السباق العالمي المتشكل في السنوات الثلاثين الماضية لم يجبر فقط الباحثين على إعادة النظر في المسلمات التي اعتمدها براديغم دراسة العلاقات بين الشمال والجنوب سابقا، بل أجبرهم كذلك على إعادة النظر في مفهوم الأمن على مستوى القارة الإفريقية، على اعتبار أن المفهوم التقليدي المرتبط بالحدود والنزاعات البينية بين الدول الإفريقية بات كلاسيكيا، لا يمتلك القوة التفسيرية الكافية لفهم ما يجري في القارة على جميع المستويات تقريبا .
لقد تحولت القارة الإفريقية من كونها موضوعا للتنافس بين القوتين السوفييتية والأمريكية سابقا، إلى موضوع للتنافس الجيواستراتيجي بين الاقتصاديات الصناعية القوية في العالم، خاصة بين الولايات المتحدة الأمريكية، فرنسا، ألمانيا، الصين، روسيا، واليابان، وبعض القوى الصاعدة؛ منها على وجه الخصوص تركيا والهند . تشكل الموارد الطبيعية للقارة الإفريقية والممرات البرية والبحرية المناسبة جدا للتجارة الدولية، وحجم السكان المرتفع في القارة (حوالي 2 مليار نسمة في حدود سنة ۲۰۰۰)، العناوين الرئيسية لذلك التنافس الدولي”. لقد أثر ذلك كثيرا على مفهوم الأمن في القارة الإفريقية.