دراسات عسكرية

العسكرة العربية المتزايدة لم تجلب استقراراً أو ديموقراطية، كما أنها فشلت فشلاً ذريعاً في ضمان السيادة والاستقلال

 بعد قراءة مستفيضة في مؤشرات العسكرة والإنفاق العسكري العربي، خلصت ورقة علمية أصدرها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات إلى أن العسكرة المتزايدة في الدول العربية لم تجلب لها استقراراً أو ديموقراطية أو تطوراً مجتمعياً، كما أنها فشلت فشلاً ذريعاً في ضمان سيادتها واستقلالها.

وأشار معدّ الورقة الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي أن الهدف الأساسي للعسكرة في الدول العربية يقتصر على أولوية حماية النظام، بينما يتم تكييف مهمة رعاية أمن الدولة وأمن المجتمع لخدمة أمن النظام من خلال المزيد من العسكرة.
   وافترض الباحث أن الدول العربية تنتمي لمجموعة الدول التي تقوم إداراتها السياسية على جعل الأولوية لها في منظومة قيمها السياسية متمثلة في أمن النظام، وإن المؤسسة العسكرية هي التي أوكل لها القيام بمهمة الحفاظ على النظام السياسي أو تغييره، وفي حالة وصول النظام السياسي إلى مأزق مستعصِ مع المجتمع، فإن المؤسسة العسكرية تتولى مهمة التغيير القسري بالانقلاب أو بمساندة الشارع.

وأجرى د. عبد الحي مقارنة بين الفترة 1948-2010، حيث كان العسكريون العرب يقومون بالانقلاب ثم يسعون لجلب الشارع لتأييدهم، وبين الفترة 2011-2021 حيث بدأ الشارع يتحرك أولاً لتستثمره المؤسسة العسكرية بطريقة أو أخرى لاحقاً. فلاحظ أنه في المرحلة الأولى قامت على مبادرة الجيش بالتغيير للنظام، ثم يسعى النظام الجديد لحشد التأييد الشعبي له، بينما في الفترة الثانية يتوارى الجيش خلف حركة الشارع، أياً كانت مصداقية الشارع، ليقوم بالتغيير كما لو أنه يستجيب للإرادة الشعبية ويضفي على حركته قدراً من الشرعية، لكن ما يجمع بين المرحلتين هو توظيف العسكرة لأداء الدور.

ولفت الباحث النظر إلى أن التسويات السلمية العربية الإسرائيلية قد أسهمت في زيادة العسكرة العربية، حيث أن نسبة الإنفاق العسكري العربي من إجمالي الناتج المحلي منذ 1979، المعاهدة المصرية الإسرائيلية، إلى 1993/1994، اتفاقية أوسلو مع منظمة التحرير، ومعاهدة وادي عربة مع الأردن، وصولاً لموجة التطبيع العربي مع معظم دول الخليج والسودان والمغرب تشير إلى استمرار التزايد في ظاهرة العسكرة العربية بمؤشراتها الفرعية المختلفة. وهو ما يعزز ما خلص إليه الباحث أن العسكرة موجهة للداخل أكثر من توجهها للخارج في أغلب الدول العربية، خصوصاً أن الاتجاه العالمي يسير نحو تراجع نسبة الإنفاق العسكري إلى إجمالي الناتج المحلي العالمي في معظم دول العالم.

وأشار الباحث إلى أنه على الرغم من الإنفاق الهائل في الدول العربية على قطاع التسليح واحتلال الدول العربية مركزاً متقدماً في مؤشر العسكرة، إلا أن نتائج ذلك على الأمن والتهديد الداخلي أو الخارجي متواضعة للغاية، بل إن فعالية التنظيمات الشعبية المسلحة أحرزت نتائج في مناطق مختلفة من الدول العربية أفضل من نتائج القوات المسلحة التقليدية خصوصاً في مواجهة التهديد الإسرائيلي والأمريكي.

ورأى د. عبد الحي أن المؤسسة العسكرية تستفيد من الاضطراب الداخلي أو الخارجي من خلال إبقاء الحاكم تحت هاجس التهديد الأمني، داخلياً أو خارجياً، ليبقى أكثر اتكالاً على المؤسسة العسكرية. وأن الأنظمة السياسية تغدق على هذه المؤسسات المنافع الكثيرة لكي تضمن ولاء المؤسسة العسكرية لجانبها، وذلك من خلال الامتيازات وغض الطرف عن الفساد فيها خصوصاً في صفقات السلاح.

للاطلاع على الورقة كاملة على موقعنا أو بصيغة PDF:

https://link.alzaytouna.net/PA_Walid-AbdalHay_AMSS_82021

 >> ورقة علمية: مؤشرات العسكرة والاستراتيجيات الأمنية في الدول العربية … أ. د. وليد عبد الحي  (26 صفحة، 2.2 MB)

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى