دراسات سياسيةمذكرات وأطروحات

السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية

مذكرة مكمّلة لنيل شهادة الماستر في القانون العام الداخلي تحت عنوان: السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية

إعداد الطالب: زعـفـري مـراد

خــطّـة الـبـحـث

*مـقـدّمـة.                                                

*الفصل الأوّل: الإطار العام للسلطة السياسية بين الفكر الإسلامي والفكر الديمقراطي.

ـ المبحث الأوّل: مراحل تطوّر السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية.

ـ المبحث الثاني: الأسس الدستورية للنظام السياسي بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية.

ـ المبحث الثالث: مفهوم مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية.

*الفصل الثاني: الآليات القانونية لتنظيم السلطة السياسية بين مبدأ الشورى  ومبدأ الديمقراطية.

ـ المبحث الأوّل: السلطة التشريعية بين النظام السياسي الإسلامي والنظام الديمقراطي.

ـ المبحث الثاني: السلطة التنفيذية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

ـ المبحث الثالث: السلطة القضائية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

*خــاتــمـة.

مُـــقَـــدّمَـــة

تعتبر السلطة السياسية أحد العناصر المهمّة الداخلة في تكوين مفهوم الدولة الحديثة. وبالرّغم من تعدّد الأراء والتعريفات التي تطرّقت لمفهوم السلطة السياسية، إلاّ أنّه يمكن القول بأنّ جميع تلك التعريفات والمفاهيم تنصبّ على جوهر واحد، وهو القدرة على حق ممارسة مجموعة من الصلاحيات السياسية داخل الدولة.

من هذا المنطلق يتضح دور وأهمّية السلطة السياسية في الأنظمة السياسية المقارنة على مختلف توجهاتها ومذاهبها الفكرية والفلسفية، وهو الأمر الذي يجعل من مثل هذه السلطة حالة ضرورية في جميع المجتمعات الإنسانية.

وممّا لا شك فيه أنّ السلطة السياسية لا تكون مشروعة ـ أو على الأقل لا تكون معبِّرة عن إرادة الأمّة ـ ما لم تكن منبثقة عن إرادة هذه الأخيرة، وهو ما يكاد يُجمع عليه الكثيرون من أصحاب الرّأي ، لكنّه مع ذالك تبقى السلطة السياسية تعكس الأساس أو الفلسفة السياسية التي تستند إليها هذه السلطة، و من هنا فإنّ مظاهرها تتلوّن وتتعدّد بتعدّد الأسس والنظريات الفلسفية السياسية التي تترك أثرها على طبيعة النظام السياسي القائم.

وما تجدر الإشارة إليه في هذا المقام هو أنّه بالرّغم من تعدّد مظاهر ممارسة السلطة السياسية في أنظمة الحكم السياسي، إلاّ أنّ الجميع يرى أنّ إرادة الأمّة تلعب دورا محوريا في إختيار نظام الحكم السياسي الذي يلاءم قيّمها و ثوابتها وهويّتها الوطنية، وهذا الأمر لا يشذُّ عنه النظام السياسي الإسلامي أيضا.

وإذا كان الفكر السياسي الغربي إعتمد في إضفاء الشرعية على السلطة السياسية من خلال إستناده على مبدأ الديمقراطية، فإنّ الفكر السياسي الإسلامي لم يغفل حق الأمّة في إضفاء مثل هذه الشرعية ولكن من خلال مبدأ الشورى.

كما يمكن القول بأنّه كما أنّ هناك صور وأساليب متعدّدة تُمَارَسُ من خلالها الحالة الديمقراطية ، فإنّه بالمقابل يمكن أن تتعدّد الأساليب في تطبيق مبدأ الشورى بما يتلاءم مع طبيعة النظام السياسي القائم، مع عدم الإخلال بحق الأمّة في الإختيارالذييُمَكِّنُهَا من رسم معالم السلطة السياسية التي تراها مؤهلة لحماية حقوقها ومصالحها الوطنية و القومية.

وممّا لا شكّ فيه أنّ هذه النظرة أصبحت النموذج الأمثل في العصر الحديث الذي يكاد ينعقد عليهاالإجماع، وبقدر ما تحققه السلطة السياسية من أهداف في ظلّ إرادة الأمّة، بقدر ما تكون سلطة ديمقراطية، طبعا مع أخذ ثوابت الأمّة وخصوصياتها بعين الإعتبار.

إنّ مبدأ الديمقراطية في الغرب بالرّغم من تحقيقه للكثير من الإيجابيات التي لا يمكن  الإستهانة بها ولا إنكارها، إلاّ أنّ توظيفه بالمفهوم اللّيبرالي الغربي أدّى إلى وجود إنحطاط أخلاقي وروحي رهيب في أوساط المجتمعات الغربية، ممّا جعل هناك عدم توازن بين الحرّية الفردية التي يقدّسها الغرب اللّيبرالي وبين الأخلاق الفطرية الإنسانية، ولعلّ قيام بعض الدول الغربية  بسنّ قوانين الزواج المثلي بإسم الحرّية الفردية يُعَدّ أكبر شاهد على هذا الإنحطاط الرّهيب الذي سيؤدّي عاجلا أم آجلا إلى دخول الغرب في حالة صدام مجتمعي، ذالك أنّ الحرّية تقتل الحرّية، وأنّ هذه الحرّية ما لم تكن محاطة بضوابط الأخلاق الفطرية الإنسانية فإنّها ستأتي بنتائج عكسية. وممّا لا شك فيه أنّ في الغرب اللّيبرالي أناس – ومنهم مفكرون ومثقفون – لا زالوا محافظين على فطرتهم الإنسانية.

أمّا في ظلّ مبدأ الشورى فإنّ الأمّة تمارس حرّيتها وإختياراتها في إطار المبادئ الإسلامية التي تُحَصِنُهَا من الوقوع في براثن الإنحطاط الأخلاقي والرّوحي، فضلا عن ذلك فإنّ مبدأ الشورى يعطي الأولوية لإختيار الأفضل ضمن شروط شرعية محدّدة.

وهنا لا بدّ من التنويه إلى أنّ القصور الذي قد نراه حاصلا في بعض الدول التي تتبنى هذا المبدأ إنّما منشأه إساءة تطبيقه في الحياة السياسية، وليس منشأه المبدأ بحدّ ذاته. فقد يكون تطبيق المبدأ ناجحا في دولة ما لأنّها أحسنت فهمه، بينما قد يكون تطبيقه فاشلا في دولة أخرى لأنها أساءت فهمه و توظيفه.

من هذا المنطلق لابدّ من النظر إلى مبدأ الشورى من زاوية مدى حمايته لحقوق ومصالح الأمّة، لا من زاوية مدى حمايته لمصالح رجال السلطة السياسية. ولعلّه من خلال ما تقدّم يتضح للقارئ الكريم مدى الأهمّية التي يتضمّنها موضوع الدراسة.

1- أهمّية الموضوع:

أ– لا شكّ أنّ النموذج الديمقراطي الغربي قد نجح إلى حدٍّ ما في الغرب اللّيبرالي، لكنّه فشل فشلا ذريعا في البلاد العربية والإسلامية، والشاهد على ذلك الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي الذي تعيشه هذه البلدان، ولعلّ مردّ ذالك هو عدم مراعاة الأنظمة السياسية لهذه البلدان خصوصيات وثوابت المجتمعات العربية و الإسلامية، ممّا أدّى إلى ضياع الإستقلال السياسي لهذه البلدان والدخول في نفق التبعية الغربية المطلقة، حتى ولو كان ذالك على حساب قيّم وخصوصيات ومبادئ و مصالح شعوبها، كلّ ذلك مع وجود تراث فكري إسلامي هائل تزخر به الحضارة الإسلامية.

ب– تقوم إرادة الأمّة بدورٍ بارزٍ في منح الشرعية للسلطة السياسية، ذالك أنّ هذه الأخيرة ليست سوى تجسيد مؤسساتي لإرادة الأمّة، وسواء كانت هذه الإرادة مستندة  إلى أساس مبدأ الشورى أو مبدأ الديمقراطية فإنّ النتيجة هي تَمَتُعُ السلطة السياسية بالشرعية، مع الأخذ بعين الإعتبار بأنّ شكل هذه السلطة في هذه الحالة سوف يُراعي خصوصيات وقيّم وثوابت الأمّة، ممّا يجعل السلطة السياسية منسجمة بحق مع إرادة الأمّة دون التعدّي عليها.

ج– يعتبر حرمان الأمّة من إختيار شكل السلطة السياسية التي تعبّر عن إرادتها بمثابة مقدّمة أولية لقتل إبداعات وكفاءات الأمّة، وتعطيل طاقاتها الفكرية وتشجيع للأميّة الفكرية والتي تكاد اليوم تكون متفشية في أغلب دول العالم الثالث.

مع العلم أنّ إختيار الأمّة يختلف أثره من حيث المبدأ الذي يعتمد عليه هذا الإختيار، فممّا لا شك فيه أنّ أثر هذا الإختيار على أساس مبدأ الشورى يختلف عنه على أساس مبدأ الديمقراطية ، وهذا أمر مهمّ جِدًّا، لأنّه هو الذي يحدّد شكل السلطة السياسية فيما بعد.

د– إنّ إعطاء الحرّية للأمّة في إختيار شكل سلطتها السياسية هو حق من الحقوق السياسية الأولية التي لا غنى عنها لأي أمّة تعشق الحرّية وتبغض العبودية، وبقدر ما تكون الأمّة مُدافعة عن هذا الحق بقدر ما تكون أمّة متحرّرة وواعية و مدركة لأهمّية هذا الحق، وإلاّ فإنّ مَثَلَهَا سيكون كمثل الدوابّ والأنعام، ممّا يجعل حالها بين الأمم بلا قدر ولا قيمة، سواء من الناحية السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية أو الثقافية أو الفكرية بل وحتى الرياضية، وهو ما نشاهده ونلمسه اليوم على أرض الواقع في ما يسمى بدول العالم الثالث.

2- إشكالية البحث:

لا شك أنّ تأثير مبدأ الشورى على كيفية ممارسة السلطة السياسية في الدولة له مميّزاته الخاصة التي تجعله متميّزا عن تأثير مبدأ الديمقراطية، من هنا يمكن تلخيص إشكالية الدراسة في السؤال التالي وهو: هل يمكن للسلطة السياسية في النظام الإسلامي القائم على مبدأ الشورى أن تستفيد من الآليات القانونية لممارسة السلطة السياسية في النظام الديمقراطي القائم على أساس مبدأ الديمقراطية؟

ويتضمّن هذا التساؤل بعض الأسئلة الفرعية أهمّها:

أ– هل هناك علاقة بين مبدأ الشورى كمبدأ سياسي في أدبيات الحكم الإسلامي وبين مبدأ الديمقراطية بالمفهوم اللّيبرالي الغربي؟

ب– ما مدى التمايز الحاصل بين آليات ممارسة السلطة السياسية في النظام الإسلامي، وبين آليات ممارستها  في ظلّ النظام الديمقراطي الغربي؟

3- الدراسات السابقة:

من الدراسات التي تعرّضت لموضوع بحثنا، الدراسات التالية:

أ– كتاب [ الديمقراطيــــة في الإسلام ] لعباس محمود العقاد، دار المعارف، مصر، دون سنة الطبع.

بعد أن يتطرّق الكاتب في هذه الدراسة إلى ماهية الديمقراطية، وبعد أن يذكر مجموعة من الصور المجملة عن الديمقراطية في الإسلام، يتوصل إلى أنّ الديمقراطية في الإسلام هي ديمقراطية خاصة، لأنّها تخالف الديمقراطيات الأخرى في نشأتها وغايتها، وتتسع بأصول الحكم حيث تخرج من الصبغة المحلّية إلى الصبغة الإنسانية بل الكونية. ومن هنا فهو يُطلق عليها إسم الديمقراطية الإنسانية، التي يرى أَنّ شريعة الإسلام كانت أسبق الشرائع إلى تقريرها، فهي ليست حِيلة من حِيّل الحكم لإتقاء شرّ، ولا هي إجراء من إجراءات التدبير تعمد إليها الحكومات لتيسير الطاعة، بل هي ديمقراطية يكسبها الإنسان لأنّها حق له يخوّله أن يختار حكومته، وبالتالي فهي ديمقراطية متميّزة بخصائصها ومقوِماتها ومصدرها عن غيرها من صور الديمقراطية.

ب– كتاب [ الإسلام والديمقراطية ] لفهمي هويدي، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى، 1993م.

بدأ الكاتب في دراسته هذه بطرح سؤال حول الموضوع مفاده: لماذا نقول إنّه لابدّ لنا من الإسلام والديمقراطية مَعًا؟

وإذا إتفقنا على ضرورتهما مَعًا، فهل الجمع بينهما ممكن حقا؟

للإجابة عن هذا الإشكال تعرّض الكاتب إلى محاولة معالجة إشكالية الآخر، من خلال التطرّق إلى مناقشة وتحليل ما أسماه بآيات السيف في القرآن الكريم، وكذلك إلى الموروث التاريخي الإسلامي، ثمّ تطرّق بعد ذالك إلى ذِكر ما أسماه الأعمدة السبعة للنظام الإسلامي شَارِحًا لكيفية ممارسة الأمّة لولايتها، ليصل إلى أنّ الديمقراطية هي أفضل صيغة إبتكرها العقل الإنساني حتى الآن للإدارة السياسية للمجتمع، كما يرى الكاتب في مصطلح الديمقراطية مصطلحا موازيا لمبدأ الشورى في الإسلام أو ترجمة معاصرة له، لكنّه في نفس الوقت يؤكّد بأنّ الديمقراطية التي يقبلها في نظره هي تلك التي لا تحلّل حراما ولا تحرّم حلالا.

من هنا حاول الكاتب أن يثبت بأنّ الجمع بين الإسلام والديمقراطية هو من قبيل المعلوم بالضرورة في أمور الدنيا، وأنّ المصالحة بينهما إن لم تكن قائمة فعلينا أن نخترعها بأيّ شكل كان تأمينا للحاضر والمستقبل، مقرّرا أنّه لن تقوم لنا قائمة بغير الإسلام ولن يستقيم لنا حال بغير الديمقراطية، وأنّ طرح فكرة إمّا الإسلاموإمّا الديمقراطية هي فكرة خاطئة.

ج– كتاب [ الديمقراطية بين العلمانية والإسلام ] لعبد الرزّاق عيد ومحمّد عبد الجبار، دار الفكر، دمشق، سوريا، الطبعة الأولى، 1999م.

يتعرّض الكتاب في بدايته إلى أزمة الدولة والمجتمع في العالم العربي والإسلامي، حيث ربط هذه الأزمة بأمرَيْنِ مهمَّيْنِ هما:

– التناقض مع الهويّة التاريخيّة الإسلاميّة لِمجتمعات الدوّل.

– وفقدان الشرعيّة السياسيّة.

ثم يؤكّد الكتاب على ضرورة الخيار الحضاري الإسلامي لكنّه يشترط لأجل القيام بمثل هذا المشروع الحضاري شرطَيْنِ أساسِيَيْنِ هما:

– إستغلال الإمكانيات الحضارية التي يختزنها الإسلام بإعتباره مشروعا حضاريا في المقام الأول، والتي يمكن أن تقوم بدور كبير في تسريع عملية النهوض الحضاري إذا تمّ توظيفها بشكل سليم.

– وإستغلال العلاقة التاريخية بين الإسلام وبين المجتمعات القائمة في العالم العربي والإسلامي، والتي صارت تشكل جزءا أساسيا من الهوّية الثقافية لهذه المجتمعات ، وهذه الحقيقة تؤثر إيجابيا على مشروع النهضة والتغيّير إذا روعيت وإِسْتُثْمِرَتْ في هذا المشروع، لكنّها يمكن أن تكون عقبة إذا تمّ تجاهلها أو التناقض معها.

ولأجل النهوض الحضاري يتعرّض الكتاب إلى الخيار الديمقراطي كضرورة إجرائية من أجل هذا النهوض، حيث يتطلّب هذا الأخير حياة سياسية سليمة ومشاركة واسعة من قِبل المواطنين وإلى مؤسسات مستقرّة.

من هنا طرح الكتاب الإشكال التالي، والذي مفاده:

إنّ الإسلام يعبّر عن مناخ حضاري وثقافي معيّن، وإنّ الديمقراطية تعبّر عن مناخ حضاري مخالف، فكيف يمكن الجمع بينهما؟

من أجل معالجة هذه المسألة يرى الكتاب أنّه من الممكن إنسجام الآلية الديمقراطية في المجال الحضاري الإسلامي من خلال المداخل التالية:

– التعامل مع الآليات الديمقراطية بوصفها آليات محايّدة لا تستبطن أيّ فلسفة مذهبية أو عقائدية.

– الإستناد إلى مشروعية الإنفتاح الحضاري على الثقافات الأخرى والتفاعل معها على قاعدة مرجعية القرآن المركزية في رفض أو قبول المفاهيم والآليات المستجدّة، وقد تبيّن أنّ الإسلام لا يرفض هذه المستجدات لمجرّد أنّها جديدة أو قادمة من خارج الحدود الثقافية للإسلام.

– ربط الآليات الديمقراطية بمفاهيم إسلامية مركزية ذات دلالات سياسية، مثل مفهوم الخلافة الرّبانية الذي يعطي الجماعة البشرية حق حكم نفسها بنفسها، ومفهوم حرّية الإنسان في تقرير مصيره… إلخ.

– إيجاد رابطة إجرائية بين الشورى الإسلامية التي لم يحدّد الإسلام شكلها وطريقتها وأسلوب تنفيذها، وبين الآليات الديمقراطية بإعتبارها أدوات ووسائل ممكنة وجائزة لتطبيق الشورى في حياة الناس عامّة والمسلمين خاصة .

4- أسباب إختيار الموضوع:

أ– إنّ وجود حالة الإلتباس والغموض عند البعض بالنسبة إلى مدى إرتباط مبدأ الشورى بمبدأ الديمقراطية من الأمور التي حفّزتني للبحث بشكل علمي وموضوعي من أجل الوصول إلى نتيجة علمية منطقية نستطيع من خلالها الحكم على طبيعة هذه العلاقة.

ب– لقد ذهب بعض المفكرين والكُتّاب سواء ممّن كانوا محسوبين على الفكر اللّيبرالي الغربي أو المحسوبين على الفكر الإسلامي – خاصّة منهم أتباع التيار السلفي الوهابي – إلى رسم صورة مفادها أنّ النظرية السياسية الإسلامية هي نظرية مناقضة تماما لمبدأ الديمقراطية، ومن ثَمّ فلا يمكن إستفادة أحدهما من الآخر،بل ذهبوا بعيدا حينما حكموا بكفر من يتبنى المفهوم الديمقراطي بإعتباره مفهوما مخالفا لأصول الإسلام حسب زعمهم، ولأنّ خطورة التكفير في المجتمع الإسلامي لها أثار وخيمة لا يُحْمَدُ عقباها ، وهو ما نشاهده اليوم في ديار المسلمين لا لشيء إلاّ لوجود أراء متعدّدة ومختلفة في مسائل فكرية معيّنة لا تمس بجوهر الدّين الإسلامي، ومنها مسألة الديمقراطية.                                       من هنا إرتأيتُ أَنْ أَبْسِط القول في هذا الموضوع عسى ولعلّ أَنْ يكون بذرة خير لتأليف قلوب أفراد الأمّة الإسلامية .

ج– لا شك أنّ التغيّير لا يأتي من فراغ، قال تعالى:{ إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم[1] }.  وأنّ هذا التغيّير لا يمكن أن يحصل إلاّ من خلال إيجاد مفاهيم جديدة تتوافق وتطور العصر الحديث، دون أن تكون مناقضة لأصول وثوابت الدّين الإسلامي.

من هذا المنطلق إرتأيتُ أن أتطرّق إلى مصطلح الديمقراطية في المفهوم اللّيبرالي الغربي ومقارنته بمصطلح الشورى في الفكر الإسلامي.

وعلى هذا إذا وجدنا أَنّ مبدأ الديمقراطية يستطيع أَنْ يُزَوِّدَنَا بآليات قانونية تجعل من السلطة السياسية في الدولة سلطة ناجحة في أدائها السياسي وعلاقاتها مع المجتمع، فإنّ هذا لا يمنع من الأخذ بمثل هذه        الآليات، طبعا كل ذلك في إطار قيّم وثوابت الأمّة النابعة من دينها وهويّتها الإسلامية.

5- منهج البحث:

نظرا لطبيعة موضوع الدراسة الذي يقوم على المقارنة التي تحتِّم علينا ذكر بعض الوقائع التاريخية التي تدخل في صلب موضوع الدراسة، فقد إعتمدتُ في دراستي هذه على منهج المقارنة، مع الإعتماد أيضا على المنهج التاريخي والتحليلي، وهو ما دفعني إلى إيراد مجموعة من الآراء الفكرية والنظريات السياسية والأحداث التاريخية المتعلّقة بالموضوع، ومحاولة تحليلها والنظر فيها وربطها بموضوع الدراسة.

6- خطة البحث:

بما أنّ موضوع الدراسة يتناول أمورًا تُعَدُّ دراستها ذو أولوية، مقارنة مع أمور أخرى مرتبطة بالدراسة، فقد إرتأيتُ التطرّق إلى إعطاء صورة مجملة عن ماهية السلطة السياسية في مقدّمة الدراسة، مع التعرّض إلى المسائل ذات الأولوية في معرض البحث.

من هذا المنطلق جاء تناولي لموضوع [ السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية – دراسة مقارنة – ] على أساس فَصليْن وسِتّ مباحث.

– يشتمل الفصل الأوّل الذي خصصته للإطار العام للسلطة السياسية بين الفكر الإسلامي والفكر الديمقراطي على ثلاث مباحث:

تعرّضتُ في المبحث الأوّل منه إلى مراحل تطور السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية وذلك من خلال ثلاث مطالب ، تطرّقت في الأوّل منها إلى التطور التاريخي للسلطة السياسية في الإسلام، ثمّ تعرّضت في المطلب الثاني إلى التطوّر التاريخي للسلطة السياسية في الفكر الديمقراطي ، وأمّا المطلب الثالث فتعرّضت فيه إلى مقارنة للسلطة السياسية بين الفكر الإسلامي والفكر الديمقراطي من حيث الوقائع والأحداث التاريخية.

أمّا المبحث الثاني فتعرّضت فيه إلى الأسس الدستورية للنظام السياسي بين مبدأ الشورى و مبدأ الديمقراطية، وذلك من خلال ثلاث مطالب أيضا، تطرّقت في الأوّل منها إلى الأسس الدستورية للنظام الإسلامي، بينما تناولت في المطلب الثاني الأسس الدستورية للنظام  الديمقراطي، ثم ذكرت في المطلب الثالث مقارنة الأسس الدستورية بين النظام الإسلامي والنّظام الديمقراطي.

و أمّا المبحث الثالث فتناولتُ فيه مفهوم مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية، تعرّضت في المطلب الأول منه إلى مبدأ الشورى في الفكر الإسلامي، ثمّ تطرّقت في المطلب الثاني إلى مبدأ الديمقراطية في الفكر الغربي، وأمّا المطلب الثالث فعقدتُ فيه مقارنة بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية.

– أمّا الفصل الثاني فخصّصته لدراسة الآليات القانونية لتنظيم السلطة السياسية بين مبدأ الشورى ومبدأ الديمقراطية، ويشتمل على ثلاث مباحث أيضا:

تعرّضت في المبحث الأوّل منه إلى السلطة التشريعية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي من خلال ثلاث مطالب، تطرّقتُ في الأوّل منها إلى السلطة التشريعية في النظام الإسلامي،، ثمّ تناولت في المطلب الثاني السلطة التشريعية في النظام الديمقراطي، وختمته بالمطلب الثالث من خلال مقارنة السلطة التشريعية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

أمّا المبحث الثاني فقد تناولتُ فيه السلطة التنفيذية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي وذلك من خلال ثلاث مطالب، تطرّقت في المطلب الأوّل منها إلى السلطة التنفيذية في النظام الإسلامي، ثمّ تناولت في المطلب الثاني السلطة التنفيذية في النظام الديمقراطي، ثمّ خصّصتُ المطلب الثالث لمقارنة السلطة التنفيذية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

وأمّا المبحث الثالث فتناولتُ فيه السلطة القضائية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي من خلال ثلاث مطالب، تطرّقتُ في المطلب الأوّل منها إلى السلطة القضائية في النظام الإسلامي، ثمّ تعرّضتُ في المطلب الثاني إلى السلطة القضائية في النظام الديمقراطي، وخصّصتُ المطلب الثالث لعقد مقارنة للسلطة القضائية بين النظام الإسلامي والنظام الديمقراطي.

تحميل المذكرة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى