دراسات سياسيةدراسات مغاربية

اشكالية الانتقال الديمقراطي في المغرب 1996-2017

في بداية التسعينات ،دخل المغرب مرحلة حديثة من تاريخه السياسي هدفها تحقيق رهان الانتقال الديمقراطي باعتباره الحل الافضل لخروج المغرب من الازمة الداخلية والخارجية التى عانى منها في السبعينات والثمانينات ، والتى يعود السبب الرئيسي فيها الى تأزم الظروف الداخلية الاقتصادية و الاجتماعية والسياسية ، بالإضافة الى تعرض المغرب لضغوط اقليمية تمثلت في تداعيات نجاح الثورة الايرانية وتصاعد مد الحركات الاسلامية في العديد من الدول العربية و الاسلامية وكذا تأثر المغرب بتجارب الانتقال الديمقراطي في كل من (تونس ، الجزائر ، موريتانيا) فيما يعرف بنظرية العدوى او كرات الثلج المتدحرجة ،الى جانب تأثر المغرب بضغوط دولية سببها انهيار الاتحاد السوفياتى وبروز الاحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ، وتطبيق المؤسسات المالية سياسة المشروطية السياسية مقابل منح القروض للمغرب . اهتم النظام السياسي المغربي بثلاث مؤشرات لتحقيق عملية الانتقال الديمقراطي ، تمثلت في عقد توافق سياسي بين المؤسسة الملكية والمعارضة ترجم الى تناوب سياسي جسد في تكوين أول حكومة تناوب توافقي عام 1996 ، وكذا تعديل الاطار الدستوري بصورة تدريجية على ثلاث مرات ، حيث كان التعديل الاول والثاني في عهد الملك الحسن الثانى عام 1992 و 1996 ، اما التعديل الثالث و الاخير فكان عام 2011 في عهد الملك محمد السادس ،بالإضافة الى الاهتمام بمدخل حقوق الانسان من خلال وضع ترسانة قانونية للحفاظ على حقوق وحريات المواطنين واستخدام استراتيجية محددة لمعالجة ملف انتهاكات حقوق الانسان.

ان تطبيق مؤشرات الانتقال الديمقراطي في المغرب حققت خطوات ايجابية في مسار الديمقراطية لكنها لم تكن كافية لتحقيق عملية انتقال ديمقراطي فعلية ،فالمغرب مزال يعيش مرحلة المرور من مرحلة الاستبداد الى مرحلة الديمقراطية ، وتعود أسباب ذلك لسيطرت المؤسسة الملكية على صياغة الاصلاح السياسي والدستوري بصورة تكتيكية فوقية افقية تحافظ من خلالها على مكانتها المهيمنة على العملية السياسية وعلى المؤسسات الدستورية ، وعلى صلاحياتها الواسعة سواء الدستورية المستمدة من الدستور المكتوب والمتعلقة بحقل رئاسة الدولة أو الصلاحيات الغير الدستورية المستمدة من الدستور العرفي والمتعلقة بحقل امارة المؤمنين و الحكم . هذا الازدواج في مؤسسات النظام السياسي المغربي (مؤسسات تقليدية ، مؤسسات حديثة) يعيق من عملية الانتقال الديمقراطي لان المؤسسات التقليدية تهمين على المؤسسات الحديثة وتفرغها من مضمونها ، في حين ان تحقيق عملية الانتقال الديمقراطي تتطلب القطيعة مع الماضي وانهيار المؤسسات القديمة واستبدالها بمؤسسات ديمقراطية حديثة . بالإضافة الى ما سبق ، تعانى عملية الانتقال الديمقراطي في المغرب من ضعف مؤسسات المجتمع المدنى وعدم قدرتها على القيام بأدوارها بسبب جملة من المعيقات الداخلية والخارجية التى تكبل استقلاليتها وتجعلها تابعة للدولة ، بالإضافة الى استمرار النظام السياسي المغربي في انتهاك حقوق الانسان رغم الترسانة الدستورية والقانونية المنصوص عليها لحماية حقوق وحريات المواطنين . أخيرا ، لتحقيق عملية الانتقال الديمقراطي بالمغرب لابد من تحقيق توافق سياسي جديد علنى عمودى وافقى واضح يرسم معالم جديدة لدولة مدنية مغربية حديثة تقوم على اساس وثيقة دستورية توافقية تحدث القطيعة مع الفكر السياسي والدستوري القائم وتؤسس لدولة تقوم على مبدأ التوزيع العادل للسلطات ومبدأ الفصل بين السلطات وتكرس مبدأ حماية حقوق وحريات المواطنين .

تحميل الرسالة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى