الارهاب في الساحل الإفريقي… استمرار نزيف الدم

بقلم منى قشطة – المركز المصري للفكر و الدراسات الاستراتيجية

على الرغم من الجُهود المبذولة والنجاحات التكتيكية المُسجلة لدحر نشاط الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي، ولاسيما تنظيمي جماعة نصرة الإسلام والمُسلمين وكتيبة تحرير ماسينا التابعين لتنظيم القاعدة الإرهابي؛ لايزال الوضع قاتمًا في دول الساحل الإفريقي الخمس (موريتانيا، ومالي، وبوركينا فاسو، وتشاد، والنيجر). فبعد مرور حوالي 8 سنوات على بدء الأزمة الأمنية في هذه المنطقة لايزال نزيف الدم مُستمرًا، حيثُ تتابع منذُ بداية العام الجاري العديد من الهجمات الإرهابية، فلا يمر يوم تقريبًا دون وقوع هجوم ضد القوات الأممية والحكومية، أو انفجار يستهدف المدنيين في المنطقة.

تنامى النشاط الإرهابي

شهدت منطقة الساحل الإفريقي نشاطًا إرهابيًا مُكثفًا خلال عام 2020 من قبل جماعة نصرة الإسلام والمُسلمين، الفرع القاعدي في مالي وبوركينا فاسو، وكذلك جماعة أنصار الإسلام، وتنظيم داعش الصحراء الكبرى؛ إذ استخدمت هذه الجماعات في عملياتها الإرهابية استراتيجية المواجهة المسلحة، وذلك حسب تقرير صادر عن مرصد الأزهر في فبراير الماضي تحت عنوان “القارة السمراء في عين المرصد خلال 2020”.

ووفقًا للتقرير، تعرضت مالي إلى ما يقرب من 74 هجومًا إرهابيًا، وخلفت هذه الهجمات نحو 445 وفاة من المدنيين والعسكريين وإصابة 235 آخرين خلال عام 2020. أما بوركينا فاسو فقد شهدت نحو 58 عملية إرهابية أسفرت عن مقتل 559 شخصًا، وإصابة نحو 106 آخرين خلال نفس العام.

ومع مطلع عام 2021 شهدت منطقة الساحل تصاعدًا إرهابيًا ملحوظًا، آخر مُؤشرات ذلك الهجوم الإرهابي الذي وقع بالأمس في النيجر، حيثُ قامت عصابة مُسلحة بإحراق مدرسة وقتل م لا يقل عن 10 أشخاص في   قريتين في منطقة تيلابيري بجنوب النيجر. ويأتي هذا الهجوم بعد الهجوم الدامي الذي وقع الأحد الماضي والذي أسفر عن مقتل 137 شخصًا في هجمات مُنسقة استهدفت قري قُرب الحدود بين النيجر ومالي.

وإلى جانب الهجمات التي استهدفت المدنيين، ارتفع عدد الجنود الأمميين الذين لقوا مصرعهم جراء هذه الهجمات. ويُمكن الاستدلال على ذلك من خلال مُتابعة أبرز الهجمات الإرهابية التي وقعت في منطقة الساحل مع مطلع عام 2021، وذلك على النحو التالي:

ونتيجة لهذه الهجمات الدامية صدرت دعوات من بعض دول غرب إفريقيا إلى تشكيل قوة إقليمية مُشتركة ونشرها في المنطقة للتصدي للجماعات الإرهابية، والتي ترغب في تأكيد تواجدها الميداني بعد تلقيها مجموعة من الضربات القوية، حيثُ تدل هذه الهجمات إلى أن هذه الجماعات لا تزال نشطة في المنطقة ومازالت قادرة على إلحاق الضرر بالقوات الأممية والفرنسية في منطقة الساحل الإفريقي.

جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل

بُذلت جهود دولية وإقليمية ومحلية كثيرة لمُحاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي، ومن ذلك ما يلي:

  • قمة “نجامينا” والتي عُقدت في فبراير الماضي بين فرنسا ودول الساحل الخمس (تشاد، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاسو، وموريتانيا) بمدينة نجامينا، عاصمة دولة تشاد لمناقشة الوضع الأمني المضطرب وتعزيز قوات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل.
  • أنشأت دول الساحل الخمس قوة عسكرية مشتركة قوامها 5000 عنصر، خلال القمة التي عقدت في العاصمة المالية ” باماكو” بحضور الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في يوليو 2017.
  • وتوجد أيضًا في هذه المنطقة مجموعة من القوات الأممية للمشاركة مع دول الساحل في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، من بينها: قوة “برخان” الفرنسية، وقوات “تاكوبا” التي تشكلت في مارس العام الماضي على يد فرنسا ومجموعة من الحلفاء الأوروبيين والأفارقة، فضلًا عن بعثة الأمم المتحدة المُتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي والمعروفة باسم “مينوسما“.
  • وأثناء ترؤسها الاتحاد الإفريقي في مطلع عام 2019، تسارعت جهود الدولة المصرية في محاربة الإرهاب بالقارة السمراء ولا سيما في منطقة الساحل، حيثُ سعت الدولة المصرية بالتنسيق مع دول الساحل الخمس إلى تدريب كوادر تلك الدول في مصر في مجال مكافحة الإرهاب، فضلًا عن إعداد تدريب مُشترك في مجال مكافحة الإرهاب بين عناصر من دول تجمع الساحل والصحراء، وتضمن برنامج التدريب التعامل مع التهديدات الإرهابية بكافة أنواعها في المنطقة.

وفى ضوء ما سبق، يُمكن القول إن منطقة الساحل الإفريقي لا تزال تشهد تناميًا ملحوظًا للنشاط الإرهابي الذي تتبناه الجماعات الإرهابية، والتي تُريد إرسال رسالة لقوات مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة مفادها “أن الجماعات الإرهابية لا يزال بإمكانها مُمارسة نشاطها بفعالية”، الأمر الذي يتطلب ضرورة تبني سياسة مُوحدة لمُكافحة الإرهاب في هذه المنطقة، وتعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بين أجهزة دول المنطقة حتى يتسنى لها تتبع هذه الجماعات الإرهابية وتوجيه ضربات استباقية لهم.

كما يجب ألاّ تقتصر مواجهة إرهاب هذه الجماعات على المُقاربة العسكرية فقط، بل يتطلب الأمر بالتوازي مع المقاربة العسكرية مُقاربة أخرى ترتكز على تحسين الأوضاع التنموية والتعليمية ولا سيما في المناطق المُهمشة والمقطوعة والتي تستغلها الجماعات الإرهابية في نشر أفكارها المُتطرفة.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button