العلمانية المعتدلة والمتطرفة في الفكر السياسي الغربي: دراسة مقارنة
2019, المجلد 18, العدد 36, الصفحات 152-175
شهد القرن السابع عشر في أوربا بداية فقدان الكنيسة للمكانة العالية التي كانت قد تبوأتها ،واهتز الأساس الروحي والأخلاقي الذي أقامت عليه نفوذها بل جبروتها في العصور الوسطى ،وبات المسيحيون في غرب أوربا يتحدثون عن ضرورة إصلاح الكنيسة والقضاء على الانحرافات الخطيرة التي ظهرت بين رجالها،وتطوير نظمها وتنظيم علاقاتها مع أرجاء العالم المسيحي.لم تكن العلمانية على درجة واحدة من حيث الطرح والاستخدام فالبعض طرحها بصورة طبيعية معتدلة على أنها تعطي مفهوم (فصل الدين عن الدولة) دون وجود أي إقصاء للجانب الديني شريطة عدم تدخله في الشؤون السياسية واعتباره من ضمن الأمور التي تعيش صراعا مع الشعور الداخلي للنفس الإنسانية ،بينما طرحها آخرون طرحا متشددا (صلبا) فعلى الرغم من اشتراكهم مع التيار الأنف الذكر بفكرة (فصل الدين عن الدولة) فإنهم لم يكتفوا بهذا بل إن توجهاتهم مثلت دعوة صريحة لهدم كل ما هو ديني وإدخاله في إطار الخرافات والبدع التي لا وجود لها.