دراسات سياسية

الأسس الدستورية للنظام السياسي بين الشورى والديمقراطية

إعداد الطالب: زعـفـري مـراد، من مذكرة مكمّلة لنيل شهادة الماستر في القانون العام الداخلي تحت عنوان: السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية، جامعة جيجل 2014-2015

يقوم النظام السياسي على مجموعة من الأسس الدستورية التي تحدّد طبيعة هذا النظام. ومن الأمور المهمّة التي يجدر الإشارة إليها في هذا المقام، هو أنّ الأحداث والتطوّرات السياسية التاريخية لعبت دَوْرًا مُهِمًّا في التنظير لهذه الأسس، سواء كان ذلك في النظام الإسلامي أو في النظام الديمقراطي، وهو الأمر الذي يجعلنا نقول بأنّ هذه الأسس إنّما هي في الحقيقة ذات جذور تاريخية.

ولأنّ وقائع الأحداث التاريخية تختلف من النظام الإسلامي عنه في النظام الديمقراطي، فإنّ النتيجة المنطقية لهذا الإختلاف التاريخي هي إختلاف الأسس الدستورية التي يقوم عليها كِلاَ النِظَامَيْنِ.

من هذا المنطلَق، سأحاول التطرّق إلى الأسس الدستورية لكلا النظامين، مع إجراء مقارنة بين هذه الأسس، وذلك من خلال ثلاث مطالب:

المطلب الأوّل: أتعرّض فيه إلى الأسس الدستورية للنظام السياسي الإسلامي.

المطـب الثاني: أتعرّض فيه إلى الأسس الدستورية للنظام السياسي الديمقراطي.

المطلب الثالث: وأعقد فيه مقارنة بين الأسس الدستورية للنظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

 

المطلب الأوّل: الأسس الدستورية للنظام السياسي الإسلامي.

تتمثّل أهمّ الأسس الدستورية في النظام السياسي الإسلامي في ثلاث أسس رئيسية، يتمثّل الأوّل منها في الحاكميّة لله تعالى ( الفرع الأوّل )، بينما يتمثّل الثاني في أساس العدل والمساواة ( الفرع الثاني )، وأخيرا يتمثل الأساس الثالث في مبدأ الشورى ( الفرع الثالث ).

الفرع الأوّل: الحاكميّة لله تعالى.

يعتبر مبدأ الحاكميّة لله، القاعدة الأولى من القواعد الدستورية العامّة التي يقوم عليها النظام السياسي الإسلامي.

أَوّلاً: معاني الحاكميّة في علم اللّغة والإصطلاح.

1- معاني الحاكميّة في علم اللّغة:

الحاكميّة مصدر صناعي يؤدّي نفس المعنى الذي يؤدّيه المصدر القياسي [ الحُكم ]، ومن ثَمَّ فإنّ سبيل معرفة معناها وبيان دلالتها وتوضيح مضمونها، هو البدء بتوضيح جدرها اللّغوي [ ح. ك. م ].

أ الحكم: هو العلم والفقه والقضاء بالعدل، فالحكم بالشيء أنْ تقضي بأنّه كذا، سواء ألزمتَ ذلك غيرك أم لم تلزمه، فإذا قيل حَكَمَ بالباطل، فمعناه أجرى الباطل مجرى الحكم.

ب– ومادة الحكم أيضًا من الإحكام وهو الإتقان، وإحتكم الأمر وأستحكم: وثق، وسورة محكمة: غير منسوخة. فالمحكم مالا يعرض فيه لشبهه من حيث اللّفظ ولا من حيث المعنى.

ج– وحكّمت فلانًا: أي أطلقت يده فيما يشاء[1].

وخلاصة القول: أنّ الحكم في المعنى اللّغوي، هو ما كانت غايته المنع من الفساد بُغْيَةَ الإصلاح، ومن ثَمَّ لا بدَّ أنْ يَتَسِمَ بالإتقان وأَنْ يؤسّس على الحكمة وإصابة الحق[2].

2- معاني الحاكميّة في الإصطلاح:

تقدّم أنّ الجدر اللّغوي لمفهوم الحاكميّة هو الحكم، وقد جاءت النصوص الشرعية بمعاني متعدّدة لمفهوم الحكم، يمكن إيجازها فيما يلي:

أ- الحكم: بمعنى التحليل والتحريم في أمر العبادة والدّين. وقد جاءت الآيات القرآنية متضافرة للتأكيد على أنّ الله وحده دون سائر خلقه المختصّ بأمر التحليل والتحريم.

ومن ذلك قوله تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُو أوفُو بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِيّْ الصَيْدِ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ، إِنَّ اللهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيد[3] }.

بمعنى: أنّ الله تعالى يقضي في خلقه ما يشاء من تحليل ما أراد تحليله وتحريم ما أراد تحريمه، وإيجاب ما أراد إيجابه عليهم، وغير ذلك من أحكامه وقضاياه، فأوفوا أيّها المؤمنون له بما عقد عليكم من تحليل ما أحلّ لكم وتحريم ما حرّم عليكم[4].

ب– الحكم: بمعنى القضاء والقدر.

وذلك في قوله تعالى: { إِنْ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُتَوَكّلونَ[5] }.

فإنّه يحكم في خلقه ما يشاء فينفذ فيهم حكمه، كما إذا قضى أمرا فلا رادّ لقضائه، وليس بمقدور أحد أن يُعَقبَ عليه[6]، { وَالَّلهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الحِسَاب[7] }.

ج– الحكم: بمعنى الفصل والقضاء في الخصومات بين النّاس.

وذلك في قوله تعالى: { إِنَّ الَّلهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُون[8] }.

فالله سبحانه وصف نفسه بأنّه الحاكم الذي يحكم بين العباد، بمعنى صاحب السلطة التي فصلت وتفصل فيما تنازعوا فيه، وقضت وتقضي فيما بينهم، وهذا القضاء والفصل يكون في الدنيا[9].

ولا شكّ أنّه حتى يتحقق مثل هذا الفصل والقضاء، لا بدّ من الرّجوع إلى الكتاب والسنّة النبوية الشريفة.

د– الحكم: بالمعنى السياسي.

يمكن إستنباط هذا المعنى من خلال قوله تعالى: { وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ الَّلهَ نِعْمَ يَعِظكُمْ بِهِ، إِنَّ الَّلهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، يَا أَيُّهَا الّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ، فإنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى الَّلهِ وَالرَّسُول إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِالَّلهِ واليَوْمِ الآخِرِ، ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا[10] } .

وقد ذكر شهر بن حوشب بخصوص هذه الآيات أنّها نزلت في الأمراء بمعنى الحكم بين الناس، فهي خطاب من الله تعالى لولاّة الأمور بأداء الأمانة وإلى العدل في الحكم بين الناس، وأمْر إلى الناس أنْ يطيعوهم وينزلوا على قضاياهم[11]. ويشهد لذالك ماجاء في الحديث:

 << لتنقضنّ عرى الإسلام عروة عروة، فكلّما إنتقضت عروة تشبث النّاس بالّتي تليها، وأوّلُهن نقضًا الحُكم وآخِرُهُنّ الصّلاة[12] >>.

ثانيًا: أنواع الحاكميّة.

يمكن القول بأنّ الحاكميّة الإلهية تتعلّق بنوعيْن من الإرادة، الأولى تتمثّل بإرادة الله تعالى التكوينية، والثانية تتعلّق بإرادة الله التشريعية.

من هذا المنطلق، فإنّ الحاكميّة الإلهية تنقسم إلى نوعين:

النّوع الأوّل: الحاكميّة التكوينية: وهي إرادة الله الكونية التي تتمثّل في المشيئة العامّة المحيطة بجميع الكائنات، فكلّ ما كان ويكون لا يخرج عن سلطان هذه الإرادة، لأنّها تعني القضاء الكلّي الناتج عن العلم الإلهي العامّ.

النّوع الثاني: الحاكميّة التشريعية: وهي تلك التي تتعلّق بإرادة الله تعالى الخاصة بالتشريع، وتتمثّل هذه الإرادة في تصوّر عقدي عن الله و الكون والإنسان، ونظرية الشريعة العامّة، إضافة إلى النظرية الأخلاقية[13].

وعلى نحو العموم، يمكن تحديد مفهوم الحاكميّة من وجهة نظر الشرع، على أنّه سلطة عليا مطلقة لها وحدها حق إصدار الحكم على الأشياء والأفعال[14]. حيث أنّ جميع الأفراد من وجهة نظر الإسلام والعقل متساوون في الخِلقة، فلا يملك أيّ منهم حق المَوْلَوِيَّة والحاكميّة على الآخرين، فليس التمايز العنصري أو الجنسي أو القومي أو الجغرافي أو الطبقي أو غير ذلك، يُشكّل مُقتضيًا لحق الولاية والحاكميّة على الآخرين. فَمَالِكُ العالم ومن فيه هو الله تعالى والجميع متساوون أمامه ولا يملك أيّ منهم حق الحاكميّة على الآخر.

قال تعالى : { أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْر[15] }.

وقد أُطلِقَ على سلطة الحاكميّة أو القدرة العامّة لفظ { الأمر }، وهو مظهر للأوامر وأنماط الإلزام. وقد إِسْتُعْمِلَتْ بهذا المعنى في مصطلح [ صاحب الأمر[16] ] ، كما في قوله تعالى: { إِنْ الأَمْرُ كُلُّهُ لِلَّهِ[17] }.

وذهب جمهور العلماء وإنعقد الإجماع حينما بحثوا مسألة الحاكميّة على أنّها لله تعالى وحده[18]، وحكى الشوكاني عدم وجود الخلاف في ذلك[19].

الفرع  الثاني: مبدأ العدل والمساواة.

أَوَلاً: مبدأ العدل.

لقد أقرّ الإسلام التفاوت بين النّاس، فالنّاس يتفاضلون في المزايا والقدرات والمُؤهلاَتِ البدنية والعقلية والأخلاقية، والإسلام بحكمته وعدله لا يمكن أن يتجاهل حقيقة هذه الإختلافات في الطبيعة البشرية.

من هذا المنطلق، جاء العدل في الإسلام ليضع الأمور في مواضعها، وليضع الناس في مواضعهم دون ظلم أو إجحاف.

والعدل من أهمّ المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم الإسلامي، بل إنّ الإسلام كلّه يقوم على العدل، وإذا كان لكلّ دين سِمَةٌ أساسية مميّزة، فتميّزت اليهودية بالشدّة والمسيحية بالمحبّة، فإنّ الإسلام تميّز بالعدل، وذلك لأنّه دين شامل ولأنّه آخر الأديان، فجمع الفضائل كلّها ووازنها في فضيلة هي  من أهمّ الفضائل، وهي العدل[20].

ولذلك نجد القرآن الكريم يؤكّد في آيات عديدة على أهمّية هذا المبدأ القرآني العظيم[21]. كما نجد مرادفات لمصطلح العدل في القرآن الكريم، من قبيل مصطلح { القسط } و { الميزان }[22].

وقد استنكر القرآن الكريم الظلم، الذي هو نقيض العدل إستنكارا شَديدًا في أكثر من مائتيّ وثمانين      ( 280 ) مَوضعًا[23].

والعدل في أغلبه ليس نصوصًا مكتوبة أو قوانين مسجّلة معلومة، وهذه القوانين الوضعية وغيرها هي مجرّد ضمانات لتساعد في الإقتراب من الحقيقة، ولكن المهم هو روح القانون، وهو يحتاج إلى الحكمة وبُعد النّظر، وهذا ما يقودنا إلى السرّ في إسقاط عمر بن الخطاب حدّ السرقة عن غِلمان حاطب بن أبي بلتعة عندما سرقو ناقة رجل لأنّهم جِياع[24].

وقد عَلّق إبن القيّم الجوزيه عن إسقاط هذا الحدّ بالقول:

<< وهذا محض القياس ومقتضى قواعد الشّرع، فإنّ السّنَةَ إذا كانت مجاعة وشدّة، غلب على النّاس الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السّارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسدّ رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له مَجَانًا على الصّحيح، لوجوب المواساة وإحيّاء النفوس، وهذه شبهة قويّة تدرأ القطع عن المحتاج[25] >>.

ما يُستنتج من كلام إبن القيّم، أنّ العدل في الإسلام تتحكّم فيه الظروف الزمانية والمكانية، فقد يكون فِعلٌ ما، في زمن ما ومكان ما عَدلاً، ولكنّه قد يكون في زمان آخر ومكان آخر ظلمًا وليس عَدلاً.

ويرى الإسلام أنّ المكلّف بالعدل ليس رئيس الدولة ولا القاضي فحسب، بل إنّ كل موظف في الدولة مهما صغر منصبه الإداري مكلّف بالعدل بين من يلجأ إليه من ذوي الحاجات والمعاملات، وعليه فإنّ جمهور فقهاء الإسلام إشترطوا في رئيس الدولة أن يكون عَادلاً[26].

وإذا كان الظلم نَقِيضٌ للعدل في مفهوم الفكر الإسلامي، فإنّ القرآن الكريم قد حذّر من إيقاعه بالناس، قال تعالى: { إِنَّمَا السَبِيلُ عَلَى الذِينَ يَظْلِمُونَ النّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الحَقِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم[27] }. بل أباح الإسلام القتال لردّ الظلم، قال تعالى: { أذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظلِمُوا، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِير[28] }. ولم يسمح للمسلم بأن يجهر بالسوء إلاّ في حالة واحدة، هي تَعَرُّضُهُ للظلم، حيث

قال تعالى: { لا يُحِبُّ الَّلهُ الجَهْرَ بِالسُوءِ مِنَ القَوْلِ إلِاَّ مَنْ ظلِم[29] }.

بل هناك تحريض على مقاومة الظلم، وشرعية قانونية معترف بها لتلك المقاومة، ففي الحديث الشريف: << إنّ النّاس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يده، أوشك أن يعمّهم الله بعقاب >>، وهذا الحديث يشير صراحة إلى أنّ الله يتوعّد الساكتين على الظلم بالعقاب إذا هم إستسلموا له[30].

ثانيًا: مبدأ المساواة.

المساواة لغة: المماثلة والمعادلة.

وأمّا اصطلاحًا: يُقصد بها أنّ الأفراد أمام القانون سواء، دون تميّيز بينهم بسبب الأصل أو الجنس أو الدّين أو اللّغة أو المركز الإجتماعي، في إكتساب الحقوق وممارستها، وتحمّل الإلتزامات وأدائها[31].

وقد طبِّقَ مبدأ المساواة في الإسلام وسط أقوام كانت حياتهم تقوم على التمايز والإعتداد بالأصول والأنساب وعلى إهدار حقوق الأَرِقَاءِ والنّساء[32]. ولهذا كان هذا المبدأ من أهمّ المبادئ التي جدبت الشعوب الأخرى للإسلام[33].

وتنبثق المساواة في الإسلام عن أصل هو الإيمان بإله واحد، فجميع المخلوقات متساوية أمام خالقها، ولها حقوق وعليها واجبات دون تميّيز بسبب الجنس أو اللّون أو الوطن أو الثروة[34]. وفي القرآن الكريم قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍوَأنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ الَّلهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير[35] }.

وظاهر خطاب الآية أنّها للنّاس كافّة، وقد علّق عليها الأستاذ محمّد عزّه دروزة في كتابه [ الدستور القرآني والسنّة النبوية في شؤون الحياة ] قائلاً: << إنّه أرِيدَ بها عدم تقرير التمايز بين البشر لأيّ سبب كان[36] >>.

ومن صور المساواة التي أكّدت عليها النّصوص الشرعية ما يلي:

1- المساواة في المعاملة.

إنّ المواطن لا يريد من الدولة إلاّ أن تتولّى معاملته على قدر المساواة مع أخيه المواطن، فلكلّ واحد منهما حقوق يجب أن تعطى، وواجبات يجب أن تُؤَدَّى، وكُلّمَا شعر المواطن بهذه المساواة كلّما كان إرتباطه بدولته أشدّ وأعمق. وهو أمر يكاد يكون نادرًا في دول عالم اليوم. وفي توجيه نبوي فريد من نوعه نقرأ هذا الحديث:

<< إيّاكم والإفراد، يكون أحدكم أميرًا وعاملاً، فتأتي الأرملة واليتيم والمسكين، فَيُقَالُ: [ أقعد حتى ننظر في حاجتك ]، فيُترَكون منفردين لا يُقضى لهم حاجة ولا يُؤمَرُوا فينفضّوا. ويأتي الرّجل الغنيّ الشريف فَيُقْعَدُ إلى جانبه، ثمّ يقال: [ ماحاجتك؟ ]، فيقول: [ حاجتي كذا وكذا ]، فيقال: [ أقضوا حاجته وعَجِّلُوا ][37] >>.

2- المساواة أمام القانون.

إنّ المبدأ الأوّل في الدولة الإسلامية  هو مبدأ [ لا حكم إلاّ لله ] الذي تقوم عليه سياسة هذه الدولة، لذلك فإنّ رئيس الدولة الذي هو عبد من عباد الله، لا يمكن أن يكون خارجًا عن هذا المبدأ[38].

من هذا المنطلَق، ذهب علماء الإسلام إلى القول بوجوب خضوع الحاكم لقانون الإسلام نَصًّا أو إستنباطًا[39].

وفي تطبيق عملي لقاعدة المساواة يعطينا رسول الله صلّى الله عليه وآله درسًا في سيادة القانون وسريانه على الجميع دون استثناء، وهو << أنّ قريشًا أهَمَّهُمْ أمر المخزومية التي سرقت، فقالوا: [ مَن يُكَلّمُ فيها رسول الله؟ ]، قالوا: [ ومن يجترئ عليه إلاّ أسامة حِبُّ رسول الله ]، فكلّمه أسامة، فقال رسول الله ( ص آ): [ أتشفع في حَدّ من حدود الله ]، ثمّ قام فخطب فقال: [ أيّها النّاس إنّما هلك من كان قبلكم أنّهم كانو إذا سرق فيهم الشّريف تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف أقامو عليه الحدّ، وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لَقَطَعْتُ يدها ][40] >>.

وفي هذا الحديث ما يبيّن أحد أهمّ الأسباب التي تكون سببا في هلاك الأمم وسقوط الدول، وهو الظلم وعدم إقامة المساواة والعدل بين الرّعية.

3-المساواة أمام القضاء.

والمقصود بها أنّ المواطنين في نظر القضاء يتساوون وأنّ الجهة التي تفصل في نزاعهم جهة واحدة، أيّ أنّ المحاكم التي تفصل فى النزاع لا تختلف بإختلاف مراكز الأشخاص المتقاضين أمامها. فلا يجوز إنشاء محاكم خاصّة لطبقة من النّاس لِسُمُوِّ مكانتهم أو عُلُوِّ درجتهم[41].

وقد تجسّدت مثل هذه المساواة في الدستور الأوّل للمسلمين، والذي تمثّل من خلال [ صحيفة المدينة المنوّرة ] التي أكّدت أنّه << ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث أو إشتجار يُخاف فساده، فإنّ مردّه إلى الله وإلى محمّد رسول الله >>، ممّا يعني، أنّ جميع من كانوا يعيشون في ظلّ الحكومة النبوية كانوا متساوين في الوقوف أمام القضاء الشرعي بمقتضى هذه الصحيفة المباركة.

وممّا يجسّد هذه المساواة في الإسلام هذه الحادثة، التي مفادها أنّ عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه إفتقد درعه، فوجدها في السوق عند يهودي، فلم يأخدها منه قسرًا، وقال له: [ بيني وبينك قاضي المسلمين ]، فتحاكما إليه، فحكم القاضي لصالح اليهودي بسند الحيازة، لأنّ الحيازة سند الملكيّة[42].

وقد أكّدت النّصوص الشرعية أيضًا على صور عديدة للمساواة منها:

ــ المساواة في الأصل المشترك [ وحدة الأصل الإنساني ][43] .

ــ المساواة بين الفقراء والأغنياء في التكاليف[44].

ــ المساواة في العطاء من بيت المال[45].

مِن هذا المنطلَق، بإعتبار أنّ مبدأ المساواة مبدأ قرآني فإنّ مراعاته في ظلّ النظام السياسي للدولة الإسلامية يعتبر أمرًا وجوبيًا لا خيار للحاكم فيه، وذلك في إطار النّصوص الشرعية الواردة في هذا المقام.

الفرع الثالث: مبدأ الشورى.

تعتبر الشورى إحدى المبادئ الدستورية المهمّة في النظام السياسي الإسلامي، ولهذا ذهب بعض المفكرين إلى أنّ الداء السياسي منشأه إستبعاد الشورى عن الحياة السياسية، وهو ما عبَّر عنه عبد الرّحمن الكواكبي، فإنّ أصل الدّاء هو الإستبداد السياسي ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية[46].

مِن هنا، سأتطرّق في هذا المقام الى مبدأ الشورى كأساس دستوري في النظام السياسي الإسلامي، وسأقوم بمعالجة هذا الموضوع من الناحية السياسية البحتة بعيدًا عن الرّؤية الفقهية الإسلامية لهذا المبدأ، والتي سنحيل دراستها للمبحث الثالث من هذا الفصل.

من الناحية النظرية، لا بدّ أَنْ تُؤَسَّسَ الدولة الإسلامية على نظام شورى صحيح، أو بلغة حديثة، حكومة من الشعب تقوم على شكل شوري ديمقراطي. فالمنظومة السياسية القائمة على الشورى تنصّ على المساواة وحقوق الأفراد، وتقيّد وظيفة الدولة بخدمتها مصالح الجماعة، كما تنصّ هذه المنظومة على مسؤولية الحاكم أمام الله والجماعة وأحكام الشريعة، وبهذا تحدّدت مبادئ هذه المنظومة بالعدل والمساواة بين الرّعية وحرية المعتقد والفكر[47].

وذهب الإمام أبو حامد الغزّالي إلى أنّ المشروعية السياسية ترتبط بالإختيارالحرّ للجماعة وبموافقتها، وليس بخيار النخبة فقط[48].

يعتبر مبدأ الشورى من المبادئ التي تُدَعِمُ القِيَّم الكبرى في الإسلام، بإعتباره ضرورة أساسية لإدارة المجتمع في أبعاده المختلفة، وهو وسيلة من وسائل تحصين القرار من الوقوع في محاذير الإستبداد والطغيان السياسي.

والشورى ليست لها صيغة جاهزة وناجزة، وإنّما هي مجموعة قيّم وأداب وأخلاقيات، وعلى المجتمع أن يجسّد هذه القيّم ضمن آليات مناسبة للعصر، بحيث يتمّ الإمتثال التام لجوهر قيّم الشورى. فاالشورى كعملية ليست خاصّة بمجال من المجالات، وإنّما ينبغي أن تسود جميع جوانب الحياة[49]. لكن يمكن القول إنّ للشورى مجالان:

الأوّل: يتمثل في مشورة الدولة لشعبها في الأمور المتعلّقة بهم وإدارة البلاد بالصيغة الإستشارية لا الإستبدادية.

والثاني: مشورة المسلمين فيما بينهم على إدارة شؤونهم.

فإذا توفّرت الشورى توفّر أمران:

الأمر الأوّل: مشاركة النّاس في شؤون الدولة ومشاركتها مصاعبها ومشاكلها.

والأمر الثاني: صعود المُؤهَلِينَ وأصحاب الكفاءات إلى مرافق الحكومة والإدارة، ممّا ينتج عنه تقدّم البلاد والعباد، وذلك لأنّ الشورى تأتي بالأفضل فالأفضل[50].

من هنا كان مبدأ الشورى في الشؤون العامّة أهمّ المبادئ الدستورية السياسية على الإطلاق عند جميع المسلمين، لا تستقيم شرعية أيّ حكم سياسي لحاكم غير معصوم، ولا تستقيم شرعية أي تصرّف في الشؤون العامّة للمجتمع دون أن يكون قائمًا على الشورى[51].

وذلك لأنّ الشورى في جوهرها عبارة عن صيغة لتداول الرأي وتقليب وجهات النظر، وتمحيصها للوصول إلى صناعة الرّأي الأصوب والمنسجم مع مصالح المجتمع، لأنّ الجميع إشترك في صنعه، ولم يصلو إليه إعتباطا أو بشكل مستعجل، بل تمّ تدارس الأمر ومقارنة الأراء مع بعضها البعض إلى أن وصل الجميع إلى الرّأي الأفضل، فهي صيغة تجمع كل العقول وتستفيد من كلّ التجارب الإنسانية للوصول إلى الرّأي الأصوّب[52].

فغاية الشورى هو تحقيق أكبر قدر ممكن من حرّية التفكير على أساس العدل والتعاون والتكافل، فالعدل والحرّية والتضامن في المجتمع تسبق وجود السلطة والدولة، لأنّهما أساس إنتماء الفرد للجماعة ومشاركته في تسيّير أمورها. ومن بين الأمور التي يجري التشاور بشأنها في المجتمع هو تحديد من يتولى السلطة وطريقة إختياره ومحاسبته[53].

وذهب الشيخ محمد الغزالي إلى أنّ الشورى لا علاقة لها بالعقائد والعبادات والحلال والحرام، فإنّ مِن هواة الكلام في الإسلام، جماعة رفضت أن تكون الأمّة مصدر السلطات ، لأنّ الحاكميّة لله لا للشعب، وظاهرٌ أنّ ذلك لَعبٌ بالألفاظ ، أو جهل بالتشريع أو خدمة للإستبداد السياسي[54]، لأنّه لا أحد يقول بأنّ الحاكميّة في النّظام السياسي الإسلامي مصدرها هو الشعب، ولكن من حق الشعب المسلم أن يمارس حياته السياسية في إطار المبادئ والأحكام الشرعية، وهذا أمر لا يتناقض مع الحاكميّة لله تعالى.

من هذا المنطلق، فإنّ الشورى في الشريعة الإسلامية غير خاضعة لأيّ تحديد مُعَيَّن في شكلها ونظامها، كما أنّ عدم إيراد أسلوب خاص للشورى في القرآن والسنّة النبوية من حيث الشكل والكيفية، يتماشى مع فكرة أنّ الإسلام صالح لكلّ زمان ومكان[55].

ولهذا انطلقت نظرة المصلحين إلى نُظم الحكم من حيث قربها من مبدأ الشورى التي تدعو إليه الآيتان الكريمتان: { وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُم[56] } و { شَاوِرْهُمْ فِي الأَمْر[57] }.

كما نظروا إلى أنّ مبادئ المساواة والحرّية وحكم القانون لاتتناقض مع جوهر الشريعة، ووجدوا أيضًا أنّ تغييّر سلطة الحكّام ومحاسبتهم وحق الناس في إختيار الحكام، كلّها أمور لا تتعارض مع تعاليم الشريعة، بل تنسجم مع جوهر الإسلام. وكان شعار هؤلاء الرّواد هو:

لماذا تخلّف العرب والمسلمون وتقدّم غيرهم؟[58]

المطلب الثاني: الأسس الدستورية للنظام السياسي الديمقراطي.

يقوم النّظام السياسي الديمقراطي على مجموعة من الأسس الدستورية التي لا غنى لأيّ نظام ديمقراطي عنها، وتتمثّل في حاكميّة الأمّة أو الشعب ( الفرع الأوّل )، وإحترام الحرّيات والمساواة     ( الفرع الثاني )، وكذلك الفصل بين السلطات الثلاث ( الفرع الثالث ).

الفرع الأول: حاكميّة الأمّة أو الشعب.

يعتبر مبدأ حاكميّة الأمّة أو الشعب من المبادئ الأساسية التي يقوم عليها النظام السياسي الديمقراطي في الفكر الغربي، ويجد هذا المبدأ أساسه في العقد الإجتماعي، الذي هو عبارة عن مذهب أو فكرة ترى

بأنّ الدولة قد أتت نتيجة لإتفاق حرّ بين الأفراد والشعب من ناحية، وبين الحاكم أو الهيئة الحاكمة من ناحية أخرى[59].

وقد كان [ جون لوك ] و [ جون جاك روسو ] من أبرز الذين أسّسو لمبدأ حاكميّة الأمّة أوالشعب، فقد كان [ لوك ] يرى أنّ حلّ المشكلة السياسية إنّما يكون من خلال الديمقراطية النيابية، والتي من شأنها أن يسود البرلمان فيها كنائب عن الأمّة، ومن هنا كانت صلاحية فكر [ جون لوك ] كسند إيديولوجي لمبدأ سيادة الأمّة ولمعظم النظم الغربية المعاصرة[60].

أمّا [ جان جاك روسو ] فقد إنتهى بعقده الإجتماعي إلى فكرة سيادة الشعب غير القابلة للتصرّف فيها أو التنازل عنها، وسيادة القانون المُعَبِّرِ عن الإرادة العامّة، الأمر الذي لا تستقيم معهفكرة النظم النيابية القائمة على مجالس منتخبة تنوب عن الأمّة صاحبة السيادة[61].

مِن خلال هذا التباين والاختلاف بين فلسفة [ جون لوك ] وفلسفة [ جان جاك روسو ]، جاء التبايُن أيضًا في النظم السياسية الديمقراطية، حيث عبّر [ روسو ] عن النّظام الديمقراطي المباشر، بينما عبَّر [ جون لوك ] عن النّظام الديمقراطي غير المباشر.

أَوَلاً: نظرية سيادة الأمّة [ جون لوك ].

تتمثل الأمّة في تلك الجماعة التي تربط بين أفرادها الرّغبة في العيش المشترك، نتيجة الإحساسات المتشابهة، وكذالك نتيجة تراث مشترك من العادات والتقاليد وإتحاد المدينة، وروابط ترجع إلى الدّين واللّغة والجنس، وهذه الجماعة بإستقرارها في بقعة معيّنة من الأرض تتوثّق الصلات بين أفرادها، وتشتدّ بينهم الرّوابط وتقوى بمضي الزمن[62].

وقد ذهب بعض الفقهاء إلى تقريب مفهوم سيادة الأمّة من مفهوم الديمقراطية، بل وإعتبارهما مُصْطَلَحَيْنِ يعبّران عن فكرة واحدة ولكن من نَاحِيَّتَيْنِ، فالديمقراطية هي تعبير عن الشكل السياسي     – أيّ نظام الحكم في الدولة -، أمّا مبدأ سيادة الأمّة فهو عبارة عن التعبير القانوني[63].

1- مضمون نظرية سيادة الأمّة.

وفقًا لهذه النظرية فإنّ السيادة تكون للأمّة وحدها ليست للحاكم أو الأفراد المُكَوِّنِينَ للأمّة، فالسيادة ملك للأمّة جمعاء وليست مُلْكًا لأفراد الأمّة، وبعبارة أخرى، أنّه لا يمكن أن يكون كُلٌ منهم مالكا لجزء من السيادة، لأنّ سيادة الأمّة تُشَكِّلُ وِحدة واحدة غير قابلة للتجزئة أو التصرّف فيها، وهي بهذه الصفة تُشَكِّلُ شخصية معنوية تتميّز عن الأفراد المُكَوِّنِينَ لها[64].

وقد أعِيدَ صياغة مبدأ سيادة الأمّة من خلال القول بأنّه << لا سيادة لفرد ولا لقلّة على الشعب >>، فهذا المبدأ يُمثل إعادة صياغة لِمَا يُعرف بمبدأ سيادة الأمّة، وهو أكثر تعبيرًا عن حقيقة الديمقراطية الدستورية اليوم وسلطة المُشَرِّعِ فيها. إنّ السيادة حق أمر مطلق غير منازع وغير مقيّد يُخَوِّلُ صاحبه سلطة إصدار الأوامر[65].

وفي الممارسات الدستورية الديمقراطية المعاصرة ليس هناك حق مطلق غير منازع وغير مقيّد يخوِّل صاحبه إصدار الأوامر، حتى الشعب لا يملك هذا الحق المطلق، وإنّما يمارس الشعب سلطاته بموجب أحكام الدستور. وكلّ دستور ديمقراطي معاصر مقيّد بحقوق وحرّيات عامّة لايجوز مسّها وشرائع وعقائد يجب مراعاتها، من هنا كان مبدأ لا سيادة لفرد ولا لقلّة على الشعب أكثر تعبيرًا عن حقيقة الديمقراطية الدستورية[66].

ذلك أنّ نظرية سيادة الأمّة إستنبطها رجال الفقه الفرنسي القدماء من أجل إقرار إستقلال الملوك الخارجي ضد البابوات والأباطرة، وحيث جاءت الثورة الفرنسية إحتفظ رجال الثورة بنظرية السيادة ولكن نقلوها بمميّزاتها وخصائصها من الملك إلى الأمّة[67].

وهذا معناه أنّ وجود دساتير ديمقراطية في العصر الحالي تنظم سيادة الأمّة من خلال آليات وضوابط قانونية دستورية، يجعل من هذه السيادة مقيّدة دستوريا.

2- النتائج المترتبة عن الأخذ بنظرية سيادة الأمّة.

مما تقدّم يتضح أنّ السيادة وِفْقًا لنظرية سيادة الأمّة غير قابلة للتجزئة ولا للتنازل عنها أو التصرّف فيها، فهي حق للأمّة وحدها، ممّا يترتب عن ذالك مجموعة من النتائج تتمثّل فيما يلي:

أ– وجود مجلس نيابي:

وهذا معناه تطبيق الديمقراطية النيابية  التي يقتصر دور أفراد الشعب فيها على إنتخاب ممثّليهم في المجلس النيابي[68]، وذلك لأنّه لما كانت الأمّة شخصا معنويا فهي تحتاج إلى أشخاص طبيعيّين

 ليمثلوها في ممارسة هذه السيادة التي تملكها، فهؤلاء الممثلين هم وكلاؤها المُعَبِّرِينَ عن إرادتها[69].

مِن هذا المنطلق، فالديمقراطية النيابية تقوم على إختيار الشعب لممثليه الذين يمارسون السلطة نيابة عنه لفترة محدّدة، دون حق هذا الشعب في ممارسة شؤون السلطة أو المشاركة فيها، فدوره يقتصر على مجرّد إختيار بعض النواب الذين يستقلّون تماما عن الشعب في مباشرة السلطة الآمرة[70].

ب- إعتبار الإنتخابات وظيفة:

ومعنى ذلك أنّ الأمّة حينما تقوم بعملية إنتخاب ممثليها فهي لاتمارس حقا وإنّما تؤدّي وظيفة، فليس للمواطن أن يدّعي حقا في التصويت[71].

ذلك لأنّ الأفراد لا يملكون جزءا من السيادة، بل إنّ السيادة ملك كاملللأمّة، فهم عندما يقومون بإنتخاب من يمارس السلطة فإنّهم لا يستعملون حقا وإنّما يقومون بتأديّة وظيفة إختيار مرشحيهم لممارسة السلطة[72]. وعلى هذا فما دام الإنتخاب طبقا لمبدأ سيادة الأمّة مجرّد وظيفة لإختيار الأصلح، فإنّ للأمّة أن تحدّد الشروط اللاّزم توافرها في هيئة الناخبين لضمان حسن الإختيار لمن سيقومون بممارسة السلطة[73].

ولهذا ذهب البعض إلى القول بأنّه ليس من اللاّزم تقرير نظام الإقتراع العام في الانتخابات وإنّما يجوز تبعا لمبدأ سيادة الأمّة الأخذ بنظام الإقتراع المقيّد الذي يشترط في الناخب أو المرشح نصابا ماليا معيّنا أو حدًّا أدنى من التعليم أو شرط الإنتماء إلى طبقة معيّنة من الطبقات[74].

ج-النائب يكون ممثّلا للأمّة:

وذلك لأنّ النائب في البرلمان يمثل الأمّة وحدها كوحدة مستقلّة مجرّدة عن أفرادها، والتي تملك السيادة وحدها دون الأفراد، وهكذا طالما أنّ الأفراد الناخبين ليس لديهم أي جزء من السيادة فليس لهم بالتالي منح أي وكالة للنواب، وهكذا لا يستطيع ناخبوا كل دائرة إنتخابية أن يلزموا النائب بأيّة تعليمات لأنّه

ليس وكيلا عنهم، بل هو وغيره من النواب هم وكلاء الأمّة جمعاء، فوكالتهم وكالة عامّة، ممّا يجعل

 إرادة المُنتَخَبِ متحرّرة من الخضوع لإرادة ناخبي دائرته الإنتخابية[75].

د- القانون يعبّر عن الإرادة العامّة للأمّة:

وذلك لأنّ النواب لا يعبّرون عن إرادتهم الخاصة وإنّما عن إرادة الأمّة، ولا يُغَيِّرُ من ذلك أنّ القانون يصدر بأغلبية أعضاء البرلمان، حيث أنّ هذه الأغلبية هي التي تعبّر عن الإرادة الصحيحة للأمّة[76].

ثانيًا: نظرية سيادة الشعب [ جان جاك روسو ].

يُقْصَدُ من الشعب بمدلوله السياسي أولئك الذين يتمتعون بالحقوق السياسية، وهم من يُطْلَقُ عليهم جمهور الناخبين، أيّ الذين توافرت فيهم الشروط العامّة التي تؤهلهم لأنْ تُدْرَجَ أسماءهم في جداول الإنتخابات، وهم المقصودون بالأفراد طِبقا لنظرية سيادة الشعب[77].

1- مضمون نظرية سيادة الشعب.

وِفقا لهذه النظرية تكون السيادة لمجموع أفراد الشعب، وذلك بالنظر إلى المجموع من جانب تكوينه من عدد الأفراد يشتركون بالتساوي في ممارسة السيادة، بحيث يكون لكلّ فرد منهم جزء من هذه السيادة. وقد عبّر عن ذلك [ جان جاك روسو ] قائلاً: << لو فرضنا أنّ الدولة تتكوّن من عشرة آلاف مواطن، فإنّ كل مواطن يملك جزء من عشرة آلاف جزء من السلطة ذات السيادة[78] >>.

ولكي تكون هناك سيادة حقيقيّة للشعب لابدّ من المشاركة السياسية الفعّالة في عملية إتخاذ القرارات الجماعية المُلْزِمَةِ، بقدر ما يُتَاحُ على أرض الواقع من فُرَصٍ متساوية تسمح للمواطنين بالتعبير عن إختياراتهم، حول ما يجب أن تكون عليه القرارات الجماعية الملزمة[79].

وتتفق نظرية سيادة الشعب مع سيادة الأمّة في كونهما يجعلان السيادة لجماعة الأفراد وليس لأشخاص الحكّام ، ولكنّهما يختلفان إختلافا موضوعيا جوهريا، فنظرية سيادة الأمّة تمنح السيادة للأمّة كوحدة لا تقبل التجزئة و مستقلّة عن الأفراد، بينما نظرية سيادة الشعب تعطي السيادة لأفراد الشعب أنفسهم وبذواتهم[80].

2 النتائج المترتبة عن الأخذ بنظرية سيادة الشعب.

يتضح ممّا تقدّم في هذه النظرية أنّ السيادة مجزّأة بين أفراد الشعب، ممّا يترتب عن ذلك مجموعة من

النتائج يمكن إيجازها فيما يلي:

أ– الإشتراك المباشر للشعب في ممارسة السلطة:

 حيث أنّ الأفراد يمارسون شؤون الحكم مباشرة دون وساطة أحد، ومن ثَمَّ فإنَّ هذه النظرية تتماشى مع نظام الديمقراطية المباشرة وكذالك شبه المباشرة، التي تُمَكِّنُ الأفراد من إتخاذ بعض القرارات المتصلة بشؤون الحكم بأنفسهم عن طريق الإستفتاء أو الإعتراض أو الإقتراح أو عزل رجال السلطة، أو غيرها من الطرق التي لا تزال ممكنة التطبيق رغم زيادة عدد السكان في الدولة الحديثة[81]، ذلك لأنّ السيادة مادامت أنّها مجزّأة بين أفراد الشعب فهي تؤول إلى تمثيل مجزّأ أيضا، لكلّ مواطن حصة في الوكالة – أو التفويض – التي يعطيها الناخبون لِمُنْتَخَبِهِم[82].

ب- خضوع النائب لإرادة ناخبيه:

في نظرية روسو الوكالة الإلزامية لا تعني فقط أنّ المُنْتَخَبَ يجب عليه الخضوع لإرادة ناخبيه، بل أيضا هؤلاء يملكون حق عزل المُنْتَخَبِ وإرغامه من جديد للخضوع إلى الإنتخابفي حالة خروجه عن إرادتهم، ويكون هذا العزل من خلال عرائض تُقدَّم من طرف عدد معيّن من الناخبين[83].

ج- القانون يكون معبّرا عن إرادة الأغلبية:

حيث أنّ نظرية سيادة الشعب ترى أنّ إرادة الأغلبية المُمَثَلَة في البرلمان هي التي تكشف عن القانون الذي يكون مُعَبِّرًا عن إرادة الأغلبية، وما على الأقليّة المُعَارِضَة إلاّ الإذعان لرأيّ الأغلبية دون أيّ اعتبار آخر[84]. وعلى هذا فلا يُشترط في هذه النظرية أن يكون القانون مُعَبِّرًا عن إرادة الأمّة بل يكفي إرادة الأغلبية.

د- الإنتخاب حق وليس وظيفة:

لأنّه مادام كل فرد من الأفراد يملك جزءا من السيادة الشعبية، فيكون بالتالي من حق كل فرد راشد

عاقل أن يمارس الإنتخاب كحق أصيل له لا مجرّد وظيفة[85].

لهذا فإنّ نظرية سيادة الشعب تتبنى حق الإقتراع العام، ولا تؤيّد تقيّيد هذا الحق بشروط معيّنة، كالكفاءة المالية والجنس والتعليم وغير ذلك من الشروط التي تفرضها نظرية سيادة الأمّة[86].

الفرع الثاني: إحترام الحرّيات والمساواة.

يعتبر مبدأ إحترام الحرّيات والمساواة من المبادئ الأساسية في النظام السياسي الديمقراطي، حيث يُضفي هذا المبدأ سِمَةً خاصّة على هذا النظام، ممّا يجعله مُتَمَيِّزًا عن الأنظمة الإستبدادية.

أَوَلاً: الحقوق والحرّيات العامّة في النظام الديمقراطي.

لا شك أنّ الحرّية قيمة أساسية وشرط لإكتمال إنسانية الإنسان، فهي وسيلة التعبير عن فرح الوجود وعن حاجات النفس والجسد[87].

من هذا المنطلق، عبّر [ جان جاك روسو ] عن الحرّية بالقول: << إنّ التخلّي عن الحرّية هو بمثابة التخلّي عن أن تكون إنسانًا[88]  >>.

فالحرّية مطلب فطري قامت ثورات الشعوب من أجلها للتخلّص من شعور العبودية، ولهذا إحتلّت هذه الكلمة مقامًا رفيعا لدى الشعوب[89].

من هنا كان ضمان الحقوق والحرّيات العامّة في الدستور الديمقراطي ذات بُعْدٍ رئيسي، وهذا البُعد يُعتبر من مميّزات هذا الدستور، ذالك أنّ هذا الأخير مَعْنِيٌ بتوفير الحقوق والحرّيات العامّة للأفراد والجماعات عنايته بتحديد إختصاصات السلطات وضبط تصرّف الحكّام[90].

واسْتِنَادًا إلى الإتجاه الذي يعتنقه معظم الفقهاء يمكن تقسيم الحقوق والحرّيات العامّة إلى مايلي:

ــ الحرّيات الشخصية.

ــ الحرّيات الفكرية.

ــ حرّية التجمّع.

ــ الحرّيات الإقتصادية.

ــ الحقوق أو الحرّيات السياسية[91].

1- الحرّيات الشخصية: وهي حرّيات جوهرية تتصل بحقوق أساسية للمواطن، فهي مرتبطة بشخص الإنسان ـ أيّ إنسان ـ. وتتمثل هذه الحرّيات الشخصية فيما يلي[92]:

أ– الحق في الوجود الإنساني:

ومعنى ذلك أن يشعر الإنسان بكيانه ووجوده وكرامته الإنسانية. ومن هذا المنطلق، فإنّ هذا الحق

يتضمّن من جهة أولى أن يعيش الإنسان حرًّا، فلا يجوز استرقاقه ولا إستعباده، ومن جهة ثانية عدم جواز تعريض الإنسان للقتل أو التعذيب أو المعاملة القاسية والوحشية أثناء وقوفه أمام هيئة تحقيق من أي سلطة في الدولة.

ب- حرّية أو حق الأمن:

 ومعناه أن يعيش الإنسان آمنًا على نفسه وماله هو وأُسْرَته، وبالتالي عدم جواز القبض عليه أو حبسه أو اعتقاله إلاّ في الحالات التي نصّ عليها القانون، كما لا يجوز إتخاذ الإجراءات الماسّة بالحرّية الشخصية إلاّ بناءًا على أمر صريح صادر من الهيئة القضائية المختصّة.

ج- حرّية أو حق التنقل:

 ومضمونها حق كلّ فرد في أن يذهب وينتقل إلى أيّ مكان داخل الدولة أو خارجها. وإذا كان هناك قيود إستثنائية على حرّية التنقل فلا بدّ أن تكون طبقا لقرار قضائي وفي حالات استثنائية.

د- حرمة المسكن:

 ومعناه عدم جواز دخول المسكن دون رضا صاحبه كأصل عام، إلاّ في حالة وجود إذْنٍ قضائي، وتشمل حرمة المسكن كلّ مكان يسكن فيه الإنسان إمّا بصورة معتادة أو حتى مؤقتة.

هـ – سرّية المراسلات و المخابرات الشخصيّة:

وهي منع قيام رجال السلطة العامّة بفرض رقابتهم على خصوصية رسائل الأفراد الشخصية  لكن إستثناءًا من هذا المنع يجوز فتح الرّسائل أحيانا أو التنصت على المخابرات الهاتفية بترخيص من الهيئة القضائية المختصة.

2- الحرّيات الفكرية: يتمثّل هذا النوع من الحقوق والحرّيات فيما يلي:

أ– حرّية العقيدة وممارسة الشعائر الدينيّة:

 ومضمون ذلك، أنّ الإنسان حرّ في اعتناق الدّين الذي هو مقتنع به، كما تشمل هذه الحرّية حق الإنسان في ممارسة شعائره الدّينية الذي يعتقد بها، بشرط أن لا تخالف هذه الشعائر قواعد النّظام والآداب العامّة.

ب- حرّية الرّأي والتعبير:

ويتضمّن حق كافّة المواطنين الفعلي والمؤيّد بحماية القانون في حرّية التعبير الفردي والجماعي، وخصوصًا حق التعبير السياسي بما في ذلك نقد الحكّام ونقد تصرّفات الحكومة ومنهجها، ونقد النظام السياسي القائم، وكذلك نقد النّظام الإقتصادي والإجتماعي السائد، ونقد الإيديولوجيات السياسية المسيطرة[93].

ج- حرّية المعلومات:

 فمن حق المواطنين الفعلي والمُؤَيَّدِ بحكم القانون في الوصول إلى مصادر المعلومات وتداولها، وخصوصا إلى المعلومات البديلة لمصادر المعلومات المعلنة رسميا، وتداولها بالقدر اللاّزم لِتَحَرِّي الحقيقة الواجب معرفتها لإتخاذ القرارات الجماعية الملزمة، وتشمل هذه الحرّية واجب السلطات القيام بتسهيل الوصول إلى مصادر المعلومات البديلة، وتشجيع نشرها وتداولها[94].

3- حرّية التجمع:

 فمن حق المواطنين أن يتجمّعوا من خلال محافل و تنظيمات حرّة في ظلّ ما يسمى بمؤسّسات المجتمع المدني، بشرط أن يكون تجمعا يستهدف أهدافا إجتماعية مشروعة[95].

ومن حق المواطنين بحكم القانون في حرّية إنشاء التنظيمات غير الحكومية المستقلّة والإنضمام إليها، ويشمل هذا الحق أيضا حق التنظيم السياسي، مثل تشكيل الأحزاب السياسية وجماعات الضغط، وحق الإنضمام إليها بهدف الوصول إلى السلطة، أو التأثير في قرارات الحكومة[96].

4- الحرّيات الإقتصادية:

 وهي تشمل من جهة حق التملّك، وهو حرّية الفرد قانونا في أن يتملّك مالاً من الأموال سواء كان عقارا أو منقولا، وواجب الدولة في حماية ملكه وتأمين حقه القانوني في إستعمال وإستغلال هذا المال، ومن جهة أخرى حق كل فرد في ممارسة جميع الأنشطة الإقتصادية الحرّة و المشروعة، كالإستثمارات والمشروعات التجارية والصناعية والزراعية[97].

5- الحقوق أو الحرّيات السياسية:

 تتجمّع الحرّيات السياسية حول فكرة أساسية هي حق المواطنين في المشاركة بشؤون الحكم والشؤون العامّة للدولة، بإعتبار أنّ السيادة هي للشعب أو الأمّة التي هي مصدر السلطات جميعا[98].

ويمكن إبراز أهمّ الحقوق والحرّيات السياسية من خلال ما يلي:

أ– حق إختيار السلطة الحاكمة:

ويتجسد ذالك من خلال حرّية الإنسان في الإختيار الحرّ وقدرته الحرّة على تحقيق تداول السلطة سلميًا، فهذا الاختيار لا بُدَّ أن يكون مُتَحَرِّرًا من كلّ أشكال الخوف والقهر والإكراه[99].

فسيادة الشعب لا معنى لها بدون مواطنين أحرار يمارسون هذا الإختيار بحرّية، والإنتخابات لا معنى لها بدون وجود مواطنين أحرار يُدْلُونَ بأصواتهم في صناديق الإختيار بدون خوف أو قيود، ونفس الشيء بالنسبة إلى تغيّير الأنظمة السياسية دون إراقة الدِمَاء.

من هذا المنطلق، فإنّ الديمقراطية تتطلّب وجود مجتمع أحرار، إذ لا يمكن تصور قيام الديمقراطية في مجتمع العبيد، أو في مجتمع تَمَّتْ فيه مصادرة الحرّية وسلبها وحرمان الناس منها، من هنا فإنّ الحرّية هي بالدرجة الأولى الحق في الإختيار، وهو حق أصيل وليس منحة[100].

ب- حق الترشح:

فمن حق المواطن في دولة القانون أن يترشح  لأيّ منصب من المناصب السياسية في الدولة، مادامت الشروط القانونية متوفرة فيه[101].

ج- حق التعددية السياسية:

 حيث يعتبر تعدد القوى السياسية الفاعلة خاصية من خصائص المجتمعات المعاصرة، والمجتمع الديمقراطي يتميّز عن غيره بأنّه مجتمع واقعي لا يكبت بالقوّة مظاهر الإختلاف ولا ينكر حق التعدد.وممّا لا جدال حوله أنّ أفضل سبل التعبير السليم عن التعددية في مجتمع ما، هو الإعتراف بوجودها، وفتح سُبُلِ العمل السياسي المشروع أمامها[102].

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الحرّية السياسية ليس بالضرورة أن تكون مرتبطة بالحرّيات الشخصيشكال أأ أة، ففي ظلّ الديمقراطية قد يكفل نظام الحكم الحرّية السياسية ويتجاهل الحقوق والحرّيات الشخصية[103].

وهذا ما نجده متحققًا إلى حدٍّ كبير في دول العالم الثالث الذي لم يعرف الحرّية السياسية، بحيث لا تزال أغلب دول هذا العالم محرومة من الإنتخابات النزيهة، بل نجدها إنتخابات مزوّرة تقوم بها الحكومة نيابة عن الشعب[104].

وأخيرًا يجدر التنبيه إلى أنّ الحرّية في النظام الديمقراطي لا تعني أن يفعل الإنسان كل ما يريده دون ضوابط، لأنّ أشدّ الدول ديمقراطية تضع قيودًا على حرّيات الأفراد دون أن يُقْصَدَ من ذلك إعدام الحرّيات أو التقليل من شأنها، بل تنظيمها من أجل الحفاظ على مصالح الجماعة والنظام العام[105].

ثانيًا: إحترام المساواة في النظام الديمقراطي.

يعتبر مبدأ المساواة مبدأ أساسيًا ومُهِمًّا في النظام السياسي الديمقراطي لا يَقِلُّ أهمّية عن مبدأ الحقوق والحرّيات العامّة.

فالثقافة الديمقراطية هي في منطلقها الأول ثقافة مساواة، حيث تفترض هدم النظام التراتبي أو التفاضلي الموروث عن القرون الوسطى لِيَحُلَّ محلّه نظام المساواة الحديث[106].

والمقصود من المساواة كأساس من أسس الديمقراطية هي المساواة القانونية السياسية، التي تعني عدم التميّيز بين الأفراد في تمتّعهم بالحقوق والحرّيات التي يكفلها الدستور والقانون، وأنّ خرق المساواة لا يجوز إلاّ لسبب متعلّق بالمصلحة العامّة وبمقتضى نص قانوني[107].

وتتمثل المظاهر الأساسية  للمساواة في النظام الديمقراطي فيما يلي:

1- المساواة أمام القانون:

ويُقصد بها أنّ أفراد المجتمع جميعهم سواسية أمام تطبيق القانون[108]. وقد نصّ الدستور  الجزائري على هذا المبدأ بأنّ << كلّ المواطنين سواسية أمام القانون[109] >>، وهذا معناه أنّه لا يمكن أن يكون هناك أي تميّيز أمام القانون بسبب المولد أو العرق أو الجنس أو الرّأي أو أي شرط أو ظرف آخر سواء كان ظرفا شخصيًا أو إجتماعيًا.

ولابدّ من التنبيه هنا، إلى أنّ المساواة أمام القانون ليس معناه المساواة الفعلية في ظروف الحياة المادية، بل المقصود أنْ يتمتّع الجميع بحماية القانون دون تميّيز في المعاملة أو في تطبيقه عليهم[110].

2- المساواة أمام القضاء:

ويعني بها أنّ جهة القضاء التي تقوم بالفصل بين المتقاضين لا تختلف بإختلاف الوضع الإجتماعي لهم، وهذا لا يمنع من تنوّع جهات القضاء تبعا لتخصصاتها[111]. وقد تجسّد هذا المبدأ في الدستور الجزائري الذي نصّ على أنّ << الكلّ سواسية أمام القضاء[112] >>. وبمقتضى هذا المبدأ فإنّ جميع المواطنين يقفون أمام محكمة واحدة بحيث لا تختلف بإختلاف الطبقات الإجتماعية، كما تكون إجراءات التقاضي مُوَّحَدَةً، وكذلك العقوبات المقرّرة للجرائم.

3- المساواة في الحقوق السياسية:

 والمقصود منها تلك الحقوق التي يتساوى المواطنون فيها من حيث المشاركة في شؤون الحكم والإدارة، كحق الإنتخاب وحق الإشتراك في إستفتاء شعبي وحق الترشح للبرلمان أو لرئاسة الدولة والوظائف العامّة[113]. وقد نصّت معظم الدساتير على هذا الحق، وخصوصا الحق في التصويت، ومنها الدستور الجزائري الذي نصّ على أنّه << لكلّ مواطن تتوفر فيه الشروط القانونية أن يَنْتَخِبَ ويُنْتَخَب[114] >>.

4- المساواة في الأعباء والتكاليف العامّة: ويشمل:

المساواة أمام التكاليف الضريبية والمساواة أمام أداء الخدمة العسكرية.

أـ المساواة أمام الضرائب:

 ويتحقق ذلك من خلال مساهمة الأفراد في أداء الضريبة حسب مداخيلهم وثرواتهم مع إعفاء ذوي المداخيل الضعيفة[115]. وقد نصّ الدستور الجزائري على ذالك حينما نصّ على أنّ << كل المواطنين متساوون في آداء الضريبة[116] >>

ب- المساواة في أداء الخدمة العسكرية: وذلك من خلال إلتزام جميع المواطنين بأداء الخدمة العسكرية، إلاّ من كان يعاني من عدم القدرة البدنية أو العقليّة لأداء هذا الواجب[117].

5- المساواة في الإنتفاع بالمرافق العامّة:

ويُقْصَدُ به أنّ جميع المواطنين سواسية من حيث الإنتفاع بالمرافق العامّة بما تُقَدِّمُه من خدمات للمجتمع

سواء كانت مرافق إدارية أم تجارية أم إقتصادية.

وقد نصّ الدستور الجزائري على أنّه << تسهر الدولة على التساوي في الالتحاق بالتعليم والتكوين المهني[118] >>، كما نصّ أيضا على أنّ << الرّعاية الصحية حق للمواطنين[119] >>.

وما تجدر الإشارة إليه، هو أنّ إنكار مبدأ المساواة بشكل عام، وعدم مراعاة حقوق الإنسان يحول دون فُرص التَحوُّلِ السلمي إلى الديمقراطية، وكذالك فإنّ إنكار المساواة السياسية بين المواطنين يفتح الباب للفتن و الحروب الأهلية، ومن هنا كان العمل من أجل إقرار مبدأ المساواة و الإعتراف بحقوق المواطنة وتوسيع نطاقها. فالحروب الأهلية والإنتفاضات الشعبية لم تقم عبر التاريخ إلاّ نتيجة لغياب المساواة[120].

هذا ويُلاَحَظ أنّ الحرّية والمساواة نجدهما في الغالب يُذكران معا، وذالك لأنّ أغلب الفقهاء يَرَوْنَ أنّه لا حرّية بدون مساواة، أيّ أنّه إذا لم تكن هناك مساواة بين الأفراد في التمتّع بالحرّية، فإنّه لا يصح حينئذ الإدّعاء أنّه توجد حرّية[121].

الفرع الثالث: مبدأ الفصل بين السلطات.

يعود مبدأ الفصل بين السلطات إلى فلسفة القرن الثامن عشر، حيث نجد صياغته الحديثة في كتاب      [ روح القوانين ] لِ [ مُونْتِسِكْيُو ]، بإعتباره سلاحًا من أسلحة الكفاح ضد الحكومات المُطلقة التي كانت قائمة على تركيز السلطات[122].

وعلى نحو العموم فإنّ المقصود من هذا المبدأ هو توزيع وظائف الدولة على هيئات منفصلة تَسْتَقِلُّ كُلٌّ منها عن الأخرى في مباشرة وظيفتها، بحيث يتحقق داخل الدولة سلطة تشريعية وظيفتها وضع القوانين، وسلطة تنفيذية مهمّتها تنفيذ هذه القوانين، وسلطة قضائية مهمّتها الفصل في المنازعات والخصومات[123].

ذلك أنّ تجميع السلطات في يَدٍ واحدة يؤدّي إلى الإستبداد، لأنّ الإنسان يتمادى في إستخدام حقه وسلطته، وللحدّ من ذالك وَجَبَ وضع قيود لتلك السلطة، ولا يتحقق ذالك إلاّ بوجود سلطة مقابلة لها، وعليه لا قيمة للقوانين إذا لم تكن السلطات مُوَزَّعَةً بين هيئات مختلفة تعمل من أجل تحقيق المصلحة العامّة، وتُوقِفُ كُلٌّ منها الأخرى عند إعتدائها على إختصاصاتها[124].

فالحرّية السياسية لا يمكن ضمانها إلاّ في الحكومات المعتدلة، وهي لا تتحقق إلاّ عند عدم التعسّف في إستعمال الحق، وللوصول إلى عدم إساءة إستخدام السلطة يجب أن يقوم النظام على أساس أنّ السلطة تَحُدُّ السلطة[125].

لهذا نجد أنّ مبدأ الفصل بين السلطات يهدف إلى فصل البرلمان عن الحكومة من جهة، وفصل القضاء عن الحكّام من جهة ثانية، لضمان إستقلالية وإضعاف سلطة الحكام، كما يهدف إلى المحافظة على الحرّية ومنع الإستبداد، لأنّ الحرّية تنتفي إذا لم تكن سلطة القضاء منفصلة عن الحكّام[126].

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ هناك من يرى أنّه من الأفضل أَنْ يُطْلَق على مبدأ الفصل بين السلطات تسمية مبدأ [ عدم الجمع بين السلطات ] وذلك من أجل تجنّب الفهم الخاطئ لهذا المبدأ الذي قد يقود إلى التطرّف في الفصل بين سلطات الدولة الثلاث[127].

وعلى ضوء مبدأ الفصل بين السلطات جرى الفقه الدستوري على التميّيز بين أنواع الأنظمة السياسية المعاصرة. فحيث يكون هذا الفصل من المرونة التي تسمح بالتعاون المتبادل بين السلطات نكون بصدد نظام برلماني، و حيث يتمّ الفصل بين هذه السلطات بالجمود والمغالات نكون بصدد نظام رئاسي، أمّا النظام المجلسي أو حكومة الجمعية فهو صورة يتنكّر فيها النظام لمبدأ الفصل بين السلطات، ويذهب بَدَلاً من ذلك إلى إدماج السلطة وتركيزها بيد الهيئة التشريعية[128].

من هذا المنطلق، فإنّ النظام الديمقراطي يقتضي لقيامه عدم الجمع بين السلطات في يد فرد أو هيئة واحدة، وعلى الدستور الديمقراطي أَنْ يكفل عدم الجمع بين كُلٍّ من السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والسلطة القضائية، وعليه لتحقيق ذالك أن يُبَيِّنَ إختصاصات كلّ سلطة من السلطات الثلاث، إختصاصات تُمَكِّنُ كُلُّ واحدة منها إيقاف الأخرى عند حدود إختصاصاتها الدستورية، ويجب أن يراعى في توزيع الإختصاصات بين السلطات الثلاث ضرورة أَنْ تشمل تلك الإختصاصات جميع أبعاد السلطة التي يتطلّبها قيام الدولة بدورها كاملا، كما يجب أن يُرَاعَى ضرورة التوازي بين السلطات الثلاث، فضلاً عن ضرورة مراعاة التعاون بينها، بما يكفل قيام الدولة بوظائفها إتجاه المجتمع الذي تحكمه[129].

وممّا لا شكّ فيه، أنّ تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات و إن كان الهدف الجوهري منه هو ضرورة عدم الجمع بين السلطات في يَدِ فرد أو مؤسّسة بما يُمَكِّنُ الدولة من أداء وظائفها إتجاه المجتمع الذي تحكمه، إلاّ أنّ هناك مجموعة من النتائج المهمّة التي تترتب عن الأخذ بهذا المبدأ، والتي من أهمّها:

1ـ ضمان مبدأ المشروعية:

حيث يتمّ خضوع الحاكم والمحكوم للقانون، فالسلطة بهذا المعنى تخضع للقانون الذي ينظّمها ويرسم حدود عملها ويقرّر بطلان تصرّفاتها إذا ما خالفته أو خرجت عن قواعده[130].

من هنا فالنّظام الديمقراطي يحتاج إلى دستور في العالم المعاصر، ويجري في هذا الدستور تحديد حقوق الشعب الرئيسيّة ونطاق صلاحيات الحكومة وأجهزة الدولة. والذين لا يؤمنون بمثل هذا الدستور إنّما هم في الحقيقة يمنحون الحق للسلطة في فرض رغباتها ووُجُهَاتِ نظرها على الشعب وحينئذٍ يهيمن الإستبداد[131].

ومن ثَمَّ، فإنّ الأجهزة العامّة في الدولة وبموجب الدستور الذي يحدّد وظائفها وإختصاصاتها تبقى خاضعة للرّقابة أَيًّا كانت طبيعتها وصُوَرُهَا، سواء كانت رقابة سياسية أم قضائية أم شعبية[132].

2- منع الإستبداد وحماية الحرّيات:

ذلك أنّ الحرّية لا توجد إلاّ في الحكومات المعتدلة، ولكن حتى في الدول المعتدلة لا توجد الحرّية دائما فهي تتحقق فقط حينما تتقيّد السلطة ويمتنع إساءة إستعمالها. كما أنّ التمادي في إستعمال السلطة يؤدّي إلى الإستبداد ما لم يكن هناك حدود توقفه. وبهذا يكون مبدأ الفصل بين السلطات بما يحققه من رقابة متبادلة هو الكفيل بصيانة حقوق الأفراد وحرّياتهم، لأنّ جمع السلطات وتركيزها في يَدٍ واحدة أو هيئة واحدة سوف يؤدّي إلى التحكّم والإستبداد وضياع هذه الحقوق و الحرّيات[133].

 3- تحقيق إتقان العمل:

حيث يعمل هذا المبدأ على تقسيم الوظائف المختلفة للدولة على هيئات مستقلّة، وهذا بدوره يؤدّي إلى

 إتقان هذه الهيئات لعملها، وهذا يتفق ومبدأ التخصّص في العمل الذي يحقق الإجادة والإتقان[134].

ممّا تقدّم، يتضح أنّ النّظام الديمقراطي يقتضي وجود دستور يمنع تركيز السلطة في يد فرد أو هيئة معيّنة، بل لابدّ من توزيعها على هيئات مستقلّة.

المطلب الثالث: مقارنة الأسس الدستورية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

في هذا المطلب سأتطرّق إلى مقارنة موضوعية بين الأسس التي يقوم عليها النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي، وذلك من حيث الحاكميّة ( الفرع الأول )، ومن حيث الحرّيات والمساواة في كُلٍّ منهما    ( الفرع الثاني )، وأخيرًا من حيث الفصل بين السلطات ( الفرع الثالث ).

الفرع الأوّل: مبدأ الحاكميّة بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

من خلال ماتقدّم، يتضح جَلِيًّا أنّ النظام الإسلامي يستند في أساسه على أنّ الحكم لله تعالى وحده، وبعبارة أخرى أنّ ماجاءت به الشريعة الإسلامية هو المرجع الأساس الذي يقوم عليه النظام الإسلامي، ومن هذا المنطلق فإنّ السيادة المطلقة في الإسلام للشرع لا للشعب. ذلك أنّ الإسلام لم يأتِ نَصٌ واحد من نصوصه يدلّ على أنّ مثل هذه السيادة للشعب، بل إنّ جميع النصوص قد نصّت صراحة على أنّ السيادة للشّرع لا للشعب[135]، وأنّ التشريع هو ما أتى به الوحي، لا مجلس الأمّة، وأنّ القانون الذي يُرْجَعُ إليه عند الإختلاف والمنازعات إنّما هو القرآن والسنّة والإجماع والقياس[136].

من هذا المنطلق، إِعْتُبِرَ ركن الحاكميّة الإلهيّة في النظام السياسي الإسلامي أحد أهمّ الرّكائز التي يقوم عليها هذا النظام، ذلك أنّ القانون الكامل وِفْقَ المفهوم السياسي الإسلامي لا يمكن أَنْ يتحقق إلاّ من خلال هذه الحاكميّة، ويُسْتَدَلُّ على ذلك من خلال عدّة مقدّمات:

– المقدّمة الأولى: إنّ الإنسان يميل نحو الحياة المدنية، إمّا لكونه مَدَنِيًا بالطبع أو لكونه مُسْتَخْدِمًا بالطبع.

– المقدّمة الثانية: أنّ الحياة الإجتماعية لا تستقرّ إلاّ بتعرّف أعضاء المجتمع على وظائفهم وحقوقهم، وهذا لا يتسنىَّ إلاّ بالتشريع.

– المقدّمة الثالثة: أنّ مهمّة التشريع الشاقّة لا يقوم بها إلاّ من إجتمعت فيه عدّة شروط، أهمّها: معرفة المُشَرِّع الكاملة بالإنسان، وعدم إنتفاعه من القانون الذي وضعه، وأَنْ يبني قانونه على صرح الإيمان.

– المقدّمة الرابعة: أنّ هذه الشروط لا توجد على وجه الكمال إلاّ في الله تبارك وتعالى خالق البشر[137].

والنّتيجة، هي أنّه إذا كان القانون الكامل واستقرار الحياة الإجتماعية لا يتمّ إلاّ من خلال التشريع الإلهي، فهذا معناه أنّ الحاكميّة الإلهيّة تصبح ضرورة لا غِنَى عنها في النظام السياسي الإسلامي.

وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الرّكن في قوله تعالى: { إِنْ الحُكْمُ إلِاَّ لِلَّهِ أَمَرَ أَنْ لاَ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ القَيِّم[138] }.

وهنا تجدر الإشارة إلى أنّ الله تعالى إذا منح حق الحاكميّة لأحد وأعطاه حق التشريع بالتبعيّة في إطار الصلاحيات المُفَوَّضَة إليه، فإنّه سيمتلك حق الأمر والنّهي ووضع القوانين، وتكون ولايته حينئذٍ ولاية الله، وأمره أمر الله، وعصيانه عصيان الله. والمثال الأبرز لهذا المفهوم هم الأنبيّاء، فهم المنفّذون للأوامر والقوانين الإلهيّة ويتمتّعون بوجوب الطاعة في إطار الولاية المُعْطَاة لهم، قال تعالى:

{ مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّه[139] }، وقال أيضًا: { وَمَاكَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الخِيَّرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ[140] }.

فالرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله في حياته، حاكم ومُشَرِّع[141].

لكن السؤال المطروح في هذا المقام هو: هل يمكن للأمّة أنْ تمارس سيادتها في إطار المبادئ والنّصوص الشرعية؟

هنا ظهرت دراسات حول مدى وجود مبدأ سيادة الأمّة في النظام الإسلامي، فتفرّق الباحثون فيه إلى طائفتَيْن، إحداهما إتجهت إلى أنّ الإسلام قد أخذ بهذا المبدأ، ومن رُوّاد هذه الطائفة محمّد بخيت المطيعي في كتابه المعروف [ حقيقة الإسلام وأصول الحكم ]، وعبد الوهاب خلاّف في كتابه [ السياسة الشرعية ]، وعليّ عبد الرزّاق في كتابه [ الإسلام وأصول الحكم ]، وعبد الرزّاق السنهوري من خلال بحث له منشور بمجلّة المحاماة الشرعيّة، ومحمّد ضياء الريّس في كتابه [ النظريات السياسية الاسلامية ][142] .

وأمّا الطائفة الثانية فقد ذهبت إلى أنّ الإسلام لم يأخذ بهذا المبدأ، ومن رُوّادِهَا عبد الحميد متوّلي في كتابه [ نظام الحكم في الإسلام ]، وكذالك صلاح دَبُوس في كتابه [ الخليفة توليّته وعزله ][143].

لكن أهمّ إنجاز يمكن أَنْ يشار إليه في هذا المقام ونحن في هذا القرن، هو سيادة الأمّة الذي دعا إليها البعض لكنّها سيادة في إطار الديمقراطية المبدئية أو الجمهورية المذهبيّة. وهي سيادة لا تتناقض مع أسس ومبادئ الشريعة الإسلامية، حيث تُشَكّلُ آراء النّاس أساس قيام الحكومة، ولكن لا بشكل مطلق ودون قيد أو شرط، وإنّما يتمّ ذلك في إطار مذاهب الشريعة الإسلامية، فللنّاس حق إبداء آرائهم، ويمكنهم أن يرشحوا أنفسهم أو ينتخبوا غيرهم، ولكن كلّ ذلك مع لحاظ قواعد المذهب الخاصّ.

ومن الطبيعي أنّه لا يمكن إنتخاب أَيٍّ كان في هذا النوع من السيادة وتسليمه سدّة الحكم، ولا يمكن لأيّ قانون أَنْ يقع موقع الموافقة من قِبَلِ المجلس البرلماني، وإنّما السيادة هنا لها إطار وحدود يرسمها المذهب الإسلامي الأساس[144].

من هنا، فإنّ المدار في هذا النوع من السيادة هو آراء الشعب سواء في التشريع أو التنفيذ، إلاّ أنّ ذلك ليس مطلقًا، وإنّما هو في إطار ما يحدّده المذهب الإسلامي الأساس لأيٍّ من السلطات الثلاث، التشريعية والتنفيذية والقضائية[145].

وعلى عكس من ذلك، فإنّنا نجد في مبدأ سيادة الأمّة أو الشعب التي تستند إليه الأنظمة الديمقراطية سيادة مطلقة غير مقيّدة بشرط أو قيد، وبالتالي فهي تقوم على حرية مطلقة وليس في إطار ضوابط    ومبادئ معيّنة، حتى ولو كانت هذه الحرّية خارجة عن قواعد الفطرة الإنسانية، فضلاً عن القواعد الأخلاقية.

وبالتالي، يتضح التمايز بين سيادة الأمّة التي يحترمها الإسلام ويجعل لها مكانًا في نظامه السياسي، وبين سيادة الأمّة التي يقوم عليها النظام الديمقراطي.

الفرع الثاني: مبدأ الحقوق والحرّيات بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

إتّضح ممّا تقدّم[146]، أنّ الفكر الإسلامي يَعْتَرِفُ بحقوق الفرد وحرّياته في إطار القواعد الشرعيّة، وقد أعلن الإسلام تلك الحقوق والحرّيات في زمن لم يكن للفرد فيه حق أو حرّية في وجه السلطة.

فقد عبّر الفكر الإسلامي عن فكرة إسلامية مفادها أنّ للشعب حقوقًا لدى السلطة، وأنّ هناك مسؤوليات تقع على عاتق السلطة إلى جانب ما تمتلك من حقوق وصلاحيات.

فقبل أنْ تُطرَح فكرة المجتمع المدني ونحوها بألف ومئة عام تقريبًا، كان الإمام عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه يقول: << إنّ لي حق الوالي ولكم حق المُوَلَّى عليه >>، حيث بمجرّد أَنْ نقول إنّ ثَمَّةَ حَقًا سيكون هناك واجب ومسؤولية في مقابله. فمشروعية السلطة في الإسلام تتحدّد بشرطيْن:

ــ أحدهما: أَنْ تؤدّي السلطة حق الشعب.

ــ والآخر: أَنْ تتولّى توظيف صلاحياتها في أطر موضوعية جرى تحديدها[147].

مِن هذا المنطلَق يمكن القول، بأنّ مبدأ الحقوق والحرّيات في النظام الاسلامي ليس مأخوذًا من جذور غير إسلامية، بل هو فكرة متصلة إتصالا وثيقًا بمبادئ الدّين الإسلامي.

و لهذا يُعَبّرُ رفاعة الطهطاوي في كتابه [ تخليص الإبريز في تلخيص باريز ] بالقول:

<< ومايسمّونه الحرّية ويرغبون فيه، هو عَيْنُ ما يُطْلَقُ عليه عندنا العدل والإنصاف، وذلك لأنّ الحكم بالحرّية هو إقامة التساوي في الأحكام والقوانين، بحيث لا يجور الحاكم على إنسان، بل القوانين هي المَحكمة المُعتبَرَة[148] >>.

ويؤكّد خير الدّين التونسي، أنّ التقدّم في المعارف وأسباب العمران لا يتيّسر للعرب والمسلمين بدون إجراء تنظيمات سياسية تناسب التنظيمات التي نشاهدها عند غيرنا في التأسيس على دَعَامَتَيْ العدل والحرّية، اللَّتَيْنِ هما أصلان في شريعتنا، ولا يخفى أنّهما مَلاك القوّة والإستقامة[149].

كما تمتدّ الحقوق والحرّيات في الإسلام كأصل عام، إلى كلّ مجال في الحياة لِتُمَارَسَ فيه، لا يحدّها في ذلك إلاّ ما جاء في كتاب الله تعالى وسنّة نبيّه صلّى الله عليه وآله من نواهي[150].

وهنا تجدر الإشارة أيضًا، إلى أنّ المساواة التي سعت الشريعة الإسلامية إلى تحقيقها هي مساواة مقيّدة يجري فيها التساوي بين الأفراد، كالمساواة بين أصحاب المراكز المتماثلة في الإستفادة من وضع معيّن إذا تساوت ظروفهم إتجاه هذا الوضع، وهو ما يُعَبَّر عنه بالمساواة القانونية، وليست المساواة المطلقة بين الأفراد في جميع الأحوال دون النظر إلى إختلاف الشروط والظروف والتفاوُت في المواهب والإستعدادات والمهارات[151].

مِن هنا، يتضح أنّ مبدأ الحقوق والحرّيات والمساواة في النظام السياسي الإسلامي يتميّز عنه في النظام الديمقراطي من حيث التقيّيد وعدم التقيّيد، فبينما نجد هذا المبدأ يُمَارَسُ في النظام الإسلامي في إطار قواعد وضوابط شرعية، نجده في النظام الديمقراطي يُمَارَسُ بدون وجود ضوابط وقواعد مادامت تلك الحرّية لا تمس بحقوق الآخرين، وهنا لابدّ من التنبيه إلى أنّ عدم المساس بحقوق الآخرين مع إعطاء الحرّية المطلقة فيه مغالطة، فمثلاً لو نظرنا إلى حالة الإنحلال الأخلاقي في النظام الديمقراطي سنجده نوعًا من الحرّية التي يكفل حمايتها هذا النظام، حيث تُمَارَسُ بدون قيود أو ضوابط، بينما لو تَمَعَّنَا في مثل هذه الحرّية سنجدها تمس بحقوق الآخرين، لأنّ هناك من لا يرضى بمثل هكذا حرّية، ومن ثَمَّ فإنَّ الحرّية المطلقة ستؤدّي حتما إلى المساس بحقوق الآخرين، أو على الأقل إستفزاز مشاعرهم الفطرية والأخلاقية.

كما يتضح جليًّا من خلال تعرّضنا لمبدأ الحقوق والحريات في كُلٍّ من النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي أنّ هناك فرقا جوهريًا، يتمثل في أنّ الحقوق والحرّيات في النظام الإسلامي إنّما تقوم على أساس أخلاقي وديني، حيث يشترك جميع الناس في الحقوق والواجبات على حدّ سواء، فإذا طالب الإسلام بالعدل فإنّه يطالب بذلك على النّاس جميعًا لا فرق بين أسودهم وأبيَّضهم، ولا فرق بين أَنْ يعامل الإسلام فردًا من أمّته أو من أمّة أخرى.

بينما نجد في النظام الديمقراطي أنّ مبدأ الحقوق والحرّيات أساسه سياسي بالدرجة الأولى، فهو يدور في محور الأمّة الذي ينتسب إليها الفرد، وبعبارة أخرى: إنّ الاسلام جعل من الحقوق والحرّيات ذو بُعْدٍ عالمي إنساني، يهدف إلى تحسين علاقة النّاس مع بعضهم البعض من غير النظر الى الجنس أو اللّون أو الوطن، وَوَضَعَ تعاليمه على هذا الأساس. أمّا النظام الديمقراطي فإنّه ينظر إلى الحقوق والحرّيات كما ينظر إلى القانون، فكما أنّ لكلّ أمّة قانونها الخاص، فكذلك لكلّ أمّة حقوقها وحرّياتها، فَمِحْوَرُ الحقوق والحرّيات في هذا النظام هو الأمّة التي يعمل لصالحها السياسيون بقطع النظر عن غيرها من الأمم، فإذا كان هناك عمل ينفع الأمّة ويضرّ سائر الأمم يقومون به حتى وإِنْ كان في ذلك هضم لحقوق وحرّيات سائر الأمم.

والشاهد على ما نقول، هو الواقع السياسي العالمي والذي يشهد على وجود دول تتمتع بأحقّية فعل أيّ شيء تراه مصلحة لها ولشعوبها، بينما لا يحق لدول أخرى أنْ تتمتع بأبسط مقوِّمات الحياة الإنسانية، ومنها الحرِّية، فالدول التي تتغنّى بمبدأ الحرّيات والمساواة في دُوَلِهَا هي نفسها التي تحارب هذا المبدأ في دول أخرى، وفي مقدّمة هذه الدول الولايات المتحدة الأمريكية الداعم الأكبر للإستعمار في العصر الحديث، والتي بَنَتْ سياستها الخارجية على الدعم اللاّمحدود لِمَا يسمى بدولة إسرائيل.

أمّا داخل الولايات المتحدة الأمريكية فيقول [ غريغ بالاست ]:

<< لابدّ أنّك تقرأ الصحف وتشاهد التلفزيون، لذا فأنت تعرف نوع التقارير الصحفية التافهة والمسطحة والمسمّمة تجاريًا التي تحصل عليها في أمريكا، يمكنك أنْ تسمّي هذا الكتاب [ مالم تقرأه في نيويورك تايمز و ما لا يمكنك مشاهدته على محطة cbs ]، على سبيل المثال: قبل خمسة أشهر من إنتخاب تشرين الثاني لعام 2000م، تحرّك حاكم فلوريدا [ جيب بوش ] للتخلّص من 57.700 شخصًا من قائمة المُصَوِّتين يَفترض أنّهم مجرمون لا يُسمح لهم بالتصويت.

في الحقيقة معظمهم كانوا بريئين من الجرائم، ولكنّهم كانوا مُذنبين لكونهم زُنوجًا.

لقد كَتبتُ هذا التقرير للصفحة الأولى من الصحيفة الأولى في الأمّة، ولكنّها كانت الأمّة الخطأ: بريطانيا، ظهر التقرير في صحيفة [ الغارديان ] الصادرة في لندن وفي أختها صحيفة [ الأبزيرفر ] التي تصدر يوم الأحد، وكان بإمكانك مشاهدته على التلفزيون أيضًا بأروبا في برنامج [ أخبار المساء ] على تلفزيون [ بي بي سي ] الذي يبث تحقيقاتي[152]  >>.

وهنا قد يقول قائل: إنّ مثل هذه التصرّفات الصادرة عن حاكم ولاية في أكبر دولة ديمقراطية في العالم المعاصر، ليس بالضرورة أن يكون منسجمًا مع مبدأ الحرّيات والمساواة الذي هو أحد مبادئ الديمقراطية، فالعيب ليس في الديمقراطية بحدّ ذاتها بقدر ما هو في مَنْ يَدَّعُونَ ممارستها.

والحقيقة أنّ الأمر ينطبق أيضًا على ما يمارسه بعض المسلمين وما مارسوه عبر التاريخ، فإنّ الإسلام الذي كفل الحرّية والمساواة لجميع الشعوب على ظهر المعمورة شيء، وما مارسه بعض المسلمين عبر تاريخهم شيء آخر.

فالحكم الأموي الذي ظهر فيه التميّيز السياسي والإجتماعي بين العرب وغيرهم، لم يكن إلاّ بسبب بُعدهم عن المبادئ القرآنية في التعامل بالتساوي بين جميع الأعراق والأجناس، بل جاءت فترة من الزّمن أُقْصِيَّ فيها غير العرب ـ وفي جميع المناطق ـ عن مناصب كثيرة، منها القضاء والإمامة في الصّلاة، ولهذا السبب ظهرت العديد من القِوَى التي عارضت الحكم الأموي فوقع العديد من الثورات ضد الأمويّين[153].

الفرع الثالث: مبدأ الفصل بين السلطات بين النّظام الإسلامي والنّظام الديمقراطي.

من المُسَلّم به أنّ الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله، كان إلى جانب رسالته الدعويّة  يتولّى سلطات الدولة الثلاث من تشريعية وتنفيذية وقضائية[154].

ومن المعلوم أنّ إختصاصات الخليفة لم تُحَدَّدْ لا عند بيعة أبي بكر ولا عند بيعة عمر ولا عند بيعة عثمان، والسّبب هو أنّ النّموذج الذي كان يُهَيْمِنُ على العقل السياسي الإسلامي هو نموذج أمير الجيش. لكن مسألة الإختصاصات بدأت تطرح نفسها بِحِدَّةٍ من خلال المآخذ  التي أخذها الثوار على عثمان، والتي تتلخّص في مسألة واحدة، وهي أنّه تَجَاوَزَ إختصاصاته، فقد عَيَّنَ أقاربه وتصرّف في خُمس الغنائم… إلخ.

وعندما قامت الثورة ضدّه خَطَبَ في النّاس، وكان من جملة ماقاله:

<< ألا فما تفقدون من حقكم؟ والله ما قَصّرتُ في بلوغ ماكان يبلّغ من كان قبلي، ولم تكونوا تختلفون عليه – يعني عمر بن الخطاب -، فَضَلَ فَضْلٌ من مال، فمالي لا أصنع في الفضل ما أريد؟ فَلِمَ كُنْتُ إِمَامًا؟ >>.

وعندما حاصروه وقالوا له: << أعزل عنّا عُمَّالَكَ الفسّاق وأستعمل علينا من لا يُتَّهَمُ على دمائنا وأموالنا واردُدْ علينا مظالمنا >>، فقال عثمان: << ما أراني إذن في شيء إِنْ كُنْتُ أستعمل مَنْ هَوَيْتُمْ وأعزل من كرهتم، الأمر إذن أمركم >>.

وهكذا كشفت الثغرة الدستورية عن وجهها على لسان الخليفة نفسه، لقد رفض إنتقادات الثوّار، ومطالبهم لأنّه كان يرى أنّ من اختصاصاته التصرّف في << فضل المال >> كما يشاء، وأنّ من اختصاصاته وحده إختيار العمّال والوُلاّة، وأنّ الحكم والسلطة يفقد مضمونه إذا هو جُرِّدَ مِن هذه الإختصاصات[155].

لعلّه ممّا تقدّم، يتضح جليًّا أنّ الخليفة كان يرى أنّ السلطة السياسية ما كان يجب أن تكون إلاّ في يده وحده وأنّ اختصاصاته غير مقيّدة، ولعلّ ذلك راجع إلى أنّه كان يرى لنفسه ما كان لرسول الله، مع أنّ الفرق بين الإِثْنَيْنِ واضح، فإنّ نظرة المسلمين إلى الرّسول الأعظم صلّى الله عليه وآله كانت تختلف عن نظرتهم إلى غيره.

وقد تركت هذه الوقائع والأحداث أثرها اليوم، وكأنّها تشريع مُنزّل، حيث بموجبها ذهب البعض إلى أنّه لرئيس الدولة وحده حق تبنّي الأحكام الشرعية وإصدار الدستور وسنّ سائر القوانين[156].

ممّا يعني، أنّ السلطة السياسية تكون مركَّزة بيد رئيس الدولة، وهذا معناه أنّ مبدأ الفصل بين السلطات في نظر هؤلاء هو مبدأ لا ينسجم مع الفكر الإسلامي على حدّ زعمهم.

الحقيقة أنّ السؤال المطروح في هذا المقام هو:

ما هو موقف الإسلام من مبدأ الفصل بين السلطات بإعتباره من منتجات الفكر الإنساني غير الإسلامي؟

لقد عالجت العديد من الكتابات الإسلامية الرّائدة هذه المسألة التي تطرّقت إلى موقف الإسلام من المنتجات الحضارية غير الإسلامية، وانتهت إلى أنّ الإسلام يقرّر جواز الإنفتاح على الحضارات الأخرى والتفاعل معها بعد أَسْلَمَتِهَا.

فالموقف الإسلامي السليم من الأفكار التي في النظم الإجتماعية والإقتصادية التي تمخّضت عن الحضارة الغربية ومفاهيم الإنسان الغربي عن الكون والحياة والإنسان، ليس موقف الرّفض المطلق وليس موقف القبول المطلق، لأنّ الإسلام ينظّم شؤون الحياة جميعًا، ولذلك فلا بد من عرض كلّ تغيّير جديد يطرأ على مظاهر الحياة الإنسانية في هذه المجالات على مبادئ الإسلام و أحكامه الخاصّة بهذا المجال الذي طرأ التغيّير فيه.

وحينئذٍ فما خالف أحكام الإسلام لابُدَّ أَنْ يُرفَضَ نهائيًا وبصورة قاطعة وحاسمة، وأمّا ما اتفق مع أحكام الإسلام أو لم يخالفها فإنّ الإسلام يرحب به، بعد أَنْ يطبعه بطابعه ويُسْبِغَ عليه من روحه وسِمَتِهِ المميّزة[157].

وعلى هذا يمكن القول، بأنّ تركيز السلطة السياسية في يد واحدة أو فصلها عن بعضها بتوزيعها على عدّة هيئات إنّما يدخل في باب المباح في الفكر الإسلامي، بمعنى أنّ التركيز جائز والفصل جائز بشرط أنْ لا يؤدّي أيٍّ منهما إلى مفسدة[158].

 ومن هنا، فإذا كان هدف مبدأ الفصل بين السلطات هو حماية وضمان حرّيات الأفراد ضدّ الإستبداد الذي يلازم جمع وتركيز السلطات، فإنّ مبادئ الإسلام وروحه لا تنكر الأخذ بهذا المبدأ، لأنّ الإسلام يحترم و ينصّ على الحرّيات والمساواة الإنسانية وهو ضد الإستبداد وضد ظلم الأفراد، وهو مع إحترام حرّية الرّأي و يرغِّب على الأمر بالمعروف والنهيّ عن المنكر بل يوجبه، ومن ثَمَّ هذه الروح العامّة تسمح تمامًا بل وتوجب تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات، لأنّ ما يُحقق مصالح الأفراد ويضمن الحرّية واحترام الشرعية هو من الإسلام[159].

ممّا تقدّم جميعًا، يتضح أنّ الإسلام لم يتطرّق إلى قضية الفصل بين السلطات بالمفهوم الحديث، حيث يعتبر هذا المبدأ من المبادئ التي أصبحت إحدى الأسس الدستورية في الدول القانونية الحديثة التي تستند على أساس ديمقراطي سليم، لكن الإسلام في نفس الوقت لم يمنع أتباعه من الإستفادة من كلّ منتجات الحضارات الإنسانية الأخرى بما يتلاءم وينسجم مع مبادئ الدّين الإسلامي الحنيف.

[1]- عليّ بن الحسين أبو الفرج الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة، مصر، دون سنة طبع، ص 126.

[2]- هشام أحمد عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكميّة ـ رؤية معرفية -، الطبعة الأولى، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الولايات المتحدة الأمريكية، 1995، ص 57.

[3]- سورة المائدة، الآية 1.

[4]- محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آيّ القرآن، ج 6، الطبعة الثالثة، مطبعة البابي الحلبي، القاهرة، مصر، 1968، ص 553.

– سورة يوسف ، الآية 67. [5]

[6]- محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آيّ القرآن، ج 13، المرجع السابق، ص 34.

[7]- سورة الرّعد، الآية 41.

[8]- سورة الزمر، الآية 3.

[9]- محمّد عمارة، الدولة الإسلامية بين العلمانية والسلطة الدينية، دار الشروق، القاهرة، مصر، 1988، ص 34.

[10]- سورة النّساء، الآيات 58- 59.

[11]- محمّد بن جرير الطبري، جامع البيان عن تأويل آيّ القرآن، ج 5، المرجع السابق، ص 144.

[12]- أحمد بن حنبل، مسند الإمام أحمد، ج 5، دار صادر للنشر، بيروت، لبنان، دون سنة طبع، ص 651، حديث رقم 22214، والحديث مروي عن أبي أمامة الباهلي.

[13]- هشام أحمد عوض جعفر، المرجع السابق، ص 68.

[14]- محمود الخالدي، قواعد نظام الحكم في الإسلام، الطبعة الأولى، مؤسسة الإسراء للنشر والتوزيع، قسنطينة، الجزائر، 1991، ص 24.

[15]- سورة الأعراف، الآية 54.

[16]- أحمد جنّتي، مقالات المؤتمر الثالث للفكر الإسلامي في طهران – الحكومة الإسلامية والتقنين -، المرجع السابق، ص47.

[17]- سورة آل عمران، الآية 154.

[18]- محمود الخالدي، المرجع السابق، ص 35.

[19]- محمّد بن عليّ الشوكاني، إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق في علم الأصول، الطبعة الأولى، مطبعة البابي الحلبي، مصر، 1937، ص 8.

[20]- جمال البنّا، روح الإسلام، مطبعة حسّان، مصر، 1972، ص 48.

[21]- أنظر سورة النّحل الآية 90، وسورة النّساء الآية 58، وسورة المائدة الآية 18، وكذالك سورة الشورى الآية 15.

[22]- أنظر سورة آل عمران الآية 18، وسورة المائدة الآية 42، وسورة النساء الآية 135، وسورة الأنبياء الآية 47، وسورة الحديد الآية 25، وكذالك سورة الشورى الآية 117.

[23]- جمال البنّا، المرجع السابق، ص 50.

[24]- محمّد الصادق عفيفي، المجتمع الإسلامي وأصول الحكم، الطبعة الأولى، دار الإعتصام، القاهرة، مصر، 1980، ص 107 .

[25]- إبن القيّم محمّد بن أبي بكر الزّرعي، إعلام الموَّقعين عن ربّ العالمين، تحقيق محيّ الدّين عبد الحميد، ج 3، الطبعة الأولى، مطبعة السّعادة، مصر، 1955، ص 33.

[26]- سعدي أبو جيب، الوجيز في المبادئ السياسية في الإسلام، الطبعة الأولى، دار البلاد للطباعة والنشر، جدّة، السعودية، 1982، ص 104.

[27]- سورة الشورى، الآية 42.

[28]- سورة الحج، الآية 39.

[29]- سورة النّساء، الآية 148.

[30]- فهمي هويدي، الإسلام والديمقراطية، الطبعة الأولى، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، مصر، 1993، ص 111.

[31]- فؤاد عبد المنعم أحمد، مبدأ المساواة في الإسلام، مؤسسة الثقافة الجامعية، بيروت، لبنان، 1972، ص 21.

[32]- فؤاد عبد المنعم أحمد، المرجع نفسه، ص 8.

[33]- عبد الحميد متولي، مبادىء نظام الحكم في الإسلام، دار المعارف، مصر، 1966، ص 835.

[34]- فؤاد عبد المنعم أحمد، المرجع السابق، ص 20.

[35]- سورة الحجرات، الآية 13.

[36]- نقلاً عن ظافر القاسمي، المرجع السابق، ص 85.

[37]- علاء الدّين عليّ المتقي الهندي، كنز العمّال في سُنن الأقوال والأفعال، ج 3، مؤسسة الرّسالة، بيروت، لبنان، 1989، ص 137.

[38]- سعدي أبو جيب ، المرجع السابق، ص 93.

[39]- محمّد الخضر حسين، نقض كتاب [ الإسلام وأصول الحكم ]، المطبعة السلفية، القاهرة، مصر، 1344هـ، ص 22.

[40]- زكيّ الدّين عبد العظيم المنذري، مختصر صحيح مسلم، المكتب الإسلامي، بيروت، لبنان، 1977، ص 278. حديث رقم 1046.

[41]- محمود حلمي، نظام الحكم الإسلامي مُقارَنًا بالنظم المعاصرة، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، 1970، ص 176.

[42]- وكيع محمّد بن خلف بن حيان، أخبار القضاة، ج 2، دار عالم الكتب، بيروت، لبنان، دون سنة طبع، ص 200.

[43]- أنظر سورة النّساء، الآية 1.

[44]- أنظر سورة النّساء، الآية 134.

[45]- قال رسول الله (ص آ): << مَن ترك كلاًّ فإلى الله >>. [ والكلّ: هو الولد الذي لم يترك له والده شيئًا ]. أنظر كتاب [ الأموال ] للقاسم بن سلام، تحقيق محمّد خليل هرّاس، الكليات الأزهرية، مصر، 1968، ص 236.

[46]- أحمد طلعت، الوجه الآخر للديمقراطية، دار الطريق للنشر والتوزيع، الجزائر، 1990، ص 48.

[47]- أحمد الموصلي، المرجع السابق، ص 36.

[48]- أبو حامد أحمد بن محمّد الغزّالي، الإقتصاد في الإعتقاد، المطبعة المحمودية، القاهرة، مصر، دون سنة طبع، ص 215.

[49]- محمّد محفوظ، الإسلام ورهانات الديمقراطية – من أجل إعادة الفاعلية للحياة السياسية والمدنية -، الطبعة الثانية، المركز الثقافي العربي، بيروت، لبنان، 2002، ص 58.

[50]- محمّد محفوظ، المرجع نفسه، ص 58.

[51]- محمّد مهدي شمس الدّين، في الإجتماع السياسي الإسلامي – محاولة تأصيل فقهي وتاريخي -، الطبعة الأولى، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، لبنان، 1992، ص 107.

[52]- محمّد محفوظ، المرجع السابق ، ص 60.

[53]- توفيق الشاوي، فقه الشورى والإستشارة، الطبعة الأولى، دار الوفاء للنشر والتوزيع، مصر ، 1992، ص 192.

[54]- محمّد الغزالي، أزمة الشورى في المجتمعات العربية والإسلامية، دار الشرق الأوسط للنشر، القاهرة، مصر ، 1990، ص 45.

[55]- عليّ خليفة الكواري، المسألة الديمقراطية في الوطن العربي، الطبعة الثانية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، لبنان، 2002، ص 24.

[56]- سورة الشورى، الآية 38.

[57]- سورة آل عمران، الآية 159.

[58]- عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 20.

[59]- محمّد برهام المشاعلي، المرجع السابق، ص 103.

[60]- محمّد طه بدوي، النظرية السياسية – النظرية العامّة للدولة -، المكتب المصري الحديث، مصر، دون سنة طبع، ص 122.

[61]- محمّد طه بدوي، المرجع نفسه، ص 122.

[62]- محمّد برهام المشاعلي، المرجع السابق، ص 20.

[63]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 39.

[64]- عدنان طه الدوري، المرجع السابق، ص 97.

[65]- عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية، دار المعارف، القاهرة، مصر، 1989، ص 143.

[66]- عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 45.

[67]- عبد الحميد متولي، القانون الدستوري والأنظمة السياسية، المرجع السابق، ص 144.

[68]- عدنان طه الدوري، المرجع السابق، ص 98.

[69]- محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 77.

[70]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 42.

[71]- ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص 71.

[72]- عدنان طه الدوري، المرجع السابق، ص 99.

[73]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 42.

[74]- محمّد كامل ليلة، المرجع السابق، ص 212.

[75]- محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 79.

[76]- ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص 72.

[77]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 49.

[78]- نقلاً عن عدنان طه الدوري، المرجع السابق، ص 101.

[79]- عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 31.

[80]- محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 85.

[81]- ماجد راغب الحلو، المرجع السابق، ص 74.

[82]- موريس دوفرجيه، المؤسسات السياسية والقانون الدستوري، ترجمة جورج سعد، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، لبنان، 1992، ص 59.

[83]- موريس دوفرجيه، المرجع نفسه، ص 61.

[84]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 55.

[85]- محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 87.

– عدنان طه الدوري، المرجع السابق، ص 103. [86]

[87]- عبد الرزّاق رزيق المخادمي، آخر الدّواء – الديمقراطية -، الطبعة الأولى، دار الفجر للنشر، مصر، 2004، ص 41.

– نَقلاً عن كارل بوبر، الحرّية والديمقراطية، ترجمة: عقيل يوسف عيدان، الطبعة الأولى، مركز الحوار للثقافة ( تنوير )، الكويت، 2009، ص 1.[88]

– داوود الباز، الشورى والديمقراطية النيابية، دار الفكر الجامعي، الإسكندرية مصر، 2004، ص 15. [89]

– علي خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 50.[90]

– محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 204.[91]

– محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع نفسه، ص 205- 209.[92]

– عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 51.[93]

– عليّ خليفة الكواري، المرجع نفسه، ص 51 .[94]

– محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 213.[95]

– عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 51.[96]

– محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 214.[97]

– محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع نفسه، ص 215.[98]

– كارل بوبر، المرجع السابق، ص 11.[99]

– كارل بوبر، المرجع نفسه، ص 12.[100]

– محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 215.[101]

– عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 54 .[102]

– أحمد صابر حوحو، ( مبادئ ومقوّمات الديمقراطية )، مجلّة المفكّر، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة بسكرة، دون سنة طبع، العدد 5 ، ص 332.[103]

– داوود الباز، النُظم السياسية للدولة والحكومة في ضوء الشريعة الإسلامية، دار الفكر الجامعي، مصر، 2006، ص 202. [104]

– داوود الباز، المرجع نفسه، ص 203.[105]

– جورج طرابيشي، في ثقافة الديمقراطية، الطبعة الأولى، دار الطليعة للطباعة والنشر، بيروت، لبنان، 1998، ص 40.[106]

– أحمد صابر حوحو، المرجع السابق، ص 334.[107]

– فؤاد عبد المنعم أحمد، المرجع السابق، ص 35.[108]

230- المادة 29، دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، مرسوم رئاسي رقم 96-438 مؤرخ في 07/12/1996 يتعلّق بإصدار نص تعديل الدستور،    جريدة رسمية عدد 76 بتاريخ 08/12/1996، ص 6.[109]

– فؤاد عبد المنعم أحمد، المرجع السابق، ص 35.[110]

– السيّد صبري، مبادئ القانون الدستوري، الطبعة الرابعة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 1994، ص 242.[111]

– المادة 14/ فقرة 2، الدستور الجزائري، المرجع السابق.[112]

– ثروت بدوي، النظم السياسية والقانون الدستوري، ج 1، دار الفكر العربي، القاهرة، مصر، 1970، ص 403.[113]

– المادة 50، الدستور الجزائري، المرجع السابق.[114]

– فؤاد عبد المنعم أحمد، المرجع السابق، ص 224. [115]

– المادة 64، الدستور الجزائري، المرجع السابق. [116]

– ثروت بدوي، المرجع السابق، ص 404.[117]

– المادة 53/ فقرة 4، الدستور الجزائري، المرجع السابق. [118]

– المادة 54/ فقرة 1، الدستور الجزائري، المرجع السابق.[119]

– عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 35- 36.[120]

– أحمد صابر حوحو، المرجع السابق، ص 334.[121]

[122]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 183.

[123]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع نفسه، ص 183-184.

[124]- سعيد بوالشعير، المرجع السابق، ص 166.

[125]- أشرف حافظ، المرجع السابق، ص 140.

[126]- أحمد صابر حوحو، المرجع السابق، ص 338 .

[127]- أحمد صابر حوحو، المرجع نفسه، ص 338.

[128]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 184 .

[129]- عليّ خليفة الكواري، المرجع السابق، ص 49.

[130]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 184.

[131]- محمّد خاتمي، الديمقراطية وحاكمية الأمّة، ترجمة: سرمد الطائي، الطبعة الأولى، دار الفكر ، دمشق، سوريا، 2003، ص 55- 56 .

[132]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 185.

[133]- محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 194.

[134]- نعمان أحمد الخطيب، المرجع السابق، ص 186.

[135]- أنظر سورة النّساء الآية: 58 – 59 – 65 و 105. سورة الشورى الآية: 10. سورة الأحزاب الآية: 36. و سورة المائدة الآية: 48.

[136]- محمود الخالدي، المرجع السابق، ص 58.

[137]- جعفر السبحاني، الإلهيّات بين الكتاب والسنّة والعقل، الدار الإسلامية، بيروت، لبنان، 1990، ص 500.

[138]- سورة يوسف، الآية 40.

[139]- سورة النّساء، الآية 80 .

[140]- سورة الأحزاب، الآية 36.

[141]- أحمد جنّتي، المرجع السابق، ص 48- 49.

[142]- حسن صبحي أحمد عبد اللّطيف، الدولة الإسلامية وسلطتها التشريعية، مؤسسة شباب الجامعة، الإسكندرية، مصر، دون سنة طبع، ص 222.

[143]- حسن صبحي أحمد عبد اللّطيف، المرجع نفسه،  226.

[144]- ناصر مكارم الشيرازي، المرجع السابق، ص 226.

[145]- ناصر مكارم الشيرازي، المرجع نفسه، ص 226.

– راجع الفرع الثاني من المطلب الأول، المبحث الثاني من الفصل الأول  [146]

[147]- محمّد خاتمي، المرجع السابق، ص 19- 20.

[148]- نقلاً عن عزّت قرني، ( العدالة والحرّية في فجر النهضة العربية )، مجلّة عالم المعرفة، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب، الكويت، 1980، عدد 30، ص 37.

[149]- عزّت قرني، المرجع نفسه، ص 7.

[150]- مصطفى أبو زيد فهمي، فنّ الحكم في الإسلام، الطبعة الثالثة، مؤسسة المطبوعات الجامعية، الإسكندرية، مصر، 2003، ص 481- 482.

[151]- عليّ قريشي، الحرّية السياسية في النظام الدستوري المعاصر والفقه الإسلامي-  دراسة مقارنة في الأصول النظرية وآليات الممارسة مع التطبيق على الوضع في الجزائر –، ( رسالة دكتوراه دولة في القانون، كلّية الحقوق، جامعة الإخوة منتوري، قسنطينة، 2004 )، ص 46.

[152]- غريغ بالاست، أفضل ديمقراطية يستطيع المال شراءها، ترجمة: مركز التعريب والبرمجة، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم، بيروت، لبنان، 2004،   ص 7.

[153]- أحمد الموصلي، المرجع السابق، ص 52- 53.

[154]- ذبيح ميلود، مبدأ الفصل بين السلطات في النّظام الدستوري الجزائري، ( مذكرة ماجستير في القانون الدستوري، كلّية الحقوق، جامعة الحاج لخضر، باتنة، 2006 )، ص 19.

[155]- محمّد عابد الجابري، المرجع السابق، ص 79- 80 .

[156]- محمود الخالدي، المرجع السابق، ص 324 .

[157]- عبد الرّزاق عيد و محمد عبد الجبار، المرجع السابق، ص 165 .

[158]- منير حميد البياتي، النظام السياسي الإسلامي مقارنة بالدولة القانونية، دار وائل للنشر والتوزيع، عمّان، الأردن، 2003، ص 64.

[159]- محمّد رفعت عبد الوهاب، المرجع السابق، ص 199.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى