الآليات القانونية، السياسية والأمنية لمكافحة الإرهاب في الجزائر

المحتويات

المقدمة

 –  الفصل الأول: ماهية  ظاهرة الإرهاب (مفاهيم وتعاريف)

 –  الفصل الثاني: الإقرار الدولي بمخاطر الإرهاب

 –  الفصل الثالث: العنف الإرهابي غير الشرعي والعنف النضالي المشروع

  – الفصل الرابع : الأسباب والعوامل المباشرة في نشوء الإرهاب 

 –  الفصل الخامس: جذور الإرهاب في الجزائر

 –  الفصل السادس: آليات القانونية لمكافحة الإرهاب في الجزائر (المادة 87 من قانون العقوبات).

  – الفصل السابع: الآليات السياسية والأمنية لمكافحة الإرهاب في الجزائر

الخاتمة.

 

المقدمة:

     يعد العنف بمختلف مظاهره من أقدم الظواهر المتأصلة في المجتمعات الإنسانية التي يعتبر الصراع أحد أهم سماتها، وقد تعاظمت ظاهرة العنف في المجتمع الدولي والعلاقات الدولية بشكل ملفت في السنوات الأخيرة، و التي مصدرها الجماعات المسلحة المتطرفة.

     ورغم الجهود الوطنية والدولية الكبيرة والمهمة التي بذلت للحد من هذه الظاهرة التي أرقت بال الحكام والشعوب إلا أنها لم تأت بنتائج المرجوة، وما تنامي الهجمات والعمليات الإرهابية في الفضاء الدولي والداخلي إلا دليل على ذلك.

    وتعد ظاهرة الإرهاب مظهرا من مظاهر العنف الذي يتفشى في المجتمعات الدولية أو في المجتمع الداخلي، وعلى الرغم من تنامي خطورة هذه الظاهرة  فإن وضع تعريف دقيق وقار لها واجهته عدة صعوبات ومشاكل تحكمها الخلفيات الإيديولوجية والمصلحية والمذهبية سواء بالنسبة للباحثين أو المفكرين وكذا بالنسبة للدول التي حاولت مقاربة هذه الظاهرة، وهذا طبعا ما سيثير عدة إشكالات وصعوبات عند تصنيف الإرهاب أو عند تحديد إطار قانوني واتفاقي لمكافحته.

أهمية البحث..

بما إن العمل الإرهابي الواحد يثير مشاكل متعددة  سيتبعه حتما ً مصادرة عدة حقوق بصورة واحدة فجرائم التفجير والقتل تمثل اعتداءً على حق الإنسان في الحياة وهو حق طبيعي وأصيل ومصدر لباقي الحقوق وبالتالي فان هذه الجريمة الإرهابية تمثل اعتداءً على حق الإنسان في الحياة وسلامة جسده وحقه في العيش بحرية وكرامة وأمان وحقه في الزواج والتعليم وتكوين الأسرة وحقه في التأمين الصحي والعيش في بيئة آمنة وخالية من التلوث ومصانة من التدمير  ومن ثم اتساع المساحة التي يستهدفها الإرهاب وتعدد إطرافها وتنوع ضحاياه وامتدادها ضد النظام العام العالمي واستغلال الدول الكبرى لهذ الظاهرة (بغياب الاتفاق على تحديد مفهوم الإرهاب) من توسيع مطامعها و احتلال الغير وقصف المراكز العلمية والصناعية ومحاصرة الشعوب يؤشر أهمية ذلك البحث فالإرهاب باعتباره من  أهم قضايا العالم اليوم بل المشكلة الأولى التي تتميز بتعدد عوامل استنباته وبتنوع أهدافه ودوافعه وبالتالي إن البحث في هكذا مشكلة ذات صلة بتعدد(العوامل) يستدعي معالجة جذورها(أسبابها وروا فدها) اولا بحثا وتطبيقا وهنا لا ينبغي الوقوف عند البعض منها، بل لا بد من دراستها دراسة شاملة إلاان طبيعة البحث تستلزم  الجزئية هنا..

إشكالية البحث

.. تصويب سلوك ممارسي العنف والإرهاب لا يكون فقط بناء على تلك الفرضيات المعتادة كالفرضيات الأمنية الاستئصالية والاقتصادية اوركوب الحرب في أحياناً كثيرة أوعن طريق استخدام ادوار الردع الاقتصادي لتحقيق امن المجتمع بما هو إشباع للحاجات ليحقق الحاجة الانية .. وبالتالي إن معالجه أثار الإرهاب يستدعي أولا معرفه الأسباب والعوامل الدافعة نحو الإرهاب وتنوع سبل استنبات تلك العوامل وهنا تثار إشكالية تحديد وحصر تلك العوامل والأسباب الدافعة نحو الإرهاب وإشكالية التعريف المتفق علية قبل هذا ومن ثم البحث عن السبل المساعده لتتفق الدول في إطار الأمم المتحدة على وضع تعريف للإرهاب وان لا يمس سيادة الدول.

الفصل الأول: ماهية  ظاهرة الإرهاب (مفاهيم وتعاريف)

تعريف الإرهاب لغويا واصطلاحا:

الإرهاب في اللغة العربية من الرهبة و التخويف أما كلمة “Terror” في الإنجليزية لا تعني التخويف و الرعب بل تعني عملياً إبادة للبشر لأسباب سياسية.

أما اصطلاحا، فيعتبر مصطلح الإرهاب من المصطلحات التي حظيت باهتمام كبير من قبل الباحثين و المتخصصين الأمنيين و القانونين، محاولين تعريف ماهية الإرهاب ( تعريفه، أشكاله، عوامل بروزه. وسائله.. الخ.)، ورغم كل الجهود إلا انه والى اليوم، لم يتفق المجتمع الدولي على تعريف موحد للإرهاب، والسبب ليس لغموض المصطلح وإنما بسبب اختلاف الإرادات السياسة للدول الفاعلة تبعا لاختلاف مصالحها و إيديولوجياتها و ما تسعى لتحقيقه من مصالح في الساحة الدولية.

لقد حاولت الأمم المتحدة الوصول إلى نوع من الإجماع حول تعريف لإرهاب، و قد عرفته بأنه” القتل المتعمد للمدنين والعسكريين من أجل أغراض سياسية”،إلا أن هذا التعريف لم يلقى كما كان منتظرا دعم كل الدول الأعضاء، فبعضهم وجد أن هناك نوعا من الإرهاب الذي يمكن تبريره مثل الإرهاب ضد الاحتلال الأجنبي.

من جهته عرف قاموس أكسفورد الإرهاب بأنه “الاستخدام الغير الشرعي و الغير مرخص للعنف والترهيب في سبيل تحقيق أهداف سياسية”.

أما على صعيد المؤتمرات العالمية وجهود المنظمات الإقليمية والدولية، نجد أن المؤتمر الدولي الذي عقدته عصبة الأمم في 1937 والذي تمخضت عنه اتفاقية دولية لقمع ومنع الإرهاب, اعتبر الإرهاب هو تلك الأعمال الإجرامية الموجهة ضد دولة ويكون هدفها أو من شأنها إثارة الفزع والرعب لدى شخصيات معينة أو لدى جماعات من الناس أو لدى الجمهور

وخلال اجتماع لوزراء الخارجية بالاتحاد الأوربي في هولندا لبحث أهم القضايا المرتبطة بخطط مكافحة الإرهاب بتاريخ 16-11-2001، قدمت بلجيكا صيغة مشروع لتعريف هــذه الظاهرة حددتها في: “مختلف الأفعال الإجرامية التي ترتكب بنية الإرهاب الجسيم للعامة بهدف إجبار سلطة مثل دولة أو منظمة دولية على التصرف على نحو معين أو بهدف تدمير هياكل دولة أو مجتمع أو منظمة دولية.

التعريف المقترح…

ويمكن ان نعرف الارهاب انه كل الاعمال  الاجرامية التي تخرج عن الاطار القانوني والشرعي والتي تهدف الى انتهاك حقوق الانسان وإحداث تدمير في البيئة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأفراد والمجتمع لتحقيق اهداف غير قانونية والتي تخرج عن الطابع الاجرامي المعالج سابقا بموجب القوانين الوطنية والدولية ومن وسائلها اتخاذ العنف والوسائل غير المشروعة كالفتن الطائفية والقومية  سبلا لتحقيق اهداف اجرامية وبلوغ السيطرة السياسية  والاجتماعية على المجتمع اواجزاء منه وهو استخدام غير مشروع للعنف أو تهديد باستخدامه ببواعث غير مشروعة، يهدف أساساً إلى بث الرعب بين الناس، ويعرض حقوق الانسان للخطر، سواء أقامت به دولة أم مجموعة دول اوفراد منفردين او مجتمعين، وذلك لتحقيق مصالح غير مشروعةودون النظر الى النتائج المدمرة التي قد تصيب كيان الدولة والافراد سواء…

و يتفق رجال القانون في تحديد بعض خصائص الظاهرة الإرهابية:

بأنه أي عمل عدواني يستخدم العنف والقوة ضد المدنيين ويهدف إلى إضعاف الروح المعنوية للعدو عن طريق إرهاب المدنيين بشتّى الوسائل العنيفة. ويتخذ الإرهاب أماكن متعددة بين العدو إلا ساحة المعركة التي يشرّع بها استخدام العنف. فنجد الإرهاب يستهدف الطائرات المدنية وما تتعرض له من اختطاف، والمدينة المكتظة بالسكان وما ينالها من تفجيرات واغتيالات. ويُعرف كل من يضلع في بث الخوف والرهبة في قلوب الآمنين بالإرهابي أو الإرهابية.

أضرار الإرهاب هي كالاتي:

 -إزهاق الأرواح البشرية دون ذنب.

 -هدر الأموال وإتلاف الممتلكات والمنشآت.

 -نشر الخوف والرعب في قلوب الآمنين.

 -العصيان والتمرد على ولي الأمر.

 -انتشار الفوضى في البلاد.

الظاهرة الإرهابية، ظاهرة قديمة:

العمل الإرهابي عمل قديم يعود بالتاريخ لمئات السنين ولم يستحدث قريباً في تاريخنا المعاصر. ففي القرن الأول وكما ورد في العهد القديم، همت جماعة من المتعصبين على ترويع اليهود من الأغنياء الذين تعاونوا مع المحتل الروماني للمناطق الواقعة على شرق البحر المتوسط.

وفي القرن الحادي عشر، لم يجزع الحشاشون من بث الرعب بين الأمنين عن طريق القتل، وعلى مدى قرنين، قاوم الحشاشون الجهود المبذولة من الدولة لقمعهم وتحييد إرهابهم وبرعوا في تحقيق أهدافهم السياسية عن طريق الإرهاب.

إن جميع المجتمعات الإنسانية بمرور التاريخ تأثرت من الإرهاب وشملت أثاره الدول والمجتمع الدولي بأفراده ومؤسساته وكيانه الاقتصادي السياسي والقانوني وامتداد أثاره بتنوع أهدافه ودوافعه وأسبابه الكثيرة والمتداخلة والتي تسهم في إنتاجه بنسب متفاوتة وأثاره بإيجاد حالة من التوتر لمنظومة العلاقات الدولية فالعمل الإرهابي الواحد يثير مشاكل متعددة سيتبعه حتما ً مصادرة عدة حقوق بصورة جماعية..

ويرى البعض أن من أحد الأسباب التي تجعل شخص ما إرهابياً أو مجموعة ما إرهابية هو عدم استطاعة هذا الشخص أو هذه المجموعة من إحداث تغيير بوسائل مشروعة، أكانت اقتصادية أو عن طريق الاحتجاج أو الاعتراض أو المطالبة والمناشدة بإحلال تغيير. ويرى البعض أن بتوفير الأذن الصاغية لما يطلبه الناس (سواء أغلبية أو أقلية) من شأنه أن ينزع الفتيل الذي من خلاله يمكن حدوث أو تفاقم الأعمال الإرهابية.

ما المقصود بالأعمال الإرهابية؟:

 هو كل عمل يتم  فيه استعمال منظم للعنف بشتى مظاهره المادية والمعنوية بشكل يثير الرعب والخوف ويخلف خسائر جسيمة في الفئات والمنشآت والآليات المستهدفة بغية تحقيق أهداف سياسية أو شخصية بالشكل الذي يتنافى وقواعد القانون الداخلي والدولي.

 من اشهر الأعمال الإرهابية نذكر:

 – حادث نشر غاز السارين في نفق قطارات في اليابان،

 – حادثة تفجير المبنى الفيدرالي في ولاية اوكلاهوما الأمريكية.

 – تفجيرات سفارات الولايات المتحدة في نيروبي و دار السلام كان عمليات لاحقة في أفريقيا، وأشيع تورط تنظيم القاعدة فيها.

 – أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي خلّفت نحو ثلاثة آلاف قتيل من جميع دول العالم.

2 – الفصل الثاني: الإقرار الدولي بمخاطر الإرهاب

تعاظمت مخاطر الإرهاب بشكل ملفت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، فبعدما كانت العمليات الإرهابية تتم وفق أساليب تقليدية وتخلف ضحايا وخسائر محدودة في الفئات والمنشآت المستهدفة, أصبحت تتم بطرق بالغة الدقة والتطور مستفيدة من التكنولوجيا الحديثة وأضحت تخلف خسائر جسيمة تكاد تعادل خسائر الحروب النظامية سواء في الأرواح أو الممتلكات والمنشآت…

فقد أصبحت الجماعات الإرهابية تستغل كل ما من شأنه أن يمكنها من تنفيذ عملياتها ولو على حساب الأبرياء، وشهدنا مؤخرا مظهرا جديدا لهذه العمليات التي تم خلالها تحويل طائرات مدنية في الجو من أداة لنقل ركاب إلى ما يشبه صواريخ موجهة نحو أهداف حساسة وهو ما خلف عددا كبيرا من الضحايا المتميزين وخسائر اقتصادية ومالية أصابت كل دول العالم وخسائر معنوية جسيمة.

مظهر جديد لهذه العمليات نرى أنه أضحى يتزايد بشكل مطرد بدوره أيضا, وهو المرتبط بتدمير المعلومات من خلال شبكات الاتصال الدولية، و تدمير معلومات وبرامج ضخمة خاصة بالمؤسسات الوطنية والدولية البعيدة عنهم كل البعد، مما ينتج عنه خسائر مالية وخدماتية كبيرة في ظرف زمني قصير, وهلع وخوف كبيرين في أوساط مالكي هذه البرامج والمؤسسات.

وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي طرح أكثر من سؤال حول مصير ترسانته النووية وقد زادت التخوفات بشأن هذه الترسانة و سقوطها بين أيادي الجماعات الإرهابية و ظهور خطر جديد ما يعرف بالإرهاب النووي.

كما ظهرت أيضا مظاهر جديدة لهذه العمليات الإرهابية تجلت في الرسائل المجرثمة وخاصة بالجمرة الخبيثة التي خلفت بدورها خسائر محدودة في الأرواح بأمريكا ومظاهر من الفزع والخوف في كل أرجاء العالم, و جاء ذلك ليؤكد حقيقة خطورة الأسلحة الجرثومية و البيولوجية.

الارهاب و مصادر تمويله

يعد تمويل الإرهاب من أهم التهديدات الأمنية الدولية والمحلية، التي تواجه المجتمع الدولي، نظرا لتصاعد وتيرة وشدة العمليات الإرهابية في العديد من بقاع العالم في الآونة الأخيرة، وأصبحت التنظيمات الإرهابية تستمد قوتها بالدرجة الأولى من مصادر تمويلها، فمتى تنوعت وتعددت مصادر التمويل اشتدت خطورة المنظمات الإرهابية والجرائم التي ترتكبها. ولذلك أولت مختلف المنظمات الدولية والدول اهتماما بظاهرة تمويل الإرهاب، وقامت أغلبها بتجريم الوسائل المعتمدة في تمويل العمليات الإرهابية، وإدماجها ضمن إستراتيجية مكافحة الإرهاب. وجاءت بمجموعة من الالتزامات ذات الطابع التشريعي والهادفة إلى تجريم ومتابعة جميع أشكال الدعم والتمويل المقدم للإرهابيين. كما اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية سياسة جنائية وإجراءات مختلفة لمواجهة وتجفيف منابع الإرهاب في محاولة منها لخلق الظاهرة الإرهابية والحد منها ومحاصرتها باعتبارها من الدول المتضررة من هذه الظاهرة.

شكلت أحداث الحادي عشر من سبتمبر من عام 2001م نقطة تحول مهمة في مسيرة العالم مع الظاهرة الإرهابية، حيث برزت جريمة تمويل الإرهاب مع ظهور تنظيمات إرهابية عديدة.

وبالنظر إلى أهمية مكافحة هذا النوع من الإجرام، الذي يوفر منابع يغذي الجرائم الإرهابية، فإن المؤسسات المالية والمنظمات الدولية تتكاتف في مكافحة جريمة تمويل الإرهاب، وذلك من أجل تجفيف منابع التمويل، ومن ثم الحد من الجرائم الإرهابية، والتي تستند على الأموال التي ترصد الها، في حالة وضع آليات تحد من وصولها والوقوع في أيدي الإرهابيين.

وبدأت العديد من الجهات المصرفية في تتبع والتحفظ على الأصول والودائع الخاصة ببعض المنظمات والهيئات المتصلة بالجماعات الإرهابية أو تلك التي تقوم بتمويل العمليات الإرهابية. كما أن غالبية التشريعات في العالم لم تجرم جريمة تمويل الإرهاب إلا في نهاية التسعينيات من القرن الماضي، حيث أصبحت جريمة قائمة بذاتها، وسنت غالبية الدول قوانين ضد الإرهاب للتغلب على هذه الظاهرة على المستوى الوطني قبل تجريم تمويل الإرهاب.

ولقد بذلت جهود دولية لمكافحة تمويل الإرهاب، أهمها تلك الجهود التي قامت بها المجموعة الدولية للعمل المالي وتوصياتها (FATF) (1)، إضافة إلى أن الأمم المتحدة شهدت جهودا كبيرة في مجال مكافحة تمويل الإرهاب من أهمها إعداد “الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب لعام 1999م” والتي تم اعتمادها من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في الدورة الرابعة والخمسين بجلستها رقم 760 في 9 ديسمبر 1999م وتم التوقيع عليها من ممثلي الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في 04/10/2000م وقد تضمنت هذه الاتفاقية 28 مادة، كما تضمنت مبادئ وأحكامه عامة تتعلق بإجراءات مكافحة تمويل الإرهاب. وعلى المستوى الإقليمي، بذلت جهود كبيرة لمكافحة تمويل الإرهاب سواء في منطقة الخليج العربي أم الشرق الأوسط أم شمال إفريقيا أم في مناطق إقليمية أخرى من العالم.

وتمثل مكافحة تمويل الإرهاب الجبهة الأساسية في الحرب على الإرهاب، وذلك لأن المال يعتبر المحرك الرئيسي للجماعات الإرهابية، والمكون الأساسي لها، فمن خلال تمويل هذه الجماعات تتمكن من تجنيد الإرهابيين، وتعدهم وتدربهم بواسطته، وتوفر به المستلزمات الضرورية، وأدوات التنفيذ من أسلحة، ومتفجرات، وآلات، وهكذا، فالتمويل هو أساس نجاح العمليات الإرهابية، والعنصر الفاعل في تحقيق أهدافها. وبالتالي فإن منع تمويل الإرهاب وقمعه يتطلب تعاونا دوليا شاملا متسما بحسن النية لمحاصرة وتجفيف مصادر تمويل الإرهاب، وتجريم المساعدة على تمويل الإرهاب وتجريم عمليات غسل الأموال، وكذلك ضرورة التعاون وتبادل المعلومات حول الأنشطة المشبوهة، وإجراء رقابة فاعلة على الحسابات المصرفية وحركات الأموال بين الدول، خصوصا على شبكة الإنترنت.

مفهوم تمويل الإرهاب : شغل موضوع الإرهاب وتمويله حيزا كبيرا من اهتمام فقهاء القانوني الدولي والجنائي، لما ينتج عن هذه الجرائم من آثار سلبية خطيرة، تهدد أمن المجتمع بشكل خاص والدولة بشكل عام، من خلال تدمير الممتلكات، وانتهاك الحرمات، وتدنيس للمقدسات، وقتل وخطف للمدنيين الأمنين، وتهديد لحياتهم واستقرارهم.

وإذا كان تمويل الإرهاب يشكل عنصرا أساسيا وجوهرية لابد منه لتنفيذ واستمرار العمليات الإرهابية، لأن المال يعتبر عصب الجماعات الإرهابية، والمكون الأساسي لها، فمن خلال تمويل هذه الجماعات تتمكن من تجنيد الإرهابيين، وتعدهم وتدربهم بواسطته، وتوفر به المستلزمات الضرورية، وأدوات التنفيذ من أسلحة، ومتفجرات، وآلات، وهكذا، فالتمويل هو أساس نجاح العمليات الإرهابية، والعنصر الفاعل في تحقيق أهدافها. لذلك فإن تحديد مفهوم التمويل ومصادره يضحي أمر بالغ الأهمية.

كما أن مصطلح تمويل الإرهاب ظهر حديثا ضمن مصطلحات القانون الدولي والقانون الجنائي الوطني، فالتجريم والعقاب المفروض كانا ينصبان على مكافحة الإرهاب فقط، ولم يتم الالتفات إلى تجريم تمويل الجماعات الإرهابية وتجميد أموالها بشكل واضح، كوسيلة لتجفيف منابع الإرهاب، إلا عام 1999م بعد صدور الاتفاقية الدولية لقمع تمويل الإرهاب، التي جاءت لمكافحة ظاهرة تمويل الإرهاب الذي يتميز بالطابع العالمي إذ أن هذه الجريمة غالبا ما تتخذ نمط الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، فيتم نسج خيوطها عبر دول متعددة لتنفيذها في الدولة المستهدفة بالجريمة الإرهابية. كذلك فإن المادة الثالثة من الاتفاقية العربية لعام 1998م الخاصة بمكافحة الإرهاب والتي جاءت تحت عنوان ” تدابير المنع “، قد تضمنت أن على الدول الأعضاء التعهد بعدم تمويل الإرهاب.

ويمكننا القول بأن تمويل الإرهاب هو نوع من المساهمة الجنائية أو الاشتراك بالمساعدة في الأعمال الإرهابية، وإذا أخذنا بذلك فهو مجرم بتجريم العمل الإرهابي وتابع له، ولكن التمويل له أبعاد متعددة تتعدى نطاق المساعدة بالنظر إلى تعدد مصادره وتشعبها واضطلاع دول – في بعض الأحيان – به، ومن ثم اهتمت التشريعات الوطنية والاتفاقيات الدولية – والفقهاء من قبلهم بوضع مفهوم محدد للتمويل.

الفصل الثالث: العنف الإرهابي الغير شرعي والعنف النضالي المشروع

إن غياب تعريف موحد ودقيق متداول بين الفقهاء وبين أعضاء الجماعة الدولية للإرهاب، يدفعنا إلى تسليط المزيد من الضوء على هذه الظاهرة من خلال التطرق لأهم التصنيفات المتضاربة حولها.

تتعدد وتتنوع أصناف وأوجه الإرهاب بتعدد وتنوع المدى والنطاق والأطراف والفاعلين والطبيعة والأهداف المرتبطة بهذه الظاهرة.

ولذلك يمكن القول بداية بأن محاولة الإحاطة بكل صوره ومظاهره صعبة للغاية بالنسبة لأي باحث، ومع ذلك هناك محاولات للباحثين ، حيث تم تحديد مجموعة من المعايير التي تمكن من التمييز بين أنماطه، فتبعا للمعيار التاريخي يمكن التمييز بين إرهاب الماضي والإرهاب المعاصر، وعلى مستوى الطبيعة هناك الإرهاب الثوري المميز عن الإرهاب الرجعي وبين الانفصالي والانتحاري الذي يضحي من خلاله الفاعل بنفسه وهو يقدم على عمله والذي يعتمد على المتفجرات ويستهدف أماكن آهلة بالأشخاص كالأسواق ومنشآت عامة، والإرهاب الفكري الذي يهدف إلى سلب الفرد معنوياته وتوازنه.

ووفقا لمعيار النطاق يتم التمييز بين الإرهاب المحلي والإرهاب الدولي، فالأول تتم ممارسته داخل حدود دولة معينة من قبل أفراد أو قوى محلية لا تحصل على مساعدات أو دعم خارجي ويكون ضحاياه محليون في الغالب. وللإشارة فهذا النوع من الإرهاب لا يثير مشاكل دولية، خاصة وأنه يخضع للاختصاص القضائي الجنائي الداخلي.

 أما الصنف الثاني فيستمد صفته الدولية من اختلاف وتباين جنسيات المشاركين في العمليات واختلاف جنسيات ضحاياه وتنوع مدى نطاقه الذي لا يخضع بالضرورة لسيادة الدولة التي ينتمي إليها الجاني أو الجناة, ناهيك عن نتائجه الدولية (خطف الطائرات، تفجيرات…) وغالبا ما يتم ذلك بتحريض أو بدعم من جهات أجنبية، وعلى خلاف النمط الأول، فهذا النوع من الإرهاب لا يخضع للاختصاص القضائي الداخلي وإنما تحكمه مقتضيات الاتفاقيات والمعاهدات الدولية…

ووفقا لمعيار الفاعلين يتم التمييز بين الإرهاب الفردي وإرهاب الدولة. وبالنظر إلى أهمية هذا التصنيف الأخير وخاصة في ارتباطه بالكفاح المشروع ضد المحتل سنحاول التركيز عليه بنوع من التفصيل.

يقصد بالإرهاب الفردي: ذلك الإرهاب الذي يرتكبه عادة أشخاص سواء بشكل فردي أو تنظيم جماعي وعادة ما يوجه ضد نظام أو دولة أو حتى ضد فكرة الدولة عموما، وهو إرهاب منتشر ومستمر ومتنوع في أهدافه ووسائله.

أما إرهاب الدولة، فهو: تلك الأعمال الإرهابية التي تقودها الدولة من خلال مجموع الأعمال والسياسات الحكومية التي تستهدف نشر الرعب بين المواطنين لإخضاعهم داخليا أو في الخارج بهدف تحقيق الأهداف التي لا تستطيع الدولة ولا تتمكن من تحقيقها بالوسائل المشروعة.

ومن مظاهر الإرهاب الرسمي الذي يمارس في حق الدول الضعيفة نذكر على سبيل المثال: ضرب إسرائيل للبنان سنة 1982 وقصفها للمفاعل النووي العراقي (تموز) عام 1981 وقصفها لمقر منظمة التحرير الفلسطينية بتونس سنة 1985. وضرب جنوب إفريقيا لكل من زامبيا وزيمبابوي وبوستوانا سنوات حكم النظام العنصري, وضرب الولايات المتحدة الأمريكية ليبيا سنة 1986 وهو المشكل الذي كان بالإمكان مواجهته بوسائل أخرى غير العمليات العسكرية (16). وإسقاطها لطائرة إيرانية سنة 1988 وقصف السودان سنة 1998، و عمليات فرنسا ضد تشاد سنة 1983…

ومعلوم أن الدول التي تقوم بمثل هذه الأعمال غالبا ما تبرر سلوكها هذا بحق الدفاع الشرعي في مواجهة الإرهاب أو لرد الاعتداء.

أولا.. مفهوم وأركان إرهاب الدول

يقصد بالإرهاب الدوليTerrorismeintemationaloالإعمال التي تهدف للاحتلال أو التخريب أو التدمير أو الاعتداء على الأشخاص.. وزعزعة كيان الدول وبث الرعب والخوف لدى مواطني دولة ما وتأخذ ايضا إشكال القتل الجماعي مما يثير الاضطراب والقلق في المجتمع الدولي والأمر الأخير ودعي منظمة الأمم المتحدة عام 1972 إلى إضافة لفظ دولي International إلى مصطلح الإرهاب ليعمم والذي  يصبح يستخدم للتعبير عن تلك العمليات الإرهابية والى إنشاء لجنة متخصصة لدراسة الأسباب والدوافع الكامنة وراء عمليات الإرهاب الدولي وتعد حادثة مارسيليا 1934 الإشارةالأولى التي تبلورت فرع جريمة الإرهاب الدولي تشابه الإرهاب الدولي مع الإرهاب الداخلي أو الفردي من حيث المضمون كونها إعمال تؤدي إلى حاله من الرعب والهلع والخوف والتدمير لدى الإفراد أو فئة معينة أو شعب محدود.

…وقد استنكر المجتمع الدولي عمليات الإرهاب منذ مطلع القرن العشرين حيث أوردت لجنة الشراح 1919 جرائم الارهاب ضمن الجرائم الدولية،، وفي الحرب العالمية الثانية أوصت لجنة الخبراء المتفرعة من لجنه جرائم الحرب المكونة في لندن 20 تشرين الأول لسنه 1943اعتبارها من جرائم الحرب كما تضمنها مشروع تقنين الجرائم  ضد السلام وامن البشرية (الفقرة السادسة المادة الثانية) ويعد القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 18/12/1972 القرار الأبرز الذي تناول موضوع قمع الإرهاب بشكل تفصيلي نوعيا.

ثانيا/ أركان جريمة الإرهاب الدولي:-

1-: الركن المادي :وفقاً للمادة الأولى  الفقرة الثانية من اتفاقية جنيف الخاصة بمكافحة ومعاقبة الإرهاب ان الركن المادي يتمثل في الإعمال  الإرهابية التي تجلى منها أفعال التخويف المقترن بالعنف ومنها أفعال التفجير وتدمير المنشآت و القتل الجماعي والخطف وتسمم مياه الشرب …..الخ

وهنا معيار الإرهاب ينحصر في موضوع الجريمة أو الغرض منها فإذا كان غرض الجاني تحقيق مغنم أو فرض مذهب سياسي أو تغيير نظام سياسي قائم وفي كلا الحالتين يمكن اعتباره إرهابا داخلياً اي اتجاه الإرهاب  إلى النظام الاجتماعي أو السياسي الداخلي وتتغيرالحاله في صورة  اتجاه الارهاب إلى العلاقات الدولية و هنا يطلق علية إرهاب دولي.

2-: الركن المعنوي :ويمثل هذا الركن في اتجاه قصد الجاني ((الإرهابي)) إلى تحقيق فعلة من خلال إشاعة الرعب والإرهاب لدى شخصيات معينة أو مجموعات من الإفراد أو لدى عموم الشعب ولايعتد هنا بالبواعث على جريمة الإرهاب سواء كانت شخصية أو الحصول على مغانم مالية أو سياسية

ثالثاً :الركن الدولي : ويتحقق هذا الركن عندما تقوم دولة بعملها تنفيذا ًلخطة مرسومة ومعلومة لديها ضد دولة أخرى وسواء كانت أفعال الإرهاب دفعة واحدة ضد الدولة أو على أفعال إرهابية متعاقبة ويستوي في المنفذ  إن يكون مفرداً أو مجموعة أشخاص تابعين لدولة معينه أو من قبل الدولة أو أجهزتها وتنتفي صفة جريمة  الإرهاب في حالة قيام الإرهابي بتنفيذ تلك الأفعال بإرادته المنفردة ولمصلحة شخص معين فإحراق دور السينما يعد جريمة داخلية  ,

  ونلاحظ إن قيام الأركان الثلاثة أعلاه  تؤدي إلى إدراج تلك الجرائم ضمن جرائم الإرهاب وضرورة محاكمة الجاني (الإرهابي الفاعل) وفقاً للقانون السائد والقضاء الدولي السائدين إضافة إلى امكانية احالته الى المحكمة الجنائية الدولية واتجه الفقه الدولي ايضا إلى اعتبار الإرهاب جريمة إرهاب دولية إذ تحققت فيها إحدى الشروط اعلاه  او أن تتم الأعمال الإرهابية بدعم أو بتشجيع أو بموافقة الدولة التي يوجد فيها مرتكبو هذه الأعمال أو بدعم دولة أجنبية (المادة 2 من اتفاقية المعاقبة على تمويل الإرهاب).إضافة إلى تعلق الإرهاب بالمجتمع الدولي بأسره وذلك على نحو يمكـن اعتبـاره تهديدا لأمن والسلم الدوليين

وأن تبلغ هذه الأعمال حدا كبيرا من الجسامة تبدو في أدواته التي تصل إلى حد استخدام التكنولوجيا الحديثة أو الوسائل العسكرية التقليدية واتساع نطاقها.

ثالثا/أنواع الإرهاب الدولي:

 تبدو اهمية تحديد أنواع الإرهاب الدولي لا اتصاله بمصبات الإرهاب و ضخامة اعداد الضحايا الحادثة اليوم و الناتجة من ذلك التنوع ويشمل-الإرهاب النووي في الاسلحة النووية المتوفرة لعدد غير قليل من الدول وامكانية استخدامه من الدول المالكة واحتمالية وقوعها بيد الإرهابين واستخدامها ما هدف الارهابين إيقاع اكبر عدمن الضحايا والجرحى للفئة المستهدفة،،بينما يشمل الإرهاب البيولوجي ما بين ثلاث فئات معروفة هي البكتيريا بأنواعها كالجمرة الخبيثة والطاعون. الخ والفيروسات منها الجدري والسموم البكتيرية واشهرها الريسين وعلى الرغم  من التكاليف الباهظة لصناعة وحيازة واستخدام هذا السلاح الآن احتمالية الحصول على  هذا السلاح واستخدامه من قبل الارهابين في الوقت الحالي يزداد، ويتمثل الإرهاب الكيماويبسهوله الحصول على المواد  الأولية الداخلة في عملية تصنيع المواد الكيماوية وتوفرها وسهوله استخدامها والاعداد ا لكبيرة للضحايا الناتجة ومن هذه المواد غازات الأعصاب والغازات ذات التاثيرالقاتل والتي تحدث شلل في عملية التنفس ومن ثم الموت،،و-الإرهاب ألمعلوماتي استخدام الموارد المعلوماتية لا أغراض ا لتخويف وتحقيق  إهداف سياسية بوسائل ارهابية منها التهديد ويتساوى في ذلك الدول والارهابين وكما يعرف هذا الإرهاب وعلى نطاق واسع بالإرهاب الإلكتروني و هو: العدوان أو التخويف أو التهديد سواءاًكان ماديا أو معنويا باستخدام الوسائل الإلكترونية الصادر من الدول أو الجماعات أو الأفراد  على الإنسان، في دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله ويتمثل ايضا في استخدام الموارد المعلوماتية في إلحاق الضرر و اختراق النظام المصرفي أو الحكومي أو إحداث حالات الاضطراب في حركة الطيران المدني في محطات الطاقة الكبرى وأخترأق المواقع الاليكترونية للإفراد أو الاستيلاء عليها وعلى اشتراكات الآخرين و أرقامهم السرية وإرسال فيروسات مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالحاسب والذي قد يعود لمسوسات استراتيجية مهمة واستخدام الفيروس لمسح محتويات الجهاز أو العبث بالمعلومات المخزنة في حين تذهب الاتجاهات الحديثة ونتيجة للتطور الهائل في تكريس مناهج حقوق الإنسان على كافة الأصعدة اضافة نوعا جديدا للإرهاب ويتمثل في الإرهاب الذهني وبشكل منهجي لغرض انتهاك حقوق جوهرية وأساسية للإنسان منها ما يتعلق بحق التعبير ورفض التحاور والنفي للأخر.

رابعا/- تطور واتساع ظاهرة الارهاب الدولية.. كانت نقطة البداية في11ايلول 2001 في نيويورك وواشنطن وتعتبر نقلة نوعية هامة في تطور ظاهرة الإرهاب وبدت اقرب إلى  ما يعرف بالإرهاب الجديد أكثر من كونها شكلا من أشكال  الإرهاب التقليدي القديم،وشمل هذا التطور  مضمون وطبيعة ونوع العمل الإرهابي بحد ذاته،كونه بدأ يأخذ متغيرات البيئة الدولية التي يتحرك فيها سببا لإرهابه ومحيطا لتنفيذ هجماته، وتعد شكلا في التحول في إشكال الإرهاب الدولي وان إشكال الإرهاب وأدواته وتكتيكاته تختلف وتتطور بسرعة مع الزمن، كما يتأثر الإرهاب إلى حد كبير بخصائص النظام الدولي وتوازناته، وهذه تترك تأثيرا جوهريا على ظاهرة الإرهاب من حيث الأهداف والآليات وفي هذا فان الإرهاب الجديد يمثل في واقع الأمر الجيل الثالث في تطور الظاهرة الإرهابية في العصر الحديث، وهنا يمكن إن نميز صفات معينه لهذا الجيل الإرهابي منها حداثة وتعدد التنظيم حيث يظم جنسيات مختلفة من الارهابين تربطهم الأسباب الدينية او إيديولوجية أو سياسية محددة وانتشارها إضافةإلى استخدامها الأسلحة المتطورة بما فيها أسلحة الدمار الشامل كما في التهم المتبادلة في الملف السوري 2013 حيث يدعي كل طرف باستخدام عدوه تلك الأسلحة أو على استخدام طائرات الركاب المدنية النفاثة كقنابل طائرة كما في اعتداء 11 أيلول بحيث أصبح يطلق على هذه الأنواع من الإرهاب مسميات عديدة الأوسع فيها وأكثر استعمالا  الإرهاب الجديد كونه حاليا الشكل الرئيسي  للصراع المسلح على الساحة الدولية.

الفصل الرابع: الأسباب والعوامل المباشرة في نشوء الإرهاب ( بقلم خضير ياسين الغانمي)

أولا: شخصية الإفراد

 تلعب العوامل الشخصية  النفسية دورا في تقديم تفسير لبعض صور الإرهاب ويتمثل ذلك في النتائج التي تم التوصل إليها من خلال بحوث العلماء في مجال تفسير السلوك غير القانوني لبعض الأشخاص غير الطبيعيين حيث وجد العلماء وفي محاولة لتفسير السلوك الإجرامي لهؤلاء إن هذا السلوك إنما يتمثل في شخصية الفرد سواء في تكوينه العقلاني أو العضوي –الخارجي أو النفسي كإصابته ببعض مظاهر الخلل والاضطراب النفسي وهنا تعد السلالة أو انتقال الصفات الوراثية داخل مجموعة عرقية من الإفراد عاملاً إضافيا أخر تؤدي إلى اكتساب الإفراد صفات الجماعات العرقية التي ينتمي إليها في ومنها السلوك الشاذ المنحرف داخل تلك المجموعات العرقية التي شـُكلت المجموعة إن وجد([17]) ومن الجوانب النفسية الأخرى التي تلعب دوراً مهماً في جنوح  شخصيات الإفراد نحو تقمص السلوك الإجرامي عندما تتعرض تلك الشخصيات لبعض الاضطرابات والتي تتمثل في الصدمات غير المسبوقة كالأمراض أو التقلبات النفسية الحادة وضغوط عصيبة مفاجئة كالاختبارات المحزنة والمفاجئة وضمن الإطار ذاته تلعب العقد النفسية كعقدة الشعور بالظلم والشعور بالنقص وإحساسه بتهميش الأخريين وعدم تلبية مطالبيه الشخصية عوامل أخرى دافعة نحو الإرهاب تتمثل الأولى في الهالة التي تحيط بالأفراد أو التي ” هم يتصورون وجودها ”  من الشعور بالظلم واليأس تدفع بعض الناس إلى قتل أنفسهم والتضحية بأرواح  بشرية أخرى عديدة من اجل إحداث (تغيرات جذرية)كما يعتقدون هم([18])  ويدخل ضمن هذا أي تفرقة واستعباد وتقيد وتميز ضد الجنس يترك أثاره على المرأة وشخصيتها  باعتبار المساواة القانونية لحقوقها الأساسية بعدما شاهدنا كثرة النساء الانتحاريين في العراق والشيشان والصومال وغيرها من الدول (م1 اتفاقية سيدوا) ([19])

ولا ينتهي الأمر عند هذا التصور فتشكل عقدة الشعور بالنقص المادي أو الجسماني لأصابته بعوق دائمي يجعل منه مثاراً للسخرية في الوسط المجتمعي الذي يتعايش من خلاله ويمكن إن تتكون عقدة الشعور بالنقص اجتماعياً من خلال عجز الفرد عن تحقيق إمكانيته وطموحاته المادية في توفير مستوى من المتطلبات الحياتية له ولعائلته وفي كلا الحالتين يحاول الفرد تعويض عقدة النقص الحاصلة عن طريق السلوك الإجرامي الذي قد يتحقق بحسب جنوحه الذهني له الشهرة والظهور والمال،وما يؤيد ذلك ورقة عمل قدمت إلى اللجنة الخاصة بالإرهاب- الأمم المتحدة- حيث حددت هذه العوامل بأنها ” الهروب من تنفيذ حكم معين أو التزامات معينة، وحب الظهور أو الشهرة أو الدعاية، أو الاستخفاف بالأنظمة والعقوبات الدولية، والجنون أو الاختلال العقلي، والحصول على مساعدات مادية لصالح أفراد أو مجموعات تعيش في ضنك أو في ظروف معيشية صعبة([20])

ثانياً : العوامل الخارجية الاجتماعية(العامل السوسيونفسي) :

1-العوامل المتعلقة بالبيئة الاجتماعية للإفراد/قيادة الافراد نحو السلمية والانحرافات تجاه السلبيات والعنف تظهر من خلال التأثير المباشر أحيانا  وغير المباشر للبيئة على شخصية الإفراد  فتعد البيئة التي يتعايش من خلالها الفرد والتي تحيط به لها الأثر البالغ في قيادة الفرد نحو الجنوح أو بقاؤه كعضو فاعل بصوره طبيعية وتتجلى الحالة السلبية للبيئة المؤثرة في سلوكية الإفراد من خلال العوامل المؤثرة في شخصية الإفراد بيئيا فالأسرة والمدرسة والجامعة تترك بصماتها بلا شك على تلك السلوكية فالأسرة المحطة الأولى في حياة الإنسان فإذا صلحت صلح الجميع وبالعكس وجود أسرة تتعايش بعوامل الجهل والظلام والأمية والتخلف الحضاري والعلمي والمجتمعي يقود حتماً لصناعة أشخاص غير أسوياء من السهولة اصطيادهم والتغرير بهم وتلعب التيارات الفكرية والسياسية أيضا التي تنمو في الوسط الشبابي الجامعي الأثر في تبادل الآراء النافعة وتنمية المواهب أو تكون أرضا خصبا لظهور مواطن العنف والجنوح والإرهاب والإحباط النفسي في الكبر دوراً أساسيا في ظهور السلوك الإجرامي إلى العلانية فعندما تنعدم وتكاد الفرص السانحة تحتضروتقيد حريات الرأي والتفكير أو الشعور الانساني وتطفوا عوامل الشعوربالقمع والخوف المصاحب أو من غيبت عليه المصالح أو أثرت فيه مراهقته فانه ينحوا  إلى هكذا مشارب. ([21]) وبالمقابل هذه الاثارالنفسية يجب معالجتها وإيقاظها في مرحلة أخرى قبل إن تؤدي بالحضارة الإنسانية وهنا يستوجب منع تراكم تلك الظروف والخارجية منها والعمل على امتصاص الأفعال الضاغطة قبل إن تؤدي إلى الانتحار وعلى هذا تسير معظم الدولبحثا عن العوامل الكامنة التي تؤدي بالفرد إلى ظاهرة الإرهاب وفي هذا الاتجاه انعقد مؤتمر باريس 1981 شارك فيه عدد من علماء النفس والاجتماع والأخلاق والدين والإجرام والقانون وقد خرج المؤتمر بتوصيات منها إن اندفاع الإنسان في عمل إرهابي إنما يتم أحيانا بفعل تراكمات الإحساس بالكبت والبؤس والفقر والجوع والمرض والظلم فيقوم بالرد التلقائي أو المخطط كونه يعد تلك العوامل بمثابة عدوان له فينطلق مدافعاً على ذاته ([22]).ويؤيد هذا الاتجاه إن غالبية المجتمعات تعاني اضطراب في منهجية التفكير وتسود الفوضى العشوائية وغياب إي خطة مسبقة مما يوقع في الغموض والحيرة مما يجعلان الفرد يلجأ إلى التمنيات بخروج سحري ولهذا يسود التعصب والتمسك بالأحكام القطعية ويكون بعيداً عن إي محاولة للتحليل أو التوليف تبعاً بمبدأ التناقض (الدبيالكتيك) بدل مبدأ السببية الميكانيكية الجامدة ومن ثم النكوص إلى أمجاد الماضي إن وجدت والتناهي بالمتسلط نفسه مما يعيد إنتاج نفس الذهنيات والأوضاع ومثالها اتجاه الشاب و المراهق في الغوص ببعض النصوص الدينية لقصص تثير العنف التاريخي وبطولات الشخصيات والإعلام المتجسدة والمتخيلة في ذهنه ومن ثم ينحو بالميل نحو تفسيرات النصوص الداعية إلى مدة السلوك العنصري وإراقة الدماء عن تلك الداعية لسلوك وقيم التسامح والمحبة ويتحول إلى مرحلة الإسقاط” ([23]) يسقط إحداث الماضي على الواقع المعاصر ليسهل بذلك تبرير المنطق إمام ذاته لأي سلوك عدائي قادم تجاه المجتمع أو انتحاري ضد الأهداف والإفراد وفق التصور الإيديولوجي المسبق، .. وتؤيد ماتقدم نظرية الأستاذة ((هورني)) والتي استندت فيها إلى إن الحركة التي تصاحبنا دائماً فالحياة في حالة حركة وهي ليست ساكنة فحركة الكائنات من خلالها وبهذا فإن الشخصية الإنسانية يجب إن يُنظر إليها من خلال هذه الحركة المستمرة وهي تمر بثلاثة أنماط من الأساليب التوافقية من الطفولة وحتى الرشد فمرحلة كسب الآخرين الأصدقاء من الطفولة بعيداً عن العدوانية تبدأ بالانحسار فتظهر العدوانية شيئاً فشيئاً في مراهقته فيبدأ ميله نحو السلوك العدواني وذلك في بحثه عن الدور الذي يرغب في تحقيقه في مرحلة الرشد([24])..ونرى إن واقعية هذه النظرية إنما تظهر نتيجة تضافر عدة عوامل بعد اجتياز الإنسان لمرحلة الطفولة وإن كانت في غالبيتها “كما تقول” تمارس بالأسلوب التوافقي مع الآخرين إلا إننا نرى أن أهمية هذه المرحلة كبيرة وكبيرة جداً ومثالها ان معظم الدراسات تشير إن الأسلوب التوافقي لدى أطفال العراق بدأ ينحصر باتجاه مذهل نحو ثقافة اقتناء السلاح وتطبيق إعمال العنف المشاهدة بعيداً عن المعتاد وهذا يتطلب وقفة جادة من الجميع([25])

العوامل الاقتصادية:-

يعد التفاوت الطبقي والاجتماعي وحالات الفقر والفساد المالي والإداري وانخفاض دخول الإفراد والكساد والبطالة والتوزيع غير العادل للثروات والرواتب والامتيازات وفقدان العدالة في التنمية الاقتصادية وتتفاوت درجات المشاريع العمرانية والخدمية الجاذبة للسكان من مكان إلى اخرتعد بلغة الباحثين من المحفزات الدافعة نحو الإرهاب([26])إضافة على كم الإجرام ونوعية الجرائم المرتكبة إذ يعد الإرهابي توفر تلك العوامل والشعور بالظلم نتيجة ذلك عوامل تدفع باتجاه الإرهاب ومما يؤيد المتقدم اتجاه البعض بربط الجريمة الإرهابية بالنظام الاقتصادي السائد ومثاله النظام الرأسمالي  بحيث يعد هذا النظام وتضافره بالظلم الاجتماعي وعدم المساواة بين الإفراد والصراع بين الطبقات البرجوازية وطبقة العمال مع توافر تلك الظروف أرضية خصبة مناسبة لوقوع الجريمة بنظر أصحاب المذهب الاشتراكي في تعبير الجريمة أنها الأهم في الأسباب الدافعة نحو الإجرام  ويقدمون الدليل على نظريتهم هذه باختفاء الجريمة في المجتمع الاشتراكي في حين يغاير هذا الاتجاه لدى كثير من شعوب دول العالم كونها الضحية لتلك الدول الكبرى من خلال استغلالها اجتماعيا ً واقتصاديا ً وسياسياً وربطها بقيود المديونية وهذا أدى إلى تفجر  الطاقة العدوانية وغريزة الحقد والكراهية لشعوب تلك الدول([27]) فضلا عن فقدان العالم الذي يمتع فيه الإنسان بازدهار اقتصادي واجتماعي حتى لو كان نسبيا ً نوعاً أدى إلى تأجيج  الصراعات بأوجهه المختلفة وولد نوعاً من الهوة والفراغ والبعد بين شعوب العالم وفقدان التوازن  العالمي وارتفاع  واوجد عالمين عالم اقتصادي تتمتع برفاه وتقدم وارتفاع مستويات الدخل والتقدم الصناعي والعلمي وعالم أخر يعيش رحمة المساعدات من تلك الدول ويعاني الفقر والحرمان وسياط الجوع والمديونية مما ولد شعوراً لدى شعوب هذه الدول أنها الضحية لهذا الاستغلال وقاد التوسع في تعدد تلك الظروف الاقتصادية المساعدة على الإرهاب فيربط الإرهاب بتوفر بعض هذه الظروف المؤثرة في سلوكية الإفراد وتفكيرهم ومن بينها حالة الفقر والجهل مثلاً فيكون الربط بين بعض هذه الظروف والظواهر الاقتصادية ويعللون الأسباب بأنه لا يمكن إن تتجمع تلك الظروف دفعة واحدة ولا مبرر لربط الإرهاب عند مذهب اقتصادي معين،،ونرى إن هذه العوامل وان تعددت فلا يمكن إن تكون سبباً وحيداً إنما قد تتجمع مع أسباب وعوامل أخرى دافعة نحو الإرهاب وقد تختصر في عامل واحد تكفي بتوجيه الإرهابي([28])

الاستبداد السياسي وغياب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان:

انعدام وسائل التعبير عن الرأي والحوار الديمقراطي الشرعي وغياب الجدية من قبل الحكومات على إحداث تغيرات وإصلاحات لمشاركة الشعب في صنع القرار الديمقراطي والمشاركة في الحياة الديمقراطية وبروز حالات الحكم الواحد أو الشمولي المناهض لمنطق العدالة والحرية وكبت الآراء الخارجية في المجتمع واحتكارها السلطة وتعليق الحياة السياسية والطبيعية وعجز سلطات القضاء والتشريع عن فرض وجودهما وتمتع السلطة الحاكمة بالسلطات المطلقة واعتمادها على أجهزة ومؤسسات التهجير والقمع والقتل بحق الشعب وحالات تقيد الحريات السياسية  وهذه الأسباب تدفع الشعوب إلى اعتماد جميع السبل للتخلص من الوضع القائم ومنها وسائل الإرهاب التي يستخدمها للدفاع عن حقوق وتحقيق حريته كما يتصورون([29])  و من ثم تاثيرالأوضاع الاجتماعية الدولية لوجود ترابط بين الجانبين الوطني والاجتماعي والدولي وما ينتج من هذا التأثير من نتائج سلبية قد تدفع على الإرهاب للتخلص من الأوضاع السائدة الماسة وفي هذا إشارات دراسة أعدتها الأمم المتحدة عام 1979 إن هنالك من الأسباب الكامنة وراء قيام وممارسة الأنشطة الإرهابية منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية([30])

العوامل الدينية:

على الرغم من المساحة الواسعة للشريعة الإسلامية كونها جعلت حقوق الإنسان وحياته جزءاً من رسالة سماوية شاملة لا تقبل التغير والتعديل والحذف وكماليتها ونزاهة مبادئها التي جاءت من الخالق المشرع العام والتي اوصت بصيانة حياته وكرامة وآدمية بني البشر   (ولقد كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ورزقناهم من الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) ([31]) وضرورة نشر المبادئ السمحة بالوسيلة السليمة(وكذلك جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا  وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ على عَقِبَيْهِ  وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ  إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ) ([32])

..و أن الإسلام دين الرحمة والمحبة، ويدعوا أتباعه على ذلك، بالتسامح تجاه الآخرين، بل والإحسان إليهم، يقول تعالى﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) ([33]) وعدت الشريعة الإسلامية توافر عناصر الاعتدال والاتزان والسلمية في نشر المبادئ الإسلامية ومخاطبة وقبول الأخر والابتعاد عن العنف وترهيب الغير في ذلك,وحماية حقوق الإنسانومن أهم هذه الحقوق : حق الحياة، حيث لا يجوز للإنسان أن يقتل نفسه أو يقتل غيره، بل إن الإسلام اعتبر إن قتل شخص واحد هو بمثابة قتل كل الناس، يقول تعالى : ﴿مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً) ([34]) وقد رفض الإسلام التشدد والتعصب الفكري والعقائدي على أساس من تنظيم وتفسير معلومات حول جماعة أو طائفة معينة ليتم اتخاذ حالة من التعصب إزاءها([35]) كما رفض الإسلام التطرف وهو نوع من التهويل العقائدي الذي يصقل شخصية المتطرف بحيث تصبح أكثر عدوانية وتميل إلى العنف والإرهاب نتيجة لفقدانها معرفة الحقيقة وإنها على حق وغيرها على باطل وخطا  لتصل إلى مرحلة زيادة الشي عن المعقول . وقد نهى الخالق في كتابة الكريم عن ما تقدم لقوله تعالى (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ  إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ  فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ  وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ  انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ  إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ  سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ  وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا) ([36]) فالإسلام يدعو للانفتاح على الأفكار المختلفة واختيار أحسنها، يقول تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) ودعي الإسلام إلى إتباع القول الحسن والاستماع والتطبيق الأفضل بقوله تعالى   (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً) ([37]) وقد وضع الإسلام خطوط حمراء لا يسمح للمسلم تجاوزها من اجل خلق قاعدة سوية تعالج الأسباب والمسببات منها تحريم الانتحار وتشويه صورة الإسلام وقتل الأبرياء والقتل والعدوان سواء أيا كان جنسية المجني عليه  يقول تعالى: )وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً(([38])

في حين يدفع احبار اليهود إلى العداء السافر نحو الإنسانية والديانات الأخرى فيسوق اليهود أساطير في توارتهم بالعنصرية والحقد والغلو في المقام تجاه الغير إذ أنهم يعتبرون أنفسهم الأعلى في مرتبة الإنسانية ودونهم الغير حسب نظرتهم المشهورة – بأنهم(شعب الله المختار) وان الله اصطفاهم من سائر الأمم والشعوب وفضلهم على العالمين  وتظهر نظرة الاستعلاء وبنسبة اكبر في التلمودية اليهودية إذ يعتبر إن اليهودي (عند الله أكثر من الملائكة- خلق الناس باستثناء اليهود من نطفة حصان  وخلق الأجنبي على هيئة إنسان ليكون لائقاً لخدمة اليهود الذين خلقت الدنيا لأجلهمكما إن أرواح غير اليهود نجسة …. والخارج عن دين اليهود كالخنازير واليهود بشر لهم إنسانيتهم إما الشعوب والأمم الأخرى فهم عبارة عن حيوانات والشعب اليهودي هو بشع لشهوة القتل (انه شعب كلبوة يقوم وكشبل ينهض .. لا يرضى حتى يأكل الفريسة ويشرب دم الصرعى) ؛ونلاحظ على تلك الإشارات الواردة إنما هي من أكبر مغريات ودوافع الإرهاب والعنف استغلت ابشع استغلال من  قبل الصهاينة اليوم لكونهم يدنون بتلك الديانه ومثالها وما ذكرته رئيسية الوزراء الإسرائيلية السابقة(غولدا مائير (Goldamae) انه ليس الله الذي اختار الشعب لليهودي بل إن اليهود هم أول من اختار الله) ([39]) ونحن نقول في اليهود ما ذكره الخالق عز وجل في كتابة الكريم وأهل بيته الأطهار  (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ))إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ  وَمَا مِنْ إِلَه إِلَّا اللَّهُ  وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ  فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) ([40]) وقوله تعالى(يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ) ([41]) وعن أبي عبدا لله قال رسول الله يقول (من أخاف مؤمنا كان حقاً على الله إن لا يؤمنه  يوم القيامة ولا يحل لمسلم إن يروع مسلماً ([42]) وكذلك رفض الرسول وأهل بيته الأطهار تسمية تلك المظاهر السلبية التي تقود إلى العنف وإزهاق روح الآخرين (إياكم والغلو في الدين فانه اهلك من كان فيكم)ويستمر النهج المحمدي وأهل بيته الأطهار في رفض الإرهاب بشتى أنواعه وأشكاله وطرقه فهذا الإمام علي  عليه السلام  يتوجه بخطابه إلى العقول أين ما كانت أو وجدت فيقول:”إن الله بعث محمدا ً6 نذيرا للعالمين وأمينا على التنزيل وشهيدا على هذه الأمة،وانتم يا معشر العرب على غير دين وفي شر دار تسفكون دماءكم وتقتلون أولادكم،وتقطعون أرحامكم،وان سمات الدنيا في ظل انعدام الأمن تكون متجهمة لأهلها،عابسة في وجه طالبها،ثمرها الفتنة وطعامها الجيفة وشعارها الخوف ودثارها السيف ([43]) و كان  عليه السلام يرفض اللاهثين  وراء الدنيا فكان هو وأهل بيته الأطهار تباعاً أهدافا للإرهابيين واثبتوا إن الموت نهاية كل إنسان والأفضل الموت بالمبارزة والكرامة لذا كانوا يتقدمون الصفوف فهذا الإمام علي  عليه السلام  كان يرفض تحذيرات الناس له بأخذ حذرة من الخوارج الذين كانوا يدبرون له مكائد للقتل إذا كان يقول (كفى بالموت حارساً)وقال الإمام الصادق  عليه السلام  (من قتل نفسه متعمداً فهو في نار جهنم خالداً فيها) ([44]) وتستمر إبداعية تلك السلسلة الطيبة فهذا مسلم ابن عقيل يرفض قتل عبد الله ابن زياد غيلة وغدراً بعد إن توفرت له الفرصة في بيت هانئ بن عروة وقال (نحن أهل البيت لا نغدر)و بالعكس فأن عبدا لله بن زياد لم يتردد عن قتله بمؤامرة دنيئة سنحت له .. وبنفس الشجاعة والأسلوب يرفض الإمام الحسين  عليه السلام  الإرهاب ويرى إن كل شي من شأنه إثارة الفزع والهلع إرهاب ممقوت مرفوض حين وضع الإمام الحسين حداً فاصلاً بين الحق والباطل بين الشجاعة والجبن وبين الإرهاب والسلام وبين الحرية والعبودية حيث خاطب الارهابين من واقعة الطف يا شيعة بني سفيان إن لم يكن لكم دين ولا تخافون المعاد فكونوا أحرارا في دنياكم . . إن النسوة ليس عليهن جناح. ([45])

العوامل الأخرى:

توافر عوامل الجهل والتطرف والاغتراب وفقدان الهوية الوطنية وضبابية الأهداف لدى كثير من إفراد المجتمع إضافة الى الحرمان الاجتماعي داخل مجتمع بدرجة أو أخرى من أسباب اجتماعية أسرية مجتمعية وأسباب اجتماعية عامة أخرى وعرقية أو لمصالح دينية أو قومية أو مذهبية واضطهاد لفئة وأقلية معينة دفعت علماء الجريمة ومنظري السياسة والقوانين الجنائية إلى عدها من العوامل المهمة الدافعة نحو الإرهاب باعتبارها من الإمراض التي تفقد الجسد الاجتماعي الأسري الوطني المناعة مما يؤدي إلى توفر الأرضية القابلة للاختراق التي تدفع بعض فئات المجتمع إلى سلوك الإرهاب والعنف كوسيلة للتعبير عن تلك المظلومية بنظرهم والنفور من منظومة القيم الاجتماعية الحاكمة للبيئة ومحاربة من يتمسك بها([46]) وتعد الأسرة هنا النواة الأولى التي يقوم عليها المجتمع وحياته الاجتماعية فإذا كان الأساس فيها قوياً متماسكاً ساهمنا في نشوء موانع ضد الإرهاب إما تزاحم الواجبات وصعوبة الحياة والتحولات الاجتماعية والاقتصادية والأسرية وعمليات الجهل المجتمعي الديني والثقافي الواعي لطبيعة المجتمعات  تعد بيئة صالحة للإرهاب ومن الأمثلة هنا الابتعاث القومي الذي شهده العالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق الذي أدى إلى تحرك القوميات لا  للمطالبة  بحقوقهم الإنسانية في حق تقرير المصير حيث تحرك التتار في جمهوريات البلطيق واستونيا وجورجيا وأذربيجان والقفقاس مطالبين بكامل حقوقهم القومية إلى إن حصلوا عليها بالفعل بينما ولد وجذب عامل الانبعاث القومي والديني لدى الشيشان ألاف الارهابين لمقاتلة الروس لرفض الأخيرة منحهم الاستقلال الذاتي  وما نتج عن تلك المطالبات من عمليات إرهابية أذهبت حقوق ألاف البشر  في حين رفض الاتحاد الأوربي بحث الطلب التركي الانضمام إلى المجموعة الأوربية في الوقت الحاضر إلا إن تغير الحكومة التركية من سياستها الخاطئة تجاه القومية الكردية وخاصة بعد موجات القتل المتبادل بين المتمردين والجيش وممارسة تركيا سياسية التتريك العنصرية وهذا يعد من المشاكل الحادة والشائكة في المجتمع والأقلية (سكان الدولة الذين ينتمون إلى أصل قومي مختلف عن الأصل القومي الذي ينحدر من غالبية هؤلاء السكان) ([47])

..بينما القومية هيً صلة اجتماعية (حميدة) عاطفية تتولد من الاشتراك في الوطن واللغة والجنس والثقافة والتاريخ والحضارة و الآمال والمصالح([48]).وهؤلاء الجماعات غالباً ما يحملون طموحاً للاستقلال وبناء كيان ذاتي خاص بهم مما يدفعهم إلى العنف أحيانا للوصول لغايتهم لشعورهم بالمهانة والاضطهاد من قبل الأكثرية العرقية([49]). وقد استعرض التاريخ العديد من الحروب التي لعبت فيها فكرة القومية دوراً أساسيا فمعظم حروب القائد الألماني بسمارك كان هدفها خلق دولة قومية وكذا حروب فرنسا مع مطالبتها بمقاطعة اللزاس واللورين وإما اليوم فنشاهد عدداً من الحركات والمنظمات القائمة على العنصر القومي كما في المنظمات الكردية والتركمانية والأشورية وغيرها في العراق وتركيا وإيران وسوريا إذ تتقاتل من اجل الحصول على حكم ذاتي خاص بهم ([50]) وايدت الامم المتحدة هذا الاتجاه من خلال ما جاء بنص خطة العمل الواردة في قرار الجمعية العامة (882/60/RES/8) الجلسة العامة 99.والتي تـُلزم الدول باتخاذ الإجراءات اللازمة لمعالجة الظروف المؤدية إلى الإرهاب بما فيها الصراعات طويلة الأمد والتي تحل بعد غياب سيادة القانون وانتهاكات حقوق الإنسان والتمييز العنصري والانتماء العرقي والوطني والديني والاستعباد السياسي والتهميش الاقتصادي والاجتماعي مع التسليم إن جميع هذه الظروف ليس مبرراً للإرهاب في الأموال والوجهة الصحيحة للمنطق .ويضاف الى ان الازمات المتعاقبة والخوف من المستقبل والعزلة التي يعيشها الشباب وانعدام منظومة الترابط وأساليب الضبط الاجتماعي واختفاء القدوة والمثل الأعلى أو إهمال مشاكل الشباب والسلبية الضارية على عقول اغلب إفراد المجتمع ومنهم الشباب وهي أسباب دفعت الناس ومنهم الشباب المراهقين وراء المعيشة وأمنية توفر الحياة الكريمة لأسرهم مما أدى  إلى تزاحم الواجبات وصعوبة السيطرة وانعدام الاستقرار لأسرى واختفاء أساليب التربية أو تصدعها وغياب الانتماء والضبابية من الأسباب الأخرى ساهمت في اتجاه بعض إفراد المجتمع ومنهم الشباب نحو علائق الإرهاب وسهولة الوقوع في آفة الإرهاب ولابد من الإشارة هنا إن العديد من الدراسات في علم الاجتماع السياسي لدراسة انتشار ظاهرة الإرهاب في البلدان العربية والإسلامية نبهت إن الأثر الحاسم يسجل  للأوضاع الاجتماعية في انتعاش الإرهاب في الوطن العربي إنما يعود في جزء منه وخاصة في العقود الثلاث الأخيرة إلى إخفاق المشروع التنموي العربي وتراجع دور الدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي([51]) إضافة إلى  الحروب التي أشعلت في المنطقة من قبل الدكتاتوريات الفاشلة كما في العراق والسودان ومصر وليبا وسوريا وتونس وغيرها من الدول  مما فسر فيما بعد إن الإرهاب هو رد فعل عكسي ومضاد لتلك الإخفاقات .

عوامل الإرهاب الدولية:

تمهيد: أضاف الواقع الدولي بتعدد ازماته  واحتلال الدول وعوامل المديونية التي ارهقت الشعوب وغياب مبادئ العدالة الانسانية طوابير من الارهابين تحت مسميات عديدة وبناءا على ذلك يمكن تقسيم هذا المطلب وفق الاتي:

الفرع الأول: الاستعمار والاحتلال:

تعد حالات الاستعمار والاحتلال من قبل دولة لأخرى في منظومة العلاقات الدوليةوخارج هذه المنظومة وخاصة بعد المتغيرات الدولية التي أنهت التسلط العثماني بانتهاء الحرب العالمية الأولى 1914-1918 حيث أصبحت معظم دول العالم وخاصة دول الشرق الأوسط تحت الاستعمار الانكليزي الفرنسي والايطالي حيث نهبت الثروات واصبح مقاومة المحتل من مبادئ الامم المتحدة واعلانات حقوق الانسان كون المتفق علية إن الاحتلال أمر غير مقبول من إي شعب من شعوب العالم ولم يخبرنا التاريخ قيام حالة من حالات الاحتلال أو الاستعمار أو غزو مسلح دون إن يجد هذا  الغزو من يقاومه خاصة إذا مارس المحتل لأعمال القمع والإرهاب والاستغلال للشعوب المحتلة أراضيها([52]) لكن مع المتغيرات الدولية الحالية وقيام الأمم المتحدة ووضعها لضوابط قانونية لمعالجة الأزمات الدولية إلاإن ذلك لاينفي وجود حالات من الاحتلال لغاية الوقت الحالي في فلسطين وأجزاء من ولبنان وسوريا وصدور قرارات جائرة من الأمم  المتحدة أعطت غطاءا امميا لاحتلال الكويت لأجزاء من بلاد الرافدين (العراق) وخاصة في الجنوب وهذا أدى إلى تدفق ألاف الارهابين بعد احتلال العراق عام 2003 بحجة مقاومة المحتل و عاثت في الأرض فسادا ومازال شعب العراق يعاني من أثار الاحتلال وما ترتب من قدوم الارهابين، ومع لجوء شعوب هذه الدول المحتلة والمستعمرة إلى مقاومة المحتل امرأ محموداً فان للمقاومة المسلحة شروطها وحدودها  في حالة قيام حالة من الغزو وخروج المحتل عن قواعد قانون الدولي الإنساني والحربي وان تكون مقاومتها للمحتل تحت أسس المشروعية لحركات التحرر في إحكام للقانون الدولي والفقه الدولي تتمثل في :

1.   لوائح لاهاي الرابعة بشان قواعد الحرب لعامي 1899و1907

2.   اتفاقية جنيف لعام 1949

3.   الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948

4.   ميثاق الأمم المتحدة 1945

5-القانون الدولي والانساني([53]) ومع ذلك إن الشروط الحميدة للمقاومة المسلحة قد تستعمل من جماعات أخرى متطرفة لتثير الإرهاب والقتل والخوف والتهجير مستغلة مشروعية المقاومة المسلحة لتحقيق أغراضها الدينية وهذا ما تحقق فعلاً في العراق بعد الاحتلال الأمريكي حيث استغلت عصابات القاعدة الإرهابية وعصابات أخرى تدعي المقاومة المسلحة وضع الاحتلال لتمارس الإرهاب بأشكاله منتهكًا بذلك لأبسط قواعد حقوق الإنسان([54])

 الهيمنة واستخدام منهج القوة في العلاقات الدولية :

نشوء الأمم المتحدة 1945 كأداة لتحقيق السلم العالمي وعجزها عن اتخاذ موقف قانوني وأخلاقي إزاء ما يحدث من انتهاكات وحملات إبادة لشعوب عديدة ضمن المجتمع الدولي وقيام الحرب العالمية قبل النشوء وما نتج بعد ذلك من سياسية الأقطاب القطب الشيوعي بزعامة الاتحاد السوفيتي  السابق والآخر الولايات المتحدة ومعسكرها الرأسمالي واتجاهها لتحقيق المكاسب السياسية على حساب ضمانات حقوق الإنسان ومن ثم سقوط الاتحاد السوفيتي الشيوعي 1989 وانفراد الولايات المتحدة بسلطة الأمر والنهي وتحكم خمس دول دائمة العضوية بمصير وحقوق الدول الأخرى كما حدث في قضايا فلسطين والعراق وليبيا والسودان وإيران وبقاء فلسطين تحت الاحتلال على الرغم من صدور العديد من القرارات الدولية بهذا الشأن من منظمة الأمم المتحدة هذه الرواسب والمتغيرات الدولية دفعت بعض حركات التحرر إلى القيام ببعض العمليات خارج حدوها دولها للفت نظر المجتمع الدولي من خلال استخدام نفس لغة الإرهاب التي تستخدمها القوى المحتلة إضافة إلى وجود بؤر التوتر في إفريقيا واسيا وفقدان موازين العدالة الدولية المتزايدة والمطلوبة مما أعطى للقوى التي تدافع عنها القوة الشرعية من قادة المجتمع الدولي أحيانا إلى السكوت أو المصادقة على شرعية الإعمال الإرهابية التي تمارسها بعض حركات التحرر تلك كونها تحقق ولو جزء من مصالحها وإن كانت بصورة غير مباشرة إضافة إلى ما تقدم .

 تردي الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية الدولية:

تردي الواقع الاجتماعي والوضع الاقتصادي على المستوى الدولي للدول من الأسباب المباشرة التي تؤثر بشكل مباشر في عمليات حفظ الأمن والاستقرار الدولي وتشجع من جهة أخرى اتجاه بعض الدول والجماعات نحو الإرهاب([55]) حيث يلاحظ إن معظم الجماعات المنخرطة أو التي تمارس الإرهاب تأتي من الدول والجماعات الفقيرة نتيجة لسوء اقتصادها إضافة إلى إن اقتصاديات بعض الدول قائمة على أساس الأنشطة الإجرامية حيث تكون بيئة حاضنة ومشجعة للإرهاب وذلك من اجل حصولها على دور اكبر على المستوى الدولي وقد تعمد بعض الدول إلى ممارسة الحرب الاقتصادية ضد الدول الأخرى من اجل تعطيل صناعاتها أو تدمير منشأتها الصناعية والتجارية لاستخدامها كوسائل ضغط على تلك الدول المتضررة ولاحظنا هذه الأفعال في العراق إثناء حرب 1991 و2003  اثناء غزو العراق من تدمير شامل للبنى التحتية والصناعية مما يعد إرهابا دولياً مقصوداً لتحقيق وسائل ضغط أو أكراه على الشعب العراقي ساعد في إنعاش بيئة الإرهاب حتى أصبح العراق من الدول المصدرة والجاذبة للإرهاب وبالتالي فأن انهيار الجانب الاقتصادي يشكل تأثير مباشراً على الوضع الاجتماعي لهذه الدول الاقتصادية والاجتماعية فشعور الإفراد بالواقع الاجتماعي والاقتصادي المتردي مهم يدفع بالعمل بقوة من أجل التخلص من هذا الواقع حتى في ممارسة الأنشطة الإرهابية اعتقاداً منهم إن طريقهم هذا يسهم في تقويم الواقع الاجتماعي والاقتصادي المتردي،،ونرى ان اختلاف التفسيرات بشان الأسباب  والدوافع التي أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب بين من يؤكد أهمية شخصنه تلك العوامل في الظروف الداخلية الذاتية لشخصية الإرهابي(السلبية) العوق وانفصام الشخصية والتخلف العلمي  والإيجابية منها درجة التعليم والثروة المالية والسلطة والتي تستغل سلبيا) وتأثير الظروف البيئة والاجتماعية والسياسية المحيطة في نشؤ الإرهاب والإرهابي وفريق أخر يقدم الظروف والأزمات الدولية في  التنافس والصراع الدولي واحتلال الدول ومديونية بعض الدول باعتبارها ساعدت في تغذية ونمو ظاهرة الإرهاب، وبين من يدعي إن الإرهاب ظاهرة طبيعية يمكن إن تظهر في أي مجتمع مرتبطة بعوامل مختلفة منها البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الدينية و الإيديولوجية،متفاوتة ومع ذلك يبقى الأمر المهم المطلوب والضروري انه لا يمكن القضاء على الظاهرة إذا لم تعالج أسبابها فالمشكلة الرئيسية التي تواجه تحديد أسباب الظاهرة هي اختلاف وجهات النظر في تحليل الظاهرة نفسها ومرد هذه الاختلافات يعود إلى تباين التفسيرات للمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تنشأ عنها.

 الفصل الخامس: جذور الإرهاب في الجزائر

العشرية السوداء في الجزائر و أطراف الصراع:

شهدت الجزائر منذ أواخر الثمانينات و بداية التسعينات من القرن 20م تنامي الأعمال التخريبية و الهجمات الإرهابية تجاه المذنبين و قوات الأمن  متزامنة مع المشاكل الاقتصادية التي كانت تعاني منها الجزائر في تلك المرحلة،  عقب إلغاء نتائج انتخابات البرلمانية  لسنة1991 ، و التي حققت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ فوزا على حزب جبهة التبرير الوطني، مما أدى إلى بروز صراع  مسلح بين النظام السائد آنذاك وفصائل متعددة تبنت أفكار إرهابية قتالية  بعد هذا الإلغاء.

كان الفوز الساحق للجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات أمرا غير مقبول لدى قادة المؤسسة العسكرية في الجزائر، حيث قامت بإلغاء النتائج ، مما أجبر الرئيس الشادلي على الاستقالة في 11 جانفي 1992 و خلفه محمد بوضياف ليكون رئيس المجلس الأعلى للبلاد وتم اعتقال في تلك الفترة  5000 شخص من أتباع الجبهة الإسلامية للإنقاذ حسب المصادر الحكومية. كما قامت ايضا الحكومة بإلغاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ كحزب سياسي مرخص.

اعتبر أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ إلغاء نتائج الانتخابات بمثابة إعلان حرب على الجبهة و قرروا البدء بحرب العصابات و استعمال كل الوسائل الممكنة و المتاحة لضرب أجهزة الدولة، خاصة  الموجهة ضد أفراد الجيش و قوات الشرطة و الدرك الوطني. و في أوت 1992 أخد الصراع منعطفا خطيرا بعد استهداف مطار الجزائر من طرف الجبهة الإسلامية للإنقاذ، نجم عن الانفجار سقوط 9 قتلى و 128 جريح.

الجماعات الاسلامية المسلحة ودور الافغان الجزائريين:

ما أزم الصراع أكثر هو بروز جماعات إرهابية أكثر تطرفا و همجية خاصة فيما يتعلق بأساليب الصراع مثل جماعة التكفير و الهجرة و الحركة الإسلامية المسلحة و الجبهة الإسلامية للجهاد المسلح. التي لم تتونى في ارتكاب أبشع المجاز ضد المذنبين.

 لقد لعب الأفغان الجزائريين و العرب في الجزائر دورا مهما في الأحداث التي شهدتها البلاد منذ تدخل الجيش لإلغاء نتائج الجولة الأولى من الانتخابات التي فازت فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ في عامل 1992، فقد ترافقت تلك الأحداث مع عودة الجزائريين من أفغانستان. وانضم العديد منهم إلى الجماعة الإسلامية المسلحة (جيا) التي تأسست في العام نفسه. وفي العام التالي (1993) تولى قيادتها جعفر الأفغاني الذي شارك في الحرب على الاتحاد السوفياتي في أفغانستان

يُحصر الجزائريون الأفغان بالمواطنين الجزائريين الذين تنقلوا أواسط الثمانينيات من القرن الماضي إلى أفغانستان لمحاربة الغزاة السوفيت، تلبية لفتوى الجهاد التي أطلقها الشيخ عبد الله عزام ضد القوى الشيوعية الكافرة حسبه.

وانتهج الأفغان العرب في الجزائر نهجا عنيفا في التعامل مع الأحداث السياسية ونسبت إليهم العديد من العمليات العسكرية أهمها:

خطف أعضاء في السفارة الفرنسية بالجزائر عام 1993.

محاولة اغتيال وزير الدفاع السابق الجنرال خالد نزار.

محاولة تفجير مطار هواري بومدين عام 1993.

قتل 12 كرواتيا في الجزائر.

تدمير العديد من المدارس وقتل أعداد كبيرة من المدنيين.

أسباب تشكل ظاهرة الأفغان الجزائريين

كانت الاستجابة القوية لنداء الجهاد في أفغانستان، لها أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة. فالمباشرة تمثلت في الزخم الإعلامي العربي والغربي الذي رافق الحرب الأفغانية، من قنوات وإذاعات وكتب ومجلات، وأشرطة سمعية يضخها المعسكر الغربي متمثلا في أمريكا وبريطانيا وفرنسا، ومعه دول الخليج التي قدمت الاتحاد السوفيتي في صورة المحتل الملحد الذي يشكل خطرا على الأديان ، تسهيل عملية الالتحاق والتنقل عبر منظمات دعوية وخيرية، محلية ودولية، وكذلك تبني الحركة الإسلامية في الجزائر للقضية الأفغانية والترويج لها في المساجد والأحياء من خلال الفعاليات الدينية و الثقافية المختلفة.

أما الأسباب غير المباشرة، فتشمل الشق السياسي، حيث بوفاة الرئيس هواري بومدين سعى خلفه الشاذلي بن جديد إلى القضاء على الإرث الاشتراكي، بالانتقال تدريجيا إلى النظام الليبرالي وخلق جسور تواصل مع المعسكر الغربي، أيضا أفسح المجال للحركة الإسلامية للنشاط العلني في المساجد وغيرها. وتشمل الشق الاقتصادي، حيث بداية من سنة 1982 بدأت أسعار البترول في التهاوي، مما أثر سلبا على الطبقة المتوسطة المرتبطة بالقطاع العام، وارتفعت مستويات البطالة بين الشباب، وبرز الفقر الذي يعد من عوامل الدفع باتجاه الحاضنة الإسلامية التي تعد بالتغيير للأفضل.

المفاوضات كألية لحل الأزمة:

في 31 جانفي 1994 تم اختيار اليمين زروال رئيسا للدولة لتسيير شؤون البلاد في المرحلة الانتقالية الذي كان يفضل مبدأ الحوار والتفاوض حيث بدأ بمحادثات مع قياديي الجبهة الإسلامية للإنقاذ المسجونيين وأطلق سراح العديد منهم وأدى أسلوب زروال إلى حدوث انقسام بين مواقف الجهات المحاربة لفكر الإسلام السياسي فكانت جبهة التحرير الوطني وجبهة القوى الاشتراكية تفضل التفاوض لحل الأزمة بينما كان الاتحاد العام للعمال الجزائريين والتجمع من اجل الثقافة والديمقراطية ومنظمة الشباب الأحرار الجزائرية تفضل تصفية كاملة لظاهرة الإسلام السياسي المسلح.

في هذه الأثناء برزت الجماعة الإسلامية المسلحة كفصيل نشيط في حرب العصابات وفي 26 أغسطس 1994 أعلنت الجماعة تطبيقها لقوانين الخلافة الإسلامية واختارت لقب أمير المؤمنين لزعيمها واستمرت في استهداف المدنيين وكان الشاب حسني، المطرب الجزائري من بين من تم استهدافهم حيث أغتيل في 29 سبتمبر 1994.

في نهاية عام 1994 أعلن اليمين زروال فشل المفاوضات مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وعبر عن نيته في إجراء انتخابات جديدة في مطلع عام 1995 وطرح فكرة إقامة ميليشيات للدفاع عن القرى والأماكن المستهدفة حيث أن تحركات الجيش لم تكن كافية لاحتواء الأزمة.

ميثاق السلم والمصالحة الوطنية

أدت هذه المذابح إلى حدوث انشقاق في صفوف الجماعة الإسلامية المسلحة وانفصل البعض منها بسبب عدم قناعتهم بجدوى تلك الأساليب وفي 14 سبتمبر 1998 تشكلت المجموعة السلفية للتبشير والجهاد بزعامة حسن حطاب ، وفي 11 سبتمبر 1999 فاجأ اليمين زروال العالم بتقديم استقالته ونظمت انتخابات جديدة في الجزائر وتم اختيار عبد العزيز بوتفليقة رئيسا في 15 ابريل 1999.

استمر بوتفليقة في الحوار مع الجبهة الإسلامية للإنقاذ وفي 5 جويلية 1999 حصل على موافقة مبدأية من الجبهة بنزع أسلحتها وأصدر بوتفليقة العفو عن العديد من المعتقلين وعرض ميثاق السلم والمصالحة الوطنية لاستفتاء عام وفيه عفو عن المسلحين الذين لم يقترفوا أعمال قتل أو اغتصاب إذا ماقرروا العودة ونزع سلاحهم وتمت الموافقة الشعبية على الميثاق في 16 سبتمبر 1999 وقامت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بنزع سلاحها بالكامل في 11 يناير 2000 وفي فبراير 2002 قتل عنتر زوابري زعيم الجماعة الإسلامية المسلحة في إحدى وتم إطلاق سراح مؤسسي الجبهة الإسلامية للإنقاذ عباسي مدني وعلي بلحاج.

الفصل السادس: آليات القانونية لمكافحة الإرهاب في الجزائر( المادة 84 من قانون العقوبات)

تعد الجزائر من الدول المتقدمة في مكافحة الإرهاب والتطرف وتعد نموذج يحتذى به من قبل دول العالم في أتباع سياستها نحو طرق مكافحة الإرهاب والتطرف، ولقد قطعت شوطا طويلا على مدار أكثر من 30 سنة في كيفية تطبيق إستراتيجية ناجحة نحو مكافحة الإرهاب حيث قضت على العمليات الإرهابية وتجاوزت مرحلة المكافحة وانتقلت إلى مرحلة الوقاية.

توسعت أنشطة الجزائر في الحركة الإقليمية لمنطقة شمال غرب أفريقيا، وتركزت أولا على عدم السماح بالتدخل الأجنبي في المنطقة م وهو أهم مبادئ مكافحة الإرهاب. ويجب على دول المنطقة العمل على تعزيز وحماية استقلال وسيادتها في اتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن تحقيق أمنها بعيدا عن التدخل.

إستراتيجية الجزائر قامت على عدة محاور رئيسية وتركزت في بناء خطط متنوعة بتوسيع نشاط المكافحة على المستوى المحلي والمستوى الإقليمي الافريقي والعالمي. وتعاملت الجزائر مع الإرهاب على المستوى المحلي بوسائل وطرق متنوعة، وركزت المعالجة الإستراتيجية في إزالة العوامل المؤثرة في تكوين خلايا التنظيمات الإرهابية حيث تراوحت بين تعديل الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية سهل كبح نشاط الجماعات الإرهابية. الجزائر نظمت الجهود في التنسيق بين دول المنطقة في صورة أكثر تقارب وتعاون في تحقيق مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، وكانت المحاور تركزت في عدة نقاط منها الأتي:

البعد القانوني في الإستراتيجية الجزائرية لمكافحة الارهاب:

سعت الجزائر بداية إلى توظيف و تعزيز ترسانتها التشريعية و القاونية في مجال مكافحة الارهاب و التخريب من خلال صابغة عدة قوانيين و المرتكزة في القسم  الرابع من قانون العقوبات الذي يخمل اسم الجرائم الموصوفة بأفعال إرهابية أو تخريبية (الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995)، و الذي ينحصر في المادة 87 ، التي تتفرع على 10 مواد و كالأتي:

المادة 87 مكرر (الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995)

يعتبر فعلا إرهابيا أو تخريبيا، في مفهوم هذا الأمر، كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي عن طريق أي عمل غرضه ما يأتي:

 -بث الرعب في أوساط السكان وخلق جو انعدام الأمن من خلال الاعتداء المعنوي أو الجسدي على الأشخاص أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو المس بممتلكاتهم.

–  عرقلة حركة المرور أو حرية التنقل في الطرق والتجمهر أو الاعتصام في الساحات العمومية،

–  الاعتداء على رموز الأمة والجمهورية ونبش أو تدنيس القبور،

 – الاعتداء على وسائل المواصلات والنقل والملكيات العمومية والخاصة والاستحواذ عليها أو احتلالها دون مسوغ قانوني،

– الاعتداء على المحيط أو إدخال مادة أو تسريبها في الجو أو في باطن الأرض أو إلقائها عليها أو في المياه بما فيها المياه الإقليمية من شأنها جعل صحة الإنسان أو الحيوان أو البيئة الطبيعية في خطر، تم تسجيل حالات مماثلة بسوريا من خلال الاعتداء باستعمال غاز سارن.

– عرقلة عمل السلطات العمومية أو حرية ممارسة العبادة والحريات العامة وسير المؤسسات المساعدة للمرفق العام،

– عرقلة سير المؤسسات العمومية أو الاعتداء على حياة أعوانها أو ممتلكاتهم أو عرقلة تطبيق القوانين والتنظيمات.

المادة 87 مكرر 1 (القانون رقم 06-23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006)

تكون العقوبات التي يتعرض لها مرتكب الأفعال المذكورة في المادة 87 مكرر أعلاه، كما يأتي

– الإعدام عندما تكون العقوبة المنصوص عليها في القانون السجن المؤبد،

– السجن المؤبد عندما تكون العقوبة المنصوص عليها في القانون السجن المؤقت من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة،

– السجن المؤقت من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة، عندما تكون العقوبة المنصوص عليها في القانون، السجن المؤقت من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات،

– تكون العقوبة مضاعفة بالنسبة للعقوبات الأخرى.

وتطبق أحكام المادة 60 مكرر على الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة.

المادة 87 مكرر 2

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) تكون العقوبة ضعف العقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات أو في النصوص الخاصة الأخرى غير المدرجة في هذا النص، بالنسبة لكل الأفعال غير التابعة للأصناف المشار إليها في المادة 87 مكرر أعلاه، عندما تكون نفس هذه الأفعال مرتبطة بالإرهاب أو التخريب.

المادة 87 مكرر 3

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) يعاقب بالسجن المؤبد كل من ينشئ أو يؤسس أو ينظم أو يسير أية جمعية أو تنظيم أو جماعة أو منظمة يكون غرضها أو تقع أنشطتها تحت طائلة أحكام المادة 87 مكرر من هذا الأمر.

كما يعاقب بالسجن المؤقت من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة كل إنخراط أو مشاركة، مهما يكن شكلها، في الجمعيات أو التنظيمات أو الجماعات أو المنظمات المذكورة في الفقرة السابقة مع معرفة غرضها أو أنشطتها.

المادة 87 مكرر 4

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) يعاقب بالسجن المؤقت من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات وبغرامة مالية من 100.000 دج إلى 500.000 دج، كل من يشيد بالأفعال المذكورة في المادة 87 مكرر أعلاه أو يشجعها أو يمولها بأية وسيلة كانت.

المادة 87 مكرر 5

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) يعاقب بالسجن المؤقت من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات وبغرامة مالية من 100.000 دج إلى 500.000 دج، كل من يعيد عمدا طبع أو نشر الوثائق أو المطبوعات أو التسجيلات التي تشيد بالأفعال المذكورة في هذا القسم.

المادة 87 مكرر 6

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) يعاقب بالسجن المؤقت من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة وبغرامة مالية من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج، كل جزائري ينشط أو ينخرط في الخارج في جمعية أو جماعة أو منظمة إرهابية أو تخريبية مهما كان شكلها أو تسميتها حتى وإن كانت أفعالها غير موجهة ضد الجزائر.

وتكون العقوبة السجن المؤبد عندما تستهدف الأفعال المبينة أعلاه الإضرار بمصالح الجزائر.

المادة 87 مكرر 7

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) يعاقب بالسجن المؤقت من عشر (10) سنوات إلى عشرين (20) سنة وبغرامة مالية من 500.000 دج إلى 1.000.000 دج، كل من يحوز أسلحة ممنوعة أو ذخائر يستولي عليها أو يحملها أو يتاجر فيها أو يستوردها أو يصدرها أو يصنعها أو يصلحها أو يستعملها دون رخصة من السلطة المختصة.

يعاقب بالإعدام مرتكب الأفعال المنصوص عليها في الفقرة السابقة عندما تتعلق هذه الأخيرة بمواد متفجرة أو أية مادة تدخل في تركيبها أو صناعتها.

يعاقب بالسجن المؤقت من خمس (5) سنوات إلى عشر (10) سنوات وبغرامة مالية من 100.000 دج إلى 500.000 دج، كل من يبيع عن علم أسلحة بيضاء أو يشتريها أو يوزعها أو يستوردها أو يصنعها لأغراض مخالفة للقانون.

المادة 87 مكرر 8

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) لا يمكن في كل الحالات أن تكون عقوبات السجن المؤقتة الصادرة، تطبيقا لأحكام هذا الأمر، أقل من

– عشرين (20) سنة سجنا مؤقتا عندما تكون العقوبة الصادرة، عقوبة السجن المؤبد،

– النصف عندما تكون العقوبة الصادرة، عقوبة السجن المؤقت.

المادة 87 مكرر 9

(الأمر رقم 95-11 المؤرخ في 25 فبراير 1995) يجب النطق بالعقوبات التبعية المنصوص عليها في المادة 6 من قانون العقوبات لمدة سنتين (2) إلى عشر (10) سنوات في حالة الحكم بعقوبة جنائية تطبيقا لأحكام هذا الأمر. فضلا عن ذلك، يمكن مصادرة ممتلكات المحكوم عليه.

المادة 87 مكرر 10

(القانون رقم 01-09 المؤرخ في 26 يونيو 2001) يعاقب بالحبس من سنة (1) إلى ثلاث (3) سنوات وبغرامة من 10.000 دج إلى 100.000 دج كل من أدى خطبة أو حاول تأديتها داخل مسجد أو في أي مكان عمومي تقام فيه الصلاة دون أن يكون معينا أو معتمدا من طرف السلطة العمومية المؤهلة أو مرخصا له من طرفها للقيام بذلك.

ويعاقب بالحبس من ثلاث (3) سنوات إلى خمس (5) سنوات وبغرامة من 50.000 دج إلى 200.000 دج كل من أقدم، بواسطة الخطب أو بأي فعل، على أعمال مخالفة للمهمة النبيلة للمسجد أو يكون من شأنها المساس بتماسك المجتمع أو الإشادة بالأفعال المشار إليها في هذا القسم.

الفصل السابع :  الآليات السياسية والأمنية لمكافحة الإرهاب في الجزائر ( بقلم العقيد حسان الخميس)

البعد السياسي في الاستراتيجية:

    سعت الجزائر بداية إلى توظيف دبلوماسيتها وفق منطق المصلحة الوطنية ومبادئ القانون الدولي والسلام، كما بدأت تتحرك على المستوى العربي  قصد تطوير موقف الدول العربية تجاه الإرهاب، وقد أثمرت مساعيها بتوقيع اتفاقية حول التعاون العربي لمكافحة الإرهاب، تم المصادقة عليها خلال الدورة الرابعة عشرة لمجلس وزراء الداخلية العرب والموقع عليها بتاريخ 22 أبريل 1998، ودخلت الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب حيز التطبيق شهر مايو 1999.

أهم ما تضمنته الاتفاقية نبذ العنف بكل الأشكال وصوره، وتضمنت في شطرها القضائي تعزيز التعاون عبر التنسيق العربي-العربي في المجال الأمني، عن طريق تعزيز إمكانيات التكوين وتبادل الخبرات والمعلومات فيما بينها، وقد كانت الجزائر سباقة في التنديد بالتهديد الإرهابي ودعوة الدول العربية إلى اتخاذ خطوة مشتركة لمكافحة هذه الظاهرة.

    على المستوى الأفريقي فقد كان أول جهود دبلوماسي للجزائر في أفريقيا من خلال تنظيمها للقمة الأفريقية في يوليو 1999، حيث كانت الجزائر السباقة أيضًا في الدعوة إلى إبرام اتفاقية ضد الإرهاب على المستوى الأفريقي، حيث أعدت مشروع اتفاقية لمكافحة الإرهاب ولقيت الفكرة الترحيب من طرف

 اللجنة المركزية للوقاية وفض النزاعات على مستوى منظمة الوحدة الأفريقية، صادق على المشروع مجلس وزراء العدل للدول الأفريقية بالإجماع وحمل اسم «الاتفاقية الأفريقية لمكافحة الإرهاب.

    في أحداث 11 سبتمبر 2001 أعطت مصداقية وثقة أكبر في المشاريع والمقترحات التي كانت الجزائر تدعو إليها، وهو ما أدى إلى تثمين التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب إقليميا وحتى دوليا، وبموجب هذه التجربة وإدراك الجزائر لأهمية التنمية في تحقيق الأمن القومي، كذلك إدراكها أن الفقر والجهل والتطرف والغلو من الأسباب الرئيسية الداعمة والمنتجة للصناعة الإرهاب فقد دعت إلى تفعيل التنمية في الدول الأفريقية خصوصا الساحل الشمال الغربي.

    وظهر التعاون العملياتي الجزائري الأمريكي في إطار مبادرة «مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء» في 2005 التي شاركت فيها الجزائر بهدف تعزيز إمكانياتها وتطوير الجهود الاستباقية وتحسين الاستخباراتية والمراقبة الامنية في مكافحة الإرهاب من أجل دعم الأمن والاستقرار في المنطقة، وفي المقابل رفضت الجزائر استضافة قاعدة أفريكوم «Africom» انطلاقًا من مبادئها الرافضة للتواجد الأجنبي في المنطقة مع الإبقاء على تطوير التعاون الاستراتيجي.

    كما سعت الجزائر إلى إقناع المجتمع الدولي بقمع مصادر تمويل الأعمال الإرهابية وهي صاحبة الفكرة في تجريم دفع الفدية وعلى هذا المسعى تكللت مجهوداتها بمصادقة مجلس الأمن على اللائحة رقم 1904المتعلقة بتجريم دفع الفدية في ديسمبر 2009، والتي تعتبر مكملة للائحة رقم 1373 المتعلقة بتمويل الإرهاب ومكافحته واللائحة رقم 1267 المتصلة بتمويل نشاطات الجماعات الإرهابية.

    وعلى مستوى الاقليم المتوسط فقد شاركت الجزائر في إنشاء مبادرة 5+5 دفاع، بعد توقيع إعلان النية المنعقد في باريس يوم 21 ديسمبر 2004، والتي تعتبر بمثابة منتدى حوار يجمع 10 دول في ضفتي الحوض الغربي للمتوسط وهي (الجزائر، إسبانيا، فرنسا، مالطا، تونس، المغرب، ليبيا، البرتغال، إيطاليا وموريتانيا) وتهتم هذه المبادرة بمجالات أربعة وهي:

    المراقبة البحرية

    مساهمة القوات المسلحة في الحماية المدنية

    تفعيل دور الامن الجوي

    تكوين المعلومات وتفعيل دور البحث والتحري.

البعد الأمني والعسكري:

    اعتمدت على عدة محاور منها بإنشاء المركز الأفريقي للدراسات والبحث في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، مقره الجزائر العاصمة، ويهدف هذا المركز إلى تنظيم ندوات وملتقيات مع دول القارة الأفريقية وحتى خارجها كالاتحاد الأوروبي، من أجل تبادل الخبرات والمعلومات حول الظاهرة الإرهابية ودعم القدرات وتحقيق تعاون إقليمي ودولي للحد منها، وهو ما يسهل للجزائر رصد الإرهاب على المستويين الإقليمي والدولي.

    وقدمت مشروع قانون نموذجي أفريقي في مجال مكافحة الإرهاب، يهدف هذا القانون إلى ترقية رد شامل ومنسق ومنسجم على المستوى الوطني والإقليمي والقاري لمكافحة الإرهاب، لقد أكدت الجزائر دائمًا – وما زالت – على استقلالية المنطقة وسيادتها في اتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن تحقيق أمنها بعيدًا عن كل أشكال التدخل الأجنبي.

    حرصت وسعة الجزائر على تعزيز واستكمال التعاون السياسي والدبلوماسي بالشق العسكري والأمني وعلى المستوى الإقليمي، والتي تعتبر الجزائر السباقة في الدعوة للعمل الجماعي (الأفريقي) والعربي لتطويق الإرهاب، تمثلت أولى المبادرات العسكرية العملياتية في إنشاء (وحدة التنسيق والاتصال)، تطبيقًا للتوصيات التي خرج بها اجتماع وزراء خارجية الدول السبع (الجزائر، مالي، موريتانيا، النيجر، بوركينافاسو، ليبيا والتشاد) في 16 مارس 2010 بالجزائر.

    واعتمدت الخطة الأمنية لدي أمن الجزائر في كسر (مثلث الإرهاب) الذي يقوم بها نشاط الإرهاب عن طريق الاضلاع الثلاثة التي ترتكز على النحو الاتي:

    الضلع الأول: ملاحقة والقبض على الافراد التي تنفذ العمليات والأنشطة الإرهابية.

    الضلع الثاني: تأمين المنشأة الحيوية والمعرضة للعمليات الإرهابية.

    الضلع الثالث: منع كل وسائل الأسلحة والمتفجرات والمعدات التي تتم بها قيام العمليات الإرهابية.

وهذه العناصر أتت تحت خطط مدروسة ووضعت لها إجراءات فعالة تبني في كسر العمليات والأنشطة الإرهابية وهذه الخطط التي بنتها أدارة الدولة ليست في أعداد خطط تقليدية وأنماء ركزت في كيفية فعاليتها في الواقع الميداني والتي لامسة نجاحا كبيرا في تحجيم العمليات الإرهابية بالجزائر، حيث وضعت إجراءات أمنية متعددة تتمحور على النحو الاتي :

    تكوين عمليات جمع المعلومات عن العناصر الإرهابية وماهي أنشطتها في الساحة المحلية والإقليمية للمنطقة الافريقية ، وهذه تمت عن طريق جهاز المخابرات الأمنية في الجزائر في القدرة على أختراق وتفكيك التنظيمات والخلايا الإرهابية وهذه العمليات من أسس عمل الاستخبارات للأجهزة الأمنية والعسكرية ، ورسمت لها طرق الوصول الى هذه المجاميع بأسلوب الاختراق التنظيم وتطبيق نظريات حديثة في عمل الاستخبارات بنظام يسمى (القوة العاقلة والقوة الفاعلة) التي تحقق في جمع المعلومات ومن ثم تحليلها لتصل الى تقدير موقف ورأيا واضحة أتجاه الحركات الإرهابية ، والقدرة على معرفة مخططاتهم وأنشطتهم وعدد عناصرهم من خلال تفعيل أساليب حديثة للعمليات الاستخبارية.

    استخدام إجراءات الكشف عن تحركات الخلايا بطريق تفعيل دور المراقبة الأمنية على السواحل البحرية والمراقبة الحدودية البرية أيضا عن طريق تفعيل دور الامن الجوي على المناطق الصحراوية والحدودية.

    تشكيل قيادة عمليات بتاريخ أبريل 2010 بناء على توصية من أجهزة الامن والمخابرات دول المنطقة الإقليمية الافريقية التي يكون مقرها في الجزائر وذلك لعمل استطلاعات جوية لتوجيه ضربات جوية مركزة ضد العناصر الإرهابية المنتشرة في شمال مالي والنيجر.

    عملت على تحسين وتطوير أداء القوات العسكرية والأمنية من حيث رفع مستوى التدريب العسكري والأمني والحصول على المعدات والأجهزة المتطورة.

    وضعت خطط تكتيكية لمواجهة العمليات الإرهابية تحت تدريب سناريوهات متعددة ووضعها تحت ظروف صعبة للقوات العسكرية والأمنية لكي تكتسب مهارات قتالية عالية وتتمكن أيضا من رفع كفاءة ومستوى أداء القوات في معدل السرعة لمواجهة الاخطار الإرهابية، من خلال تطبيق نظريات التكتيك حول قطع المخاطر، وتباطئ خطر العمليات الإرهابية.

    تفعيل دور الاعلام الأمني ووضع حلول مبتكرة ضمن استراتيجية إعلامية متكاملة ترشد أداء الإعلام الجزائري في طرق تناول قضايا الإرهاب، وتجهيز إلى كود مهني يرشد أداء الإعلاميين في كيفية التعامل مع قضايا الإرهاب ، توضح الأدوار المطلوبة بوسائل الإعلام المدني في كيفية القيام بها للتصدي للإرهاب في إطار الأدوار المحددة لهم، وكذلك آليات التنفيذ في عمليات النشر، كما تتضمن الأساليب المبتكرة التي يمكن للإعلاميين الاعتماد عليها في مخاطبة الرأي العام علي نحو يؤسس لثقافة مجتمعة تدعم الأهداف المرسومة نحو غرز قيم التسامح والاعتدال، وتنبذ الإرهاب، وتحارب التطرف بمختلف صوره.

الإستراتيجية المتخذة على المستوى الإقليمي والدولي

عملت الجزائر على وضع إستراتيجية دولية تهدف إلى تحسيس شركائها بضرورة التعاون من أجل ضمان الفعالية المطلوبة والعمل على إنجاح الإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب العابر للدول و القارات عن طريق السعي لاستصدار قرارات ملزمة من قبل مجلس الأمن لاسيما أن هذا الأخير قد أكد أن الأمم المتحدة تبقى هي الإطار الأمثل لترقية تعاون دولي صادق يتوخى الاستعمال الملائم للوسائل القانونية لمتابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية ومن يقف وراءهم وتجفيف مصادر تمويلها والقضاء على شبكات دعمها اللوجستيكية وقنوات الدعاية المروجة والممجدة لها. وقد أخذت الإستراتيجية الجزائرية في مكافحة الإرهاب بعدين إقليمي وعالمي .

تعد الجزائر من بين الدول التي دعت إلى ضرورة التعاون الإقليمي لمحاربة الإرهاب بمختلف أشكاله، حيث نجحت في دفع الدول العربية إلى تبني الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب حيث تم إبرام هذه الاتفاقية في القاهرة بتاريخ 22 نيسان/ أبريل 1998، وقد جاء في ديباجتها أن الدول العربية الموقعة قد اتفقت على عقد هذه الاتفاقية منطلقة في هذا من رغبتها في تعزيز التعاون العربي لمكافحة الجرائم الإرهابية التي تهدد أمن واستقرار ومصالح الأمة العربية، التزامها بالمبادئ الأخلاقية والدينية السامية –لاسيما الشريعة الإسلامية- التي تنبذ كل أشكال العنف والإرهاب، وتدعو إلى حماية حقوق الإنسان.

كما أسفرت الجهود الكبيرة التي بذلتها الجزائر على المستوى الإقليمي عن توقيع الاتفاقية الإفريقية للوقاية من الإرهاب ومكافحته الصادرة عن منظمة الوحدة الإفريقية في 14 جويلية 1999 بالعاصمة الجزائرية.

تعزيزا لهذه الاتفاقية فقد تمت المصادقة على خطة عمل الجزائر في 2002، تمخض عنها إنشاء المركز الإفريقي للدراسة والبحث حول الإرهاب بتاريخ 13 أكتوبر 2002، إضافة إلى ذلك فقد سبق للجزائر أن شاركت في أشغال مؤتمر وزراء خارجية الدول الإسلامية الذي عقد في الدوحة شهر ديسمبر 2001، هذا المؤتمر أكد أن الإرهاب مخالف للشرائع السماوية والأعراف الدولية، كما أشار إلى ضرورة عدم الخلط بين الكفاح المسلح الذي يراد به خدمة القضايا العادلة ومجابهة الظلم والاحتلال مثلما يحدث في فلسطين.

كما أن الاهتمام بتجريم الإرهاب في اتفاقية الشراكة المبرمة بين الجزائر والاتحاد الأوربي كان كبيرا جدا، ويتجلى ذلك من ديباجة الاتفاقية التي أكدت أن الشراكة المزمع إنشاؤها لن تكون ممكنة التحقق ما لم يتم محاربة الإرهاب والجريمة المنظمة، ثم أبرزت الاتفاقية أهمية محاربة الإرهاب في مادتها 90، مؤكدة على ضرورة التعاون من خلال تبادل الخبرات فيما يتعلق طرق ووسائل محاربة الإرهاب.

بينما دعا المؤتمر العربي الثاني عشر لمكافحة الإرهاب المنعقد بتونس في 24 جوان 2009 على ضرورة الأخذ بالتجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه، كما أن الجزائر تعتبر أول دولة بادرت بدفع التعاون الإقليمي من منطلق رؤيتها لمكافحة الإرهاب القائمة على ضرورة وجود تعاون إقليمي وعملياتي وعلى إرادة سياسية مشتركة، وقد تمت الموافقة على مبادئ هذه الرؤية خلال الندوة الوزارية لبلدان الساحل الصحراوي في شهر مارس 2010، التي نشطت آليات التنسيق بما فيها لجنة الأركان العسكرية ولجنة تنسيق المصالح الأمنية، كما تم الاتفاق في اجتماع لوزراء خارجية دول الميدان (الجزائر، موريتانيا، مالي والنيجر) في الساحل الإفريقي الذي انعقد في 20 ماي 2011، على تشكيل قوة عسكرية مشتركة من أجل حماية الحدود المشتركة والحد من مخاطر تنظيم القاعدة الذي ينشط في المنطقة على نطاق واسع.

زيادة على ذلك فقد تقدمت الجزائر خلال الاجتماع الأخير لوزراء العدل العرب بجدة باقتراح يتضمن إقامة قواعد أمنية واضحة لتجريم دفع الفدية للجماعات الإرهابية والمتاجرة بالمخدرات على اعتبار أنها هي المنبع الرئيسي لتمويل الإرهاب خاصة في دول الساحل، كما طالبت الجزائر خلال هذا الاجتماع، بتكوين لجنة تتولى صياغة قانون لتجريم دفع الفدية مع إدراجه في الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، بل طالبت بمعاقبة الدول التي تدفع الفدية للجماعات الإرهابية.

خاتمـــــة

تعد الجزائر من بين الدول الرائدة في مجال محاربة الإرهاب بكل أشكاله وذلك بالنظر إلى الأزمة التي عاشتها البلاد خلال العشرية السوداء بسبب هذه الظاهرة الإجرامية، مما دفعها إلى إصدار ترسانة هامة من القوانين بغية مكافحة الإرهاب، كما أولت الجزائر اهتماما كبيرا للتعاون الدولي على مختلف المستويات لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة.

زيادة على ذلت وبهدف تفعيل التعاون الدولي لمحاربة الإرهاب العابر للحدود، فقد تم إنشاء المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب في 22 سبتمبر 2011، وتم تشكيل مجموعة مختصة في تقوية قدرات مكافحة الإرهاب في الساحل الإفريقي وترأس هذه المجموعة الجزائر وكندا، حيث تتمثل وظيفة هذا المنتدى في تشجيع تنفيذ إستراتيجية منظمة الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب.

كما عملت الجزائر على وضع إستراتيجية دولية تهدف إلى تحسيس شركائها بضرورة التعاون من أجل ضمان الفعالية المطلوبة والعمل على إنجاح الإستراتيجية الدولية لمكافحة الإرهاب العابر للأوطان عن طريق السعي لاستصدار قرارات ملزمة من قبل مجلس الأمن لاسيما أن هذا الأخير قد أكد أن الأمم المتحدة تبقى هي الإطار الأمثل لترقية تعاون دولي صادق يتوخى الاستعمال الملائم للوسائل القانونية لمتابعة مرتكبي الجرائم الإرهابية ومن يقف وراءهم وتجفيف مصادر تمويلها والقضاء على شبكات دعمها اللوجستيكية وقنوات الدعاية المروجة والممجدة لها.

بينما أجمعت مختلف الدول على سداد المقاربة الجزائرية في معالجة ظاهرة الإرهاب لاسيما فيما يخص عدم التفاوض مع الإرهابيين ولا دفع الفدية، فالجزائر التي ما فتئت تحذر من تفاقم خطر الظاهرة، كانت سباقة لدعوة المجتمع الدولي لتجريم دفع الفدية للإرهابيين من أجل تحرير الرهائن، وحرصت الجزائر في مختلف المحافل الدولية والإقليمية على التنبيه بمخاطر هذا الابتزاز، معتبرة ذلك من أهم مصادر تمويل الإرهاب والجريمة المنظمة، لتطالب الجزائر أيضا الدول بالعمل على تجفيف منابع التنظيمات الإرهابية والإجرامية، وهو ما تجسد فعلا من خلال القرارات التي اتخذها مجلس الأمن لاسيما القرار 1904 (2009)، والقرار 2133 (2014) واللذين يجرمان دفع الفدية للجماعات الإرهابية.

لكن ينبغي الإشارة إلى أن غياب تعريف دقيق لجريمة الإرهاب الدولي ساهم في انتهاك قواعد القانون الدولي واللجوء إلى القوة بهدف محاربة الإرهاب مثلما حصل في أفغانستان والعراق، وعليه ينبغي الآن تكثيف الجهود الدولية من أجل وضع تعريف محدد ودقيق لجريمة الإرهاب مع تمييزها عن حق الشعوب في تقرير المصير، بهدف ضمان احترام قواعد الشرعية الدولية من طرف الدول الأعضاء في المجتمع الدولي، مع ضرورة الأخذ بالتجربة الجزائرية الرائدة في محاربة تمويل الإرهاب من جهة؛ ودفع المجتمع الدولي نحو وضع الإطار القانوني الدولي لتعريف الإرهاب الدولي من جهة أخرى.

اقرأ ايضا :دراسة تاريخية وقانونية شاملة لتطور ظاهرة الارهاب الدولي

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button