دراسات أسيويةدراسات سياسيةنظرية العلاقات الدولية

السياسة اليابانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي

المؤلف عبـد الرحيم خلـيل* قسم الاقتصاد و الادارة العامة،کلية التجارة، جامعة أسيوط ،مصر.

مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية القاهرة، لمقالة 5، المجلد 19، العدد 2 – الرقم المسلسل للعدد 75، الربيع 2018، الصفحة 129-158

شهد کانت اليابان عازفة عن الانخراط السياسي في المنطقة العربية طوال فترة الحرب الباردة، وقد ظهرت فى الفترات التالية عدة عوامل ومستجدات أدت إلى تغيير نظرة اليابان التقليدية عن المنطقة العربية، کما زادت من انخراطها السياسي والدبلوماسي فيها،وأهم هذه العوامل مسألة الطاقة، وتلاشي المخاوف من تأثير المواقف السياسة من قضايا المنطقة على مصالح اليابان النفطية والاقتصادية، وعلى المستوى الوطني: انتهاء سيطرة الحزب الواحد، وتخفيف القيود على حرکة القوات اليابانية والاتجاه لتعديل الدستور، وعلى مستوى النظام الدولي: انتهاء الحرب الباردة واختفاء القطبية الثنائية، والتنافس مع الصين على الزعامة الإقليمية، وأخيراً: التحالف مع الولايات المتحدة، ويلاحظ هنا أن عامل النفط والمصالح التجارية المتنامية، والدور الأمريکي کانت ولا زالت أکثر العوامل أهمية وتأثيراًفي السلوک الياباني وأکثرها تأثيراً في موقفها من قضايا المنطقة العربية وعلاقاتها بدول الخليج، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وحتي 2016، مع الأخذ في الاعتبار النظرة المستقبلية لهذه العلاقات اليابانية ـ الخليجية.  

مقدمـــة:

شهد کانت اليابان عازفة عن الانخراط السياسي في المنطقة العربية طوال فترة الحرب الباردة، وقد ظهرت فى الفترات التالية عدة عوامل ومستجدات أدت إلى تغيير نظرة اليابان التقليدية عن المنطقة العربية، کما زادت من انخراطها السياسي والدبلوماسي فيها،وأهم هذه العوامل مسألة الطاقة، وتلاشي المخاوف من تأثير المواقف السياسة من قضايا المنطقة على مصالح اليابان النفطية والاقتصادية، وعلى المستوى الوطني: انتهاء سيطرة الحزب الواحد، وتخفيف القيود على حرکة القوات اليابانية والاتجاه لتعديل الدستور، وعلى مستوى النظام الدولي: انتهاء الحرب الباردة واختفاء القطبية الثنائية، والتنافس مع الصين على الزعامة الإقليمية، وأخيراً: التحالف مع الولايات المتحدة، ويلاحظ هنا أن عامل النفط والمصالح التجارية المتنامية، والدور الأمريکي کانت ولا زالت أکثر العوامل أهمية وتأثيراًفي السلوک الياباني وأکثرها تأثيراً في موقفها من قضايا المنطقة العربية وعلاقاتها بدول الخليج، خاصة بعد انتهاء الحرب الباردة وحتي 2016، مع الأخذ في الاعتبار النظرة المستقبلية لهذه العلاقات اليابانية ـ الخليجية.  

مشکلة الدراسة:

إن منطقة الخليج العربي باتت تحظى بتحول سياسي ياباني واضح، وﺘﻬﺩﻑ ﻫﺫﻩ ﺍﻟﺩﺭﺍﺴﺔ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﺤﺙ ﻓﻲ ﺴﻴﺎﺴﺔ ﺍﻟﻴﺎﺒﺎﻥ ﺘﺠﺎﻩ هذه المنطقة، وتدور حول تحليل أهم العوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى تفعيل دور اليابان فيها بشکل أکبر مما کانت عليه خلال الحرب الباردة، ومن ثم بيان انعکاس ذلک على السياسة اليابانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجى وقضايا الطاقة والأمن فى الخليج، ومن هنا تدور تساؤلات الدراسة حول أسباب تعلق اليابان بدعم وتطوير علاقتها مع دول مجلس التعاون الخليجى، ونهج سياسة أکثر استقلالاً عن السياسة الأمريکية في منطقة الخليج العربى؟.

فروض الدراسة:

يمکن تحديد أهم فروض هذه الدراسة في:

– إن الاتجاه المتنامى فى الداخل اليابانى نحو لعب دور فاعل فى النظام الدولى الراهن يحفز على سياسة خارجية متقاربة مع دول الخليج العربى.

–  إن الاقتصاد السياسى والتمنية کل منهما يمثل مدخل مهم لبناء علاقات تعاون بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجى.

–  إنه کلما توافر( وتزايد ) الوعي بوجود مصالح متبادلة بين الطرفين ( اليابان والدول الخليجية ) کلما کان ذلک من شأنه تزايد احتمالات تعزيز هذه العلاقات.

منهجية الدراسة:

اعتمد البحث علي المنهج الوصفي التحليلي بجمع المعلومات والحقائق عن السياسة اليابانية، ومن ثم تحليل هذه المعلومات وتفسيرها للوصول إلي استنتاجات تساعد في فهم عملية صنع السياسة اليابانية ودورها في النظام العالمي الجديد، کما استخدمت الدراسة منهج تحليل النظم السياسية لفهم قدرة النظام السياسي الياباني علي الاستجابة لضغوط محددات البنية الداخلية والخارجية نحو تطوير ودعم علاقاتها بدول الخليج العربي، بالإضافة إلي اقتراب المصلحة الوطنية بأعتبار أن تلک المصلحة هي المحرک لمسار العلاقات اليابانية ــ الخليجية، وفق رؤية النخب والقوي والتيارات المختلفة لتلک المصلحة.

تقسيم الدراسة:

 اهتمت هذه الدراسة بدور اليابان فى النظام العالمى الجديد بعد انتهاء الحرب الباردة بصفة عامة، وتجاه دول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة، ومن ثم بيان محددات سياسة اليابان تجاه دول الخليج العربي وتأثير مسألة الطاقة، والتحولات السياسية والاجتماعية التى شهدتها المنطقة فى صورة احتجاجات واسعة فيما عرف بالربيع العربى وصلت فى جزء منها إلى دول خليجية.

وعلي ذلک فإن أهم النقاط التي تتناولها هذه الدراسة هي:

  • أولاً: مقومات تجربة النهضة اليابانية ودورها العالمي.
  • ثانياً: المؤثرات الداخلية والخارجية ودورها في صنع القرار تجاه دول الخليج العربي.
  • ثالثاً: تطور العلاقات إلي شراکة اقتصادية بين اليابان ودول مجلس التعاون الخليجي.

وسوف يتم تناول کل نقطة سابقة علي النحو الآتي:

أولاً : مقومات تجربة النهضة اليابانية ودورها العالمي:

    تُمثل التجربة النهضوية اليابانية نموذجاً ملهماً للشعوب التي ما زالت ترزح تحت أغلال التخلف والضعف والانکسار الحضاري، إذ استطاع اليابانيون بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الثانية، الإقلاع بتجربتهم النهضوية الصناعية، لينافسوا الدول الغربية الصناعية، بل ويتفوقوا عليها في مجالات صناعية مختلفة ومتعددة[i].

وتمتاز الثقافة اليابانية بأنها ثقافة منفتحة على ثقافات الآخرين، مع محافظتها على قيمها ومبادئها وأصولها، ويمکن القول: إن “تعاطي اليابانيين مع علوم الآخر وثقافته اتسم في عصر ’’توکو غاوا‘‘ بظاهرتين: الأولى: هي السعي نحو امتلاک المعرفة من خلال اکتساب المعارف الصينية ابتداء من القرن الخامس، وعلى المعارف الغربية ابتداء من القرن الثامن عشر رغم سياسة  العزلة، أما الثانية: فهي الحس العملي في طريقة التعامل مع الآخر سواء مع المعارف الصينية أو الغربية.

ويمتاز اليابانيون في تواصلهم مع ثقافة الآخر والإفادة منها بالمرونة والديناميکية، فقد “اندفع اليابانيون إلى الأخذ بمکونات الثقافة الصينية في حدود ما يفيدهم، وعندما تبين لهم في القرن الثامن عشر أن المعارف الغربية أکثر تطوراً من المعارف الصينية تخلوا عنها، وأقبلوا على تعلم اللغة الهولندية وترجمة الکتب التي رأوا فيها فائدة، والملاحظ أن ثقافة الآخر تظل دائماً غريبة وغير متأصلة فيها لما يربو على 1200 سنة، فإنها ظلت تعتبر ثقافة وافدة، والأمر نفسه يصدق اليوم على الثقافة الغربية.

وينبغي التمييز بين بعدين مختلفين هما: اهتمام اليابانيون المبکر بالعلوم والثقافة الغربية واستيعابهم السريع لها، وبين التطور التلقائي والذاتي تماما للاقتصاد الياباني في القرنين السابع والثامن عشر، ومنذ فترة مبکرة ترجع إلى القرن السادس عشر کان زوار اليابان من الأوروبيين يرون ما لمسوه من شغف ياباني شديد بالحضارة  الأوروبية.

وقد استطاعت اليابان أن تنجز نهضتها الأولى، وکذلک قامت بعد هزيمتها العسکرية في الحرب العالمية الثانية، بإنجاز نهضتها الثانية، وحفرت اسمها بقوة في عالم الصناعة والتقنية، وهکذا أثبتت التجربة اليابانية أن الرهان على العنصر البشري تأهيلا وتدريبا وتربية وتعليما هو الأصوب نحو نهضة فاعلة وشاملة، فالإنسان المتعلم والباحث المثقف بأحدث العلوم العصرية والتکنولوجية المتطورة، والإنسان الحامل للقضية الملتحم بذاکرته التاريخية وتراثه الأصيل وانتمائه الحضاري هو القادر على تحقيق النهضة المنشودة في أمة من الأمم.

وتشير الدراسات إلي أن أسس نهضة اليابان شيئان اثنان، هما: إرادة الانتقام من التاريخ، وبناء الإنسان، هذا هو الذي نهض باليابان إرادة الانتقام من تاريخ تحدى أمة هزمت وأهينت فردت على الهزيمة بهذا النهوض العظيم، وبناء الإنسان الذي کرسه نظام التعليم والثقافة[ii].

ويمکن تلخيص عوامل النهضة في اليابان من خلال استعراض الجوانب التالية[iii]:

الإدارة اليابانية: من أبرز عوامل النهضة اليابانية بعد انهيار الاقتصاد الياباني عقب هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية ما عُرف «بالإدارة اليابانية»، بمعنى تطبيق مبادئ إدارية حديثة من بينها إدارة الجودة الکاملة، والعمل ضمن فريق عمل «روح الفريق»، وإتقان العمل الإداري وتحويله إلى قيمة اجتماعية مرتبطة بالثقافة اليابانية، والابتکار والتطوير، إلى غير ذلک من المبادئ والمفاهيم الإدارية الفعالة، وإذا ما علمنا أن اليابان لا تمتلک أي موارد طبيعية، وتقع في موقع جغرافي ناءٍ، أدرکنا أن العنصر البشري هو عماد ورکيزة التنمية والنهضة اليابانية، والذي رکزت عليه برامج التنمية الاقتصادية اليابانية. ولا غرو أن العنصر البشري أهم رکائز التنمية والنهضة في أي مجتمع، لذا يأتي الاستثمار في العنصر البشري من أوليات خطط التنمية والنهضة في کل المجتمعات، ومرد ذلک يعود إلى عدة عوامل من بينها: التنشئة والتربية الاجتماعية، ومناهج التعليم، وأنظمة وبيئة العمل وغير ذلک[iv].

الشخصية اليابانية: فالشخصية اليابانية منضبطة،‏ تقدس الوقت،‏ وتحترم النظام‏،‏ وتبدع من ضمن الفريق الواحد‏،‏ وتلتزم وبشدة بآداب التعامل‏،‏ وأخلاقيات المتاجرة رفيعة وموصوفة بالصدق والأمانة‏،‏ وهناك إحساس عام بالأمن والأمان في اليابان لتوافر الوظيفة المنتجة والتأمين لمعظم الخدمات الاجتماعية‏،‏ وهذه الأخلاقيات نابعة من الاهتمام بالبرامج التعليمية المتعلقة بالأخلاقيات والسلوك للمواطن‏، ومنذ الصغر في البيت والمجتمع والمدرسة‏،‏ کما أن محاسبة القانون صارمة للمخالفين،‏ والإحساس بالعيب المجتمعي الذي يُخلق بالمواطن الياباني منذ صغره قاسية‏.‏ ولا يرحم القانون الياباني الغني أو الفقير‏،‏ الوزير أو الغفير‏،‏ فحينما تکتشف المخالفات‏،‏ تدرس أسباب حدوثها،‏ ويحاسب مرتکبوها‏,‏ وتمنع تکررها‏،‏ بالإضافة إلى أن القيم المجتمعية اليابانية تفرض على الشخص الاعتذار‏،‏ لذلك يعتذرون ويعترفون بأخطائهم في معظم الأحيان‏.‏ ولقد حاولت الثقافة الأمريکية تعزيز الشخصية الفردية والقيم الفردية في الإنسان الياباني من خلال الدستور وقانون التعليم‏،‏ والذي يخالف تماما القيم اليابانية الأخلاقية والدينية في التأکيد على أهمية المجتمع والطبيعة والتناغم الجميل بينهما‏، ‏وفي عام‏ 1989م ‏ نجح اليابانيون في مراجعة البرامج التعليمية وتطهيرها من القيم الفردية المستوردة‏،‏ وأضيفت برامج السلوک والأخلاقيات بصيغة متکاملة على أن تراجع کليا کل عشر سنوات‏،‏ وقد أدخلت مادة السلوک والأخلاقيات بتناغم في جميع المواد المدرسية ونشاطاتها بالإضافة لبرنامج متخصص في الأخلاقيات يقدم ساعة کل أسبوع على مدار السنة وفي جميع السنوات الدراسية‏.

المُعلم الياباني: يعکس دور المعلم في اليابان في مختلف المراحل اهتمام اليابانيين بالتعليم وحماسهم له، ومدى تقديرهم له، فالمعلمين يحظون باحترام وتقدير ومکانة اجتماعية مرموقة، ويتضح ذلک من خلال النظرة الاجتماعية المرموقة لهم، وکذلک المرتبات المغرية التي توفر لهم حياة مستقرة کريمة، ويتساوى في ذلک المعلمون والمعلمات. ويتضح کذلك من خلال التهافت على شغل هذه الوظيفة المرموقة في المجتمع، فمعظم هؤلاء المعلمين هم من خريجي الجامعات، ولکنهم لا يحصلون على هذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات قبول شاقة، تحريرية وشفوية. وبالطبع نسبة التنافس على هذه الوظيفة شديدة، وهم بشکل عام يعکسون نظرة المجتمع إليهم، ويعکسون أيضًا صورة الالتزام وروح الجماعة والتفاني في العمل عند اليابانيين، فهم إلى جانب عملهم في المدرسة وقيامهم بتدريبات ودراسات لرفع مستوياتهم العلمية، يهتمون بدقائق الأمور الخاصة بتلاميذهم، کما يقوم المعلمون بزيارات دورية إلى منازل التلاميذ أو الطلاب للاطمئنان على المناخ العام لاستذکار التلاميذ من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤکدون التواصل مع الأسرة وأهمية دورها المتکامل مع المدرسة.

وهکذا يظهر أن اليابان قد حققت التحديث والتقدم بالمحافظة على تراثها وتقاليدها ومؤسساتها القومية والدينية الأصلية.

 ثانياً: المؤثرات الداخلية والخارجية ودورها في صنع القرار تجاه دول الخليج العربي:

تتطلع اليابان لممارسة دور عالمي بعد انتهاء الحرب الباردة[v]، بين القطبين الکبيرين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق، وتفکک الأخير إلى عدة جمهوريات مستقلة في بداية عام 1992، وبعد تطلع الاتحاد الأوروبي إلى شغل المکانة التي کان يتمتع بها الاتحاد السوفيتي السابق على الساحة العالمية[vi]، فضلاً عن ارتباک الولايات المتحدة في التعامل بمفردها مع قضايا ذات طابع عالمي مثل: الإرهاب الدولي، وتلوث البيئة، وانتشار المخدرات وتزايد حدة الفقر في الدول النامية، فقد قامت اليابان بوضع أجندة للتحرک على الساحة العالمية کونها قطباً فاعلاً وموثراً إلى جانب الولايات المتحدة الامريکية[vii].

ومن ثُم التوصل إلى هذه الأجندة بعد مداولات بين ثلاثة تيارات سياسية في اليابان هي:

1- التيار القومي اليميني الياباني: ويمثل هذا التيار المدرسة الواقعة بين السياسيين اليابانيين، ومن أبرز رواده ’’اوزاوا‘‘ وکان يشغل منصب سکرتير عام للحزب الليبرالي الديمقراطي الحاکم ولعب دورا رئيسيا في تمرير القانون الخاص لمشارکة اليابان في عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة عام 1992، ثم انفصل عن الحزب لأرائه المتشددة، وقام بتشکيل حزب يميني مستقل، ويعد من أهم المطالبين بأن تضطلع اليابان بدور بارز في الشؤون العالمية بما في ذلک الشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية، وقد نشر أفکاره وتصوراته لهذا الدور في کتاب صدر في عام 1993 بعنوان (ورقة عمل اليابان الجديدة)[viii]، وينادي أنصار هذا التيار بأن تصبح اليابان (دولة طبيعية کبرى) قادرة على تحمل المسؤوليات العالمية وأن تتعاون مع الدول الأخرى لتحقيق حياة مستقرة.

وأن تتخلص من کافة تداعيات الحرب العالمية الثانية ومن القيود التي فرضت عليها بما في ذلک تعديل الدستور والسماح بإعادة تسليحها ومشارکاتها بجميع عمليات السلام التابعة للأمم المتحدة، سواء العسکرية منها أو غير العسکرية، وتسليح هذه القوات ليتسنى لها الدفاع عن النفس، ويؤکد مؤيدو هذا التيار في ذات الوقت على ضرورة تقوية علاقات التحالف مع الولايات المتحدة کونها حجر الأساس في الدفاع عن اليابان ومساعدتها على القيام بدور بارز في الشؤون العالمية[ix].

2- التيار التقليدي المحافظ: يتشکل أنصار هذا التيار من عدد من المسؤولين اليابانيين السابقين وبعض الأکاديميين، ومن أبرزهم: ’’أواد‘‘ الذي شغل منصب نائب وزير الخارجية في عقد الثمانينات في القرن العشرين، وأصبح قاضيا في محکمة العدل الدولية في أوائل التسعينيات، ’’وکوهي هاشي موتور‘‘ رئيس معهد النظم السياسية الدولية الجديدة، ’’وروجي تايتيما‘‘ الأستاذ بأکاديمية الدفاع القومي[x]، وانطلق أفراد هذا التيار في تصورهم للدور الياباني على الساحة العالمية من أنه إذا کانت هناک ثلاثة بدائل متاحة أمام صانع القرار الياباني في أعقاب حرب الخليج الثانية 1991هي: أما أن تصبح اليابان دولة عادية لها دور سياسي عالمي وقوة عسکرية لا تماثل فقط القوة العسکرية للولايات المتحدة وإنما تساوي إن لم تفق القوة العسکرية للدول الأوروبية، أو أن تحذو حذو الدول الصغيرة في النظام العالمي بحيث يکون لها دور محدود للغاية في الشؤون العالمية مثل النمط الذي اتبعته خلال عقدي الخمسينيات والستينيات[xi]، أو أن تستمر اليابان کدولة اقتصادية کبرى دون محاولة السعي إلى امتلاک قدرات عسکرية أو القيام بدور في القضايا الدولية العالمية[xii]، ويرى أنصار هذا التيار أن الخيار الثالث يعد الأمثل من وجهة نظرهم، وأوضحوا أن حرب الخليج الثانية وتردد اليابان في ممارسة دور عالمي أظهرت مدى الصعوبات الدستورية والتاريخية التي تعترض اليابان في سبيل تدعيم وتقوية دورها الاقتصادي على الساحة العالمية وتوظيفه في المجال السياسي في مرحلة تالية[xiii].

3- التيار البراجماتي: ينتمي أنصار هذا التيار إلى فئة التکنوقراط في وزارة الخارجية ومجلس الوزراء، والحزبين الکبيرين في اليابان، ويطرح أنصار هذا التيار تصورا يقع على النقيض من توجهات التيارين السابقين اللذين يناديان بأن تصبح اليابان دولة طبيعية کبرى يکون لها الحق في تسليح جيشها بأسلحة هجومية، وبأن تتولى مهمة الدفاع عن نفسها بعيدا عن المظلة الأمنية الأمريکية وتترکز رؤيتهم على أن اليابان يجب أن ينحصر دورها في کونها مدنية عالمية، وبحيث يستهدف هذا الدور تحقيق التنمية على مستوى العالم في المجالات الاقتصادية والاجتماعية دون استخدام الأداة العسکرية[xiv]، کما أن هذا التيار يؤکد على المشارکة النشيطة في تحقيق السلام العالمي من خلال: إنتاج إستراتيجية عالمية للسياسة الخارجية اليابانية، واستبدال السياسات المتعددة الجوانب بالسياسات التي تعتمد على القوة الاقتصادية فقط، وحدد المنتمون لهذا التيار أربعة مجالات ذات أولوية للسياسة الخارجية لليابان هي[xv]: مساعدة الدول الفقيرة، والحفاظ على السلام العالمي، وحماية حقوق الإنسان، والحفاظ على البيئة.

 بالإضافة إلى مجالات فرعية أهمها[xvi]: توطين اللاجئين، وعمليات الإغاثة وقت الکوارث العالمية، وتنمية الموارد البشرية، کما ينادي هذا التيار بضرورة ترکيز العلاقات مع الولايات المتحدة على الجوانب الاقتصادية بما يحقق تحديث واستقرار اقتصاديات الدول الآسيوية والاقتصاد العالمي بصفة عامة[xvii].

 وفي ضوء ما سبق اتجهت اليابان إلى تبني أفکار وتوجهات التيار الواقعي في سياستها الخارجية منذ بداية القرن الحادي والعشرين، لاعتبارات تتعلق باهتمام أنصار هذا التيار بتحقيق الرغبة اليابانية بممارسة دور عالمي مع الحفاظ في الوقت ذاته على ثوابت السياسات السلمية لليابان، علاوة على الحفاظ على علاقات اليابان الأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة، ومن ثم التوکيد على التنسيق الياباني مع السياسة الأمريکية في مجال القضايا ذات الطابع العالمي، وفي مجال قضايا النزاعات والصراعات الإقليمية التي يمکن أن يشکل استمرارها تهديدا للأمن والاستقرار العالمي، ومنها مثلاً: الصراع العربي الإسرائيلي والمسألة العراقية[xviii]، وبادرت وزارة الخارجية اليابانية لإجراء دورها في عملية السلام، بتکليف (معهد اليابان للشؤون الدولية) التابع لها وبمشارکة عدد من الأکاديميين والمتخصصين في شؤون الشرق الأوسط بإعداد ورقة في يوليو2002م ووضع توصيات حول مستقبل الدور الياباني في عملية السلام بالشرق الأوسط والتي جاء فيها:

أ‌ ـ  ضرورة أن تتطلع اليابان بحکم مکانتها بدور في عملية السلام: آخذاً في الاعتبار أن هذه العملية ترتبط بصراعات أخرى في الشرق الأوسط لها تأثير يتجاوز حدود المنطقة ليشمل العالم الإسلامي، فضلا عن ارتباطه المباشر بقضايا إمدادات النفط الأمر الذي يفرض على الحکومة اليابانية مسؤولية جذب اهتمام الرأي العام بالمنطقة.

ب ـ  سرعة تحرک اليابان نحو تعميق وجودها في المنطقة: والحفاظ على دورها فيها، خاصة مع تقلص هذا الدور عقب اندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/ 2000م کردة فعل شعبية علي دخول ’’ ارئيل شارون ‘‘ رئيس الحکومة آنذاک أحد باحات المسجد الاقصي المبارک.

جـ ـ قيام اليابان بالتنسيق مع دول العالم المعنية بمشکلة الشرق الأوسط: ببناء تحالف معها من خلال التعاون مع الاتحاد الأوربي وبعض الدول الإقليمية المهمة کمصر والسعودية والأردن، وعدم الاعتماد على طرف دولي بعينه کالولايات المتحدة الامريکية.

د ـ الترکيز على الدبلوماسية غير الرسمية: لتحريک عملية السلام في الشرق الأوسط من خلال استضافة اجتماعات غير رسمية لبحث قضايا الوضع النهائي للقضية الفلسطينية، ودعوة أکاديميين بارزين من إسرائيل وفلسطين.

ه ـ قيام اليابان بوضع (شروط عملية) في تقديمها المساعدات للفلسطينيين: وربطها بوقف العنف وإدخال الممارسة الديمقراطية على نظام السلطة الفلسطينية، مع مطالبة إسرائيل بعدم اتخاذ إجراءات تعرقل وصول هذه المساعدات، مع النظر في تطوير برامج التبادل الشبابي لتحقيق التعايش بين أجيال المستقبل، وان تقدم اليابان مقترحات بتطوير مضمون الکتب الدراسية الفلسطينية والإسرائيلية لتشجيع ثقافة السلام لدى الطرفين، وأبرز النجاحات التي حققتها الدبلوماسية اليابانية في هذا المجال، عقد مؤتمر السلام وبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي نحو تعايش مستقر ودائم) في 19 و 20 مايو 2003 في طوکيو، وبحضور ’’يوسى بيلين‘‘ وزير العدل الإسرائيلي السابق و’’دانيال ليفي‘‘ مستشار وزير العدل السابق والسيدة ’’نياکما رونين‘‘ المدير العام الأسبق لوزارة البيئة، والسيد’’ ايتاش ليفني‘‘ عضو الکنيست عن حزب الليکود، و’’آخي شاکير‘‘ رجل الأعمال الإسرائيلي من الجانب الإسرائيلي، بينما حضر وفد فلسطيني ضم في عضويته کلا من: ’’ياسر عبد ربه‘‘ وزير شؤون مجلس الوزراء و’’نبيل شعث‘‘ وزير التخطيط الفلسطيني و’’طلال نصر الدين‘‘ رجل أعمال فلسطيني، و’’سمير رنتيسي‘‘ مستشار وزير شؤون مجلس الوزراء بالإضافة إلى مشارکة فريق ياباني ضم في عضويته ’’تاتسو اريما‘‘ مبعوث الحکومة اليابانية لعملية السلام في الشرق الأوسط و’’کوهي هاشي موتو‘‘ رئيس معهد النظم السياسية الدولية الجديدة والدکتور ’’روجي تاتياما‘‘ الأستاذ في أکاديمية الدفاع القومي والدکتور ’’اکيفو مياکبرا‘‘ الأستاذ بجامعة المرأة في طوکيو، وتمثلت أهداف عقد المؤتمر في: محاولة إرساء أسس تنفيذ خطة الطريق بما يحقق تعايش مشترک ومستقر بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وطرح مخاوف وتحفظات کل طرف تجاه الآخر الدولي[xix].

وبالنسبة للمؤثرات الخارجية ودورها في صنع السياسة اليابانية فإن اليابان تعد رکيزة اساسية في الإستراتيجية الأمريکية في آسيا وقد ازدادت أهميتها، وتزداد لعدة عوامل منها: انتقال مرکز الثقل الاقتصادي الإستراتيجي في العالم إلى المحيط الهادي، وقد ترافق ذلک مع التحول في الاهتمام الأمريکي من الأطلسي (أوروبا الغربية) إلى الهادي (اليابان ومنطقتها الإقليمية) إضافة إلى بروز اليابان کإحدى القوى الإقليمية الرئيسية في المنطقة[xx]، ملاحظة ثانية، تتمتع اليابان بالمظلة النووية الأمريکية التي تشکل ضمانة کلية لأمنها، مقابل إعطاء اليابان للولايات المتحدة قواعد وتسهيلات عسکرية لقواتها مما جعل اليابان رکيزة أساسية في الإستراتيجية الأمريکية[xxi]، وقد تعززت تبعية اليابان للولايات المتحدة بشکل أکبر بعد توقيع معاهدة الأمن بين الطرفين في عام 1951م التي وفرت الولايات المتحدة بموجبها الضمانات الکفيلة بحماية أمن اليابان، من خلال ترکز القوات الأمريکية في شکل قوات إستراتيجية علي الأراضي اليابانية[xxii]، لقد تضمنت هذه المعاهدة عدداً من القواعد المنظمة لعلاقة (تبعية) واضحة بين اليابان والولايات المتحدة الامريکية.

 وقد برهنت المصالح المشترکة القائمة بين الطرفين على أن اليابان من الصعبعليها أن تنفصل عن النظام الأمني الأمريکي، بل ضرورة الحفاظ على العلاقة الخاصة بين الولايات المتحدة واليابان ومنطقة المحيط الهادي بأسرها مما يؤکد أن احتمال قطع الصلة الوثيقة بين الدولتين أمر مسنبعد لأن الانفصال بينهما من شأنه أن يعرض حالة الاستقرار القائمة في المنطقة إلى التهديد[xxiii]، وقد أشار ’’هنري کيسنجر‘‘ فيما يخص استمرار الوجود العسکري الأمريکي في آسيا، على الرغم من المعارضة المحلية، إذ ادعى وآخرون معه (أنّ اليابان ستملأ الفراغ الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة)، هذا الادعاء يخرج عن المصداقية، حيث تحاول الولايات المتحدة من الناحية العملية إحباط کل توجه مستقل للسياسة الخارجية، حاولت اليابان اتخاذه في هذا المضمار[xxiv].

إن الضغوط الأمريکية على التوجهات السياسية الخارجية اليابانية تهدف في محصلتها إلى خدمة المصالح الإستراتيجية للغرب، فحينما ازدادت الضغوط الأمريکية على اليابان في اتجاه معاکس لما عملت له الولايات المتحدة في الماضي وخاصة حينما کان الاتحاد السوفيتي السابق يمثل تهديداً للإمدادات النفطية القادمة إلى اليابان من منطقة الخليج العربي، وبالفعل فإن اليابان بدأت تستجيب، بل وتتجاوب مع المطالب الأمريکية لزيادة نفقاتها الدفاعية وإعادة تحديد الدور الإستراتيجي الأمني لها، ليغطي بشکل نشيط (مسرح شرق آسيا) کذلک صار مطلوباً من اليابان أن تحمي الخطوط البحرية والفضاء من أي مشهد تهديد من قبل الاتحاد السوفيتي السابق[xxv].

 وبالإضافة إلى ذلك، فإن الولايات المتحدة تلجأ إلى إعادة ترتيب إستراتيجيتها في المنطقة بعد انتهاء الحرب الباردة وقيام التساؤل حول جدوى استمرار معاهدة الأمن المتبادل المعقودة بين الولايات المتحدة واليابان، إذ من المحتمل أن تقام ترتيبات أمنية جديدة تشارک بها القوى الإقليمية الرئيسة مع استمرار الدور الياباني کرکيزة أساسية في الإستراتيجية الأمريکية في الترتيبات الأمنية الجديدة[xxvi]، وبالمقابل بدأت التوجهات اليابانية بالتجاوب مع هذه التيارات من خلال قيامها بدور إقليمي عسکري أوسع من خلال زيادة إنفاقها الدفاعي لتحقيق استقرار منطقة جنوب شرق آسيا عبر المساعدات الاقتصادية المتزايدة التي تقدمها لهذه الدول[xxvii].

وتجدر الإشارة إلى أن العلاقات الأمريکية اليابانية ذات أهمية کبيرة سياسياً وإستراتيجياً لکل من الطرفين على المستوى الآسيوي، إذ إن المظلة الأمريکية تمثل غطاء لدور ياباني أکثر فاعلية على المستوى الإقليمي، في حين أن اليابان في المقابل تمثل أحد الرکائز للإستراتيجية الأمريکية في آسيا[xxviii]، وإلى جانب ذلک فإن دوراً يابانياً واسعاً ضمن إطار الإستراتيجية الأمريکية في المنطقة لا يعني بالضرورة السماح بدور قيادي لليابان فيها، لأن الولايات المتحدة تصر على الاحتفاظ  بالقيادة في هذه المنطقة الحيوية من العالم، ومهما اتسع دورها فإن اليابان لا تکف عن طمأنة جيرانها الآسيويين، بالترکيز على أن وجود معاهدة الأمن اليابانية – الأمريکية يبعد احتمال تحولها إلى قوة عسکرية کبرى[xxix].

هذا ويذکر أنه قد ظل الإطار الحاکم لتحرکات السياسة الخارجية اليابانية لسنوات طويلة قدراً من ضبط النفس تجاه الأزمات الأمنية المختلفة، إلا أنه قد بدأت ملامح التحول تبدو على السياسة الأمنية اليابانية[xxx]، ولا يمکن فهم التحولات في السياسة اليابانية الأمنية بمعزل عن التهديدات التي تواجهها اليابان في بيئتها الإقليمية، إذ يعتبر الصعود الصيني الاقتصادي والعسکري على رأس العناصر التي تهدد اليابان في محيطها الإقليمي، وکذلک البرامج النووية والصاروخية لکوريا الشمالية. هذا إضافة إلى تخوف طوکيو من تراجع دور الولايات المتحدة بالمنطقة أو تراجع درجة التزاماتها الأمنية تجاه اليابان. کما يقلق طوکيو کذلک، ضم الاتحاد السوفيتي السابق ثم روسيا من بعده للجزر الخمس في أرخبيل الکوريل منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، الأمر الذي يشکل ضغطاً متواصلاً على العلاقات بين البلدين.

وتعمل السياسة الأمنية اليابانية على الخروج من الأُطر التقليدية التي حکمتها لعقود طويلة، حيث بات من الضروري خلق أُطر تتناسب والمتغيرات الإقليمية الجديدة، الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول التوجهات الأمنية اليابانية مستقبلاً[xxxi].

وفي السنوات الأخيرة من القرن الماضي أثير نقاش داخلي حول إعادة تعريف دور اليابان في الساحة الدولية، وهو ما ترجم في التحليل الأخير بإعادة تعريف للقوة الأمنية اليابانية، حجماً ودوراً، وتوج النقاش الطويل بتعديلات دستورية أقرت بالمعطى الجديد وشرعته، وفي کل ما حدث لم تکن البيئة الدولية غائبة، بل هي التي دفعت باتجاه ذلک، تماماً على نقيض ما فعلته بعد الحرب العالمية الثانية، بيد أن القوى الإقليمية المحيطة کانت لديها مقاربتها المختلفة للمتغير الياباني، وهي تحديداً لم تخف هواجسها من إعادة إحياء التطلعات اليابانية، التي تستثير فيها ماضيا مريراً، صبغته آثار الاحتلال الياباني، وخاصة في کوريا والصين[xxxii].

ويمکن تحديد منحنى حرکة السياسة الخارجية اليابانية للقرن الـ 21[xxxiii]، حيث قد قامت أولويات تحديد السياسة الخارجية اليابانية على أساس تحالف مع الولايات المتحدة منذ عام 1945م، ولذلک فإنه من الطبيعي القول: إن أدوار تلک السياسة الخارجية يجري تقريبها من حالة العمق الخاص بذلک التحالف، ولکن في ظل خضوع النفوذ الأمريکي، والسياسة الأمريکية إزاء آسيا للمزيد من المراقبة والمتابعة من جهة، ومکانة اليابان على الصعيد الدولي من جهة أخرى، فإن من المتوقع حدوث تغير في اتجاه منحنى تلک السياسة اليابانية الخارجية خلال النصف الأول من القرن الحادي والعشرين[xxxiv].

وفى إطار تطور سياسة اليابان الخارجية في المرحلة الراهنة أکدت القيادة اليابانية على أن التفاهم الصيني – الياباني سيشکل حجر الزاوية في بناء الوحدة الآسيوية، ودعا لإعادة النظر في العلاقات الاستراتيجية بين اليابان والولايات المتحدة، وللعمل على إزالة التواجد العسکري الأميرکي على أرض اليابان وفي موانئها البحرية[xxxv]، ووفقا لذلک فإن سياسة اليابان تجاه الشرق الاوسط تقوم على تحقيق جملة أهداف أهمها استقرار امدادات الطاقة[xxxvi].

ويلاحظ برغم خلافاتهما الکثيرة الا أن العلاقات بين الصين واليابان شهدت تطوراً مهماً في السنوات الأخيرة، وبقراءة متأنية لتاريخ العلاقات بين البلدين خلال الثلاثين سنة الماضية تظهر أنها تميزت بالتطور الايجابي المشحون بالتوتر، فقد تعرضت خلاله لهزات عنيفة في اکثر من مرة، ثم زادت حدة منذ مطلع عام 2001[xxxvii].

ومن المتوقع ان تّعدل اليابان دستورها من اجل تغيير وضعها العسکري بتقوية ترسانتها التسليحية لمواجهة التهديد النووي المباشر الذي تشکله کوريا الشمالية والحد من خطر القوة العسکرية الصينية المتزايدة، وبالمقابل توجهت الأخيرة نحو تقوية علاقاتها لترتقي إلى علاقات إستراتيجية شاملة في سبيل تدعيم الموقف الإقليمي الصيني يوجه سياسة التحالفات التي تتميز بها المنطقة في المرحلة الراهنة[xxxviii].

إن اليابان والصين تلعبان حالياً دوراً مهماً وملموساً في دفع النمو الاقتصادي في کافة الدول الآسيوية المهمة تقريباً، سواء من خلال عمليات التبادل التجاري أو الاستثمارات المباشرة في المجالات الصناعية أو مجالات البنية الأساسية أو عن طريق المنح المالية والفنية، ولاشک أن هذا الدور سوف يتقلص بشکل کبير إذا لم يتلاش نهائياً، إذا ما قادت التطورات الراهنة إلى خروج “الساموراي” الياباني من قمقمهم الذى قبعوا فيه طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، نتيجة تکبيل قواتهم العسکرية بقيود الدستور السلمي، ومادته التاسعة الشهيرة التي تمنع استخدام القوة العسکرية في حل المنازعات الدولية، لمواجهة “التنين” الصيني، الذي اکتسب قدرات اقتصادية وعسکرية، ربما تدفعه في الفترة المقبلة إلى محاولة تغيير الوضع القائم في شرق آسيا لتتلاءم مع ما وصل إليه من قوة[xxxix].

وفيما يتعلق بتأثير جماعات المصالح اليابانية علي مؤسسات صنع القرار تجاه دول مجلس التعاون الخليجي فقد يکون من المفيد البدء بالعلاقات الثقافية، وبالنظر للتعاون الثقافي بين العرب واليابان بشکل عام ودول الخليج العربي بشکل خاص منذ الحرب العالمية الثانية، ورصد الآفاق المستقبلية لهذا التعاون في المرحلة الراهنة من القرن الحادي والعشرين، يمکن ملاحظة  تطور الوعي الثقافي لدى الباحثين اليابانيين عن العرب بصورة مضطردة وباتت لديهم رؤية علمية أکثر دقة وموضوعية عن کثير من الدراسات الاستشراقية الغربية الخاصة بتاريخ المنطقة العربية وتراثها، ومشکلاتها الموروثة والجديدة، وشکلت الجمعية اليابانية لدراسات الشرق الأوسط وجعلتها منبراً فاعلاً لتعزيز التعاون المباشر بين الباحثين اليابانيين والآسيويين، ومنهم العرب وشهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين اهتماماً متزايداً من المستعربين اليابانيين بشؤون العرب وباقي شعوب منطقة الشرق الأوسط وتنظم سنوياً سلسلة من المؤتمرات الثقافية بين الجانبين تتميز بالابتعاد عن المقولات الاستشراقية السائدة، وهي تقدم تاريخ شعوب الشرق الأوسط وثقافاتها بعيون يابانية وليس غربية[xl].

 ويمکن توضيح التواصل الثقافى والعلمى الراهن على النحو التالى: أن الحکومات اليابانية المتعاقبة حولت الأثر السلبي لقرار حظر النفط العربي على الاقتصاد الياباني ومعاملة اليابان کدولة غير صديقة للعرب إلى عامل ايجابي ساهم في تطوير الدراسات العربية في اليابان وفي إقامة سلسلة مستمرة من الندوات والمؤتمرات المشترکة بين الجانبين، وقد رصدت موازنات متزايدة لدراسة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأنتروبولوجية في جميع دول الشرق الأوسط، وکان للعرب نسبة کبيرة منها، کما أن نجاح الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، وأحداث 11سبتمبر2001م في الولايات المتحدة، والغزو الأميرکي للعراق عام 2003م، وصعود التيارات الأصولية الإسلامية في المنطقة، ساهمت بدورها في تعزيز سياسة اليابان البراجماتية مع العالم العربي لضمان مصالحها الاستراتيجية، وبات تمويل نسبة کبيرة من الدراسات العربية في اليابان أسير سياسة اليابان الرسمية تجاه منطقة الشرق الأوسط.

 وفيما يتعلق بآفاق التعاون الثقافى وتطوره: خلال العقدين الأخيرين فقد تزايد عدد المؤسسات الثقافية اليابانية المهتمة بالعالم العربي، فتوسعت دائرة اهتمام المستعربين اليابانيين في دراسة القضايا العربية، وتزايد عدد الباحثين اليابانيين المتخصص بشؤون الشرق الأوسط بشکل عمودي، وباتوا يعدون بالعشرات بعد الرد على الحظر النفطي العربي بدعم المراکز البحثية التي تهتم بالقضايا العربية والإسلامية في اليابان، وغيرها الکثير من المظاهر الثقافية والبحثية في المجتمعات العربية المعاصرة. وبات لدى اليابان عدد متزايد من المتخصصين الشباب المهتمين بمشکلات المنطقة العربية، وتزايد عدد المراکز الثقافية والجامعات والمعاهد اليابانية التي تدرس اللغة العربية، وآداب العرب وتاريخهم وتراثهم وفنونهم، ومبادئ الإسلام، والنظم الإسلامية، والقضايا الإسلامية الکبرى، والحرکات الإسلامية، القديمة منها والمعاصرة.

وقد شهد العقد الأول من القرن الحادي والعشرين تزايداً مضطراً في عدد المؤسسات الثقافية اليابانية المهتمة بالعالم العربي، في الجامعات والمعاهد اليابانية التي تدرس اللغة العربية، وفي مؤسسات ثقافية أخرى معنية بالثقافة العربية، وإتسعت معها دائرة اهتمام الباحثين العرب في دراسة الثقافة اليابانية من مختلف جوانبها، واليوم يوجد عدد کبير من الباحثين اليابانيين المتخصصين بشؤون الشرق الأوسط.

اما أهم مرتکزات السياسة اليابانية الجديدة تجاه المنطقة العربية: فقد بدأت تتفاعل مع محددات التطور الاقتصادي الياباني لتجمع بين مقومات التقدم الاقتصادي والثقافي والعلمي والتکنولوجي والعسکري، حيث فتحت المرحلة الراهنة تفاعلا بين شتى هذه الميادين والقطاعات سعيا إلى کسب رهانات النظام الدولي الجديد، وتبدو في هذا السياق التجربة اليابانية جديرة بالاهتمام من حيث حفاظها على مقومات الأصالة والانفتاح على الحداثة[xli]، والأخذ بأسباب التقدم العلمي والحضاري، فهي مازالت من بين الدول القوية اقتصاديا وعلميا وتکنولوجيا وتؤثر في النظام الدولي بشکل بالغ، وهي إن تأرجحت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في علاقتها مع العالم العربي بين تبني سياسة الحياد من أجل توفير المواد الخام الأولية، ودخول منتجاتها الصناعية إلى الأسواق العربية الواسعة، فإنه في المقابل لم تحقق البلدان العربية ما يکفي من تحويل ونقل للتکنولوجيا[xlii].

 ومن هنا يظهر جلياً أسباب تعلق اليابان بدعم وتطوير علاقتها مع دول العالم العربي بصفة عامة، ودول مجلس التعاون الخليجي بصفة خاصة، ونهج سياسة أکثر استقلالاً عن السياسة الأميرکية في الشرق الأوسط وضرورة استجابة العرب لذلک، إذ تعتبر التجربة التنموية اليابانية تجربة فريدة وتحظى بالکثير من المصداقية، حيث يمکن الاستفادة منها بشکل کبير في عمليات التطوير الاقتصادي والتکنولوجي، إذا تم توزيع الأدوار بين البلدان العربية بشکل جيد في مجال التعاون العلمي والاستفادة من المعونات الاقتصادية التي تعد إحدى رکائز الدبلوماسية اليابانية.

لقد کانت اليابان إلى أمد قريب لا تسعى إلى تحقيق مکاسب سياسية في سياستها المعروفة بالحياد، أو ممارسة دور أمني أو عسکري ينافس الوجود الأميرکي أوالروسي أو الصيني في بعض المناطق ومنها المنطقة العربية، وإنما تهدف إلى تحقيق شراکة استراتيجية تکفل لها عوائد اقتصادية مباشرة، لکن منذ ثلاث سنوات بعد عودة رئيس الوزراء ’’شينزو آبي‘‘ للحکم، يلاحظ أن هناک قطيعة في التاريخ الدبلوماسي الياباني التقليدي الذي کان يرکز على المجال المدني والتفاعل داخل التکتل الغربي للاستفادة من المظلة الأميرکية، حيث استطاعت اليابان إطلاق دينامية سياسية ودبلوماسية جديدة، والخروج من دوامة الانکماش واعتماد حزمة من الإصلاحات الجريئة، وما لبث أن تغير موقفها الدفاعي والعسکري، کما أطلقت سلسلة من الأنشطة الدبلوماسية تهدف إلى إعادة تموقع اليابان في الساحة الإقليمية والدولية کفاعل مهم[xliii].

وفي السنوات القليلة الماضية نشر الباحثون العرب من دول مجلس التعاون الخليجي ومن غيرها عدداً من الدراسات عن اليابان والصين، وعدد من دول النمور الآسيوية. وهو منحى مفيد جداً في تعريف القارئ العربي  بقضايا الدول الآسيوية التي تم تجاهلها خلال عقود طويلة[xliv]، ويلعب العامل الثقافى دوراً مهماً فى العلاقات الدولية فى ضوء القيم الحاکمة لتصرفات الأطراف الدولية[xlv]، وفى هذا الإطار کان من الصعب على دوائر صنع القرارات اليابانية تصور العرب کأعداء بعد أحداث 11 سبتمبر2001  نتيجة ثلاثة عوامل هي:

أولها: الدور المهم الذى تلعبه دول مجلس التعاون الخليجي فى تحقيق المصالح الأقتصادية والسياسية اليابانية، فدول الخليج البترولية وعلى رأسها السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، ما تزال دولاً مهمة من وجهة نظر المصالح الأقتصادية اليابانية نظراً للأحتياطات الضخمة التى تمتلکها هذه الدول من موارد الطاقة، وتنامى التنافس للحصول على هذه الموارد فى شرق آسيا، خاصة بعد إن تحولت الصين إلى اکبر مستورد للطاقة منذ عام 1993.

ثانيها: السوق الکبيرة التى تشکلها منطقة الخليج العربي، للبضائع والمنتجات اليابانية بشتي أنواعها والمرشحة للزيادة بشکل هائل خلال السنوات القادمة.

ثالثها: عدم وجود أية حساسيات دينية أو سياسية بين دول الخليج العربي واليابان، فضلاً عن عدم وجود أى تهديدات مباشرة من جانب کل العرب لليابان من الأساس نتيجة البعد الجغرافى، والصورة الإيجابية لليابان فى دول مجلس التعاون الخليجي خاصة وفي الدول العربية عامة حتى الآن.

هذه الإعتبارات الثلاثة وغيرها دفعت دوائر صنع القرار فى اليابان إلى عدم النظر إلى العرب کأعداء، و بعد 11 سبتمبر2001 شاعت صورة المنکسر، أو ما يمکن أن يطلق عليه صورة النمر بدون انياب بين دوائر صنع القرار اليابانية، فصانعو السياسة اليابانية يدرکون من ناحية أولي: أن لهم مصالح سياسية وأقتصادية مهمة مع دول الخليج العربي، ويدرکون أيضاً أنه بالرغم من أن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلک عناصر مهمة للقوة، فإنها لا تتفق على استخدامها بصورة جماعية فى مواجهة التحديات والتهديدات التى تواجهها[xlvi]، فضلاً عن إن دول مجلس التعاون الخليجي تتصرف في المجال الخارجي دون التزام بأي معايير خليجية جماعية‏، أما عندما يتعلق الأمر بالعلاقة مع اليابان، فکل منها يضع نصب عينيه مصالحه الذاتية، منظوراً إليها من زاوية الحکومات والعائلات الحاکمة، وليس من منظور المصالح الخليجية أو العربية العامة أو حتي المصالح الوطنية للدولة‏.‏

ومن ناحية ثانية: فإن الأوراق الخليجية العربية التي يمکن توظيفها للتأثير على صانع القرار السياسى اليابانى تعد ضئيلة بالفعل‏،‏ فأقوي هذه الأوراق وهو البترول لم يکن محدداً مهماً في مسار الاقتصاد اليابانى إلا في فترات قليلة من التاريخ الطويل للسياسات البترولية‏، ومن ناحية ثالثة: يوجد شعور عميق فى اليابان بضعف أداء مجلس التعاون الخليجي فى مختلف القضايا التى تواجه منطقة الخليج العربي بدءاً بإحتلال العراق، ومروراً بقضايا التنمية الأقتصادية والأجتماعية.

کل ذلک ساهم فى ترسيخ صورة الخليج العربي فى اليابان فى شکل نمور بدون انياب، وهذه الصورة أدت إلى ظهور معسکري الحمائم والصقور بين الأکاديميين وصانعى السياسة اليابانية بشأن التعامل مع دول مجلس التعاون الخليجي فى المستقبل[xlvii]، مما يدعو لضرورة صياغة نظام إقليمي جديد يقوم على سياسات ومواقف إقليمية مشترکة متوافق عليها في مجالات الإصلاح والاقتصاد والأمن الإقليمي.

وعليه يمکن القول: أن الدور الياباني التنموي في منطقة  الخليج العربي سيکون محورياً، وأن قدوم اليابان اليوم والبحث عن حوار هو بداية مطمئنة لمستقبل العلاقات الخليجية ـ اليابانية[xlviii]، ومنها منتدى التعاون العربي ـ الياباني[xlix]، وتمثل اليابان مرتبة متقدمة کشريک تجارى ومستثمر واعد في دول مجلس التعاون الخليجي[l]، وفيما يشبه الدبلوماسية الشعبية شهدت منطقة الخليج العربي في الفترة الأخيرة زيارة الکثير من الوفود اليابانية في مجالات واختصاصات مختلفة، تحرکت باتجاه هدف واحد، هو تعزيز الشراکة على کافة المستويات، وفي المجمل أصبحت اليابان أحد اللاعبين الأساسيين في الخليج المؤثرين في تفاعلاته المدنية على وجه الخصوص.

ثالثاً: تطور العلاقات إلي شراکة اقتصادية بين اليابان ودول الخليج العربي:

يتمثل المسار الجديد لخيارات اليابان الاقتصادية بمنطقة الخليج العربي، في تغليب الطابع الاستثماري، وتأسيس المشاريع المشترکة، وقد تزايد عدد الشرکات الهندسية العاملة في الخليج، وبلغ مستويات متقدمة، وتمکنت هذه الشرکات من تنفيذ مئات المشاريع في دول مجلس التعاون الخليجي، ومن ثم بدأت اليابان سياسة جديدة مع دول الخليج، تقضي بإنشاء مجمعات تخزين مشترکة للنفط في الجزر اليابانية، يمکن لليابانيين استخدامها في حالات الطوارئ، کما يمکن لدول الخليج الاستفادة منها في تسويق النفط في الدول المجاورة، في شرق وجنوب شرق آسيا، کما اضحت اليابان أحد أکبر المستثمرين في البنية التحتية في بعض هذه الدول ( کالعراق مثلاً )، وأحد أبرز المانحين الماليين له، وفي المجمل فإن النشاط الاستثماري الياباني غطى تقليدياً کافة دول الخليج العربي.

وعلى صعيد التبادل التجاري: ظلت اليابان محتفظة ــ في أغلب الفترات ــ  بموقعها کأکبر شريک تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي العربي، وهي قد أزاحت أوروبا لسنوات عن هذا الموقع، وبحسب تقرير أصدرته منظمة “أونکتاد” عام 2016م فإن 17% من صادرات دول الخليج  تذهب لليابان، أي ما يعادل نحو 10%  من الناتج المحلي الإجمالي الخليجي، وتتصدر دولة الإمارات العربية الدول الخليجية من حيث حجم الصادرات إلى اليابان، إذ تمثل 36% من الإجمالي، تليها السعودية بـ30%، لکن اليابان تستحوذ على 40% من الصادرات القطرية، أي 15% من الناتج، مما يجعل قطر الدولة الأکثر ارتباطاً بهذه الصادرات بين دول الخليج.

   ووفقاً لمؤشرات تجارية ليست ببعيدة  فقد ارتفع التبادل التجاري بين اليابان ودولة الإمارات في النصف الأول من عام 2011 بنسبة 23.5% ليصل إلى 23.74 مليار دولار، مقارنة بـ 18.2 مليار دولار للفترة ذاتها من عام2010، کما ارتفعت المبادلات التجارية بين الإمارات واليابان لتصل إلى 36.62 مليار دولار، مقابل 29.21 مليار دولار في 2009، من جهة أخرى بلغ حجم التبادل التجاري بين اليابان والکويت نحو 13.39 مليار دولار عام 2010. وفي العام ذاته، بلغ حجم التبادل التجاري بين اليابان والبحرين مليار دولار. وتعدّ اليابان ثاني أکبر شريک تجاري للسعودية، حيث يبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين نحو 45.6 مليار دولار، ويبلغ عدد المشاريع المشترکة في المملکة 24 مشروعا، يتجاوز تمويلها 11.9 مليار دولار[li]، وتعتبر قطر أکبر مصدر للغاز الطبيعي المسال إلى اليابان.

وتجدر الإشارة إلى اليابان وأمن الخليج العربي: فبعد تطوّر حضورها الاقتصادي الضخم في المنطقة، دخلت اليابان على خط الأمن في الخليج العربي من ثلاثة مداخل هي: أولاً: إرسال بوارج حربية إلى غرب المحيط الهندي مع بدء الحرب في أفغانستان، وثانياً: إرسال قوات عسکرية إلى العراق في مهام غير قتالية، وثالثاً: إرسال سفن حراسة إلى خليج عدن وبحر العرب لمواجهة القرصنة، وذلک منذ عام 2009 ، وهناک مدخل رابع: يمکن افتراض تحققه مستقبلاً وهو دخول اليابان إلى سوق الدفاع الخليجي متى أنهى البرلمان الياباني الحظر المفروض على تصدير السلاح للخارج، وحينها قد تستنسخ اليابان تجربتها المدنية في المنطقة، وتدخل في مشاريع تصنيع عسکري مشترک مع دول الخليج[lii].

کما تجدر الإشارة إلى أن نقاشاً وطنياً قد أثير داخل اليابان منذ مطلع الألفية الثالثة، حول إعادة تحديد دور اليابان علي الساحة الدولية، وهو ما ترجم في التحليل الأخير بإعادة تعريف للقوة الأمنية اليابانية، حجماً ودوراً، وتوّج النقاش الطويل بتعديلات دستورية أقرت بالمعطى الجديد وشٌرعته، وقد بدأت المحظورات التي تنص عليها المادة التاسعة من الدستور الياباني في الانهيار التدريجي، وکانت هذه العملية قد بدأت بشکل رمزي في عام 1987م عندما تجاوزت الميزانية اليابانية للدفاع الذاتي للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية، نسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة التي کانت تعتبر الحد غير الرسمي للبلاد بالنسبة للإنفاق العسکري.

وفي التأصيل الإستراتيجي للتطورات: يمکن ملاحظة أن أمن الطاقة الياباني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بأمن الخليج العربي، وذلک على مستوى الواردات والممرات الحيوية. فمازالت اليابان تستورد من الخليج 75% من احتياجاتها النفطية، البالغة أربعة ملايين برميل يومياً، ويشکل هذا الخام 35% من إجمالي النفط المار عبر مضيق هرمز، وبهذا المعنى تعدّ اليابان أکثر دول العالم ارتباطا بأمن المضيق، بعد دول الخليج ذاتها[liii].

وخلاصة القول: هي إن الخليج العربي قد بات موضع ترکيز ياباني متعدد الأوجه والأبعاد، وغير مسبوق في حجمه ونوعيته، وإن الدور الياباني له اليوم دلالاته البالغة ذات الصلة بمستقبل هذه المنطقة وموقعها الجيوبوليتيکي الدولي، کما أن العمل علي تعزيز العلاقات وتطويرها إلي شراکة بين الطرفين ( الياباني والخليجي ) لا يأتي وفق إرادة اليابان وحدها وإنما أيضا إرادة وحاجة بلدان الخليج العربي، مما يعني أن تطوير العلاقات يأتي کنتاج لهذا التفاعل في الإرادة بين الجانبين، وتلبية للحاجات المتبادلة بينهما.

ويمکن تناول أهمية الطاقة کمحدد للسياسة الخارجية لليابان تجاه دول الخليج، حيث يمکن ملاحظة أن قيمة الواردات اليابانية من دول مجلس التعاون الخليجي قد قفزت بنحو 40% خلال عام واحد فقط نتيجة ارتفاع أسعار النفط، بينما حافظت الصادرات على قيمتها نسبيًّا، وفي المقابل مع تراجع أسعار النفط، فقد انخفضت قيمة التجارة البينية بين اليابان ودول مجلس التعاون بنحو 4 في المائة في عام 2014 إلى 161.8 مليار دولار (حوالي 11% من إجمالي التجارة الخارجية لليابان)[liv]، ومن المتوقع أن يستمر هذا المنحى فقد هبطت قيمة التبادلات التجارية بين اليابان ودول الخليج نحو 50% إلى 39.3 مليار دولار في النصف الأول من عام 2015م، مقارنةً بـ 74.42 مليار دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي[lv]، وبالتالي فإنَّ إمدادات النفط والغاز لا تزال تمثِّل العمود الفقري في العلاقات اليابانية ــ الخليجية.

لقد شکَّلت واردات الطاقة ما يقرب من 98.5% من إجمالي واردات اليابان من دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014[lvi]، ورغم تراجع واردات اليابان من النفط الخام من دول الخليج بنحو 5% أي ما يقارب 2.65 مليون برميل يوميًّا في عام 2014، مقارنة مع 2.79 مليون برميل يوميًّا في عام 2013، إلا أنها شکَّلت أکثر من ثلاثة أرباع إجمالي واردات اليابان من النفط الخام في عام 2014، والتي بلغت نحو 3.44 مليون برميل، ومن جهة أخرى فقد استوردت اليابان حوالي 34.06 مليون طن من الغازات البترولية ( ويشمل ذلک الغاز الطبيعي المسال والبروبان المسال، والبوتان المسال ) من دول مجلس التعاون الخليجي، وکانت دولة قطر ثاني أکبر مورِّد لليابان من الغاز الطبيعي المسال في العالم بعد أستراليا، حيث زوَّدت قطر اليابان بنحو 18% من إجمالي احتياجاتها في عام 2014، بينما جاءت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة السادسة “6 %”، وحلَّت سلطنة عُمان في المرتبة التاسعة “4 %”.

لذلک ليس مستغرباً أن نلاحظ أن معظم الاستثمارات الخليجية في اليابان تترکز في قطاع الطاقة، ولعلَّ أکثرها أهمية الحصة التي تُقدَّر بنحو 15% والتي تملکها شرکة أرامکو السعودية في مصفاة (شوا شل ــ Showa Shell) أحد أکبر المصافي في اليابان[lvii]، هذا بالإضافة إلى خزَّانات النفط الخام العملاقة التي استأجرتها شرکة أرامکو السعودية في جزيرة أوکيناوا في جنوب اليابان، والتي لديها قدرة استيعابية على تخزين نحو 6.4 ملايين برميل موجَّهة لخدمة عملائها في آسيا، وحتى في مناطق بعيدة مثل الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميرکية،

ومع ذلک فبمجرد النظر بعيداً عن النفط والغاز، فإن أهمية العلاقات الاقتصادية تبدأ في التلاشي، حيث تتنوع صادرات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى إلى اليابان لتشمل الألومنيوم والمواد الکيميائية إلى الأحجار الثمينة، لکنها تعادل نسبة ضئيلة جدًّا إذا ما قورنت بمبيعات منتجات الطاقة، وفي المقابل فإنَّ أکبر فئة من سلع واردات دول مجلس التعاون الخليجي من اليابان هي السيارات، والآلات ومعدات النقل، التي تمثِّل تقريبًا ثلاثة أرباع إجمالي الواردات الخليجية من اليابان. صحيحٌ أن الشرکات اليابانية حاضرة أيضاً في قطاعات مختلفة في دول الخليج العربي خصوصاً الطاقة، إلا أنها هي الأخرى تواجه منافسة شرسة من الشرکات الأميرکية والأوروبية وحتى الآسيوية وخصوصاً الکورية الجنوبية.

لعلَّ الأهم هو أنه على مدى العقد الماضي حدثت بعض التغييرات المهمة في أنماط التجارة لدول مجلس التعاون الخليجي، فرغم أن اليابان لا تزال الوجهة التصديرية الأهم لدول الخليج، لکن نصيبها تراجع من أکثر من 23 % في عام 2000 إلى نحو 15 % في عام 2014، کما تراجع مرکز اليابان کأکبر شريک تجاري لدول مجلس التعاون الخليجي إلى المرکز الثالث بعد الاتحاد الأوروبي والصين، ومن المتوقع أن تتجاوز اليابان أيضاً دولاً أخرى مثل الهند وربما کوريا الجنوبية قبل نهاية العقد الحالي، وتعکس هذه الأنماط التجارية المتغيرة حقيقة التحولات في القوة الاقتصادية العالمية نحو الأسواق الناشئة، ولاسيما الصين والهند اللتان من المتوقع أن تصبحا أهم شريکين تجاريين لدول مجلس التعاون الخليجي قبل نهاية العقد الحالي[lviii].

کما ينبغي الإشارة هنا إلى أنَّ اليابان تدعم توجهات السياسة الخارجية الأميرکية في منطقة الخليج العربي، وهي حليف قوي لأميرکا وتستضيف عشرات الآلاف من الجنود الأميرکيين على أراضيها، وترى اليابان أن توقيع الاتفاقية النووية بين إيران من جهة ومجموعة 5+1 من جهة أخرى أمر إيجابي، ويصب في صالح المجتمع الدولي، وتؤمن اليابان بأن الولايات المتحدة الأميرکية ستعمل على طمأنة حلفائها في الخليج (دول منظومة مجلس التعاون الخليجي) بأن الاتفاق يصب في مصلحة جميع الأطراف، ولن تکون له انعکاسات سلبية على أمن المنطقة، ورغم أن اليابان قد رسمت سياسة طموحة لتنويع مصادر الطاقة ووارداتها، إلا أنها ستبقى تستورد کميات معتبرة من الغاز الطبيعي المسال والنفط على مدى العقدين القادمين، وحيث إن هذه السلع لا تزال تعتبر حيوية لنمو الاقتصادي العالمي، فإن اليابان لا يمکنها تجاهل تداعيات ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط، کما أن تجربة کارثة فوکوشيما أظهرت أهمية منطقة الخليج على وجه الخصوص بالنسبة لصانع القرار في اليابان.

ولعل کلمات مساعد وزير الخارجية الياباني ’’kentaro sonoura‘‘ تعکس ذلک بشکل جلي: “اليابان حکومةً وشعبًا ممتنة لدول الخليج بشکلٍ عام ولدولة قطر بشکلٍ خاص على وقوفها مع اليابان إثر تضررها البالغ جرَّاء الزلازل والکوارث الطبيعية التي حلَّت باليابان في عام 2011،  فدولة قطر قد صدَّرت عدداً من الشحنات من الغاز المسال إلى اليابان دون مقابل، وأسَّست صندوقاً للصداقة القطرية ــ اليابانية من أجل المساعدات الإنسانية للمتضررين من تلک الکوارث الطبيعية في اليابان‘‘[lix].

  ويمکن الإشارة إلى أنه في مايو من عام 2013م القى رئيس وزراء اليابان ’’شينزو آبي‘‘ من على منصة جامعة الملک عبد العزيز في جدة خطاباً حاسماً وقوياً بين فيه الأسس والاطر التي تتطلع اليابان لاقامة تعاون اقليمي مشترک، وحدد ’’آبي‘‘ ما سوف تقوم عليه العلاقات القادمة في الشرق الاوسط بصفة عامة، وکان خطاب ’’أبي‘‘ في ذلک الوقت في خضم تخبط سياسي وتفرق وتشرذم عربي يبسط  بظلاله السوداء على کافة بقاع الوطن العربي[lx].

وهذا يعد وضع لآلية التعامل الجديدة مع منطقة الخليج العربي، وقد يبدو واضحاً هنا أن القلق الياباني للوضع السياسي عالي جداً، لأن المصالح الاقتصادية لليابان أخذت تستشعر الخطر الکبير إذ لم تتبنى اليابان سياسة جديدة تتلائم مع المتغيرات بالمنطقة، والتي باتت متغيرة بشکل مضطرب بعيدة کل البعد عن اي توزان واستقرار اقتصادي وسياسي، وظهور جماعات ضاغطة يغلب عليها الطابع الديني الذي لم تعهده اليابان، وتعتبر اليابان نفسها إنها اصبحت في منأى کبير لما يدور حالياً في الشرق الاوسط من الصراعات الاثنية والطائفية، في دول يغلب عليها الطابع الديني في کافة عناصر الحياة، وفي ظل القوى الصاعدة إلى جانب الولايات المتحدة الأمريکية، تبدو اليابان مرشحة لدور يتناسب مع قوتها في نظام عالمي جديد يتسم بتعدد الأقطاب، ومن ثم فان الولايات المتحدة قد لا تکون المهيمن الوحيد على منطقة الخليج العربي، وإنما هناک قوى دولية أخرى قد تشارکها التنافس عليها، ومن هنا جاءت أهمية تسليط الضوء على المنظور الإستراتيجي للعلاقات اليابانية ــ الخليجية[lxi].

وخلال مشارکة اليابان فى القمة العربية للدورة التاسعة عشر على مستوى القادة بالرياض، قدم المبعوث الخاص لحکومة اليابان مساعد مدير إدارة الشرق الأوسط رسالة من حکومة بلاده لجامعة الدول العربية استهلت بالتعبير عن امتنان حکومة اليابان لحکومة المملکة العربية السعودية ولجامعة الدول العربية لاتاحة الفرصة لارسال ممثل للحکومة مراقباً في القمة العربية[lxii].

وحول عملية السلام في الشرق الأوسط: اعربت حکومة اليابان عن تشجيعها لإحلال الهدوء محل الاضطراب والعنف في الاراضي الفلسطينية، وأکدت على أن السياسة الخارجية لليابان في المنطقة تقوم على الإهتمام بالتنمية الصناعية، وتحفيز التشغيل، وبناء الإنسان وتحقيق العدالة السياسية والإدارية من خلال تحقيق الهدف الأکبر من الحکم الرشيد والإستقرار السياسي والإقتصادي،  بل وأکثر من ذلک الإهتمام بتحفيز الدبلوماسية الإقتصادية والتطلع إلى تحقيق تغييرات سلمية في النظامين السياسي والإقتصادي مع تعظيم الفائدة الإقتصادية للطرفين سواء کان اليابان أو الدول المعنية بالتنمية، وکذلک مع إمتلاک الکثير من هذه الدول وفرة في الموارد الطبيعية من نفط وما إلى ذلک، ويتم تشجيع التعاون في مجال الطاقة، وتعاون أکثر في السياسة، والتقنيات العلمية والتعليم وغيرها من المجالات وتقوية مشارکة اليابان عن طريق الإتجاه إلى تأسيس علاقات تعاون متعددة المستويات إلى جانب بناء علاقات قائمة على الثقة[lxiii].

وفي ما يتعلق بالربيع العربى والاحتجاجات الواسعة التى شهدتها عدة دول عربية منذ عام 2011م کمحدد آخر للسياسة الخارجية لليابان وعلاقاتها مع دول الخليج العربى، وتمييزاً عن المواقف الإمريکية والروسية والأوروبية ونظراً للقيود الدستورية، لا يمکن تقديم المساعدة بشکلها العسکري ولکن مساهمة بالمساعدات و الدعم في الشکل المدني، إن اليابان في سياساتها الخارجية تولي ”الحفاظ على الإنسان“ عناية کبيرة، لکن في سياساتها الخارجية في منطقة البحر المتوسط بشکل خاص يظهر جلياً ميل اليابان إلى الدعم والمساهمة في بناء قدرات السکان المحليين في هذه المنطقة، ويشترک الإتحاد الأوروبي مع اليابان في هذا الإتجاه، ألا وهو ”ضمان الأمن  للإنسان“، عن طريق ”إستراتيجية ضمان أمن الدول الأوروبية“ الصادرة في ديسمبر ٢٠٠٣م، والمبنية على محاور السياسات الخارجية المشترکة وضمان الأمن، أي تقليص الممارسات العسکرية لأقصى حد ممکن والترکيز على المساعدات المدنية التي تمتلک الکثير من دول الإتحاد الأوروبي خبراتها[lxiv].

الخاتمة:

لا شک أن سياسة اليابان الخارجية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي هي جزء لا يتجزأ من سياستها الخارجية في إطار النظام الدولى الراهن، ولليابان موقع بارز فيه، فهناک محددات لتلک السياسة وقيود عليها نجمت من هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية، وتکبيل قرارها السياسي المستقل، ومع نهاية الحرب الباردة أملت بعض الدول ومنها اليابان، بمزيد من الحرية في علاقاتها مع الدول الأخرى، لکن النتائج جاءت معکوسة إلى حد بعيد، فقد اتسعت دائرة الهيمنة الأمريکية على اليابان وغيرها من دول العالم بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق وکتلته الشرقية، ولم تنجح اليابان حتى الآن في التملص من تلک الهيمنة، وما يزيد من تقاربها نحو الخليج العربي هى مسألة الطاقة والمصالح المشترکة.

وبالفعل لا تهتم اليابان بالشرق الأوسط بقدر ما تهتم بقضايا أخرى أقرب منها، بدءاً بصواريخ کوريا الشمالية ومطالبات الصين البحرية وصولاً إلى المعاهدات التجارية الدولية، في الوقت ذاته فأن السياسة الأمريکية الناجحة تجاه شرق آسيا تفترض قيادة أمريکية قوية في ما يسمونه غرب آسيا، فاليابانيون يريدون أن تساهم الولايات المتحدة في حماية تدفق مصادر الطاقة وأن تطمئنهم حول التزامها تجاه حلفائها وتتعامل بشکل فعال مع التهديدات الإرهابية القادمة من الشرق الأوسط بصفة عامة ومن دول الخليج العربي علي وجه الخصوص، وبالتالي فهم لا يعتبرون الانخراط الأمريکي في هذه المنطقة مسألة تصرف الانتباه، بل رکيزة داعمة أساسية لعلاقاتهم الأمنية والاقتصادية وغيرها مع واشنطن.

وفيما يتعلق بالنظرة المستقبلية للعلاقات الخليجية ــ اليابانية والسيناريوهات المتوقعة بشأنها يمکن القول: أن التکنولوجيا الحديثة والطاقة المتجددة والتنمية الصناعية التي تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، تمثل أحد أهم التوجهات الاستراتيجية لدول مجلس التعاون الخليجي، بينما يمثل النفط الخام أهم مُکون لمدخلات الاقتصاد اليابانى، ولذا فأن دراسة العلاقة بين الطرفين تستند إلى عدة متغيرات تؤثر فى مستقبل هذه العلاقة ، ولفهم وتحليل تلک العلاقة، وتطورها فى المستقبل، والمضى بها نحو آفاق جديدة قد تصل لمستوى العلاقات الاستراتيجية، وتتمثل هذه المتغيرات فى؛ موارد الطاقة التقليدية أو النفط والغاز، ومستوى العلاقات الاقليمية لليابان فى جنوب شرق آسيا وسياسة التوجه غرباً من ناحية، والوضع الراهن للمنطقة العربية ودول الخليج العربى تحديداً وسياسة التوجه شرقاً، ومن خلال النظام الدولى وتأثير التنافس الدولي على السياسة الخارجية لليابانباعتبارها قوة اقتصادية کبرى، وانعکاس هذا النظام على دول مجلس التعاون الخليجى، وعلى المستويات الثنائية يمکن النظر إلى العلاقات اليابانية ــ الإماراتية والتى تکشف عن التوجه نحو المستقبل ومدى رغبة کل من الدولتين للاستفادة من الأهمية السياسية والاقتصادية للإمارات التى تنمو باطراد، واستغلال المستجدات الاقتصادية اليابانية، وبالنسبة للعلاقات اليابانية ـ السعودية فقد صارت اليابان لاعباً محورياً في رؤية السعودية 2030م.

من هنا يجدر تناول المأمول والمطلوب من اليابان ودول مجلس التعاون الخليجى مما يحدد سيناريوهات المستقبل، وهذايتوقف على إمکانيات وتطلعات کل طرف وما يستطيع أن يقدمه للطرف الآخر، وتوجد على الأقل ثلاثة سيناريوهات وذلک على النحو التالى:

أولاً : سيناريو بقاء الوضع الراهن: بمعنى أن تتعامل اليابان مع دول الخليج العربى باعتبارها “شريک اقتصادى وتجارى” کما هو مستوى العلاقات بينهم فى الفترة الراهنة.  

ثانياً : سيناريو براجماتى يتعلق بمعطيات الوضع الدولى والاقليمى: ويشير إلى أن تتعامل اليابان مع دول الخليج العربي وفق المعطيات الحالية من حيث الموقع الجغرافي وعلاقاتها مع الدول الأخرى فى إقليم الشرق الأوسط وخاصة ترکيا وإيران وإسرائيل وتطورات التنافس الدولي فى المنطقة وما سيسفر عنه، وعلى دول الخليج العربي أن تدرس تلک التطورات بصورة واقعية لتحدد المسار الأمثل للعلاقات الاستراتيجية مع اليابان في المستقبل.

ثالثاً: السيناريو المتفائل: ويتطلع لمزيد من التعاون والتنسيق بين الطرفين، والتي ستجد لها انعکاسات إيجابية کبيرة على اقتصادَي الخليج العربى واليابان، بمعنى أن تتعامل اليابان مع دول مجلس التعاون الخليجى من خلال ترتيبات جديدة للواقع السياسى فى منطقة الشرق الأوسط والخليج تحديداً، وعلاقة تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريکية مع تقليص المخاوف والتوترات فى العراق وسوريا واليمن وليبيا وانعاکسها على الخليج العربى، ومع إبعاد عناصر التنافس الروسى ــ الأمريکى فى المنطقة والتصادم الذى قد يقع بينهما.

والأخذ بهذا السيناريو يرجحه ارتباطدول مجلس التعاون الخليجى باليابان بعلاقات متميزة أضحت مثالاً للتعاون والتنسيق الدولي القائم على التفاهم وتبادل المصالح المشترکة بصورة متوازية يسودها الاحترام والثقة المتبادلة بين الطرفين، ويدرک کل طرف أهمية علاقاته بالطرف الآخر، وفى ظل تزايد الطلب على تعميق العلاقات والتوجه غرباً، لذا من الضروري الإسراع فى توجه الطرفين نحو بناء الشراکة الاستراتيجية فى الأمد القريب مما لها من منافع متبادلة للطرفين فى ظل تراجع أسعار النفط وتراجع معدلات التنمية وتزايد احتياجات الشعوب، وتراجع جدوى الاقتصاديات الريعية.

لا شک أن هناک سيناريوهات أخرى قريبة الأجل وقد يُقدم فيها الاقتصاد على المحددات  الجيوسياسية فى النظام الدولى والإقليمى، ولکن يجب أن يؤخذ فيها بعين الاعتبار تطورات ظهور الطاقة المتجددة والنظيفة کمنافس للنفط ، ومطلب تنويع مصادر الدخل،  مما يعد بداية لشکل علاقة جديدة بين اليابان ودول الخليج العربى لمرحلة ما بعد النفط ، وهي علاقة لن تعتمد على القاعدة التقليدية النفط مقابل الصناعة والتکنولوجيا، إنما إيجاد قاعدة علاقات إستراتيجية جديدة مطلوبة للطرفين، ووفقاً للحاجات المتبادلة بينهما.

المراجع

[i]  بسام ناصر:التجربة اليابابنية: دراسة فى أسس النموذج النهضوى، ( الرياض، مرکز نماء للبحوث والدراسات، 2012 ) ص ص 18 – 45.

وانظر أيضاً: عبدالله جمعان الغامدي: الاقتصاد السياسي والتنمية في اليابان، دراسة في تحليل اسباب النهضة، (المجلة العلمية، کلية التجارة، جامعة أسيوط ، العدد 43، ديسمبر 2007) ص ص  57 – 82.

[ii]  د.حسن الباتع محمد عبد العاطى: التجربة اليابانية: نموذج الترقى بعد التردى، ( مجلة المعرفة، العدد 173، الرياض، 25- 7 – 2009)، ص ص 28 -43.

[iii]  سميحة سعيد سالم: أبعاد مقومات الدور الدولى لليابان 1945-1995،( رسالة دکتوراه غير منشورة، کلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية،   جامعة الخرطوم، 2003م)، ص ص 75-80.

[iv] د. حسين حمادي: أسرار الإدارة اليابانية، ط 1، ( وکالة الأهرام للتوزيع، القاهرة، 1998)، ص ص 48 – 57.

[v]د. نغم نذير شکر حنون: الدور الياباني الجديد على الساحة الدولية،( مجلة النبأ، العدد 76، الرياض، أبريل 2005)، ص 27-53.

[vi] د. ابراهيم عبدالله المنيف: إستراتيجية الإدارة اليابانية، ط 2، ( مکتبة العبيکان، الرياض  2009) ص ص 254 – 268.

[vii] محمد البوريني: الغزو الثقافي الأمريکي للمجتمع الياباني، (مرکز الجزيرة للدراسات: http://www.aljazeera.net )، ص 2.

[viii] المصالح الاقتصادية ترسم أهداف السياسة الدولية في عالم اليوم، شبکة النبأ المعلوماتية، السبت 27/3/ 2009م، متاح علي الموقع: http://www.annabba.org، ص ص 1-3.

[ix] رجب عبد العزيز: اليابان بعد الحرب، تجربة غير قابلة للتکرار، متاح علي الموقع:file://a:algomhupia net htm    بتاريخ 16/ 10/ 2003م، ص ص 1-6.

[x]  Keon kata kora.japan and the middle east peace process,(middle east research instate.Tokyo.2000).p40.

[xi] موقع وزارة الخارجية اليابانية على شبکة المعلومات الدولية: east peace process www.mofa.org/middle ،  وأنظر أيضاً:          د. حسين حافظ وهيب: استراتيجية الإدارة الامريکية الجديدة ازاء الشرق الاوسط، ( مجلة دراسات دولية، العدد 46، مرکز الدراسات الاستراتيجية والدولية، کلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2010)، ص ص 49- 75.

[xii] للمزيد حول هذه النقطة .. أنظر:

Akifemo, Veda, and ralenkin, keda: Japan and the Middle East after the cold war,( palissiva.pulilication jorvralism.1999 ),p10.

[xiii]  Keon kata kora, japan and the Middle East peace process, Op., Cit, pp 41-43.

[xiv] نظرة موجزة عن اليابان، على الانترنت:                                                                              htm, pp 1 – 12.. file://a:12222

[xv] المصدر السابق نفسه، p  17

[xvi] د. نازلي معوض احمد: الإدراک الياباني للنظام الدولي، ( السياسة الدولية، مرکز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، القاهرة،  العدد 101، تموز، 1990م)، ص ص63- 76.

[xvii] ميلاد المقرحي: تاريخ آسيا الحديث والمعاصر، شرق آسيا، الصين، اليابان، کوريا، ط 1،(جامعة قاريونس، ليبيا ، 1997م)، ص 268.

[xviii] غازي فيصل: اليابان ومستقبل النظام الدولي، ( آفاق عربية، العدد 11، نوفمبر 1992م )، ص ص 106- 118.

[xix] للمزيد من للمعلومات حول مؤتمر طوکيو للتعايش وبناء الثقة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، متاحة علي موقع وزارة الخارجية اليابانية

           .jp region Middle East processhttp://www.mofa.go

[xx] ناصيف يوسف حتى: القوى الخمس الکبرى والوطن العربي، ط 1، ( دراسات مستقبلية، مرکز دراسات الوحدة العربية، بيروت، أکتوبر، 1987م)، ص ص 168-179.

[xxi] منعم صاحي العمار:اليابان والنظرة الجديدة للشرق الأوسط،(نشرة قضايا دولية، مرکز الدراسات الدولية، العدد 36،1999)،ص ص24-38.

[xxii] توماس ويلبورن: السياسة الدولية في شمال شرق آسيا، المثلث الإستراتيجي: الصين، اليابان، والولايات المتحدة الأمريکية،( دراساتإستراتيجية، ط1، (مکتبة الجامعة الأردنية، الأردن ،  2014م)، ص ص 47 – 53.

[xxiii] شنتهار وايشنهار: اليابان لم تقل لا،صراع المستقبل بين الکبار، ترجمة هاله الحوري،( يافا للدراسات والبحوث، القاهرة،1991)، ص 106.

[xxiv] سعيد رشيد عبد الغني: التجربة اليابانية في التنمية،(رسالة دکتوراه ، کلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1992م)، ص 14.

[xxv] رياض الصمد: العلاقات الدولية في القرن العشرين، ج 2، (المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر، بيروت، د . ت ) ، ص 197.

[xxvi] صلاح حسن: العلاقات العراقية- اليابانية، (رسالة دکتوراه ، کلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 1997م)، ص212.

[xxvii]  Heirioh, Iveaft, Japans links with East and Southeast Asia, Aussen politic, (ferman foreign affair review, English edition,.vol 47, no 1. 1996 ), p73.

[xxviii] حسنين توفيق إبراهيم: النظام الدولي في التسعينيات، رؤية أولية،( السياسة الدولية، العدد 101، يوليو 1990م)، ص ص89-105.

[xxix] تاکاکازو وکورياما: اتجاهات جديدة لسياسات اليابان الخارجية،( السياسة الدولية، العدد 102، أکتوبر 1990م)، ص ص 214- 225.

[xxx]  مرکز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، “السلام الاستباقي”: سياسة اليابان الأمنية من يوشيدا إلى شينزو آبي، عرض مُوجز لدراسة تحت عنوان “السياسة الأمنية اليابانية: التحوٌل في المسار تحت قيادة آبي؟”، الصادرة في مارس 2015م عن المعهد الألماني للشؤون الأمنية والدولية، 7/5/2015م.

[xxxi]   Alexandra Sakaki, “Japan’s Security Policy: A shift in direction under Abe?”, (Berlin, German institute   for international and security affairs, March 2015), pp 13-18.

[xxxii]عبد الجليل زيد المرهون:السياسة الخارجية اليابانية وفرص الدور الإقليمي،( صحيفة الرياض،العدد 17895، السعودية، 8/2/2017)، ص 3.

[xxxiii]  صحيفة الاقتصادية، الشرکة السعودية للأبحاث والنشر، ( العدد 5277، الرياض، 32/3/2008م )، ص 9.

[xxxiv]  عماد جاد: الاندماج الإقليمي في آسيا (تجربة الآسيان) في د. عبد المنعم سعيد: النمور الآسيوية : تجارب في هزيمة التخلف، ( مرکز الدراسات السياسية والإستراتيجية، القاهرة،  1995م)، ص.ص. 190-191. وأنظر کذلک د. ماجدة صالح : تجربة الآسيان في التعاون الإقليمي، سلسلة أوراق آسيوية ،( مرکز الدراسات الآسيوية، کلية الاقتصاد، جامعة القاهرة، عدد5 ، ديسمبر 1995م)، ص ص 23 – 42.

[xxxv]  مسعود ضاهر: سياسة اليابان الخارجية في المرحلة الراهنة، ( صحيفة البيان الإماراتية، 9/1/2009م)، ص 2.

[xxxvi] طارق الشيخ: أيام طوکيو السبعة، (جريدة الراية القطرية، 27/3/2009م)، ص 7.

[xxxvii] محمد نجيب السعد: من سيقود آسيا: الصين أم اليابان ؟ العلاقات الصينية اليابانية بين دفء الاقتصاد وبرودة السياسة، ( صحيفة الوطن الأردنية، 8/1/2017م )، ص 9.

[xxxviii] محمود صافي محمود: توجهات سياسية حذرة: آفاق التعاون الصيني الشرق أوسطي والتحديات الراهنة، (المرکز العربى للبحوث والدراسات، متاح على الموقع الالکترونى للمرکزhttp://www.acrseg.org بتاريخ 20/5/2015م )، ص ص 95 -97.

[xxxix] أحمد قنديل: مستقبل آسيوي غامض: تناطح القوة بين التنين الصينى والساموراي الياباني، ( المرکز العربى للبحوث والدراسات، متاح على الموقع الالکترونى للمرکز http://www.acrseg.org بتاريخ 17/3/2014م)، ص ص  32 – 35.

[xl] مسعود ضاهر: لقاء الشرق والشرق: آفاق التواصل الثقافي بين العرب واليابان في المرحلة الراهنة،( صحيفة الاتحاد، 22/9/2011م)، ص 9.

[xli]  Akaha, Tsuneo, and Frank, Longdon, (eds.): Japan in the past – hegemonic world, (Lynne, Reinner, London, 2003), pp 30-38.

[xlii] صالح عبد الرحمن المانع:مستقبل العلاقات الخليجية اليابانية،( جريدة الاتحاد الإماراتية، العدد 5404، 21/11/2010م)، ص.6.

[xliii] د. حسن مصدق: اليابان بوابة العرب لمحاور آسيوية حليفة، ( صحيفة العرب اللندنية، العدد 10281، 20/5/2016م)، ص 2.

[xliv] مسعود ضاهر: اهتمام عربي محدود في دراسة قضايا الدول الآسيوية . تجليات البعد الثقافي في سياسة اليابان الشرق أوسطية،( صحيفة الحياة اللندنية، العدد 15036، 28/5/2004م )، ص 10.

[xlv] أحمد بهى الدين: صورة العرب فى اليابان بعد 11 سبتمبر2001م، ( مرکز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، ملف الأهرامالاستراتيجى، 1/5/2004م ). ص ص 23- 31.

[xlvi] باسل عبد الوهاب المجالى: دور اليابان فى النظام الدولى الراهن 1990 – 2005م، ( رسالة ماجستير غير منشورة، کلية الدراسات العليا بالجامعة الأردنية، 2008م)، ص ص 110 – 134.

[xlvii] سميحة سعيد سالم، مرجع سبق ذکره ، ص ص 292 – 300 .

[xlviii] سلمى العليمي، فرص التعاون: حوار عربي- ياباني لمواجهة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، ( مرکز الروابط للبحوث والدراساتالاستراتيجية، المرکز الإعلامى (تقارير)، 19/2/2016م).

[xlix] التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2012م، متاح علي الموقع:  http://www.amf.org.ae.

[l] تقرير مناخ الاستثمار في الدول العربية 2011م الصادر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، متاح علي الموقع   الإلکتروني للمؤسسة العربية:     http://www.dhaman.org.

[li] د. جمال عبد الله ، د. ناصر التميمي: العلاقات الخليجية-اليابانية: ماذا بعد الطاقة؟، مرکز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، المرکز الإعلامى (تقارير)، 26/10/2015م، ص ص 7- 9.

52   Baily,Paul J., Postwar Japan: 1945 to the present,(Histiorical Association Stdudies, Oxford:Cambridge,  MA:Blackweel,2006), pp25-36.

[liii] نصرة عبد الله البستکي: اليابان والخليج: استراتيجية العلاقات والمشروع النهضوي، (بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 2004م)، ص ص 23-30.

[liv]Japan External Trade Organization (JETRO), “Japanese Trade and Investment Statistics,” (accessed 1-3 October 2015), https://www.jetro.go.jp/en/reports/statistics.html

[lv]   Ministry of Finance Japan, “Trade Statistics of Japan,” (accessed 5 October 2015), http://www.customs.go.jp/toukei/info/index_e.htm.

[lvi]    Japanese Trade and Investment  Statistics,op.,cit,p 6

[lvii]    ARAMCO, “Annual Review 2014,” 11 May 2015, (accessed 1 October 2015), http://www.saudiaramco.com/en/home/news-media/publications/corporate-reports/annual-review- 2014.html.

[lviii]Dudley. D, “Tokyo Drifts From GCC’s Trade Sphere,” ( Bloomberg Business week, 13 October 2014, accessed 1 October 2015,

http://www.businessweekme.com/Bloomberg/newsmid/190/newsid/251/Tokyo%ADDrifts%ADFrom%ADGCCs%ADTrade%ADSphere1/4

[lix] BMI Research, “Japan Oil & Gas Report – Q4 2015,” (London: Business Monitor International Ltd, 1 October 2015), pp. 7-9.

[lx] محمد ابودية معتوق: العلاقات اليابانية والعربية من منظور ياباني في الشرق الاوسط ،( مرکز الجزيرة للدراسات، 19/11/2014م )، ص 18.

[lxi]  مسعود ضاهر (عرض کتاب): دراسة في سياق الاهتمام العربي : اليابان والخليج: استراتيجية العلاقات والمشروع النهضوي، ( صحيفة الحياة اللندنية، العدد 15109، 9/8/2004م )، ص 13.

[lxii] وزارة الخارجية، المملکة العربية السعودية، 11/10/1433ه، متاحة علي الموقع: http://www.mofa.gov.sa

[lxiii] لمزيد من التفاصيل حول التوجهات اليابانية مؤخراً .. أنظر: Hollman,Donad,”Japnes Security and Postwor”,Foreign Policy,in Scap;apino,Robert,(eds),(the foreign policy of modern japan,Berkeley : U.C.P.,2007)pp76-89.

[lxiv]   وأنظر :  Japanes policy in the middle east,Seminars availabale in : http://www.passia.org/seminars/99/japan/policy.htm.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى