دراسات افريقيةدراسات اقتصادية

التكتلات الاقتصادية في إفريقيا

د. محمد عاشور مهدي – قراءات افريقية

مقدمة:

في أعقاب الاستقلال شهدت القارة الإفريقية توجّهاً كبيراً نحو تكوين تجمّعات إقليمية اقتصادية[1]؛ رغبةً في مواجهة واقع التشرذم والتجزئة الذي فرضه الاستعمار، وكخطوة على طريق تحقيق حلم الوحدة الإفريقية الذي راود كثيراً من قادة القارة وشعوبها[2].

ومع ذلك؛ فإنّ تلك الطموحات لم تجد سبيلاً إلى التحقّق، وتمّ تكريس واقع تخلّف الدول الإفريقية وتبعيتها، خصوصاً مع احتدام الحرب الباردة بين معسكري الشرق والغرب، وسعي كلُّ طرف إلى إحكام هيمنته على أتباعه سياسياً واقتصادياً؛ عبر المساعدات والمعونات التي حالت دون نجاح جهود الاعتماد على الذات والاستقلال الاقتصادي والسياسي الذي سعت إليه دول القارة في إطار الجهود القارية (منظمة الوحدة الإفريقية)، أو بالتعاون مع دول العالم الثالث (مجموعة الـ 77، ومجموعة عدم الانحياز).

وبانتهاء الحرب الباردة، واختفاء الاتحاد السوفييتي والكتلة الشرقية، تراجعت الأهمية النسبية لدول القارة، وتراجعت معها المساعدات المقدمة لتلك البلدان لاعتبارات عدة، في مقدمتها؛ توجّه المساعدات الغربية بالدرجة الأولى إلى احتواء دول أوروبا الشرقية داخل المنظومة الغربية، وعدم رغبة كثير من الأنظمة الغربية في دعم أنظمة استبدادية على نحو يتعارض والشعارات الحقوقية والإنسانية لتلك البلدان، لذا عمدت كثيرٌ من تلك البلدان للربط بين المساعدات الاقتصادية وضرورة إجراء تغييرات سياسية في الدول المتلقية لها؛ فيما عُرف بـ (المشروطية السياسية)[3].

ومرة أخرى؛ واكبت التحولات – سالفة البيان – والشعور بالتهميش جهود تكوين تجمّعات اقتصادية إفريقية وتطوير القائم منها؛ لمواجهة ما فرضته تلك التحولات من تحديات، حيث وقّعت الدول الإفريقية المعاهدة المؤسِّسة للجماعة الاقتصادية الإفريقية الصادرة عن المنظمة في يونيو 1991م بالعاصمة النيجيرية (أبوجا)، وبدأ سريان مفعولها منذ مايو 1994م[4]، والتي استهدفت تحقيق الوحدة الاقتصادية الكاملة للقارة الإفريقية خلال فترة زمنية أقصاها 34 سنة، وذلك عبر مراحل ست على النحو الآتي[5]:

المرحلة الأولى: مرحلة تعزيز الجماعات الاقتصادية القائمة وتدعيمها، ومدتها خمس سنوات.

المرحلة الثانية: مدتها ثماني سنوات، وتستهدف تحسين أوضاع الجماعات الاقتصادية القائمة،  وقيامها بتخفيض فئات تعريفاتها الجمركية، وإقامة مشروعات مشتركة بين الدول أعضاء التكتلات في المجالات الاقتصادية المتنوعة (زراعية، صناعية، خدمية).

المرحلة الثالثة: إنشاء منطقة تجارة حرة، ثم اتحاد جمركي لكلِّ تكتل من التكتلات القائمة، وتستغرق هذه المرحلة عشر سنوات كحدٍّ أقصى.

المرحلة الرابعة: إنشاء اتحاد جمركي على مستوى القارة، ومدة هذه المرحلة سنتان، بحدٍّ أقصى.

المرحلة الخامسة: تأسيس السوق المشتركة الإفريقية، ومدتها أربع سنوات.

المرحلة السادسة: وتستهدف إصدار عملة إفريقية موحّدة، وإنشاء هياكل مؤسسية للجماعة، وتستغرق خمس سنوات.

وعليه؛ فإنه من المفترض في حالة تنفيذ (معاهدة أبوجا) تحقيق هذه الوحدة عام 2028م (34 سنة من تاريخ سريان المعاهدة في مايو 1994م)[6].

وقد أكد ميثاق الاتحاد الإفريقي ضرورة استكمال جهود تنفيذ (معاهدة أبوجا) المؤسِّسة للجماعة الاقتصادية الإفريقية؛ كشرط لازم لتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في إفريقيا، ولمواجهة التحديات التي تفرضها العولمة بصورة أكثر فعالية، ومع ذلك؛ نصّت المادة الثالثة من الميثاق في فقرتها الثانية على أن يكون «لأحكام قانون الاتحاد الأسبقية على أية أحكام أخرى في المعاهدة المؤسِّسة للجماعة الاقتصادية الإفريقية لا تتفق معها أو تعارضها»[7].

وبصفة عامة؛ فإنه يمكن القول بأنه ليس ثمة تعارض بين الأهداف والمبادئ المنصوص عليها في المعاهدة وتلك التي وردت بميثاق الاتحاد، بل إنّ الأخير قد عزز من مبادئ (معاهدة أبوجا) وأهدافها، وحثّ الدول أعضاء المنظمة على التعجيل بتحقيق أحكام المعاهدة.

ولمّا كان تحقيق غايات الجماعة الاقتصادية الإفريقية يقوم بالأساس على التكتلات الاقتصادية القائمة في أركان القارة؛ فإنّ تعرف مقومات أهمّ تلك التكتلات ومشكلاتها يمكن أن يكون مؤشراً لإمكانية تحقّق حلم الجماعة الاقتصادية بمراحله الست سالفة البيان.

وفيما سيأتي عرض لأهم تلك الجماعات والتنظيمات، يعقبه خاتمة بأهم العقبات والتحديات التي تواجهها، وقد راعينا في اختيارها أن تكون ممثلة للأقاليم الفرعية بالقارة في (الشرق، والغرب، والجنوب، والشمال).

أولاً: الجماعة الاقتصادية لدول شرق إفريقيا[8]:

وفقاً لديباجة اتفاقية إنشاء (الجماعة الاقتصادية لشرق إفريقيا) المعدلة عام 2007م؛ فإنّ جذور نشأة الجماعة تعود إلى الحقبة الاستعمارية بأواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وما تلاها من جهود ومراحل، أبرزها معاهدة إنشاء جماعة شرق إفريقيا عام 1968م، وقّعت اتفاقية لإنشاء المفوضية الثلاثية الدائمة للتعاون في شرق إفريقيا عام 1993م، إلا أنّ أنشطتها لم تبدأ إلا في عام 1996م، ثم وقّعت معاهدة إنشاء جماعة شرق إفريقيا في 30 نوفمبر 1999م، وبرغم أنّ المعاهدة دخلت حيّز التنفيذ في 7 يوليو 2000م فإنّ العمل بها لم يبدأ رسمياً إلا في 15 يناير 2001م[9].

وتشترك في عضوية جماعة شرق إفريقيا خمس دول، هي: كينيا، وتنزانيا، وأوغندا، وبوروندي (انضمت عام 2007م)، ورواندا (انضمت عام 2007م)، إلى جانب أية دولة أخرى تحصل على عضوية الجماعة وفقاً للمادة الثالثة من المعاهدة المنشئة لها.

ومقرّ الجماعة في مدينة (أروشا) بتنزانيا[10]، وتبلغ مساحة دولها مجتمعة نحو 1,83 مليون كم2، وعدد سكانها 135,4 مليون نسمة (تقديرات 2012م)، ومعدّل الناتج المحلي الإجمالي لدولها 84,5 مليار دولار (تقديرات عام 2012م)[11].

تهدف الجماعة إلى تحقيق التكامل بين أعضائها في عدة مجالات؛ من أهمها الشؤون الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وتشمل الشؤون الاقتصادية مجالات: الزراعة، والأمن الغذائي، والتجارة والاستثمارات، والتنمية الصناعية، والسياسات المالية والنقدية، والبنية الأساسية، والخدمات، والموارد البشرية، وإدارة البيئة والموارد الطبيعية، والسياحة.

أما الشؤون الاجتماعية؛ فتتضمن: الأنشطة الثقافية، والصحية، والتعليم، والعلوم والتكنولوجيا، وتنمية المهارات، وتعزيز دور المرأة، ومشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في التنمية الاقتصادية الاجتماعية.

ويشمل المجال السياسي: الدفاع، والأمن، والشؤون الخارجية، والتشريعية، والقانونية، والقضائية[12].

وقد نصّت الاتفاقية المنشئة للجماعة على إنشاء اتحاد جمركي وسوق مشتركة بين دول الجماعة كمؤسسات مكملة لها وكخطوة تمهيدية نحو تحقيق الهدف النهائي، وهو تأسيس اتحاد نقدي، وتكوين اتحاد فيدرالي يجمع الدول الأعضاء في وحدة سياسية واحدة، وبالفعل؛ فإنه في عام 2004م انعقد مؤتمر القمة الخامس لرؤساء دول (جماعة شرق إفريقيا) في مقرّ الرئاسة في (أروشا)، وصدّق رؤساء الدول الثلاثة على بروتوكول تأسيس الاتحاد الجمركي لجماعة شرق إفريقيا، بهدف تدعيم التكامل في الإقليم، وتشجيع التنمية الاقتصادية والاجتماعية فيه، وتعزيز القدرات الإنتاجية والاستثمارية والتجارية للجماعة؛ من خلال تحرير التجارة بين دول الإقليم، وتحفيز التجارة الخارجية، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في دول الجماعة[13].

 ونصّت المادة الخامسة من المعاهدة المنشئة للجماعة على أنّ أهدافها الرئيسة هي: تطوير سياسات وبرامج تهدف إلى توسيع وتعميق التعاون بين الأعضاء في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والبحث والتكنولوجيا والدفاع والأمن والشؤون التشريعية والقانونية والقضائية، وتحقيقاً لذلك، وفي سبيل تحقيق التكامل وتدعيم الروابط بين الدول الأعضاء، تبنّت الجماعة مجموعة من البرامج والأنشطة التي تعزّز الهوية المشتركة لشعوب شرق إفريقيا، وتشجّع التفاعل بين مواطنيها وانتقالهم بحرية بين دول الإقليم، منها: إصدار جوازات سفر خاصة بالإقليم، وإعادة إصدار أذون المرور داخل كلّ دولة، وتنسيق إجراءات النقل بالمركبات، وتسهيل عمليات المرور عبر الحدود[14].

ووفقاً للمادة السادسة من المعاهدة؛ فإنّ المبادئ الرئيسة الحاكمة لتحقيق هذه الأهداف هي[15]:

1 – الثقة المتبادلة والإرادة السياسية والمساواة في السيادة.

2 – التعايش السلمي وحسن الجوار.

3 – التسوية السلمية للنزاعات.

4 – الحكم الجيد، بما يحقق الديمقراطية وسيادة القانون، والمحاسبة والشفافية، والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص، وحماية حقوق الإنسان وتعزيزها بما يتسق والميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب.

5 – التوزيع المتساوي للمنافع.

6 – التعاون لتحقيق النفع العام.

ويتكون الهيكل التنظيمي للجماعة من: مؤتمر رؤساء الدول والحكومات، ومجلس الوزراء، ولجنة التنسيق، ولجان القطاعات، ومحكمة العدل لشرق إفريقيا، والجمعية التشريعية لشرق إفريقيا، والأمانة.

وقد دخل الاتحاد الجمركي حيز التنفيذ في مطلع عام 2005م، ومع دخوله العام الثاني في يناير 2006م بدأ تطبيق المجموعة الأولى من التخفيض الجمركي بين دول الاتحاد، وذلك بإلغاء الجمارك على واردات كينيا من أوغندا وتنزانيا، كما تقرر إلغاء الجمارك على بعض واردات أوغندا وتنزانيا من كينيا في خمس سنين[16]، وشهدت مساعي تدعيم الاتحاد الجمركي وقيام سوق مشتركة خطوات إيجابية في عام 2010م، وهناك مساع حثيثة للإسراع بقيام اتحاد نقدي بين دول الجماعة، والذي تمّ توقيع البروتوكول الخاص بإنشائه في 30 نوفمبر 2013م[17].

ثانياً: الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس)[18]:

نشأت (الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا) (الإيكواس) عام 1975م، وتضم في عضويتها كلاً من بنين، وبوركينافاسو، وجزر الرأس الأخضر، وساحل العاج، وجامبيا، وغانا، وغينيا، وغينيا بيساو، وليبيريا، ومالي، والنيجر، ونيجيريا، والسنغال، وسيراليون، وتوجو[19]، وكان مقر الجماعة في (لاجوس)، ثم انتقل إلى عاصمة نيجيريا الجديدة (أبوجا) عام 1995م.

وقد عدّلت الاتفاقية المنشئة للجماعة في قمة رؤساء الدول والحكومات في (كوتوتو) في بنين في يوليو عام 1993م؛ بما يتوافق والتغيرات الدولية والإقليمية التي شهدتها القارة، وقد دخلت المعاهدة المعدّلة حيّز التنفيذ في أغسطس عام 1995م.

تأثرت نشأة الجماعة (الإيكواس) بالنظريات التقليدية للتكامل الاقتصادي المستندة إلى فكرة أنّ التكامل يؤدي بالضرورة إلى تعظيم إنتاجية الدول الداخلة في التكتل عبر الاستخدام الأمثل لموارد الإقليم.

ويهدف برنامج الجماعة النقدي في المدى المتوسط إلى تيسير التحويل بين العملات المحلية التسعة في الإقليم من أجل إنشاء عملة موحّدة في الأجل الطويل، كما تسعى الجماعة إلى تعزيز التعاون بين دولها وتنميتها اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً من أجل رفع مستوى معيشة مواطنيها وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وتحسين العلاقات بين دولها[20].

وقد تعهدت الدول الأعضاء بالتنسيق بين سياساتها الاقتصادية والمالية والتوفيق بينها؛ من أجل تعزيز فاعلية برامج الإصلاح الاقتصادي وإنجاحها، وتحقيق التنمية الاقتصادية في دول الجماعة، وإقامة اتحاد نقدي بينها، كما تعهدت الدول الأعضاء بإزالة جميع العقبات أمام حركة مواطنيها، وحرية انتقال السلع والخدمات ورؤوس الأموال في الإقليم، وتنسيق سياساتها الزراعية، وإقامة مشروعات مشتركة في مجالات التسويق والبحث والصناعات المعتمدة على الزراعة، وتطوير سياساتها الصناعية والاقتصادية والنقدية بشكل جماعي، والحدّ من التفاوت في مستويات التنمية في دولها، وتسمح الاتفاقية بتقديم تعويضات للدول التي يؤدي تحرير التجارة إلى خفض رسوم الواردات فيها، وتطبيق إجراءات حماية من قِبَل أية دولة تتعرض لاضطرابات اقتصادية نتيجة تطبيق الاتفاقية[21].

ويمكن القول بأنّ الجماعة – بالرغم من العقبات التي تواجهها وبطء تنفيذ تعهدات والتزامات الدول الأعضاء في التجمع – قد أحرزت تقدّماً ملاحظاً في بعض جوانب التعاون لتعزيز التجارة بين دول الجماعة وتحريرها، وإنشاء (الوكالة النقدية لغرب إفريقيا)، والتي تتولي إدارة نظام سعر صرف خاص بدول الجماعة من أجل الإعداد لإقامة منطقة نقدية موحدة، ووضع خطط مشروع لربط شبكات الكهرباء في الإقليم، واستخدام الطاقة الكهرومائية بفاعلية، وإمداد دول المنطقة الفقيرة في الطاقة باحتياجاتها منها[22].

في مجال الدفاع والأمن؛ شكّلت الجماعة في عام 1990م قوة سلام باسم (مجموعة المراقبة العسكرية) المعروفة اختصاراً باسم (الإيكوموج)؛ بهدف الفصل بين أية قوات متحاربة في الإقليم، وقد تولت العديد من المهام السياسية والأمنية للمجموعة في نطاق الإقليم[23].

ثالثاً: الجماعة الإنمائية لإفريقيا الجنوبية (السادك):

في عام 1977م بدأت دول المواجهة مع جنوب إفريقيا مباحثات؛ أسفرت عن اجتماع وزراء خارجيتها في (جابرون) ببتسوانا في مايو عام 1979م، أعربوا فيه عن الحاجة إلى اجتماع وزراء التنمية الاقتصادية في بلدانهم، وهو الاجتماع الذي تمّ في (أروشا) بتنزانيا في يوليو 1979م، وفي أبريل عام 1980م تأسس في (لوزاكا) بزامبيا مؤتمر تنسيق التنمية في إفريقيا الجنوبية الذي ضمّ في عضويته دول المواجهة مع جنوب إفريقيا، وهي: أنجولا، وبتسوانا، وليسوتو، ومالاوي، وموزمبيق، وسوازيلاند، وناميبيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي[24].

وبعد مرور عشر سنوات على إنشاء ذلك المؤتمر أدركت هذه الدول أنها في حاجة إلى توسيع مهام هذا التنظيم وتغييرها وهيكلتها، ووضع أهداف ومبادئ جديدة له تستوعب المتغيرات التي شهدتها بلدان المنطقة، وأهمها انتهاء نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، ودخول العالم في مرحلة بناء التجمّعات والتكتلات الإقليمية والدولية.

وفي 17 أغسطس عام 1992م اجتمع رؤساء دول وحكومات المؤتمر في (وندهوك) بناميبيا لتوقيع اتفاقية تحويل (مؤتمر تنسيق التنمية..) إلى (الجماعة الإنمائية لإفريقيا الجنوبية)، ومقرها (جابرون) ببتسوانا، والتي انضمت إليها جنوب إفريقيا عام 1994م.

وتضم الجماعة في عضويتها حالياً (يناير 2014م) خمس عشرة دولة، هي: أنجولا، بتسوانا، الكنغو الديمقراطية، مدغشقر، ليسوتو، مالاوي، موزمبيق، موريشيوس، ناميبيا، سوازيلاند، سيشيل، جمهورية جنوب إفريقيا، تنزانيا، زامبيا، وزيمبابوي[25].

 وقد حدّدت المادة الخامسة للاتفاقية[26] المنشئة للجماعة أهدافها بما يأتي:

1 – تحقيق التنمية والنّمو الاقتصادي والحدّ من الفقر في دول الجنوب الإفريقي، ورفع مستوى معيشة شعوبها.

2 – تقديم الدعم الاجتماعي للمتضررين من الاندماج الإقليمي.

3 – تطوير قيم ونظم ومؤسسات سياسية مشتركة.

4 – دعم السلم والأمن والدفاع في دول الجنوب الإفريقي.

5 – تحقيق التنمية المستدامة بالقدرات الذاتية والاعتماد المتبادل.

6 – التنسيق بين الاستراتيجيات والخطط الوطنية والإقليمية.

7 – تعظيم الاستخدام الأمثل لموارد الإقليم ودعم طاقاتها الإنتاجية.

8 – استخدام موارد الإقليم الطبيعية مع الحفاظ على البيئة.

9 – تقوية الصلات والروابط التاريخية والاجتماعية والثقافية بين شعوب المنطقة ودعمها.

كما تضمّنت الاتفاقية بعض المبادئ اللازمة لتحقيق تلك الأهداف، وهي:

1 – تنسيق الخطط والمشروعات السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

2 – إنشاء مؤسسات وآليات مناسبة لتعبئة الموارد لتنفيذ برامج الجماعة.

3 – إزالة عقبات تحرير حركة الأفراد ورؤوس الأموال والسلع والخدمات بين دول الإقليم.

4 – تشجيع عمليات التنمية البشرية وتطوير التكنولوجيا ونقلها.

5 – تحسين الإدارة والأداء الاقتصاديين من خلال التعاون الإقليمي.

6 – تشجيع التشاور بين الدول الأعضاء وتنسيق علاقاتها الدولية.

وقد أبرمت الجماعة (السادك) عدداً من البروتوكولات والمواثيق مع دولها الأعضاء، أحدثها في عام 2012م، ويتعلق بتجارة الخدمات بين الدول الأعضاء، علاوة على غيره من البروتوكولات الأخرى المتعلقة بالحصانات والامتيازات، وتنظيم المجاري المائية المشتركة والطاقة، والنقل والاتصالات، والأرصاد الجوية، ومكافحة تهريب العقاقير المحظورة، والتأمين والتجارة، والتعليم والتدريب، والتعدين، والتنمية السياحية، والصحة والحفاظ على الحياة البرية، ونفاذ القوانين داخل الدول الأعضاء[27].

وقد شهدت تسعينيات القرن العشرين تراجع نسبة الإنفاق العسكري من الناتج المحلي الإجمالي في معظم دول الجماعة، وتزايد الإنفاق العام على التعليم والصحة، كما شهدت الحقبة نفسها تزايداً في معدلات التجارة بين دول الجماعة، وفي مجال الاستثمارات المشتركة، في حين تفاوتت درجة اعتماد هذه الدول على تلك التجارة ومساهمات كلّ عضو فيها تصديراً واستيراداً.

وتشير البيانات إلى أنّ أكثر الدول اعتماداً على الاستثمارات من دول الجماعة قياساً إلى حجم الناتج القومي هي: ليسوتو وسوازيلاند وناميبيا وبوتسوانا، ويرجع ارتفاع معدّلات تدفق الاستثمارات إلى تلك الدول من دول الجماعة الأخرى إلى ارتباطها بجنوب إفريقيا باتفاقات حرية التجارة وانتقال رؤوس الأموال.

وبرغم أنّ حجم استثمارات جنوب إفريقيا في دول الجماعة تفوق استثمارات بقية الدول كثيراً؛ فإنّ درجة اندماج اقتصاد جنوب إفريقيا في الجماعة أقلّ من الدول الأخرى، ويرجع ذلك إلى أنّ معاملات جنوب إفريقيا مع دول الجماعة لا تمثّل نسبة كبيرة في الناتج المحلّي الإجمالي لجنوب إفريقيا الذي يتجاوز ثلاثة أضعاف مجموع الناتج المحلي الإجمالي لباقي دول الجماعة[28].

ومن الجدير بالملاحظة أنّ الجماعة قد دشنت استراتيجية خمسية (2013م – 2018م) فيما يتصل بهدف تحسين مستوى البيانات الإحصائية لدول الجماعة؛ إدراكاً منها بأهمية دور البيانات الإحصائية وخطورتها في رسم سياسات التكامل بين دول المجموعة وتنفيذها[29].

رابعاً: السوق المشتركة لشرقي وجنوبي إفريقيا (الكوميسا):

وقّعت اتفاقية (السوق المشتركة لشرقي وجنوبي إفريقيا) (الكوميسا) في 15 نوفمبر 1993م بعاصمة أوغندا (كمبالا)، لتحلّ محلّ اتفاقية (منطقة التجارة التفضيلية) بين دول الإقليم، التي كانت قد وقّعت عام 1981م، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في 30 سبتمبر 1982م، واستمر العمل بهذه الاتفاقية لمدة 11 عاماً، أي حتى توقيع اتفاقية (السوق المشتركة لشرقي وجنوبي إفريقيا)، وذلك بهدف إقامة السوق المشتركة بين الدول الأعضاء، وإنشاء منطقة تجارة حرة، وفرض تعريفة جمركية مشتركة، وإقامة اتحاد جمركي، بحلول عام؛ تمهيداً لتحقيق اندماج اقتصادي كامل بين دولها[30].

ونصّت اتفاقية السوق على أنّ مقرها (لوزاكا) عاصمة زامبيا، وأنّ لغاتها الرسمية هي الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية، ودخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في 8 ديسمبر 1994م.

وتضم المنظمة في عضويتها 19 دولة، هي: (بوروندي، جزر القمر، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، كينيا ومدغشقر، مالاوي، موريشيوس، رواندا، سيشيل، السودان، سوازيلاند، أوغندا، زامبيا، زيمبابوي، مصر[31]، جمهورية الكونجو الديمقراطية، ليبيا)، ويلاحظ أنّ ليسوتو وموزمبيق والصومال – وهي من دول الإقليم – لم تشارك في اجتماعات السوق وأنشطته، كما أنّ تنزانيا خرجت من عضويتها في سبتمبر 2000م، وكذلك فعلت ناميبيا عام 2003م[32].

وقد حددت المادة الثالثة من اتفاقية السوق أهدافها على النحو الآتي:

1 – تحقيق تنمية مطردة في الدول الأعضاء؛ عن طريق تشجيع التنمية المتوازنة والمتناسقة بين هياكل إنتاجها وتسويق منتجاتها.

2 – تشجيع التنمية المشتركة في كل مجالات النشاط الاقتصادي، واتخاذ سياسات اقتصادية مشتركة على نطاق واسع، وبرامج ترفع مستوى معيشة الشعوب، وتوثيق العلاقات بين الدول الأعضاء.

3 – التعاون في إيجاد بيئة مشجّعة للاستثمار الأجنبي والمحلي في الدول الأعضاء، بما في ذلك تشجيع البحث والتكيف مع العلم والتكنولوجيا من أجل تحقيق التنمية.

4 – التعاون لتحقيق السلم والأمن والاستقرار في الدول الأعضاء من أجل زيادة التنمية الاقتصادية في المنطقة.

5 – التعاون لتقوية العلاقات بين السوق المشتركة وبقية العالم، واتخاذ مواقف مشتركة في المجال الدولي.

6 – الإسهام في تحقيق أهداف الجماعة الاقتصادية الإفريقية.

ولتنفيذ هذه الأهداف ينبغي العمل بمقتضى مجموعة المبادئ الأساسية الآتية:

1 – المساواة والتضامن والاعتماد الجماعي المتبادل بين الدول الأعضاء.

2 – التعاون بين الدول الأعضاء، وتنسيق سياساتها، وتكامل برامجها.

3 – عدم الاعتداء بين الدول.

4 – الاعتراف بحقوق الإنسان والشعوب طبقاً للميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، وتشجيعها وحمايتها.

5 – المسؤولية والعدالة الاقتصادية والمشاركة الشعبية في التنمية.

6 – تشجيع الحكم الديمقراطي ومساندته في كلّ دولة.

7 – صيانة السلم الإقليمي والاستقرار؛ من خلال تشجيع حسن الجوار وتعزيزه.

8 – التسوية السلمية للمنازعات بين الدول الأعضاء، والتعاون الفعال مع دول الجوار، وتشجيع الحفاظ على البيئة كأحد متطلبات التنمية الاقتصادية.

ومن أبرز إنجازات السوق المشتركة إنشاء منطقة تجارة حرة في أكتوبر عام 2000م، تُعَدّ الأولى من نوعها في إفريقيا، وكانت تسع من الدول الأعضاء في طليعة مؤسسي منطقة التجارة الحرة، وهذه الدول هي: (جيبوتي ومصر وكينيا ومدغشقر ومالاوي وموريشيوس والسودان وزامبيا وزيمبابوي)، ثم انضمت إليها: (بوروندي ورواندا)، ثم (ليبيا وجزر القمر) في مايو 2006م.

وفي إطار منطقة التجارة الحرة تمّ تحرير التجارة تحريراً كاملاً، بما في ذلك إزالة القيود غير الجمركية، والخطوة التالية هي إنشاء اتحاد جمركي إقليمي يفرض تعريفة جمركية موحّدة، تقدّر بنسب تتفاوت ما بين صفر و 5% و 15% و 30% على السلع الرأسمالية، والمواد الخام، والسلع الوسيطة، والسلع النهائية على التوالي.

واتفقت دول السوق المشتركة في قمتها السادسة في القاهرة في مايو 2001م على إقامة آلية لتعويض الدول المتضررة من إنشاء منطقة التجارة الحرة، تمثلت في صندوق لسدّ النقص في الموارد الأساسية للدول التي تعاني نقصاً في مواردها؛ ضماناً لاستمرارها في عضوية منطقة التجارة الحرة، وهو ما شجّع دولاً، مثل سيشيل ورواندا وأوغندا وجزر القمر، على السعي للانضمام للمنظمة.

كما نجحت السوق المشتركة في خفض تكاليف النقل بنحو 25%، وما زالت الجهود مستمرة لضمان تخفيض أكبر لهذه التكلفة؛ وذلك لتسهيل المرور بين الدول الأعضاء، أيضاً نجحت دول السوق في إنشاء نظام إلكتروني لتوفير المعلومات الخاصة بالتعريفات الجمركية وإدارتها، وقد بدأ تطبيقه في 13 دولة من دول السوق المشتركة عام 1999م.

كذلك أنشأت السوق المشتركة عدداً من المؤسسات، وطورت عمل بعض المؤسسات القائمة مثل بنك التجارة والتنمية، وشركة إعادة التأمين، هذا فضلاً عن نجاحها في تصميم وثيقة جمركية واحدة، ووضعت اتفاقاً لتطبيق التعريفة الخارجية الموحّدة، وعقدت اتفاقية للتجارة والاستثمار مع الولايات المتحدة، وهي الأولى على مستوى التجمّعات الإقليمية في إفريقيا.

كما تبنّت السوق المشتركة مبادرة جديدة لإنشاء وكالة إقليمية متخصصة في تأمين حركة التجارة والاستثمار، يوفّر من خلالها البنك الدولي الدعم اللازم لتأمين المعاملات التجارية[33].

خامساً: تجمّع دول الساحل والصحراء (سين صاد)[34]:

انطلق (تجمّع دول الساحل والصحراء) (سين صاد) في الرابع من فبراير عام 1998م إثر اجتماع عُقد في مدينة (طرابلس) الليبية بدعوة من العقيد معمر القذافي، وحضره زعماء ست دول محاذية للصحراء الكبرى، وهي: (ليبيا ومالي وتشاد والنيجر والسودان ومندوب عن رئيس بوركينافاسو)، وأبرم المجتمعون معاهدة بشأن إنشاء (تجمّع دول الساحل والصحراء)[35]، كما نصّت المعاهدة على أنّ العضوية مفتوحة لانضمام أية دولة إفريقية بموافقة جميع الدول الأعضاء، وبفضل سخاء القيادة الليبية السابقة وإغراءاتها بلغ عدد الدول الأعضاء في التجمّع 28 دولة، من بينها إريتريا وإفريقيا الوسطى، ثم انضمت السنغال وجامبيا وجيبوتي في فبراير عام 2000م، وتوالى بعد ذلك انضمام أعضاء جدد للتجمّع، حيث انضمت مصر والمغرب وتونس ونيجيريا والصومال عام 2001، وتوجو وبنين عام 2002م، وكوت ديفوار وغينيا بيساو وليبيريا في عام 2004م، وغانا وسيراليون عام 2005م.

ويوجد مقر الأمانة العامة للتجمّع في مدينة (طرابلس) الليبية، وذلك للدور المحوري الذي مارسته ليبيا في تأسيس التجمّع.

وقد حدّدت المادة الأولى من الاتفاقية المنشئة للتجمّع أهدافه فيما يأتي:

1 – إقامة اتحاد اقتصادي شامل، يستند إلى استراتيجية تقوم على خطة تنموية تتكامل مع خطط التنمية الوطنية في الدول الأعضاء، وتشمل الاستثمار في الزراعة والصناعة والمجتمع والثقافة والطاقة.

2 – إزالة كلّ العوائق التي تحول دون وحدة الدول الأعضاء، واتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان تسهيل انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال بين الدول الأعضاء، وحرية تنقل السلع والخدمات بينها، وحرية الإقامة والعمل والتملك وممارسة النشاط الاقتصادي فيها.

3 – تشجيع التجارة الخارجية؛ عن طريق رسم سياسة موحّدة للاستثمار وتنفيذها في الدول الأعضاء.

4 – زيادة وسائل النقل والمواصلات البرية والجوية والبحرية بينها؛ عن طريق تنفيذ مشاريع مشتركة.

5 – منح مواطني الدول الأعضاء الحقوق والامتيازات والواجبات المعترف بها وفقاً لدستور كلّ دولة.

6 – تنسيق النّظم التعليمية والتربوية في مختلف مراحل التعليم والتنسيق في مجالات الثقافة والعلوم والتقنية.

كما تضمّنت المعاهدة المنشئة للتجمّع مجموعة من المبادئ التي تحكم العلاقات بين دوله وعلاقاته الخارجية، حيث نصّت المادة الثانية والثالثة من المعاهدة على التزام الدول الأعضاء بما يأتي:

1 – منع استخدام أراضيها في أي نشاط موجّه ضد سيادة أحد أعضاء التجمّع أو وحدته الترابية.

2 – ضمان الأمن على حدودها.

3 – عدم تقديم أية مساعدة للعناصر الخارجة عن الشرعية والقانون في دولة أخرى عضو بالتجمّع.

4 – عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأعضاء.

5 – عدم الاعتداء على أية دولة عضو في التجمّع.

6 – تقديم المساعدات للأعضاء في حالات الضرورة.

7 – التعاون في جميع المجالات بروح التضامن والأخوة.

8 – تنسيق السياسات الخارجية لدول التجمّع.

9 – الالتزام بحلّ النزاعات بين دول التجمّع بالوسائل السلمية.

وبرغم أنّ الهدف الأساسي لإقامة التجمّع هو إقامة اتحاد اقتصادي شامل يستند إلى استراتيجية تقوم على خطة تنموية تتكامل مع خطط التنمية الوطنية في الدول الأعضاء؛ فإنه في قيامه ارتبط برغبة القيادة الليبية السابقة (معمّر القذافي) وطموحاتها المتعلقة بحلم قيادة الوحدة الإفريقية وقيام الولايات المتحدة الإفريقية، الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام حول استمرارية ذلك التنظيم مع اختفاء مؤسسه وداعمه الأول من الساحة، وانشغال النظام الليبي الجديد بترتيب أوضاع البلاد الداخلية، وإن رأى البعض أنّ المملكة المغربية يمكن أن تقوم بدور محوري في تفعيل التجمّع وإحياء نشاطه[36]، ورأى آخرون أنّ التحولات الجارية تحمل من الفرص بقدر ما تحمل من التحديات، وتتمثل تلك الفرص في التحول من الشخصانية والارتباط السابق بشخص (القذافي) إلى المؤسسية[37].

خاتمة:

يمكن القول بأنّ هناك مجموعة من السمات المشتركة في المواثيق والمعاهدات التي صاحبت إنشاء التكتلات في القارة الإفريقية، حيث أكدت أهمية تحرير التجارة؛ من خلال إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على الواردات، والرسوم الأخرى ذات الأثر المشابه، والحواجز غير الجمركية كالحصص وما شابهها، وفرض تعريفة خارجية مشتركة على السلع المستوردة، والتعاون النقدي والمالي، واتخاذ تدابير لتيسير التجارة وانتقال رؤوس الأموال بين دول السوق، وتحقيق أكبر قدر من التوافق في السياسات الاقتصادية عموماً، والسياسات المالية والنقدية وإدارة القطاع الخارجي خصوصاً، وتكامل الهياكل المالية للدول الأعضاء، وتعبئة الموارد المالية من أجل زيادة التجارة ومشروعات التنمية وبرامجها.

وكذلك تشجيع النمو المتوازن فيها، وتحسين القدرات التنافسية لنظمها الصناعية، والتوسع في التجارة الإقليمية، والتعاون في المجالات الصحية والاجتماعية والثقافية، وتوحيد المقاييس، والتأكد من الجودة واختباراتها وإجراءاتها، وتطوير نظم شاملة للمعلومات، والاهتمام بالعلم والتكنولوجيا، وبدور المرأة في التنمية، وتنمية الموارد والمشروعات التجارية والتعاون الفني، وتشجيع الاستثمار، ومساعدة الدول الأقل نمواً، مع تأكيد أهمية تنسيق سياساتها في مجال النقل والمواصلات؛ لتحسين الروابط القائمة وزيادتها، وتسهيل انتقال الأشخاص والسلع والخدمات.

كما أنه إيماناً من تلك الدول بعدم إمكانية تحقيق النمو الاقتصادي دونما استقرار سياسي وأمني؛ تبنّت معظم تلك التكتلات مواثيق دفاع مشترك وإنشاء أجهزة أمنية تابعة للمنظمة حماية المصالح الاقتصادية المشتركة وتجنيب الجماعة الأخطار الخارجية.

وعلى الرغم من الطموحات، ومثالية الأهداف التي تضمنتها المواثيق، وبرغم ما تحقّق من بعض إنجازات، فإنّ معظم تلك التكتلات في القارة الإفريقية تعاني مجموعة من المشكلات التي تحول دون تحقيق أهدافها، من بينها:

– عدم التزام بعض الحكومات وتأخرها في تنفيذ السياسات المتفق عليها في إطار الجماعة، ومن ثمّ قلة الموارد المادية المتاحة للأجهزة التنفيذية لمعظم تلك التكتلات وأماناتها العامة؛ نتيجة عدم تسديد الدول الأعضاء أنصبتها المستحقة.

– عدم الاستقرار السياسي (الصراعات والحروب والانقلابات التي تشهدها بعض الدول الأعضاء في تلك التكتلات)، والفساد الإداري، والمشكلات الاقتصادية.

– تماثل هياكلها الإنتاجية؛ مما يؤثر في حركة الصادرات والواردات بينها، يؤكد ذلك أنّ حجم تجارة دول التكتلات المختلفة مع مستعمريها السابقين، والخارج بصفة عامّة، ما زال أكبر كثيراً من حجم التجارة فيما بينها.

– تعدد الارتباطات الاقتصادية لدولها والتزاماتها وعضويتها في تجمّعات إقليمية أخرى، فعلى سبيل المثال هناك كثير من أعضاء (السادك) أعضاء في تنظيمات وتكتلات أخرى، مثل الاتحاد الجمركي للجنوب الإفريقي، والسوق المشتركة لشرقي وجنوبي إفريقيا.

– تباين مستويات التطور الاقتصادي والاجتماعي، وتفاوت الأداء الاقتصادي في الدول الأعضاء، وهو ما يشكّل صعوبة أمام تحقيق تعاون اقتصادي حقيقي وفعال فيما بينها؛ لاختلاف مصالح دول الجماعة الأكثر تقدماً عن مصالح دولها الأقل نمواً، فالدول الأكثر تقدماً تساند فكرة التجارة الحرة، وإلغاء كلّ القيود والتعريفات الجمركية بين دول الجماعة، لما يتيحه ذلك من اتساع السوق التجارية أمام منتجاتها واستثماراتها، وفي المقابل؛ فإنّ الدول الأقلّ نمواً مترددة في الموافقة على تلك الفكرة حفاظاً على مواردها الجمركية باعتبارها مصدراً أساسياً للدخل، وهو ما دفع بعض التنظيمات لتبنّي سياسات تعويضية للدول المتضررة من تلك الإجراءات.

[1] تأخذ مساعي التكامل الاقتصادي إحدى الصور الآتية:

1 – منطقة تجارة حرة Free Trade Area (FTA): فيها يتم إزالة جميع الرسوم الجمركية بين الدول الأعضاء، مع احتفاظ كل دولة بجمركها تجاه العالم الخارجي.

 2 – اتحاد جمركي Custom Union (CU): وفيه يتم إزالة الجمارك بين الدول الأعضاء، بالإضافة إلى توحيد الرسوم الجمركية بينها تجاه العالم الخارجي.

3 – السوق المشتركة Common Market: يجمع السوق المشتركة بين «منطقة التجارة الحرة» و «حرية انتقال عناصر الإنتاج» (من عمالة ورأسمال وسلع وخدمات).

4 – سياسة نقدية موحّدة Monetary Union: وفيها يتم توحيد السياسة النقدية بين الدول الأعضاء (من عرض نقود Money Supply، وسعر إعادة الخصم Rediscount Rate)، والعمل عل تنسيق السياسات المالية (شكل الإنفاق الحكومي، وكيفية تمويل الإيرادات الحكومية)، وذلك تمهيداً لإقامة عملة موحّدة وبنك مركزي واحد.

5 – تكامل اقتصادي كامل Complete Economic Integration : وفيه تكون جميع السياسات الاقتصادية بين الدول الأعضاء موحّدة؛ بحيث يكون الأداء الاقتصادي للتكتل الإقليمي مثل أداء الدولة الواحدة.

[2] راجع: محمد عاشور: التكامل الإقليمي في إفريقيا: الضرورات والمعوقات، (القاهرة: مشروع دعم التكامل الإفريقي، 2007)، ص 13 – 14.

AdejuwonKehinde David, “regional integration in Africa: the case of ECOWAS”, continental J. sustainable development, vol. 2, no.2, 2011, p, 6 – 8,

At: http://www.wiloludjournal.com/ojs/index.php/cjsd/article/viewFile/576/pdf_211

تاريخ الاطلاع: 10/12/2013م.

[3] راوية توفيق: المشروطية السياسية والتحول الديمقراطي في إفريقيا، سلسلة أوراق إفريقية، القاهرة: برنامج الدراسات المصرية الإفريقية، جامعة القاهرة، مارس 2002م.

[4] لمزيد انظر:

NaceurBourenane, “regional integration in Africa: situation and prospects”,  in Jorge Bragade and Omar Kabaj, regional integration in Africa, (Paris: OECD publication, 2002).p.18.

[5] محمد عاشور، أحمد علي سالم (محرران): دليل المنظمات الإفريقية الدولية، القاهرة: مشروع دعم التكامل الإفريقي، 2006م، ص 50 – 51.

[6] انظر: نصوص المعاهدة في: عبد السلام محمد الشلوف وآخرين: وثائق إفريقية: من أكرا إلى لومي، مصراتة: الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع، 2001م، ص 218.

[7] ميثاق الاتحاد الإفريقي.

[8] تمّ الاعتماد بالأساس في استقاء تلك البيانات على الموقع الرسمي للمنظمة على الرابط الآتي:      http://www.eac.int/ – تاريخ الاطلاع: 2/12/2013م.

[9] محمد عاشور، أحمد علي سالم (محرران)، مرجع سابق، ص 171.

[10] http://www.eac.int/index.php?option=com_content&view=article&id=1:welcome-to-eac&catid=34:body-text-area&Itemid=53 – تاريخ الاطلاع:  20/12/2013م .

[11] Ibid.

[12] محمد عاشور، أحمد سالم (محرران)، مرجع سابق.

 [13]المرجع السابق.

[14] http://www.eac.int/treaty/index.php?option=com_content&view=article&id=70&Itemid=163 -تاريخ الاطلاع: 20/12/2013م .

[15] http://www.eac.int/treaty/index.php?option=com_content&view=article&id=71&Itemid=164 – تاريخ الاطلاع: 20/12/2013م .

[16] محمد عاشور، أحمد سالم (محرران)، مرجع سابق.

[17] http://www.eac.int/ – تاريخ الاطلاع: 20/12/2013م .

[18] للمزيد حول جماعة الإيكواس انظر: محمد عاشور، أحمد سالم (محرران)، مرجع سابق، ص 91 – 99.

AdejuwonKehinde David, op. cit, p 8- 13 – تاريخ الاطلاع: 31/12/2013م.

[19] انظر: الموقع الرسمي للمنظمة على الرابط الآتي:

http://www.comm.ecowas.int/sec/index.php?id=member – تاريخ الاطلاع: 31/12/2013م.

[20] Ibid, p 9.

[21] محمد عاشور، أحمد سالم (محرران)، مرجع سابق.

[22] The ECOWAS executive secretariat, ECOWAS :achievements and challenges and future prospects. 1995.

[23] جدير بالذكر أنّ الجماعة تبنّت في مايو 1980م ميثاقاً للدفاع، مثّل أول مبادرة لإقامة نظام أمن جماعي في إطار إقليمي فرعي في إفريقيا، لمزيد حول دور ذلك الجهاز في تسوية المنازعات في غرب إفريقيا انظر: بدر شافعي: تسوية المنازعات في إفريقيا: نموذج الإيكواس، القاهرة: دار النشر للجامعات، 2009م.

[24] محمد عاشور، أحمد سالم (محرران)، مرجع سابق، ص 133.

[25] الموقع الرسمي للمنظمة على الرابط الآتي: http://www.sadc.int/member-states/ – تاريخ الاطلاع:  2/1/2014م.

[26] انظر: المعاهدة وتعديلاتها على الرابط الآتي: http://www.sadc.int/documents-publications/sadc-treaty/ – تاريخ الاطلاع:  2/1/2014م.

[27] لمزيد حول مضامين تلك البروتوكولات وغيرها انظر: الموقع الرسمي للمنظمة الرابط الآتي:

http://www.sadc.int/documents-publications/protocols/ – تاريخ الاطلاع: 2/1/2014م.

[28] محمد عاشور، أحمد سالم (محرران)، مرجع سابق، ص 139.

[29]SADC Regional Strategy for Development of Statistics 2013-2018 (Final). At:

http://www.sadc.int/documents-publications/show/SADC_RSDS_2013-18_-_Final_Version_-23_July_2012_-__1.pdf – تاريخ الاطلاع:  2/1/2014م.

[30] حول تاريخ نشأة المنظمة ومراحلها انظر: الموقع الرسمي للكوميسا على الرابط الآتي:

 http://about.comesa.int/index.php?option=com_content&view=article&id=95&Itemid=117 –  تاريخ الاطلاع: 2/1/2014م.

[31] الموقع الرسمي على الرابط الآتي: http://about.comesa.int/index.php?option=com_content&view=article&id=123&Itemid=121 – تاريخ الاطلاع: 2/1/2014م.

 [32]محمد عاشور، أحمد علي سالم (محرران)، مرجع سابق، ص 103 – 104.

 [33]المرجع السابق، ص 110 – 111.

[34] تم الاعتماد بصفة أساسية على المرجع السابق، ص 157 – 168.

[35] جاء في مسوغات إقامة ذلك التجمّع أنه يأتي: (إدراكاً – (من أعضاء التجمع) – للمصالح المشتركة والروابط الجغرافية والتاريخية التي تجمع شعوب تلك الدول، وضخامة وتعقد المشكلات التي تواجه العالم بصفة عامة وإفريقيا بصفة خاصة، وضرورة مجابهة العوامل الداخلية والخارجية للتخلف الاقتصادي وعدم الاستقرار، وأنّ العمل المشترك هو أفضل الطرق لتكامل واندماج تلك الدول وشعوبها، والحفاظ على السلم والأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء)، ونصّت المعاهدة المنشئة للتجمّع على أنّ قرار إقامته جاء تجسيداً لإرادة التكامل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بما يتوافق مع أحكام ميثاق الأمم المتحدة، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومعاهدة أبوجا الموقّعة عام 1991م، والمنظمات الإقليمية التي تنتمي إليها الدول الأعضاء.

[36] بنيامين. ب. نيكلز: المغرب ينخرط في تجمّع دول الساحل، صدى تحاليل عن الشرق الأوسط، مؤسسة كارنيجي للسلام، على الرابط الآتي:

http://carnegieendowment.org/sada/2013/01/03/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D9%8A%D9%86%D8%AE%D8%B1%D8%B7-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D8%AC%D9%85-%D8%B9-%D8%AF%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A7%D8%AD%D9%84/fl12  – تاريخ الاسترداد: 7/1/2014م.

[37]AhmedououldAbdallah, Revitalizing the CEN SAD, at: http://www.centre4s.org/en/index.php?view=article&catid=39:article&id=96:revitalizing-the-cen-sad&tmpl=component&print=1&page= – تاريخ الاسترداد: 7/1/2014م.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى