القاموس السياسيدراسات سياسية

الإيديولوجية الفاشية Fascism Ideology

الأستاذ الدكتور كمال محمد محمد الأسطل

ليست الفاشيّة كالليبرالية والقومية، إذ لا يُذكر لها حضور تاريخي في قرن السابع عشر والثامن عشر مثلاً. وعلى الرغم من أن محتواها يطابق التوجهات الاشتراكية واليبرالية، إلّا أنها تُعَد منهجاً إيديولوجياً سياسياً للحضارة الحديثة وللمجتمعات الرأسمالية في الظروف المتأزمة. إذاً بالاعتماد على النزعة الرأسمالية وسائر الأسس الفكرية الغربية يمكن أن نعدّ الفاشية وجهاً آخر لليبرالية. ومن جانب آخر فإن الفاشيّة من حيث الخصائص والبرامج الاقتصادية والتحشيد السياسي والإداري تُعَد وجهاً آخر للاشتراكية البيروقراطية.

تؤمن الفاشيّة بالاقتصاد الامبريالي وتظهر في أوقات الأزمة التي تواجهها الحداثة والرأسمالية، (سواء كانت الأزمة في دولة ليبرالية أو في دولة اشتراكية بيروقراطية رأسمالية) وتُعَد منجية للحضارة الرأسمالية المأزومة. إن الفاشية هي الحل الذي تقدّمه الحداثة في الأزمات والظروف الاستثنائية، وإنها إيديولوجية تُستدعى عند عجز الليبراليين أو الاشتراكيين عن إدارة الأمور. أطلق ماركس على الدولة التي أنقذت الليبرالية الفرنسية بعد ثورة 1848 تسمية «البونابارتية».

إن نظام موسوليني في إيطاليا والقوميّة الاشتراكية الهتلرية في ألمانيا يعدّان من نماذج الدول الاستثنائية ذات الإيديولوجية الاستثنائية في القرن العشرين (أي فترة الامبريالية)، وتسمّى إيديولوجيتهم بالفاشيّة ونظامهم بالنظام الفاشي.

كانت الفاشية الإيطالية والألمانية خلال القرن العشرين تمثل حركة سياسية متطرفة وقامعة لأي حركة سياسية أخرى واستمدت آفاقها وطبيعة أهدافها من النزعة الرومانسية في عصر التنوير.

إن الفاشية هي من نتاجات الحداثة وهي ابنة الرأسمالية الحديثة وبمنزلة محاولة للحفاظ على الأطر العامّة للنظام الحداثوي المأزوم. كما تُعد الفاشية لكمة قامعة يسددها الفكر السياسي الحديث، فعندما يعجز الاشتراكيون والليبراليون عن إدارة الأوضاع والحفاظ على الهيمنة الحداثوية تأتي الفاشية لتصون الدولة الليبرالية الحديثة أو الدولة الاشتراكية الحديثة، ولكنها تقوم بذلك وفق طريقتها، إذ تلغي النظام البرلماني وتعتمد ديمقراطية الغوغاء بصورة مباشرة وترفع شعارات ضد الليبرالية والاشتراكية وتتقرب إلى أصحاب رؤوس الأموال وتنشأ اقتصاداً يعتمد الحرب وتفرض رقابة صارمة على نشاطات الإمبريالية لمصلحة الاقتصاد الحربي. كل ذلك من أجل الحفاظ على المجتمعات الحداثوية من الاضمحلال. ونجد المثال على ذلك في الأنموذج الألماني بزعامة هتلر، إذ كانت القوميّة الهتلرية ذات الطابع الاشتراكي محاولة لإنقاذ الامبريالية الليبرالية في ألمانيا وعرفت هذه المحاولة بالفاشيّة الألمانية. وعلى صعيدٍ متصل مثّلت الستالينية في الاتحاد السوفيتي طوال العقدين الثالث والرابع، حتّى وفاة ستالين في عام (1953م)، مثّلت الفاشيّة الروسية التي كانت تروم انقاض الاشتراكية الامبريالية من الأزمات التي سببتها ضغوط النظام الصناعي ونشوء الاشتراكية ذات النزعة البيروقراطية. يمكن أن نعد الأنموذج الألماني فاشيّة ليبرالية (أي فاشية في مجتمع ليبرالي)، فيما نعد الأنموذج السوفيتي فاشية اشتراكية (أي فاشية في مجتمع اشتراكي).

أولاً: تعريف الفاشية

إن لفظة الفاشية مأخوذة من كلمة FALES وهي تعني مجموعة من الأعواد أو الأغصان التي كانت تُرفَع أمام الرؤساء أو القنصل في روما القديمة للتعبير عن القوّة والاقتدار. يبدو أن المجاميع الاشتراكية المتطرفة في صقلية في عام 1892 أطلقت على نفسها تسمية «FASCI» وبقيت هذه الكلمة تحمل طابعاً اشتراكياً حتّى عام 1914. كان موسوليني (زعيم الفاشية الايطالية الثاني) اشتراكياً في فترة شبابه، إذ انضمّ إلى تنظيم «FASCIO» في مدينة ميلانو في عام 1915. وخلال العامين 1922 و1923 وتسلّم موسوليني السلطة في إيطاليا، صعد نجم الفاشية وأصبح لها هوية وتعريفاً إيديولوجياً مستقلّاً.

إن الفاشية هي من نتاجات العقل الحداثوي وهي ابنة الفلسفة الغربية الحديثة، ولولا مفهوم «الذاتانيّة»  لدى «ديكارت»، ونظرية الإرادة الجماعية لدى «جان جاك روسو« والقراءة الحداثوية لمفهوم «السلطة» من قبل «ميكيافيلي» و«جان بودان» وكذلك لولا الاشتراكية القومية المتبلورة على يد «فيخته» ونظرية الدولة لدى «هيغل» ولولا العدميّة المبنيّة على الإرادة ذات النزعة السلطوية لدى «نيتشه»، لولا كل هذه الأفكار والنظريات لما ظهرت الفاشية.

لا نريد هنا أن نتهم نيتشه أو هيغل أو روسو بالفاشية، إنهم بصفتهم مفكرين لا يمكن تحديدهم في أطر إيديولوجية معينة، غير أن توجهاتهم الفكرية المذكورة في آرائهم ونصوصهم بلورت صوراً مختلفة للحياة الإيديولوجية والسياسية في الغرب الحديث، وإن الفاشية في هذا السياق تُعَد صورة من صور الديمقراطية الحديثة وبعثاً للنزعات الفكرية الموجودة بالقوّة وبالفعل في الفكر السياسي الغربي الحديث.

ثانيًا: الركائز الفلسفية للايدلوجية الفاشية

يمكن أن نوجز الأسس الفلسفية للفاشية في النقاط الآتية:

1ـ الإنسانية (Humanismوتأكيد الإنسان المستقل. كما ورد آنفاً فإن الفاشية هي ابنة الحداثة وتمثل صورة عن علاقة المدرسة الإنسانية (Humanism) بين البشر والعالم، وهي علاقة لا يمكن أن تتحقق في العالم القديم أو في القرون الوسطى أو في العالم المعنوي الإسلامي. وهذا بالطبع لا يعني عدم وجود القمع والعنف في تلك الحقَب الزمنية، بل إن تلك الأزمنة ملى بالدم والعُنف، ولكن الفاشية لم تكن نتاج العُنف والقمع فحسب، بل هي في الدرجة الأولى من نتاجات إيديولوجية تابعة للسلطة وتستمد جذورها من الموروث الفلسفي الغربي الحديث وتحديداً من الآراء الديكارتية التي تؤسس للذات الإنسانية المستقلة الحديثة، وتتبلور في حضارة مستقلة ومتأصلة في مبادئها النظرية.

2ـ تمثّل الديمقراطية أصلاً آخر من الأصول الفلسفية في النظرية الفاشية. إن الفاشيّة في إطار مفهوم السلطة تمثّل وجهاً من (الأكثرية/دموس) والذي هو (الشعب أو العِرق المتسيد)، كما أن الجذور التاريخية لهذه النظرية يمكن أن نجدها في آراء «روسو»، مؤسس الفكر الديمقراطي في المجال النظري، وكذلك في قراءة «بودان» لمفهوم «السلطة» الذي يمثّل أحد أركان الفكر السياسي الديمقراطي. إذن، فإن الفاشيّة هي صورة من صدر الديمقراطية التي تعد (الشعب أو العِرق المتسيّد) مصداقاً للأكثرية، وتقدّم قراءة شموليّة للعلاقة السياسية بين الدولة والمجتمع، ولاسيما أن الشموليّة تمثّل إحدى القراءات لمفهوم السلطة السياسية في عصر التنوير وما بعده.

3ـ إن نظرية «الإرادة الجماعية» الموجودة في جوهر الديمقراطية تمثل أحد الأسس الفكرية للإيديولوجية الفاشية ويمكن تعقب جذورها في آراء «روسو».

4ـ إن قراءة فيخته وكذلك هيغل لمفهوم الدولة والتي يمكن أن نجد أثرها في آراء اعضاء نادي «اليعاقبة» وزعيمهم «روبسبيار» إبان الثورة الفرنسية تُعد من الأسس الفلسفية للنظرية الفاشيّة.

5ـ إن مناهضة العقلانية التي تتبناها الفاشيّة هي تعبير متطرف عن رومانسية «جان جاك روسو» في عصر التنوير، وكذلك عن النزعة اللاشعورية لدى الفلاسفة المثاليين من أمثال «هارتمان» و«شوبنهاور». إن مناهضة العقلانية السقيمة نابعة من اللاشعور الغريزي والنفسي في الفكر الفاشي وتصنّف زمن العقل المنقطع عن الوحي، والمعروف بالعقل الإنساني في عصر التنوير، على الرغم من بعض التداخلات بين الأمرين.

6ـ تنشط الفاشية عند توفر «الدولة الحديثة»، بمعنى آخر تمثل الفاشية صورة من صور الدولة الحديثة، كالدولة الليبرالية أو الاشتراكية. إذاً فإن الأسس النظرية للدولة الحديثة بصفتها تجسيداً لإرادة الأكثرية (الدموس) ومصطبغةً بطابع علماني ودنيوي، كامنة في الفكر الفاشي.

إن الليبراليين يستمدون قراءتهم لمفهوم الدولة الحديثة من آراء «جون لوك» و«جون استيوارت ملـ«، ويستمد الفاشيون الألمان فكرة الدولة الحديثة من آراء «روسو» و«هيغلـ«، فيما يستمد الستالينيون هذه القراءة من آراء «ماركس» و«روسو».

على أيّ حال فإن الدولة الفاشيّة هي صورة من صور الدولة الحديثة ومتجذرة في الموروث الفلسفي والسياسي المنتمي للمدرسة الإنسانية/ Humanism.

7ـ إن القراءة الحداثوية لمفهوم (العمل، رأس المال) التي هي موجودة في الفكر الليبرالي والاشتراكي، حاضرة في النظرية الاقتصادية التي تقدّمها الفاشيّة، ومن هنا كانت الآراء الاقتصادية الفاشيّة مستمدة من الأسس الاقتصادية الحديثة.

8ـ يمكن أن نعدّ الداروينية الاجتماعية من ضمن الأسس الفكرية في الفكر الفاشي، إذ تبلور هذا الأساس في فلسفة «هربرت سبنسر» وبصور أخرى في آراء «تشامبلين» العنصرية، ولأن البحث في آراء نيتشه التي أثرت في تبلور الإيديولوجية الفاشيّة يتطلب مقالاً مفصّلاً آخر، أترك ذلك في هذا السياق وأقول بإيجاز بأن بعض القراءات (سواء كانت صائبة أم غير صائبة) لآراء نيتشه في مجال (إرادة القوة) أثّرت في تبلور الإيديولوجية الفاشيّة الألمانية، يمكن أن نعد الفاشية نظريّة عدميّة. بيد أن نيتشه بصفته مفكراً منتقداً يقع خارج الأطر الإيديولوجية ويجب البحث في كلّ جوانب فكره.

ثالثًا: الخصائص الإيديولوجية للفكر الفاشي

يمكن إيجاز الخصائص الإيديولوجية للفكر الفاشي في النقاط الآتية:

1ـ تمثّل الفاشيّة تطرفاً إرادياً وعنيفاً لجوهر العدميّة الحديثة، بعبارة أخرى إن الفاشيّة هي صورة جليّة للعدميّة الحداثويّة وانعكاس لغضب الحداثة المحاطة بالأزمات.

2ـ إن النظام السياسي الشمولي في الفكر الفاشي يدعو إلى دولة مركزية وشاملة ويقدّم إرادة الدولة على كل شيء.

3ـ تدافع الفاشية على الصعيد الاقتصادي عن مصالح الرأسماليين وأصحاب الأموال الطائلة، أمّا على صعيد السياسة الاقتصادية فإنها تتراوح بين الدعوة إلى «دولة ليبرالية محدودة» و«رفض المُلْكيّة الاشتراكية». وفي واقع الحال تعتمد الفاشية النقابات العُماليّة والرقابة الحكومية وفي الوقت ذاته لا تعارض الملكيّة الخاصة وتتبنى سياسة تدعو إلى الحرب وبذلك تحافظ على البرجوازية واستمرارية حياة المجتمع الحداثوي وتسعى لإنقاذه من الأزمات.

4ـ إن الإمبريالية هي فاشية في ذاتها، بعبارة أخرى تُعَد الفاشية دولة الطوارئ التي تأتي بها الرأسمالية التي تظهر عند الأزمات، إذاً فإن الفاشية ظاهرة خاصّة بالقرن العشرين، وما كان يتوقع ظهورها في القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر وفي زمن تنافس الرأسماليين، وبالتالي يكون عدم وجودها في القرون الوسطى والعصور القديمة تحصيلاً لما ورد آنفاً.

5ـ إن القومية ذات النزعة الشوفينية والعنصرية هي جزء لا يتجزأ عن «الفاشيّة الليبرالية». أمّا الفاشيّة الاشتراكية فإنها قوميّة تعددية تدعو إلى أفضليّة الطبقة العُماليّة الشيوعية بدلاً من القومية العنصرية.

6ـ تُحدِث الفاشيّة تغييراً في بعض الثوابت في النزعة الإمبريالية الليبرالية، وفي الإمبريالية الاشتراكية، ولكنها تحافظ على الأسس العامة لكلٍّ من هذين التوجهين.

7ـ العلمانية: إن الفاشيّة علمانيّة في ذاتها، إذ نشأ منظروها في أحضان الأفكار العلمانية من أمثال «جيوفاني جنتيلي» الايطالي و«روزنبرغ» الألماني و«تشامبرلين» البريطاني. فضلاً عن ذلك فإن أسلاف الفاشيين من الفلاسفة (الذين يحملون توجهات فاشية في بعض أفكارهم)، من أمثال «فيخته» و«روسو«، وكذلك أنصار المفهوم الحداثوي للسلطة من أمثال «ميكيافيلي» و«جان بودان» كانوا علمانيين. كما أن زعماء الحركات والدول الفاشيّة من أمثال «موسوليني» و«هتلر» و«غوبلز» كانوا علمانيين حتّى ملحدين.

8ـ تنقد الفاشيّة ــ على الصعيد الإيديولوجي ـ الليبرالية والاشتراكية، ولكنها على صعيد المبادئ والغايات الإيديولوجية حداثوية بامتياز.

9ـ تعتمد الفاشية المبادئ التكنوقراطية وهي في الأساس، سواء في مجال الحركة الثورية أو في مجال إدارة الدولة ــ تمثّل نتاجاً للمجتمعات الحديثة التي تملك أنظمة تكنوقراطية، وبهذا لا يمكن وجودها في المجتمعات القديمة.

10 ـ إن الميل لخوض الحروب وكذلك اعتماد السياسة العسكرية كاستراتيجية في إدارة الدولة يعد من خصائص الدولة الفاشية. عندما تخوض الدولة الفاشية الحروب تستثمر ظروف الحرب لمعالجة الأزمات التي تواجهها الحداثة الغربية وتنقذ الأنظمة الرأسمالية من خطر الانهيار. هذه هي رسالة الفاشية.

11ـ تُظهِر الفاشية عنفاً كامناً في بطن المجتمع الليبرالي، يستمد هذا العنف قوّته من النزعة العدمية الموجودة في الحضارة الحديثة. إذاً فإن الفاشيّة عدميّة بامتياز، وتبلور إرادة القوّة ذات النزعة العدمية.

12ـ إن الفاشية هي ظاهرة لا يمكن حصولها إلّا في الفكر الديمقراطي الحديث، إذ إنّها من نتاجات الحداثة، وإن من يرم البحث عن أصول الفاشية في إطار الأفكار التقليدية ذات النزعة المعنوية أو في إطار الأحكام الدينية فهو لم يعرف الدين ولا الفاشية.

عند البحث عن مفهوم الدولة الطارئة الحديثة والفاشية والإيديولوجية الفاشية نجد «الستالينية» بصفتها دولة طارئة اشتراكية تتفاوت في بعض الأمور عن نظيرتها الإيطالية (بزعامة موسوليني)، والألمانية (بزعامة هتلر). كما أنّ بعض الصفات والخصائص آنفة الذكر تبدو غير موجودة فيها.

رابعًا: الفاشية باعتبارها شكلًا من أشكال القومية الشمولية

تشمل فئة «الشمولية» مجموعة متنوعة من مناهج تناول الفاشية، وهي لا تنفصل كليًّا عن «الفيبرية»؛ لأن الأخيرة تنظر إلى محاولة استعادة شكل من أشكال يوتوبيا ما قبل الحداثة على أنها تشكِّل مشروعًا شموليًّا.

استحدث الفاشيون الإيطاليون كلمة «الشمولية» لتغليف سعيهم إلى إضفاء الصفة «القومية» على الجماهير الإيطالية، بغرض إدماجهم ضمن مجتمع هرمي عسكري مُستنفَر، يخدم احتياجات إيطاليا. وقد شهد هذا المسمى أَوْج رواجه بوصفه فكرة علمية خلال خمسينيات وستينيات القرن العشرين، عندما تبنَّى علماء الاجتماع المناهضون للماركسية مفهومًا شوَّه الشيوعية من خلال ربطها بالفاشية.

أشهر هؤلاء العلماء عالم السياسة الأمريكي كارل يواكيم فريدريك الذي عرَّف «الشمولية» كما يلي:

(١) حزب شعبي وحيد، تحت قيادة رجل واحد، يشكل النواة الصلبة للنظام، وعادة ما يكون أعلى من البيروقراطية الحكومية أو يكون مندمجًا فيها.

(٢) نظام يمارس الإرهاب من خلال الشرطة أو الشرطة السرية الموجهة ضد خصوم النظام الحقيقيين والوهميين على حد سواء.

(٣) سيطرة احتكارية على وسائل الإعلام الجماهيرية.

(٤) شبه احتكار للسلاح.

(٥) سيطرة مركزية على الاقتصاد.

(٦) أيديولوجية معقدة تغطي كافة مناحي وجود الإنسان، وتتسم بأهمية قوية [مسيحية أو دينية بصفة عامة] تنبع من مذهب الألفية.

النقطة الأخيرة هي أهم النقاط، فالفاشيون يهدفون إلى إعادة هيكلة المجتمع وفقًا لمخطط أيديولوجي. يرى منظِّرو الشمولية أن مكانة المرء في العالم، وفق ثقافة المجتمعات التقليدية، مرسومةٌ وفق خطة إلهية. أما التحديث، فيتسبب في انهيار الثوابت الدينية، ويرى البعض هذا نذير خطر (هؤلاء مصابون بما يسمى: يأس، أو ارتياع، أو شذوذ حضاري)، ولذلك يصنعون «أديانًا» بديلة كالشيوعية أو الفاشية. تقول حنا أرندت إن جوهر الشمولية يكمن في استخدام الإرهاب لصنع أيديولوجية تجريدية لفهم العالم، ولتدمير كل أشكال التماسك البشري القائمة باسم هذا المنهاج.

انحسر مفهوم الشمولية في السبعينيات؛ ففي ذلك العقد كانت الحرب الباردة قد خفَّت حدتها، وأظهرت الأبحاث أن الأنظمة النازية والفاشية و(الشيوعية) لم تكن تمثل نظام سيطرة تنازليًّا على الإطلاق، بل اتسمت بعدم وضوح هياكل السلطة والفوضى الإدارية.

وقد أظهر انهيار الشيوعية عام ١٩٨٩ أدلة جديدة على أهوال الستالينية، ومنح الشمولية فرصة جديدة للحياة. في تلك الأثناء، أدى صعود حركة ما بعد الحداثة في الجامعات الغربية إلى إحياء اهتمام العلماء بالأفكار. يصر ما بعد الحداثيين على أننا ينبغي أن نحلل البُنى الداخلية للأفكار، لا أن ننظر إليها باعتبارها تعبيرات عن المصالح الضمنية الاقتصادية أو الاجتماعية أو غيرها. وفي الواقع، يعتبر بعضهم أن الإيمان بأي مبدأ أساسي مُنظِّم — سواء أكان الإيمان بالله أو بالطبقة أو بالدولة أو بالعرق — قمعي في جوهره، وهذه الرؤية تلتقي مع رؤية النظرية الشمولية إلى الفاشية على أنها تمثل محاولة لخلق عالم مثالي وفقًا لمبادئ مجردة. حتى العلماء الذين لم يتبنوا مبادئ ما بعد الحداثة بدءوا يؤيدون الأفكار الفاشية مجددًا، لا سيما فكرة القومية.

ويرى كثير من العلماء المعاصرين أن القومية المتطرفة جوهر للأيديولوجية الفاشية. يقول روجر جريفين إن الفاشية شكل من أشكال «التعصب القومي الشعبوي» يهدف إلى إعادة بناء الدولة في أعقاب أزمة وتدهور كبيرين، ويستخدم لوصف الفاشية المصطلح الفيكتوري «الإحياء»، الذي يعني «البعث من تحت الرماد». ومحاولة إحياء القومية هذه شمولية في طموحها، إن لم يكن في تحقيقها. في ذلك الوقت، أحيا مايكل بيرلي فكرة النازية لتكون بديلًا للدين.

يرى منظِّرو الشمولية أن الأفكار الفاشية «ثورية»؛ لأننا إذا كنا نريد بناءً يوتوبيًّا فلا بد من هدم جميع الهياكل القائمة، سواء أكانت تلك الهياكل أحزابًا أو نقابات عمالية أو عائلات أو كنائس. وتشمل الثورة أيضًا خلق «إنسان فاشي جديد» يعيش من أجل الدولة فقط. ولما كان الناس في الواقع متنوعين وبعيدين عن بلوغ الكمال، فإن القوة هي السبيل الوحيد لجعلهم يتقلدون أماكنهم في اليوتوبيا، وهكذا تؤدي اليوتوبية دائمًا إلى الإرهاب.

يتصدى أنصار الأطروحة الشمولية المعاصرون للاعتراضات التي تلقَاها الصور السابقة للنظرية الشمولية؛ فهم يتقبَّلون الطابع الفوضوي الذي يميز الأنظمة الشمولية، بل إنهم يؤكدون أن الفوضى البيروقراطية ساعدت على إحداث «تعسُّف» في الحكم جعل مقاومة الأفراد للنظام أمرًا مستحيلًا. ويقول الشموليون أيضًا إنه رغم عدم التمكن من تحقيق الشمولية على أرض الواقع، كانت هناك «رغبة» في تنفيذ برنامج يوتوبي. ويقول بيرلي، مستخدمًا استعارة مدهشة، إن النازيين سعوا لإعادة بناء المجتمع الألماني كما يعيد مهندسون تشييد جسر، حيث لا مجال لهدمه تمامًا؛ لأن ذلك من شأنه أن يعطل حركة المرور، ومن ثم، يستبدلون كل جزء منه على حدة، بحيث لا يشعر المارة بعملية إعادة التشييد.

وتوضِّح النظرية الشمولية أن التعصب القومي مكوِّن أساسي في رؤية العالم من المنظور الفاشي، وهذا ما يؤمن الفاشيون بأهميته. إن وضع الفاشيين الدولة باعتبارها أولوية أولى له آثار راديكالية، تشمل إمكانية تقويض الأسرة والمِلْكية. وتُظهِر النظرية الشمولية كذلك أن هناك الكثير من القواسم المشتركة التي تجمع بين الفاشية والأصولية الدينية، وأن الفاشية تسعى لتحقيق أهدافها من خلال منهج العنف الذي تبرره القناعة بأن المعارضين ليسوا سوى جزء من مخطط شيطاني.

تناقض نقاطُ ضعف النظرية الشمولية نقاطَ ضعف النهجين «الماركسي» و«الفيبري». أولًا: تتحيز النظرية الشمولية للانشغال بالأفكار، مما يعني أن تفسيرها لأسباب الفاشية ضعيف؛ فهي عادة تكتفي بتعميمات ميكانيكية عن أزمة الأفكار التقليدية، وما نجم عنها من شعور بالتيه، والبحث عن أديان بديلة. وبناءً على ذلك، تقول إن الهزيمة في الحرب العالمية الأولى، إلى جانب الخوف من الثورة، أربك الألمان وجعلهم يتأثرون بأفكار قومية شبه دينية كانت تبشر باستعادة ما يتوقون إليه من شعور باليقين. وما من شك في أن الكثيرين أصابهم «التيه» عام ١٩١٨. لكن ليس هناك قانون ينص على أن مثل هذه الفوضى تؤدي «حتمًا» إلى التيه، بل على العكس، تنوَّعت ردود الأفعال إزاء الأزمة، وتباينت تبعًا لتكوين الناس التعليمي، ووضعهم الاجتماعي والديني، وأعمارهم، ونوعهم ذكرًا كان أم أنثى. ومن ثم، لا ينبغي للمرء أن يبحث عن أصول البرامج العنصرية الفاشية، مثلًا، بالمعنى العام للتيه، بل في تاريخ كل فئة على حدة، مثل فئة العاملين بمهنة الطب مثلًا، ويجب على المرء أن يسأل: كيف وصل أولئك الذين اعتنقوا أشكالًا يسوعية للقومية إلى احتكار السلطة السياسية؟

ثانيًا: تبالغ نظرية الشمولية في الجانب الثوري للفاشية، وتذهب إلى أن أي نظام شمولي يهدف إلى تدمير «جميع» أشكال التماسك الأخرى في سعيه لجعل جميع الأفراد تابعين بالقدر نفسه للنظام ولكي يخلق مجتمعًا جديدًا. لكن حلمًا كهذا يستحيل «تصوره»، ناهيك عن تحقيقه على أرض الواقع؛ لأنه يتطلب حيادية يستحيل بلوغها. ففي الواقع، تشكَّلت رؤية الفاشيين عن اللايوتوبيا بفعل تحيزات وافتراضات مشكوك في صحتها. كانت الشركات الكُبرى والأسر متوافقة بشكل ما (ضمن حدود معينة) مع معظم التصورات الفاشية للأمة المستنفرة. أما الشيوعية والحركة النسائية فلم تتوافقا معها. ولا يمكن النظر إلى الشمولية على أنها مفهوم مفيد إلا إذا تذكرنا أنها تستتبع الدعوة إلى فرض رؤية عالمية شكَّلتها تحيزات غير واعية. لذلك لا ينبغي لنا أن نتوقع من اليوتوبيا الفاشية أن تختلف اختلافًا كليًّا عن العالم على حاله القائم؛ فهذا التوقع هو ما يجعل الفاشية تروق للكثيرين.

أيضًا تبدو القومية الفاشية أقل ثورية عندما نتذكر أنها لا تدافع عن حقوق مجموعات قومية معينة باسم مبدأ مساواة عالمي بين جميع الأفراد، فهي تؤكد على أن الجنسية يجب أن تستعيد هيمنتها، أو تصبح مهيمنة داخل دولة معينة، وربما أيضًا على المستوى الدولي. والقومية الفاشية مارستْهَا في كثير من الأحيان جماعةٌ عرقية «مهيمنة»، أو بالأحرى جزء من الجنسية المهيمنة يعتبر نفسه — صوابًا أو خطأ — مهمَلًا. وفي حالات أخرى، راقت الفاشية لجماعات عرقية كانت أقليات بالفعل، كالألمان في تشيكوسلوفاكيا خلال الثلاثينيات. كان الفاشيون في هذه الحالة يرغبون في أن يصبحوا جزءًا من دولة أخرى تكون مجموعتهم العرقية قد حققت فيها هيمنة بالفعل.

يرد المدافعون عن النهج الشمولي على الانتقادات التي تقول إن نظريتهم تهوِّن دور الدوافع المحافظة في الفاشية من خلال الزعم بأن تنازلات الفاشية للمحافظين كانت «تكتيكية»، أو يقولون — كما قال مايكل بيرلي — إنهم مهتمون «بعلم النفس الأساسي، لا بظاهر الأمور»؛ وهذا تقليد غير واعٍ للأسلوب الماركسي في التعامل مع الحقائق التي يستعصي تكييفها.

خلاصة القول، إن تشبيه بيرلي المجتمع بالجسر كان مفيدًا (دون قصد)؛ لأنه أشار إلى أن الكثيرين اعتقدوا أن الفاشية ستصلح الدولة، وفي الوقت نفسه ستتركهم وشأنهم يستمرون في حياتهم. لكن هذا تشبيه ناقص؛ لأن الفاشيين حاولوا إعادة تشييد الجسر وفقًا لخطة شهدت تعديلًا كبيرًا؛ فقد تطلب مشروعهم تعبئة موارد هائلة، وزعزعة أساسات الجسر، والتهديد بعرقلة حركة السير، لكن العديد من المارة ساعدوا المهندسين عن طيب نفس وامتدحوا عملهم. علاوة على ذلك، كان المهندسون مقتنعين بأن المارة الآخرين يتآمرون سرًّا لتفجير الجسر الذي كانوا يتحركون فوقه. لكن ينبغي ألا يصرف ذلك انتباهنا عما يجري للقطارات التي تمر فوق الجسر، حيث كان قطَّاع طرق متنمرون يقذفون الركاب الذين دفعوا الأجرة في الوادي الكائن أدنى الجسر، على مرأى من ركاب آخرين يحاولون تجاهل ما يجري، وربما يتساءلون عما إذا كان الزي الذي يرتديه القتلة هو نفسه زي الحراس المألوفين لهم. إن المشروع الشمولي جديد في جزء منه، ومألوف في جزء آخر، ويتوقف تحقيقه على جاذبيته لمجموعات معينة وعلى القدر الذي يتسنى له من السلطة والدعم الشعبي.

رابعًا: مراحل صعود الفاشية

من أهمّ المساهمات التي يمكن من خلالها فهم فاشيّة اليوم، هي تحليل المراحل الأربع لصعود الفاشيّة. في المرحلة الأولى، توجد الفاشية كحركة جماهيرية نمت ونجحت في تأسيس نفسها كقوّة مؤثرة في المجتمع. حيث تنمو الحركة الفاشية لتصبح بحجمٍ خطرٍ يؤهلها للاستيلاء على سلطة الدولة. بالنظر إلى مثال البرازيل، حصل هذا في الفترة ما بين 2013، عندما استولى الجناح اليميني على المظاهرات اليسارية المناهضة للحكومة في ساو باولو وبعض الأجزاء الأخرى من البلاد، وحتّى وضع لولا في السجن عام 2018. باتت هذه الحركة خطرة لأنّها شكلت قوة دعم خلف الزعيم الفاشي، ولم يعد بالإمكان تجاهلها أو اعتبارها مجرّد ظاهرة معزولة.

أما المرحلة الثانية من الفاشية «فتبدأ من نقطة اللاعودة وحتى وصول الفاشيّة إلى السلطة». من سمات هذه المرحلة الأساسية تفشي الشلل في المنظمات العمالية التي تميل لتقديم مطالب اقتصادية وحسب، لكنّها تخفق في تزويد الجماهير بقيادة سياسية. يمكننا النظر إلى تجربة الحزب الشيوعي الألماني «KPD» في بداية ثلاثينات القرن العشرين، الذي حشد الكثير من المظاهرات للمطالبة بأجور أعلى كنتيجة للانهيار الاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب. لم ينظر الحزب الشيوعي الألماني للفاشيّة في حينه كمصدرٍ خطرٍ حقيقي بل كمجرّد ظاهرة مؤقتة عابرة، ولهذا لم يقاوم النازيين في بداية الثلاثينات. وكذلك لم ينجح بتزويد الطبقة العاملة بقيادة ثورية. ضيعوا الكثير من الوقت في مهاجمة الديمقراطيين الاشتراكيين «SPD» بدلاً من بناء جبهة موحدة لهزيمة هتلر والنازيين قبل أن يصلوا إلى السلطة.

في هذه المرحلة الثانية تكون الطبقة العاملة نفسها مقسمة بشكل كبير، ويدفع افتقادها للقيادة السياسية بعض أقسامها إلى أحضان الفاشيين. هنا نرى أن البرجوازية الصغيرة نجحت في توحيد الطبقة العاملة خلفها بهدف تعزيز قدرة استيلائها على السلطة. في مثال البرازيل، بدأت أكثر الأحزاب والمنظمات اليسارية تنتقد بشكل كبير حزب العمال منذ عام 2014 وذلك دون أن تزود الجماهير بالقيادة السياسية اللازمة لإزاحته لمصلحة اليسار. تسود في هذه الفترة الشعارات الهائجة المتحمسة مثل: «فلنتخلص من الجميع» التي لم تميز في حالة البرازيل بين النخب النيوليبرالية وبين حزب العمال. وحتى ناقدو حزب العمال القديمون من أمثال الحزب الشيوعي البرازيلي «PCdoB» أخفقوا في مناهضة تآمره الطبقي من أجل الحكم. ترك هذا الأمر الكثيرين من الطبقة العاملة مرتبكين ممّا أدّى بهم للانتقال إلى اليمين والانضمام للقوى الداعمة لبولسنارو في انتخابات 2018.

في المرحلة الثالثة، تنتقل الفاشيّة من كونها حركة جماهيرية إلى دولة فاشيّة. يشير بولانتزاس إلى أنّه في مرحلة الرأسمالية الاحتكارية تلعب الدولة دوراً أكبر من خلال التدخل بشكل مباشر في الإنتاج الرأسمالي. ففي أثناء الأزمات «مثل التي ضربت أوروبا والولايات المتحدة في الثلاثينات» يقوم البرجوازيون باستعمال الاستراتيجيات التدخلية للدولة من أجل إنقاذ الرأسمالية «السياسات الاقتصادية الكينزية وصفقة روزفلت الجديدة… إلخ». إنّ أجزاءً من رأس المال المالي ستكون أكثر من راغبة بتبني الفاشيّة، وهو ما يحدث تماماً في المرحلة الثالثة التي يقدم فيها الرأسماليون الدعم للحركة الجماهيرية الفاشيّة، ويساعدونها على تولي السلطة. تمثل هذه المرحلة الثالثة أولى مراحل استيلاء الفاشية على السلطة وبناء الدولة الفاشية. سيقوم البرجوازيون بتقديم تنازلات للبرجوازية الصغيرة مثل زجّ السياسيين المشهورين بالفساد في السجن وتشريع قوانين عنصرية وتشجيع العنف ضد المهاجرين وضدّ الأقليات. حدث هذا بالمسطرة في البرازيل حيث أزيلت التشريعات المتعلقة بحماية الأقليات، وتم تصعيد حملات التحقيق وسجن أعضاء حزب العمال والحزب الشيوعي بتهم واهية، وتمّ تشجيع العنف ضد السكان المحليين والأقليات، وتمرير القوانين المؤيدة لحيازة السلاح بذرائع محاربة الجريمة.

في المرحلة الأخيرة من الفاشية، تعزز الدولة الفاشية سلطاتها وتحرر نفسها من أصلها الطبقي الخارج من البرجوازية الصغيرة. يشير المحللون إلى أنّ هذه المرحلة هي الأكثر قسوة لكونها تنطوي على عمليات تطهير عنيفة على مستوى الدولة لإزالة البرجوازية الصغيرة والقمع الإرهابي للجماهير.

المرحلة الرابعة هي التي يفشل فيها معارضو الفاشية بإزالة الحكومة الفاشيّة. ربّما من سمات هذه المرحلة بدء التحالفات الإمبريالية والتوسعية. نعرف ما حدث في ألمانيا النازية وحربها. في الوقت الحالي يمكننا أن نرى التحالف بين بولسنارو وترامب والرئيس الكولومبي اليميني إيفان دوكي ضدّ حكومة مادور الفنزويلية. كما أنّ كلتا الحكومتين الكولومبية والبرازيلية منحتا الولايات المتحدة الحق بالوصول إلى مخابراتهما العسكرية، وبناء قواعد عسكرية في بلادهما. لم تبلغ لا البرازيل ولا كولومبيا المرحلة الرابعة من الفاشية بعد، لكن ربما إن بلغوها فسنشهد اجتياحاً عسكرياً لفنزويلا من أطراف التحالف اليميني الثلاثة وغيرهم في أمريكا اللاتينية.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى