التهديدات الأمنية اللاتماثلية و تداعياتها على الأمن الوطني الجزائري

بعد نهاية الحرب الباردة اصبح الامن المعادلة الصعبة في الاجندات الحكومية، لما شهده العالم من تحولات كبيرة اثرت على امن و استقرار الكثير من الدول، بسبب بروز تهديدات لم تكن لها فعالية من قبل في ظل هيمنة التهديدات التماثلية التي مصدرها القوة العسكرية للدول، و هو ما جعل الامن بمفهومه التقليدي الضيق عاجزا عن محاربة التهديدات اللاتماثلية، لذلك اصبحت امون الدول تتاثر بما يحدث حولها في الفضاءات الجيوسياسية القريبة منها و حتى البعيدة التاثير اشتدت حدته اكثر بفعل تعدد ابعاد الامن وتنامي دور الفواعل غير الدولاتية، اذ لم يعد البعد الجغرافي معنيا بالتهديد، بل اصبح من المتعذر الحديث عن امن وطني بالنسبة للدول دون ضمان حد ادنى من الاستقرار و التوازن الجيو سياسيين في الاقاليم و الدول المجاورة لها او حتى البعيدة، يضمن على الاقل عدم وصول التهديدات العابرة للحدود الى داخل الدولة و يحافظ على ما حققته في مجال حماية امنها الوطني.

تهتم هذه الدراسة بمعالجة موضوع التهديدات الامنية اللاتماثلية و تداعياتها على الامن الوطني الجزائري، و في مقدمتها التهديد الارهابي، تنامي الجريمة المنظمة، و تدفقات موجات الهجرة غير الشرعية، خاصة بعد احداث الربيع العربي في تونس و ليبيا و حالة الانفلات الامني في شمال مالي، و هو ما حتم على الدولة الجزائرية مضاعفة جهودها في مجال مكافحة هذا النمط من التهديدات، سواء على المستوى الوطني او من خلال تفعيل دورها الدبلوماسي في اطار التعاون الاقليمي و الدولي، و ذلك على غرار الاستراتيجيات المتبعة في نطاق الاتحاد الافريقي و اتحاد دول المغرب العربي و مجلس الجامعة العربية، او في صيغته الدولية الموسعة و ذلك بمبادرات من قبل القوى العظمى كفرنسا و الولايات المتحدة الامريكية.

و قد خلصت الدراسة الى نتيجة مفادها انه على الرغم من ان الدولة الجزائرية سعت بدرجة نجاح نسبية الى انتزاع التزام الاطراف الاجنبية و الاقليمية باستراتيجيتها في التصدي للتهديدات الامنية اللاتماثلية، الا انه بات من الصعوبة بمكان مواجهة هذا النمط من التهديدات بالدفاع داخل حدودها الجغرافية، بعد ان عانت من ظاهرة الارهاب خلال عشرية كاملة على الصعيد الداخلي، و بالتالي فالامر يحتاج الى اعادة تكييف عقيدتها الامنية تماشيا مع التحولات التي طالت مفهوم الامن الوطني، و الالتفات الى املاءات و رهانات فضاءاتها الجيوسياسية على تنوعها و تعددها، بفعل ما يطفو على سطحها من اخطار و مهددات امنية من جهة، و ما يربط الجزائر مع مثيلاتها من الدول التي تبسط معها على نفس الفضاءات من اطر التعاون و التكامل في مساعي بناء الامن في مستوياته الاقليمية و ابعاده الشاملة من جهة اخرى.

تحميل الرسالة

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button