دراسات قانونية

التعريف بحقــــــوق الإنسان

التعريف بحقوق الانسان

أن مسألة حقوق الإنسان باتت موضوعاً يمس حياة كل الشعوب والدول وتطورها بأختلاف حضاراتها ومواقعها الجغرافية وانظمتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وهي مسألة تمس حياة كل انسان كفرد بحكم طبيعته وتكوينه، فطبيعة الإنسان ذات الصفة المزدوجة. كونه كائناً فردياً وكائناً اجتماعياً في آن واحد هي التي أدت الى ظهور حقوق الإنسان وباتت تشكل موضـوعاً لتأكيدات متعددة ومتكررة، وقد تصاعدت وتيرة هذه التأكيدات مع تصاعد الوضع العالمي الجديد، وقد وجدت هذه التأكيدات صداها ليس فقط في غالبية الدساتير وانما كذلك في الوثائق الخاصة على الأصعدة العالمية والاقليمية والوطنية.

المبحث الأول: ماهية حقوق الإنسان

  من أجل التعرف على ماهية حقوق الإنسان يقتضي بنا اولاً تعريف مصطلح حقوق الإنسان، ثم بيان انواع حقوق الإنسان مع ضرورة تمييزه عن ما يشابهه من مصطلحات أخرى.

أولاً:ـ تعريف حقوق الإنسان.

ثانياً:ـ أنواع حقوق الإنسان.

ثالثاً:ـ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

أولاً:ـ تعريف حقوق الإنسان

 ليس هناك اتفاق واحد بشأن تعريف محدد لحقوق الإنسان بل هناك العديد من التعاريف التي قد يختلف مفهومها من مجتمع الى مجتمع أو من ثقافة الى ثقافة اخرى لأن مفهوم حقوق الإنسان أو نوع هذه الحقوق يرتبطان بالأساس بالتصور الذي تتصور به الإنسان، وبالفلسفة السياسية للمجتمعات وهذه تختلف من مجتمع الى آخر.

       لذلك سوف نتطرق الى مجموعة من التعاريف التي وضعت لبيان مصطلح حقوق الإنسان.

       هناك من يعرفها بأنها ((مجموعة الحقوق والمطالب الواجبة الوفاء لكل البشر على قدم المساواة دونما تمييز فيما بينهم))([1]).

وتعرف أيضاً ((مجموعة الحقوق الطبيعية التي يمتلكها الإنسان واللصيقة بطبيعته، والتي تظل موجودة وان لم يتم الاعتراف بها، بل أكثر من ذلك حتى ولو انتهكت من قبل سلطة ما))([2]).

ويعرفها الفقيه الهنكاري (ايمر زابو IMRE ZABO) بأنها تشكل مزيجاً من القانون الدستوري والدولي مهمتها الدفاع بصورة منتظمة قانوناً عن حقوق الشخص الإنساني ضد انحرافات السلطة الواقعة من أجهزة الدولة، وان تنمو بصورة متوازنة معها الشروط الإنسانية للحياة و التنمية المتعددة الأبعاد للشخصية الإنسانية([3]).

وهناك من يعرفها (بأنها قدرة الإنسان على اختيار تصرفاته بنفسه وممارسة نشاطاته المختلفة دون عوائق مع مراعاة القيود المفروضة لمصلحة المجتمع)([4])

أما الأستاذ (رينيه كاسان RENE CASSIN) فيعرف حقوق الإنسان بأنها  (فرع خاص من الفروع الاجتماعية يختص بدراسة العلاقات بين الناس استناداً الى كرامة الإنسان وتحديد الحقوق والرخص الضرورية لأزدهار شخصية كل كائن إنساني)([5]).

وهناك من يرى ان لمفهوم حقوق الإنسان معنيان أساسيان:-

الأول: هو ان الإنسان (لمجرد انه إنسان) له حقوق ثابتة طبيعية. وهذه هي (الحقوق المعنوية)  النابعة من إنسانية كل كائن بشري والتي تستهدف ضمان كرامته.

المعنى الثاني: فهو الخاص (بالحقوق القانونية) التي أنشأت طبقاً لعمليات سن القوانين في المجتمعات الوطنية والدولية على السواء، وتستند هذه الحقوق الى رضا المحكومين أي رضا أصحاب هذه الحقوق وليس الى نظام طبيعي كما هو قائم في المعنى الأول([6]).

       ويرى البعض بأنها تلك الحقوق الأصلية في طبيعتنا والتي بدونها لا نستطيع العيش كبشر([7]).

       أما ميثاق الامم المتحدة فلم يحدد ويوضح مفهوم حقوق الإنسان لعدم ملائمة ادراج قائمة بها في الميثاق، اضافة الى ان مثل هذا التحديد او الصياغة قد لا تواكب التطورات المستقبلية لهذه الحقوق. فقد ترك واضعوا الميثاق مهمة تعريفها للمنظمة ذاتها. واستقر الرأي على ضرورة وضع اتفاق دولي مستقل بها. وقد أسفرت الجهود اللاحقة عن صدور الاعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تبعه من اتفاقات([8]). وأضحت أحكام الميثاق المتعلقة بحقوق الإنسان مع احكام الاعلان العالمي والاتفاقات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان تشكل في مجموعها بما يسمى القانون الدولي لحقوق الإنسان.

       ويمكن تعريف هذا القانون بأنه (مجموعة القواعد والمبادئ المنصوص عليها في عدد من الاعلانات والمعاهدات الدولية التي تؤمن حقوق وحريات الافراد والشعوب في مواجهة الدولة وهي حقوق ملتصقة بالإنسان وغير قابلة للتنازل عنها وتلزم الدولة بحمايتها من الاعتداء والانتهاك)([9]).

       ويتضح لنا من هذه التعاريف ان هناك مجموعة من الصفات والمميزات الاساسية لحقوق الإنسان تتمثل بما يلي:-

انها مضمونة دولياً.

ـ أنها محمية قانوناً.

ـ أنها تركز على كرامة الإنسان.

ـ أنها تحمي الأفراد والمجموعات.

ـ إنها ملزمة للدول والجهات الفاعلة فيها.

ـ أنها لا يمكن التنازل عنها.

ـ أنها متساوية ومترابطة.

ـ أنها عالمية([10]).  

ومن الصفات الأخرى

الأزلية : بمعنى ان هذه الحقوق موجودة منذ خلق الإنسان فهي ليست وليدة التطورات الاجتماعية والاحداث العلمية. فحماية حق الملكية الأدبية مثلاً لم تكن معروفة لدى الإنسان البدائي، ولكنها عرفت عندما تطورت المجتمعات وظهرت الاختراعات وكثر الانتاج الفكري، واصبح المواطنون يشعرون بحاجة الى ضامن يصون هذه الحقوق. اما حقوق الإنسان الاساسية فهي موجودة منذ خلق الإنسان لأن كل إنسان بحاجة أليها لا يستطيع العيش بدونها فلكل انسان الحق بالحياة، ولكل كرامته، ولكل حريته والإنسان البدائي له حق الحياة ايضاً وكان ينشد هذا الحق ويسعى اليه لتأمين حياته.

الاعلانية: ويقصد بها ان حقوق الإنسان موجودة حكماً لا موجب لاقرارها من قبل سلطة تشريعية او دستورية او أي سلطة اخرى. وهذا ما فعلته الامم المتحدة عندما قالت بالإعلان لعالمي لحقوق الإنسان، ولم تقل باقرار هذه الحقوق.

صفة الشمول والعموم: اي ان هذه الحقوق ليست قاصرة على فئة معينة من الناس او على بقعة واحدة من العالم ولا على زمان محدد، وانها هي حقوق موجودة ازلية ابدية ملازمة للانسان في كل زمان ومكان، لم يمنن عليه بها أحد، ولم يمنحها له أحد، ولا يستطيع أحد حجبها عنه وعلى كل انسان ان يناضل من أجل حماية هذه الحقوق والذود عنها([11]).   

       يتبين لنا من هذه التعاريف ان الإنسان هو محور الحقوق جميعاً وأن هذه الحقوق ترتبط وجوداً وعدماً بوجوده عدمه.

ثانياً:ـ انواع حقوق الإنسان ومعيار وآثار التفريق بينهما

       تتميز حقوق الإنسان بالتنوع فيما بينهما، بحيث يكون هذا التنوع مصدر ثراء لها([12]). ونظراً لعددها الكبير فقد افترضت معايير عديدة لأجل تصنيفها فمنهم من صنفها  وفقاً للقيم التي تجسدها ( أصلية ، مشتقة ). او تصنف على اساس حاجتها للموارد المالية ( قيم أصيلة لا تحتاج إلى موارد، وقيم أصيلة تحتاج الى موارد وقيم فرعية لا تحتاج الى موارد، قيم فرعية تحتاج إلى موارد ([13]) ألا انه يمكن القول بأن تصنيف حقوق الإنسان يختلف بأختلاف المنظور اليها.

  1. فمن حيث أهميتها تقسم الى حقوق اساسية وغير اساسية.
  2. من حيث موضوعها تصنف الى حقوق مدنية وسياسية من جهة وحقوق اقتصادية واجتماعية وثقافية من جهة اخرى.
  3. من حيث الاشخاص المستفيدين منها تصنف إلى حقوق فردية وحقوق جماعية([14]).
  4. هناك طائفة من الحقوق الحديثة أو الجديدة.
  1. الحقوق الأساسية وغير الأساسية.

الحقوق الاساسية وهي الحقوق اللازمة لحياة الإنسان ومتعلقة بمقومات شخصيته، وهي ثابتة لكل شخص بمجرد وجوده لكونه انساناً. وبتعبير آخر ان حقوق الإنسان الأساسية ليست الا تطبيقاً وانعكاساً للقواعد الآمرة في المجتمع الإنساني، وكل دولة تتخلى عن هذه القواعد تعد في قائمة الدول الاستبدادية([15]).

وقد ورد ذكر هذه الحقوق في مقدمة ميثاق الأمم المتحدة،([16]) والإعلان العالمي لحقوق الإنسان([17]).  

ومن المعايير التي يمكن اعتمادها لبيان حقوق الإنسان الأساسية ما يلي:-

  • ان حقوق الإنسان التي تعتبر من القواعد الآمرة تعتبر حقوقاً أساسية مثلاً، مبدأ عدم التمييز المبني على اللون والجنس او الاصل او الدين.
  • ان حقوق الإنسان التي حضرت الاعلانات والاتفاقيات الدولية المساس بها او خرقها حتى في حالات الحرب او الطوارئ تعتبر من الحقوق الأساسية([18]).

أما آثار التفريق بين الحقوق الأساسية والعادية فتتمثل بما يلي:-

  • أن الحقوق الأساسية للإنسان تلتزم بها جميع الدول سواء كانت منظمة الى اتفاقيات حقوق الإنسان ام لا لانها تشكل قواعد آمرة دولية.
  • لا يجوز خرق هذه الحقوق بأي حال من الأحوال.
  • تعتبر بعض الانتهاكات التي تستهدف بعض حقوق الإنسان الأساسية ذات الطابع الجماعي بمثابة جرم دولي كجريمة الابادة الجماعية والفصل العنصري.
  • تتسم الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان الأساسية بأفضلية عالمية في قواعد الحماية الدولية لحقوق الإنسان، وتنال الشكاوي المتعلقة بهذه الانتهاكات أهمية عظمى في لجان حقوق الإنسان عملاً بقرارين 1235 و 1503 لعام 1970 الصادرين عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للامم المتحدة([19]).
  1. من حيث الموضوع: الحقوق المدنية والسياسية من جهة والاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة اخرى.

الحقوق المدنية: وهي الحقوق اللازمة لكل فرد بأعتباره عضواً في المجتمع ولا يمكن الاستغناء عنها ولا تتعلق بتسيير شؤون وادارة الدولة([20]).

       وتتسم هذه الحقوق بأن لها طابعاً سلبياً على وجه التعميم، بمعنى انها لا تقتضي من الدولة ان تقوم بأداء معين، وان يراد بهذه الحقوق الا حماية مجال معين من الحرية، وعدم العدوان على المجال الحيوي للإنسان وحماية هذا المجال من الناحية القانونية والامتناع من جانب الدولة عن كل تدخل([21]).

وتتجسد تلك الحقوق فيما يلي:-

  • حق الإنسان في الحياة: يعتبر هذا الحق من أهم الحقوق المدنية وهو حق طبيعي ثابت فلا يجوز حرمان الشخص من حياته الا بموجب قانون. وتم النص على هذا الحق في الاعلان العالمي لحقوق([22]) الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية([23]).
  • حق الإنسان في سلامة شخصه: ومعنى هذا الحق عدم تعريض الإنسان الى التعذيب او العقوبات او المعاملات القاسية او الوحشية الماسة بالكرامة([24]).
  • الحق في العدالة والمساواة: أي عدم التمييز بين البشر بسبب الجنس او اللون او الدين او اللغة والمساواة في اللجوء الى القضاء والقانون([25]).
  • الحق في التنقل: أي حق الإنسان في التنقل من مكان الى آخر واختيار محل اقامته داخل حدود الدولة كما يمكنه مغادرة بلاده أو اي بلد آخر وله حق العودة اليه مع مراعاة ما قد يفرض من التزامات او اجراءات من قبل الدولة من اجل المصلحة العامة والأمن العام([26]).
  • الحق في حرمة المسكن والمراسلات: ومقتضى هذا الحق عدم التدخل في حياة الإنسان الخاصة او اسرته او مسكنه او مراسلاته بمختلف انواعها البريدية او الهاتفية، والقانون يصون هذه الحقوق ويحميها من الانتهاك([27]).

الحقوق السياسية:

وتسمى ايضاً بالحقوق الدستورية لانها تتقرر للفرد بفروع القانون العام، وخاصة القانون الدستوري والقانون الإداري([28]). وهي تحتفظ للافراد بميزات معينة تجاه الدولة وتتيح لهم المساهمة في تكوين الإرادة الجماعية سواء في انتخاب من يمثلهم في المجلس النيابي او بترشيح انفسهم لهذا المجلس وكذلك لهم حق الاشتراك في ادارة الشؤون العامة لبلادهم، والحق في تولي المناصب والوظائف العامة([29]).

ومن الحقوق السياسية ايضاً:

  • الحق في تكوين النقابات او المشاركة فيها وهذا ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية([30]).
  • الحق في التجمع السلمي: أي يتمكن الافراد في عقد الاجتماعات السلمية في أي مكان لغرض التعبير عن آراءهم بأي صورة وعقد الندوات مع مراعاة الضوابط التي تفرضها الدولة، وهذا ما نص عليه العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية([31]).
  • الحق في التمتع بجنسية ما ويعد هذا الحق من الحقوق المهمة، إذ يعد عديم الجنسية في معظم الحالات اجنبياً، ليست له حقوق وواجبات المواطن. وقد جاء النص على هذا الحق في الاعلان العالمي لحقوق الإنسان([32]).

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية:

       وهي تلك الحقوق التي تتطلب تدخل ايجابي من قبل الدولة من أجل كفالتها، وتعد بمثابة ديون على الدولة والتي لا يمكن ان تنفذ الا بصورة تدريجية([33]). ومن أهم هذه الحقوق:-

  • الحق في العمل: وهو حق الإنسان في أن يعمل من أجل العيش. وحقه في اختيار العمل الذي يريد، وفي أجر عادل يكفل له ولأسرته عيشه، وفي الحماية من البطالة وفي ان ينظم وينشأ النقابات لحماية مصلحته وكذلك الحق في الراحة اوقات الفراغ وفي تحديد ساعات معقولة للعمل والراحة. وقد حظى حق العامل في العمل بأهتمام الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان([34]).
  • الحق في الضمان والتأمين الاجتماعي: وهو حق العامل في الحصول على التأمين بالنسبة لما قد يصيبه في اذى وكذلك حصوله على راتب في حالة التقاعد تقديراً لما بذله من جهد في عمله وقد حضى هذا الحق بالاهتمام في الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان([35]).
  • الحق في التمتع بأعلى مستوى من الصحة البدنية والعقلية([36]).
  • الحق في التعليم: يجب ان يكون التعليم مجانياً والزامياً خصوصاً في المراحل الابتدائية لما له من أهمية في التثقيف والتوعية([37]).

وتختلف الحقوق المدنية والسياسية عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.

       فمن حيث المضمون ان الحقوق المدنية ثابتة ولا تختلف من دولة الى اخرى لانها ترتبط بالصفة الإنسانية على العكس من الحقوق الاقتصادية فهي متغيرة.

أما من حيث الطابع: فأن الحقوق المدنية ذات طابع مطـلق ولم تنشأ بالقانون الوضعي، انما مصدرها الكرامة الإنسانية وان القانون ليس الا اداة لحماية هذه الحقوق.

       وفي ما يتعلق الحقوق الاقتصادية فهي ذات طابع نسبي وتظهر بأشكال مختلفة، أي ان الحقوق المدنية ذات طبيعة اعلانية اما الحقوق الاقتصادية ذات طبيعة إنشائية([38]).

أآثار التفريق بين نوعي الحقوق:

  • من حيث الحماية: ان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لا تتمتع بذات درجة الحماية التي تتمتع بها الحقوق المدنية والسياسية. فهذه الحقوق الأخيرة يمكن تحقيقها عن طريق القانون. اما الحقوق الأولى فيتوقف اعمالها على ارتفاع مستوى الانتاج وعدالة توزيع الثروات في البلاد، وهي لا تشكل سوى التزام سياسي وأدبي على الدولة بخلاف الحقوق المدنية التي تفرض التزاماً قانونياً عليها([39]).

وسبب ذلك ان هذه الحقوق المدنية لا تفرض على الدولة الا الالتزام بعدم القيام بأي عمل يمنع الافراد من ممارستها او يعيقها، وبالنظر لما تتميز به هذه الحقوق من تحديـد فأن الأفراد يمـكنهم مـخاصمة الدولة إذا اعتدت أو جـارت عليها، وللقضاء الحق في الزامها بعدم المساس بها او بالتعويض عما يصيبها([40]).

من حيث صيغ التطبيق: ان الحقوق المدنية نظراً لطابعها المطلق تطبق مباشرة على جميع الاشخاص دون تمييز بينما تطبق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بصورة تدريجية ومبرمجة وعلى اشخاص محددين ويبدو هذا في مقارنة نص المادة  ( 2 ) من اتفاقية الحقوق المدنية والسياسية من جهة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من جهة أخرى([41]).

من حيث الالتزامات التي تفرض على الدولة:

       ان الحقوق المدنية والسياسية تفرض على الدولة التزامات سلبية، بينما تفرض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية عليها التزامات ايجابية، ذلك لأن النوع الأول من الحقوق وخصوصاً الحقوق المدنية والتي تعني قدرة الفرد على التصرف الحر تتحقق بمجرد ان تكف الدولة يدها عن التعرض لها، اي انها تفرض على الدولة التزاماً بعدم التدخل([42]). عكس الحقوق الاقتصادية التي تقتضي من الدولة التدخل لتحقيقها للأفراد.

3- الحقوق الفردية والحقوق الجماعية:

       الحقوق الفردية هي تللك الحقوق التي يراد بها حماية الإنسان من الاعتداءات التي تقع عليه من الدولة([43]). مثل الحق في احترام الحياة الخاصة، والحق في حرية الفكر والضمير والحرية والأمان، وهذه الحقوق ذات طبيعة فردية.

       اما الحقوق الجماعية فهي التي يكون لها صفة جماعية، أي لا تتم ممارستها الا بشكل جماعي، مثل حق الشعوب في تقرير مصيرها والحق في عدم الخضوع للتمييز العنصري، وحق الأقليات في المحافظة على السمات والخصائص المميزة لها وتطويرها وعدم الاندماج في الأغلبية([44]).

       أن التمييز بين حقوق الإنسان الفردية والجماعية مبني بصورة رئيسية على تحديد المستفيد من هذه الحقوق من جهة واسلوب ممارستها من جهة أخرى([45]). تظهر آثار التفريق بينهما في التأثيرات المتبادلة بين هذين النوعين من الحقوق سواء في تحقيق حقوق الإنسان أو في انتهاكها.

  • فهناك حقوق جماعية تعتبر اساساً لممارسة الحقوق الفردية مثل حق الشعوب في تقرير المصير، فأنتقاء هذا الحق يعني زوال الحقوق الفردية.
  • وهناك حقوق جماعية تشكل حلقات متصلة بالحقوق الفردية بعلاقة جدلية ولا يمكن تحقيق الحقوق الفردية بدون حقوق جماعية([46])*.

4.طائفة الحقوق الجديدة:

وتسمى هذه الحقوق بالحقوق التضامنية([47]) وهي تلك الحقوق التي تقتضيها طبيعة الحياة المعاصرة، والتي وجدت نتيجة تطور النظام الدولي واتساع دائرة المعرفة وثورة الاتصالات والتقدم التكنلوجي، وهي تفرض دوراً ايجابياً على الشعوب والحكومات والمجتمع الدولي لتحقيقها، ومن هذه الحقوق، الحق في السلام، الحق في التنمية، الحق في بيئة نظيفة، الحق في الهدوء، الحق في الثروات الموجودة في قاع البحار، الحق في المياه الصالحة، الحق في الاغاثة عند الكوارث الكبرى([48]).

ثالثاً:ـ حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني:

       من الضروري معرفة التمـيز بين حقـوق الإنسان والقانـون الدولي الإنساني، خاصة وان الكثير من يخلط بين هذين الفرعين من القانون واللذان يعتبران من أحدث فروع القانون الدولي العام([49]).

       وبما أننا قد تطرقنا الى تعريف حقوق الإنسان، فسوف نحاول هنا اعطاء فكرة موجزة عن القانون الدولي الإنساني، فما المقصود بالقانون الدولي الإنساني؟

       يمكن تعريف صلب هذا القانون بأنه ((مجموعة المبادئ والقواعد التي تحد من استخدام العنف أثناء المنازعات المسلحة([50]).

       أما بالنسبة لغايات هذا القانون فهي، حماية الاشخاص غير المشتركين بصورة مباشرة، أو الذين كفوا عن الاشتراك بصورة مباشرة في الأعمال العدائية أي الجرحى والغرقى وأسرى الحرب والمدنيين، وكذلك الحد من آثار العنف اثناء القتال سعياً الى تحقيق أهداف الحرب([51]).   

       وبالنسبة لنشأته، فنجد ان قواعد القانون الدولي الإنساني المتعلقة بحماية ضحايا الحرب، نشأت أصلاً بعرف دولي تجسد منذ عام 1864 ثم في اتفاقية لاهاي لعام 1899 وكذلك لسنة 1907 ثم ما تلتها من اتفاقيات جنيف عام 1949، والبروتوكولان الاضافيان لعام 1977 ([52]).

       ومما تجدر الاشارة اليه ان قوانين الحرب التي تمت صياغتها في لاهاي أو في جنيف أو في أي مكان آخر، كانت نتاجاً لتسوية واقعية بين الاعتبارات الإنسانية

 من ناحية، ومتطلبات الضرورة العسكرية من ناحية اخرى، والملاحظ على اتفاقية جنيف انها تعكس الميل لصالح الاعتبارات الإنسانية، اما في اتفاقيات لاهاي فأنها اخذت بعين الاعتبار الموازنة بين مثل هذه الاعتبارات ومتطلبات الضرورة العسكرية([53]).

       بعد هذا العرض الموجز للقانون الدولي الإنساني يثور التساؤل حول ما هي العلاقة بين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني؟ وما هي أوجه الشبه والأختلاف بينها؟

العلاقة بين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني

       لقد كان ظهور القانون الدولي الإنساني سابقاً لظهور حقوق الإنسان والذي يرجع بدوره الى الاعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الجميعة العامة في عام 1948 ولكن النظامين على الصعيد الفكري يعودان الى اصول تاريخية وفلسفية واحدة، فكل منهما قد ولد من احشاء الظروف القاسية ومن ظرورة حماية حقوق الإنسان من قوى الشر التي تهدده، ومع ذلك فأن هذا الوضع قد تمخض عن جهدين متميزين لتخفيف ويلات الحرب والدفاع عن الإنسان ضد العشوائية والمزاجية([54]).

       فما يلاحظ هنا أنه كان هناك شبه استقلال بينهما، اذا كان الرأي السائد في الامم المتحدة ان مجرد مناقشة قانون الحرب بين جدرانها سوف يهز ثقة العالم في مدى قدرتها على حفظ السلام، ولذلك قررت لجنة القانون الدولي بالامم المتحدة في دورتها الأولى عام 1949، الا تدرج قانون الحرب بين الموضوعات التي سوف تتناولها، كما ان الاعلان العالمي لحقوق الإنسان لم يشر في أي نص من نصوصه الى مسألة احترام حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة، ومن جانب آخر نجد ان اتفاقيات جنيف الصادرة عام 1949 والتي تمت صياغتها في نفس الوقت تقريباً لم تتضمن اية اشارة لحقوق الإنسان([55]).

       ولكن بالرغم من هذا الاستقلال فقد قامت بغير قصد علاقة بين هذين الفرعين من فروع القانون الدولي – اتفاقيات حقوق الإنسان واتفاقيات جنيف.

فبالنسبة لاتفاقيات حقوق الإنسان، فأنها تشمل أحكاما بشأن تطبيقها في زمن الحرب، فمثلاً تقضي الاتفاقية الاوروبية لحقوق الإنسان والصادرة عام 1950، بأنه في زمن الحرب او حالات الطوارئ الشاملة التي تهدد حياة الأمة يمكن أبطال بعض الحقوق المذكورة في الاتفاقية فيما عدا أربعة حقوق لا يمكن التصرف بها([56]). وتوجد أحكام مماثلة في م45 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وهكذا فأن اتفاقيات حقوق الإنسان يمكن أيضاً أن تطبق في حالة النزاعات المسلحة اضافة الى تطبيقها في وقت السلم، اما بالنسبة لاتفاقيات جنيف لعام 1949، فهناك اتجاه نحو اعتبار أحكامها حقوقاً فردية للأشخاص المحميين، إضافة إلى كونها تشكل التزامات على الاطراف المتعاقدة، ففي كل من الاتفاقيات الاربعة توجد مادة تنص على أنه لا يجوز للأشخاص المحميين ان يتنازلوا عن الحقوق المكفولة لهم بموجب الاتفاقيات([57]) إضافة إلى ذلك فأن المادة الثالثة المشتركة بين جميع الاتفاقيات الاربعة، تلزم الاطراف المعنية بأن تطبق كحد أدنى بعض القواعد الإنسانية في أي نزاع مسلح ليست له طبيعة دولية([58]). وهكذا فهي تحدد العلاقات بين الدول ومواطنيها، وبالتالي فهي تتداخل مع الدائرة التقليدية لحقوق الإنسان.

ومما تجدر الاشارة اليه ان هذه العلاقة بين هذين القانونين لم تحظى بالاهتمام الواجب الا عندما انعقد المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان الذي عقدته الأمم المتحدة في طهران عام 1968، والذي ربط رسمياً بين هذين الفرعين من القانون، ففي القرار (23) الصادر في 12 آيار 1968 بعنوان ( احترام حقوق الإنسان في النزاعات المسلحة ) حث المؤتمر على تطبيق الاتفاقيات القائمة على نحو أفضل في المنازعات المسلحة وعلى ابرام مزيد من الاتفاقيات، وقد أدى هذا القرار الى بداية نشاط في الأمم المتحدة بشأن القانون الدولي الإنساني. وكانت الدفعة التي تحققت في طهران هي التي قادت الدول الى النظر بأيجابية في تطوير اتفاقيات جنيف([59]).

 

أوجه الشبة والاختلاف بين حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني

       يمكن حصر أوجه الشبه والاختلاف بين هذين الفرعين فيما يلي:

  1. ان أحكام حقوق الإنسان تطبق بصفة خاصة في وقت السلم، ويمكن تلمس ذلك من خلال الاطلاع على الفقرة الثانية من ديباجة الاعلان العالمي لحقوق الإنسان، حيث تنص على ان احترام حقوق الإنسان شرط لحفظ السلم، الا انه لا يمنع من سريان أحكام حقوق الإنسان بصورة استثنائية في حالات النزاع المسلح، بينما نجد ان القانون الدولي الإنساني يطبق أساساً في حالات النزاع المسلح سواء أكان دولياً أم غير دولياً([60]).

ويفهم من هذا ان حقوق الإنسان تمثل المبادئ العامة بدرجة أكبر، بينما يكتسب القانون الدولي الإنساني طابعاً خاصاً واستثنائياً اذ لا يدخل في مجال التطبيق الا في اللحظة التي تبدأ فيها الحرب([61]).

  1. أن أحكام حقوق الإنسان تطبق على مستوى الأفراد، بينما يطبق القانون الدولي الإنساني على مستوى الدول، وبمعنى آخر ان أحكام حقوق الإنسان تعني بصورة رئيسية بالعلاقات بين الدول ورعاياها، بينما يهتم القانون الدولي الإنساني بالعلاقات بين الدول والأطراف المتحاربة ورعاياها([62]).
  2. أن أحكام حقوق الإنسان تسري على كل الأفراد دون أن تشترط فيهم صفة بعينها، وان كانت هناك بعض الاتفاقيات خاصة بفئات معينة مثل اللاجئين والنساء والأطفال، اما القانون الدولي الإنساني فيحدد الفئات التي يحميها كالجرحى والمرضى وأسرى الحرب. الا ان التطورات في القانون الدولي الإنساني تتجه نحو اقامة نظام مماثل لنظام حقوق الإنسان، أي يسعى الى حماية كافة الأشخاص من غير المقاتلين مع المحافظة في الوقت نفسه على الجوانب الخاصة التي تقتضيها الظروف التي يسري فيها هذا القانون([63]).

4- اختلاف آليات تنفيذ قانون حقوق الإنسان عن آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني، فبينما تشمل الأولى هيئات حقوق الإنسان ولجان تقصي الحقائق بالإضافة إلى المنضمات الدولية والإقليمية، تشمل الثانية الحكومات وللجنة الدولية للصليب الأحمر والدول الحامية.

أما بالنسبة إلى وجه التشابه، فنجد أن قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يهدف إلى تحقيق غرض مشترك يتمثل في حماية الإنسان واحترام كرامته([64]). ومن هنا فأن نقطة الالتقاء الأولية بين القانونين تكمن في أن الإنسان هو محور الحماية ومحلها فكلاهما مكرس لتحقيق هذه الغاية ([65]). وبذلك فأنهما يشتركان في العديد من المبادئ ومنها([66]) .

  • مبدأ صيانة حرمة شخص الإنسان، فللإنسان حق احترام حياته وسلامته الجسدية والمعنوية، وهذا يعني في القانون الدولي الإنساني صيانة الشخص الذي يسقط في ميدان القتال أو الحفاظ على حياة المقاتلين الذين استسلموا.
  • عدم التمييز، بسبب العرق أو الدين الجنس أو اللغة…الخ.
  • مبدأ الأمن، للفرد الحق في أمنه الشخصي، فيحظر العقاب الجماعي والأعمال الانتقامية واحتجاز الرهائن، من جانب أخر يجب مراعاة الضمانات القضائية ومبدأ المسؤولية الفردية، ولا يجوز أن تكون هناك استثناءات من هذه الضمانات أثناء النزاع المسلح، وحتى في الأوقات الاستثنائية كالاضطرابات والتوترات الداخلية، إذ يجب اتخاذ التدابير اللازمة لحفظ الأمن.

ومما تجدر الإشارة أليه، أن هناك حجج مختلفة قد قيلت بشأن أوجه الشبه والاختلاف بين الفرعين المذكورين، فهناك النظرية التوحيدية التي تفيد بأن القانونين متشابكان ومتحدان، وهناك النظرية الانفصالية التي ترى بأنهما مختلفان ومستقلان وأخيراً النظرية التكاملية والتي تفيد بأن القانونان متميزان ولكنهما متكاملان ([67]). ويبدو أن التكاملية هي الأفضل قياساً بالنظريات الأخرى.

وأخيراً يمكن القول بأن حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني يمثلان فرعان متمايزان من فروع القانون الدولي العام، فهما يصبان في تحقيق هدف مشترك ألا وهو حماية الإنسان في جميع الأحوال، لهذا يجب النظر أليه بروح تكاملية وعلى أساس ذلك يقول الأستاذ جان بكتيه لو أننا أردنا أن نطلق عليهما اسماً مشتركاً وجامعاً فهو “القانون البشري” والذي يمكن تعريفه بأنه “مجموعة من الأحكام القانونية والدولية التي تكفل احترام الفرد الإنساني وازدهاره ([68]).

المبحث الثاني: المراحل التي مرت بها حقوق الإنسان

   أن دراسة المراحل التي مرت بها حقوق الإنسان، يعد أمراً ضرورياً لبيان وضع حقوق الأفراد وحرياتهم في مختلف المجتمعات الإنسانية، وذلك أن من المسلم به، أن حقوق الإنسان تختلف باختلاف الزمان والمكان وتتأثر بمختلف التيارات الفكرية السائدة في المجتمع، وعليه فأن البحث في تلك المراحل يستلزم منا تقسيم المبحث إلى ثلاث مراحل.

أولاً:ـ حقوق الإنسان في العصور القديمة والوسطى

ثانياً:ـ حقوق الإنسان في الإسلام

ثالثاً:ـ الاهتمام الدولي والإقليمي بحقوق الإنسان

أولاً:ـ حقوق الإنسان في العصور القديمة والوسطى

1-حقوق الإنسان في العصور القديمة

لقد كانت العصور القديمة تجهل فكرة خضوع الحاكم لقواعد قانونية تقيد سلطاته، إذ كان الحاكم في نظر الأفراد بمثابة الآلة، وكان الخضوع لحكمه من قبيل الخضوع لأحكام الدين والالتزام بتعاليمه ([69]). وكانت السلطة تتدخل في كل شيء وتنظم كل شيء تقريباً حتى بعض الأمور الشخصية ([70]). فنظام الحكم بالإضافة إلى كونه يرتكز على أساس السلطة المطلقة للحكام فأنه كان نظاماً كلياً شاملاً يقوم على أساس تبعية الفرد التامة للدولة ([71]). هذا مما ولد انطباعاً عن اختفاء الحقوق والحريات العامة بأشكالها كافة حتى وصفت بأنها في حكم العدم، وعلى الرغم أن هذا الانطباع يحتضن الحقيقة في جزء منه ألا أنه يحمل من المبالغة والإسراف في التقدير الشيء الكثير ([72]). إذ هناك الكثير من الاشراقات التي استبانت فيها حقوق الإنسان في المجتمعات القديمة ودعت إلى المحافظة عليها ومن هذه المجتمعات نذكر مثلاً ـ

العراق: ففي العراق نجد أن فكرة العدالة والقانون والحرية وحقوق الإنسان كانت من الأفكار الأساسية في بلاد وادي الرافدين نظرياً وعملياً، حيث نجد أن ملوك العراق كانوا يتباهون بكونهم حراس العدل والحق وما الإصلاحات التي جاء بها الملك السومري (اوركاجينا) ألا دليل على أهمية حقوق الإنسان في ذلك الوقت وتأكيدها على حريته، ورفضها ما يتناقض معها، ومن ناحية أخرى أن كلمة (الحرية) التي هي في الوقت الحاضر أمنية جميع شعوب العالم قد ظهرت لأول مرة في التاريخ البشري في الوثيقة العراقية التي تنقل لنا إصلاحات الملك (اوركاجينا) ([73]). أما في عهد الملك البابلي حمورابي فلقد وضع قانونه المسمى بشريعة حمورابي في 1792 ـ 1750ق.م وكان يضم (282) مادة إذ تضمن في مواده الكثير من حقوق الإنسان ومنها على سبيل المثال: حقوق المرأة، إذ اكتسبت في هذا القانون شخصية قانونية مستقلة تخولها التصرفات القانونية، ولها أموالها الخاصة مستقلة عن أموال زوجها، ولها أن تتصرف بها وكذلك لها حق التقاضي، وممارسة العمل التجاري، وتولي الوظائف الإدارية، وكذلك أوجب على زوجها الذي طلقها أن يتنازل لها عن نصف ثروته لكي تقوم بتربية أولاده (م137)، وأن يعوضها عن الإضرار التي أصابتها بسبب الطلاق إذا لم يكن لها أولاد (م138)([74]). وكذلك نجد في شريعة حمورابي أحكاماً خاصة بالمدين وذلك في (م48) التي تمهل المدين في أداء التزامه في حالة غرق حقله وتلف حاصله بحكم إرادة. الإله فأنه لا يلزم بتسديد دينه في تلك السنة للدائن ([75]). وهو أساس للقاعدة الفقهية في الشريعة الإسلامية (فأن كان ذو معسرة فنظرة إلى ميسرة) وكذلك القاعدة القانونية في القانون الوضعي (مبدأ القوة القاهرة). ومما يثبت أن شريعة حمورابي قد جاءت إحقاقاً للحق وتوطيداً للعدل وتحفيزاً للحكام على تطبيق أحكام القانون. ما جاءت به (م23) من شريعة حمورابي والتي أقرت مبدأ التعويض بصورة عامة ومن الضمانات التي جاء بها أيضاً ما منصوص عليه في (م5وم2) الخاصة بضمانات حقوق الإنسان أمام القضاء، التي كفلت حق أي شخص يشعر بالظلم أو الغبن أن يتظلم مباشرتاً لدى محكمة الملك حمورابي ([76]).

أما في مصر القديمة: فقد ظهرت بعض الحقوق في القوانين التي وضعها ملوكها ومنهم أخناتوت الذي قرر المساواة بين الناس في شؤونهم الدنيوية كما كانوا يتساوون في شؤونهم الدينية ([77]).

أما في بلاد فارس: فتجلت هذه الحقوق في عهد زرداشت الذي كان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويدعو إلى العدل بين الناس ويضع الفواصل بين حقوق الأفراد وواجباتهم ([78]).

أما في المدن اليونانية: فالتاريخ يحدثنا أن أثينا قدمت للعالم في عصر بروكليس مثلاً للمدينة التي يعيش فيها المواطنون أحراراً متساوين، الشعب يمارس السلطة بنفسه دون أن يعهد بها إلى ممثلين ولم يكن لإرادة الشعب من معقب في كل ما يخص المدينة، وقد سمى بروكليس هذا النظام باسم الديمقراطية لأنه كما قال لا يهدف إلى مصلحة الأقلية بل مصلحة أكبر عدد ممكن ([79]).

وهناك ثلاث أسس يقوم عليها هذا النظام وهي:

  • تساوي جميع المواطنين في حرية الكلام (الايزوجوريا)
  • المساواة أمام القانون (الايزونوميا)
  • الاحترام حق لجميع المواطنين (الايزونيميا)

وهي تعبير في الوقت الحاضر عن حقوق الإنسان الأساسية ([80]).

أما بالنسبة للإمبراطورية الرومانية فقد شهدت مولد ظاهرة مهمة كان لها أثرها الكبير في نشأت الحقوق والحريات العامة وهي “فكرة القانون الطبيعي”، التي جاءت نتاج عن ما يسمى ( بقانون الشعوب )([81])ويعتبر القانون الطبيعي الأساس الفلسفي لفكرة حقوق الإنسان. لإقراره مجموعة من القواعد العقلية الخلقية السامية التي فطر الناس عليها سابقة على كل قانون وضعي يحكم المجتمعات البشرية، تمثل العدل وتعبر عن القيم الخلقية العليا، وهي مصدر الشرعية في الحقوق التي يطالب بها الإنسان ([82]).

لقد كان الفقيه الروماني شيشرون ([83]) أكثر من عني من الفلاسفة في إبراز هذه الفكرة التي كانت لها أثر كبير على النظرية السياسية. إذ أحدثت فيها تغيراً بعيد المدى لم يسبق له نظير منذ عهد ارسطو، كما أثرت تأثيراً بالغاً في الفكر الأوربي وظلت قروناً تلعب دوراً بارزاً في مقارعة الاستبداد وفي الدعوة إلى الحرية والمساواة ([84]).

ويتبين لنا من بعد هذا الاستعراض لحقوق الإنسان في العصور القديمة أن هذه المجتمعات قد عرفت حقوق الإنسان ولكن بصورة ضعيفة قياساً بالتطور المتسارع من قبل المجتمع الدولي في الاهتمام بحقوق الإنسان ولكن مما لا يمكن نكرانه، أنها قد ساعدت في وضع حجر الأساس الذي قد بنيت عليه الاهتمامات اللاحقة بهذه الحقوق.

2- حقوق الإنسان في العصور الوسطى:

تتمثل حقوق الإنسان في العصور الوسطى بعدد من الوثائق والقوانين التي صدرت في عدة دول غربية حيث كانت البلدان العربية الإسلامية ترزخ تحت نير الاستعمار والانحطاط والتخلف.

لذلك جاءت حقوق الإنسان بصيغتها الراهنة تعكس منظاراً غربياً ذا أفاق عالمية لا يتعارض مضمونها مع المنظار العربي والإسلامي لحقوق الإنسان من حيث الإطار العام لصيانة كرامة الإنسان وحقوقه ([85]).

ويمكن أيراد أهم هذه الوثائق عن حقوق الإنسان فيما يلي:ـ

  • الوثائق الصادرة في بريطانيا.
  • ميثاق العهد الأعظم أو الماكنا كارتا (Magina-Carta) الصادرة عام 1215 والذي فرضه أمراء الإقطاع على الملك جان للحد من سلطانه، وهو يحتوي على أحكام أساسية فيما يتعلق بحق الملكية والتقاضي وضمان الحرية الشخصية، ولقد كان للماكنا كارتا أثرها البعيد في انكلترا وسائر أوربا ([86]).
  • عريضة الحقوق (1628) التي صدرت في عصر الملك شارل الأول من أل ستيورت، وتضمنت بياناً مفصلاً لحقوق البرلمان التاريخية وتذكيراً بحقوق المواطنين التقليدية التي كفلتها الشرع القديمة.

ومن بين الحقوق التي نصت عليها هذه العريضة برز حقان رئيسيان ما زال يعتبرهما الإنكليز أنهما يؤلفان، المبدأين الجوهرين اللذين ترتكز أليهما سائر الحقوق الفردية والحريات العامة في إنكلترا وهما الحرية الشخصية التي يحرم القانون بموجبها التوقيف الكيفي بدون محاكمة، وتحريم إنشاء الضرائب وفرضها بدون موافقة البرلمان عليها ([87]).

  • قانون تحرير الجسد:ـ الذي أصدره الملك جان الثاني من أل ستيورت في عام 1679 وبموجبه منع حبس الأفراد ألا الدين أو تهمة جنائية وفي عام 1816 ألغي الحبس من أجل الدين واقتصر على الجرائم الجنائية، وكذلك أوجب الإسراع في بيان سبب الاعتقال ([88]).
  • لائحة الحقوقـ صدرت عام 1688 وهي تحضر على الملك إنشاء محاكم استثنائية وتنص على المحاكمة بطريق المحلفين، وعدم مغالاة المحاكم في طلب الكفالات وفرض الغرامات أو الحكم بعقوبات قاسية غير مألوفة ([89]).
  • وفي الولايات المتحدة الأمريكية: صدرت وثيقة استقلال الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1776 وتضمنت ديباجتها إشارات واضحة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية بالإضافة إلى المواد الأخرى فيها وقد جاء في الديباجة أننا نعد الحقائق الآتية من البديهيات، خلق الناس جميعاً متساوين، وقد منحهم الخالق حقوق خاصة لا تنتزع ([90]).
  • الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن:

يعد هذا الإعلان بمثابة وثيقة ميلاد (المواطن) الحديث إذ أصبح للفرد موقع جديد في الحياة السياسية، بعد أن تم إلغاء النظام الملكي، وقد تم التصويت عليه من قبل الجمعية الوطنية في 26آب 1789 واعتمد فيما بعد كمقدمة للدستور الفرنسي الأول الصادر عام 1791 وهو يتضمن مقدمة وسبع عشرة مادة ([91]). ومما جاء في ديباجة الإعلان “أن ممثلي الشعب الفرنسي وقد تكونوا في جمعية وطنية” يرون أن إغفال حقوق الإنسان وتناسيها أو ازدرائها هي الأسباب الوحيدة في الكوارث العامة وفساد الحكومات ولذا فقد عقدوا العزم على أن يعلنوا رسمياً حقوق الإنسان الطبيعية الراسخة المقدسة حتى يكون في إعلان هذه الحقوق على الأفراد أو الهيئة الاجتماعية كافة ما يذكرهم دائماً بحقوقهم وواجباتهم ([92]).

وكان أهم ما تضمنه الإعلان من مبادئ تقريره للمساواة إذ نص على أن الناس يولدون أحـراراً ومتساوون في الحقوق، ([93]). وصـيانة حريـة الفرد وسلامته، وحرمة الملكية، وحق الشعب في مقاومة الظلم والاستبداد.

ويعد هذا الإعلان من الوثائق الوطنية المهمة في تاريخ البشرية الخاصة بحقوق الإنسان حتى عصرنا الحاضر.

ثانياً:ـ حقوق الإنسان في الإسلام

أن الإسلام هو أول من قرر المبادئ الخاصة بحقوق الإنسان في أكمل صورة وأوسع نطاق، وأن الأمة الإسلامية  في عهد الرسول (ص) والخلفاء الراشدين من بعده كانت من أسبق الأمم في السير عليه ([94]) . لذلك تعد الشريعة الإسلامية من الناحية التاريخية مصدراً رئيسياً ومهماً لحقوق الإنسان وحرياته الأساسـية، وحقوق الإنسان في الإسلام لها طابع الضرورة المؤسس على العقيدة وهو طابع يرتكز على ضمان معنى الإنسانية، والمبادئ التي حرصت الشريعة الإسلامية على احترامها يمكن تطويرها في التطبيق العملي لكي تواجه وتشمل كل التطورات التي تسفر عنها الأبحاث العلمية الحديثة ومتطلبات الحضارة في مراحلها المختلفة ([95]). وتعتبر “حقوق الإنسان في الإسلام حقوق ملزمة بحكم مصدرها الإلهي لا تقبل الحذف ولا التعطيل ولا يسمح بالاعتداء عليها ولا يجوز التنازل عنها”، ([96]). أن الإسلام جعل من تقرير حقوق الإنسان جزءً من عقيدة سماوية ورسالة شاملة، فلقد أهتم الإسلام بكرامة الإنسان وفضله على سائر المخلوقات، وتجلى ذلك بقوله تعالى (ولقد كرمنا بني أدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً)([97]).

ولقد أقر الإسلام كافة حقوق الإنسان ووضع الأسس الكفيلة بحمايتها.

ومن الحقوق التي نص عليها، حق الإنسان في الحياة إذ تشدد الشارع في حماية هذا الحق وتتمثل في نوع العقوبة التي توقع على من يتطاول على هذا الحق بأن جعله القصاص وجعل الحياة مرتبطة باحترام هذا الجزاء (من قتل نفساً بغير نفس او فساد في الارض فكأنما قتل الناس جميعاً) ([98]).

وحق المساواة بين البشر، ويتجلى هذا في قوله تعالى (يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) ([99]).  

   وقال الرسول الكريم (ص) “أن الناس سواسية كأسنان المشط” وقال الرسول (ص) أيضاً (كلكم لآدم وآدم من تراب ([100]). وأهتم الإسلام بالقضاء وبالعدل في قوله تعالى (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم) ([101]). وحق الفرد في حماية عرضه وسمعته في قوله تعالى (ولا تتجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً) ([102]). وقال الرسول (ص) (أن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) ([103]). وكفل الإسلام حق اللجوء بقوله تعالى (وأن أحد من المشركين أستجارك فأجرة حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) ([104]). وكفل الإسلام أيضاً حقوق الأقليات سواء من الناحية الدينية في قوله تعالى (لا أكراه في الدين) ([105]). أما بالنسبة للأوضاع المدنية فلهم مثلاً أن يتحاكموا إلى شرائعهم إذا لم يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية في قوله تعالى (وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه) ([106]). وكفل الإسلام حق المشاركة في الحياة العامة، فمن حق كل فرد في الأمة أن يعلم بما يجري في حياتها، من شؤون تتصل بالمصلحة العامة للجماعة، وأن يساهم فيها بقدر ما تتيح له قدراته ومواهبه أعمالاً لمبدأ الشورى (وأمرهم شورى بينهم) ([107]). ونص أيضاً على حق حماية الملكية في قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) ([108]). وغيرها من الحقوق الأخرى التي لا مجال لذكرها.

لقد وضع الإسلام قواعد أساسية تنتظم داخلها حقوق الإنسان وواجباته وأسلوب ممارسته لحرياته العامة ومن هذه القواعد:ـ

  • كل شيء في الأصل ـ مباح وهي المساحة الواسعة التي يتصرف داخلها الفرد المسلم ولا يقف ألا عندما حرم بنص من الكتاب والسنة.
  • حدود حرية الفرد وحقه تقف أيضاً عند حدود، وحق فرد آخر تطبيقاً للقاعدة (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).
  • الالتزام بالمصلحة العامة عند التقاطع بين مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع.
  • الالتزام بأخلاقيات الإسلام عند ممارسة الحريات والحقوق ([109]).

ويظهر أن الشريعة الإسلامية قد وضعت نظاماً دقيقاً لحماية حقوق الإنسان وممارستها، مما كان له الأثر الكبير في صدور عدد من المواثيق والبيانات الإسلامية الخاصة بحقوق الإنسان والتي تستمد مرجعيتها من القرآن الكريم والسنة النبوية والفقه الإسلامي، ومن أهم هذه المواثيق التي صدرت:ـ

  • إعلان حقوق الإنسان وواجباته في الإسلام الصادر عن رابطة العالم الإسلامي في عام 1979.
  • البيان الإسلامي العالمي الصادر عن المجلس الإسلامي الأوربي في لندن عام 1980.
  • البيان العالمي لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر عن المجلس نفسه عام 1981.
  • إعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام الصادر عن مؤتمر العالم الإسلامي عام 1990. (الذي تمت الموافقة عليه بالتوافق) ([110]).
  • مشروع حقوق الإنسان في الإسلام الذي قدم إلى مؤتمر القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي في الطائف في كانون الثاني 1981.
  • مشروع حقوق الإنسان في الإسلام الذي قدم إلى المؤتمر الخامس لحقوق الإنسان في طهران في كانون الأول 1989 ([111]).

وبذلك يتبين لنا أن الشريعة الإسلامية بمبادئها السمحة قد شكلت الدعوة الأولى واللبنة الأساسية لحقوق الإنسان، سابقة بذلك الاتفاقيات والمواثيق الدولية والإعلانات الصادرة عن المنظمات الدولية بخصوص توفير وتقرير وتنظيم تلك الحقوق وحمايتها، وأن ما تتفاخر به الديمقراطيات الحديثة من مبادئ وقواعد في هذا الشأن ترجع أصوله إلى الشريعة الإسلامية ([112]).

ثالثاً:ـ الاهتمام الدولي والإقليمي بحقوق الإنسان

يعرف القانون الدولي العام بأنه (مجموعة القواعد القانونية التي تحكم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي العام وتحدد اختصاصات والتزامات كل منها) ([113]).

فإذا كان هناك اهتـمام من قبله بالأفراد فالواقع أن هذا الاهتمام فرعي ومشتق، لأن الأصل في القانون الدولي هو تنظيم العلاقة بين الدول وهي على قدم المساواة فيما بينها بموجب مبدأ السيادة لكل منهما. ألا أنه بسبب تأثيرات الحروب ولتطور المؤسسات الدولية فقد ظهر ما يسمى بالقانون الدولي لحقوق الإنسان ([114]). نتيجة لعدم تحمل المجتمع الدولي على ما يرتكب من جرائم وخرق فاضح ومستمر من قبل العديد من الدول ضد الفرد وإنسانيته.

فمنذ بداية القرن الماضي وجدنا من الفقهاء من يقول (بأن الفرد ـ يتمتع بشخصية دولية لأن الإنسان ـ على كل حال ـ هو غاية كل الأنظمة وما وجدت الدول ولا المجتمعات ولا المنظمات ألا لتحقق له إنسانيته، أو لتكفل له أحسن سبل العيش، وأنه يجب أن تتفق كل القواعد القانونية مع الطبيعة العاقلة للإنسان) ([115]).

ولقد دافع عن وجهة النظر تلك المدارس الموضوعية بشكل عام والمدرسة الاجتماعية بشكل خاص والتي ترى أن الجماعة الدولية ليست في النهاية ألا جماعة بشرية تتركب من الأفراد ([116]).

لذلك بدأ على المستوى الدولي الاهتمام بحقوق الإنسان بصورة تدريجية من خلال أقامة تنظيمات عالمية، ففي عهد عصبة الأمم (1919) كان الاهتمام بحقوق الإنسان ضئيلاً إذ لم يتضمن العهد نصوصاً خاصة بتقرير الصفة الدولية لحماية حقوق الإنسان، وذلك إذا ما استثنينا ما جاء في العهد، من التزام أعضاء العصبة بأن يعاملوا بصورة عادلة الشعوب التي تقطن الإقليم الخاضعة لإدارتهم، وأيضاً النص على احترام حقوق الشعوب التي تسكن الإقليم التي وضعت تحت نظام الانتداب ([117]). ولم يشهد المجتمع الدولي ألا عدداً ضئيلاً من المعاهدات والاتفاقيات التي أنصت على مكافحة الانتهاكات الفاضحة لحقوق الإنسان والمتمثلة بالرق والاتجار بالرقيق.

أما في عهد الأمم المتحدة فقد اهتمت منذ تأسيسها عام 1945 بموضوع حقوق الإنسان، حيث نصت ديباجة الميثاق الصادرة عنها على تأكيد الأيمان من جديد بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره، بالإضافة إلى الفقرات الخاصة بحقوق الإنسان في الميثاق ([118]).

وكان من جهود المنظمة في مجال حقوق الإنسان إصدار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 الذي لم يتحدد في إقراره للحقوق الفردية فحسب وإنما اهتم في التوسع بحقوق المجاميع الإنسانية مؤكداً الجوانب الروحية والمادية معاً. وقـد اكتسبت نـصوصه الصفة القانونية المنشأة للحقوق والحريات العامة، عندما أخذت بها الدساتير والقوانين الوضعية للدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة ([119]).وكذلك صدور الاتفاقية الخاصة بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عام 1966 وغيرها من الاتفاقيات الخاصة بحقوق الإنسان.

وإنشاء لجنة خاصة لحقوق الإنسان ([120]). مهمتها حماية حقوق الإنسان والتعريف بها بالإضافة إلى لجـان خاصة بمجالات معـينة من حقوق الإنسان ([121]).

أما على المستوى الإقليمي فقد بدأ الاهتمام بحقوق الإنسان على صعيد جميع القارات.

 فعلى المستوى الأوربي عندما أقام المجلس الأوربي لحقوق الإنسان لجنة حقوق الإنسان، أعضائها بعدد أعضاء دول المجلس، ومن مهامها التحري والبحث في شكاوي وانتهاكات حقوق الإنسان، بالنسبة للدول الأعضاء في المجلس، والعمل على حلها بشكل ودي فضلاً عما تمتلكه من إجراءات تمكنها من تقديم الشكاوي إلى المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان ([122]).

وعلى المستوى الأمريكي تم أنشاء اللجنة الأمريكية لحقوق الإنسان إذ يمتد اختصاصها إلى الرقابة والأشراف على مدى احترام حقوق الإنسان من جانب الحكومات، وإنشاء محكمة أمريكية لحقوق الإنسان لحمايتها ([123]).

أما على المستوى منظمة الوحدة الأفريقية: فقد صدر الميثاق لأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب 1981 وتم أنشاء اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان من أجل حماية هذه الحقوق والسهر على احترامها.

أما على المستوى العربي: فقد أنصب الاهتمام بحقوق الإنسان على مستوين:

  • رسمي في أطار جامعة الدول العربية، ففي أطار الجهود الحكومية الرسمية قد تشكلت اللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان حسب قرار جامعة الدول العربية في 13/9/1968.
  • الجهود غير الحكومية، تمثلت في عقد ندوة للفترة من 18 ـ 20 أيار 1979 صدر عنها مشروع اتفاقية عربية لحقوق الإنسان، وانبثقت عن الندوة (اللجنة الدائمة للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية في الوطن العربي ([124]).

يظهر لنا مما تقـدم الاهتمام المتـزايد من قبل المجتمع الدولي بحقوق الإنسان، الذي أصبح احترامها وحمايتها مظهراً من مظاهر التقدم والرقي في المجتمعات. وما زالت تبرم العديد من الاتفاقيات الدولية في هذا المضمار.

المبحث الثالث: مصادر حقـوق الإنسان

أن كلمة المصدر لها العديد من المعاني، ومن أكثر المعاني شيوعاً أنها تعني منبع الشيء والأساس المنشأ أو القوة الخالقة، وبهذا المعنى تقول أن الله سبحانه وتعالى (هو مصدر الحياة) ([125]).

أما المعنى الأخر فتعني كلمة المصدر (الدليل المثبت أو المحقق وبهذا القصد نقول أن القلب مصدر الحياة) ([126]).

ومن الطبيعي أن تنوع مصادر حقوق الإنسان وتتعدد سواء من حيث قوة إلزامها أو من حيث حماية حقوق الإنسان أو من حيث نشأتها، وبصورة عامة يمكن القول بأن حقوق الإنسان ومعاييرها مستمدة من المصادر التالية.

أولاً:ـ المصادر الدولية

 إذ يعتبر هذا المصدر أغزر المصادر القانونية لحقوق الإنسان، ويقسم بدوره إلى “القانون الدولي العرفي” والقانون الدولي الأتفاقي.

  • القانون الدولي العرفي: (أو العرف) ويقصد به تكرار الأعمال المتماثلة في تصرف الدول في أمور معينة مع شعور هذه الدول بأن هذه التصرفات التي تقوم بها أو تطبقها هي ملزمة لها قانوناً ([127]).

وبعبارة أخرى إذا تصرفت الدول على مدى فترة من الزمن بطريقة معينة لأنها ترى أنها مطالبة للقيام بذلك فأن هذا السلوك يصبح سلوكاً معترفاً به كمبدأ من مبادئ القانون الدولي الملزمة للدول حتى وأن لم يكن مكتوباً في أتفاق معين، وهكذا فان الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، مثلا ليس معاهدة ملزمة في حد ذاتها ولكن بعض أحكامه تعتبر أحكاما تكتسب طابع القانون الدولي العرفي ([128]).

  • القانون الدولي الاتفاقي: هو الذي يشمل قانون حقوق الإنسان. المنصوص عليه في العديد من الاتفاقيات الدولية (المعاهدات والاتفاقيات) التي وضعتها الدول جماعيا (أما ثنائياً أو بصورة جماعية متعددة الأطراف) ووقعت وصدقت عليها ([129]). ومن أمثلتها.

. اتفاقيات جنيف الأربع العام 1949.

. الاتفاقية الدولية للقضاء على التمييز العنصري بجميع أشكاله لسنة 1965.

. العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية لسنة 1966.

. العهد الدولي الخاص بحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لسنة 1966.

. الاتفاقية الخاصة بوضع اللاجئين (وبروتوكولها) لسنة 1966.

. برتوكولا عام 1977 الملحقين باتفاقيات جنيف.

. اتفاقية منع جريمة الأبادة الجماعية والمعاقبة عليها لسنة 1979.

. اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989.

ثانياً:ـ المصادر الوطنية

  • المصادر الوطنية: ويقصد بالمصدر الوطني ما يرد من نصوص متعلقة بحقوق الإنسان في الدستور والتشريع والعرف فضلاً عن أحكام المحاكم الوطنية ([130]).

 

ويعتبر مصدراً هاماً إذ له الأولوية على المصدر الدولي في الحماية الوطنية لحقوق الإنسان. فعند حدوث انتهاك للحقوق الإنسانية يتوجه الضحية أو محامية بالبحث عن وسائل الحماية في القانون الداخلي الذي يمثل خط الدفاع الأول عن هذه الحقوق، فهو القانون الواجب التطبيق أولاً قبل اللجوء إلى أي مصدر دولي للحماية، وهذا ما تشترطه المواثيق والقرارات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ([131]).

ومن أهم المصادر الوطنية لحقوق الإنسان ما يلي:

  • وثيقة العهد الأعظم أو الماكنا كارتا، (Carta) أو الشرط الكبير وقد صدرت في إنكلترا عام 1215 وكانت من ثمار ثورة النبلاء على الملك الذي هدد مصالحهم بطغيانه، إذ جاءت هذه الوثيقة للحد من سلطان الملك جان وهي تحتوي على أحكام أساسية فيما يتعلق بالتزام النزاهة والعدالة في الإدارة والقضاء، وضمان الحرية الشخصية لكل فرد، وإلغاء الضرائب الاستثنائية، وصيانة حقوق الإقطاعية ([132])، ولقد استطاع الشعب الإنكليزي أن يستفيد منها بصورة فعلية بعد أن كانت في خدمة أمراء الإقطاع، عن طريق تقديم عريضة الحقوق التي اشتهرت بملتمس الحقوق أو مشروع الحقوق عام 1698، و مذكرة الخلافة الملكية 1701([133]). وبالرغم من هذا لقد كان للماكنا كارتا أثرها البعيد في إنكلترا وسائر أنحاء أوربا الإقطاعية وقد أضحت مع ما حاط بها من شرع أخرى موئلاً للحريات الإنكليزية التقليدية ومصدراً لعدد من القواعد الضامنة لهذه الحريات ([134]).
  • وثيقة استقلال الولايات المتحدة الأمريكية في 14 تموز 1776 وقد تضمنت هذه الوثيقة أشارات واضحة لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية، و النص على مبدأ أساس وهو أن البشر هم بطبيعتهم متساوون في الحرية والاستقلال وبأنهم يتمتعون بحقوق تقتضيها الطبيعة البشرية ([135]).

وقد أعقب ذلك صدور الدستور الاتحادي في عام 1791 وقد ركز ثانياً على أقامة العدالة وضمان الحرية، والتي بها خطت الولايات المتحدة خطوات واسعة في مجال حقوق الإنسان وحرياته الداخلية على الصعيد الداخلي ([136]).

  • الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والشعوب:

ولقد وضع من قبل نواب الشعب في 26 آب 1789 عقب الثورة الفرنسية، وقد أراد واضعوه أن يمحوا في كل مادة من مواده سيئة من سيئات نظام ما قبل الثورة ([137]).

وجاء الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن والمكون من 17 مادة متأثراً بنظريات وفلسفات ما قبل الثورة الفرنسية لاسيما أفكار جان جاك روسو في كتابة المعروف بالعقد الاجتماعي (Le Controct social). و متأثراً كذلك بصورة واضحة بإعلان الاستقلال الأمريكي الصادر قبله بسنوات في 4 يوليو 1776، إذ يقرر مثله أن الناس ولدوا أحراراً ومتساوين في الحقوق، وأن الغرض من كل مجتمع سياسي هو الحفاظ على الحقوق الطبيعية للإنسان والتي لا تقبل التنازل عنها، ألا وهي المساواة والحرية والملكية والأمان ومقاومة الظلم، وأن للمواطنين الحق في مشاركة الحكومة في سن القوانين وفي تقرير الضرائب، وأن السلطة العليا في البلاد (أو ما يعبر عنه بالسيادة) هي للأمة وليس لأحد أن يمارسها ألا طبقاً لإرادة الأمة ([138]).

ومن مميزات الإعلان الفرنسي ما يلي ([139]).

ـ الطابع الفردي، بمعنى أن الفرد هو صاحب الحقوق الأساسية.

ـ الأبعاد الكونية للإعلان بمعنى أن إعلان حقوق الإنسان كوني الأبعاد صالح لكل زمان ومكان.

ـ طابع الإعلان كاشفاً لهذه الحقوق وليس منشئاً لها.

ـ الطابع البرجوازي للإعلان، لأن أكثرية الجمعية الوطنية كانت من الطبقة البرجوازية، وبالتالي عكست مطالبهم الطبيعة البرجوازية على الإعلان.

وبذلك يعد الإعلان الفرنسي من أشهر الوثائق الوطنية والتاريخية المتعلقة بحقوق الإنسان.

ثالثاً:ـ المصادر الدينية

ركزت الديانة المسيحية على كرامة الإنسان وعـلى المساواة بين جميع الناس، وقد وضعت حجر الأساس لتقييد السلطة. ذلك أن السلطة تتقرر لخدمة الإنسان، ويتوجب عليها بالتالي احترامه، ولا يجوز للسلطة الزمنية أن تتجاوز اختصاصها فتتدخل في الأمور الدينية وألا فتصبح مقاومتها أمراً مشروعاً ([140]).

أما في الشريعة الإسلامية فنعتبرها الشريعة الوحيدة من بين الشرائع السماوية والوضعية التي أعلنت حقوق الإنسان بكاملها، ووضعت لها تطبيقاً عملياً وعرفت بها الحاكم والمحكوم.

فالإنسان في الشريعة الإسلامية هو الغاية المثلى في تأسيس حضارة تقوم على الخير والسـلام، ومن أجل ذلك وجه الإسـلام عنايته أليه فقومه من خلال طبيعته ([141]).

أن الشريعة الإسلامية قد أقرت هذه الحقوق منذ أربعة عشر قرناً. وفي ذلك يقول الأمام محمد الغزالي (أن آخر ما أملت فيه الإنسانية من قواعد وضمانات لكرامة الجنس البشري كان من أبجديات الإسلام وأن إعلان الأمم المتحدة عن حقوق الإنسان ترديد عادي للوصايا النبيلة التي تلقاها المسلمون عن الإنسان الكبير والرسول الكريم محمد بن عبدالله (ص) ([142]).

وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تقرر حقوق الإنسان ومن أكثر الآيات تأكيداً في تقرير حقوق الإنسان الآية الكريمة (يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله اتقاكم) ([143])*.

     الهوامش

 (1) محمد عبد الملك المتوكل – الاسلام وحقوق الإنسان، مجلة المستقبل العربي، عدد 216، سنة 1997، ص5.

(2)  محمد سعيد مجذوب – الحريات العامة وحقوق الإنسان – لبنان ، ط1، لسنة 1986، ص9.

(3) باسيل يوسف – حقوق الإنسان في فكر الحزب – دراسة مقارنة – بغداد – دار الرشيد للنشر – 1981 – ص12.  

(4)  جعفر صادق مهدي – ضمانات حقوق الإنسان، رسالة ماجستير  كلية قانون،جامعة بغداد – 1990 ، ص7.

(1)  باسيل يوسف – مصدر سابق – ص12 وكذلك د. عطا الله فيصل شاهر، القانون الدولي لحقوق الإنسان، مقال منشور ( جريدة الثورة )، عدد (8054 ) بتاريخ 12/10/1992.

(2)  ليا ليفين – حقوق الإنسان – أسئلة وأجوبة – دار المستقبل العربي – القاهرة -1986 – ص13 .

([7])  Human Rights – Questions and Answers – United Nations – New York – 1987 – p.4.

وكذلك الوقائع – مجلة حقوق الإنسان – الامم المتحدة – السنة التاسعة – العدد/1 – آذار 1988ص5.

(4)  إبراهيم أحمد السامرائي، الحماية الدولية لحقوق الإنسان في ظل الامم المتحدة – رسالة دكتوراه – كلية القانون – جامعة بغداد – 1997 – ص8.

[9]) ) انشراح أحمد مختار، بمناسبة تكوين اللجنة الوطنية لقانون الدولي الانساني . انظر الموقع    http://www.rayam.net/2003/3/29/area.5.htm1                        

 ([10])صوت الإنسان ـ نشرة دورية ـ صادرة عن الجمعية العراقية لحقوق الإنسان ـ العراق ـ العدد 41ـ تشرين الثاني 2003 ـ ص8.   

([11])  انظر، خميس الحديدي – حقوق الإنسان بين الواقع والطموحات، المجلة العراقية لحقوق الإنسان – العراق العدد الأول – كانون الثاني – 2000، ص53.

(1)  بطرس غالي – حقوق الإنسان بين الديمقراطية والتنمية – مجلة السياسة الدولية – القاهرة – العدد 114 ، سنة1993ص 142.

(2)  محمد السيد سعيد تقديم ملف الإنسان في السياسة الدولية العربية، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، العدد 96، سنة 1989 ص56ـ61.

(3)  باسيل يوسف، حقوق الإنسان في تاريخ الحزب – مصدر سابق – ص183.

(4)  المصدر السابق، ص183.

([16])  أكدت مقدمة ميثاق الامم المتحدة أهمية وضرورة هذه الحقوق كما يلي ( الايمان بالحقوق الاساسية للانسان وبكرامة الفرد وقدره ). 

([17])  جاء تأكيد هذه الحقوق في المواد ( 3-26 ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

([18])  باسيل يوسف – مصدر سابق – ص184.

([19])  المصدر السابق – ص186-187.

([20])  د. غالب علي الداودي – المدخل الى علم القانون – عمان ( ط6 ) لسنة 1999 – 2000 ، ص234.

([21])  د. عبد الحي حجازي – حقوق الإنسان والاعلان العالمي لحقوق الإنسان – دراسة – كلية الحقوق والشريعة – جامعة الكويت، ص47.

([22])  انظر ( المادة الثالثة ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

([23])  انظر ( المادة السادسة ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. 

([24])  انظر ( المادة الخامسة ) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.

([25])  انظر ( المواد 1 و 2 و 7 و 8 ) من الاعلان.

([26])  انظر المادة ( 13 ) من الاعلان.

([27])  انظر المادة ( 12 ) من الاعلان العالمي لحقوق الإنسان.

([28])  د. غالب علي الداوودي – مصدر سابق – ص232.

([29])  د. عبد الحي حجازي – مصدر سابق – ص46.

([30])  انظر المادة ( 22 ) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.

([31])  انظر المادة  ( 21 ) من نفس المصدر.

(1)  انظر المادة ( 15 ) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان. 

(2)  محمد يوسف علوان – تدريس حقوق الإنسان في الجامعات العربية –الواقع  والطموحات – مجلة حقوق الإنسان – مجلد ( 4 ) ، 1990 ، ص41.

(3)  انظر المادة ( 23 )من الإعلان العالمي للإنسان – وكذلك المادة ( 6 ) من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.  

(4)  انظر المادة ( 9 ) من الاتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية. 

(5)  انظر المادة ( 12 ) نفس المصدر.

([37])  انظر المادة ( 13 ) نفس المصدر – وكذلك المادة ( 26 ) من الإعلان العالمي.

([38])  باسيل يوسف، حقوق الإنسان في تاريخ الحزب، المصدر السابق – ص188.

([39])  محمد يوسف علوان – مصدر سابق – ص41.

([40])  د. عدنان حمودي جليل – الحقوق والحريات العامة – مذكرات لطلبة كلية الحقوق – الكويت – 1985 – 1986 – ص103. 

([41])  باسيل يوسف – مصدر سابق – ص186.

([42])  د. عدنان حمودي – مصدر سابق – ص104.

([43])  عبد الحي حجازي – مصدر سابق – ص46.

([44])  محمد يوسف علوان – مصدر سابق – ص40.

([45])  باسيل يوسف – مصدر سابق – ص190.

 ([46])  باسيل يوسف – مصدر سابق – ص193.* مثلاً حق التجمع السلمي إذا لم يسمح به تعتبر حقوق الإنسان الفردية منتهكة.

([47])  محمد يوسف علوان – مصدر سابق – ص42.

([48])  د. اسامة ثابت ذاكر الالوسي – آفاق لتعليم المعايير الدولية لحقوق الإنسان في اطار الدراسات القانونية في التعليم العالي – مجلة الدراسات الدولية  – سنة 2001 – ت1 – بغداد – عدد 14 – ص28. 

([49])  ان من اهم فروع القانون الدولي العام هي:

  1. قانون التنظيم الدولي. 2. القانون الدولي للتنمية
  2. القانون الدولي لحقوق الإنسان. 4. القانون الدولي الإنساني.                                   

د. رشاد عارف يوسف السيد، مبادئ القانون الدولي العام، كلية الحقوق الاردنية – ط4 – الاردن – 2001، ص40. 

([50])  المنشور – صحيفة وقائع – رقم ( 13 ) القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان – الأمم المتحدة – جنيف – 2003 – ص1.

(1)  المصدر السابق – ص1-2.

(2)  باسيل يوسف – سيادة الدول في ضوء الحماية الدولية لحقوق الإنسان – مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ط1 – 2001 – ص9.

(3)  د. رشاد عارف السيد، نظرات حول حقوق الإنسان في النزاع المسلح – المجلة العصرية للقانون الدولي – مجلد (41) – 1985 – ص86.

([54])  د. محمد المجذوب – الوسيط في القانون الدولي العام – الدار الجامعية للطباعة – بيروت – 1999 – ص779.

([55])  الأستاذ ديتريش شندلر – اللجنة الدولية للصليب الأحمر وحقوق الإنسان – الترجمة العربية لمقال نشر في المجلة الدولية للصليب الأحمر – كانون الثاني 1979 – ص7. 

([56])  انظر المادة ( 15 ) من الاتفاقية الاوروبية لحقوق الإنسان.

([57])  انظر المادة ( 7 ) من اتفاقيات جنيف الاولى والثانية والثالثة، والمادة ( 8 ) من الاتفاقية الرابعة.

([58])  انظر المادة ( 3 ) المشتركة بين الاتفاقيات الاربع.

([59])  ديتريش شندلر – مصدر سابق – ص8.

([60])  د. متعب العيثوي ، حقوق الإنسان تجاهلها الكبار عمدا؟ انظر الموقع،

http://www.alriyadh-.com.sa/contents/14-10-2003/-main page/index. php.

([61])  يقول الدكتور رشاد عارف بهذا الصدد، ان القانون الدولي الإنساني يعتبر امتداد للقانون الدولي لحقوق الإنسان، فبينما يتوقف هذا القانون بسبب الظروف الاستثنائية التي تنجم عن أحوال النزاع المسلح دولياً ام داخلياً عن التطبيق. يدخل القانون الدولي الإنساني الى دائرة العمل على الفور – انظر د. رشاد عارف – مصدر سابق – ص46.

([62]) د. اسماعيل عبد الرحمن – الأسس الأولية للقانون الإنساني الدولي – بحث منشور في كتاب القانون الدولي الإنساني – اعداد – أحمد فتحي سدور – دار المستقبل العربي للطباعة – ط1 – القاهرة – 2003 – ص23.  

([63]) القانون الدولي الإنساني واللجنة الدولية للصليب الأحمر – ملف القائمين بالتعليم، اللجنة الدولية للصليب الأحمر – ملف رقم 2 – جنيف – ص21.

(2) جاك موران ـ الطابع الذاتي المتقارب للقانون الإنساني وقانون حقوق الإنسان ـ المجلة الدولية للصليب الأحمر ـ السنة السادسة ـ العدد (30) ـ آذار 1993 ـ ص83.

(3) د. إسماعيل عبد الرحمن ـ مصدر سابق ـ ص20.

(4) د. عامر الزمالي، القانون الدولي الإنساني ـ منشورات المعهد العربي لحقوق الإنسان ـ تونس 1997 ـ ص29 وما بعدها.

     Geffery Best , war and law since. 1995. cl aredon press. ox ford 1999. op 930(1) 

([68])  جان بكتيه، القانون الدولي الإنساني، تطوره ومبادئه ـ معهد هنري دونان، جنيف ـ 1984 ـ ص9. 

(1)  جعفر صادق مهدي ـ ضمانات حقوق الإنسان ـ دراسة دستورية رسالة ماجستير ـ بغداد السنة 1990 ـ ص9.

([70]) مثالها ـ مسائل زواج الأفراد والعلاقة بين الآباء والأبناء وما إلى ذلك من الأمور الشخصية.

([71]) د. محمد سعيد مجذوب ـ الحريات العامة وحقوق الإنسان مصدر سابق ص16 ـ ص17.

([72]) صلاح حسن مطرود ـ السيادة وقضايا حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ـ رسالة دكتوراه ـ كلية العلوم السياسية ـ جامعة بغداد ـ تموز 1995 ـ ص59.

([73]) د. فوزي رشيد ـ الشرائع العراقية القديمة: ط3 ـ  دار الشؤون الثقافية العامة ـ  1977 بغداد ص14.

([74]) مصطفى إبراهيم الزلمي ـ حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي بيت الحكمة ـ العراق ـ بغداد ـ شباط 1998 ـ ص6ـ7.

([75]) طه باقر ـ مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة ـ القسم الأول ـ تاريخ العراق القديم ط2 ـ مطبوعات دار العلمين ـ بغداد ـ 1955من ص295ـص296.

([76]) مصطفى إبراهيم الزلمي ـ مصدر سابق ـ ص6ـص7.

([77]) توفيق علي وهبة ـ حقوق الإنسان بين الإسلام والنظم العالمية ـ مطابع الأهرام التجارية القاهرة العدد 117 السنة 1971 ـ ص15ـ16.

([78]) نفس المصدر ص18.

([79]) حسين جميل ـ حقوق الإنسان في الوطن العربي ـ مركز دراسات الوحدة العربية ـ بيروت السنة 1986ـ ص23.

([80]) د. عبد الحي حجازي ـ حقوق الإنسان والإعلان العالمي لحقوق الإنسان ـ جامعة الكويت ـ ص9.

(1) د. عدنان حمودي الجليل مصدر سابق ص7.

(2) خالد سعيد توفيق  العالم الثالث وقضايا حقوق الانسان في ظل الوضع الدولي الجديد – رسالة دكتورا – كلية العلوم السياسية – جامعة بغداد – ايلول 2000 ص11.

(3) القانون الطبيعي على حد تعبير شيشرون (قانون نابع من العناية الإلهية ومن الطبيعة السليمة المشتركة للكائنات البشرية، يتساوون فيها الناس جميعاً في معارفهم وملكاتهم العقلية وتركيبتهم النفسية وفي شعورهم بالعدل)

(4) د. عدنان حمودي ـ مصدر سابق ص8.

(1) باسيل يوسف في سبيل حقوق الإنسان ـ دار الشؤون الثقافية للطباعة ـ العراق ـ بغداد ـ السنة 1988 ـ ص14.

(2) مصطفى إبراهيم الزلمي ـ مصدر سابق ـ ص7 ـ وكذلك محمد يوسف علوان ـ مذكرات مقرر حقوق الإنسان ص7.

(3) د. محمد سعيد مجذوب ـ الحريات العامة وحقوق الإنسان ـ مصدر سابق ص38.

([88]) مصطفى إبراهيم الزلمي ـ مصدر سابق ص7.

([89]) محمد يوسف علوان ـ مذكرات في مقرر حقوق الإنسان ـ مصدر سابق ص7.

([90]) صلاح حسن الربيعي ـ السيادة وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية مصدر سابق ص49ـ50.

([91]) محمد سعيد مجذوب ـ مصدر سابق ص45.

([92]) د. عبد الحي حجازي ـ مصدر سابق ص17ـ18.

([93]) أنظر المادة (1) في الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان والمواطن.

([94]) محمد الغزالي ـ حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة ط3 لسنة 1984 ص7.

([95]) د. عبد العزيز محمد سرحان ـ المدخل لدراسة حقوق الإنسان في القانون الدولي ـ دراسة مقارنة بالشريعة الإسلامية والدساتير العربية ـ القاهرة ـ 1980 ص46.

(1) رضوان زيادة ـ الإسلاميون وحقوق الإنسان ـ كتاب حقوق الإنسان العربي ـ مركز دراسات الوحدة العربية ـ سلسلة كتب المستقبل العربي ـ العدد /17 ـ السنة 2002 ـ ص140.

(2) سورة الإسراء (الآية 70).

(3) سورة المائدة (الآية 32).

(4) سورة الحجرات (الآية 13).

(5) من خطبة حجة الوداع.

(6) سورة المائدة (الآية 49).

(7) سورة الحجرات (الآية 12).

([103]) من خطبة حجة الوداع.

([104]) سورة التوبة (الآية 6).

([105]) سورة البقرة (الآية 256).

([106]) سورة المائدة (الآية 47).

([107]) سورة الشورى (الآية 38).

([108]) سورة البقرة (الآية 188).

([109]) محمد عبد الملك متوكل ـ الإسلام وحقوق الإسلام وحقوق الإنسان ـ مجلة المستقبل العربي عدد 216 السنة 1997 ـ ص6.

([110]) محمد فائق ـ حقوق الإنسان بين الخصوصية والعالمية ـ مجلة المستقبل العربي ـ العدد 245 لسنة 1999 ص8.

([111]) رضوان زيادة ـ الإسلاميون وحقوق الإنسان ـ كتاب حقوق الإنسان العربي ـ مركز دراسات الوحدة العربية ـ سلسلة كتب المستقبل العربي ـ 17 سنة 2002 ص139 ـ 140.

(1) جعفر صادق مهدي ـ ضمانات الإنسان الدستورية ـ رسالة ماجستير ـ كلية القانون ـ بغداد السنة 1990 ـ ص13.

(2) د. عصام العطية ـ القانون الدول العام ط6 ـ لسنة 2001 ـ بغداد ـ ص16.

(3) سعد عدنان عبد الكريم الهنداوي ـ رقابة الهيئات المستقلة لضمان حقوق الأفراد ـ رسالة دكتوراه ـ كلية القانون ـ جامعة بغداد ـ السنة 1999ص14.

(4) د. جعفر عبد السلام علي ـ تطور النظام القانوني لحقوق الإنسان في نطاق القانون الدولي العام ـ كتاب أزمة حقوق الإنسان في الوطن العربي ـ مركز اتحاد المحامين العرب للبحوث والدراسات القانونية ـ لسنة 1989 ص235.

([116]) د. جعفر عبد السلام علي ـ مصدر سابق ص235.

([117]) د. عبد العزيز محمد سرحان ـ المدخل لدراسة حقوق الإنسان في القانون الدولي ـ القاهرة (ط ـ1) 1980 ص74.

([118]) أنظر نص (1 ، 8 ، 13 ، 55 ، 62 ، 68 ، 76)  من ميثاق الأمم المتحدة.

([119]) سعد عدنان عبد الكريم ـ مصدر سابق ـ ص15.

([120]) قرار المجلس الاقتصادي والاجتماعي رقم (5) بتاريخ 16/2/1946.

([121]) مثالها اللجنة الخاصة لتصفية الاستعمار، واللجنة الخاصة بالتحقيق بالتصرفات الإسرائيلية التي تؤثر على حقوق الإنسان لسكان الأراضي المحتلة ـ وكذلك لجنة مركز المرأة، واللجنة الفرعية لمنع التميز وحماية الأقليات.

([122]) د. الشافعي محمد بشير ـ قانون حقوق الإنسان ـ ذاتيته ومصادرة ـ مجلد حقوق الإنسان مجلد (2) أعداد محمود شريف بسيوني وآخرون ـ دار العلم للملايين للطباعة ـ بيروت ـ ط1 السنة 1989 ـص34.

([123]) د. يوليانا كوكوت ـ النظام الأمريكي الدولي لحماية حقوق الإنسان ـ مجلد حقوق الإنسان مجلد الثاني أعداد محمود شريف بسيوني وآخرون ـ دار العلم للملايين للطباعة ـ بيروت ـ لبنان ـ ط1 السنة 1989 ـ ص375.

(1) سعد عدنان عبد الكريم ـ مصدر سابق ـ ص 15.

([125]) محمد طلعت الغنيمي ـ الغنيمي في قانون السلام ـ الإسكندرية ـ منشأة المعارف 1973 ص161.

([126]) المصدر السابق ص161.

([127]) عصام العطية ـ المصدر السابق ص16.

(1) دليل التدريب المهني في مجال حقوق الإنسان ـ نشرة دورية ـ الأمم المتحدة ـ جنيف ـ 2001 ـ ص28.

(2) دليل التدريب المهني في مجال حقوق الإنسان ـ مصدر سابق ـ ص29.

(3) د. الشافعي محمد بشير ـ قانون حقوق الإنسان ذاتيته ومصادره وحقوق الإنسان ـ المجلد الثاني ـ أعداد محمد شريف بسيوني وآخرون ص37.

([131]) د. الشافعي محمد بشير ـ مصدر سابق ص36.

([132]) محمد سعيد مجذوب ـ الحريات العامة وحقوق الإنسان ـ مصدر سابق ص37.

([133]) صلاح حسن الربيعي ـ السيادة وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية مصدر سابق ص49.

([134]) محمد سعيد مجذوب ـ مصدر سابق ص38 ـ وكذلك د. وحيد رأفت ـ القانون الدولي وحقوق الإنسان ـ المجلة العصرية للقانون الدولي ـ مجلد ـ 33 ـ 1977 ـ ص41.

([135]) محمد سعيد مجذوب ـ مصدر سابق ص41. 

([136]) صلاح حسن ـ السيادة وحقوق الإنسان وحرياته الأساسية ـ مصدر سابق ـ ص50.

([137]) مصطفى إبراهيم الزلمي ـ حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية والقانون الدولي ـ بغداد ـ بيت الحكمة ـ 1998 ص7 ـ 8.

([138]) وحيد رأفت ـ القانون الدولي وحقوق الإنسان ـ المجلة العصرية للقانون الدولي ـ مجلد (33) ـ1977 ـ ص18.

([139]) د. محمد سعيد مجذوب ـ مصدر سابق ـ ص 53ـ54.

([140]) محمد يوسف علوان ـ مذكرات في مقرر حقوق الإنسان ـ مصدر سابق ـ الكويت ص10.

([141]) د. عبد السلام الترمانيني ـ حقوق الإنسان في نظر الشريعة الإسلامية ط1 ـ بيروت ـ 1968 ص 45.

(1) د. الشافعي محمد بشير ـ مصدر سابق ص44.

(2) سورة الحجرات الآية (13).

* للمزيد من التفاصيل أنظر د. أحمد الوائلي ـ حقوق الإنسان بين الشريعين الديني والوضعي ـ فكرة موجزة ـ المجلة العراقية لحقوق الإنسان ـ عدد6 ـ  تموز 2002.

المصدر: رسالة ماجيستير بعنوان دور المنظمات الدولية في حماية حقوق الانسان، من اعداد الباحث  حسام عبد الأمير خلف 2004.

 

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى