القاموس الاقتصاديدراسات اقتصادية

السوق العربية المشتركة – Arab Common Market

تتسم العلاقات الاقتصادية الدولية في وقتنا الحالي بالترابط والتشابك لدرجة كبيرة حيث تسعى معظم دول العالم متقدمة كانت أو نامية إلى تكوين تكتلات وتجمعات اقتصادية سواء كان ذلك في إطار ثنائي أو متعدد. وعلى صعيد الدول العربية وفي سياق سعيها لمواكبة التطورات الحاصلة في العالم بغية تحقيق تنميتها الاقتصادية ومسايرتها لمجريات التغير السريع في الاقتصاد العالمي، عمدت إلى توقيع  اتفاقيات التعاون والشراكة مع مختلف التكتلات الاقتصادية، بالإضافة إلى فتح أسواق مشتركة أو مناطق تجارة حُرَّة، والتي كان أهمها فتح السوق العربية المشتركة، و هذا ما سنتطرق له في هذا المقال.

تاريخ نشأة السوق العربية المشتركة:

سبق ظهور السوق العربية المشتركة مراحل عدة تمثلت في:

  1. جامعة الدول العربية:بدأت المطالب الشعبية تتزايد لتحقيق وحدة عربية أو اتحاد عربي بعد الاستقلال المنفرد للأقطار العربية.

    و في عام 25 سبتمبر / أيلول 1944 عُقد مؤتمر للدول العربية حضره ممثلون عن مصر ولبنان وسوريا والأردن والعراق وأرسلت كل من السعودية واليمن والمغرب وليبيا وفلسطين مراقبين عنها و خرج هذا المؤتمر بما يدعى ببروتوكول الإسكندرية بتاريخ 7 أكتوبر / تشرين الأول 1944، والذي تضمن مبادئ وحدة العمل العربي المشترك وتم التوقيع عليه من قبل كلاً من سوريا والأردن والعراق ولبنان ومصر، ثم توالت الانضمام للجامعة العربية حتى أصبحت 22 دولة حالياً.

  2. المجلس الاقتصادي العربي:بعد أن اتضح لمعظم الدول الأعضاء في الجامعة العربية أنَّ اللجنة الاقتصادية ـ المالية المنبثقة عنها، ليست قادرة على القيام بالأعمال المنوطة بها، ورأت، بعد نشأة الكيان الصهيوني، أنَّ مصالحها باتت مهددة، أدركت أنَّ في توثيق عُرى التعاون الاقتصادي فيما بينها الوسيلة الفضلى للدفاع عن مصالحها وأهدافها، قامت بإبرام معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام 1950، ونصّت المادة الثامنة على إنشاء المجلس الاقتصادي العربي. ويتكون هذا المجلس من وزراء المال والاقتصاد العرب أو من يمثلهم عند الضرورة. لينفصل هذا المجلس فيما بعد عن المعاهدة الأم التي انبثق منها (معاهدة الدفاع المشترك والتعاون الاقتصادي عام 1950)، وذلك لإتاحة الفرصة أمام الدول التي لا ترغب بتوقيع اتفاقية الدفاع أن تكون عضواً في هذا المجلس، وهكذا شملت عضويته الدول العربية كلها. وقد باشر المجلس أعماله في كانون الأول سنة 1953. ولغاية سنة 1998 كان قد عقد أكثر من 62 دورة. وفي سنة 1978 تم تطوير هذا المجلس بحيث أصبحت صلاحياته أوسع في إلزامية القرارات وعدِّل اسمه فأصبح المجلس الاقتصادي والاجتماعي.
  3. اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية:
    أعد هذا المشروع في إطار الجامعة العربية بإشراف اللجنة السياسية التابعة لها وذلك بتاريخ 1956/5/22 في دمشق. وأوصت هذه اللجنة الحكومات العربية بتأليف لجنة من الخبراء العرب تتولى إعداد مشروع كامل للوحدة الاقتصادية والخطوات التي يجب أن تتبع لتحقيقها. وقد اجتمعت لجنة الخبراء في بحمدون بلبنان بتاريخ 1956/8/6 واعدت مشروع (اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية) وآليات تحقيقه. ومن ثم تمت إحالته إلى مجلس الجامعة الذي أحاله بدوره إلى المجلس الاقتصادي، الذي صادق عليه الأخير في 3 حزيران 1957.ومن الجدير بالذكر أنَّ الوفد اللبناني في اجتماعات بحمدون أبدى تحفظاته على المشروع بحجة أنَّه مشروع نظري ولا يمكن تحقيقه دفعة واحدة، بل يجب أن يحقق على مراحل نظراً لاعتبارات كثيرة قائمة في دول الجامعة العربية. ولذلك كان من رأي الوفد اللبناني أن كل مرحلة يجب أن تضم الأهداف والوسائل القابلة للتطبيق عمليا، وأن تكون كل واحدة ممهدة للثانية.

    وقد نصت اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية في مادتها الأولى على ما تعتبره أهداف الوحدة وهي:

    ١- حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال.

    ٢- حرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية والأجنبية.

    ٣- حرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي.

    ٤- حرية النقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل والمرافئ والمطارات المدنية.

    ٥- حقوق التملك و الإيصاء والإرث.

    ومع بداية عمل مجلس الوحدة الاقتصادية العربية عام 1964، عمل على تشكيل لجنة من الخبراء العرب الحكوميين لدراسة مشروع السوق العربية المشتركة، وذلك في صيف عام 1967، وقد صدر القرار رقم 17 في دورة انعقاد اﻟﻤﺠلس الثاني بتاريخ 13 آب 1964، والقاضي بإنشاء السوق العربية المشتركة كخطوة نحو تحقيق الوحدة الاقتصادية الكاملة، حيث انضمت أربع دول إلى السوق منذ إنشائها من بين 14 دولة عضواً في مجلس الوحدة الاقتصادية العربية وهي: الأردن، العراق، سورية، ومصر، وأصبحت اتفاقية السوق العربية المشتركة سارية المفعول ابتداءاً من 10 كانون الثاني من عام 1965، وبعد اثني عشر سنة انضمت ثلاث دول أخرى وهي : ليبيا، اليمن وموريتانيا عام1977م.

    وخلال تلك الفترة لم تكن السوق العربية المشتركة في حقيقتها وجوهرها سوى منطقة تجارة حرة، ولم تتطور إلى اتحاد جمركي أو سوق مشتركة، ولكن على الرغم من ذلك اعتبرت هذه الاتفاقية من أهم الإنجازات الهادفة إلى تحقيق الوحدة الاقتصادية، حيث حققت في حينها زيادة واضحة في حجم التجارة البينية للدول الموقعة عليها، ثم ظلَّت السوق قائمة حتى عام 1980، فبعد تجميد عضوية مصر في الجامعة العربية نتيجة توقيعها معاهدة السلام مع إسرائيل، توقفت الدول الأعضاء الأخرى في السوق عن تطبيق الاتفاقية المبرمة بعد خروج أكبر سوق من حيث الحجم من الاتفاقية.

    وفي عام 1998 أصدر مجلس الوحدة الاقتصادية العربية قراراً بشأن اعتماد البرنامج التنفيذي لاستئناف تطبيق اتفاقية السوق العربية المشتركة بشكل تدريجي على ثلاث مراحل يتم خلالها إلغاء كافة الرسوم الجمركية والقيود على الواردات، بدءًا من عام 1999 ، ولكن لم تنجح هذه المحاولة أيضا.

دوافع إنشاء السوق العربية المشتركة:

  • شعرت البلدان العربية منذ حصولها على الاستقلال السياسي أنها غير قادرة، كل منها في الحدود التي رسمت لها، على متابعة نموها الاقتصادي وتطورها الاجتماعي، فضمنّت ميثاق الجامعة العربية نصوصاً تؤكد أهمية التكامل الاقتصادي بين الدول العربية المتحررة من الاستعمار.
  • ومنذ الاستقلال فتحت البلدان العربية أعينها على اتجاه واضح نحو التكتلات الاقتصادية في العالم، مثل السوق الأوربية المشتركة ومنطقة التجارة الحرة الأوربية ومنظمة الكوميكون والسوق اللاتينية المشتركة والسوق المشتركة في إفريقية الشرقية، وكذلك السوق المشتركة لبلدان إفريقية الغربية. فكان ذلك دافعاً قوياً لبحث اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية والتي تفرع عنها إحداث السوق العربية المشتركة
  • نمو الإنتاج، بسبب التقدم التقني وإدخال آلات جديدة بطاقة إنتاجية عالية تضيق بها الأسواق القطرية، فكان لابد من البحث عن سوق واسعة يمكن أن توفر للصناعات الناشئة طاقة استيعاب المنتجات مع إمكانية التخصص في الإنتاج.
  • ارتفاع تكاليف الإنتاج، بسبب تطور الآلات والتجهيزات وتوسع الطاقة الإنتاجية أصبح الاكتفاء بإنتاج كميات قليلة من المنتجات لتلبية الأسواق القطرية الضيقة، يؤدي إلى توزيع أعباء الإنتاج على عدد قليل من المنتجات، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج وزيادة أعباء المنتجات وتقليص قدرتها التنافسية.
  • تفاقم مسألة البطالة، حيث ترتب على تطور المستوى التقني ورفع إنتاجية العمل من ناحية، وزيادة كفاية الآلات من ناحية ثانية، نقص في الطلب على اليد العاملة، في الوقت الذي كان عدد السكان يتزايد بشدة وهجرة اليد العاملة الزراعية إلى المدن تسير على قدم وساق. ولم يكن بالإمكان امتصاص البطالة، إلا بتوسيع المؤسسات الإنتاجية القائمة أو باستخدامها بأقصى طاقة لها، وهذا ما كان يدفع باتجاه التفتيش عن أسواق لتصريف هذه الزيادة في الإنتاج.
  • واجهت الدول العربية المستقلة عقبات عديدة في عملية التطوير والتنمية، ومن هذه العقبات: انخفاض معدل نمو الدخل، ضيق السوق عن استيعاب الإنتاج الكبير، المنافسة بين المنتجات المتماثلة في الدول العربية، نزوح الفائض الاقتصادي من الدول العربية باتجاه الدول المتطورة، عدم الانسجام في توزيع الإمكانات والثروات العربية، ففي بعض البلدان تتوافر قوة العمل، وفي بعضها الآخر يتوافر رأس المال، وفي دول أخرى كميات واسعة من الأراضي الخصبة ومن الثروات الباطنية، بحيث أنَّ بلداً واحداً، مهما اتسعت مساحته، لا يمكن أن يشكل وحدة اقتصادية متكاملة قادرة على تحقيق التنمية بمفردها.

أهداف السوق العربية المشتركة:

أهداف السوق العربية المشتركة مشتقة من أهداف اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية، وقد اتخذ قرار إنشاء السوق في إطار السعي إلى تطبيق اتفاقية الوحدة، فكان الهدف من إنشاء هذه الأخيرة ما يلي:

تحرير تبادل المنتجات الوطنية والأجنبية بين الدول الأعضاء: ولم يتحقق هذا الهدف لكثرة الاستثناءات التي طلبت الدول الأعضاء تطبيقها فيما يتعلق بالمنتجات الوطنية واستحالة تحرير انتقال المنتجات الأجنبية ما دامت الدول الأعضاء ليست مُنضَّمة إلى اتحاد جمركي يرتب توحيد التعريفة على البضائع المستوردة من الخارج.

حرية انتقال رؤوس الأموال وتسوية المدفوعات: وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات جماعية لتحقيق هذا الهدف بين الدول العربية، وعلى الرغم من إحداث المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وإصدار الكثير من الدول العربية قوانين لحماية الاستثمارات الأجنبية في أراضيها من أخطار المصادرة والتأميم وما شابهها، إلا أنَّ رؤوس الأموال العربية المستثمرة في الدول العربية الأخرى ظلَّت ضئيلة جداً.

حرية انتقال الأشخاص وممارسة النشاط الاقتصادي: تحقق بعض التقدم فيما يتعلق بممارسة النشاط الاقتصادي ولكن ليس على أساس تفعيل أحكام السوق، وإنما بمقتضى بعض الاتفاقيات الثنائية أو بناء على تراخيص خاصة من السلطات المسؤولة. أما فيما يتعلق بحرية انتقال الأشخاص فلم تستطع الحكومات العربية الاتفاق على إلغاء سمات الدخول فيما بينها، وعلى العكس من ذلك فقد عملت بعض حكومات الدول العربية على تسهيل دخول الأشخاص من غير الجنسيات العربية إلى أراضيها في حين تعرقل دخول الأشخاص من رعايا الدول العربية. في حين شكلت سورية شبه استثناء بين الدول العربية فحدودها مفتوحة لمواطني الدول العربية بلا استثناء.

أجهزة السوق العربية المشتركة.
إن اتفاقية السوق العربية المشتركة لم تحدد أي شكل أو صلاحيات لأجهزة تشرف على تنفيذها أو إدارتها و إنما أُنيط أمر التنفيذ إلى مجلس الوحدة الاقتصادية العربية وأصبح هو المشرف على إدارتها وهو الجهة المخولة بإصدار التشريعات وهو السلطة التنفيذية للسوق، وهو مجلس وزراء السوق. ولكن الاتفاقية نصت على إيجاد أجهزة لتساعده في هذه المهام وهي:

  1. الأمانة العامة.
  2. اللجنة الاقتصادية الدائمة لمعالجة الشؤون الزراعية و الصناعية و التجارية و النقل و
  3. المواصلات و العمل و الضمان الاجتماعي.
  4. اللجنة الجمركية لمعالجة الشؤون الجمركية.
  5. اللجنة النقدية و المالية.
  6. اللجان الفرعية ثل لجنة النقل و المواصلات و لجنة الشؤون الاجتماعية و العمل.
  7. الكتب الفني الاستشاري و يضم الفنيين و يعمل تحت إشراف المجلس.
  8. مكتب الإحصاء المركزي الذي يقو بجمع الإحصاءات و تحليلها.

وكل هذه اللجان و المكاتب تقدم اقتراحاتها ليتخذ المجلس القرار كونه الوحيد المخول بذلك. وكانت الحجة في عدم إنشاء أجهزة هو تفادي تشابك الصلاحيات أو عدم إدخال السوق في روتين أو شكليات، إلا أنَّ محاولة إقامة سوق واسعة تضم 22 دولة منفصلة مستقلة حديثاً ومختلفة في نظمها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لا بد من أنَّ يرافقها أجهزة على درجة عالية من التقدم والتنسيق والقوة بعيدة عن أجهزة ومؤسسات اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية وخصوصاً إقامة محكمة عدل عربية أو هيئة مختصة لفض النزاعات.

أسباب فشل السوق العربية المشتركة:

يمكن اختصار أسباب فشل السوق العربية المشتركة في النقاط التالية:

  1. الأسباب الاجتماعية: يُعتبر الاختلاف الكبير والتباين في مستويات المعيشة بين مختلف الدول العربية من أهم وأقوى عقبات التكامل الاقتصادي والتوحيد السياسي، حيث نجد في الدول العربية دول غنية ودول فقيرة.كما أدى تزايد معدلات نمو السكان في بعض الدول العربية إلى تعميق الفجوة بين الفقراء

    والأغنياء في هذه الدول، مما ساهم في خلق مشكلات اقتصادية واجتماعية أسفرت عن ارتفاع معدلات البطالة وتناقص العمالة الماهرة وتفشي ظاهرة الأمية بشكل كبير، حيث بلغت نسبة الأمية أكثر من 50% في بعض الدول العربية كالعراق وموريتانيا، فقدرت في العراق ب 59,9 % من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق في سنة 2002 ، كما بلغت نسبة (الأمية في موريتانيا في نفس السنة 58,8 % من الفئة العمرية 15 سنة فما فوق).

  2. الأسباب السياسية: الصراعات والخلافات السياسية الحادة بين الدول العربية التي لا تزال بعض هذه الصراعات دون حل، حيث فشلت الجامعة العربية في التوصل إلى حلول لمثل هذه المشكلات، مما انعكس بشكل مباشر على العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية، حيث كان من الصعب عليها الاتفاق على سياسة مشتركة يتم إدراجها ضمن انظمتها الحكومية وسياستها الوطنية المتباينة، بينما تطبق كل دولة سياسة خاصة بها تحددها مجموعة من العوامل والمصالح الداخلية والخارجية التي تخصها وحدها.
  3. ضعف أو غياب الإرادة السياسية: إن عملية التكامل الاقتصادي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا توفرت الإرادة السياسية التي تقبل بمبدأ التكامل، وتعمل على تنفيذ القرارات والخطوات التي تصب في هذا الاتجاه، كما يتطلب هذا قدرا من التفاهم السياسي.تغليب المصالح الضيقة على المصالح العامة مما يجعل الغرب ينتهز هذه التناقضات بين الدول العربية ليتدخل في شؤونها بطرق مباشرة أو غير مباشرة للتقليل من قوتها والقضاء على الصناعة بصفة عامة والصناعات الحربية بصفة خاصة إن وجدت وهذا لحماية المصالح الغربية.
  4. الأسباب الاقتصادية: إنَّ أبرز ما يعيق الاتجاه نحو التكامل الاقتصادي بين البلدان العربية يتمثل في استمرار وجود مجموعة واسعة من القيود غير الجمركية للسلع، وعدم التوافق على قواعد المنشأ التفصيلية للمنتجات العربية، إضافة إلى التفاوت الحاد في هياكل الرسوم والضرائب وبنيات الأسعار ومستويات الأجور والتأمينات، وإلى التباين وأحيانا التعارض في نظم الرسوم الجمركية ومعدلاتها.ومع وجود عدد كبير من الاتفاقات الثنائية بين الدول العربية، يصعب إلى حد كبير تطبيق مبدأ المعاملة الوطنية على المبادلات السلعية ذات المنشأ العربي، كذلك فإنَّ عدم وجود إستراتيجية موحدة للدول العربية في تعاملها مع الاتفاقات الدولية والإقليمية، قد ساهم في الحد من حركة انسياب السلع بين الدول العربية، وفي تغليب تدفقات المبادلات التجارية بين كل من البلدان والخارج، على حساب تنمية التجارة العربية العربية.

    تتفاوت الدول العربية من حيث درجات النمو الاقتصادي، الأمر الذي يزيد من اتساع الهوة بين مستويات المعيشة بين الدول العربية حيث أن المستفيد الأكبر من التكامل، هي الدول ذات معدل النمو الاقتصادي المرتفع.

حلول تفعيل السوق العربية المشتركة:

قد نجد بعض الاقتراحات التي تساعد في محاولة تفعيل السوق العربية المشتركة مثل:

  1. تكثيف الاهتمام العربي الرسمي بمشروع ربط الدول العربية بشبكات سكك حديدية، والتحرك الجدي لوزراء النقل العرب باتجاه الدفع نحو بناء شبكات تعود بفوائد اقتصادية واجتماعية عديدة على دول العالم العربي. وذلك لأهمية دور السكك الحديدية في النمو الاقتصادي القطري والإقليمي، فالمنطقة العربية واحدة من مناطق قليلة جداً لا تملك مثل هذا النوع من الربط فعليا بين دولها، أو حتى على الأقل بين الاثنتين من دولها. فالقطارات تعتبر من أهم سبل المواصلات بين الدول الأوروبية، ولم يقف البحر حاجزا أمام تطوير هذا النوع من الربط بين دولها، فالنفق الرابط بين بريطانيا وفرنسا تحت بحر المانش، يشكل شرياناً حيويا لقطاع النقل بين الجزيرة البريطانية والقارة الأوروبية.
  2. الاستخدام الأمثل لما يملكه الوطن العربي من موارد وتوزيع الاستثمارات في المشروعات الصناعية بين الدول العربية وفقاً للميزة التنافسية لكل دولة.
  3. تحقيق المزيد من الاستثمارات والتوظف داخل الوطن العربي، مما يعني المزيد من الإنتاج وزيادة الدخل ورفع مستوى المعيشة لأفراد المجتمع في الوطن العربي.
  4. زيادة حجم التجارة بين الدول العربية واتساع حجم السوق العربي أمام المنتجات العربية. وتعتبر المبادرة  لتعزيز هذا المقترح من شأنه أن يحقق فرص اكبر للتنمية بين الدول العربية، علماً بأن حجم الاستثمار العربي البيني بلغ بين عامي (1985 – 2000) حوالي 15 مليار دولار فقط في حين بلغ  حجم الاستيراد العربي من الدول الأجنبـية حوالي 154 مليار دولار لنفس الفترة.

ولمواجهة العقبات التي تحول دون قيام هذا التكتل العربي نجد أن هناك عدة أمور يجب أخذها في الاعتبار وهي:

  1. التنسيق بين السياسات الاقتصادية التي تطبقها كل دولة عربية على حدة وبين السياسات الاقتصادية الرامية إلى تحقيق أهداف التكتلات الاقتصادية العربية.
  2. التنسيق بين أي تكتل اقتصادي عربي مصغر وبين التكتل الاقتصادي الشامل بحيث لا يكون هناك تعارض بينهما.
  3. الاتجاه إلى تحقيق زيادة في حجم التجارة البينية بين الدول العربية وإعطاء الأفضلية للأسواق العربية في تسويق المنتجات العربية.
  4. ضرورة الحفاظ على كيان كل دولة عربية داخل التكتلات الاقتصادية العربية.
  5. الاهتمام بتوفير الأجهزة والمؤسسات العربية الكفيلة بتنفيذ برامج التعاون الاقتصادي العربي للوصول إلى التكتل الاقتصادي الفعال.
  6. العمل على توفير البعد التكاملي بين الاقتصاديات العربية ومحاولات تقليص التنافسية بين الاقتصاديات العربية.

نهايةَ لابد من الإشارة و باختصار إلى ثلاثة استنتاجات رئيسية لقيام سوق عربية مشتركة فاعلة بين الدول العربية وهي:

  1. ضرورة توفر الإرادة السياسية والوعي الكافي لمعرفة قيمة التعاون الاقتصادي العربي وما يعطيه من قوة ودفع للدول العربية على الصعيد العالمي في ظل مشاريع العولمة الاقتصادية وفي ظل التكتلات والمنظمات الاقتصادية العالمية. وهذا لا يكون إلا بتوافر النوايا الحسنة لدى مختلف الأطراف.
  2. ضرورة تَرَافُقْ مشاريع التعاون مع عملية تنمية متكاملة ومدروسة لقطاعات الانتاج، بالإضافة إلى تسهيلات فعلية لتشجيع الاستثمارات ما بين الدول المتعاقدة. فالتعاون الاقتصادي العربي وإنشاء تنظيمات اقتصادية على غرار السوق العربية المشتركة، لا يمكن أن تظهر جدواه في ظل قطاعات إنتاجية هزيلة.
  3. ضرورة توافر بنية اقتصادية مساندة لمشاريع التكامل الاقتصادي العربي تتمثل بالخدمات والأجهزة المساندة المتطورة، من شبكة طرق مواصلات جيدة، ووسائل نقل عصرية متطورة ومعرفة جيدة بالتسويق والترويج والشحن والتخزين والتمويل وضمان ائتمان الصادرات.

المصادر والمراجع:

سليمان المنذري، السوق العربية المشتركة في عصر العولمة، مصر: مكتبة مدبولي، 1999.

عبد الأمير دكروب، دراسة السوق العربية المشتركة حلقة في إطار التعاون الاقتصادي العربي

بن ناصر محمد، المشاريع العربية المشتركة و دورها في تعزيز التكامل الاقتصادي العربي، (جامعة الجزائر، كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير، ، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماجستير في علوم التسيير، 2007)

  إبراهيم عبد الحميد، أبعاد التكامل الاقتصادي العربي: واحتمالات المستقبل، (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية،  1983)

 حبيب مطانيوس، السوق العربية المشتركة

سمير تنير، تطور السوق العربية المشتركة، ( لبنان: معهد الانتماء العربي، 1976)

جميلة الجوزي، التكامل الاقتصادي العربي: واقع و آفاق، “مجلة اقتصاديات شمال إفريقيا”، العدد05، 2005.

المساهمون في إعداد هذا المقال:

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى