دراسات اقتصادية

الأثار الاقتصادية لبطولة کأس العالم لکرة القدم على الدولة المستضيفة

المؤلف عزت قناوي* قائم بعمل رئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة- کلية التجارة- جامعة کفر الشيخ، مجلة السياسة والاقتصاد، المقالة 3، المجلد 3، العدد ( 2 ) ابریل 2019، الربيع 2019، الصفحة 77-106.

الملخص:  تعتبر صناعة الریاضة بشکل عام ولعبة کرة القدم بشکل خاص صناعة المستقبل وأحد أهم رکائز النمو والرخاء الاقتصادی للعدید من الدول المتقدمة والنامیة على السواء. فقد تزاید الاهتمام بهذه اللعبة بغض النظر عن الحدود الجغرافیة ، وبخاصة بعد انتقال المنافسة علیها من المستوى المحلى إلى المستوى الدولی. فلم یعد مفهوم کأس العالم لکرة القدم مجرد احتفالیة ریاضیة ، بل أصبح وسیلة هامة لتنفیذ المشاریع الاستثماریة الکبیرة وتحقیق الدخول والأرباح ، وزیادة معدلات النمو والناتج المحلی الإجمالی، وجذب الاستثمار الأجنبی المباشر،وتنشیط حرکة السیاحة والتجارة، وخلق مزید من فرص العمل، وتحسین قیمة العملة المحلیة، وتنشیط الاقتصاد وتنفیذ برامج التنمیة المستدامة على المدى الطویل وذلک فی حالة التوظیف الأمثل لهذه اللعبة. ومن هذا المنطلق أصبح اختیار دولة معینة لتنظیم کأس العالم لکرة القدم یخضع للعوامل الاقتصادیة أکثر مما یخضع لأی عوامل آخری وذلک بالرغم من التکلفة الکبیرة المترتبة على تنظیم واستضافة تلک المسابقة. 

والسؤال المطروح: لماذا تتنافس الدول على تنظیم واستضافة الأحداث الریاضیة العالمیة وبخاصة مسابقة کأس العالم لکرة القدم ؟ وما هو الدور الذی تلعبه الریاضة فی التنمیة الاقتصادیة لبعض هذه الدول؟. 

ویستهدف البحث التعرف على الآثار الاقتصادیة المترتبة على استضافة دولة معینة لبطولة کأس العالم لکرة القدم ،وبیان العلاقة الوثیقة بین الریاضة والتنمیة الاقتصادیة ، بالإضافة إلى معرفة العوامل والمحددات التی یتوقف علیها سوق عمل وأجور لاعبی کرة القدم على المستوى العالمی ، وکذلک معرفة التکلفة والعائد فی صناعة کرة القدم، مع الإشارة إلى مستقبل الاستثمار الخاص فی صناعة کرة القدم.

– مقدمة :

یعتبر البحث فی موضوع ” اقتصادیات الریاضة ” من الفروع المستحدثة فی علم الإقتصاد مؤخراً ، حیث یهتم هذا الفرع بدراسة النشاط الریاضی من وجهة النظر الاقتصادیة کصناعة لها عرض وطلب على السلع والخدمات فی السوق الریاضی ولها تمویل ومیزانیه وأجهزة وإدارة ومنظمات. ونظراً لتعدد أوجه الأنشطة الریاضیة فسوف تقتصر الدراسة فی هذا البحث على نشاط واحد منها وهو نشاط کرة القدم من زاویة اقتصادیة باعتباره النشاط الأکثر شعبیة وأهمیة اقتصادیة مقارنة بباقی الأنشطة الریاضیة الأخرى. ومما لا شک فیه أن الریاضة بشکل عام وصناعة لعبة کرة القدم بشکل خاص أصبحت الیوم صناعة المستقبل وأحد أهم رکائز ومصادر النمو والرخاء الاقتصادی والتطور الاجتماعی للعدید من الدول المتقدمة والنامیة على السواء. فقد شهدت الآونة الأخیرة تطورات هیکلیة فی صناعة لعبة کرة القدم، حیث تزاید الاهتمام بهذه اللعبة بغض النظر عن الحدود الجغرافیة والوطنیة والثقافیة والنوع والطبقات الاقتصادیة والاجتماعیة. کما ارتفعت أجور البث التلیفزیونی المباشر، وأسعار تذاکر المباریات، وأسعار اللاعبین، ومبیعات الإعلانات التجاریة، وغیرها من الإیرادات الأخرى بصورة کبیرة، وبمعدلات تفوق معدلات التضخم العالمی بکثیر، وبخاصة بعد انتقال المنافسة علیها من المستوى المحلى إلى المستوى الدولی أو کأس العالم(محمد إبراهیم السقا ،2010).

ولم یعد مفهوم کأس العالم لکرة القدم (الموندیال) أو الألعاب الأولمبیة لبعض المشارکین فیها مجرد احتفالیة ریاضیة للاستمتاع بأوقات الفراغ فقط، بل أن تنظیم هذه المسابقة العالمیة أصبح وسیلة هامة لتنفیذ المشاریع الاستثماریة الکبیرة وتحقیق الدخول والأرباح وتعزیز الدخل الضریبی، وزیادة معدلات النمو والناتج المحلی الإجمالی، وجذب الاستثمار الأجنبی المباشر،وتنشیط حرکة السیاحة والتجارة، وخلق مزید من فرص العمل، وتحسین قیمة العملة المحلیة، وتنشیط الاقتصاد وتسریع تنفیذ برامج التنمیة المستدامة على المدى الطویل وذلک فی حالة التوظیف الأمثل لهذه اللعبة والاستفادة منها کوسیط بین باقی مکونات الاقتصاد. لذلک عولت بعض الدول (البرازیل) على مواهب اللاعبین بها الثقة الکبیرة فی إعادة بناء اقتصادیاتها من خلال توثیق العلاقة بین الریاضة والاقتصاد(عادلفاضلعلی ،2015).

ومن هذا المنطلق أصبح اختیار دولة معینة لتنظیم نهائیات کأس العالم لکرة القدم أو تنظیم دورة الألعاب الأولیمبیة الدولیة یخضع للعوامل الاقتصادیة أکثر مما یخضع لأی عوامل آخری، الأمر الذی دفع مجموعات الضغط الاقتصادیة العالمیة إلى التأثیر بشکل مباشر فی قرارات المؤسسات الریاضیة.

ویعتبر الاتحاد الدولی لکرة القدم (FIFA) الجهة الرسمیة القائمة على تنظیم وإدارة صناعة کرة القدم حیث یمثل النقابة التی ترعى مصالح الدول الأعضاء به، وتشیر الإحصاءات الریاضیة عام 2013 إلى أن عدد الأندیة التی یرعاها FIFA تبلغ 300.000 نادی تضم فی عضویتها حوالی 240 ملیون لاعب، منهم 30 ملیون من النساء. کما یبلغ عدد الدول الأعضاء فی ”  FIFA ” نحو 208 عضواً، أی أکثر من عدد أعضاء منظمة الأمم المتحدة. ویحقق الاتحاد الدولی لکرة القدم (FIFA) دخل وإیرادات تفوق الکثیر من الدول ، کما یقوم بتقدیم إعانة سنویة لکل دولة من الدول الأعضاء به تصل ما بین 250 ، 300 ملیون دولار(أحمد فلاح،عبدالکریم معزیز،2014). لذلک تعتبر کرة القدم الدولیة أکبر مشروع اقتصادی فی العالم، ولا توجد شرکة تحقق إیرادات مثلما تحققه کرة القدم ، حیث وقعت ”  FIFA” عقوداً تلفزیونیة بقیمة 1.95 ملیار دولار لنقل بطولة کأس العالم فی کرة القدم لدورتی 2018 ،2022 فی روسیا وقطر(أحمد حسن أحمد،2014).

ویشهد العالم کل أربع سنوات منافسة شدیدة بین الدول الراغبة فی تنظیم واستضافة مسابقة کأس العالم لکرة القدم على أراضیها والتی تتنافس فیها 32 فرقة ریاضیة دولیة، وذلک بالرغم من التکلفة الکبیرة المترتبة على تنظیم واستضافة تلک المسابقة. وتصل القیمة المادیة لکأس العالم إلى 10 ملیون دولار کذهب فقط، ولکن القیمة المعنویة له تفوق ذلک بکثیر(Creamer’s Engineering News,2015).

2- مشکلة البحث : بالرغم من التکلفة الکبیرة المترتبة على تنظیم واستضافة دولة معینة لمسابقة  بطولة کأس العالم لکرة القدم ، إلا أن هناک العدید من الدول على المستوى العالمی التی تتنافس على تنظیم هذه المسابقة، والسؤال المطروح: لماذا تتنافس الدول على تنظیم واستضافة الأحداث الریاضیة العالمیة وبخاصة مسابقة کأس العالم لکرة القدم ؟ وما هی أسباب وأثار هذا التنافس؟ وهل استضافة دولة لتنظیم مسابقة کأس العالم هو إضاعة للمال؟ وما هو الدور الذی تلعبه الریاضة فی التنمیة الاقتصادیة لبعض هذه الدول؟ وهل یعتبر تخلف الریاضة فی الدول النامیة مرتبط بالتخلف الاقتصادی والسیاسی لها، بالرغم من تصنیف بعض هذه الدول فی خانة الدول المتقدمة فی المجال الریاضی مثل البرازیل والکامیرون وغینیا ؟

3- أهداف البحث : یستهدف البحث التعرف على الأثار الاقتصادیة المترتبة على استضافة دولة معینة لبطولة کأس العالم لکرة القدم، وبیان الدخل والإنفاق المترتب على استضافة دولة معینة لبطولة کأس العالم لکرة القدم ثم التطرق إلى بیان العلاقة الوثیقة بین الریاضة والتنمیة الاقتصادیة ودور الریاضة فی تحقیق النمو الاقتصادی، بالإضافة إلى معرفة العوامل والمحددات التی یتوقف علیها سوق عمل وأجور لاعبی کرة القدم على المستوى العالمی ، وکذلک معرفة التکلفة والعائد فی صناعة کرة القدم، مع الإشارة إلى مستقبل الاستثمار الخاص فی صناعة کرة القدم، وأخیراً استعراض أهم النتائج والتوصیات التی انتهى إلیها البحث.

4- فروض البحث : یعتمد البحث على ثلاثة فرضیات أساسیة هی: الفرضیة الأولى أن هناک علاقة وثیقة بین الریاضة والتنمیة الاقتصادیة، والفرضیة الثانیة أن تنظیم واستضافة دولة معینة لمسابقة کأس العالم لکرة القدم یحقق لها فوائد اقتصادیة کبیرة ، والفرضیة الأخیرة أن الاستثمار الخاص فی المجال الریاضی أعلى عائد مقارنة بمجالات الاستثمار فی القطاعات الأخرى.

5- منهجیة البحث : یعتمد البحث على استخدام منهج التحلیل الوصفی، بجانب الإعتماد على جمع المعلومات المتعلقة باقتصادیات صناعة کرة القدم على المستوى العالمی من خلال موقع الإتحاد الدولی لکرة القدم ” FIFA“، وکذلک الإتحاد الدولی لتاریخ وإحصاءات کرة القدم  International Federation of Football History & Statistics “، بالإضافة إلى إحصاءات کأس العالم لکرة القدم (سنوات مختلفة)، وکذلک المجلة الدولیة للتمویل الریاضی” International Journal of Sport Finance “، والمعلومات المتاحة على شبکة المعلومات الدولیة (الانترنت) وبخاصة موقع    “transfermarkt.com”  المتخصص فی العلوم الاقتصادیة للریاضة.

6- صعوبات البحث : تکمن صعوبة البحث فی حداثة الموضوع ، بجانب ندرة الدراسات العلمیة التی تهتم باقتصادیات صناعة کرة القدم وأثارها ودورها فی التنمیة الاقتصادیة.

7- خطة البحث : تتضمن خطة البحث ما یلی:-

أولاً : دور الریاضة فی تحقیق التنمیة الاقتصادیة.

ثانیاً : سوق عمل وأجور لاعبی کرة القدم على المستوى العالمی.

ثالثاً : التکلفة والعائد الاقتصادی فی صناعة کرة القدم.

رابعاً: الأثار الاقتصادیة المترتبة على استضافة دولة معینة لبطولة کأس العالم لکرة القدم.

خامساً: مستقبل الاستثمار الخاص فی صناعة کرة القدم.

سادساً: نتائج وتوصیات البحث.

أولاً : دور الریاضة فی تحقیق التنمیة الاقتصادیة .

لم تکن الریاضة إحدى اهتمامات علم الاقتصاد فی الماضی ولکن الیوم أصبحت ترتبط بالاقتصاد بشکل وثیق فی صورة منافع متبادلة. حیث یرى العالم الریاضی الروسی (Matveyev)  أن نتائج التحلیلات الإحصائیة الاجتماعیة أکدت أن الإنجازات الریاضیة ترتبط ارتباطاً کبیراً بمؤشرات الدخل القومی ومتوسط دخل الفرد ، وذلک لأن الریاضة بحاجة إلى تسهیلات وأموال للإنفاق علیها(Ahlert, G.,2005). وقد أثبتت الأبحاث العلمیة وجود علاقة قویة بین الریاضة ومستوى التنمیة الاقتصادیة. وتعتبر الدراسات العلمیة التی تهتم بدور الریاضة فی التنمیة الاقتصادیة نادرة جدا ، حیث تعد دراسة ” علاقة الاقتصاد بالریاضة “عام 1956 للباحث (Gregory) فی جریدة ” Economist ” أول دراسة حول هذا الموضوع ، حیث قدم دراسة اقتصادیة تحلیلیة عن الاحتراف فی کرة القدم ، وربما یرجع ذلک إلى النظر للریاضة آنذاک کمجال هوایة وترفیه لشغل أوقات الفراغ ونشاط محدود وغیر ضروری فی الحیاة الاقتصادیة مقارنة بالدور الذی تلعبه الریاضة فی الاقتصاد فی الوقت الحالی. حیث تلعب الریاضة فی التنمیة الاقتصادیة بالدول المتقدمة دورا هاما ، وتساهم بنحو 2 % من الناتج المحلی الإجمالی لها. لذلک اهتمت بعض الدول وبخاصة دول الاتحاد الأوربی والولایات المتحدة الأمریکیة بتقدیم الدعم والتمویل اللازم لبعض الدراسات والبحوث العلمیة المعنیة بقطاع الریاضة وعلاقته بالتنمیة الاقتصادیة (أحمدفاروقعبدالقادر،2015).

وقد أشارت بعض الدراسات إلى العلاقة التبادلیة بین الاقتصاد والریاضة ومنها دراسة (Reeve)  سنة1960 والتی أشار فیها إلى تزاید الاهتمام باقتصادیات الریاضة آنذاک. بجانب دراسة (Danielson) والتی أبرز فیها دور الاقتصاد فی تنظیم الریاضة فی السوید ثم قدم نموذجاً مؤسسا على بیانات إحصائیة واقعیة عن اقتصادیات الریاضة فی سویسرا سنة .1972  کما أشار (Neale) فی دراسته عام 1979 إلى تنامی اقتصادیات الریاضة بشکل ملحوظ من عام لأخر. وتعتبر دراسة (Malenfant) عن اقتصادیات الریاضة فی فرنسا عام 1986 على درجة من الأهمیة ،حیث توصلت نتائجها إلى أن حوالی % 30 من الفرنسیین ینفقون نحو % 6.5 من دخولهم على الریاضة ، کما أن حجم المعاملات المالیة المتداولة فی الأسواق والخاصة بالاستثمار الریاضی یزداد سنویاً بمعدل لا یقل عن20% ، کما أوضحت الدراسة أن 90% من المیزانیة العائلیة المخصصة  للریاضة توجه إلى شراء الملابس والأجهزة والمعدات الریاضیة والاشتراک فی خدمات الصحافة الریاضیة وحضور المباریات(السعدنیخلیل،2014).

کما تلعب الریاضة دوراً هاما فی الاقتصاد یتمثل فی إسهام الریاضة کوسیلة دعایة وترویج وإشهار واسع الانتشار للمؤسسات الاقتصادیة سواء کان ذلک بطرق مباشرة أو غیر مباشرة فضلاً عن کونها وسیلة رخیصة نسبیاً. ومع انتقال الریاضة من مجال الترفیه والهوایة إلى مجال الاحتراف والمال والشهرة فقد أصبحت تدخل فی الدورة الاقتصادیة کصناعة ناجحة فی المجالات الاستثماریة سواء باعتبارها نشاطاً منتجاً ومساهماً أو نشاط ذات قیمة مضافة ، کما أصبحت تستحوذ على تخصیص جزء کبیر من الدخل الفردی للإنفاق على الاشتراکات فی الصحف والمجلات الریاضیة والقنوات الریاضیة وشراء الأدوات والملابس الریاضیة.

هذا بجانب مساهمة الریاضة فی توفیر القیم التربویة المتصلة بالإنتاج بشکل خاص وبالاقتصاد بشکل عام ، حیث تعتبر العوامل الاجتماعیة ضروریة لتفسیر النمو الاقتصادی. وهنا یرى (T. Schultz) أن القیمة الاقتصادیة للأنشطة التربویة یمکن التعبیر عنها بما أطلق علیه العامل الثالث بعد استبعاده لإسهامات عنصری رأس المال والعمل فی نمو معدل الإنتاج فقد تبین له أن هناک جزءاًً متبقیاً لا یتصل بالعنصرین السابقین ولقد أرجع علماء الاقتصاد هذا الجزء المتبقی إلى عدد من العوامل کان منها آثار التربیة والتعلیم وارتقاء فنون الإدارة وتقدم تقنیات الإنتاج ، والریاضة والتربیة البدنیة کاستثمار طویل المدى له مردود وعائد اقتصادی مرتفع(نزارحبیب عباس،2015).

ومن ناحیة أخرى یؤثر الاقتصاد بشکل کبیر على الریاضة باعتبارها نظاماً اجتماعیاً یشتمل على إمکانات وتسهیلات ومنشآت وأجهزة وأدوات ریاضیة وأجهزة فنیة کوسائل أساسیة لإقامة المنافسات وتساعد على الإعداد والتدریب والمشارکة الشعبیة فی الریاضة، وبالتالی لا یمکن استمراریة الریاضة کنظام اجتماعی دون النظر إلى متطلباتها الاقتصادیة من تمویل کافی لمختلف أوجه أنشطتها مثل میزانیات الأنشطة والبرامج الأدوات والأجهزة، وأجور المدربین والإداریین ومکافآت وحوافز الریاضیین وغیرها. کما تستخدم فی بعض الأنظمة الاقتصادیة المتقدمة کالولایات المتحدة الأمریکیة بعض الموارد الاقتصادیة للدولة کالضرائب فی بناء المنشآت الریاضیة والساحات ودعم الأنشطة الریاضیة. حیث ترصد الولایات المتحدة الأمریکیة سنویا نحو 220 ملیون دولار للجنة الأولمبیة الأمریکیة وتساهم فی موازنة الاتحادات الریاضیة سنویاً. کما تساهم بریطانیا بمبالغ کبیرة فی تمویل الأنشطة الریاضیة بها حیث رصدت فی عام 2014 نحو14 ملیار جنیه إسترلینی لدعم القطاع الریاضی أی ما یعادل نحو 9% من موازنتها العامة. هذا بالإضافة إلى مساهمة فرنسا بنحو 22% لدعم المؤسسات العاملة فی الأنشطة الریاضیة حیث رصدت فی عام 2014 نحو 6.1 ملیار دولار لدعم المؤسسات الریاضیة وأنشطتها المختلفة(transfermarkt.com).

ومن الملاحظ أن معظم المنظمات الریاضیة تعتمد على الدعم المالی الحکومی بشکل کبیر،وهو الأمر الذی یعوق تفکیرها فی الإنفاق على مشروعات استثماریة تحقق لها دخل وإیراد، وبالتالی تصبح إدارات ریاضیة ذات إنفاق سلبی وهو أمر غیر مقبول. لذلک ینبغی علیها التفکیر فی مشروعات تحقق لها إیرادات تدعم بها موقفها المالی ، حیث أن الأنشطة والخدمات فی المنظمات الریاضیة تنقسم إلى قسمین، الأول أنشطة وخدمات لا تحقق أرباح، والثانی أنشطة وخدمات تحقق أرباح، وفى الغالب یتم الإنفاق من القسم الثانی على الأول ، لذلک یتحتم علیها أن توفر التمویل الذاتی من أنشطتها لتغطیة تکالیفها لضمان الاستمراریة مستقبلاً(جریدة اقتصادیات الریاضة،2014).

وتشیر الإحصاءات الریاضیة إلى أن صناعة الریاضة تحتل المرتبة الخامسة فی الاقتصاد الأمریکی ،حیث بلغ حجم الدخل السنوی لهذه الصناعة نحو 97.6 ملیار دولار عام 1999، ثم زاد إلى نحو 155 ملیار دولار عام 2003، ثم تزاید إلى نحو 282.5 ملیار دولار عام 2015, بما یمثل ضعف قطاع الصناعة وسبعة أضعاف صناعة الإنتاج السینمائی ، حیث تشکل نحو 4% من الدخل القومی. کما یبلغ عدد الشرکات الراعیة للأنشطة الریاضیة فی أمریکا نحو 5009 شرکة ، کما توفر هذه الصناعة فی الاقتصاد الأمریکی نحو نصف ملیون وظیفة سنویاً. کما تحتل صناعة الریاضة فی الاقتصاد الایطالی والبرازیلی المرتبة الثانیة، وفى الاقتصاد الیابانی المرتبة الخامسة، وذلک نتیجة الاستثمارات الکبیرة فی هذه الصناعة ومالها من أثار اقتصادیة ایجابیة(Ernst and Young Terco,2016). کما تشیر الإحصاءات إلى أن نسبة مساهمة الریاضة بلغت عام 2015 نحو 3.2 % من حجم التجارة العالمیة وأن نمو صناعة الریاضة عالمیاً أسرع من نمو الناتج المحلی فی بعض الدول المعنیة بها بما یزید على ثلاثة أضعاف. کما بلغت دخول بعض الأندیة الریاضیة فی العالم مثل (Barcelona and Real Madrid) نحو 1.7 ملیار دولار. وفی بعض الأحیان قد یصل سعر لاعب کرة القدم إلى میزانیة شرکة عالمیة، والأبعد من ذلک فإن میزانیة أحد النوادی الریاضیة الشهیرة قد تبلغ أکثر من الموازنة العامة لبعض الدول النامیة. ومما یؤکد على أهمیة الریاضة کصناعة مؤثرة فی اقتصادیات العدید من الدول تزاید حدة المنافسة بین أقوى خمس دول على تنظیم دورة الألعاب الأولمبیة عام 2012 وهی الولایات المتحدة وروسیا وبریطانیا وفرنسا وأسبانیا بسبب أهمیتها الاقتصادیة وما یترتب علیها من أرباح مالیة ومعنویة (Simon Kuper and Stefan Szymanski,2016)).

أما بالنسبة للدول النامیة وبخاصة إفریقیا وأسیا وأمریکا اللاتینیة فتواجه تحدیات کبیرة تعرقل مساهمة الریاضة بشکل فعال فی التنمیة الاقتصادیة بها. حیث تعانی هذه الدول النامیة من هجرة المواهب الریاضیة وبخاصة لاعبی کرة القدم نتیجة الإغراءات المالیة الکبیرة التی یتلقاها ذوى المواهب الریاضیة من جانب الدول المستقبلة کدول الاتحاد الأوروبی وأمریکا وأحیاناً بعض دول الخلیج العربی،مما یؤثر بشکل سلبی على الدول المصدرة لتلک المواهب الریاضیة وعدم الاستفادة الاقتصادیة من هجرة تلک المواهب الریاضیة لدول أخرى(Stterken, E.2015.). هذا بجانب قیام بعض الشرکات الأجنبیة بتصنیع معظم السلع والأدوات الریاضیة فی الدول النامیة بسبب رخص الأیدی العاملة وانتشار ظاهرة تشغیل الأطفال واستغلال ذلک فی قرصنة العلامات التجاریة العالمیة لترویج منتجاتها مما أثر سلبیاً على التنمیة الریاضیة فی الدول النامیة(Robert Baade and Victor Matheson,2014).

ثانیاً: سوق عمل وأجور لاعبی  کرة القدم على المستوى العالمی .

تتسم الأنظمة الریاضیة التی تطبقها بعض الدول بأنها تجمع بین مساوئ النظامین الاشتراکی والرأسمالی، حیث تمتلک الدول التی تطبق النظام الاشتراکی النوادی الریاضیة وتتکفل بنفقاتها وبالتالی تعانى هذه الأندیة الریاضیة غالبا من مشکلات وصعوبات مالیة ، فی حین تطبق الدول التی تتبع النظام الرأسمالی نظام الاحتراف الدولی فی المجال الریاضی بهدف الربحیة.وترجع بدایة نشأة سوق عمل لاعبی کرة القدم العالمی لعام 1950 مع انتقال ثلاثة من لاعبی کرة القدم الموهوبین من المجر إلى فریق (Real Madrid) الأسبانی. ومنذ ذلک الوقت وحتى الیوم، طرأت عدة تطورات على نظام انتقال اللاعبین الموهوبین على المستوى الدولی تحت مسمى الدمج أو التجنیس مما ترتب على ذلک خلق سوق عمل عالمی للمواهب الریاضیة وبخاصة فی مجال کرة القدم. وتعتبر أندیة المحترفین الأوربیة ووکلاء اللاعبین من أکبر المستفیدین فی هذا السوق العالمی ، بسبب الدخل الکبیر الذی یحصلون علیه نتیجة عملیات انتقال الریاضیین الموهوبین من نادی ریاضی إلى نادی أخر، حتى أصبحت هذه اللعبة مهنة وصناعة جاذبة لها بورصة دولیة وأرصدة فی حسابات الأرباح والخسائر فی اقتصادیات العدید من الدول(A.FeddersenL., W. Maennig,2010).

وتتحدد قیمة اللاعب التسویقیة وسعره فی بورصة لاعبی کرة القدم فی معظم دول أوروبا بناء على التسعیرة الایطالیة التی تحدد القیمة المادیة للاعب بناء علی عوامل معینه منها : تاریخ اللاعب الدولی مع منتخب بلاده ، والحصیلة المادیة لقیمة إعلانات اللاعب ، والمرکز الذی یلعب فیه،  وقدرته علی اللعب بالقدمین ، وعمر اللاعب ، وعدد الکیلو مترات التی قطعها فی المباراة الواحدة ، والتزامه داخل الملعب وخارجه ، والبطولات التی حصل علیها ، وقیمة النادی الذی سینتقل إلیه ، والشرط الجزائی فی عقد انتقاله ، والمدة الزمنیة المتبقیة فی التعاقد مع اللاعب ، وعدد الأهداف إذا کان اللاعب مهاجم ، والتوقیت الأمثل للحفاظ علی الشبکة نظیفة إذا کان اللاعب حارس مرمی، بجانب ترک مجال مادی للتفاوض بین النادی الأساسی للاعب والنادی الذی سینضم أو ینتقل إلیه(FlorianHagn and W. Maennig,2010).

ویقصد بالقیمة التسویقیة للاعب المبلغ الذی یحصل علیه اللاعب بجانب المبلغ الذی یحصل علیه النادی الذی یلعب فیه من النادی الذی سینضم أو ینتقل إلیه ، ویجب أن تکون القیمة معلنه فی الحالتین بناء على لوائح واضحة وثابتة. فعندما یقال أن نادی معین هو الأغلى عالمیاً فی قیمة الانتقالات ، فهذا یعنی القیمة التی حصل علیها النادی فقط ولیس اللاعبون فی هذا النادی(Florian Hagn, W. Maennig,2008). وقد شهدت صفقات أسعار انتقال لاعبی کرة القدم الموهوبین بین النوادی الریاضیة الشهیرة على المستوى العالمی ارتفاعاً ملحوظاً ونقطة تحول کبیرة فی أسعار اللاعبین.

وحسب تقریر الوکالة الاستشاریة البرازیلیة ” بلوریس” فقد قدرت أسعار قائمة تضم 64 لاعباً محترفاً باعتبارهم الأکثر قیمة بین لاعبی العالم بنحو 3.7 ملیار دولار فی 2015 ، بزیادة نسبتها 20% عن عام 2011. حیث تبلغ القیمة السوقیة لجمیع اللاعبین فقط فی نوادیReal Madrid, Manchester, United Barcelona, Bayern München  نحو 2.1 ملیار دولار(Ernst and Young Terco,2016).

وطبقاً لتقدیرات مرکز أبحاث ” مرصد لاعبی کرة القدم المحترفین ” عام 2015  یعد اللاعب الأرجنتینی (Leo Messi) میسی فی نادی (Barcelona) اللاعب الأغلى فی العالم، حیث یبلغ سعره السوقی نحو 243 ملیون دولار ، فی حین یأتی فی المرکز الثانی اللاعب البرتغالی Cristiano Ronaldo فی نادی (Real Madrid) ویبلغ سعره السوقی نحو 185 ملیون دولار. کما یقوم النادی بالتأمین على اللاعب Cristiano Ronaldo بما یعادل نحو 142.6 ملیون دولار(transfermarkt.com).

کما یلعب عامل ” نسبة الضرائب ” التی یتم خصمها من عقود اللاعبین، والتی تختلف من دولة أوروبیة إلى آخری ، دوراً هاماً فی التأثیر على الأجور الحقیقة التی یتقاضها اللاعبون. حیث تتفاوت أجور لاعبی کرة القدم المحترفین بصورة کبیرة، فبعض اللاعبین یتقاضون أجوراً  ومرتبات شهریة مرتفعة وبعضهم یتقاضى أجوراً ضعیفة. ویختلف تحدید وتوزیع الأجور من نادی واتحاد ریاضی إلى نادی أخر. حیث تقدر متوسط مرتبات اللاعبین الموهوبین فی کرة القدم على المستوى العالمی عام 2013 بأکثر من نحو 53 ملیون دولار سنویاً بحد أقصى 240 ملیون دولار، وبحد أدنى 1.5 ملیون دولار(Gillian Saunders,2014). وقد أدى الاختلاف الکبیر بین الأجور التی تدفعها الأندیة الریاضیة الغنیة لشراء اللاعبین الموهوبین إلى تزاید حرکة الانتقال من الأندیة الریاضیة الفقیرة إلى الأندیة الغنیة ، وبالتالی زیادة الفجوة فی المواهب الریاضیة بین تلک الأندیة. حیث تزایدت أعداد اللاعبین المهاجرین من خارج دول الاتحاد الأوربی وبخاصة من آسیا وأمریکا اللاتینیة وأفریقیا للعب مع الأندیة الأوروبیة خاصة فی بریطانیا، أسبانیا، إیطالیا، ألمانیا و فرنسا ، وبلجیکا ، والبرتغال ، حیث بلغ عدد اللاعبین الذین هاجروا من بلدانهم للعب فی المنافسات الأوربیة عام 2009 نحو 6.432 لاعباً(Oldenboom, E.R,2009).

وتشیر الإحصاءات الریاضیة إلى أن متوسط نسبة عدد اللاعبین الأجانب المسجلین فی الأندیة الأوربیة ارتفعت من 4.8 % إلى 14.6 % عام 2016. ویعتبر العامل الاقتصادی والتفاوت الکبیر فی الأجور بین الأندیة من أهم الأسباب الدافعة لهجرة هؤلاء اللاعبین(Didier Baudewyns,2012). ویرجع التفاوت الکبیر فی الأجور بین الأندیة الریاضیة لعدة عوامل أهمها: جاذبیة النادی، فوز النادی فی المنافسات الکبیرة ، إیرادات تذاکر دخول المباریات، أموال الرعایة، حقوق بث المباریات، ترویج السلع، حقوق تسمیة الإستادات ، ملکیة النادی، دخل النادی ، ضرائب الدخل التی یدفعها اللاعبون.

کما تشیر إحصاءات العرض والطلب فی سوق عمل لاعبی کرة القدم خلال السنوات الأخیرة إلى تزاید البطالة بین صفوف عدد کبیر من اللاعبین على المستوى العالمی ، فهناک نحو 586 لاعباً فی بریطانیا لم یحصلوا على تعاقدات عمل خلال عام 2009 ، ونفس الحال فی دول أخرى کثیرة من أفریقیا واسیا وأمریکا اللاتینیة. ویرجع ذلک بسبب الزیادة الکبیرة فی أعداد اللاعبین لکرة القدم نتیجة التوسع فی إنشاء مدارس وأکادیمیات ریاضیة جدیدة وتخریج لاعبین جدد لسوق العمل(Florian Hagn, W. Maennig,2010).

وتعتبر کل من أفریقیا وأمریکا اللاتینیة وأسیا المصدر الرئیسی لسوق لاعبی کرة القدم، ففی أمریکا اللاتینیة تعتبر کل من البرازیل والأرجنتین من أکبر الدول المصدرة للاعبی کرة القدم ، وفی آسیا تأتى کل من صربیا، کرواتیا، وأوکرانیا، وفی أفریقیا تعتبر کل من المغرب، غانا، نیجیریا، الکامیرون، ساحل العاج والسنغال من أکبر الدول المصدرة للاعبی کرة القدم. ویرجع المؤشر الرئیسی لنمو الطلب على اللاعبین الأفارقة إلى الأداء المتمیز لهم فی المنافسات العالمیة والإقلیمیة مثل منافسات کأس العالم تحت سن ال17 وکأس الأمم الأفریقیة(Stefan Szymanski,2013).

وتعتبر الأجور المترتبة على عنصر الندرة العامل الرئیسی المحدد لنمو سوق عمل لاعبی کرة القدم العالمی ، حیث ترى أندیة المحترفین الأوربیة أن استخدام لاعبین موهوبین فی کرة القدم من دول نامیة مثل أفریقیا وأمریکا اللاتینیة أقل تکلفة من استخدام اللاعبین الأوربیین. کما یمکنها بیع مواهب هؤلاء اللاعبین مستقبلاً وتحقیق أرباح عالیة. لذلک قامت هذه الأندیة بتطویر شبکات عالمیة للبحث عن اللاعبین الموهوبین والمواهب الریاضیة الواعدة التی یمکن تدریبها بهدف استخدامها مستقبلاً. کما قامت هذه الأندیة بتأسیس مدارس لکرة القدم فی الداخل والخارج لتطویر هذه المواهب الریاضیة لتقلیل حدة الأثار الناجمة عن التضخم فی أسعار اللاعبین. حیث یرى اللاعبین فی الدول النامیة أن الفقر وضعف البنیة الأساسیة وضعف أنظمة التعلیم وغیاب نظم الاحتراف وتدنى الأجور والفساد فی هذه الدول من العوامل الرئیسیة المشجعة والجاذبة لهم للبحث عن فرص عمل وحیاة أفضل فی أوروبا حیث تتوفر فیها أحدث إمکانیات الإشراف والرعایة الصحیة والتدریب وارتفاع الأجور مقارنة بالدول النامیة(Wolfgang Maennig and Port Elisabeth,2014).

ومن العوامل التی ساعدت على سرعة نمو سوق عمل لاعبی کرة القدم العالمی أیضا القرار الصادر من محکمة العدل الأوربیة فی 15 ینایر 1995 فی قضیة اللاعب البلجیکی (Marc Bosman) ضد نادی (R.F.C) الذی رفض إطلاق سراح اللاعب للانتقال إلى نادی فرنسی بحجة أن النادی الفرنسی لم یدفع تعویضاً کافیاً. وفى النهایة قضى قرار المحکمة  بحریة أی لاعب فی الانتقال من نادی إلى نادی آخر عندما ینتهی عقد عمله دون دفع أی تعویض للنادی الأصلی ، والسماح لأندیة دول الاتحاد الأوربی باستخدام أی عدد من اللاعبین من داخل دول الاتحاد، ومنع الاتحادات الأوربیة المحلیة والاتحاد الأوربی لکرة القدم من فرض حصص للاعبین الأجانب المسموح بتسجیلهم فی تلک الأندیة الأوربیة(Stan Du Plessis and Cobus Venter,2013). ولقد کان لهذا القرار أثار کبیرة على سرعة نمو سوق عمل لاعبی کرة القدم العالمی تمثلت فی حصول الاتحاد الدولی للاعبی کرة القدم المحترفین الذی تأسس عام 1966 على اعتراف کل من FIFA والاتحاد الأوربی لکرة القدم مما أدى إلى زیادة القوة التفاوضیة للاعبین ، ارتفاع أجور اللاعبین بصورة کبیرة إلى أربعة أضعافها وفی بعض الحالات زادت أجور اللاعبین عن دخل الأندیة الریاضیة.

وتعتبر الأجور العالیة التی تدفع للاعبی کرة القدم شهریاً أو فی حالة الانتقال من نادی إلى نادی أخر غیر منطقیة مقارنة بالأجور المتدنیة فی القطاعات الوظیفیة الأخرى. ویمکن تفسیر ذلک  بالدور الذی یلعبه مفهوم الندرة فی مجال هذه اللعبة مقارنة بالطلب علیهم ، والمنافع الکامنة والدخول العالیة التی یمکن أن یضیفها هؤلاء اللاعبین الموهوبین فی مجال هذه اللعبة لنوادیهم الریاضیة بموهبتهم النادرة والمتمثلة فی زیادة احتمالات الفوز، وزیادة شعبیة النادی، ورفع ترتیب النادی عالمیاً ، والمنفعة التی یحصل علیها المشاهدین فی مختلف دول العالم من ممارسة هؤلاء اللاعبین الموهوبین للعبة.. إلخ.  فرغم أن عدد سکان العالم یتجاوز 7 ملیار شخص، إلا أن اللاعبین الموهوبین منهم فی مجال هذه اللعبة لا یتجاوز المئات أی ندرة کبیرة جدا (Zimbalist A,2015.). ومن المعروف أن العنصر النادر یحصل على دخل ریعی کبیر بناء على أهمیة هذا العنصر للمستهلکین ، ومثال ذلک حالة نقل اللاعبCristiano Ronaldo إلى نادی (Real Madrid) الریاضی بثمن تاریخی مرتفع بلغ نحو 185 ملیون دولار ومرتب شهری عالی یمثل نحو 3.2 % من دخل النادی الریاضی سنویاً(محمد إبراهیم السقا،2010).

والسؤال المطروح: ما السبب وراء دفع نادی (Real Madrid) الریاضی هذا المبلغ ثمناً لشراء لاعب واحد ، بجانب هذا المرتب الشهری المرتفع ؟ وما هو حجم المیزانیة التی یحتاج إلیها أی نادی لکرة القدم من أجل الاستثمار فی شراء اللاعبین الموهوبین فی حالة الرغبة فی تکوین فریق تنافسی لکرة القدم. لقد حققت بعض النوادی الریاضیة أرباحاً مباشرة تقدر بنحو 550 % نتیجة عملیة شراء وبیع لاعب موهوب، أی أن سعر اللاعب الموهوب یتزاید فی المتوسط بنسبة 100 % سنویاً ، وبالتالی لا یوجد أی أصل من الأصول فی أی قطاع استثماری أخر یحقق هذا القدر الکبیر من الأرباح. ویجب الإشارة إلى أن القیمة الحالیة لتدفقات العوائد المستقبلیة المباشرة وغیر المباشرة لشراء اللاعب النادر والموهوب تفوق بشکل کبیر القیمة الاسمیة للمبلغ المدفوع فیه (185 ملیون دولار). ومما یؤکد هذه الحقیقة أن العائد الذی یحققه النادی الریاضی من وراء شراء اللاعب الموهوب خلال عام واحد فقط قد یفوق بکثیر التکلفة الکلیة التی دفعها النادی الریاضی فی هذا اللاعب مثل حصیلة بیع تی شیرت اللاعب Cristiano Ronaldo والتی بلغت 230 ملیون دولار فی عام 2013 لصالح نادی (RealMadrid) الریاضی، أی أن القیمة الحقیقیة أعلى من القیمة الاسمیة للاعب بکثیر(أحمد حسن أحمد،2014 ، محمد إبراهیم السقا ،2010).

وبالرغم من الأثار الایجابیة التی تحققها بعض النوادی الریاضیة الشهیرة من انتقال وضم بعض اللاعبین الموهوبین إلیها من دول کثیرة ، إلا أن هناک بعض الأثار السلبیة المؤثرة على سوق عمل وأجور لاعبی کرة القدم العالمی من أهمها التهرب الضریبی وانتشار نظام السمسرة ، حیث یقوم السمسار ببیع اللاعب بقیمة أسمیة أکثر من القیمة الحقیقیة له بهدف الحصول على نسبة عمولات عالیة. کما أن المنافسة الشدیدة والاحتراف دفعت بعض النوادی الریاضیة الغنیة إلى شراء اللاعبین دون الاستفادة منهم ولکن بهدف حرمان النادی الریاضی المنافس من اللاعب فقط. بالإضافة لذلک فإن الاستخدام المفرط للاعبین الأفارقة فی الأندیة الأوربیة یؤدى إلى إضعاف مستوى اللعبة فی الدول المصدرة للاعبین، حیث أن أفضل المواهب تهاجر للعمل فی الأسواق العالمیة ، وهو ما یمثل اغتصاب اجتماعی واقتصادی وسرقة لأفضل مواهب لاعبی الدول النامیة. بجانب انتشار عملیات التجنیس والتی تعتبر من أخطر أسالیب انتقال اللاعبین بین الأندیة وتؤدی إلى طمس هویة الفرق القومیة ، ومن الملاحظ انتشار هذه الظاهرة فی بعض دول الخلیج العربی، وکذلک فریق ساحل العاج المشکل من کل المغتربین فی إحدى منافسات کأس الأمم الأفریقیة ، بجانب أن 21% فقط من جملة اللاعبین المشارکین لخمس دول أفریقیة فی المنافسة النهائیة لبطولة کأس العالم 2014 کانوا من اللاعبین المحلیین والباقی من الأجانب، کما أن استخدام اللاعبین صغار السن من الأجانب دون سن الثامنة عشرة من جانب سماسرة اللاعبین غیر المرخصین یمثل عملیات اتجار بالأطفال ویخالف نص المادة (19) من قانون FIFA(Victor Matheson and Robert Baade,2015).

بجانب ذلک فإن اللاعبون المحترفون یحصلون على عوائد مالیة ومعنویة تفوق ما یحصل علیه العلماء فی المجتمع، وذلک لأن الطلب على الریاضة داخل المجتمع یفوق الطلب على العلم. فلم تعد الریاضة متاحة للجمیع، بل أصبحت مقصورة على فئة محدودة جداً من اللاعبین المحترفین لأسباب اقتصادیة. حیث أن معظم فئات المجتمع تعتبر مشاهدة للریاضة فقط، ولیست مشارکة فیها، وهو ما یعد من سلبیات نظام الریاضة الاحترافیة الحالی. هذا بجانب اتجاه بعض الدول لتوفیر کل الإمکانیات المالیة لهؤلاء اللاعبین على حساب الفقراء والأغنیاء من دافعی الضرائب على حد سواء. حیث یصل متوسط مرتبات العلماء وغیرهم من الفئات المتمیزة مثل القضاة ورجال السلک الدبلوماسی إلى أقل من 1% من مرتبات اللاعبین سنویا(نزار حبیب عباس،2015). وقد تکون النتیجة المترتبة على تلک الفجوة الکبیرة فی الأجور تدنى کل من قیمة العمل والإنتاج، بغض النظر عن الفوائد الاقتصادیة الأخرى المرتبطة بهذه الظاهرة.

وأخیراً اعتماد بعض النوادی الریاضیة لکرة القدم فی الدول الرأسمالیة على أسلوب المقامرات والمراهنات بشأن الفائز فی المباریات، حیث تقوم بعض المکاتب الاقتصادیة فی المناسبات الریاضیة بممارسة أنشطة المقامرة. ویعد ذلک أحد الوسائل المستخدمة فی عملیات غسل الأموال، وتقع تحت مراقبة الإنتربول والسلطات الأوروبیة. حیث یسجل من یرغب من الجمهور توقعاتهم بشأن الفائز فی المباراة مقابل دفع مبلغ معین، وفى حالة صحة توقعاتهم یحصلون على أرباح تصل لمبالغ عالیة ، کما یحصل أصحاب مکاتب المراهنات ورؤساء النوادی ومدیری الاتحادات الریاضیة من خلال هذه العملیة على مبالغ کبیرة. الأمر الذی ترتب علیه مزید من الفساد والتجاوزات الأخلاقیة لدى الحکام والمدیرین الریاضیین. هذا بجانب قیام لجنة أخلاقیات الاتحاد الدولی لکرة القدم إلى معاقبة أعضاء فیه تقاضوا أموالاً من دول للتصویت لها لتنظیم کأس العالم(Ahlert, G,2010). وقد أشارت بعض المعلومات إلى قیام الاتحاد الدولی لکرة القدم ” FIFA” بالتأثیر أحیاناً على الحکام لتغییر نتائج المباریات بما یتعارض مع توقعات المراهنین من الجمهور بهدف خسارة الرهانات، والاستفادة من المبالغ الکبیرة التی راهن علیها الجمهور(أحمد فلاح ، عبدالکریم معزیز،2014).

ثالثاً : التکلفة والعائد الاقتصادی فی صناعة کرة القدم .

لم تعد الیوم مسابقات کرة القدم بما فی ذلک بطولة کأس العالم متاحة بصورة مجانیة کما کانت فی الماضی ، بل أصبحت الیوم متاحة فقط لمن یدفع ، وذلک نتیجة دخول القنوات التجاریة والریاضیة المتخصصة مجال هذه الصناعة والهادفة إلى الربح بسبب زیادة عدد المشترکین فی هذه القنوات. وبالرغم من رفع تکلفة خدمة المشاهدة للمستهلک النهائی، إلا أن أعداد المشاهدین لهذه اللعبة لم ینخفض نتیجة تحول اهتمام عشاق هذه اللعبة من النطاق المحلی إلى النطاق العالمی. ومع تزاید أعداد المشجعین لهذه اللعبة على المستوى العالمی زادت حدة المنافسة بین القنوات التجاریة والریاضیة سواء من حیث جودة تقدیم الخدمة أو السعر مما أدى إلى تخفیض تکلفة الاشتراک من جانب تلک القنوات التجاریة والریاضیة نتیجة الاستفادة من اقتصادیات الحجم. وقد صاحب تحول صناعة کرة القدم نحو القنوات التجاریة والریاضیة المتخصصة انتقادات کثیرة بسبب الحرمان المحتمل لفئة کبیرة من حق المشاهدة المجانیة للبث التلفزیونی نتیجة تحولها إلى خدمة خاصة للقادرین على الدفع فقط  أو ما یعرف بمبدأ الاستبعاد (محمد إبراهیم السقا ،2010).

والحقیقة أن البث التلفزیونی المجانی للمباریات یقوم فی الواقع على أساس فرضیة رئیسیة وهى أن لعبة کرة القدم لیست بحاجه إلى المال، وهی فرضیة غیر صحیحة فی الواقع، حیث أن النوادی الریاضیة الغنیة یمکنها أن تضم أفضل اللاعبین بأسعار مرتفعة والحصول على عروض جیده من الناحیة المالیة ومقابل أفضل لحقوق البث التلیفزیونی المباشر والعکس صحیح فی النوادی الریاضیة الفقیرة مالیاً.

ومما لاشک فیه أن المنافسة غیر المتکافئة بین نوادی کرة القدم على المستوى العالمی أدت إلى خلق سوق من المنافسة الاحتکاریة فی اللعبة على المستوى الدولی، حیث تنقسم النوادی الریاضیة لکرة القدم إلى قسمین؛ الأول ویشمل النوادی الریاضیة الغنیة الشهیرة والتی یمکنها ضم أفضل اللاعبین الموهوبین إلیها بأسعار مرتفعة ، الأمر الذی یترتب علیه زیادة إیرادات وأرباح تلک النوادی ، والقسم الثانی ویشمل النوادی الریاضیة الفقیرة والتی تعانى من مشکلات وصعوبات مالیة نظراً لعدم قدرتها التنافسیة على ضم وشراء اللاعبین الموهوبین (محمد إبراهیم السقا ،2010).

وتتحمل النوادی الریاضیة الشهیرة تکالیف وأجور عالیة تتمثل فی دفع مرتبات عالیة للعاملین فی النادی الریاضی سواء لاعبین أو مدربین أو عاملین ، بجانب ضم وانتقال لاعبین موهوبین إلیها. وقد تؤدی هذه التکلفة العالیة أحیاناً إلى وقوع بعض هذه النوادی الریاضیة فی مصیدة الدیون التی یمکن أن تؤثر سلبیاً على مستقبل النادی الریاضی مثل دیون نادی (Manchester United) الریاضی التی تبلغ نحو 869 ملیون دولار، والمقدرة بنحو 45 % من ثروة النادی عام 2014. کما یقوم نادی (Real Madrid) الریاضی بتحمل تکالیف مرتفعة بلغت خلال نفس العام نحو 732 ملیون دولار فی صورة مرتبات وتعویضات وانتقال أفضل اللاعبین إلیه. وبالرغم من تحمل النوادی الریاضیة لهذه التکالیف العالیة، إلا أنها تحصل من وراءها على أرباح کبیرة (Dennis Coates,2015).

ومع تزاید الإنفاق المستمر على تطویر صناعة لعبة کرة القدم تطورت نوعیة الإیرادات والعوائد التی تحصل علیها النوادی الریاضیة، والتی لم تعد مقتصرة على رسوم أعضاء تلک النوادی وإیرادات حقوق البث التلیفزیونی ومبیعات التذاکر، بل شملت الإعلانات والعلامات التجاریة ، وملابس اللاعبین ، ومبیعات مجموعة کبیرة من السلع والخدمات التی تحمل شعار النادی الریاضی أو اسمه أو صور لاعبیه ، وأسم الشرکة المطبوع على ملابس اللاعبین. بالإضافة إلى علامة الشرکة التی تصنع الملابس الریاضیة للنادی والتی تمثل مصدراً هاما للدخل(Maria Hedman,2014).

ومن أهم النوادی الریاضیة الغنیة فی العالم خمسة نوادی وهی (Manchester United) الإنجلیزی، وتبلغ ثروته 1.84 ملیار دولار، (Real Madrid) الإسبانی وتبلغ ثروته 1.32 ملیار دولار، (Arsenal) الإنجلیزی وتبلغ ثروته 1.18 ملیار دولار، (Barcelona) الإسبانی وتبلغ ثروته 1.1 ملیار دولار، (Bayern München) الألمانی وتبلغ ثروته 990 ملیون دولار. وتتمتع هذه النوادی الریاضیة الغنیة بمیزة نسبیة مقارنة بباقی النوادی الریاضیة الأخرى، فی قدرتها على تولید الدخول والأرباح داخل وخارج بلادها، وذلک من خلال رسوم العضویة بها، ومبیعاتها السلعیة والخدمیة، بجانب جاذبیتها لحقوق البث التلفزیونی(محمد إبراهیم السقا، 2010).

حیث حقق نادی (Real Madrid) الریاضی عام 2014 أعلى دخل وصافى ربح مقارنة بباقی نوادی العالم الریاضیة فقد بلغ دخل النادی نحو 563 ملیون دولار، کما بلغ صافی الأرباح نحو 226 ملیون دولار. کما قدرت إیرادات البث التلیفزیونی المباشر لمباریات (Real Madrid) خلال 7 سنوات والتی انتهت فی 2014 مع محطة Media pro  الإسبانیة بنحو 1.5 ملیار دولار. کما حقق نادی (Manchester United) الریاضی دخول مرتفعة نتیجة تعاقده مع احدی الشرکات لصناعة الملابس الریاضیة للنادی والتی تحمل علامة شرکة Nike، والتی تدفع للنادی نحو 490 ملیون دولار مقابل عقد لمدة 13 عاماً ینتهی فی عام 2017، بجانب  حصول النادی على 50 % من أرباحها فی بیع بعض السلع(أحمد فاروق عبدالقادر ،2015).

أما نادی (Barcelona) الریاضی فقد حقق نمواً کبیراً فی صناعة کرة القدم سواء من حیث الترتیب العالمی، أو من حیث النمو فی الإیرادات والثروة، حیث ارتفعت إیرادات البث التلفزیونی للنادی فقط من 59 ملیون دولار فقط عام 2009، إلى 262 ملیون دولار عام 2014. بجانب الدخول والأرباح الأخرى التی یحصل علیها النادی من مبیعات التذاکر والإعلانات والعلامات التجاریة ، وملابس اللاعبین والتی تقدر بنحو 327 ملیون دولار خلال نفس العام. کما یعتبر نادی (Chelsea) من أکبر النوادی الأوروبیة فی الحصول على إیرادات من مشجعیه بواقع نحو 2500 دولار من کل مشجع فی صورة تذاکر لحضور ومشاهدة المباریات بالإضافة إلى إیرادات أخرى غیر مباشرة(Robert Baumann and Victor Matheson,2015).

وجدیر بالذکر أن معظم النوادی الریاضیة العالمیة تواجه مشکلة تحقیق التوازن المناسب بین تکلفة اللاعبین والإیرادات التی تحققها تلک النوادی. وبالرغم من أن معظم النوادی الریاضیة تعتبر اللاعبین الموهوبین بها ثروة بسبب أسعارهم المرتفعة ، إلا أن هناک وقت معین یضطر فیه النادی لبیع کل لاعب بالسعر المناسب أو حسب ما هو معروف بدورة حیاة اللاعب(S. Allmers, W.Maennig,2009).

ونظراً لأن لعبة کرة القدم هی لعبة تنافسیة لذلک فإن النوادی الریاضیة الفقیرة والغیر قادرة على المنافسة بسبب ارتفاع التکالیف وأجور اللاعبین الموهوبین غالبا ما تهبط  إلى الترتیب الأقل، مما یعنى تراجع إیراداتها بشکل کبیر وقد لا تستطیع الاستمرار فی ظل تحمل الأعباء المالیة وتراکم الدیون. وقد یترتب علی ذلک تسرب اللاعبین المتمیزین منها وعدم إمکانیة الحفاظ علیهم ، بالإضافة إلى احتمال تعرض بعض هذه النوادی للإفلاس وبالتالی خروجها من دائرة المنافسة الریاضیة فی الوقت الذی تحتاج فیه هذه اللعبة لمشارکة عدد کبیر من النوادی والفرق الریاضیة. وهو الأمر الذی لا یمثل خسارة لتلک النوادی فقط، وإنما خسارة للدوری الذی تلعب فیه ککل، بالإضافة إلى المخاطر المحتملة التی تهدد النوادی الریاضیة الغنیة أیضاً بسبب حاجتها الضروریة لنوادی ریاضیة أخرى للمنافسة الریاضیة معها. وهو الأمر الذی یتطلب نوعاً من التعاون والاعتماد المتبادل بین نوادی کرة القدم الغنیة والفقیرة ، بجانب تشجیع الاستثمار الخاص فی هذه الصناعة بهدف وجود عدد کافی من النوادی الریاضیة القادرة على مواجهة تکالیفها لضمان استمراریة المنافسة الریاضیة مستقبلاً(محمد إبراهیم السقا،2010).

رابعاً: الأثار الاقتصادیة المترتبة على استضافة دولة معینة لبطولة کأس العالم لکرة القدم .

تختلف الأثار الاقتصادیة المترتبة على تنظیم واستضافة بطولة کأس العالم لکرة القدم من دولة إلى أخرى من حیث الإنفاق على تنظیم البطولة والدخل الإجمالی المحقق والمساهمة فی الناتج المحلى الإجمالی والعائد على الاستثمار وخلق الوظائف والحد من البطالة وجذب الاستثمار الأجنبی وتنمیة العلاقات التجاریة واستدامة الفوائد الاقتصادیة عقب انتهاء البطولة. بالإضافة إلى التقدیر الدولی للدولة المضیفة، والاهتمام الإعلامی العالمی بشأن الدولة المضیفة (بنک قطر للتنمیة ،2011). کما یتوقف النجاح الاقتصادی للدولة المضیفة والمنظمة للبطولة على طریقة وإستراتیجیة تعامل الدولة مع هذا الحدث العالمی والتخطیط والاستعداد له مالیاً وتنظیمیاً وتقنیاً وإداریاً ولوجستیاً قبل وأثناء وبعد انتهاء البطولة(Kurscheidt, M.,2014). وجدیر بالذکر أن هناک ثلاثة أبعاد لمساهمة کأس العالم فی الاقتصاد المحلی للدولة المضیفة تتمثل فی النشاط التحضیری للحدث الریاضی العالمی (البنیة التحتیة والنقل وبناء الإستادات الریاضیة ووسائل الإعلام) ثم الحدث الریاضی نفسه (صناعة السیاحة والفنادق، وقطاع الخدمات الأخرى) وأخیراً التأثیر طویل المدى للحدث الریاضی (التجارة والاستثمار والسیاحة).

أ- الأثار الاقتصادیة الایجابیة المترتبة على تنظیم مسابقة کأس العالم لکرة القدم.

مما لا شک فیه أن استضافة دولة معینة تنظیم بطولة کأس العالم لکرة القدم یحقق لها العدید من الفوائد الاقتصادیة الایجابیة سواء على المدى القصیر أو البعید. ففی الأجل القصیر ینتعش الطلب الکلی نتیجة الزیادة المتوقعة فی السیاحة الریاضیة من مشجعی کرة القدم ، بجانب تحسین قیمة العملة الوطنیة بسبب زیادة الطلب على عملة الدولة المنظمة للبطولة، حیث یزداد الطلب على حجز الفنادق ومبیعات شرکات الطیران، والمطاعم والمقاهی والمشروبات وغیرها. کما تزداد حرکة النقل الداخلی عند الانتقال من مکان إلى آخر بین مختلف المدن فی الدولة المضیفة لمتابعة المسابقة، کما ترتفع مبیعات الأجهزة الإلکترونیة، کما تزداد مبیعات المعدات والملابس الریاضیة وبخاصة من القمصان والأحذیة، والتی انتعشت بفضلها صناعات النسیج ،کما یزداد الطلب على وسائل الاتصال وخدمات الإنترنت وغیر ذلک من بنود الإنفاق الأخرى.

وهناک مجموعة من العوامل التی یجب أن تؤخذ فی الاعتبار عند حساب دخل وأرباح الدولة المستضیفة والمنظمة لبطولة کأس العالم لکرة القدم أهمها الحجم والقدرة الاقتصادیة للدولة المضیفة ، وعدد السکان ، والموقع الجغرافی، والخبرة السابقة فی تنظیم البطولة، والوضع الاقتصادی العالمی السائد فی وقت تنظیم البطولة (نظمت جنوب إفریقیا البطولة فی وقت کان العالم یعانی من أزمة اقتصادیة) ، والقدرة الشرائیة للجماهیر، وقیمة العملة فی وقت تنظیم البطولة ، وأسماء الدول المتأهلة للمسابقة ، وتکالیف تنظیم البطولة، وبناء المرافق والبنیة الأساسیة، وحصة FIFA من البطولة ، واللجنة المنظمة للبطولة، والضرائب المفروضة على الدخول المتنوعة للبطولة. بالإضافة إلى مبیعات التذاکر، وحقوق رعایة وتسویق المسابقة، وحقوق ترخیص المنتجات ، والصحافة والدعایة والإعلان لتسویق السلع والخدمات، وبیع حقوق البث الإذاعی والتلفزیونی(StefanSzymanski,2013).

1- الأثر على السیاحة فی الدولة المنظمة للبطولة.

تجدر الإشارة إلى أن متوسط عدد السائحین للدولة المضیفة لبطولة کأس العالم لکرة القدم حسب إحصاءات الإقامة بالفنادق والوصول بالمطارات فی تجارب الدول التی نظمت المسابقة من قبل یقدر بنحو 600 ألف سائح خلال فترة تنظیم المسابقة، حیث یقدر متوسط إنفاق السائح الواحد منهم بنحو 5000 دولار، أی أن الدخل السیاحی المتوقع للدولة المضیفة یصل إلى نحو 3 ملیار دولار. ویعتمد هذا الدخل على عدد السیاح وطول فترة إقامتهم ومتوسط الإنفاق الیومی للسائح والأثر المحتمل للمزاحمة فی السوق السیاحی (Sapa,J.M, 2013. وبالرغم من أن هذا النوع من الإنفاق یتسم بأنه إنفاق مؤقت، إلا أنه یؤدى إلى ارتفاع فی مستویات الطلب الکلی وبالتالی زیادة معدلات النمو، الأمر الذی یترتب علیه ارتفاع الأداء الاقتصادی للدولة المضیفة بشکل مؤقت.

وقد کان لاستضافة الموندیال فی روسیا أثار إیجابیة على السیاحة والبنی التحتیة، الأمر الذی من المحتمل أن یعزز دعم الاقتصاد الروسی خلال السنوات الخمس المقبلة بقیمة تتراوح بین 2.4 – 3.3 ملیار دولار سنویاً. ویعد قطاع السیاحة من القطاعات التی تأثرت ایجابیاً باستضافة روسیا لبطولة کأس العالم 2018 وحقق مکاسب ساهمت فی دعم الناتج المحلی الإجمالی لعام 2018 بنحو 121 ملیار روبل (1.95 ملیار دولار). حیث بلغت الزیادة فی أعداد السیاح الأجانب لروسیا نحو 15% خلال فترة بطولة کأس العالم، بجانب الزیادة فی أعداد السیاح المحلیین بمعدل 20 – 25%. کما شهدت قطاعات الأغذیة والإقامة والاتصالات والنقل انتعاشاً ورواجاً نتیجة الأرباح المحققة خلال فترة الموندیال (2018Andrew zembalist,).

2- العائد على الإنفاق الاستثماری للدولة المنظمة للبطولة.

تقوم الدولة المضیفة لتنظیم بطولة کأس العالم لکرة القدم بالإنفاق على تنظیم المسابقة ، حیث یتطلب هذا الإنفاق فترة زمنیة طویلة بسبب الشروط التی تتطلبها ” FIFA  ” من الدولة المنظمة لبطولة کأس العالم. حیث تشترط FIFA على الدولة المنظمة للبطولة توفیر 8 ملاعب حدیثة على الأقل ، ویفضل أن تکون 10 ملاعب تتسع لعدد کبیر من المشجعین، بحیث لا تقل الطاقة الاستیعابیة للملعب الواحد عن 40 ألف مشجع، ویقدر متوسط الإنفاق على الملعب الواحد بنحو 400 ملیون دولار(Schutte, N.,2010). کما تقوم الدولة المضیفة بتوسیع بنیتها التحتیة وطاقتها الفندقیة بجانب القیام بتوفیر بعض التسهیلات الریاضیة الأخرى من کهرباء وماء ومطارات وموانئ ومستشفیات وطرق ومواصلات وسکک حدیدیة واتصالات وخدمات الأعمال السیاحیة والخدمات الأمنیة، ومنافذ لتجارة التجزئة، ومطاعم ووسائل ترفیه وغیرها من الخدمات الأخرى، وهو الأمر الذی یتطلب قدر کبیر من الإنفاق من جانب الدولة المنظمة للبطولة.

وقد بلغت تکالیف التجهیز لبطولة کاس العالم 2014 فی البرازیل نحو 11 ملیار دولار أمیرکی. حیث خصص الإتحاد الدولی لکرة القدم FIFA للبطولة نحو 576 ملیون دولار، منها 35 ملیون دولار للفائز الأول ، 25 ملیون دولار للثانی ، 22 ملیون دولار للثالث ، 20 ملیون دولار للرابع ،14 ملیون دولار للفرق التی وصلت إلى دور الثمانیة ،9 ملیون دولار للفرق التی وصلت إلى دور الستة عشر ، کما خصص 8 ملایین دولار کحد أدنى للمنتخب الذی خرج من الدور الأول. وبذلک یعتبر موندیال البرازیل 2014 الأغلى فی تاریخ بطولات کأس العالم بعد موندیال روسیا عام 2018 (14 ملیار دولار) مقارنة بتکالیف تنظیم البطولات السابقة فی کل من ألمانیا التی أنفقت على بطولة کاس العالم 2006 نحو 6 ملیارات دولار، ثم کل من الیابان وکوریا الجنوبیة نحو 5 ملیارات دولار عام 2002، ثم جنوب أفریقیا عام 2010 فی المرتبة الخامسة نحو 4.3 ملیارات دولار، وفرنسا عام 1998 نحو 340 ملیون دولار، ومثلها الولایات المتحدة الأمیرکیة عام 1994(Ernst and Young Terco,2016, Schutte, N.,2010).

وقد بلغت میزانیة التحضیرات للبطولة والإنفاق على المشروعات الاستثماریة فی روسیا لتنظیم بطولة کأس العالم 2018 نحو 870 ملیار روبل (حوالی 14 ملیار دولار)، منها 487 ملیار روبل تم تخصیصها من المیزانیة الاتحادیة، ونحو 198 ملیار روبل خصصت من میزانیات الأقالیم الروسیة، ونحو 185 ملیار روبل تم إنفاقها من القطاع الخاص الاستثماری. حیث تم إنفاق نحو 6.1 ملیار دولار فی مشروعات البنی التحتیة (النقل بما فی ذلک المطارات والطرق والسکک الحدیدیة) ، تلیها مشاریع بناء الملاعب (بناء وتجدید 12 ملعب فی 11 مدینة) بنحو 3.5 ملیار دولار، ثم أماکن الإقامة (بناء 27 فندقاً جدیداً فی المدن المستضیفة للبطولة) بنحو 700 ملیون دولار. وقد خضعت المیزانیة الروســیة للتحدیث أکثر من 12 مرة منذ إعلان فوز روسیا بتنظیم الموندیال قبل ثمان سنوات من إقامة البطولة. ومن المتوقع أن تساهم هذه النفقات المتزایدة فی تحقیق نمواً إضافیاً بمعدل 1% نتیجة الاستثمارات التی تم تنفیذها خلال فترة التحضیر لبطولة کأس العالم 2018. وقد أدى هذا الإنفاق المتزاید قبل تنظیم البطولة إلى زیادة التضخم فی روسیا بنسبة تتراوح بین 0.2 – 0.3%، إلا أن زیادة الطلب علی الروبل أمام الدولار خلال فترة الموندیال أدى إلى تحسن واضح فی قیمة الروبل بمعدل بلغ (2-3%) مقارنة بالدولار (Denis Davydov,2018 ).

وبالرغم من أن إنفاق کل من روسیا والبرازیل على البطولة یعد الأغلى فی تاریخ بطولات کأس العالم ، إلا أنه یعد ضئیل بالمقارنة مع الإنفاق المتوقع من جانب قطر للتحضیر لکأس العالم لکرة القدم 2022 والمقدر بنحو200 ملیار دولار( بنک قطر للتنمیة،2011).

کما قدرت موازنة FIFA للأعوام 2015 – 2018 بنحو 4.9 ملیار دولار ، منها 2.15 ملیار دولار تم تخصیصها لکأس العالم 2018 فی روسیا، کما أن نحو78 % من الموازنة ستستثمر بشکل مباشر فی کرة القدم. وتأتی عائدات FIFA من حقوق البث التلفزیونی 1.7 ملیار دولار بنسبة 65% من عائدات FIFA الکلیة ، عائدات التسویق 1.4 ملیار دولار، کما بلغ صافى ربح  FIFA من کأس العالم فی البرازیل نحو 2 ملیار دولار ( العائدات – النفقات). کما بلغت قیمة أغلى تذکرة حضور للمباراة النهائیة نحو 990 دولار لعامة الجمهور، وللشخصیات الهامة VIP لحضور المباراة النهائیة نحو 50 ألف دولار(Didier Baudewyns,2014).

وتختلف استفادة کل دولة منظمة ومستضیفة للبطولة من العائد على الإنفاق الاستثماری لها سواء فی المدى القصیر أو الطویل حسب درجة تخطیطها واستعدادها. فعلى سبیل المثال، قامت کل من الیابان وکوریا الجنوبیة بإنشاء وتطویر 20 ملعب لاستضافة هذا الحدث العالمی بتکلفة قدرت بنحو4,9 ملیار دولار. وبالرغم من أن کوریا الجنوبیة قامت ببناء 10 ملاعب بالکامل، إلا أن العائد على استثمارها کان کبیر مقارنة بالیابان التی اعتمدت فقط على تحدیث وتوسیع معظم ملاعبها. حیث ظلت جمیع الملاعب فی کوریا الجنوبیة الملعب الرئیسی للفرق الکوریة الجنوبیة عقب انتهاء البطولة ، بینما لم تستطع الیابان الاستفادة سوى من ملعبین فقط. وهذا یوضح أن اختلاف عملیات التخطیط لها تأثیر هام على العائد من الاستثمار وبخاصة فی المدى الطویل (W.Maennig and F. Schwarthoff,2013).

وجدیر بالذکر أن استضافة البطولة فی الدول المتقدمة والغنیة لا یترتب علیها إنفاق کبیر، حیث أن هذه الدول مجهزة مسبقا على المستوى الریاضی والسیاحی والبنی التحتیة، فی حین أن الدول الفقیرة غیر المجهزة تتحمل تکالیف باهظة للتجهیز قد تصل إلى درجة المخاطـرة بالتوازن المالی فی بعض الأحیان.

ومن ناحیة أخرى حققت المنافسات السابقة لبطولة کأس العالم لکرة القدم عوائد ایجابیة على اقتصادیات الدول المستضیفة للبطولة، حیث حققت نحو 9 ملیار دولار أمریکی للیابان وکوریا الجنوبیة عام 2002، ونحو 12 ملیار دولار أمریکی لألمانیا عام 2006 ، ونحو5 ملیار دولار أمریکی لجنوب أفریقیا عام 2010 ، ونحو13 ملیار دولار أمریکی للبرازیل عام 2014 ، وأخیراً حقق الاقتصاد الروسی من استضافة کأس العالم عام 2018 عوائد تقدر بنحو 13.5 ملیار دولار، أی ما یعادل 1% من حجم الناتج المحلی الإجمالی فی روسیا، بجانب المساهمة فی توفیر280 ألف فرصة عمل خلال فترة التجهیز للبطولة فقط. وبالرغم من تحقیق البرازیل لدخل مرتفع من تنظیم کأس العالم ، إلا أن ذلک کان أقل بکثیر من توقعاتها قبل تنظیم البطولة حیث توقعت تدفق نحو خمسة أضعاف الإنفاق على البطولة أی نحو 70 ملیار دولار، هذا بجانب تولید دخول فی الاقتصاد المحلی لها تقدر بـنحو 28 ملیار دولار، وهو ما یساعد على تعزیز النمو الاقتصادی بها. هذا بجانب الأثر الاقتصادی المتمثل فی تحقیق نحو 1-2% للناتج المحلی الإجمالی للدولة نتیجة تنظیم واستضافة کأس العالم لکرة القدم(Robert Baumann and Victor Matheson,2015). وجدیر بالذکر أن الاستثمار فی البنیة التحتیة له أثار ایجابیة کبیرة على المدى الطویل أهمها تعزیز رصید رأس المال الثابت، وتحسین مستویات الإنتاجیة، ورفع الأداء التنافسی لاقتصاد الدولة المضیفة، وهی أثار تستمر حتى بعد انتهاء مسابقة واستضافة کأس العالم لکرة القدم.

3- الأثر على اغتنام الفرص الاقتصادیة المحلیة.

تختلف الفوائد الاقتصادیة التی تحصل علیها الدول من استضافة بطولة کأس العالم لکرة القدم من دولة إلى أخرى ، فقد تمکنت کل من کوریا الجنوبیة والیابان وألمانیا من اغتنام معظم الفرص الاقتصادیة المحلیة من خلال إتاحتها للمستثمرین المحلیین، على عکس جنوب إفریقیا التی حصل المستثمرون الأجانب فیها على معظم الفرص الاقتصادیة المحلیة. فعلى سبیل المثال یرجع سبب اغتنام ألمانیا لمعظم الفرص الاقتصادیة المحلیة إلى الحجم والقدرة الاقتصادیة الألمانیة کدولة صناعیة وخدمیة من الدرجة الأولى ، بجانب تمتعها بالبنیة التحتیة القویة، وخبرتها السابقة فی تنظیم کأس العالم عام 1974، بالإضافة إلى کفاءة استعدادها تنظیمیاً وتقنیاً وإداریاً ولوجستیاً، فضلاً عن شغف الجماهیر الألمانیة بهذه الریاضة ، وتزوید المرافق والملاعب الریاضیة الألمانیة بأحدث التقنیات. وبالرغم من توافر بعض هذه المقومات فی جنوب إفریقیا وتقدیم FIFA الدعم المادی لها للمساهمة فی استعداداتها، إلا أن معظم الخدمات التشغیلیة والإداریة ذهبت إلى مستثمرین أجانب، مما قلل من اغتنام الفرص الاقتصادیة المحلیة لمساعدة القطاع الخاص فی الدولة على النمو والازدهار(S. Allmers, W.Maennig,2009).

 

 

4- الأثر على خلق الوظائف والحد من البطالة.

من أهم الأثار الاقتصادیة الأخرى المترتبة على استضافة دولة معینة لمسابقة کأس العالم لکرة القدم خلق الوظائف والحد من البطالة، من خلال العمل فی بناء وتطویر الملاعب وکذلک خدمات السیاحة والفنادق والنقل والاتصالات والبنیة الأساسیة والصناعات الریاضیة وتجهیز الأسواق والمطاعم والمقاهی وغیرها من التسهیلات الریاضیة الأخرى. حیث یصل متوسط عدد الوظائف التی یتم توفیرها نتیجة تنظیم واستضافة المسابقة نحو 3.6 ملیون وظیفة خلال مرحلة التجهیز للبطولة وأثناء وبعد البطولة(Florian Hagn, W. Maennig,2010).

5- الأثر على جذب الاستثمار الأجنبی المباشر.

تتمثل الأثار الاقتصادیة المترتبة على استضافة دولة معینة لمسابقة کأس العالم لکرة القدم فی جذب الاستثمار الأجنبی المباشر ، حیث تجد الشرکات الکبرى فی مشجعی الریاضة بصفة عامة وکرة القدم بصفة خاصة العملاء الحقیقیین لبضائعها واستثماراتها فی العالم من خلال توسیع أسواقها التجاریة واستقطاب الجماهیر المشاهدة لمسابقة کأس العالم من خلال الترویج لنشر صورة إیجابیة عن الدول المضیفة لکأس العالم لکرة القدم. فعلى سبیل المثال قامت وکالة کوریا الجنوبیة لترویج التجارة والاستثمار بإجراء استطلاع لعدد 14,157 شخص أجنبی مرتین من خلال مکاتبها فی الخارج. حیث أظهرت النتائج تحسن ​​الصورة الوطنیة لکوریا الجنوبیة فی الدول الأجنبیة بمعدل 1.2 نقطة مئویة بعد نهائیات کأس العالم لتصبح 78.4 نقطة. کما شمل الاستطلاع أیضاً نحو 2000 شرکة أجنبیة منهم 43 % یعملون بالفعل فی الوقت الحالی مع الشرکات الکوریة حیث زادت الرغبة لدیهم فی توسیع العلاقات التجاریة القائمة بعد انتهاء کأس العالم ، فی حین أن 35 % من الشرکات التی لم تکن مطلقاً على علاقة تجاریة مع شرکات کوریة الجنوبیة قد وافقت على التعامل معها بعد انتهاء کأس العالم(transfermarkt.com).

6- الأثر على سوق الدعایة والإعلان.

تتمثل أیضا الأثار الاقتصادیة المترتبة على استضافة دولة معینة لمسابقة کأس العالم لکرة القدم فی انتعاش سوق الدعایة والإعلان لتسویق السلع والخدمات ، حیث یعد مجال البث التلیفزیونی من أکثر الأنشطة تأثیراً فی اقتصادیات الإعلان ، وطبقا لتقدیرات الاتحاد الدولی لکرة القدم یبلغ عدد مشاهدی المباراة النهائیة لمسابقة کأس العالم عبر البث التلفزیونی نحو 3.5 ملیار شخص، مما یشکل أثر اقتصادی ایجابی لسوق الإعلانات المتنوعة التقنیات ومالها من تأثیر متزاید فی عادات المستهلکین على المستوى العالمی(Gillian Saunders,2014).

وجدیر بالذکر أن التأثیر الاقتصادی الأکبر على الدولة المنظمة والمستضیفة لبطولة کأس العالم لکرة القدم لم یأتی خلال السنة التی یتم تنظیم الحدث العالمی خلالها ، بل خلال السنوات التی تسبق هذا الحدث العالمی وکذلک السنوات التی تلیه.

ب- الأثار غیر الاقتصادیة الایجابیة المترتبة على تنظیم مسابقة کأس العالم لکرة القدم.

لا تقتصر الأثار المترتبة على تنظیم مسابقة کأس العالم لکرة القدم على الأبعاد الاقتصادیة فقط ، وإنما یجب الأخذ فی الاعتبار الأثار غیر الاقتصادیة المتمثلة فی الأبعاد المعنویة من خلال رفع اسم وعلم الدولة فی حالة ربح مسابقة کأس العالم. بجانب حصول الدولة على مبلغ رمزی من FIFA لإعداد فریقها فی حالة مشارکتها فی مسابقة کأس العالم. بالإضافة إلى التقدیر الدولی للدولة المضیفة، والاهتمام الإعلامی العالمی بشأن الدولة المضیفة ، حیث ستصبح هذه الدولة محط أنظار الملایین من مشاهدی کأس العالم لتلک اللعبة التی أصبحت تحتل المرکز الأول فی العالم، بجانب زیادة الثقة والشعور القومی لدى مواطنی الدولة تجاه حکومتهم، مما یؤدى إلى زیادة درجة الاستقرار السیاسی والاجتماعی بها(S. Allmers, W.Maennig,2009).

ج- الأثار الاقتصادیة السلبیة المترتبة على تنظیم مسابقة کأس العالم لکرة القدم.

تتمثل الأثار الاقتصادیة السلبیة المترتبة على تنظیم واستضافة الدولة لمسابقة کأس العالم لکرة القدم، فی ارتفاع نسبة التضخم بصورة مفاجئة نتیجة ارتفاع أسعار المواد الاستهلاکیة وإیجارات الفنادق والرحلات السیاحیة وتکلفة الانتقال الجوی، الأمر الذی قد یدفع البنک المرکزی للدولة المستضیفة للبطولة إلى رفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم (حالة البرازیل عام 2014). هذا بجانب الأثار البیئیة الناجمة عن الضغط على المرافق الأساسیة والبنیة التحتیة ، بجانب احتمال ترک أو إهمال عدد کبیر من الموظفین لأعمالهم، أو الحصول على إجازات مؤقتة وذلک لمشاهدة وتشجیع المسابقة، بالإضافة إلى تعرض البعض للإصابة بالاکتئاب بسبب خسارة الفرق التی یشجعونها، هذا بجانب العنصریة والشغب والتعصب مما قد یؤثر سلبیاً على معدل الإنتاج ومعدلات النمو فی الاقتصاد المحلى فی فترة تنظیم المسابقة (St.Du Plessis, W. Maennig,2009).

خلاصة القول : أن تنظیم مسابقة کأس العالم لکرة القدم له مجموعة من الأثار الإیجابیة والسلبیة فی ذات الوقت، ولکن الأثر الصافی سواء على المدى القصیر أو الطویل غالباً ما یکون إیجابیاً. لذلک فإن استضافة ومشارکة الدولة فی مسابقة کأس العالم لکرة القدم یتطلب ضرورة انخراطها فی منظومة الاحتراف بشکل کبیر، وهو الأمر الذی یتطلب دراسة جدوى دقیقة لهذا الانخراط، وتقییم إیجابیاته وسلبیاته قبل الدخول فی نفقات عالیة بلا جدوى وضیاع تکلفة الفرصة البدیلة التی کان من الممکن توجیهها لقطاع تنموی أخر أکثر أهمیة.

خامساً : الإستثمار الخاص فی صناعة کرة القدم .

أثبتت التجارب العالمیة مؤخراً نجاح الاستثمار الخاص فی مجال الریاضة بصفة عامة وفی صناعة کرة القدم بصفة خاصة، حیث أصبحت الأندیة الریاضیة لکرة القدم فی الدول المتقدمة تعمل کمؤسسات اقتصادیة وشرکات أعمال وفق برامج وأهداف وسیاسات منظمة هادفة إلى توسیع قاعدة المستهلکین وتعظیم الأرباح. کما تتأثر الأندیة الریاضیة لکرة القدم ببعض المتغیرات مثل معدل الأرباح، ودرجة الأمان المالی، وعدد حضور المشاهدین للمباریات، ودرجة نجاح اللاعبین، ودرجة جودة الدوری الذی تلعب فیه. وقد بدأت بعض الدول مؤخراً فی خصخصة النوادی الریاضیة لکرة القدم، من خلال بیعها لشرکات استثماریة معینة، حیث یکون النادی الریاضی بمثابة دعایة وترویج لمنتجات هذه الشرکات(نزار حبیب عباس،2015).

ومع تحول الأندیة الریاضیة لکرة القدم مؤخرا من جمعیات إلى شرکات استثماریة واقتحامها لسوق البورصات العالمیة أصبح رجال الأعمال فی العالم یتنافسون على شراء حصص وأسهم فی ملکیة النوادی الریاضیة الشهیرة بسبب العائد الاجتماعی والشهرة التی یحصلون علیها من هذه الملکیة، وهو الأمر الذی یضمن لهذه النوادی الریاضیة مراکز مالیة قویة إضافیة یمکن أن تساعدها فی حالة تراجع أوضاعها المالیة. ومن أهم الأمثلة على ذلک شراء الملیاردیر المصری محمد الفاید غالبیة أسهم نادی (Fulham) الریاضی لکرة القدم وإنفاق أکثر من 85 ملیون دولار لتحدیث منشآت النادی وإنجاز الملعب الخاص به على ضفاف نهر التایمز، بجانب ضم أفضل اللاعبین لهذا النادی. وبحکم الخبرة التجاریة الکبیرة لرجل الأعمال المذکور فأنه یستطیع خلال فترة زمنیة قصیرة الحصول على دخل یماثل أضعاف نفقاته من خلال بیع حقوق البث التلفزیونی والرعایة والدعایة والإعلانات التجاریة ومبیعات التذاکر وغیرها(أحمد فلاح ، عبدالکریم معزیز،2014).

سادساً : نتائج وتوصیات البحث.

فی ضوء ما سبق یمکن استخلاص بعض النتائج أهمها:-

– أن التنافس الشدید بین الدول من أجل استضافة موندیال کأس العالم لکرة القدم یعکس الفوائد الاقتصادیة التی تجنیها الدول المنظمة للبطولة، حیث أشارت نتائج البحث إلى أن کوریا والیابان اللذین استضافا کأس العالم عام 2002 حققا عوائد مباشرة تقدر بحوالی 9 ملیارات دولار، بینما حققت ألمانیا عام 2006 عوائد مباشرة تقدر بنحو 12 ملیار دولار، فی حین حققت جنوب إفریقیا عام 2010 عوائد مباشرة تقدر بنحو 5 ملیارات دولار، بینما حقق الاقتصاد البرازیلی عام 2014 عوائد مباشرة تقدر بحوالی 13 ملیار دولار، وأخیراً حقق الاقتصاد الروسی من استضافة موندیال کأس العالم عام 2018 عوائد مباشرة تقدر بنحو 13.5 ملیار دولار، أی ما یعادل 1% من حجم الناتج المحلی الإجمالی فی روسیا، بجانب المساهمة فی توفیر المزید من فرص العمل.

– اختلاف الأثار الاقتصادیة الإیجابیة والسلبیة المترتبة على تنظیم واستضافة بطولة کأس العالم لکرة القدم من دولة إلى أخرى ، ولکن الأثر الصافی سواء على المدى القصیر أو الطویل غالباً ما یکون إیجابیاً.

– یقدر متوسط إنفاق الدولة المضیفة لتنظیم موندیال کأس العالم بنحو 6 ملیار دولار أمریکی، فی حین یقدر متوسط دخلها المباشر وغیر المباشر من تنظیم البطولة بنحو خمسة أضعاف الإنفاق أی نحو 30 ملیار دولار، وهو ما یساعد على تعزیز النمو الاقتصادی للدولة المضیفة.

– عدم کفایة النفقات الحکومیة وتدنى التمویل الریاضی فی الدول النامیة حیث تشکل میزانیة الریاضة نسبة ضئیلة من الموازنات العامة فی هذه الدول ، وقد ترتب على ذلک تزاید دیون الأندیة الریاضیة وانخفاض وتدنى مستوى الأجور والبنیة التحتیة والمنشآت الریاضیة وضعف الأنشطة الریاضیة ونقص عدد المدربین ونقص الإیرادات المالیة الذاتیة.

– ارتفاع وعدم منطقیة الأجور والمرتبات الشهریة التی تدفع للاعبی کرة القدم أو فی حالة الانتقال من نادی إلى أخر مقارنة بالأجور المتدنیة فی القطاعات الوظیفیة الأخرى. حیث تقدر متوسط مرتبات اللاعبین الموهوبین فی کرة القدم على المستوى العالمی بأکثر من نحو 53 ملیون دولار سنویا بحد أقصى 240 ملیون دولار، وبحد أدنى 1.5 ملیون دولار، ویختلف تحدید وتوزیع الأجور من نادی واتحاد ریاضی إلى نادی أخر.

– تعانی بعض الدول النامیة وبخاصة الدول الإفریقیة من هجرة المواهب الریاضیة وبخاصة لاعبی کرة القدم نتیجة الإغراءات المالیة الکبیرة التی یتلقاها ذوى المواهب الریاضیة من جانب الدول المستقبلة کدول الاتحاد الأوروبی وأمریکا وأحیاناً دول الخلیج العربی، مما یؤثر بشکل سلبی على الدول المصدرة لتلک المواهب الریاضیة.

– انتشار عملیات تجنیس اللاعبین من الدول النامیة تعتبر من أخطر أسالیب انتقال اللاعبین بین الأندیة الریاضیة حیث تؤدی إلى طمس هویة الفرق القومیة.

– الاختلاف الکبیر بین الأجور التی تدفعها الأندیة الریاضیة الغنیة لشراء اللاعبین الموهوبین أدى إلى تزاید حرکة الانتقال من الأندیة الریاضیة الفقیرة إلى الأندیة الغنیة ، وبالتالی زیادة الفجوة فی المواهب الریاضیة بین تلک الأندیة.

– یلعب عامل ” نسبة الضرائب ” التی یتم خصمها من عقود اللاعبین، والتی تختلف من دولة أوروبیة إلى آخری ، دوراً هاما فی التأثیر على الأجور الحقیقة التی یتقاضها اللاعبون.

– یعانى عدد کبیر من اللاعبین فی سوق عمل لاعبی کرة القدم من البطالة بسبب الزیادة الکبیرة فی أعداد اللاعبین نتیجة التوسع فی إنشاء مدارس وأکادیمیات ریاضیة جدیدة وتخریج لاعبین جدد لسوق العمل.

– انتشار نظام السمسرة فی سوق عمل لاعبی کرة القدم العالمی ، من خلال بیع اللاعب بقیمة أسمیة أکثر من القیمة الحقیقیة له بهدف الحصول على نسبة عمولات عالیة.

– اعتماد النوادی الریاضیة لکرة القدم فی الدول الرأسمالیة على أسلوب المقامرات والمراهنات بشأن الفائز فی المباریات أدى إلى مزید من الفساد والتجاوزات الأخلاقیة لدى الحکام والمدیرین الریاضیین.

– استحواذ القنوات التجاریة والریاضیة المتخصصة على البث التلفزیونی فی صناعة کرة القدم بهدف الربح أدى إلى حرمان فئة کبیرة من حق المشاهدة المجانیة نتیجة تحول هذه الصناعة إلى خدمة خاصة للقادرین على الدفع فقط (مبدأ الاستبعاد).

– المنافسة غیر المتکافئة بین نوادی کرة القدم على المستوى العالمی أدت إلى خلق سوق من المنافسة الاحتکاریة فی اللعبة على المستوى الدولی، بجانب وقوع بعض هذه النوادی الریاضیة فی مصیدة الدیون. کما أن معظم النوادی الریاضیة العالمیة تواجه مشکلة تحقیق التوازن المناسب بین تکلفة اللاعبین والإیرادات التی تحققها تلک النوادی.

– توجه بعض الدول مؤخراً إلى خصخصة النوادی الریاضیة لکرة القدم، من خلال بیعها لشرکات استثماریة.

وفى ضوء ما سبق من نتائج یمکن تقدیم بعض المقترحات التالیة :-

– فرض ضریبة مالیة على انتقال بعض اللاعبین الریاضیین الموهوبین من نادی دولة لصالح نادی دولة أخرى وکذلک الحد من تزاید ظاهرة تجنیس اللاعبین من خلال وضع القوانین اللازمة للحد من تزاید هذه الظاهرة.

– ضرورة قیام FIFA والمنظمات غیر الحکومیة الدولیة ومؤسسات التمویل الدولیة والإقلیمیة بتقدیم مزید من المساعدات المالیة اللازمة لتطویر النشاط الریاضی بالدول النامیة، والتوقف عن التعامل مع القطاع الریاضی کمجال ترفیهی أو نشاط غیر ضروری فی هذه الدول ، وذلک من خلال تشجیع الریاضة وتنظیم واستضافة الأحداث الریاضیة العالمیة وأثارها الایجابیة على التنمیة الاقتصادیة فی هذه الدول.

– ضرورة إعتماد الأندیة الریاضیة فی الدول النامیة على کوادر متخصصة فی مجال الاستثمار والتسویق الریاضی ووضع السیاسات الهادفة لتنویع مصادر الدخل مثل استخدام أسوار الأندیة الریاضیة لشرکات الدعایة والإعلان المختصة ، استثمار متاجر الأندیة الریاضیة فی تسویق وبیع الأدوات الریاضیة وقمصان اللاعبین وشعارات النادی والأحذیة والعطور ، إنشاء مطاعم الوجبات السریعة والکافیتریات داخل الأندیة ، وإنشاء فروع للمطاعم العالمیة تحمل أسماء بعض الأندیة الریاضیة ، إنشاء الملاهی والعاب الأطفال ، إقامة الندوات والبرامج والمسابقات والمسرحیات الثقافیة والمناسبات الاجتماعیة، وإلزام القناة التلیفزیونیة الراغبة فی استضافة أی لاعب مشهور من نادی معین بتوقیع عقد مع إدارة النادی ودفع مقابل مادی متفاوت حسب قیمة وشهرة اللاعب نظیر ظهوره علی شاشة الفضائیات وتوزیع هذا المبلغ المالی بین اللاعب ومجلس إدارة النادی. وأخیراً رسم سیاسة “مفهوم الاحتراف” کسلعة، وتحویل الإدارة من الهوایة إلى صناعة متکاملة إداریاً وفنیاً وجماهیریاً.

– تفعیل دور کلیات التربیة الریاضیة فی الدول النامیة لتحفیز الشباب على ممارسة الأنشطة الریاضیة المتنوعة وبخاصة کرة القدم وتمکینهم من الحصول على التدریب الداخلی فی النوادی المحلیة وانتقاء المواهب الریاضیة منهم. بجانب ذلک ضرورة إضافة قسم ” اقتصادیات الریاضة ” کتخصص جدید بکلیات التربیة الریاضیة نظراً للصلة الوثیقة بین الاقتصاد والریاضة. بجانب إنشاء مدارس التربیة الریاضیة للموهوبین بالتکلفة والرسوم المناسبة.

– دعم وتشجیع واستقطاب الاستثمار الخاص فی المجال الریاضی فی الدول النامیة باعتباره الحل الأمثل للتمویل الذاتی وتنمیة النشاط الریاضی وتخفیف العبء على الموازنات العامة من خلال إعداد دراسات جدوى شاملة لإدراج المجال الریاضی ضمن المنظومة الاقتصادیة فی الخطط الاستثماریة قصیرة وبعیدة المدى ، مع توفیر البیئة القانونیة المناسبة لتشجیع الاستثمار الخاص فی هذا المجال ، وتشجیع القطاع المصرفی على المساهمة فی تمویل تلک الاستثمارات ، وهو ما یتطلب تفعیل دور الإعلام الریاضی لإقناع القطاع الخاص للاستثمار فی المجال الریاضی دون مخاطر. بالإضافة إلى مراجعة کل الأنظمة المتعلقة بالاستثمار فی الأندیة الریاضیة بالدول النامیة ومقارنتها بالتجارب الدولیة المتطورة والاستفادة من تجارب الأندیة العالمیة مثلReal Madrid Manchester United, , Barcelona, ,Arsenal, Liverpool, Bayern München, Chelsea, Milan  وغیرها.

وقد أشارت نتائج البحث إلى عدم کفایة النفقات الحکومیة وتدنى التمویل الریاضی فی الدول النامیة مما ترتب على ذلک تزاید دیون الأندیة الریاضیة وانخفاض وتدنى مستوى الأجور وهجرة المواهب الریاضیة إلى الخارج. کما أدت المنافسة غیر المتکافئة بین نوادی کرة القدم على المستوى العالمی إلى خلق سوق من المنافسة الاحتکاریة فی اللعبة على المستوى الدولی ووقوع بعض النوادی الریاضیة فی مصیدة الدیون وعدم تحقیق التوازن المناسب بین التکلفة والإیرادات. ومن توصیات البحث دعم وتشجیع واستقطاب الاستثمار الخاص فی المجال الریاضی فی الدول النامیة باعتباره الحل الأمثل للتمویل الذاتی وتنمیة النشاط الریاضی وتخفیف العبء على الموازنات العامة وفرض ضریبة مالیة على انتقال بعض اللاعبین الموهوبین إلى نوادی أخرى. بجانب ضرورة إضافة قسم ” اقتصادیات الریاضة ” کتخصص جدید بکلیات التربیة الریاضیة نظراً للصلة الوثیقة بین الاقتصاد والریاضة.

المراجع العربیة :

  1. أحمد حسن أحمد : ظاهرة کرة القدم- اللعبة الشعبیة الأولى فی سیاق الاقتصاد السیاسی والحراک الاجتماعی ، الدار العربیة للعلوم،  بیروت، 2014
  2. أحمد فاروق عبد القادر : العائد الاقتصادی للاحتراف الریاضی فی بعض الأنشطة الریاضیة الجماعیة ، رسالة ماجستیر فی التربیة البدنیة والریاضة قسم الإدارة الریاضیة کلیة التربیة الریاضیة للبنین جامعة حلوان، القاهرة – مصر 2015
  3. أحمد فلاح ، عبدالکریم معزیز: اقتصادیات الریاضة، تحدید أوجه الارتباط بین الاقتصاد والریاضة، مجلة الأکادیمیة للدراسات الاجتماعیة والإنسانیة – قسم العلوم الاجتماعیة جامعة حسیبة بن بوعلی- الشلف – الجزائر، العدد 10 – یولیو 2014.
  4. بنک قطر للتنمیة (2011) : دراسة الجدوى الاقتصادیة لتنظیم کأس العالم فی قطر عام 2022.
  5. جریدة اقتصادیات الریاضة العدد (119) : تحلیل إحصائیات الاقتصاد الأمریکی، 2014.
  6. السعدنی خلیل: الاحتراف فی کرة القدم  )المفهوم -الواقع- المقترح( الطبعة الأولى ، مرکز الکتاب للنشر، القاهرة مصر، 2014.
  7. عادل فاضل علی: التسویق فی المجال الریاضی ، بغداد، العراق، 2015
  8. محمد إبراهیم السقا : صناعة کرة القدم ، الاقتصاد والمنافسة ، جریدة الاقتصادیة الالکترونیة ،العدد 6269 ، دیسمبر 2010
  9. موقع ‘ transfermarkt.com ‘المتخصص فی العلوم الاقتصادیة للریاضة.
  10. نزار حبیب عباس : الخیارات الحقیقیة للاستثمار الاستراتیجی فی الموارد البشریة : دراسة تحلیلیة فی صناعة کرة القدم ، کلیة الإدارة والاقتصاد ، جامعة بغداد ، العراق ،2015.

          المراجع الأجنبیة :

  1. A.Feddersen, L., W. Maennig (2010): Investment in Stadium and Regional Economic Development -Evidence from FIFA World Cup 2006, in: International Journal of Sport Finance, 4 (4), 75-93
  1. Ahlert, G. (2005): What does Germany expect to gain from hosting the 2006 Football World Cup: Macroeconomic and Regional economic Effects, Discussion Paper No.2005/4, GWS, Innsbruck.
  2. Ahlert, G. (2010) :“The Economic Effects of the Soccer World Cup 2006 in Germany with regard to different financing”. Economic Systems Research, 13(1), pp. 109–127.
  3. Andrew zembalist (2018): The economic impact of the 2018 World Cup in Russia, Saint Petersburg State University , Research Series, Paper No.12.
  4. Creamer’s Engineering News (2015): “World Cup return on investment not guaranteed”, 26 May.
  5. Denis Davydov (2018) :Will Russian economy score a goal in FIFA 2018?, Economic Discussions, No. 14, Moscow. 
  6. Dennis Coates. (2015): “World Cup Economics: What Americans Need to Know about a US World Cup Bid” University of Maryland Baltimore county.
  7. Didier Baudewyns (2014) :Analysis of the macroeconomic effects of organizing the 2018,FIFA World Cup in Russia, Federal Planning Bureau, Brussels, Working Paper 8-10, Henri Bogaert.
  8. Ernst and Young Terco (2016) :Sustainable Brazil: Social and Economic Impacts of the 2014 World Cup.
  9. Florian Hagn and W. Maennig. (2010): Labour Market Effects of the 2006 Soccer World Cup in Germany’, Hamburg Contemporary Economic Discussions, No. 08: p2.
  10. Florian Hagn, W. Maennig (2008): Employment effects of the Football World Cup 1974 in Germany, in Labour Economics, vol. 15 (5), 1062-1075.
  11. Florian Hagn, W. Maennig (2010): Large sport events and unemployment: the case of the 2006 soccer World Cup in Germany, in: Applied Economics, 41, 3295–3302.
  12. Gillian Saunders. (2014): ‘Economic impact of the 2010 FIFA World Cup’, Grant Thornton, April.
  13. Kurscheidt, M. (2014): The cost and economic return of hosting the FIFA World Cup , In W.Andreff & S.Szymanski: Handbook on the Economics of Sport, Cheltenham.
  14. Maria Hedman (2014): The economic consequences of hosting the FIFA World Cup”, Street Net International, June.
  15. Oldenboom, E.R. (2009): Costs and benefits of major sport events: A case study of Euro 2000, Meer-waarde, Amsterdam.
  16. Robert Baade and Victor Matheson. (2014): ‘The Quest for the Cup: Assessing the Economic Impact of the World Cup,” Regional Studies, June, v.48 issue. 6, pp 343-54.
  17. Robert Baumann and Victor Matheson(2015): “Selling the Big Game: Estimating the Economic Impact of Mega-Events through Taxable Sales”, College of the Holy Cross, Department of Economics Faculty Research Series, Paper No.05-10.
  18. S. Allmers, W.Maennig (2009): Economic impacts of the FIFA Soccer World Cups in France 1998: Germany 2006, and outlook for South Africa 2010, in: Eastern Economic Journal, 35, 500–519
  19. Sapa,J.M (2013): “Tourism spending rises due to World Cup”. Business Report. 23 June.
  20. Schutte, N. (2010): The Economics of Sport mega events: A comparison of the EURO 2008 in Austria and the World cup 2006 in Germany, PowerPoint presentation, Institute of Sport Science, Mainz.
  21.  Simon Kuper and Stefan Szymanski:  Soccernomics, Munchen,2016.
  22. St.Du Plessis, W. Maennig (2009): South Africa 2010: Initial dreams and sobering economic perspectives, in: U. Pillay, R. Tomlinson, O. Bass (eds.), Development and dreams. The urban legacy of the football World Cup. Cape Town: HSRC Press, P.215
  23. Stan Du Plessis and Cobus Venter (2013) : The home team scores: A first assessment of the economic impact of World Cup 2010, A Working Paper of the Department of Economics and the  Bureau for Economic Research at the University of Stellenbosch, Stellenbosch Economic Working Papers: 21/10
  24. Stefan Szymanski(2013) :The Economic Impact of the World Cup, World Economics , Vol. 5 , No. 2, January –March.
  25. Stterken, E. (2015): Growth Impact of Major Sporting Events, European Sport Management Quarterly, Vol. 12, No. 8, pp. 375-389.
  26. Victor Matheson and Robert Baade. (2015): Mega-Sporting Events in Developing Nations: Playing the Way to Prosperity?, College of the Holy Cross, Department of Economics, Worcester, Massachusetts, Faculty Research Series, working paper no. 04-08, p.5.
  27. W.Maennig and F. Schwarthoff. (2013) : Stadium Architecture and Regional Economic Development: International Experience and the Plans of Durban’, IASE/NASSE Working Paper Series, No. 08-16
  28. Wolfgang Maennig and Port Elisabeth (2014): Economic Effects of Football World Cups :Experiences from France 1998 and Germany 2006, German Academic Exchange Service, German-South African Lecture Series on Soccer.
  29. Zimbalist A. (ed) (2015) :The Economics of Sport Vol. II. Edward Elgar.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى