافها وتجنيد أعضائها في مراحل التوهج الأولى للتنظيميْن في الفترة من 2014-2016 على وجه التحديد.

توظيف تنظيميْ الدراسة لموقع “تويتر”

ركزت التنظيمات المتطرفة على توظيف موقع “تويتر” لخدمة أهدافها الاتصالية لما يتصف به من حيث العمومية وإمكانية التدوين المباشر وبث التغريدات القصيرة الفورية لمستخدميه وقت وقوع الحدث، كما أمكنها استغلال أنشطة الوسم (الهاشتاج) الأكثر تكرارًا وانتشارًا للوصول لأكبر عدد ممكن من المغردين.

امتلك تنظيميْ الدراسة (داعش-جبهة النُصرة) حساباتٍ عديدة على “تويتر” تنوعت ما بين حسابات مركزية لنشر الرسائل والبيانات والأخبار العامة، إضافةً إلى حساباتٍ محلية في كل منطقة صراع أو ولاية تقع تحت سطوة التنظيم، أو يوجد بها عناصر التنظيم وتقوم كل منطقة من خلالها بنشر أخبارها المحلية، ورغم الحملة القوية التي قام بها موقع “تويتر” لغلق وحذف حسابات أعضاء التنظيمات المتطرفة، إلا أن الدراسة التحليلية أوضحت وجود محاولات تحايل من قبل تلك التنظيمات على حملات الحجب، وذلك بإنشاء حسابات مختلفة بأسماءٍ وهمية لإيصال الجهود الدعائية التي تشنها تلك التنظيمات المتطرفة، وغالبًا ما تأتي تلك الحسابات لتحمل أسماءً عشوائية ولا تدل على أي شيء متعلق بالتنظيم، ولكن يسهل على المتابع اكتشافها بسهولة بملاحظة عدة نقاط منها تفاعل الحساب ضد أي تغريدة تنتقد التنظيم، والحرص على المشاركة في جميع الوسوم (الهاشتاجات) التي تدعم التنظيم، ويتعمد مغردو التنظيمات المتطرفة أسلوب الإرهاب والوعيد، واتباع سياسة إغراق الوسوم الرائجة بنشر الصور المرعبة لخلق حالة من التخويف والإرهاب العام، أو نشر الصور العاطفية لجذب مزيدٍ من الأعضاء، كما يُعيد الحساب تغريد ما نشرته حسابات أخرى وينشر تغريدات مكرر،. ويروج للحسابات البديلة لزملائه ممن تعرضوا للحجب، ويُكرّر الحساب ألفاظًا مثل (شباب الإسلام – الخلافة – الشهادة -المرتدين – ولاية -الدولة الإسلامية – باقية وتتمدد – هيئة تحرير الشام)، كما يُلاحظ أن معظم تلك الحسابات تحمل أسماء مناطق أو مدن مثل “الليبي” و”الشامي”.

ورغم إجراءات التحايل من قبل تنظيميْ الدراسة على إجراءات الحجب فقد تبين جليًا خلال الدراسة أن قدرة التنظيميْن على الحفاظ على تواجدهما الفعال على “تويتر” قد تم تحجيمها بشكلٍ كبير مقارنةً بالبداية القوية في خلال الفترة من 2014-2016، وقد تم تحليل التغريدات التي تم نشرها عبر عدة صفحات بديلة تابعة لتنظيميْ الدراسة خلال فترة التحليل بواقع 701 تغريدة لتنظيم “داعش” تم نشرها عبر حسابات مختلفة، و224 تغريدة لتنظيم “جبهة النُصرة” تم نشرها عبر حسابات مختلفة.

القوالب الفنية التي تم توظيفها في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر “تويتر”

تبين من الدراسة أن أهم القوالب الصحفية التي تم توظيفها بموقع “تويتر” لتنظيم “داعش” هو الصورة الصحفية بنسبة 21% يليها التقرير المصحوب برابط إلكتروني بنسبة 19% يليه الخبر بنسبة 17% ثم بث مقطع فيديو ورابط إلكتروني بنسبة 15% ثم التقرير المصور ورابط إلكتروني بنسبة 14% يليه الإنفوجرافيك بنسبة 13%، بينما كان الخبر هو القالب الصحفي الأكثر توظيفًا لدى حسابات تنظيم “جبهة النُصرة” بنسبة 38.4% يليه الصورة 22.3% ثم التقرير المصور ورابط إلكتروني 21.3% وفي المرتبة الأخيرة جاء التقرير الخبري بنسبة 18%.

ويتضح من النتائج السابقة ان الصورة الصحفية كانت هى الفن الصحفي الأهم والأكثر توظيفًا على موقع “تويتر”، وهو ما يتناسب مع طبيعة الوسيلة الإعلامية نفسها التي لا تحتمل مواد صحفية ذات طابع تفصيلي طويل بل يكفي أن تغرد بصورة واحدة لتصبح أسرع في انتشارها من مئات الكلمات وعشرات التحقيقات، وذلك لسهولة تداولها وسرعة انتشارها وتأثيرها السريع في المتابعين، في حين لم يتم توظيف فنون صحفية مثل التحقيق الصحفي لدى كلا التنظيميْن، وهو ما يتفق مع طبيعة “تويتر” كناشر للتغريدات السريعة التي تحمل معلومات قصيرة مختصرة فورية بين متابعيه.

عناصر الإبراز في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر “تويتر”

أما عن عناصر الإبراز في المادة التي يتم نشرها عبر موقع “تويتر”، فقد أوضحت الدراسة أن تنظيم “داعش” حقق درجة عالية من الإبراز للمحتوى المقدم عبر حساباته، وهو ما يعني تحقيق الاستغلال الأمثل لإمكانات “تويتر” كمنصة إعلامية، حيث جاءت 32.8% من المواد عبارة عن تغريدة مدعمة بصورة وهاشتاج ، و 29.6% تغريدة مدعمة بفيديو ورابط إلكتروني وهاشتاج، بينما جاء 3% يمثل تغريدة فقط دون توظيف أيّ من وسائل الإبراز أو الانتشار بتويتر، أما “جبهة النُصرة” فكانت أقل من “داعش” من حيث توظيف عناصر الإبراز بمحتواها على “تويتر”، حيث جاءت 38.4% تغريدة يدعمها هاشتاج و22.3% تغريدة يدعمها صورة وهاشتاج. من هنا، أوضحت الدراسة قدرة التنظيميْن على إدارة حساباتهما على “تويتر”، إذ استخدم القائمون على تلك الحسابات وسومًا (هاشتاجات) رائجة عند التغريد بإرسال رسائلهم عن طريق استعمال الوسم، حتى يدفعوا المستخدمين المتابعين لقضية أخرى إلى قراءة هذه التغريدات المشجعة على الانضمام إليهم، وتحقيق أكبر قدر من الانتشار لرسائلها أو إصداراتها.

وتبين من خلال الدراسة التحليلية أن حسابات “داعش” على “تويتر” لعبت دورًا مهمًا في الترويج لإصدارات التنظيم سواء القديمة أو حديثة النشر، أو تلك التي لم تصدر بعد بهدف خلق حالة من التشويق لها قبل الإصدار، مما يخلق الرغبة لدى المتابعين في الاطلاع عليها فور صدورها، كما اهتمت تلك الحسابات بالترويج للحصاد اليومي الشامل الصادر عن التنظيم من الولايات المختلفة ومن وسائل الاعلام المختلفة التابعة للتنظيم ، وذلك منعًا لتداول الأخبار المزيفة والعمل علي نشر الوعي بين أعضاء التنظيم والمتعاطفين بعدم الانسياق وراء الشائعات أو الأخبار غير الموثوقة. وفي الإطار نفسه، حرصت حسابات التنظيميْن علي التحذير المستمر من الحسابات المزيفة التي تدعى أنها تتبع التنظيم، وتقوم ببث أخبار غير حقيقية من شأنها تثبيط همم المقاتلين التابعين للتنظيم، بالتزامن مع اتباع سياسة ترويجية للحسابات البديلة التابعة للتنظيم فور تعرض بعض حساباتهما للحجب.

كما يجب الإشارة إلى أن من أهم الأهداف الاتصالية التي ركزت عليها حسابات التنظيمات المتطرفة على “تويتر”، والتي اتضحت من خلال الدراسة التحليلية التجنيد والتوظيف باستهداف فئة الشباب، حيث اهتم تنظيما الدراسة بنوع الجمهور وفئاته، فاستهدفا بالأساس فئة الشباب، الذين تتراوح أعمارهم بين 16-30عامًا، وهى الفئة الأكثر تواجدًا على وسائل التواصل الاجتماعي واستخدامًا لها من جهة، والأكثر انفعالاً وتأثرًا بمنهج التنظيم من جهة أخرى، كذلك لا يهمل التنظيم سائر فئات المجتمع الأخرى وإن كان ذلك بنسبٍ متفاوتة، كما يحرص على شريحة النساء والتي تعد سندًا قويًا له، لذلك أدركت “داعش” أهمية الخطاب الشبابي.

ولتحقيق هذا الهدف اتبعت “داعش” استراتيجية محددة لمخاطبة الشباب بهدف كسبهم وتطويعهم باستخدام ما يُعرف بقاعدة إطلاق التسميات وألفاظ التعميم البراقة في الدعاية، من خلال تشكيل افواج أو كتائب مسلحة تابعة للتنظيم تحت أسماء تاريخية أو رمزية موحية لخلق نوعٍ من الامتداد مع الماضي أو إظهار الصلة التي تربط (الخلافة) كدولة التنظيم بالخلافة الاولى، ومن ذلك تسمية “كتيبة دابق” و”جيش الخلافة” و”جيش العسرة” .. وغيرها من المسميات، كما تعمد التنظيم استخدام عبارات مختصرة سريعة تحمل في طياتها الألفة والحميمية والقرب مثل أخي المناصر -أخي المجاهد -أخي المسلم، فهم يستغلون تعاطف الآخرين من مستخدمي الإنترنت مع قضاياهم، ويجتذبون هؤلاء بعبارات براقة وحماسية، ويُضاف إلي ذلك جاذبية خطاب التحريض على العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أن للخطاب العنيف ذي الروح السياسية الدينية جاذبية خاصة لأنه يلامس الضعف الإنساني حيال المشكلات التي يتعرض لها الإنسان في حياته الشخصية أو ما يراه في عالم تسوده الصراعات والفتن، كما أن الأحداث والصراعات العنيفة والمؤلمة ومظاهر التكالب العالمي على موارد العالميْن العربي والاسلامي تشعل الانفعالات وتُثري العواطف، ولا يجد مستخدمو الإنترنت من الشباب صدى لهذه الانفعالات للتنفيس في وسائل الاعلام الخاضعة لسياسات ومصالح الدول، من هنا يظهر الإعلام الالكتروني بالمحتوى البديل على مواقع ومنتديات الإنترنت.

وضمن نفس الاستراتيجية ركز داعش على إبراز دور الشباب بداخل التنظيم، ففي الوقت الذي كان يظهر فيه كبار تنظيم “القاعدة” مثل “أسامة بن لادن” و”أيمن الظواهري” ومجموعة من كبار السن والشيوخ، ركز تنظيم “داعش” على ظهور شباب، في مختلف إصداراته ولا سيما المصورة والمرئية منها، وذلك للإيحاء بمدى قوة التنظيم، فالمتابع لإصدارات التنظيم المتطرف يجد أن الشباب والقوة والفتوة عناصر حاضرة بقوة في إعلامهم، وهى رسالة مهمة متضمنة داخل هذه الإصدارات، جيل جديد يجيد استخدام أنواع الأسلحة، يجيد استخدام أنواع مختلفة من التقنية، وفي الوقت نفسه مؤمن بفكرته وهدفه.

تبين كذلك أن استخدامات تنظيميْ الدراسة لموقع “تويتر” تركز على نشر الدعاية وضمان الاتصال الداخلي وتوجيه المستخدمين إلى روابط أخرى تستعملها التنظيمات على الشبكة، والدعوة للجهاد والانضمام لصفوف التنظيم. ويُلاحظ علي المحتوى الإعلامي المنشور حرص التنظيميْن على استخدام النصوص الدينية واللغة العاطفية التي يستطيع من خلالها إحداث التأثير النفسي في المتلقي المستهدف لديه.

وحرص “داعش” بشكلٍ خاص على استخدام أكثر من لغة في نشر تغريداته، وذلك كي يستطع أن يصل إلي أكبر عدد ممكن من الأفراد حول العالم وتجنيد مزيدٍ من المقاتلين الأجانب، بالإضافة إلي إطلاق وسوم (هاشتاجات) واسعة يتابعها أعداد كبيرة من المتابعين لها، مثل: وسم (#الدولة الاسلامية)، وسم (#باقية_ وتتمدد)، وسم (#دولة الخلافة)، وعديد من الوسوم الأخرى، ومن ثم يستطع أن يضم عديدًا من الأفراد، وعلى الرغم من إغلاق كثير من الصفحات للتنظيم إلا أنه استطاع أن يفتح صفحاتٍ أخرى من خلال التعاون والدعم بين أعضائه حتى أن أحد أعضاء التنظيم قام بالنشر على صفحته الخاصة، أن من يريد أن يفتح صفحة له، فما عليه إلا أن يبلغه وهو سوف بتقديم المساعدة والدعم له، بالإضافة لاستخدامهم أسماءً مزيفة طوال الوقت، كما يستخدمون برامج متطورة لتغيير “آى بى” Internet Provider (IP) الأجهزة التي يعملون من خلالها بحيث لا تظهر أماكنها لأجهزة التتبع.

نتائج تحليل توظيف تنظيميْ الدراسة للمواقع الإلكترونية

 فيما يخص تنظيم “داعش”، تم تحليل المحتوى الإعلامي المقدم عبر موقع “وكالة الصوارم الإخبارية”؛ حيث تم تحليل 1008 مادة تم نشرها خلال الفترة الزمنية للدراسة، تعرض الموقع للإغلاق بشكل متكرر طوال فترة التحليل، فرغم الإجراءات المشددة لإعاقة الوصول للموقع بحذفه من محركات البحث الكبرى، إلا أن الوصول إليه لم يكن بالأمر الصعب على من يرغب في الوصول إليه، حيث يحرص أعضاء التنظيم بالترويج لل URL الخاص بالموقع في جميع منصاته الإعلامية الأخرى، وبمجرد حفظ الURL الخاص بالموقع ضمن قائمة “المفضلة”، يمكنك الوصول إلي المحتوى المقدم والذي يتم تحديثه بشكل يومي.

أما فيما يخص “جبهة النُصرة”، فكان الوصول للمحتوى الإعلامي الخاص بها غاية في الصعوبة خلال فترة الدراسة نظرًا لتعرض الموقع الرسمي الوحيد الخاص بالتنظيم للحذف، وهو ما أعاق الوصول إليه، خاصة بعد الهزائم العسكرية التي لحقت بالتنظيم وتقلص تواجده ومحاولة عودته من خلال الاندماج مع جماعات أخرى، وهنا قمنا بتحليل المواد الإعلامية بموقع “نخبة الإعلام الجهادي”، والذي حرص على نشر أخبار التنظيم حتى بعد إعادة هيكلته واندماجه مع خمسة كيانات أخرى، حيث تم تحليل 77 مادة تم نشرها خلال فترة الدراسة.

القوالب الفنية التي تم توظيفها في المحتوى المقدم لتنظيمي الدراسة في المواقع الاليكترونية

بالنسبة للقوالب الفنية التي تم توظيفها في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر المواقع الاليكترونية، اتضح اهتمام موقع “وكالة الصوارم الإخبارية” بالجانب الإخباري في المقام الأول خلال فترة الدراسة، جاء الخبر بنسبة 54% يليه التقرير المصور بنسبة 27% ثم القصة الخبرية بنسبة 6.5% يليها مقطع فيديو ورابط اليكتروني بنسبة 5.6%. وتشير النتائج السابقة إلى أن الهدف الأساسي للموقع هو الاستمرار في بث بيانات وأخبار التنظيم في محاولة مستميتة للبقاء ضد الهجمات الاليكترونية التي يواجهها “داعش” لإسكات منصاته الإعلامية ومنع نشر بياناته الصحفية، فاهتم الموقع في المقام الأول بنشر جميع البيانات الصحفية الصادرة عن التنظيم التي يعلن فيها عن مسئوليته عن حادث معين، أو يشير فيها لأخبار القتال في منطقة معينة من مناطق الصراع. وجاء توظيف فن الانفوجرافيك في المرتبة الأخيرة بنسبة 1.1%حيث خصص الموقع له نافذة خاصة، في حين لم يتم توظيف فنون صحفية مثل المقال أو الحوار على الإطلاق خلال فترة الدراسة، أما عن “جبهة النُصرة” فقد تم تحليل 77 مادة تم نشرها خلال فترة الدراسة جاء التقرير المصور في المقام الأول بنسبة 19.5% يليه التقرير الإخباري والخبر بنسب متساوية 18.2% لكلٍ منهما، يليهما نشر مقاطع فيديو مدعمة بالروابط الإلكترونية بنسبة 14.2% ولم يتم توظيف فنيْ الحوار أو الانفوجرافيك خلال فترة الدراسة.

عناصر الابراز في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر المواقع الإلكترونية

وفيما يتعلق بعناصر الإبراز في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر المواقع الاليكترونية، اتضح أن 57.5% من المحتوى على مواقع تنظيم “داعش” جاء مدعمًا بالصور و37% منها نص فقط تمثلت جميعها في الأخبار القصيرة التي حرص القائمون علي الموقع علي بثها بشكلٍ سريع وفوري لنشر أخبار المقاتلين والمعارك التي يخوضها التنظيم في مناطق الصراع، جاءت جميع الصور ملونة ومتوسطة الحجم في الأغلب، وبنسبة 54.4% تضمن الموضوع أكثر من صورة ، بينما 5.5% من المواد جاءت نصًا مدعمًا بمقاطع فيديو جاء في الغالب متوسط الجودة تم تصويره بكاميرا موبايل على الأرجح ليظهر جانبًا من القتال والصراع أو إطلاق الصواريخ على أهداف العدو أو العمليات التفجيرية التي يقوم بها مقاتلو التنظيم، ويمكننا وصف تصميم الموضوعات بشكلٍ عام بالمتواضع من حيث توظيف عناصر الإبراز وجاءت جميع الموضوعات تحمل عنوانًا رئيسًا فقط غير ملون.  

أما فيما يخص المحتوى الخاص بجبهة النُصرة فجاء 80.5% من المحتوى مدعمًا بالصور و19.5% منها نص فقط، جاءت جميع الصور ملونة ومتوسطة الحجم في الأغلب، وبنسبة 69.4% تضمن الموضوع أكثر من صورة، بينما لم يأتِ أيّ من الموضوعات التي تم نشرها خلال فترة التحليل مدعمًا بمقطع فيديو، ويمكننا أيضًا وصف تصميم الموضوعات بشكلٍ عام بالمتواضع من حيث توظيف عناصر الإبراز.

وتشير النتائج السابقة إلى أن الهدف من تلك المواقع جاء إخباريًا في المقام الأول لدعم نشر أخبار التنظيميْن في محاولة للاستمرار للترويج لأخباره في ظل ما يواجهه التنظيم من عقبات وتحديات لنشر أخباره والوصول للجمهور.

وإجمالاً يمكننا أن نشير إلى الدور المهم الذي لعبته المواقع الخاصة بتنظيم “داعش” في مقابل دور مواقع “جبهة النُصرة”؛ حيث لعبت مواقع تنظيم “داعش” دورًا هامًا في الترويج للحسابات البديلة والمواقع البديلة في حال تعرض أيّ من النوافذ الإعلامية للتنظيم للحظر أو واجه المهتمون صعوبة في الوصول إليها. وضمن سياسة ترويجية واضحة، حرصت تلك المواقع على اتباع أكثر من وسيلة لنشر دعايات التنظيم منها نشر أكثر من URL لمقاطع الفيديو التي عملت على الترويج لها بحيث يسهل على المتصفح الوصول للنسخة التي تعمل من بينها، كما لعبت دورًا مهمًا في خلق حالة من التشويق الذي يسبق الإصدارات المرئية للتنظيم والعمل علي الترويج لها بعد إصدارها بالفعل، بالإضافة إلى إعادة نشر جميع الإصدارات القديمة بشكل دوري ومتكرر، وأيضًا العمل على الترويج لوسائل الإعلام الناطقة باسم التنظيم مثل الترويج للعدد الأسبوعي لصحيفة “النبأ” التي يُصدرها التنظيم، والترويج أيضًا لمقاطع إذاعة “البيان” التي يبثها التنظيم، بالإضافة إلي نشر حصاد يومي يضم جميع أخبار التنظيم التي تم نشرها عبر الولايات المختلفة وعبر النوافذ الإعلامية الناطقة باسم التنظيم حيث تضم ما تم نشره بصحيفة “النبأ” وإذاعة “البيان” وبيانات وكالة “أعماق” و”أجناد” و”الفرقان” و”الحياة” ومكتبة “الهمّة”. ولعبت هذه المواقع دور مهمًا للغاية في خدمة الأرشفة الإلكترونية لإصدارات التنظيم الصادرة من مختلف الولايات، كما تم نشر أرشيف ضخم جدًا يضم جميع إصدارات ومقاطع الفيديو الخاصة بتنظيم “داعش”، يضم 5350 مقطع فيديو تم نشرها من قبل التنظيم منذ ظهوره.

نتائج تحليل توظيف تنظيميْ الدراسة لموقع “يوتيوب”

يُعد موقع “يوتيوب” من أوائل المنصات التي استخدمتها التنظيمات المتطرفة لتمرير خطابها الدعائي، بهدف التعريف عن النفس والتسويق للذات، إضافةً إلى توظيف الموقع لضمان الحضور الإعلامي من خلال نشر الوسائط السمعية البصرية. وتكمن ميزة الموقع الأساسية أن نظام المراقبة الخاص به يتم بعد نشر الفيديوهات على الموقع بالفعل، وبالتالي يمكن للمشاركين تحميلها مباشرةً قبل حذفها.

وقد واجهنا صعوبةً بالغة في تحليل المحتوى الإعلامي الذي ينشره تنظيما الدراسة عبر موقع “يوتيوب” خلال فترة الدراسة نتيجةً لقيام الموقع بالحذف الفوري لأي محتوى يتم نشره فور الإبلاغ عنه أو فور اكتشافه مع القيام بإغلاق وحجب القناة التي قامت بالنشر، والذي بدا لنا بوضوح نجاح تلك الإجراءات بشكلٍ كبير في تحقيق الهدف المنشود وتحجيم المحتوى الإعلامي للتنظيمات المتطرفة، حيث تعرضت جميع القنوات الرسمية لتنظيميْ الدراسة للحجب والاغلاق وإعاقة الوصول إليها نهائيًا، مما أثّر على عملية نشر المحتوى الإعلامي الخاص بهما عبر تلك القنوات الرسمية، مما اضطر تنظيميْ الدراسة لاستبدال القنوات الرسمية الناطقة باسمهما إلى إنشاء قنوات بديلة وحسابات فردية متعددة بأسماء مختلفة لنشر المحتوى المراد ترويجه، مع العمل على الترويج لهذه الحسابات البديلة عبر المنصات الإعلامية المختلفة لتنظيميْ الدراسة. وتم الاعتماد على متابعة هذه الحسابات والقنوات البديلة التي أُنشئت في محاولة للمراوغة والتمكّن من نشر المحتوى الإعلامي الخاص بالتنظيم المتطرف لتنجح أحيانًا وتفشل كثيرًا نظرًا لملاحقتها هى الأخرى من قبل إدارة الموقع التي عملت على فلترة المحتويات التي يتم نشرها أولاً بأول لمنع وصول المحتوى المتطرف لجمهور متابعيها، تم تحليل 76 مادةً لتنظيم “داعش” و58 مادة لتنظيم “جبهة النُصرة” خلال فترة الدراسة.

القوالب الفنية التي تم توظيفها في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر موقع “يوتيوب”

تم تحليل المحتوى المقدم عبر الحسابات البديلة لتنظيميْ “داعش” و”جبهة النُصرة” خلال فترة الدراسة، وقد بلغ عدد المقاطع التي نشرها تنظيم “داعش” عبر الحسابات المختلفة إلى 76 مقطع فيديو بينما وصل عدد مقاطع تنظيم “جبهة النُصرة” إلى 58 مقطع فيديو، تنوعت إصدارات “داعش” ما بين تقارير مصورة 43.4% وأفلام وثائقية 30.3% وإصدارات خاصة بنسبة 26.3%، والذي جاء محتواها بسيطًا وقليلَ الجودة تم تصويرها بكاميرات هواتف محمولة غير واضحة لعمليات التنظيم في مناطق الصراع.

كما تنوعت إصدارات تنظيم “جبهة النُصرة” ما بين تقارير مصورة 58.6% وأفلام وثائقية بنسبة 12%، بينما مثلت الإصدارات المتنوعة للتنظيم 29.4%، في حين لم يوظف أيّ من “داعش” أو “جبهة النُصرة” خلال فترة الدراسة قالبيْ النشرة الإخبارية أو الحوار الصحفي في المادة المنشورة عبر يوتيوب. ويُلاحظ من النتائج السابقة وجود تفوق ملحوظ لتنظيم “داعش” في إنتاج الأفلام الوثائقية المحترفة عالية الجودة مقارنةً بالأفلام الوثائقية الخاصة بتنظيم “جبهة النُصرة”، وهو ما يتضح من حيث توظيف كلٍ منهما لعناصر الإبراز داخل المقطع المقدم وجودته.

عناصر الإبراز في المحتوى المقدم لتنظيميْ الدراسة عبر موقع “يوتيوب”

اتضح من الدراسة أن إصدارات “داعش” جاءت بنسبة 50% بجودة عالية جدًا من حيث وضوح الصورة والألوان وجودة الصوت، بينما 36.8% منها جاءت بجودة قليلة ونشير هنا أن المقاطع قليلة الجودة جاءت معظمها مقاطع قصيرة تم تصويرها بكاميرات موبايل محدودة الإمكانات مثل قيام أحد أعضاء التنظيم بتصوير زميل له أثناء قيامه بإطلاق أحد الصواريخ على أحد الأهداف لتأتي الصورة مهزوزة غير واضحة المعالم ذات جودة متواضعة، كما أن 50% من المقاطع التي تم تحليلها جاءت مدعمة بمؤثرات صوت وصورة، وهو ما يشير لحرص القائمين عليها على إحداث أعلى درجة من التأثير في المتلقي، مع الحرص على تقديم مضمون قوي داخل 51% من المقاطع وذلك بدعم الصورة بتعليق صوتي محترف ومحتوى مكتوب ومحرر إعلاميًا على درجة عالية من الكفاءة والمهنية.

أما عن تنظيم “جبهة النُصرة” فجاءت 57% من إصدارات التنظيم والتي تم تحليلها خلال فترة الدراسة متوسطة الوضوح من حيث وضوح الصورة والألوان، وتنوعت حركة الكاميرا داخل المقاطع المصورة ما بين سريعة 65.5% وبطيئة بنسبة 34.5%، وجاءت جميع المقاطع مدعمة بمؤثرات صورة و82% يحمل مؤثرات صوتية، أما عن المضمون فجاء بنسبة 65.5% صورة وتعليق صوتي، 34.5% صورة فقط بدون أي تعليق أو محتوى مكتوب على الصور.

وتبين من الدارسة التحليلية وجود فرق ملحوظ في جودة واحترافية المقاطع المصورة لكلا التنظيميْن ما بين منتج محترف عالي الجودة يقدمه مجموعة من المحترفين وما بين منتج متوسط الجودة في الأغلب يقدمه مجموعة من الهواة، حيث جاءت إصدارات “داعش” بتميز احترافي عالٍ يتضمن أعمال مونتاج ومؤثرات واستخدام كاميرات ثابتة عالية الاحترافية والجودة تتحرك على قضبان أفقيًا، وترتفع إلى أعلى بأدوات رفع عالية وتستطيع التصوير بأكثر من زاوية، بينما جاءت إصدارات تنظيم “جبهة النُصرة” متواضعة خالية من عناصر الإبهار أو الاحترافية أو الجذب الإعلامي.

فيتضح من تحليل المحتوى الإعلامي لإصدارات “داعش” توظيفها الجيد لفتاوى أئمة الإسلام بما يخدم مصالحها وأهدافها أو يبرر تصرفاتها ويؤكد على شرعيتها، مع العمل على إظهار قوة التنظيم والتهديد وبث الرعب في قلوب الناس. وبالإضافة إلى الأساليب السابق الإشارة إليها فإن التنظيم عَمِدَ إلى وصف نفسه بحُمَاة الشريعة وجنود الإسلام، وهو ما وضح جليًا في إصدار “حُمَاة الشريعة” الذي صدر في 13 فبراير 2018 عن ما يُسمى بـ “ولاية سيناء”، حيث استهدف الإصدار الإشارة إلى ما أسماه بجرائم النظام المصري وتعمد إظهاره متواطئًا مع اليهود لقتل وتشريد أهالي سيناء، وذلك من خلال نشر صور لأطفال ونساء قتلى ادعى الإصدار أنهم ضحايا النظام المصري الذي يتعمد تصفية أهل سيناء.

كما حرص التنظيم علي نشر إصدارات خاصة تخاطب المجاهدين في كل بقاع الأرض وتقديم النصائح لهم، مثل ما ظهر ببعض إصدارات مركز الحياة للإعلام مثل إصدار (إليك أيها المناصر) وإصدار (من الداخل) وإصدار (لبوا النداء)، وكذلك مجموعة إصدارات ولاية الخير (خذلوا دولتكم)، حيث عَمِدَ التنظيم في تلك الإصدارات على التواصل مع المتعاطفين والمؤيدين له والمجاهدين في كل بقاع الأرض وتقديم النصائح لهم وحثهم على الهمة والفزعة لبث الرعب في قلوب الأعداء ونُصرة الإسلام.

كما حملت الإصدارات رسائل تهديد واضحة ومباشرة للغرب بمزيدٍ من العمليات التفجيرية داخل أراضيهم مع نشر لقطات من حالات الفزع والفوضى التي تصيبهم بعد العمليات التفجيرية التي يعلن التنظيم عن تبنيها داخل أراضيهم، إضافةً إلى الفيديوهات التي توضح قوة التنظيم وبطشه وذلك من خلال نشر فيديوهات واضحة تظهر عمليات لقطع الرؤوس أو عمليات تفجيرية مباشرة Live، بهدف إعطاء الشباب إحساسًا بالقوة وخلق الرغبة لديهم للانضمام لهذا التنظيم القوي.

وفي معظم هذه الفيديوهات يتم نشر أبشع ما يقوم به التنظيم من ذبح وحرق وقتل أو حتي فيديوهات لدعوة الشباب للانضمام للتنظيم، وبغض النظر عن هدف متابعي هذه المقاطع والإصدارات سواء كان هدفهم هو المراقبة فقط، أو فهم هذا التنظيم وأيدولوجيته، أو بهدف وضع استراتيجيات لمحاربة التنظيم، إلا أن هناك من يشاهد بهدف الانضمام إلي هذا التنظيم أو على أقل تقدير اقتناعه بما يقوم به التنظيم وهو النوع الأخطر.

ومن الملاحظ أيضًا علي إصدارات تنظيم “داعش” حرصه على نشر مقاطع مصورة لتدريب الأطفال بين صفوف التنظيم، يوضح فيه طريقة تجنيدهم وتعليمهم طرق الجهاد في سبيل الله، ولم تقتصر إصدارات التنظيم المصورة على نشرها باللغة العربية فقط، بل حرص على إطلاق إصدارات بلغات مختلفة كالإنجليزية والفرنسية وغيرها، وذلك ببراعة واحترافية شديدة ويرجع ذلك إلى أن بعض أفراد التنظيم من المقاتلين الأجانب وبالتالي يستطع أن يخاطب العالم بلغات مختلفة.

أما تنظيم “جبهة النُصرة” فلم تقم حساباته بنشر إصدارات جديدة تم إنتاجها حديثًا، بل اقتصرت على إعادة نشر إصدارات قديمة مثل إصدار “غزوة حرائر الشام” الذي صدر عن مؤسسة “المنارة البيضاء”، والتي اتضح بها أيضًا توظيف الآيات القرآنية والأحاديث والفتاوى لبسط الغطاء الديني على أعمال التنظيم وكسب الشرعية، حيث بدأ التنظيم بآية قرآنية وكلمة لأبي محمد الجولاني تحمل بين طياتها تهديدًا ووعيدًا، ثم كلمة لسيدة منتقبة تدعى “أم عبد الله” تتحدث عن جرائم جيش بشار الأسد ورجاله وتدعو أهل النخوة والدين لنُصرة نساء سوريا والدفاع عنهم ضد نظام بشار الجائر، وينتهى الإصدار بتصوير عملية تفجيرية لجنود التنظيم قاموا بها ثأرًا لنساء الشام.

ويتضح مما سبق أن تنظيميْ الدراسة تمكنا من استغلال الحسابات الوهمية على “يوتيوب” في نشر بعض المحتوى الإعلامي لهم، ولم يكتفيا بنشر المحتوى الجديد والإصدارات الحديثة بل قاما أيضًا بتوظيفها في إعادة نشر المحتوى القديم والإصدارات السابقة، ورغم ذلك تبين من خلال الدراسة التحليلية أن “يوتيوب” كان توظيفه محدودًا مقارنة ببقية المنصات التي خضعت للتحليل خلال فترة الدراسة، وهو ما يشير إلي نجاح إجراءات الحذف التي اتبعها الموقع لتحجيم نشر المحتوى المتطرف عبر قنواته بشكل كبير.

أوجه التمايز بين “داعش” و”جبهة النُصرة” في توظيف وسائل الإعلام الجديد

تبين من الدراسة أن تنظيم “داعش” استطاع أن يحقق درجة عالية جدًا من التواصل بين المنصات المختلفة بعكس الحال لتنظيم “جبهة النُصرة”، فقد بدا إعلام “داعش” مخططًا كإعلام محترف، بينما بات إعلام “جبهة النُصرة” مشتتًا لا يخرج عن نطاق إعلام جماعة متطرفة، واتضح ذلك من خلال وجود خطة إعلامية متكاملة بين منصات “داعش” المختلفة، فكلٌ منها يخدم الآخر ويروّج له وللمحتوى المقدم من خلاله من خلال عملية ترويجية ذات ملامح واضحة ومحددة، أما “جبهة النُصرة” فاتضح من الدراسة انها افتقرت لوجود خطة إعلامية ترويجية للمحتوى الإعلامي الذي تقدمه، وافتقرت لوجود تواصل بين منصاتها الإعلامية، فبدا الأداء الإعلامي لها متخبطًا، فضلاً عن قدرة “داعش” على توظيف كل وسيلة إعلامية لتحقيق أهداف تتناسب مع طبيعة الوسيلة ذاتها.

فقد وظّفت “داعش” المواقع الإلكترونية في أرشفة الإنتاج الإعلامي للتنظيم بالإضافة للترويج لوسائل الإعلام التقليدية (إذاعة البيان وصحيفة النبأ)، والترويج للإصدارات المصورة التي يُصدرها التنظيم، في حين وظفت “تويتر” في الترويج للحسابات البديلة حال تعرض إحداها للحذف أو الإغلاق بالإضافة الى نشر الأخبار القصيرة السريعة استغلالاً لإمكانية التدوين المباشر وبث التغريدات القصيرة الفورية لمستخدمي الموقع وقت وقوع الحدث، أما يوتيوب فاستغلته “داعش” في الترويج لإصداراتها المصورة ومقاطع الفيديو للعمليات التي يقوم بها أفراد التنظيم بالإضافة إلي نشر أفكار التنظيم، مع توظيف وسائل الاعلام التقليدية في شرح الأفكار والايدولوجيات وتحسين الصورة الذهنية للتنظيم لكسب مزيد من الشرعية وهو ما يتوافق مع الهدف الذي وُجدت من أجله (مجلة دابق أو جريدة النبأ) بحيث أفرد التنظيم مساحات واسعة لتبرير تصرفات التنظيم ودعم وجهة نظره بالفتاوى والقصص المقتبسة من التاريخ الإسلامي.

وتؤكد الدراسة التحليلية على اختلاف الخطاب الاعلامي لتنظيمات الدراسة تمامًا عن الطريقة التقليدية للتنظيمات الجهادية القديمة مثل تنظيم “القاعدة”، حيث لم تكتفِ تلك التنظيمات بالتحرك الميداني عسكريًا فقط، بل أظهرت الدراسة درجةً ملحوظة من التطور التنظيمي للأداء الإعلامي لتلك التنظيمات على الشبكة العنكبوتية ومنصات التواصل الاجتماعي.

وكشفت الدراسة بوضوح تراجع نشاط التنظيم الإعلامي وانحساره على مختلف الأصعدة لتنظيميْ “داعش” و”جبهة النُصرة”، حيث عمل تنظيما الدراسة على إعادة نشر الكتابات والمطويات والإصدارات القديمة، في سياق يدل على فقدانهم الكوادر الإعلامية والموارد الكافية لتقديم منتج إعلامي جديد، وفيما يخص توظيف تنظيميْ الدراسة للإعلام الجديد، فأكدت الدراسة تقلص نشاط التنظيمات المتطرفة على وسائل الإعلام الجديدة بما فيها المواقع الإلكترونية و”تويتر” و”يوتيوب” مقارنةً بفترة التوهج والنشاط الإعلامي التي صاحبت صعود تلك التنظيمات في الفترة من 2014-2016 بشكلٍ خاص؛ حيث واجهت هذه التنظيمات عدة عقبات وتحديات حقيقية حدت من انتشار المحتوى الإعلامي الخاص بها، الأمر الذي يرجع لعدة أسباب.

ومن بين هذه الأسباب إجراءات المواقع الكبرى لحذف المحتوى المتطرف وإغلاق الصفحات والمواقع التابعة للتنظيمات المتطرفة، وضعف التمويل لتنظيميْ الدراسة، والهزائم العسكرية التي لاقاها تنظيما الدراسة على أرض الواقع، فضلاً عن فقدان التنظيم لكثير من عناصره وجنوده في الحروب والصراعات التي خاضها بسبب نجاح كثيرٍ من الضربات الموجعة التي تلقاها التنظيمان.

كما تبين من الدراسة أن تنظيم “داعش” يتبع النمط نفسه في التعامل على مختلف منصاته الإعلامية باستخدام أكثر من لغة وذلك لكي يستطع التأثير في أكبر عدد من الأفراد، وأيضًا استخدم بعض النصوص القرآنية والفتاوى الدينية في محاولة لإيهام المتلقي أنهم يسيرون وفقًا لتعاليم الدين الإسلامي، إضافةً إلى التركيز على قوة التنظيم وبطشه، علاوة على نشر شكل الحياة المرفهة التي يتمتع بها أعضاء التنظيم، مما يجعل كثيرين يريدون أن يتمتعوا بهذه الحياة، وكان ذلك يوّلد لديهم الدافع للانضمام للتنظيم.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button