دراسات أوروبية-أورومتوسطيةدراسات سياسية

الرؤية السياسية والأمنية والثقافية الأوروبية والعربية للشراکة الأورومتوسطية

مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، المقالة 5، المجلد 21، العدد 1 – الرقم المسلسل للعدد 82، الشتاء 2020، الصفحة 133-152 .

المؤلف محمد على / طارق على الروسان / العزام – جامعة البلقاء التطبيقية ، کلية إربد الجامعية، الأردن.

تشير الدراسة لمسار الشراکة الأورومتوسطية بتتبع بعديها السياسي والأمني والثقافي الاجتماعي بالترکيز على الرؤيتين: الأوروبية والعربية ومدى التوافق والاختلاف وانعکاسها على أهداف الشراکة. وخلصت الدراسة إلى أن الشراکة لم تحقق نجاحاتها السياسية والثقافية المرجوة، بفعل أولوية قضايا الأمن والهجرة المقلقة لأوروبا. لذلک فإن الدراسة ترى في السيناريو الذي يرجح تفعيل دور الاتحاد الأوروبي ککتلة دولية واحدة، بتفعيل دوره لتنفيذ القرارات الأممية عمليا، خاصة لحل الصراع العربي- الإسرائيلي وقضايا الربيع الذي ما زال في سيرورته، وبذلک يتحقق الهدف السياسي والأمني للشراکة ببناء منطقة مستقرة باعتماد مفهوم “الأمن الشامل” في قضايا السلام والأمن والهجرة.

جاء مشروع الشراکة الأورومتوسطیة فی فترة ما بعد انهیار الاتحاد السوفتی، وضمن إطار تشکل نظام دولی جدید، معبرا عن رؤیة وخطة عمل أوروبیة لمواجهة المتغیرات المستجدة فی البیئة الدولیة عامة والجوار الحیوی المتوسطی لأوروبا خاصة، ولمسایرة المتطلبات الجدیدة التی اقتضتها مصالح بلدان الاتحاد الأوروبی، بغرض لعب دور اقلیمی وعالمی من شأنه خلق علاقات أوثق مع البلدان الأوسطیة، وبناء مکانة دولیة فاعلة لرسم العلاقات الدولیة.

وقد تمیز المشروع، مقارنة بنهج الولایات المتحدة الأمریکیة، بانبثاقه من الطابع القیمی الأوروبی المتمثل برؤیة المدرسة اللیبرالیة، بخلاف رؤیة المدرسة الواقعیة الأمریکیة، مؤطرا إیاه فی فصول ثلاثة اشتملت على الأهداف التی ترغب بتحقیقها الشراکة الأورومتوسطیة، وهی: “الفصل السیاسی والأمنی”، و”الفصل الاقتصادی والمالی”، والثالث “الفصل الاجتماعی والثقافی والإنسانی”، وضمن رؤیة الارتباط العضوی والتکامل فیما بینها، بحیث یسند کل منها ویتکامل مع الآخر.

وانطلاقا من ذلک دعا الاتحاد الآوروبی عددا من البلدان المتوسطیة العربیة وغیر العربیة، للبدء فی المسار العملی لتلک الفصول، من خلال عقد تفاهمات واتفاقات ثنائیة وإقلیمیة بین أطراف الشراکة، عززها فی فترات لاحقة بمشاریع أوروبیة أخرى، تمثلت بسیاسة الجوار الأوروبی والاتحاد من أجل المتوسط.

وکان لا بد أن ترافق تلک التفاهمات والاتفاقات رؤى متبادلة؛ توافقت حینا واختلفت حینا آخر، بسبب أن مشروع الشراکة وما تبعه من مشاریع وبرامج، انبثق من رؤیة أوروبیة أحادیة الجانب، ما فرض رؤى عربیة أوسطیة فی المقابل.

من هنا عمدت الدراسة إلى تتبع مسار الشراکة، بالترکیز على الرؤى الأوروبیة والعربیة فیما یتعلق بالفصلین الأول والثالث تحدیدا، لکن دون أن تتجاوز ما اشتمل علیه الفصل الثانی من أهداف، حیثما وجدت ضرورة فی ذلک.

مشکلة الدراسة

سعت الدراسة لتتبع وتقصی وتحلیل الرؤیتین؛ الأوروبیة والعربیة، من خلال عرض مسار المبادرة السیاسی والأمنی، والمسار الاجتماعی والثقافی والإنسانی، بالترکیز على الإصلاحات السیاسیة والدیمقراطیة، وقضایا الأمن والهجرة، والصراع العربی الإسرائیلی، والربیع العربی، وما أفرزته من توافقات أو اختلافات بین الرؤیتین الأوروبیة والعربیة.

ولتقصی طبیعة واتجاهات المواقف والرؤى الأوروبیة والعربیة المرتبطة بفصول الدراسة تلک، تبنت الدراسة المناهج العلمیة التی تمکنها من البحث فی مشکلتها وموضوعها الدراسی، وذلک للکشف عن الدوافع الکامنة وراءها.

منهجیة الدراسة

اعتمدت الدراسة المناهج العلمیة؛ التاریخی والوصفی والبنائی الاجتماعی ومنهج تحلیل النظم فی العلوم السیاسیة، سعیا منها للکشف عن الخلفیات والدوافع الکامنة وراء تشکل الرؤى المتبادلة. وفی ذلک تبدو الأهمیة العلمیة والأکادیمیة التی تنشدها الدراسة.

أهمیة الدراسة

تتحقق أهمیة الدراسة بإظهار مدى تأثر صانع القرار ببیئته الداخلیة المنبثقة من تجربتة وبنیته السیاسیة الخاصة، ومدى تأثیر البیئة الثقافیة والهویات فی سلوک الفاعلین وسیاسات الدولة، وبالتالی کیفیة البناء علیها فی مجال العلاقات الدولیة، من خلال السیاسات الخارجیة للدولة والوحدات السیاسیة الدولیة للتأثیر فی المحیط الخارجی الإقلیمی والدولی، سعیا من صانع القرار لتحقیق أهدافه باعتماده وسائل واستراتیجیات متعددة ومختلفة، وما أملته من رؤى ومواقف معینة تبنتها الأطراف الشریکة، لرسم اتجاه العلاقات الدولیة فی المنطقة المتوسطیة وفقا للمنظور الخاص لکل من طرفی الشراکة؛ الأوروبی والعربی.

الشراکة من منظور الدول الأوروبیة (الاتحاد الأوروبی)

عُقد مؤتمر برشلونة فی الفترة من 27-28 تشرین الثانی 1995، شارکت فیه خمس عشرة دولة أوروبیة عضوة فی الاتحاد الأوروبی وعشر دول من منطقة البحر الأبیض المتوسط: ​​المغرب، الجزائر، تونس، مصر، السلطة الفلسطینیة، الأردن، لبنان، سوریا، ترکیا، وإسرائیل. وخلص المؤتمر إلى إقرار العمل على ثلاثة أبعاد: “السیاسی والأمنی” ویهدف لإجراء الإصلاحات السیاسیة والتعاون الأمنی المشترک لتحقیق سلام واستقرارها المنطقة. و”الاقتصادی والمالی”، ویهدف لتحقیق النمو والإزدهار والذی یُتوقع منه التکامل الاقتصادی الجزئی والتدریجی بین أوروبا والمنطقة المتوسطیة. و”الاجتماعی والثقافی والإنسانی” ویسعى لتعزیز الحوار والتفاهم المتبادل بین الثقافات وتفعیل دور المجتمعات المدنیة. وحتى یتسنى تنفیذ ذلک تم تبنی آلیتین تکمل کل منها الأخرى؛ ثنائیةللتعاون بین الاتحاد الأوروبی وکل من الشرکاء المتوسطیین بشکل فردی من جهة، وبین جمیع الشرکاء مع بعضهم البعض من جهة أخرى. وإقلیمیة للتعاون فی جمیع الأبعاد المقترحة مع الأخذ بالإعتبار خصوصیات کل شریک على حده.

وبذلک حملت الفصول أو السلال الثلاث للمبادرة الأهداف التی یسعى الاتحاد الأوروبی لتحقیقها، من وجهة النظر الأوروبیة تحدیدا، کتعبیر عن مصالح أوروبا الاستراتیجیة فی المنطقة المتوسطیة العربیة، المنبثقة من التجربة الأوروبیة الخاصة، وتکریسها من خلال عقد مفاوضات وتفاهمات لاحقة وفق آلیتی العمل الثنائیة والإقلیمیة التی وردت فی المبادرة.

وبشأن تلک الآلیة حرص الاتحاد الأوروبی على التعامل الانفرادی والانتقائی مع البلدان المتوسطیة، مستبعدا بعض الدول العربیة المتوسطیة، کما فی حال لیبیا، مثلا، بینما أدخل الأردن وموریتانیا فی الشراکة، بالرغم من أنهما لیستا من البلدان المتوسطیة، وبالإضافة إلى ذلک استبعد التعامل مع البلدان العربیة ککتلة واحدة تجمعها مظلة الجامعة العربیة (صارم، 2000: 225).

وقد انصرفت أهداف الاتحاد الأوروبی من الشراکة مع البلدان المتوسطیة إلى تحقیق مزید منالتعاون والتکامل فی المجالات السیاسیة والاقتصادیة والأمنیة, وضمان السلام والاستقرار فیها على المدى الطویل، بما یخدم الحد من الهجرة إلى بلدان الاتحاد الأوروبی، وینجز الإصلاحات الدیمقراطیة واحترام حقوق الإنسان وحریة التعبیر عن الرأی وتطبیق الحکم الرشید کوسیلة لکبح جماح التطرف، لتشکل هذه الأهداف انعکاسا للمبادئ والتجارب الأوروبیة کما وردت فی دساتیرها وتشریعاتها، ونحو تحقیق التغییر فی منطقة حوض المتوسط وفق هذه الرؤیة والتی توفرها قاعدة راسخة من الاصلاحات الاقتصادیة والاجتماعیة والثقافیة‏.

الاصلاحات السیاسیة والدیمقراطیة

انبثقت الاصلاحات السیاسیة والدیمقراطیة، التی استهدفت تغییر بنیة النظام السیاسی للدولة العربیة، من نظریة السلام الدیمقراطی والمذهب اللیبرالی، متماثلا مع الأساس الذی یقوم علیه النظام السیاسی للدول الأوروبیة، بغرض تعمیم الدیمقراطیة کممارسة وقیمة سیاسیة هی السبیل الأوحد لإعادة بناء النظام السیاسی الرسمی العربی، من خلال إصلاح الهیاکل السیاسیة للدولة والمجتمع (علی، 2004: 15).

وحتى یتم تحقیق ذلک التزم الاتحاد الأوروبی بتقدیم مساعدات اقتصادیة ومالیة، لتحفیز البلدان الشریکة، على تغییر سلوکها السیاسی، إلى لتغییر بنیتها الداخلیة لا استبدال لأنظمة أخرى بها.

فکانت المساعدات الاقتصادیة بمثابة شرط مسبق ومکافأة فی آن واحد، لمزید من التعاون المتبادل مع الأنظمة التی تنجز نقلة نوعیة بتغییر واقعها وبنیتها السیاسیة، لتحفیزها على التوائم مع الرؤیة السیاسیة الأوروبیة، وبذلک تم اعتماد مبدأ “المشروطیة”، لیفرض الارتباط ُالعضویُ بین فصول الشراکة تعزیز الإصلاحات المطلوبة وتطبیقها (Suel, 2008: 108).

وبذلک وضع الاتحاد الأوروبی لنفسه هدفا محددا هو العمل على دعم قیام الهیاکل الدیمقراطیة والسیاسیة المستقرة بواسطة المؤسسات المانحة والراعیة لعملیة الإصلاح السیاسی فی المنطقة، من خلال اتفاقیات الشراکة التی اشترطت تقدیم المعونات بغرض التحفیز لبناء الهیاکل السیاسیة الدیمقراطیة فی بنیة الدولة (فانفیلد، 1998: 37).

ولتعزیز دور المواطن فی الحکم، طرح الاتحاد الأوروبی مبادرة مواطنة البحر الأبیض المتوسط فی مجالات الحمایة والحقوق الاجتماعیة للمواطنة، بهدف تعزیز التماسک المدنی والسیاسی، وولاء المواطن للمؤسسات العامة، وتقاسم الموارد المادیة لجمیع مکونات المجتمع، سعیا من الاتحاد لحل مشاکل الفقر ومعاناة الإنسان فی المنطقة، بسبب وثوقه من العلاقة القائمة بین حرمان الإنسان من حقوقه واستمرار الفقر (Ilgaz,2005:8).

وبذلک کرست المبادرة مبدأ الحقوق الأوروبی الذی ینص على المساواة بین الناس فی الحق بالحیاة کریمة، والحریة کجزء من الحقوق المدنیة والسیاسیة الأساسیة، التی یضمنها الإطار القانونی والقضائی اللازم لإنفاذ هذه الحقوق لجمیع المواطنین بغض النظر عن الطبقة أو الجنس، أو أی وضع آخر، بغرض ضمان الحکم الرشید والشفافیة والدیمقراطیة ومنع الفساد فی الحیاة العامة (Gready,2005:144-145).

وحتى تکتمل عملیة الإصلاح السیاسی والدیمقراطی، على المستوى الحکومی، والمجتمعی وحتى تتحقق أهداف الفصل الثالث، تطلع الأوروبیون إلى التعامل مع المجتمعات العربیة مباشرة، لیتخذ مسار الشراکة آلیة التعامل “من تحت إلى فوق”، أی التعامل مباشرة مع منظمات المجتمع المدنی(Aliboni, 2002:7).

وتجسدت هذه الرؤیة فی بعدها التطبیقی العملی، بالمطالبة التی احتواها البیان الختامی للقمة الأوروبیة فی الذکرى العاشرة لعملیة برشلونة، الذی أکد على ضرورة مشارکة المنظمات غیر الحکومیة التی لا تفضلها الأنظمة العربیة، من خلال آلیة عمل دیمقراطیة مستقلة تسمح بتمویل أکثر مرونة.

وجاء هذا التوجه انطلاقا من رؤیة أوروبیة ترى أن النجاح یعتمد على توقعات الشرکاء المتوافقة مع خطط التعاون الهادفة لدعم الناس فی الشارع، وأما إن بقیت هذه الخطط ضمن دوائر النخب السیاسیة، ولن تکون هامة، ذلک أنه من غیر المرجح استکمال تنفیذ المشاریع وإنجاحها دون الوصول إلى المجتمعات وتحقیق نتائجها الإیجابیة من خلال تأثیرها الفعلی على حیاة الأشخاص المستهدفین (Suel, 2008: 109).

ولترجمة هذه الرؤیا عملیا، اتجهت برامج الشراکة إلىدعمالمبادراتالمباشرة مع المجتمعات من أجل تشجیع وتعمیق الحوار بین  الثقافات والحضارات والأدیان، من خلال مؤسسات وبرامج تسمح بالعمل المباشر مع منظمات المجتمع المدنی.

وقد تم إنشاء مؤسسة أنّا لینده (Anna Lindh) الأورومتوسطیة للحوار بین الثقافات بواسطة الحکومات الأورومتوسطیة  فی عام 2005، وهدفها الأساسی هو الجمع بین الشعوب والمؤسسات من ضفتی البحر المتوسط عن قرب والمساعدة فی تخطی الفجوة فیما بینهما. وهذا ما سعت إلى تحقیقه سیاسة الجوار الأوروبیة بعد مرور عقد من الشراکة الأورومتوسطیة، وذلک لتوسیع إطار الشراکة مع بلدان أوسطیة أخرى، بهدف الانتقال من التعاون مع الشرکاء إلى الاندماج مع الجیران والبناء على اتفاقیات وشراکات موجودة، وتضمین جمیع دول البحر المتوسط المشارکین حالیاً فی عملیة برشلونه فی سیاسة الجوار (تقریر اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة الأوروبیة فی منطقة البحر المتوسط- REX/222، 6/9/2006: 8).

ففی عام 2004، أطلق الاتحاد الأوروبی “سیاسة الجوار الأوروبیة” بعد توسع الاتحاد الأوروبی نحو الشرق لتعزیز إستراتیجیة الشراکة الأورومتوسطیة فیما یتعلق بآلیة التعاون الثنائی. وتختلف سیاسة الجوار الأوروبیة عن عملیة برشلونة بانتهاجها الإستراتیجیة الثنائیة المتمایزة، أی بناء علاقات متمایزة مع کل دولة مجاورة مختلفة عن العلاقات مع الأخرى، فی حین إن اتفاقیات الشراکة الأورومتوسطیة الثنائیة تتمیز بأنها مبنیة على أحکام وسیاسات متشابهة جدا (Aliboni et al 2008: 14)

ولاحقا تأسس الاتحاد من أجل المتوسط، رسمیاً، فی 13 تموز 2008 فی باریس، بمشارکة رؤساء دول وحکومات من 43 دولة، من بینها الدول السبع والعشرون الأعضاء فی الاتحاد الأوروبی وست عشرة دولة من جنوب وشرق البحر الأبیض المتوسط, بدعوة من رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبی، التی کانت تتولاها فرنسا. وقد أکد إعلان باریس على الاستفادة من مکتسبات عملیة برشلونة، والتأکید على أهداف تحقیق السلام والاستقرار والأمن المعلنة فی عام 1995، والعمل على أن یکون الشرق الأوسط منطقة خالیة من أسلحة الدمار الشامل، ومحاربة الهجرة غیر القانونیة والتصدی للإرهاب بکل أشکاله، مع الرفض المطلق لإلصاق الإرهاب بأی دین أو أی ثقافة مهما کانت. کما وأنیطت بالاتحاد من أجل المتوسط ست أولویات رئیسیة، وهی: مکافحة تلوث البحر المتوسط، و تحسین طرق النقل البریة والبحریة، والحمایة المدنیة، والتعلیم العالی والبحث العلمی، ودعم الشرکات الصغیرة والمتوسطة ومشاریع الطاقة البدیلة (Suel,2008).

وعلى هذا الأساس ربطت مبادرة برشلونة، وما تبعها من مبادرات لاحقة، بین الأبعاد السیاسیة والاقتصادیة والاجتماعیة الثقافیة والأمنیة، وفق الرؤیة الأوروبیة، وذلک لکبح جماح التطرف، وتحقیق الاستقرار والسلام فی الجوار الاقلیمی المتوسطی من خلال التعامل مع قضایا الأمن والهجرة.

المنظور الأوروبی لقضایا الأمن والهجرة

بعد انتهاء الحرب الباردة ونشوء نظام عالمی جدید، تغیر مفهوم الأمن فی العلاقات الدولیة وفق الرؤیة الأوروبیة، لیصبح الهدف الاستراتیجی بشأن حمایة الإقلیم الأوروبی مرتبطا ببلدان الجنوب باعتبار أنها غدت مصدرا للتهدیدات، بسبب تدفقات الهجرة غیر الشرعیة الناتجة عن حالة عدم الاستقرار السیاسی والمعاناة الاقتصادیة وما ترتب عنها من مستجدات عهد جدید من الصراعات والطموحات الإقلیمیة، تقتضی إعادة النظر فی التصورات الأمنیة، ذلک أن الشراکات الاقتصادیة والثقافیة والاجتماعیة لا یمکن أن تتحقق وأن تستمر دون أن تستند إلى الاستقرار السیاسی والأمنی الذی یوفر المناخ المناسب للإصلاحات الاقتصادیة والسیاسیة والاجتماعیة والثقافیة‏.‏

ومن هنا انبثقت الرؤیة الأمنیة الأوروبیة بناء على مفهوم “الأمن الشامل”، الذی یربط عضویا بین الفصول الثلاثة الواردة فی إعلان برشلونة. وکان موضوع الهجرة إلى أوروبا من أخطر القضایا التی واجهتها القارة العجوز، مما دفع الاتحاد الأوروبی إلى التعامل مع الظاهرة لکبح سیل هذه الهجرة وخطورتها الأمنیة (Youngs,18 May 2015).

وبخلاف تصور المدرسة الواقعیة للأمن فی العلاقات الدولیة، جاءت الرؤیة الأوروبیة الأمنیة، لتبرز أهمیة الأمن الجماعی والسلام الدیمقراطی وفق المفهوم اللیبرالی المخالف للواقعیة، سعیا من الاتحاد الأوروبی إلى تشکیل تحالف موسع یضم أغلب الفاعلین الأساسیین فی النظام الدولی بقصد مواجهة أی فاعل آخر.

بناء على تلک الرؤیة أقرت إستراتیجیة الأمن الأوروبی فی کانون الأول 2003، التی اشتملت على قضایا التحدیث الاجتماعی والثقافی والسیاسی، لمواجهة الإرهاب الجهادی الذی یتهدد الأمن الأوروبی والعالمی وإرساء الاستقرار فی الشرق الأوسط بتبنی مفهوم “الأمن الشامل”، أی علاقة البعد الأمنی بالأبعاد الاقتصادیة والثقافیة والاجتماعیة، لکن دون تجاهل شراکة أمنیة بین حلف الأطلسی ودول حوض المتوسط وعملیة برشلونة لتدعم کل منها الآخر وتکمله (أبو عامود، 2004: 122).

لکن وبعد هجمات 11 أیلول 2001 على الولایات المتحدة، باتت أوروبا تنظر للأمن والهجرة من منظور عدسة الأمن القومی، بحیث شغلت مناقشات سیاسة الهجرة فی الاتحاد الأوروبی، المحافل واللقاءات الأوروبیة لما تمثله من خطورة أمنیة على المجتمعات الأوروبیة وعلى النظام العام والهویة الثقافیة والاستقرار الداخلی وسوق العمل، وصار بالضرورة العمل على  اجتثاث التطرف ومکافحة الإرهاب فی منطقة البحر الأبیض المتوسط (Eylemer, 2007: 56-60).

واستجابة إلى ذلک عبرَّ تقریر صدر عن الشرطة الأوروبیة منذ العام 2011 عن القلق من انعکاسات الربیع العربی والأزمة الاقتصادیة التی ستؤدی إلى زیادة خطر الهجمات الإرهابیة فی الاتحاد الأوروبی، جراء تدنی سیطرة دول المنشأ على إقلیمها، وسهولة دخول الأشخاص الذین لدیهم نوایا إرهابیة إلى أوروبا بین الأعداد الکبیرة من المهاجرین (Rettman, 2011).

وبذلک أخذت الرؤیة الأوروبیة بالتحول واتساع دائرة اهتمامها بالالتفات إلى ما یحمله المهاجرون من نظام قیمیّ وثقافیّ مغایرٍ، وإمکانیة التصادم بین حضارتی الطرفین، وهو ما یؤشر على ربط الأوروبیون بین الهجرة وتهدید ثقافاتهم، بالنظر إلى أنّ المهاجرین یتمسکون بعاداتهم وتقالیدهم ویرفضون تبنّی ثقافات الدول المضیفة لهم، فضلا عن الربط بین الهجرة والتطرف خاصة بعد قیام مهاجرین بتنفیذ عملیات دمویة فی أوروبا (زکاوی، 2016: 29- 30).

وبظهور متغیرات جدیدة متمثلة فی الهجرة والإرهاب والتطرف الذی مصدره بلدان الجنوب، کانت المصالح الأوروبیة مرجحة على الالتزامات الأوروبیة الواردة فی الشراکة، وضرورة التعامل معها برؤیا أقرب إلى المصالح منها إلى المبادئ، نظرا لما حملته قضایا الهجرة من مخاطر أمنیة فی الداخل الأوروبی وجواره الإقلیمی المتوسطی، وما فرض عقد تفاهمات واتفاقات مع بعض دول الجوار الأوروبی للحد من تدفقات المهاجرین والعمل على تنظیمها.

لذلک وبالإضافة إلى الاتفاقیة الأوروبیة الترکیة المبرمة فی آذار 2016 والاتفاق الترکی الألمانی حول الهجرة، وافق الاتحاد الأوروبی فی قمته المنعقدة فی مالطا 3 شباط 2017، على برنامج الحد من تدفق المهاجرین من شمال أفریقیا، من خلال تعزیز التعاون مع لیبیا بالتعاون مع المفوضیة السامیة للأمم المتحدة لشؤون اللاجئین ومنظمة الهجرة الدولیة، بإغلاق الطریق الرئیسی فی البحر المتوسط وتدریب خفر السواحل اللیبی فی أسرع وقت ممکن وتزویده بالعتاد اللازم لمنع العصابات من تهریب المهاجرین، وإبقاء المهاجرین فی لیبیا بادئ الأمر، ومن ثم إعادتهم إلى بلدانهم. www.dw.com/ar/a-37399637

     مع ذلک تبقى قضایا الصراع والتوتر السابقة على مخاطر الهجرة والتطرف، متمثلة  بقضیة الصراع العربی الإسرائیلی، من بین أهم القضایا الأمنیة التی تترتب علیها توترات وحالة عدم استقرار إقلیمی، وما قد تحمله من مخاطر بنشوب حروب مستقبلیة فی المنطقة، ولذلک لم تغفل مبادرة برشلونة، فی فصلها السیاسی والأمنی، هدف تحقیق السلام والاستقرار فی المنطقة، فی محاولة منها لتفعیل دور الاتحاد الأوروبی فی عملیة السلام العربیة الإسرائیلیة والدفع بها إلى أمام.

المنظور الأوروبی تجاه الصراع العربی الإسرائیلی

وفرت فرصة جلوس العرب وإسرائیلین على طاولة واحدة، جنبا إلى جنب مع المشارکین الآخرین، إمکانیة قیام الاتحاد الأوروبی بدور سیاسی أکثر فعالیة، یُنتظر مباشرته تحت مظلة الشراکة الأورومتوسطیة التی أحد أطرافها إسرائیل، وهو ما یعزز الدور الأوروبی، خاصة وأنه لم یغفل دوره هذا فی عدید المواقف التی اتخذها بشأن الصراع العربی الإسرائیلی.

ففی آذار 1997 قدمت فرنسا وبریطانیا والسوید مشروع قرار لمجلس الأمن یندد ببناء مستوطنات إسرائیلیة فی القدس الشرقیة، إلا أن الولایات المتحدة استعملت حق النقض (الفیتو) ضده (مبیضین، 2007: 25).

وبذلک فإن واقع النظام الدولی الجدید الذی تقوده وتتحکم به الولایات المتحدة، غدا المتغیر الأکثر فعالیة وتأثیرا على الدور الأوروبی، حیث القوة باتت هی المحدد الوحید لمجرى العلاقات الدولیة التی تحکمها نظریة السیاسة الواقعیة، لتبقى المواقف الأوروبیة مجرد تصریحات کلامیة دون أن ترافقها سیاسات عملیة واقعیة فاعلة.

وبذلک جاءت المواقف الأوروبیة داخل إطار الإعلانات السیاسیة؛ کما ورد فی إعلان المجلس الأوروبی وسمی بـ”إعلان برلین” الصادر فی آذار 1999،والذی تلخص فی إعادةالتأکید على حق الفلسطینیین الدائم وغیر المنقوص فی تقریر المصیر،وأبدى الاستعداد للاعتراف بدولةفلسطین فی الوقت المناسب، لکنه وبموازاة ذلک ضغط على السلطة الفلسطینیة للتخلی عن فکرة إعلان الدولة الفلسطینیة من طرف واحد (خضر، 2003: 543).

لکن وبرغم هذا الإعلان الأوروبی المساند للموقف العربی، إلا أن الشریک الأوروبی استمر فی مراوحته وضعف استجابته بشأن القرارات الدولیة. فبعد أن طالبت الجمعیة العامة للأمم المتحدة من إسرائیل فی تشرین الأول عام 2003، وقف بناء الجدار العازل، وإزالة ما تم بناؤه نظرا لآثاره السلبیة، امتنعت الدول الأوروبیة عن التصویت حین تبنت الجمعیة العامة فی الثامن من کانون الأول عام 2003 قراراً بأغلبیة (90) ضد (8) وامتناع (74) عن التصویت، یطالب محکمة العدل الدولیة بتقدیم رأی استشاری بخصوص بناء إسرائیل للجدار العازل، فما کان من ممثل إسرائیل لدى الأمم المتحدة إلا أن عده “انتصاراً لإسرائیل”، وکانت حجة الاتحاد الأوروبی أن هذا القرار لا یساعد على دفع الحوار السیاسی بین الطرفین، مدعیا أفضلیة موافقتهما أولاً (بدر، 2004: 25).

وبذلک بقی الاتحاد الأوروبی ضعیفاً متفرقاً إزاء اتخاذ موقف واحد تجاه الصراع العربی الإسرائیلی، یسهم فی تحقیق هدف السلام والاستقرار الذی اشتملت علیه مبادرة برشلونة، بحیث بدت مواقفه ملتبسة لتصب بالنهایة فی مجرى الرؤیة الإسرائیلیة بما لا یرقى إلى مستوى الطموح العربی، حیث بقیت المواقف الأوروبیة بحدود الشعارات لا تحمل أی معنى سیاسی تطبیقی فعلی، بل استمرت تبعیة أوروبا فی بعض المواقف للولایات المتحدة المنحازة لإسرائیل.

  وهذا ما تمثل فی الموقف الأوروبی حیال الإنتخابات التشریعیة الفلسطینیة فی 25 کانون الثانی 2006 والتی تمخضت عن فوز “حماس” بـ (74) مقعدا وفتح بـ (45) مقعدا، لیتم قطع المساعدات الأمریکیة والأوروبیة عن السلطة الفلسطینیة وفرض عقوبات اقتصادیة، تماشیا مع موقف الحکومة الإسرائیلیة بالطلب من الولایات المتحدة والاتحاد الأوروبی الاشتراط على حماس الإعتراف رسمیا بحق إسرائیل فی الوجود ونبذ العنف قبل الاعتراف بحکومتها الفلسطینیة الجدیدة، وهو ما رفضته حماس.

یضاف إلى ذلک أن بلدان الاتحاد الأوروبی لم تکن على سیاسة موحدة تجاه الصراع العربی الإسرائیلی، بالنظر إلى مراوحتها بین الالتزام بأمن إسرائیل وبین مصالحها التقلیدیة فی العالم العربی، بالإضافة إلى تخوف دول الاتحاد الأوروبی من تعطیل مصالحها مع الولایات المتحدة وإسرائیل (نوفل، 2003: 37- 39).

مع ذلک ما یزال الموقف الأوروبی بشأن القدس، رافضاً الاعتراف بالقدس الشرقیة والغربیة عاصمة لإسرائیل ونقل السفارات إلیها، وکذلک رافض القرار الرئیس الأمریکی “دونالد ترامب” نقل السفارة الأمریکیة من تل أبیب إلى القدس واعتبارها عاصمة إسرائیل.

وبرغم أن الاتحاد الأوروبی انتهج نظریة السلام الدیمقراطی فی مبادرة برشلونة، إلا أن النظریة السیاسیة الواقعیة بقیت هی الفاعلة فی مجرى واقع العلاقات الدولیةالمحکومة بمتغیر القوة والمصلحة، أکثر مما تحکمها المبادئ والقیم المعلنة فی مبادرة برشلونة، لتحقیق السلام والاستقرار فی المنطقة.

وطالما أن الرؤیة الأورومتوسطیة ارتکزت فی بعدها الأمنی على أن التوتر فی بلدان المتوسط لابد أن تنعکس آثاره السلبیة المباشرة علی الاستقرار السیاسی لبلدان أوروبا‏، فهو بذلک یمثل‏ مفصل استراتیجی لابد أن تستثمره أوروبا فی قضیة الصراع العربی الإسرائیلی حتی یتحقق مفهوم الأمن والسلام الشامل‏، من خلال تفعیل الدور الأوروبی‏ لإلزام إسرائیل بمقررات الشرعیة الدولیة‏.‏ ولاشک أن التأثیر المتبادل بین أمن الشمال‏ وأمن الجنوب، هو الذی یمکن أن یؤدی إلی تواصل الأهمیة السیاسیة الأمنیة لعملیة برشلونة،‏ بالتخلی عن الدور المتردد الخجول فی الصراع العربی الإسرائیلی، بما ینسجم مع قضیة الإصلاح الواردة فی إعلان برشلونه ومؤتمرات الأمن والتعاون الأوروبی والتی أکدت على أن الهدف الأساسی هو تدعیم السلم والاستقرار والأمن فی منطقة المتوسط، خاصة بظهور متغیر أکثر خطورة على بنیة الأنظمة السیاسیة العربیة والخریطة الجیوسیاسیة للمنطقة، تمثل فی الربیع العربی، الذی فرض التعامل الأوروبی معه من خلال المواقف الأوروبیة .

المنظور الأوروبی للربیع العربی

تمثل الموقف الأوروبی المباشر تجاه الربیع العربی، بالإعلانین اللذین أصدرهما الممثل السامی للشؤون الخارجیة والسیاسات الأمنیة فی المفوضیة الأوروبیة: إعلان “شراکة من أجل الدیمقراطیة والازدهار المشترک” فی 8 آذار 2011، وإعلان “استجابة جدیدة لجوار متغیر” فی 25 أیار 2011، تعهد بموجبها تقدیم مزید من التمویل إلى البلدان التی عملت على إدخال إصلاحات دیمقراطیة، بینما تحصل البلدان التی تراجعت عن الإصلاحات على مساعدات أقل فأقل (Ayadi,2013).

وهنا یتبدى الإعتراف الأوروبی بأثر القصور فی تطبیق الإصلاحات، والإلتفات إلى ضرورة تفعیل مبدأ “المشروطیة”، الذی تلکأ الاتحاد الأوروبی بتطبیقه وتفعیله ما أبقى النظام العربی السیاسی محافظا على بنیته السلطویة واستمراره بعدم الاستجابة للإصلاحات السیاسیة والدیمقراطیة، بحیث لم تنجح أو لم تُفعل مشاریع الاصلاح وتجد طریقها وتأثیرها الفعلی على حیاة المجتمعات العربیة المستهدفة.

وعلیه فقد اعترف الأوروبیون بأن الاتحاد الأوروبی، وعلى الرغم من أنه وضع سیاسة متماسکة رکزت على دعم طویل المدى لتعزیز وبناء البیئة لدولة مستقرة ودیمقراطیة، إلا أن ذلک لم ترافقه نیة صادقة فی تحقیق دیمقراطیة حقیقیة فعلیة، وبالنتیجة فإن الربیع العربی غدا فرصة لاختبار الاتحاد الأوروبی وسیاساته الخارجیة.

وربما کانت الهواجس الأمنیة والمخاوف من الأصولیة الإسلامیة، هی واحدة من المعیقات أمام الشراکة، والتی بسببها أغفل الاتحاد الأوروبی طبیعة الأنظمة العربیة التسلطیة لصالح البعد الأمنی، فکان أن وجدت الأنظمة الحاکمة العربیة بمبرر محاربة الأصولیة الاسلامیة فرصة لعدم قیامها بإلإصلاحات السیاسیة التی عبر عنها إعلان برشلونة.

وفی هذا السیاق یقرر الفیلسوف الفرنسی “میشیل أونفرای” أن الغربأخطأ حینما ساند الحکام العربالمستبدین، ثم کرر الخطأ نفسه حینما ساند الجماعات المتسلطة بعد الثورة، فالربیع العربی لم یکن قفزة نحو الدیمقراطیة بل کان تحولا نحو سیطرة الدین على الحالة السیاسیة. والتدخل الغربی الذی یدعی مساندة الربیع العربی ویخفی الرغبة فی التحکم بمصیر الذین یدعی مساعدتهم سوف یسفر بالضرورة عن طبقة سیاسیة تحکم الناس بمنطق آخر، ورؤیة مغایرة لما ینتظره الغرب (بلقاسم؛ 2014: 207- 210).

فکان أن بقی الاتحاد الأوروبی حذرا من التعاون مع المعارضة الإسلامیة فی الدول العربیة قبل انتفاضات الربیع العربی، لا سیما بعد هجمات 11 أیلول، وما أدى إلى عدم رغبة الاتحاد الأوروبی بانخراط الأحزاب الإسلامیة والمنظمات التابعة فی استراتیجیته الإصلاحیة، لتلتقی هذه الرغبة مع کثیر من الأنظمة الاستبدادیة فی جنوب وشرق البحر الأبیض المتوسط ​​بناء على مخاوف الأوروبیین الأمنیة وتهدیداتها الإرهابیة (Aliboni et al, 2008: 16).

وعلى الرغم من أن العدید من الاحتجاجات فی تونس ومصر وسوریا وغیرها، قادتها الجماعات غیر المرتبطة بالأحزاب الإسلامیة، لکن فی الواقع، لوحظ أن جماعات الإسلام السیاسی کان لها دور بارز فی هذه الانتفاضات الشعبیة. وسوف تلعب دورا أکثر أهمیة فی عملیة التحول الجاریة، ذلک أنهاالجماعات الأفضل تنظیماوالتی تمکنت من البقاء على قید الحیاة فی ظل الأنظمة القمعیة (Hanelt, 2011: 5).

إن تلک الرؤیة الأوروبیة والقاصرة عن تحلیل واقع الثورات وصیرورتها، لم تتمکن من توقع الثورات فـی ظـل حالة الإحـبـاط والـعـزوف السیاسی لدى الشعوب العربیة، وجود إرهاصات ومؤشرات کانت تدلل على إمکان الانفجار فی أی لحظة. وعلى الرغم من أنه لم یکن هـنـاک تخطیط مسبق لـلـثـورة فـی تـونـس ومـصـر، بـل کـانـت تظاهرات مطلبیة، إلا أن تجاهلها خارجیا ومحلیا ومواجهتها بالعنف حولها إلى ثورات شعبیة تطالب بإسقاط الأنظمة (کعسیس-خلاصی،  2014: 225).

ویبدو أن متغیر المصالح ظلَّ المتغیر الوحید الذی طفى على سطح الرؤیة الأوروبیة، فاستمر یتحکم بالمواقف الأوروبیة، لحین تفجر الانتفاضات العربیة، وما یعنی أن لغة المصالح بقیت الأساس فی أبجدیة العلاقات الدولیة, لتتقدم المصالح الأوروبیة على ما بشرت به مبادرتها بالدیمقراطیة والحکم الرشید وقضایا حقوق الإنسان وحریته، هذه التی لم تجد طریقة تطبیقها، لیس بسبب القصور الأوروبی وحسب، بل وبسبب تقاطعها مع رؤیة النظام العربی الرسمی الذی بقی مصرا على أولویة مکاسبه ومساومة الأوروبیین على قضایا الأمن والهجرة.

       ومن هنا بدا واضحا التباین بین الرؤیتین الأوروبیة والعربیة، على المستویات الرسمیة والفکریة والمجتمعیة الثقافیة، انطلاقاً من رؤیة أن الشراکة الأوروعربیة المتوسطیة انبثقت من الطابع القیمی المعیاری الأوروبی، فکان الشریک الأوروبی بمثابة المرسل، بینما ظلَّ الشریک العربی مستقبلا له رؤیته الخاصة بالشراکة.

المنظور العربی للشراکة الأوروعربیة المتوسطیة

رکزت الرؤیة العربیة الرسمیة على تحقیق هدفها الرئیس بالاستفادة الاقتصادیة من الأسواق الأوروبیة، والحصول على المساعدات والقروض الإنمائیة لتمویل مشاریعها، إلى جانب تدفق رؤوس الأموال الأجنبیة ونقل التکنولوجیا, خاصة الأوروبیة منها, وذلک للتغلب على المشاکل الاجتماعیة وخاصة البطالة واحتواء الشباب خشیة من تلک الأنظمة على امتیازاتها، وهو ما جعل  بعض الشرکاء المتوسطیین غیر راغبین بإجراء الإصلاحات الموصى بها.

وتکشف سیاسة المساعدات الخارجیة التی ینتهجها الاتحاد الأوروبی تجاه البلدان العربیة، أن الطبیعة الاقتصادیة للعلاقة الأوروبیة العربیة ما زالت هی العامل الأقوى الذی یشکل إطار تعاونهما المستقبلی، على حساب البعد السیاسی والأمنی (أبو دلبوح، 2007: 79).

علاوة على ذلک فقد بررت الأنظمة العربیة موقفها السلبی من الاصلاحات السیاسیة والدیمقراطیة، برؤیتها التی تتلخص بعدم جاهزیة الشعوب العربیة للدیمقراطیة وصعوبة استیراد مفهوم الحکم فی الاتحاد الأوروبی إلى منطقة الشرق الأوسط، إذ نظرت إلى الدیمقراطیة وحقوق الإنسان کوسیلة للتدخل فی شؤون الدولة المجتمع.(Aliboni, 2002:7)

کما وواجهت الاصلاحات السیاسیة، على مستوى المجتمعات ومنظمات المجتمع المدنی، معضلة التفاف الحکومات العربیة علیها، بأن اختارت هذه الحکومات المشارکین من المجتمع المدنی، إذ هی لم تتقبل شراکة منظمات المجتمع المدنی فی قراراتها، فهم نخب ثقافیة أکثر من أن یکونوا ممثلین لمجتمعاتهم المحلیة، وما أعاق تحقیق النجاحات المرجوة.

ویضیف بعض المفکرین بعدا آخر انبثقت منه الرؤیة  العربیة، بتمثل بعدم قابلیة الثقافة العربیة الإسلامیة لتحقیق الدیمقراطیة والإصلاحات السیاسیة. فالحریة وقیم الدیمقراطیة تفشلها الثقافة العربیة الإسلامیة وثقافة الکراهیة التی تنشرها، وبذلک فإن العرب والمسلمین لیسوا مهیئین للدیمقراطیة (Sharansky,2004:22- 24) .

وطالما أن البنیة الاجتماعیة العربیة؛ ببعدیها القبلی والدینی، ما تزال فاعلة فی تشکیل البنیة الفوقیة للنظام السیاسی الرسمی العربی، فإن من الصعوبة بمکان الانخراط فی الاصلاحات السیاسیة والاجتماعیة والثقافیة وفق متطلبات الرؤیة اللیبرالیة السیاسیة، وبالتالی کانت البنیة والترکیبة المجتمعیة العربیة الاسلامیة؛ التحتیة والفوقیة، عائقا أمام نجاح الإصلاحات السیاسیة الدیمقراطیة التی جاءت بها مبادرة برشلونة.

وقد تفسر نظریة “صدام الحضارات” لصموئیل هنتنجتون، التباعد والتباین بین الرؤیتین؛ بتأثیر الخلفیة الثقافیة المختلفة والعقدة الثقافیة/الحضاریة المتبادلة بین الثقافتین؛ الأوروبیة والعربیة الإسلامیة، هذه الثقافة التی یراها الغرب مناهضة للدیمقراطیة، فی ضوء الصراع الحضاری التاریخی والراهن بین الثقافتین، وما یعنی أن متغیر الصراع  واحدٌ من بین أهم المعوقات الثقافیة الاجتماعیة للبعدین؛ السیاسی والثقافی للشراکة الأورومتوسطیة (هنتنجتون، 1999: 31).

   وفی ضوء الاختلاف، وربما التناقض الثقافی، فإن الغرب یرى أن العالم العربی والاسلامی غیر عقلانی وعدوانی وخطر، وفی مقابل ذلک یرى العرب أن الغرب فوقی ومتغطرس وإمبریالی، وتأسیسا على ذلک، تبدو المشارکة المتساویة مستحیلة وغیر متکافئة بکل أبعادها؛ الاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة، وفق الرؤیة التی یطرحها بعض المفکرین العرب (أبو عامود، 2004: 123).

ویرى البعض الآخر من القیادات الفکریة العربیة، أن المصالح الأوروبیة تقدمت على ما سواها، إذ عبرت المبادرة عن الطموح الأوروبی بأوروبا العظمى وحلم تعمیم انتشار الحضارة الأوروبیة، وتفکیک اللنظام الاقلیمی العربی، وتغییب وحدة الهویة العربیة- الإسلامیة لصالح التبعیة الثقافیة لأوروبا بنفی الهویة العربیة، لصالح التبشیر بهویة أوسطیة أوسع من خلال دمج أطراف غیر عربیة ضمن مشروع الشراکة الأورومتوسطیة، خاصة وأن الشراکة تتعامل مع الأطراف الشریکة بصورة منفردة وبوصفها کیانات منعزلة (أللاوندی، 2008: 86).

وعلى هذا الأساس هناک من یرى أن المبادرة تجاهلت خصوصیة المجتمعات العربیة الثقافیة والاجتماعیة، بتعبیرها عن مصالح ورؤى وأهداف الغرب وحاجاته، أکثر مما هی تُعِّبر عن حاجات طبیعیة وبرامج إصلاحیة ذاتیة خاصة بالمجتمعات العربیة، بمعنى أنها کانت إملاءات أوروبیة وحیدة الجانب (أبو حلاوة، 2004: 97- 99).

ویرى  آخرون أن الرغبة الأوروبیة اتجهت نحو الاحتفاظ بنفوذها التقلیدی فی مستعمراتها القدیمة، لصیاغة علاقة مؤسسیة جدیدة مع البلدان العربیة لأسباب جغرافیة وتاریخیة وسیاسیة واقتصادیة، باعتبار أنها تمثل باب أوروبا إلى العالم النامی (حسین، 1997: 88).

وعلیه کان لثقافة الخوف من الآخر بتأثیر التاریخ الاستعماری الأوروبی دوره فی تشکیل رؤیة عربیة ترى أن الغرب یهدف إلى الاختراق والسیطرة على الدول الأضعف، وهو ما حال دون نجاح حوار متبادل وبناء تدابیر الثقة المتبادلة (Spencer, 1998:146).

وفی سیاق ما حققته الشراکة بعد عشر سنوات من عمرها؛ خلص مشارکون یمثلون المجتمع المدنی فی مؤتمر “الشراکة الأورومتوسطیة فی عشر سنوات بین الطموحات والواقع”، الذی نظمه المنبر المدنی المصری الأورومتوسطی الذی یضم نحو (40) منظمة مجتمع مدنی مصریة، إلى أن إعلان برشلونة یحتضر الآن، ویسیر فی مسار صعب، نظراً لتجاهل الطرف الأوروبی منظمات المجتمع المدنی فی المناقشات، وقصرها فقط علی الجانب الحکومی. لذلک لم یحقق الشریک الأوروبی شیئاً یذکر فی البعد السیاسی، إضافة إلى أنه لم یتخذ موقفاً إیجابیاً، تجاه انتهاکات حقوق الإنسان الشدیدة بحق الشعب الفلسطینی، وإذا کان الشریک الأوروبی تقدم على الصعیدین الاقتصادی والأمنی، فإنه قد اختزل قضیتی مکافحة الإرهاب والهجرة غیر الشرعیة، فی البعد الأمنی.

وبینما حملت مبادرة برشلونة جملة من الطموحات والأهداف والاقتراحات، فإن متغیرات المنطقة فی أبعادها الاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة، حالت دون ترجمة الأفکار والاقتراحات إلی واقع ملموس، بحیث طفت لغة المصالح التی دفعت إلى رؤى متعارضة لم ترتق بالمبادرة إلى الآمال المتوقعة، فالأوروبیون یسعون إلى تأمین مصالحهم وأولویاتهم، بینما الأنظمة العربیة لا تأبه بمصالح الشعوب، والشعوب بدورها مستغرقة فی معاناتها الاقتصادیة وانقساماتها الثقافیة التی تحول دون التکیف مع المبادئ التی جاءت بها الشراکة، وما وضع مشروع الشراکة أمام أکثر من سیناریو مستقبلی.

فهناک من یرى ثلاثة سیناریوهات مستقبلیة للشراکة الأوروعربیة المتوسطیة؛ الأول السیناریو الخطی، أی استمرار الوضع القائم، من خلال إکمال الاتحاد الأوروبی سیاسته التکاملیة والاندماجیة وإقامة سیاسة أوروبیة مشترکة فی جمیع أبعاد الشراکة. والثانی: سیناریو التغییر الإصلاحی، الذی یتوقع منه حدوث تغیرات أکثر تفاؤلا وتطورا، بتوطید علاقات الاتحاد الأوروبی مع البلدان الشریکة والسعی لاتخاذ مبادرات فی صالحها، واقامة علاقات شراکة أکثر توازنا معها، واشراکها فی اتخاذ القرارات التی تخص المواضیع ذات المصلحة المشترکة بین الطرفین. والثالث سیناریو فک الارتباط، الذی یبتعد بأوروبا عن تفعیل دورها فی المنطقة، لتکون أکثر اهتماما بالداخل الأوروبی ومصالحه الاقتصادیة والسیاسیة والثقافیة والأمنیة، مع ذلک یبدو أن هذا السیناریو مستبعدٌ من واقع تناقضه مع منطق العلاقات الدولیة، بل ومنطق المصالح الأوروبیة فی جوارها الأوسطی، لکنه فی المقابل یطرح أولویة البناء الأوروبی الداخلی، فی ظل صعود روسیا الدولی والتنافس مع الولایات المتحدة على مناطق النفوذ، لحمایة تماسک ووحدة الاتحاد الأوروبی (نصیر، 2013: 312- 317).

وباستمرار الأوضاع الحالیة، متمثلة بالصراع العربی الإسرائیلی، والصراعات المستجدة على خلفیة ارتدادات الربیع العربی، وتنامی العقدة الحضاریة والدینیة بفعل تنامی فعالیة الحرکات الجهادیة المتطرفة، وفی مقابلها العداء للإسلام من قبل القوى لأوروبیة الیمینیة، بالإضافة إلى عدم قدرة اوروبا الانفکاک عن أمریکا وإسرائیل، تراجعت الشراکة عن مسارها فحالت دون لعب دور مؤثر دولی وفی المنطقة المتوسطیة، خاصة إذا ما فشلت الشراکة، بوضع أولویات فی صالح البلدان المتوسطیة.

الخلاصة

الشراکة الأوروعربیة المتوسطیة لم تستطع إنجاز ما بشر به فصلها السیاسی، من حیث بناء هیاکل دیمقراطیة فی بنیة النظام العربی الرسمی، لیطفو الاهتمام الأمنی بظهور متغیرات أوسطیة باتت تهدد الداخل الأوروبی، ولیتنامى التقاطع المتبادل بین الأنظمة والبلدان الأوروبیة لمواجهة مخاطر الهجرة والصراعات الإقلیمیة الأوسطیة.

ولما کان المشروع الأوروبی یعکس المقاربة الأوروبیة لبناء علاقات ثنائیة أکثر منها جماعیة، بکونه تعامل مع کل دولة على حده، فقد تجاهل الاتحاد الأوروبی عقد اتفاقات مع البلدان العربیة ککتلة واحدة من خلال الجامعة العربیة.

وطالما أن بنیة النظام الدولی السائد تشکل من أطراف سیدة وأخرى تابعة، کان من الطبیعی أن تتمیز الشراکة بحالة التبعیة والقبول بشروط الطرف القوی، الذی یرى بأولویة مصالحه التی تفرضها قوته، لا مبادئه المعلنة، وما أفرز علاقة تبعیة بین طرف قوی وطرف ضعیف، وإرادة سیاسیة أوروبیة معیارها مصالحها الاستراتیجیة الحیویة أولا.

على هذا النحو تمیزت الشراکة برؤى متقابلة، اتخذت أبعادا سیاسیة وثقافیة، طفت على سطح الشراکة لتبرز الخصوصیة الحضاریة الثقافیة، کعقدة حضاریة اختلطت بالماضی الاستعماری وثقافة الخوف من الآخر، لتبدو من بین المعوقات التی حالت دون تفعیل الفصل الثقافی والاجتماعی والإنسانی، على المستوى الحکومی والمجتمعی،لینصب الاهتمام العربی على البعد الاقتصادی بالحصول على مساعدات أکثر.

لکن حین تختلف المتغیرات الدولیة وموازین القوى التی تحکم العلاقات الدولیة، یتم حینها تتحول من علاقة التبعیة إلى علاقة الشراکة الفعلیة، التی تضمن مصالح الأطراف الشریکة بعیدا عن قاعدة الأفضلیة.

المراجع

  • أبو حلاوة، کریم،2004، الموقف العربی من المبادرات الأوروبیة والأمریکیة: ملاحظات نقدیة، مجلة دراسات استرایجیة، السنة الرابعة، العدد 12- 13، صیف- خریف 2004، مرکز الدراسات والبحوث الاستراتیجیة- جامعة دمشق.
  • أبو دلبوح، ولید، 2007، الشراکة الأورو-متوسطیة: دراسة حالة دور المساعدات المالیة فی تقویة التنمیة السیاسیة، ندوة الشراکة الأوروبیة المتوسطیة: من برشلونة إلى سیاسة الجوار الأوروبی من الفترة ما بین 3 و5 آذار 2006، مرکز الأردن الجدید للدراسات، عمان.

أبو عامود، محمد سعد، 2004، العلاقات العربیة –الأوروبیة: رؤیة مستقبلیة، مجلة السیاسة الدولیة، العدد 157، السنة 40، مؤسسة الأهرام، القاهرة.

بدر، رفعت میشیـل، 2004، مقومات السیاسة الأوروبیـة فی ظل النظام العالمی وتأثیرها على القضایـا الدولیـة، بحث غیر منشـور، جامعة مؤتـة، الأردن.

بلقاسم، عیسانی، 2014، ربیع العرب ورؤیة الأنثروبولوجیة الوحشیة، التقریر العربی السابع للتنمیة الثقافیة، مؤسسة الفکر العربی، بیروت.

تقریر اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة الأوروبیة فی منطقة البحر المتوسط- REX/222، 6/9/2006، اللجنة الاقتصادیة والاجتماعیة الأوروبیة، بروکسل.

حسین،السیدعدنان، 1997، التکاملالعربیوالتعاونالمتوسطیالمحدداتوالأبعاد، مجلةالمستقبلالعربی،  العدد 244، مرکزدراساتالوحدة العربیة، بیروت.

خضر،بشارة، 2003،أوروباوفلسطین، مرکزدراساتالوحدةالعربیة،بیروت.

زکاوی، نبیل، 2016، جیوسیاسیةالهجرةالسریةبحوضالبحرالأبیضالمتوسط:أبعادالظاهرةوخلفیاتالاقترابالأوروبی، مجلة سیاسات عربیة، العدد 19، آذار 2016.

صارم، سمیر، 2000، أوروبا والعرب: من الحوار إلى الشراکة، دار الفکر المعاصر/بیروت ودار الفکر/دمشق.

  • علی، مدین، 2004، التحولات العالمیة والنظریة السیاسیة المعاصرة، مجلة دراسات استرایجیة، السنة الرابعة، العدد 12- 13، صیف- خریف 2004، مرکز الدراسات والبحوث الاستراتیجیة- جامعة دمشق.
  • فاینفیلد، فیرنر ویوزیف یاننج وسفن بیریند، 1998، التحولات فی الشرق الأوسط وشمال أفریقیا: التحدیات والاحتمالات أمام أوروبا وشرکائها، دراسات عالمیة، العدد 17، مرکز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتیجیة.

کعسیس- خلاصی، خلیدة، 2014، الربیع العربی بین الثورة والفوضى، المستقبل العرب، السنة 36، العدد 421، آذار 2014، الصفحات من 220- 234.

اللاوندی، سعید، 2008، قضایا الحوار والجوار بین أوروبا والعرب: الاتحاد من أجل المتوسط نموذجا، مجلة شؤون عربیة، العدد 135، الأمانة العامة لجامعة الدول العربیة، القاهرة.

مبیضین، مخلد، 2007، محددات الساسات الأوروبیة تجاه عملیة التسویة، مجلة المنارة، المجلد 13، العدد 4، جامعة مؤتة/الأردن.

مقلد، إسماعیلصبری، 1982،نظریاتالسیاسةالدولیة:دراسةتحلیلیةمقارنة،الطبعةالأولى،الکویت.

نصیر، العرباوی، 2013، مستقبل الشراکة الأورومتوسطیة، مجلة الآداب والعلوم الاجتماعیة، العدد 17، جامعة سطیف-الجزائر.

  • نوفل، أحمد سعید، توجهات الاتحاد الأوروبی نحو القضیة الفلسطینیة وعملیة السلام، مجلة دراسات شرق أوسطیة، عدد 25، 2003.

Spencer, Claire,1998, Rethinking or Reorienting Europe’s Mediterranean Security Focus?  In Parks, William, and G.  Wynn Rees  (eds.), Rethinking Security in Post-Cold War Europe, and London: Addison Wesley Longman Ltd.

هنتنجتون، صموئیل، 1999، صدام الحضارات وإعادة بناء النظام العالمی، ترجمة: مالک عبید أبو شهیوة ومحمود محمد خلف، الدار الجماهیریة للنشر والتوزیع والإعلان، مصراته- لیبیا.

Aliboni, Roberto, 2002, Security and Common Ground in the Euro-Med Partnership. EuroMeSCo Papers, Paper 17, Working Group 1. (1998). Confidence Building, Conflict Prevention and Arms Control in the Euro-Mediterranean Partnership. Perceptions- Journal of International Affairs, vol.2, no.4.

Aliboni, R., A. Driss, T. Schumacher & Alfred Tovias, 2008, Putting the Mediterranean Union in Perspective (Euromesco Paper no. 68). Barcelona: Euromesco.

Ayadi, Rym, and Salim Gadi, The Euro-Mediterranean Partnership and Development Assistance: Past Trends and Future Scenarios, MEDPRO Technical Report No. 32 / April 2013.

http://www.medproforesight.eu/fr/system/files/MEDPRO%20TR%20No%2032%20WP9%20Ayadi_0.pdf

Eylemer, S. & S. Semsit, 2007, Migration security nexus in the Euro-Mediterranean relations, Perceptions: Journal of International Affairs, 7,.

Gready, Faul, and Jonathan Ensor, 2005, Reinventing Development: Translating Rights-Based Approaches from Theory into Practice, Zed Books, London, U.K.

Hanelt, C. & Mőller, A., 2011, How the European Union can support change in North Africa (Spotlight Europe 2011/01). Gütersloh: Bertelsmann Stiftung.

Ilgaz, Deniz, The Euro-Mediterranean Partnership and the EU Neighbourhood Policy: Poverty Policy Strategies and Priorities in the Mediterranean.    web.boun.edu.tr/deniz.ilgaz/word/euro-poverty1.doc

Rettman, A., 2011) ‘Europol: Arab Spring poses terrorist threat to EU’, EU Observer, 19 April 2011. Web. 7 Oct 2011.

http://euobserver.com/892/32209

Richard, 18 May 2015, 20 Years of the Euro-Mediterranean Partnership, Carnegie Europe.

http://carnegieeurope.eu/2015/05/18/20-years-of-euro-mediterranean-partnership-pub-60337

Sharansky, Natan with Ron Dermer, 2004, The Case for Democracy: The Power of Freedom to Over- come Tyranny and Terror, New York: Public Affairs.

Suel, Aslı, 2008, From The Euro-Mediterranean Partnership to The Union For The Mediterranean

http://sam.gov.tr/wp-content/uploads/2012/02/AsliSuel.pdfYoungs,

Youngs, Richard, 18 May 2015, 20 Years of the Euro-Mediterranean Partnership, Carnegie Europe.

http://carnegieeurope.eu/2015/05/18/20-years-of-euro-mediterranean-partnership-pub-60337

مواقع الکترونیة

European Commission External Relations, Euro-Mediterranean Partnership /Barcelona Process , European Union Commission website, at

http://ec.europa.eu/external_relations/euromed/index.htm.

The Euro-Mediterranean Partnership – Success or Failure? Richard Youngs and Traugott Schoefthaler,

https://www.unesco.de/fileadmin/medien/Dokumente/Bibliothek/adventures/adventures_sec_7.pdf

www.dw.com/ar/a-37399637

http://www.bbc.com/arabic/middleeast-42291271

Euro-Mediterranean relations and the Arab Spring

http://aei.pitt.edu/33653/1/BB006-ArabSpring-VKnoops.pdf

https://djoj84p4hjtri.cloudfront.net/article2.aspx?ArticleID=27393&IssueID=389

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى