العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا وأثارها على الحد من تفشي الفيروس: دراسة حالة المملکة العربية السعودية

مجلة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، القاهرة، المقالة 8، المجلد 22، العدد 1 – الرقم المسلسل للعدد 86، الشتاء 2021، الصفحة 255-307.من اعداد محمد السيد أبو الفتوح – قسم الإدارة العامة والمحلية / کلية العلوم الإدارية / أکاديمية السادات للعلوم الإدارية.

هدفت الدراسة إلى تحديد الأدوار والمسئوليات والأولويات المرتبطة بالعوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا المستجد، وهو ما لا يأتي إلا من خلال توافر رؤية استراتيجية واضحة تأخذ في الحسبان مقتضيات الواقع الجديد الذي يفرض نفسه على دول العالم أجمع من خلال رسم حزمة من السياسات والبرامج الهادفة للحد من تفشي الفيروس من ناحية، والحفاظ على سلامة وصحة المواطنين من ناحية أخرى.

ولتحقيق أهداف الدراسة استخدم الباحث في ضوء الفروض التي تم اختبارها واستناداً إلى طبيعة عينة الدراسة التي تتضمن فئة أعضاء المنظومة الصحية وعددهم (205) وفئة مختلف فئات المجتمع (المواطنين والمقيمين) وعددهم (179)، وقد تم استخدام نوعين من أنواع الأساليب الإحصائية وهما: أسلوب الإحصاء الوصفي حيث تم استخدام متوسط قيم استجابات أفراد العينة وفقاً لمقياس ليکارت والانحراف المعياري Standard Deviation، أسلوب الإحصاء الاستدلالي حيث تم استخدام تحليل التباين ANOVA لتحديد ما إذا کانت هناک فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء مجموعتي الدراسة حول الأسئلة المطروحة عليهم أم لا، ولقد تم استخدام مستوى معنوية 0,05وهو المستوى الشائع استخدامه في الدراسات والأبحاث العلمية.

وتوصلت الدراسة لعدد من النتائج من أبرزها: اتفاق آراء العينة الکلية وکذلک آراء مجموعتي الدراسة فيما يتعلق بالأهمية النسبية للعوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا، حيث تمثلت هذه العوامل في امکانيات وقدرات القطاع الصحي سواء فيما يتعلق بالإمکانيات المادية أو الامکانيات البشرية، وسرعة تدفق المعلومات وتغيرها بشکل مستمر.

ولقد أوصت الدراسة بمجموعة من التوصيات جاءت أهمها في: ضرورة المراجعة المستمرة للقرارات والاجراءات والتدابير التي تتخذها المملکة العربية السعودية بشأن تطورات انتشار الفيروس، خاصة وأن العالم أجمع في سباق حول السعي نحو تخفيف الإجراءات المقيدة للحياة الطبيعية واستخدام مصطلح “العالم الجديد The New World”.

– مقدمـــة البحث:

تشير العديد من الدراسات أن هناك قلق واضح عالمياً فيما يتعلق بحقيقة فيروس کورونا الجديد لعام 2019م (کوفيد-19) باعتباره تهديداً للصحة العامة في جميع أنحاء العالم، وهو ما يتطلب ضرورة توافر القدر المناسب من البيانات والمعلومات وتحليلها للوصول إلى آليات واجراءات من شأنها تعمل على الحد من انتشار تفشي الفيروس (Samrat K. Dey et al,2020;Guan Wang et al,2020;Yaqing Fang et al,2020). ولقد أدى ظهور (کوفيد-19) الجديد إلى عدد کبير من الوفيات في البلدان الأوروبية مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا التي راهنت على خدمات الرعاية الصحية التي تمتلکها وجودة أنظمتها الصحية سواء فيما يتعلق بالفترة المعدية، وقابلية الانتقال، والشدة السريرية، ومدى انتشار الفيروس لکافة فئات المجتمع، ولکن الواقع العملي أثبت أن تدابير الصحة العامة الأوروبية غير قادرة على احتواء تفشي (کوفيد-19) بشکل کامل، وبالتالي فهي تواجه هذا الوباء بصعوبة وتناشد المساعدة الدولية (Mohamed A. Daw,2020)

فما حدث منذ ديسمبر 2019م في مدينة ووهان وسط الصين من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19) والذي صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه “جائحة عالمية” أو “وباء عالمياً” يعد بالنسبة للدول والمنظمات تهديداً خارجياً خارج عن سيطرة رؤساء الدول ورؤساء مجالس إدارات المنظمات، إن هذا التهديد عانت منه الدول المتقدمة قبل غيرها من الدول النامية أو الآخذة في النمو، وهو ما يؤکد حقيقة هامة أنه في أحياناً کثيره تکون التهديدات الخارجية أکبر من قدرات وامکانيات الأنظمة فلا توجد دوله أو منظمة لا يوجد بها مشاکل أو لا تعاني من تهديدات، ولکن الفارق الوحيد بين المتقدم وغير المتقدم سواء کانت دولة أو منظمة هو کيفية التعامل مع هذه الأزمات ومواجهة هذه التهديدات أو کيفية وضعها في حدها الأدنى أو على الأقل الوصول إلي أقل خسائر، وهو ما لا يأتي إلا من خلال صناعة واتخاذ قرارات رشيدة تسهم بشکل کبير في التصدي للآثار السلبية المصاحبة لها.

وفي هذا السياق، لا يزال تقييم المخاطر العالمية لمنظمة الصحة العالمية للوضع “مرتفعاً جداً”، حيث جاء هذا التقييم مع الانتشار السريع لفيروس کورونا (کوفيد-19)، والعدد المتزايد من الحالات والوفيات المرتبطة به، فضلاً عن الافتقار إلى الخيارات العلاجية واللقاحات، وهو ما دفع العديد من الحکومات والسلطات الصحية إلى تنفيذ اجراءات وتدابير صارمة لمکافحة الوباء. وتشمل هذه الاجراءات والتدابير إغلاق المجتمع، وقيود السفر والتنقل، وإلغاء الأحداث والتجمعات غير الضرورية، حتى إذا لم تکن تدابير الصحة العامة التقليدية قادرة على احتواء تفشي (کوفيد-19) بشکل کامل، فستظل فعالة في الحد من حالات الذروة والوفيات العالمية (Annelies Wilder-Smith et al,2020)

ولقد شهدت المملکة العربية السعودية في الآونة الأخيرة سلسلة من الأحداث الاجتماعية والثقافية والترفيهية والرياضية الوطنية والدولية في جميع أنحاء المملکة تحت مظلة وزارة الثقافة السعودية وجهود الهيئات الرياضية والترفيهية في المملکة، ولقد ترتب على ذلک تغيراً في الحياة الاجتماعية للمواطنين والمقيمين وأصبحت أکثر حيوية خارج حدود المنزل مع استثمارات إضافية في الأماکن العامة مثل دور السينما والمطاعم والمقاهي ومراکز التسوق وصالات الألعاب الرياضية والمتاحف والمراکز الثقافية والاجتماعية، ونتيجة لذلک فإنه في حالة استمرار انتقال (کوفيد-19) فستکون هناک حاجة إلى تحرک جذري واتخاذ العديد من القرارات والإجراءات والتدابير التي يمکن من خلالها التعامل مع الانتشار السريع لفيروس کورونا (کوفيد-19)، وذلک من خلال تنفيذ واستدامة اکتشاف الحالات وعزلها، وتتبع جهات الاتصال الصارمة، والحجر الصحي، والاختبار، بالإضافة إلى المراقبة على مستوى المجتمع المحلي من خلال التقييد الاجتماعي، والقيود المفروضة على السفر والحرکة وغيرها من التدابير للمساعدة في مکافحة الوباء.

کما ساهمت حزمة القرارات والإجراءات والتدابير التي اتخذتها حکومة المملکة العربية السعودية لمواجهة الآثــار الناتجة عن تفشي الوباء العالمي (کوفيــد-19) بقيمة تتجاوز (120 مليــار ريال) لتخفيـف الأثــر المالي والاقتصادي علــى الأنشــطة الاقتصادية، والقطاع الخاص لمواجهة آثار وتبعات فيــروس کورونــا المســتجد (کوفيــد-19). ولعل ما يؤکد ذلک، ما أوضحته هيئة الرقابة ومکافحة الفساد (نزاهة) بناءً على ما نشرته منظمة الشفافية الدولية Transparency International بشأن (الفساد وعلاقته بفيروس کورونا “کوفيد-19”) حيث أکدت المنظمة أن برامج ومبادرات رؤية المملکة 2030م في تعزيز الشفافية وتطوير السياسات والإجراءات وسد الثغرات التي يمکن أن ينفذ منها الفساد للخدمات الحکومية انعکست بشکل إيجابي في اتخاذ إجراءات استباقية للحد من انتشار فيروس کورونا (کوفيــد-19) في وقت مبکر، وتسخير کل الإمکانات المادية والبشرية لتوفير الرعاية الصحية المتکاملة مجاناً، وفق أفضل المعايير والممارسات الدولية لجميع المواطنين والمقيمين، بما في ذلک مخالفي أنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود المصابين بفيروس کورونا أو المشتبه في إصابتهم دون أي تبعات قانونية أو مالية.

ونتيجة لما سبق، فإن عواقب هذا التهديد الخارجي المتمثل في فيروس کورونا (کوفيــد-19) الذي تعاني منه الأغلبية العظمى من دول العالم سوف يکون له تأثير مباشر على أولويات متخذي القرارات فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية …. إلخ، وهو ما يتطلب من الجميع ضرورة تفهم واستيعاب وتحمل تأثير هذا التهديد على العديد من القرارات الاستثنائية التي تفرض نفسها على طاولة کافة الحکومات، والتي من المؤکد أنها صعبة ومؤلمه لکافة الأطراف ذات الصلة سواء على مستوى الدول أو على مستوى مختلف فئات المجتمع.

2- مشکلة البحث

مما لا شک فيه، أن متطلبات صناعة واتخاذ القرارات ترتبط بشکل مباشر بعاملي الزمان والمکان اللذان هما جوهر التفکير والتحليل في کافة القضايا المتشابکة التي ترهق تفکير متخذي القرارات، فضلا عن کونها ترتبط أيضاً بطبيعة الموقف وأبعاده. ففي ظل الظروف العادية تتوافر المعلومات وتتواجد مساحات من الوقت للدراسة والتحليل والمفاضلة بين البدائل وهو ما ينعکس على سهولة صناعة واتخاذ القرارات، أما في ظل ظروف عدم التأکد أو الظروف الطارئة والأزمات – وهو ما يفرضه فيروس (کورونا کوفيد-19)- فإن عملية صناعة واتخاذ القرارات لن تکن بالسهولة والبساطة وهو ما يصبح عبء على متخذي القرارات على کافة مستويات إدارة الأزمة.

وتشير دراسة(Tiago Correia,2020)  أنه على الرغم من أن خطاب الحکومات والمؤسسات الدولية کان على يقين نسبي حول القدرة على توقع تطور فيروس کورونا (کوفيد-19) وفعالية التدابير لاحتوائه، إلا أن هذا اليقين بعيد کل البعد عن الحقيقة، وذلک بسبب الشکوک العلمية حول طبيعة الفيروس والمدى الزمني لانتشاره، وهو ما يفرض على الحکومات والأنظمة أن تشعر بالقلق حيال الافتقار إلى التفکير الناقد بشأن القرارات التي سوف تتخذها على المدى القصير والطويل لـ (کوفيد-19)، وهو ما لا يأتي إلى من خلال توافر ثلاثة نقاط أساسية وهي:

 (1) اتساق وفعالية الرسالة السياسية يجب أن ترکز بشکل رئيسي على التواصل العلمي، وأنه إذا تم ذلک فسيکون من السهل على الجمهور التعامل والاستجابة للقرارات والاجراءات والتدابير المقيدة.

(2) کيفية تسوية منحنى العدوى حتى يتم اکتشاف اللقاح وذلک من خلال فرض عمليات الإغلاق على السکان بشکل عام، حيث کان الرهان في جميع أنحاء العالم على اجراءات التباعد الاجتماعي باتخاذ تدابير تکميلية مثل الفحص الوقائي والحجر الصحي و/أو عمليات العزل.

(3) عدم إدراکنا للطبيعة الطبية والسلوکية للتعامل مع هذا الوباء، على الرغم من تحرک السلطات الصينية بسرعة للإبلاغ دولياً عن بداية تفشي المرض، إلا أنه من المثير للقلق أن نرى القليل من الاستجابات السياسية لاحتوائه، حيث يتم التفاعل فقط عندما تتجاوز العدوى الحدود بشکل غير متوقع.

ونتيجة لذلک، فإنمشکلة البحث تتجسد فيالتحديات التي تواجهها عملية صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل حالة الغموض وعدم اليقين الذي يفرضها المشهد الراهن على الساحة الدولية، والذي يعکس حالة من التشابک بين آمال تتعلق بمطالب عودة الحياة الاجتماعية وعبور المرحلة الانتقالية بأقل تکلفة سياسية واقتصادية من جانب، وهواجس ومخاطر تتعلق بنتائج احتمالية زيادة أعداد المصابين بالفيروس من جانب آخر، وما بين الآمال والمخاوف يبدو المشهد السياسي مرتبکاً ومحملاً بالعديد من الرسائل المتضاربة حول مدي الإيمان والاعتقاد بإمکانية إيجاد التوازن الصحيح لحماية صحة المواطنين والنمو الاقتصادي في ظل سرعة تدفق وتغير المعلومات بشکل کبير من دولة لدولة ومن ساعة لساعة داخل نفس الدولة، الأمر الذي ينعکس بالتبعية على آليات صناعة واتخاذ القرارات التي تعمل على الحد من تفشي الفيروس. ومن هنا يمکن التعبير عن مشکلة البحث من خلال مجموعة من التساؤلات وهي:

(1) إلى أي مدى يمکن أن تسهم سرعة تدفق المعلومات وتغيرها على القرارات المتخذة لمواجهة انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19)؟ وما هي الآليات التي تتبعها الحکومات في سبيل تحقيق أهدافها؟

(2) ما هي الأوزان النسبية للعوامل التي تؤثر على فعالية القرارات الاستراتيجية التي اتخذتها المملکة العربية السعودية في الحد من تفشي انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19)؟

(3) ما هي أهم الصعوبات والمعوقات التي تعوق عملية صناعة القرار في ظل أزمة تفشي فيروس کورونا؟

(4) ما هي العوامل التي (تزيد أو تحد) من قدرات صانعي القرارات في الحد من تفشي انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19)؟

3- أهداف البحث

يتمثل الهدف الرئيسي للبحث في تحديد الأدوار والمسئوليات والأولويات المرتبطة بالعوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا المستجد، وهو ما لا يأتي إلا من خلال توافر رؤية استراتيجية واضحة تأخذ في الحسبان مقتضيات الواقع الجديد الذي يفرض نفسه على دول العالم أجمع من خلال رسم حزمة من السياسات والبرامج الهادفة للحد من تفشي الفيروس من ناحية، والحفاظ على سلامة وصحة المواطنين من ناحية أخرى. ولتحقيق هذا الهدف فقد تم تحديد مجموعة من الأهداف الفرعية کما يلي:

(1) التعرف على العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية قبل وأثناء التعامل مع أزمة انتشار وتفشي فيروس کورونا (کوفيد-19)، بالإضافة إلى الأدوار التي اتخذتها الحکومة السعودية للحد من تفشي انتشار الفيروس.

(2) الوقوف على أهم التحديات التي تحول دون تحقيق دور الأجهزة التنفيذية في تحقيق التوازن بين الاستمرار في الاجراءات الاحترازية التي تتخذها الدولة لمجابهة فيروس کورونا وفي الوقت نفسه استمرار عجلة الانتاج.

(3) التعرف على أهم الاجراءات والتدابير والقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية في الحد من تفشي انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19) على مختلف الأصعدة.

(4) التعرف على مساهمات وسائل الإعلام المختلفة نحو زيادة وعي فئات المجتمع المختلفة في المملکة العربية السعودية لتنفيذ القرارات الاستثنائية في إطار مواجهة تفشي فيروس کورونا.

4- فروض البحث

انطلاقاً من مشکلة البحث وأهدافه فإن فروض البحث تتمثل فيما يلي:

الفرض الأول: توجد علاقة ذات دلالة احصائية بين صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا (کوفيد-19) وتوافر مجموعة من العوامل في البيئة السعودية.

الفرض الثاني: توجد علاقة ذات دلالة احصائية بين جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال أشهر (فبراير/مارس/أبريل/مايو) وبين الحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19).

الفرض الثالث: توجد علاقة ذات دلالة احصائية بين مؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية وبين الحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19).

5- حدود البحث

(1) الحدود المکانية: المملکة العربية السعودية.

(2) الحدود الزمانية: تم إجراء الدراسة خلال الفترة من شهر فبراير 2020م وحتى نهاية شهر مايو 2020م.

(3) الحدود الموضوعية: صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا وأثارها في الحد من تفشي فيروس کورونا في المملکة العربية السعودية.

6- أهمية البحث

يتزايد الخوف والقلق منذ انتشار فيروس کورونا المستجد خاصة بعدما تجاوز عدد الإصابات به 6 مليون مصاب حتى نهاية شهر مايو 2020م، لذلک لا يوجد حدث يتصدر اهتمام العالم حالياً أکثر من وباء کورونا، حيث أدى انتشار الفيروس بسرعة کبيرة وحصده لآلاف الأرواح إلى خلق حالة من الترقب والخوف في کل أنحاء العالم، لهذا جاء تعامل دول العالم مع الفيروس الغامض متباين من دولة لأخرى منذ بداية انتشار الفيروس في الصين ثم انتقاله وانتشاره حول العالم، فبينما تعاملت حکومات بصرامة شديدة وفرضت کل أنواع الإجراءات الاحترازية الممکنة لمنع ظهور الفيروس أو حصر انتشاره بأکبر قدر ممکن، بدأ الوضع مختلفا في دول أخرى.

ولقد أشارت واحدة من أحدث الدراسات Babar T. Shaikh & Nabeela Ali,2020))أنه مع تغير أنماط الأمراض في جميع أنحاء العالم، يجب على حکومات کافة دول العالم إعادة النظر في نظام الإدارة المالية العامة the public financial management (PFM) لقطاع الصحة من أجل وضع آليات أکثر استدامة ومرونة ليس فقط لامتصاص الصدمات مثل (کوفيد-19) ولکن أيضاً للوفاء بالالتزامات الصحية الدولية.

وترى دراسة (Amirhoshang H.Dehkordi et al,2020) إن فهم ديناميکيات انتقال العدوى في کل الدول التي تأثرت بشکل يومي بفيروس کورونا (کوفيد-19)، وتقييم فعالية سياسات التحکم أمر بالغ الأهمية بالنسبة للإجراءات الاحترازية التي يمکن أن تتبعها حکومات الدول، لذلک فهناک العديد من التساؤلات التي تفرض نفسها في ظل أزمة کورونا (کوفيد-19) وهي: ما مدى سرعة انتشار الفيروس؟، ما هي السياسات أو الجهود التي يمکن أن تتبعها حکومات الدول وتتحکم في المرض بشکل أفضل؟، إلى أي مدى يمکن أن تسهم مستويات فهم ووعي المجتمعات للإجراءات الاحترازية التي سوف تتبعها کافة الدول؟

ونتيجة لما سبق، فإن تحليل آلياتصناعة القرارات الاستراتيجية وتقييم مدى فاعليتها في مواجهة فيروس کورونا وأثارها على الحد من تفشي الفيروس، يعد أحد أبرز التحديات التي تواجه الحکومات في العديد من الدول، وذلک في ظل سرعة تدفق وتغير المعلومات بشکل کبير من دولة لدولة وهو ما ينعکس بشکل مباشر على الأثار الايجابية للقرارات والاجراءات والتدابير المتخذة.

ومن هنا تنبع أهمية البحث سواء على المستوى النظري أو التطبيقي حيث أنه على المستوى النظري يشهد العالم الآن تحولاً صحياً واقتصادياً واجتماعياً عميقاً يتطلب حالياً ومستقبلاً دوراً فاعلاً لکل أطراف عملية التنمية (صناعها، والمستفيدين من عوائدها)، ويقتضي هذا حتمية تفعيل وتکامل وتنسيق أدوار کافة الأطراف ذات الصلة للحد من تفشي فيروس کورونا. أما على المستوى التطبيقي فإن صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا تتطلب اجراء دراسات ميدانية مکثفه للوصول إلى العوامل المؤثرة في عملية صناعة القرارات الاستراتيجية التي من شأنها تسعي للحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيــد-19).

ولا تتوقف أهمية هذا البحث على أنـه يعتبـر من الدراسـات الأولى – في حدود علم الباحث – التي تهتم بدراسة العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا وأثارها على الحد من تفشي الفيروس “دراسة حالة المملکة العربية السعودية”، وإنما ترتبط اهمية البحث أيضاً بأنه محاولة من جانب الباحث لمساعدة متخذي القرارات في ترشيد قراراتهم، وهو ما يؤدي ليس فقط لزيادة جودة القرارات المتخذة، وإنما أيضاً لزيادة ثقة وتقبل فئات المجتمع لهذه القرارات خاصة في ظل وجود أزمة تتسم بالغموض وعدم التأکد عالمياً ومحلياً.

7- الإطار العام للبحث

7/1- المفاهيم الأساسية لصناعة القرارات الاستراتيجية:

تعد عملية صناعة واتخاذ القرارات من المهام الأساسية لقادة الدول والحکومات، حيث تعتبر جوهر إدارة الأزمات، وذلک نظراً لأن مقدار النجاح الذي يمکن أن تحققه الدول والحکومات يتوقف بشکل کبير على قدرة وکفاءة متخذي القرارات في اتخاذ قرارات مناسبة. وتشير دراسة (Rob Stones & Bryan S. Turner,2019) أن الشرط الاساسي للمجتمعات الناجحة Successful Societies هو أن يتخذ صناع القرار قراراتهم على مستوى عالٍ من (الاهتمام والفهم)، حيث ترى الدراسة أنه من البديهي أن صناع القرار يجب أن يهتموا برفاهية أولئک المتأثرين بقراراتهم، وأن تحليل صناع القرار لسياقهم الاستراتيجي يجب أن يکون مستنيراً وبجودة عالية من الانتباه – وهو ما نعامله على أنه مرادف لجودة عالية من الفهم والاهتمام – بأشکال الحياة التي ستتأثر بها قراراتهم، لذلک تصبح المجتمعات أکثر نجاحاً في کل مرة تکون هناک زيادة في جودة الانتباه الذي يدفعه صناع القرار للقيم الذاتية المشروعة أخلاقياً والتي تراعي بشکل کبير رغبات وتطلعات فئات المجتمع المختلفة، وهذا لا يعني أننا نعتقد أنه يجب على صناع القرار دائماً اتخاذ الإجراءات التي تتبع المصالح الذاتية لهم، أو حتى مصالحهم الموضوعية المفترضة،  حيث يتوقف الأمر على بعدين: البعد الأول يتعلق بقدرة صناع القرار على حساب وتبرير القرارات الفعلية التي يتخذونها، والبعد الثاني يتعلق بالعبء الذي يقع على صناع القرار لفهم طبيعة المواطنين الذين سيتأثرون بقراراتهم بشکل کاف.

ولقد تناولت دراسة (Todd McElroy et al,2020) التي استهدفت دراسة التفکير في القرارات من خلال العلاقة بين متخذ القرار والمشکلة التي يواجها، حيث أشارت الدراسة أن القرارات تختلف من حيث درجة التعقيد وسمات شخصية القائم على اتخاذها، حيث تعارضت الدراسات من حيث أن بعضها يرى أن التفکير أکثر في سمات البديل يجب أن يؤدي إلى قرار أفضل. ومع ذلک، يشير البعض الأخر إلى أن التفکير أکثر قد يؤدي أيضاً إلى الترکيز على جوانب أخرى بعيدة الصلة عن القرار، وبالتالي تؤدي إلى نتائج أقل مثالية، ولقد حسمت هذه الدراسة التبيان بين الدراسات حيث توصلت لنتيجة هامة وهي أن المزيد من التفکير يؤدي إلى قرارات أفضل في المهام المعقدة ولکنه لا يؤثر على القرارات البسيطة، وفي ضوء هذه النتيجة نجد أنفسنا أمام تسأل: کيف يمکن أن يتفاعل تفکير متخذ القرار مع العناصر التي تشکل المشکلة محل القرار؟

وترى دراسة (Ata Elayyan,2015) أن عملية صنع القرار تعد عملية معرفية تؤدي بشکل عقلاني إلى اختيار مسار العمل بين العديد من البدائل المتاحة للوصول إلى اتخاذ القرارات الرشيدة Good Decisions والتي تعني “اتخاذ خيارات متسقة ومضاعفة القيمة مع قيود تنظيمية محددة”، کما أشارت الدراسة إلى أن عملية صنع القرار تعتمد على الاختلافات بين قيم واتجاهات متخذي القرارات، وهذه الاختلافات تحدث بسبب الاختلاف في الخبرة، والقدرة التحليلية في تکوين الإدراک ومعالجة المعلومات، ونطاق التشاور، ودرجة حرية الاختيار، وتوافر الموارد، وعلاقات الثقة بين متخذي القرارات ومنفذي القرارات.

ولقد تناولت دراسة Bo Pang et al,2015)) الجانب النفسي وتأثيره على صنع واتخاذ القرارات، حيث اشارت الدراسة أن متخذي القرارات سيکونون أکثر استجابة لعواقب التأخر في قراراتهم عند محاولة تقليل الخسائر إلى الحد الأدنى بشکل أکبر من محاولتهم لتحقيق أقصى قدر من المکاسب، وتشير النتائج التي توصلت إليها الدراسة إلى أن صناع القرار يقدرون عواقب التأخر في قراراتهم بشکل أکبر في مجال الخسائر بالنسبة إلى مجال المکاسب وأن الأفراد الذين يتحکمون في النفس أقل عرضة لهذا التأثير.

ولقد جاءت دراسة (Michael J. Mannor et al,2016) التي ترکز على کيفية تأثير القلق الوظيفي على القرارات الاستراتيجية التي يتخذها کبار المسئولين وذلک من خلال قيامها بتحليل 154 قراراً استراتيجياً رئيسياً اتخذها 84 من کبار المسئولين لعدد کبير من المؤسسات في مجموعة من الصناعات، ولقد توصلت الدراسة إلى أن متخذي القرارات القلقين يتحملون مخاطر استراتيجية أقل خاصة عندما تسير الأمور على ما يرام، حيث يرکزون أکثر على حماية أنفسهم من التهديدات، ونجد أنهم يحيطون أنفسهم بمؤيدين مقربين (فرق صنع القرار الداعمة) عندما تکون الأوقات صعبة. وعلى الرغم من أنه في أغلب الأحيان يتخذ کبار المسئولين قراراتهم الاستراتيجية بناءً على التغيرات في بيئة أعمالهم الخارجية. إلا أن دراسة (Olli‐Pekka Kauppila et al,2018) تشير أنه يجب على کبار المسئولين أيضاً التفکير في کيفية تمکين اتخاذ القرارات الاستراتيجية للعمليات الاجتماعية التي من خلالها يولد الموظفون أفکاراً إبداعية ضرورية للابتکار التنظيمي، وتشير النتائج التي توصلت إليها الدراسة أن کبار المسئولين عندما ينظروا في مجموعة محدودة من الخيارات ويتصرفون بسرعة أکبر للاستجابة للتحديات في البيئة الخارجية، فإنهم يخاطرون بتقييد العمليات الإبداعية التي من شأنها تعمل على تعزيز شمولية القرار الاستراتيجي.

وعلى الرغم من أن  العديد من الدراسات السابقة بحثت في العلاقة بين القدرات المعرفية العامة وصنع القرار، إلا أن دراسة  (Fabio Del Missier et al,2012) استطاعت دراسة الفروق الفردية بين الکفاءة في صنع القرار، والأداء التنفيذي، والقدرات المعرفية العامة، وأوضحت  الدراسة أن الفروق الفردية تؤثر بشکل کبير في مکونات الأداء التنفيذي، کما أشارت أن الجوانب المحددة لکفاءة صنع القرار تتوقف على مدى اعتمادها على وظائف تنفيذية مختلفة، وأخيراً ظل التباين الجوهري في بعض مهام صنع القرار غير مبرر، مما يشير إلى أن القدرات المعرفية أو غير المعرفية الأخرى يجب أخذها في الاعتبار في عملية صنع واتخاذ القرار.

وترى دراسة(Daniella L. Martínez & Stefano Brusoni,2018) أن المرونة المعرفية أي القدرة على التوفيق بين نوع المعالجة المعرفية ونوع المشکلة المطروحة تمکن صناع القرار من تحقيق أداء أعلى بکثير في صناعة قراراتهم، وترى الدراسة أنه عندما تتغير الظروف بشکل لا يمکن التنبؤ بها فإنه في أغلب الأحوال لا تکون تجارب الماضي توجيهاً جيداً للمستقبل. لذلک فإن “المرونة المعرفية” Cognitive Flexibility تسهم في زيادة قدرة صانعي القرارات الاستراتيجيين على فهم الواقع المحيط لاستکشاف مسارات جديدة، ولقد توصلت الدراسة لنتيجة هامة وهي أن صانعي القرارات الاستراتيجيين ذوي المرونة المعرفية العالية يدرکون التنوع ويقدرونه من خلال وجهات نظر مختلفة، ويدمجون هذا التنوع في عمليات اتخاذ القرارات الخاصة بهم، لذلک هم أکثر عرضة للتغلب على الجمود عند التعامل مع التغيير.

وتأتي دراسة Jyoti Mishra et al,2015)) التي تناولت دراسة ثلاثة مجالات وهي: صنع القرار والبحث عن المعلومات، والعلاقة بين البحث عن المعلومات وعدم اليقين، ودور الخبرة في التأثير على استخدام المعلومات، وقد تم ذلک في سياق دراسة نوعية في صنع القرار في المراحل الأولى من الاستجابة الطارئة للحوادث الکبرى، ولقد انتهت الدراسة إلى مجموعة من النتائج جاءت أهمها أن سياق النشاط والاختلافات الفردية تؤثر على اختيار وضع القرار وسلوک المعلومات المرتبط به، بالإضافة إلى أنه في الواقع العملي غالباً لا يتم استخدام المعلومات لحل مشکلة عدم اليقين في عملية صنع القرار، ولکن يتم البحث عن المعلومات واستخدامها بعد اتخاذ القرار لتبرير القرار، وأخيراً أشارت الدراسة إلى أهمية کل من الخبرة والثقة في فهم سلوک المعلومات للوصول إلى قرارات رشيدة.

وتختلف أساليب وآليات اتخاذ القرارات في إدارة الأزمة باختلاف نوع الأزمة ومجالها وعمقها وشدتها، فالأزمات المتوقعة واضحة الأبعاد يتم اتخاذ القرارات بشأنها عن طريق تحديد الأزمة، وتوليد وتنمية الأفکار المتعلقة بها، على عکس الأزمات غير المتوقعة فإنها تتطلب اتخاذ قرارات سريعة في ظل تسارع الأحداث وضيق الوقت ونقص المعلومات. وتساهم دراسة Martin Geisler & Carl Martin Allwood,2018)) في فهم الفروق الفردية في أساليب القرار، حيث تشير نتائجها إلى أن الطريقة التي يتبعها الأشخاص عادة في الاقتراب من قرارتهم وکيفية التعامل معها تتعلق بتوجههم الاجتماعي ونهجهم العام تجاه الوقت والأنشطة المرتبطة به، وتشير الدراسة أن الأشخاص الذين يستخدمون النمط العقلاني في اتخاذ القرارات يدفعهم هذا النمط إلى اتخاذ قرارات ناجحة ومسئولة، في حين أن الأشخاص الذين يستخدمون النمط العفوي في قراراتهم بشکل متکرر قد يفعلون ذلک لأنهم يميلون إلى اتخاذ قرارات بشکل أقل جدية و/أو ليس لديهم الحافز لاتخاذ القرارات.

ونظراً لأهمية عملية صناعة القرارات -حسب ما هو متفق عليه علمياً ومهنياً- باعتبارها من الأمور الحاسمة في نجاح عملية اتخاذ القرارات، فإن الأمر يتطلب ضرورة دراسة العوامل المؤثرة عليها، ونظراً أيضاً لأن العواقب المصاحبة لها قد تزايدت بشکل واضح خلال الشهور الأخيرة خاصة بعد أزمة تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19) وتأثيرها الکبير على کافة الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية …إلخ، فإن الباحث يرى ضرورة التعرف على العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا، بالإضافة إلى تناول القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية للحد من تفشي فيروس کورونا.

7/2- العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا:

يبدو أن الأزمات الصحية تشکل بشکل متزايد المخاطر التي لا يمکن التنبؤ بها والتي لا يمکن السيطرة عليها في المجتمع العالمي، حيث تتسبب الأزمات الصحية في الواقع أضرار جسيمة ومعاناة بشرية تتأثر بها کافة دول العالم، ولقد أوضحت دراسة Elizabeth Johnson et al,2016)) أن الطريقة التي تستجيب بها الحکومات للأزمة وتديرها وتتواصل معها لها آثار مباشرة على رفاهية المجتمع وتشکل في نهاية المطاف الرأي العام حول الحکومات المحلية والمسؤولين الحکوميين. وعلى ذلک سوف يتم استعراض العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا سواء فيما يتعلق بخبرة متخذي القرارات، المعلومات وأهميتها، أدوار وسائل الإعلام المختلفة. وذلک على النحو التالي:

7/2/1- العوامل التي تتعلق بخبرة متخذي القرارات:

تشير النتائج التي توصلت إليها دراسة (Margaret G. Hermann & Bruce W. Dayton,2009) أن ضيق الوقت والمفاجأة المصاحبة للأزمة تشکل طبيعة عملية صنع واتخاذ القرارات والکيفية التي يمکن من خلالها إدارة الأزمة، لذلک فمن الأهمية فهم کيف ينظر صانعوا القرارات إلى هذه التهديدات الجديدة العابرة للحدود، وهذا لن يحدث إلا من خلال التأکد من الکيفية التي تشکل رؤية صانعي القرارات للحدث المثير، لذلک فإن الإدارة الفعالة للأزمات تعمل على تعزيز قدرات الفرد والمجتمع معاً والعمل بشکل جاد على الاستفادة منهما لکي تتمکن من تخطي الأزمة دون خسائر أو على الأقل الحصول على أقل خسائر ممکنة (Michel L.A. Dückers,2017)، ولکي يحدث ذلک لابد أن تعتمد الاستجابة الفعالة على السلوک التکيفي للمواطنين والعاملين في الخطوط الأمامية لمواجهة الأزمة، الأمر الذي يتطلب معه صياغة مجموعة من الاستراتيجيات التي تعزز المرونة المجتمعية وتحدد العوائق القوية التي تحول دون تنفيذها (Arjen Boin & Allan McConnell,2007)

وتؤکد دراسة Sjir Uitdewilligen & Mary J. Waller,2018)) أن فريق إدارة الأزمات لابد أن يتکون من مهنيين ذوي خبرة عالية يجمعون بين التخصص والخبرات الخاصة من حيث الانضباط من أجل الاستجابة السريعة للمواقف الحرجة التي تتميز بمستويات عالية من عدم اليقين والتقيد والديناميکية، وذلک حتى يستطيعوا التعامل مع البيئات الخارجية المضطربة بشکل متزايد، والتي تنتج حالات معقدة تفرض العديد من التحديات التي تشکل سلوکيات متخذي القرارات.

وترى دراسة (Ali Intezari & David J. Pauleen,2018) التي تم من خلالها مقابلة 37 من کبار المديرين التنفيذيين للتعرف على وجهات نظرهم حول مفهوم الحکمة في الإدارة Wisdom in Management ودورها في اتخاذ القرارات الاستراتيجية، ولقد انتهت الدراسة أن اتخاذ القرارات الحکيمة هي عبارة عن عملية إدراکية عاطفية معرفية متکاملة الأبعاد تأخذ في الاعتبار الظروف الداخلية والخارجية المتعلقة بالقرار.

ومن ناحية أخرى، فإنه من المتفق علية علمياً وعملياً أنه کلما زادت خبرة متخذي القرارات کلما زادت معرفتهم بالأدوات والعمليات التي تؤدي إلى اتخاذ قرارات فعالة، لذلک من الضروري في عملية صناعة واتخاذ القرار اتباع الإجراء اللازم والاختيار الصحيح باستخدام الأداة المناسبة التي تتناسب مع الحالة الخاصة لتجنب عواقب القرار السيئ، بالإضافة إلى فهم النظريات والاستراتيجيات التي يمکن أن تساعد في اتخاذ قرارات جيدة، فقد يؤدي الخوف من المخاطر إلى عدم اتخاذ قرار على الإطلاق وهو أسوأ قرار. ومع ذلک، إذا تم إنشاء أساس قوي لصنع القرار، يتم إنشاء بدائل جيدة، ويتم تقييم هذه البدائل بشکل صارم، ويتم تحليل جيد لعملية صنع القرار، وبالتالي فإن جودة القرار تميل إلى أن تکون جيدة (Maryam Temitayo & Habeeb Omotunde,2012)

وتشير نتائج العديد من الدراسات إلى أن صانعي القرارات کثيراً ما يتخذون قرارات جيدة ومتسقة مع أهدافهم الاستراتيجية، إلا أن هذا الاتساق في النتائج ليس هو الحال دائماً وهو ما أوضحته دراسة (J.Robert Mitchel et al,2011) التي قامت بدراسة لـ 2048 قراراً اتخذها 64 مديراً تنفيذياً لشرکات تکنولوجيا المعلومات، وقد اشارت النتائج إلى أن متخذي القرارات الذين يعملون في البيئات المعقدة يتخذون قرارات استراتيجية غير منتظمة بشکل أقل إيجابية من متخذي القرارات الذين يعملون في بيئات مستقرة، لذلک فإن خبرة متخذي القرارات الاستراتيجية لها آثاراً مهمة على فعالية البحث الاستراتيجي في صنع القرار. في حين رأت دراسة (Michael S. Gary et al,2012) أن صانعي القرارات غالباً ما يتخذون قرارات استراتيجية في مواقف جديدة من خلال الاستفادة من التجارب السابقة، حيث غالباً ما يفشلون في تحديد وتطبيق المعرفة حول حالة موقف إداري واحد إلى موقف مماثل، حيث أن اختلاف المواقف يحسن التعلم ويزيد من المعرفة التي تنعکس بشکل إيجابي في صناعة القرارات الاستراتيجية.

ونتيجة لذلک، يواجه العديد من متخذي القرارات الاستراتيجية في ظل الأزمات العديد من التحديات والعقبات الطارئة التي لم تکن ضمن توقعاتهم، وقد يعترضها العديد من القضايا التي يجب عليهم التعامل المباشر معها، واتخاذ التدابير اللازمة لتفاديها أثناء قيامهم بصناعة القرارات الاستراتيجية، ومما لا شک فيه أن طبيعة التعامل مع تلک التحديات والعقبات قد تؤثر بشکل إيجابي أو سلبي في عملية صناعة القرارات الاستراتيجية وطرق تطبيقه على أرض الواقع. وتشير دراسة ((Raili Pollanen et al,2017 التي تناولت دور مقاييس الأداء الاستراتيجي (SPM) Strategic Performance Measurement في صنع القرار الاستراتيجي وتأثيرها على الأداء التنظيمي، استناداً إلى 143 إجابة على الاستطلاع عبر الإنترنت من کبار المسؤولين عبر المنظمات العامة الکندية، ولقد توصلت الدراسة إلى أن إدارة الأداء الاستراتيجي تلعب دوراً کبيراً في صناعة القرارات الاستراتيجية التي في أغلب الأحوال تکون على درجة عالية من التعقيد، وذلک نظراً لأنها تقوم على العديد من الاعتبارات الداخلية والخارجية مما يترتب عليها تغيرات واسعة في آليه صناعة القرار واتخاذه.

وهنا يجب التأکيد أن عملية صناعة واتخاذ القرارات الاستراتيجية تکتسب أهميتها الکبرى نظراً لما يترتب عليها من تحديد الأسباب والأطر والآليات التي تحدد وسائل تنفيذها والآثار التي تترتب عليها، وتشير دراسة (Jeroen D. H. van Wijngaarden et al,2012) أنه على الرغم من شيوع استخدام تحليل SWOT کأداة للتحليل الاستراتيجي في الرعاية الصحية في العديد من البلدان الأوروبية، إلا أن تحليل PESTEL – الذي يوضحه الشکل رقم (1) – يعد أيضاً أحد الأدوات التي تُستخدم لتحديد القوى الخارجية الکلية التي تؤثر على متخذي القرارات الاستراتيجية ويشکل اتجاهاتهم ورؤيتهم نحو اتخاذ قرارات سليمة، حيث يساعد تحليل PESTEL في التعرف على کافة العوامل الخارجية المحيطة بعملية صناعة واتخاذ القرارات، والتي يجب على متخذي القرارات أخذها في الاعتبار لما تفرضه من فرص أو تهديدات.

7/2/2- العوامل التي تتعلق بالمعلومات وأهميتها:

في ظل انتشار فيروس کورونا (کوفيــد-19) أشار المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في اجتماع لخبراء السياسة الخارجية والأمن في ألمانيا في منتصف شهر فبراير 2020م “نحن لا نحارب وباء فقط بل نحارب المعلومات الوهمية عن الوباء کذلک”، وذلک إشارة إلى الأخبار المزيفة التي تنتشر بسرعة وسهولة أکثر من هذا الفيروس، وتوضح منظمة الصحة العالمية أن المعلومات المفرطة حول مشکلة ما يجعل من الصعب تحديد الحل، ويمکنهم نشر المعلومات المضللة والشائعات أثناء الطوارئ الصحية، وبالتالي يمکن أن تعيق هذه المعلومات الخاطئة الاستجابة الفعالة للصحة العامة وخلق الارتباک وعدم الثقة بين الناس.

ومن ناحية أخرى فإن دراسة (Saleh Al-Zhrani,2010) أکدت على ضرورة أهمية الاعتماد على المعلومات بکثافة أکبر في عملية اتخاذ القرار أثناء الأزمات، وقد أوصت بالإبقاء على وحدات نظم المعلومات الإدارية لضمان التدفق الحر للمعلومات والاستخدام الملائم لنظام المعلومات الإدارية في صنع واتخاذ القرارات.

ولعل ما يؤکد ذلک، أن العلاقة بين أهمية المعلومات ودورها في صناعة واتخاذ القرارات تتسم بالقوة، حيث أن توافر المعلومات بکميات کبيرة يساعد في زيادة الخيارات التنظيمية أمام متخذي القرارات، ويمکن لصانع القرار الفعال تحديد أفضل الخيارات بسرعة هائلة، ولکن في بعض الأحيان لا يستطيع صانع القرار الحصول على المعلومات بسبب عدم توفرها أو عدم إمکانية الوصول إليها نظراً لارتفاع أسعار وتکاليف الحصول عليها، فکلما قلت المعلومات زاد الغموض وزادت درجة المخاطرة وزادت مخاطر عدم التأکد، ولکن بعد اعتماد المنهج العلمي الحديث في الإدارة، لم يعد القرار يتم عن طريق الحدس أو التخمين أو حتى بناءً على خبرة متخذه، ولکنه يعتمد على البحث الدقيق الذي لا يمکن تحقيقه إلا من خلال جمع المعلومات من جميع الجوانب المحيطة بالأزمة ثم تحليلها وتفسيرها وترجمتها إلى واقع لمساعدة متخذي القرارات في اتخاذ قرارات رشيدة (Ait Yassine,2017)

ولقد استهدفت دراسة (Hayley Watson et al,2017) تحديد دور البيانات الضخمة في المراحل المختلفة لإدارة الأزمات والفوائد التنظيمية والمجتمعية المرتبطة بالتعامل مع هذه البيانات، ولقد انتهت الدراسة لعدة نتائج تمثلت أهمها أن البيانات الضخمة قادرة على المساهمة بشکل کبير في جهود الاستجابة للأزمات، فضلاً عن کونها قادرة على المساهمة بشکل کبير في الوعي بالأوضاع المحيطة بالأزمة، والتي يمکن بدورها أن تثري عملية صنع القرار.

وفي سياق ما سبق، ومع استمرار انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19) وتطوره بشکل سريع لاحظنا کيف استجابت الحکومات للتهديد وتعاملت مع القضايا الصعبة بطرق مختلفة، ولذلک جاءت دراسة (M. Jae Moon,2020) التي تناولت التحديات الملحة التي تفرضها أزمة فيروس کورونا (کوفيد-19) من خلال فحص کيفية إدارة هذه الازمة الشرسة من قبل حکومة کوريا الجنوبية من خلال إجراءات مرنة وشفافة للتخفيف من سرعة انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19) على عکس العديد من الدول الغربية، ولقد استهدفت الدراسة مناقشة قضايا الحکومات والسياسات الرئيسية التي تم الکشف عنها في سياق اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الاستعداد لتفشي المرض والتخفيف من حدته والاستجابة له، حيث أشارت الدراسة أن کافة الحکومات تخضع لاختبار حقيقي وهي تکافح أمام الانتشار السريع والواسع النطاق لفيروس کورونا (کوفيد-19)، ولقد أوضحت الدراسة أن کوريا الجنوبية تمکنت من احتواء انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19) من خلال اتباع نهج مرن وقابل للتکيف وسياسة قائمة على الشفافية في إيصال المخاطر والتعاون الطوعي للمواطنين، کما استطاعت حکومة کوريا الجنوبية أن تقدم جميع المعلومات اللازمة، بما في ذلك أحدث الإحصائيات عن الحالات المصابة ومعدل الوفيات، بالإضافة إلى تفاصيل مسار الحرکة لکل مريض مصاب قبل عزله، من خلال تلقى المواطنون بشکل متکرر إشعارات من الحکومة حول مکان اکتشاف حالة إصابة جديدة ومکان وجود المريض. بالإضافة إلى ذلک، تم تطوير التطبيقات من قبل الحکومة التي سمحت بتتبع الأماکن التي زارها المرضى المصابون وذلک باستخدام بطاقة الائتمان ومعلومات GPS من الهواتف المحمولة للأشخاص المصابين، ونظراً لأن البلاد تعاني من نقص في أقنعة الوجه، تم تطوير التطبيقات أيضاً وتوفيرها لإعطاء معلومات تتعلق بمواقع الصيدليات وعدد أقنعة الوجه المتاحة في الصيدليات القريبة، فضلاً عن إدخال الأساور الإلکترونية لفرض سياسات الحجر الصحي بشکل فعال عن طريق مراقبة ومنع انتهاکات الحجر الصحي المفروض، وأخيراً توصلت الدراسة لمجموعة من النتائج تمثلت اهمها فيما يلي:

(1) أن الحکومات يجب أن تکون مفتوحة وشفافة في التعامل مع کافة فئات المجتمع للتواصل بشکل نشط مع المواطنين لزيادة وعيهم ومشارکتهم في تدابير مکافحة فيروس کورونا (کوفيد-19).

(2) أن توفير المعلومات النشطة غالباً ما يثير مخاوف بشأن التعدي على خصوصية المرضى المصابين، حيث أشار مسح وطني حديث إلى أن 84,4% من الکوريين الجنوبيين فضلوا الحصول على معلومات شفافة قدمتها الحکومة حول تفاصيل تحرکات المرضى المصابين لحجب المعلومات لأغراض حماية الخصوصية.

(3) يجب أن تستمر الحکومات في البحث عن طرق بديلة لإدارة أوجه عدم اليقين والتعقيدات من خلال الاستدلال القائم على الأدلة، وکذلک القدرات الحکومية التي تتمکن من احتواء حالات الهلع المجتمعي المصاحب لهذه الجائحة.

7/2/3- العوامل التي تتعلق بأدوار وسائل الإعلام المختلفة:

في ظل تعدد الأزمات – خاصة الصحية منها –  تلعب وسائل الإعلام دوراً أساسياً في تشکيل الوعي العام للمجتمع، وهذا يعني أن الناس في جميع أنحاء العالم يمکنهم إدراک الأزمات الصحية من خلال التغطية الإخبارية، نظراً لأن المنصات الإخبارية تؤدي إلى تفسيرات مختلفة للأزمات الصحية، حيث يتم استخدام وسائل الإعلام الإخبارية في المقام الأول لإعلام الجمهور بما تفعله المؤسسات ذات الصلة بالصحة وکيف تتعامل مع الأزمات. وبناءً على ذلک، من الضروري فهم الدور الديناميکي لوسائل الإعلام التي من شأنها تسعى لتقديم معلومات صحية حول مخاطر الأمراض المعدية الناشئة (Po‐Lin Pan & Juan Meng,2016)

وفي السياق نفسه، تعد وسائل التواصل الاجتماعي القناة الرئيسية التي تستطيع من خلالها المؤسسات الإعلامية للوصول إلى فئات المجتمع المختلفة، حيث تعتبر من آليات المؤسسات الإعلامية لتوسيع نطاق وصولها لأکبر عدد ممکن من المجتمع (Mikko Villi,2019)، ولقد برز الدور الجديد للمؤسسات الإعلامية نتيجة للتغيرات الهائلة التي تحدث في وسائل الإعلام الإخبارية وذلک بسبب التغييرات الناتجة عن الضغوط الاقتصادية بالإضافة إلى تأثير التکنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي(Wayne Wanta,2016;Lamya Benamar et al,2017)، ولقد أشارت واحدة من أحدث الدراسات أن وسائل التواصل الاجتماعي تعد وسيلة قوية لفحص التفاعلات والتأثيرات الجديدة للقادة الاستراتيجيين داخل وخارج بيئة صناعة القرار، الأمر الذي يحتم علينا ضرورة بناء وتطوير تصور نمطي لسلوکيات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على  القادة الاستراتيجيين (Ciaran Heavey et al,2020)

ونتيجة لما سبق، يرى الباحث أن المؤسسات الإعلامية تلعب دوراً هاماً في تغطية الأزمات من خلال تهيئة الرأي العام والمجتمع لتوصيل صورة صحيحة عن الموقف الحقيقي للأزمة، بالإضافة إلى شرح وتحليل القرارات التي اتخذتها الأطراف ذات الصلة بإدارة الأزمة، وذلک نظراً لما تتمتع به المؤسسات الإعلامية من قدرات هائلة في التأثير النفسي والتحکم السلوکي والسيطرة الفکرية والاقناع للفئات المختلفة في المجتمع سواء کان عن طريق الوسائل النصية أو السمعية أو المرئية أو شبکات التواصل الاجتماعي الإلکترونية.

7/3- القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية واثارها على الحد من تفشي فيروس کورونا:

يواجه العالم الآن حالة غير مسبوقة من حيث التحديات المتواصلة والمتغيرات السريعة، التي تؤدي إلى حدوث أزمات مختلفة بأنواعها وآثارها على نتائج أعمال الدول والمنظمات، ففي 31 ديسمبر من عام 2019م تم إبلاغ المکتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في الصين بحالات الالتهاب الرئوي المسبب لمرض غير معروف تم اکتشافه في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي الصينية، وتم إعلان فيروس (کورونا الجديد)[1] على أنه الفيروس المسبب لتلک الحالات من قبل السلطات الصينية يوم 7 يناير 2020م. وعلى هذا يمکن استعراض القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية على مختلف الأصعدة، وذلک على النحو التالي:

7/3/1- القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية على الصعيد الاقتصادي:

لعل ما يؤکد أن دول العالم تعيش أوقاتاً عصيبة في مواجهة جائحة فيروس کورونا (کوفيـد– 19) التي أحدثت حتى نهاية شهر مايو 2020م أکثر من 370 ألف حالة وفاة في جميع أنحاء العالم، وأحدثـت أضـراراً بالغة بالاقتصاد العالمي، نتيجة التبعات الاقتصادية المصاحبة لتفشي هذا الوباء، وتتوقع عـدد من المنظمات الدولية والخاصة تأثيرات اقتصادية مؤلمة للاقتصاد العالمي، ومنها فقدان ثقة المسـتهلک والمسـتثمر، وانخفاض أسعار الأصول، وضعف الطلب الکلي، وتفاقم أزمة الديون وربما حدوث موجة إفلاس واسعة النطاق. ولقد أکدت دراسة (Jialin Liu, Siru Liu,2020) أن إدارة (کوفيد-19) يجب أن ترکز على التشخيص المبکر والعزل الفوري والرعاية العامة المحسنة والوقاية من العدوى ومکافحتها، وقد ساعد تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19) في أحداث العديد من الصدمات في منحنيات العرض والطلب المنتشرة عبر الاقتصاد العالمي، وتتوقف حدة أو ضعف هذه الصدمات وتأثيرها على سلامة واستقرار الوضع الاقتصادي لأي دولة على عدة عوامل وهي: الوقت المستغرق لاحتواء الفيروس، الخطوات التي اتخذتها السلطات لاحتوائه، مدى الدعم الاقتصادي الذي سيتم نشره من قبل الحکومة من خلال التأثير الفوري للوباء وعواقبه (Danish Rafiq et al,2020)

وفي السياق نفسه، جاء تأکيد صندوق النقد الدولي من خلال موقعة الرسمي أن انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19) في کافة دول العالم، سوف يترتب عليه تداعيات اقتصادية کبيرة تلحق العديد من الأضرار والصدمات بحرکة العرض والطلب بشکل أکثر اختلافاً عما حدث في أزمات سابقة، لذلک يتعين على حکومات الدول اتخاذ قرارات ووضع سياسات جوهرية توجه لمساعدة الاقتصادات على تجاوز فترة انتشار هذا الوباء، مع الحفاظ على سلامة شبکة العلاقات الاقتصادية والمالية بين العاملين ومؤسسات الأعمال، والمقرضين والمقترضين، والموردين والمستخدمين النهائيين لکي يتعافى النشاط متى انتهت هذه الأزمة، ولعل الهدف من هذه السياسات هو منع أزمة مؤقتة کهذه من إلحاق ضرر دائم بالعاملين والمؤسسات من خلال فقدان العديد من الوظائف وأحداث حالات من الارتباک فيما يتعلق بالمرکز المالي للمؤسسات في المجالات المختلفة.

کما أجرت دراسة (Juan Chen et al,2020) تحليل الارتباط بناءً على البيانات التي أصدرتها لجنة الصحة الوطنية الصينية، وأظهرت أن معدل الإصابة کان أعلى في المناطق التي تستقبل أکبر عدد من المسافرين خلال هذه الفترة، مما يؤکد أيضاً على استمرار وجود الخصائص الفسيولوجية الوبائية على الرغم من أن التدابير التي اتخذتها حکومة ووهان قد تم تنفيذها، واشارت دراسة (Imran Ali & Omar M.L. Alharbi, 2020) أن الوقاية والإدارة من القضايا الهامة للغاية للسيطرة على (کوفيد-19)، لذلک فإن هناک حاجة کبيرة للجهود الجماعية للجمهور والحکومة، بالإضافة إلى ضرورة الاهتمام بالرعاية المنتظمة والملائمة للمنازل والمستشفيات للسيطرة على هذا الوباء، وقد أوضحت الدراسة أن (کوفيد-19) أثر على جميع قطاعات المجتمع وأدى إلى حدوث خسائر کبيرة على مستوى العالم وحتى الأن لا يمکن تقديرها بدقة، الأمر الذي أدى إلى قيام المملکة العربية السعودية بإيقاف العمرة والحج إلى مکة والمدينة (أقدس مدينتين في دين الإسلام)، کل هذه العوامل أثرت بشدة على أسواق الأسهم المحلية والعالمية، وأظهرت مؤشرات الأسهم الأمريکية الکبرى إلى وجود انخفاضاً حاداً لم يحدث منذ عام 2008م، وتشير أغلب تقديرات الخبراء أن هناک خسارة کبيرة للاقتصاد العالمي تقدر بنحو 2,7 تريليون دولار أمريکي.

وتعتبر دراسة (Shahul H. Ebrahim & Ziad A Memish,2020)من أبرز وأهم الدراسات التي تم القيام بها في الأشهر الماضية، ولقد جاءت الدراسة فريدة في مضمونها، شاملة فيما تناولته رغم أنه يغلب عليها الطابع التحليلي لواقع أزمة کورونا خاصة في المملکة العربية السعودية، حيث أشارت الدراسة أن المملکة العربية السعودية قامت بتعليق برنامج التأشيرة الإلکترونية الذي تم تقديمه مؤخراً، وفرضت حظراً على سفر الأشخاص القادمين من الدول المتضررة من (کوفيد-19)، بالإضافة إلى القيود المفروضة على سفر مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الذين سافروا إلى الدول المتضررة من (کوفيد-19)، وتوضح الدراسة أن قرار المملکة العربية السعودية بتعليق خدمات الحج والعمرة سوف يترتب عليه تکلفة باهظة على اقتصاد المملکة العربية السعودية بما في ذلک قطاع الطيران والنقل والضيافة، ويؤثر سلباً على توظيف ومعيشة القوى العاملة الوطنية والمهاجرة في المدن المقدسة في المملکة العربية السعودية، کما سيکون بالغ التأثير أيضاً على التمويل الشخصي للحجاج في جميع البلدان التي يزيد عددها عن 180 دولة بسبب عمليات الإلغاء وانعکاساتها السلبية على قطاعات النقل والضيافة التي تلبي احتياجات الحجاج في البلدان الأصلية. وهو ما أکدته دراسة(Philippe Gautre et al,2020) أن السلطات المسئولة في المملکة قد تضطر إلى تقييد دخول الحجاج من البلدان المتضررة مؤقتاً کما حدث أثناء تفشي فيروس إيبولا 2016م، وترى أن هذه التدخلات مفيدة للغاية في منع انتقال الأمراض المعدية إلى الحجاج.

ولقد أشارت مديــرة صنــدوق النقــد الدولــي فــي مقــال لهــا بعنــوان “مواجهــة الأزمة: أولويــات الاقتصاد العالمــي” تم نشره على الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي، بــأن العالــم يواجــه أزمــة منقطعــة النظيــر، يتخللهــا عــدم اليقيــن بمــا يتعلــق بهــذه الأزمة ومــدة بقائهـا، وأوضحـت أنـه بـات واضحـاً بالفعـل أن النمـو العالمـي سـيتحول إلـى معدلات سـالبة حـادة فـي عـام 2020م، وأنهـا تتوقـع أسـوأ تداعيـات اقتصاديـة منـذ سـنوات “الکسـاد الکبيـر” محلياً ودولياً وأن کل ذلــک يعتمــد بدرجــة حاســمة علــى إجــراءات الاستباقية التي يجب أن تتخذها الدول والتي تحددها في أربعة نقاط أساسية:

(1) الاستمرار في تدابير الاحتواء الضروري ودعم النظم الصحية

(2) حمايـة المتضرريـن مـن الأفراد والشـرکات مـن خلال إجـراءات کبيـرة موجهـة وجيـدة التوقيـت علـى مسـتوى الماليـة العامـة والقطـاع المالـي.

(3) تخفيف الضغط عن النظام المالي وتجنب العدوى.

(4) في وقت مرحلة الاحتواء الحالية، يجب التخطيط لمرحلة التعافي.

ويرى الباحث أن التحدي الأکبر الذي يواجه متخذي القرارات في کافة الحکومات – ظل أزمة کورونا الحالية –  يتمثل في القيود التي يجب فرضها على مواطنيهم وما يترتب عليها من تبعات اقتصادية صعبه سواء على الأنظمة أو الحکومات أو على المواطنين، في ظل هذه الحالة التي يصاحبها العديد من الأمور الغامضة نظرا لعدم وجود دليل إرشادي بشأن کيفية التعامل مع فيروس کورونا المستجد (کوفيد-19)، تأتي توقيتات اتخاذ القرارات لتکون هي التحدي الأکبر الذي يواجه صانعي القرارات، حيث نجد أن المشکلة الرئيسية التي تحدث عندما تسوء الأمور تماما لا ترتبط عادة باتخاذ شخص ما قراراً خاطئاً وإنما في کونه لم يتخذه من الأساس.

7/3/2- القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية على الصعيد الصحي:

تبــذل المملکــة العربيــة الســعودية جهوداً کبيــرة فــي مواجهــة فيــروس کورونا (کوفيد-19)، بــدأت مــع اتخــاذ الحکومــة قــرارات اســتباقية تضمنــت تدابيــر احترازيــة وإجــراءات وقائيــة صارمــة، منــذ الإعــلان عــن ظهــور إصابــات بالفيــروس فــي مقاطعــة ووهــان فــي الصيــن، ومــع الاستشــعار المبکــر مــن قبــل حکومة المملکة العربية السعودية بخطر الفيــروس والتحديات التــي يفرضهــا، صــدر الأمــر بتشــکيل لجنــة مختصة برئاسة وزير الصحة تختص بمتابعة مستجدات فيـروس کورونا المسـتجد تضــم في عضويتهــا 24 جهــازاً حکومياً، وتتمتع هذه اللجنة بمجموعة من الصلاحيات التي تمکنها من اتخــاذ الخطــوات المطلوبــة والاحتياطــات اللازمة لمواجهــة الوبــاء والحــد مــن انتشاره، کمــا دعمــت الحکومة جهــود الأجهــزة الحکوميــة التــي عملــت بــروح الفريــق، فــي إطــار مــن التعــاون والتنســيق، أســفر عــن أداء متکامــل وعمــل احترافــي. وکان حجــر الزاويــة فــي تحقيــق النجاح هـو عمق التناغــم والانســجام بيــن جميــع أرکان المنظومــة ومکوناتهــا فــي إدارة الأزمــة، الأمــر الــذي أشــادت بــه منظمــة الصحــة العالميــة، وعديــد مــن المختصيــن فــي دول العالــم، فضلاً عن تأثير تلک الاجراءات والتدابير على انخفاض نسبة الوفيات من إجمالي الحالات المصابة إلى أقل من 1% منذ بداية ظهور أول إصابة في أول مارس 2020م وحتى نهاية شهر مايو 2020م ويمکن توضيح موقف الوضع الصحي في المملکة العربية السعودية خلال الفترة من شهر فبراير 2020م وحتى شهر مايو 2020م من خلال الجدول رقم (1)

جدول رقم (1)موقف الوضع الصحي في المملکة العربية السعوديةخلال الفترة من شهر فبراير 2020م حتى شهر مايو 2020م
الشهرعدد الاصاباتعدد حالات الشفاءعدد الوفياتنسبةحالات الشفاء من إجمالي الحالات المصابةنسبةالوفيات من إجمالي الحالات المصابة
فبراير 2020لا يـوجــــد
مارس 202015631651010,5%0,6%
أبريل 202021190299815214,2%0,7%
مايو 2020625085927934194,8%0,5%
الإجمالي852616244250373,2%0,5%
المصدر: الموقع الرسمي لوزارة الصحة السعودية (.moh.gov.sa)

وهنا يجب التأکيد على أن أحد أبرز الإجراءات الرئيسية التي اتخذتها المملکة العربية السعودية کانت من خلال مرکز القيادة والتحکم المرکزي بديوان وزارة الصحة، الذي قام بتنشيط خطة الاستجابة لجائحة (کوفيد-19) ورفع درجة الجاهزية وتنسيق عملية التواصل والرصد وإدارة البيانات والمعلومات وتخصيص الموارد، بالإضافة إلى عدد من الأنشطة التعليمية لتعزيز الوعي المعرفي لدى الممارسين الصحيين، وقد جاء هذا مواکباً لما أکدته منظمة الصحة العالمية بشأن أهمية التباعد الاجتماعي للتخفيف من انتشار (کوفيد-19)، بهدف تقليل احتمالية الاتصال بين الأشخاص المصابين وغيرهم من غير المصابين، وتشير البيانات إلى أن الدول التي نفذت تدخلات حاسمة ومبکرة ربما ساعدت في الحد من انتشار المرض وتسطيح منحنيات الوباء.

وبالإضـافة إلى ما سبق، فقد لعبت تدابير التباعد الاجتماعي الصارمة والحاسمة التي أدخلتها المملکة العربية السعودية في مواجهة التحديات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية دوراً هاماً في تشکيل المنحنى الوبائي للمرض في البلاد، وهو ما أکده التقرير الذي أصدره المجلس الإحصائي لدول مجلس التعاون الخليج العربية GCC-STAT في مايو 2020 م، والذي يوضح انعکاس تلک التدابير والاجراءات بشکل مباشر على نسبة الوفيات من إجمالي الإصابات المؤکدة حتي 27 مايو 2020م وهو ما يوضحه الشکل رقم (2)، لذلک يتعين النظر في فعالية هذه التدابير بشکل دوري  مع استمرار مکافحة جائحة (کوفيد-19)، حيث أن نجاح هذه التدخلات والامتثال لها مرتبطان ارتباطاً وثيقاً بالاتصال الفعال مع کافة فئات المجتمع لنقل الأسباب وراء هذه الإجراءات وأهدافها.

وفي الإطار نفسه، جاءت نتائج الاجراءات والتدابير الاحترازية التي اتخذتها المملکة العربية السعودية إيجابية التأثير على المنحنى الوبائي لفيروس کورونا (کوفيد-19) – وفقاً لما جاء في تقرر دول مجلس التعاون الخليج العربية GCC-STAT في مايو 2020 م – سواء فيما يتعلق بتزايد نسبة حالات الشفاء وانخفاض نسبة الحالات النشطة حتى 27 مايو 2020م وهو ما يوضحه الشکل رقم (3)، بالإضافة إلى انعکاسها الإيجابي أيضاً على زيادة متوسط حالات الشفاء اليومية وانخفاض متوسط الاصابات اليومية حتى 27 مايو 2020م وهو ما يوضحه الشکل رقم (4)، وهنا يؤکد الباحث أن المملکة العربية السعودية اتخذت العديد من القرارات والاجراءات التي انحازت بشکل کبير لصالح الصحة العامة والحفاظ على حياة المواطنين والمقيمين على حساب متغيرات أخرى مؤثرة بشکل کبير الوضع الاقتصادي.

7/3/3- القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية على الصعيد الاجتماعي:

في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها کافة دول العالم بسبب أزمة کورونا (کوفيد-19)، تأتي الحاجة الماسة لمشارکة وتکاتف کافة الأطراف ذات الصلة من أفراد ومؤسسات من أجل حماية المجتمع من تداعيات انتشار وتفشي الفيروس. وعلى الرغم من أهمية فهم ووعي ومسئولية أفراد المجتمع تجاه القرارات والاجراءات التي تتخذها الحکومات للحفاظ على حياتهم، إلا أن هناک أدوراً أيضاً لا تقل أهمية من منطلق مسئولياتهم الاجتماعية ودورهم المکمل للدور الذي تبذله الدولة في حماية المجتمع، وهي المسؤولية الاجتماعية للشرکات Corporate Social Responsibility CSR والمسؤولية الاجتماعية لمنظمات المجتمع المدني Social Responsibility of Civil Society Organizations، ويتمثل الهدف من مشارکة القطاع الخاص بمؤسساته ومنظمات المجتمع المدني بأنواعها المختلفة في: مساعدة الحکومة بأجهزتها المختلفة لاحتواء والسيطرة على تفشي وانتشار الفيروس، ومساعدة المتضررين من تداعيات الأزمة خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على وظائفهم والحد من العواقب الاقتصادية التي تؤثر على مستوى دخل العاملين.

ولقد جاءت دراسة (Atika Qazi et al,2020) لتوضح أن فيروس (کوفيد-19) تمکن من إصابة أکثر من 100 دولة في غضون أسابيع، کما إن استجابة الناس تجاه البعد الاجتماعي في الوباء الناشئ غير مؤکدة، حيث قامت بتقييم تأثير مصادر المعلومات (الرسمية وغير الرسمية) على الوعي الوقفي Situational Awareness  للجمهور لاعتماد السلوکيات الوقائية الصحية، وذلک من خلال إجراء مسح قائم على الاستبيان وفقاً للفرضية المقترحة التي ترى أن تبني ممارسات التباعد الاجتماعي هي نتيجة الوعي الوقفي الذي تحقق من مصادر المعلومات، وتشير النتائج التي توصلت إليها الدراسة أن مصادر المعلومات الرسمية مرتبطة بزيادة الامتثال للتدابير الوقائية. ومع ذلک، قد لا تساعد مصادر المعلومات غير الرسمية کثيراً حتى يتم تبني السلوکيات الوقائية بسهولة من قبل المجتمع، بالإضافة أنه يمکن زيادة ممارسات التباعد الاجتماعي عن طريق زيادة الوعي حول (کوفيد-19) من خلال مصادر معلومات موثوقة. ويرى الباحث أن زيادة الوعي الوقفي في أوقات أزمة تتعلق بالصحة العامة باستخدام مصادر المعلومات الرسمية يمکن أن يزيد بشکل کبير من تبني سلوک الصحة الوقائية وبالتالي تبني سلسلة من الاجراءات والتدابير لمواجهة الوباء والحد من انتشاره.

وتأتي وجود آلية معتمدة للإفصاح عن المخاطر والتواصل مع شرائح المجتمع المختلفة من أهم العوامل التي تعزز القدرة على الاستجابة إلى الأزمات المهددة للصحة العامة، وذلک نظراً لما يصاحبها من انتشار للشائعات الأمر الي يساعد على زيادة درجات الهلع المجتمعي نتيجة انتشار المعلومات المغلوطة، وهنا يأتي دور التواصل الفاعل بين القنوات الرسمية وأفراد المجتمع الذي من شأنه يساعد على الحد من انتشار الشائعات وتهدئة درجات الهلع المجتمعي، وتفعيل البرامج الاستباقية للتواصل مع مختلف الشرائح المجتمعية ومشارکتهم للبيانات والمعلومات عبر القنوات الرسمية له أيضاً بالغ الأثر في الحد من درجات الهلع المجتمعي. کما يعزز تفعيل خطة التواصل قدرة الممارسين الصحيين على الوصول إلى المعلومة السليمة سواء على المستوى المحلي أو العالمي. وفي إطار التدابير التي اتخذتها المملکة العربية السعودية للحد من انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19)، قام المرکز الوطني للوقاية من الأمراض ومکافحتها بإصدار دليل التعامل مع حالات عدوى فيروس کوفيد-19 الذي يهدف إلى:

(1) التعريف بآلية رصد حالات الإصابة بعدوى کوفيد-19 في المنشآت الصحية أو الحالات المجتمعية.

(2) تعزيز القدرة على تشخيص حالات الإصابة الفردية أو الجماعية (العدوى العنقودية) بعدوى (کوفيد-19)

(3) تحديد السمات السريرية والوبائية للإصابة بعدوى (کوفيد-19)

(4) التعريف بالممارسات الضرورية للوقاية من العدوى ومکافحتها عند مباشرة حالات عدوى (کوفيد-19) المؤکدة والمشتبهة

(5) معايرة الممارسة الطبية فيما يخص معالجة حالات عدوى (کوفيد-19)

(6) التعريف بالموارد والمعايير الخاصة بجمع العينات لأغراض الاختبارات المعملية.

(7) مراقبة جودة الرصد لحالات عدوى (کوفيد-19) وفاعلية البرامج الوقائية ذات العلاقة

وفي السياق ذاته، أکدت دراسة رومانية (Iulian Gherghel & Mihai Bulai,2020) أن الوعي العام على نطاق واسع وتدابير الصحة العامة، وإغلاق التعاون مع البلدان من حيث الرحلات القادمة هي مفتاح للحد من انتشار (کوفيد-19) وتعزيز الرفاهية لکافة فئات المجتمع. وقد جاءت دراسة (Saber Yezli & Anas Khana,2020) لتؤکد أن التباعد الاجتماعي على مستوياته المختلفة يعد مقياساً رئيسياً للتخفيف من انتقال (کوفيد-19)، ويمثل تنفيذ الإجراءات الصارمة للمسافة الاجتماعية تحدياً کبيراً في أغلب المجتمعات خاصة عندما يکون لهذه التدابير تأثير کبير على المعايير الاجتماعية والاقتصاد والرفاهية النفسية للسکان، وهناک العديد من العوامل التي تجعل من تنفيذ إجراءات التباعد الاجتماعي الصارمة تحدياً خاصاً في المملکة العربية السعودية نظراً لمستوى التحضر فيها ومعاييرها الاجتماعية والدينية واستضافتها السنوية للتجمعات الدينية الدولية البارزة، وأوضحت الدراسة أن المملکة العربية السعودية بدأت في تقديم إجراءات تباعد اجتماعي حاسمة في وقت مبکر قبل تأکيد أول حالة لـ (کوفيد-19) في المملکة في 2 مارس 2020م، وذلک من خلال تعليق أو إلغاء التجمعات والفعاليات الدينية والترفيهية والرياضية، والإغلاق المؤقت للمؤسسات التعليمية والمساجد وتأجيل جميع التجمعات غير الضرورية وفرض حظر التجول، وقد اتخذت هذه التدابير على الرغم من التحديات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية لصالح الصحة العامة، کما صاحبت هذه الاجراءات تأثيراً واضحا على منحنى الوباء في المملکة العربية السعودية ضد (کوفيد-19).

7/3/4- القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية على الصعيد السياسي:

استفادت المملکة من رئاستها الحالية لمجموعة العشرين لاستضافة قمة طارئة حول جائحة (کوفيد-19)، في 26 مارس 2020م، لتعزيز الاستجابة المنسقة، ولقد تعهد قادة مجموعة العشرين خلال هذه القمة الافتراضية بالتزامهم بتقديم جبهة موحدة ضد الوباء الحالي، واصفين إياهم بـ “أولويتهم المطلقة” لمعالجة آثاره الصحية والاجتماعية والاقتصادية. ولقد سعت المملکة العربية السعودية من خلال رئاستها لمجموعة العشرين للحد من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والمالية للجائحة بأن ساهمت بمبلغ 500 مليون دولار أمريکي لمساعدة الجهود الدولية للتصدي لجائحة فيروس کورونا المستجد، بالإضافة إلى وضع ثلاثة متطلبات أساسية وهي:

(1) تنسيق جهود دول مجموعة العشرين لوضع السياسات الازمة لمکافحة هذا الوباء.

(2) تخفيف أعباء تداعيات انتشار وباء کورونا الاقتصادية.

(3) تمکين الحلول الطبية للوقاية والعلاج.

وبعد استقراء وتحليل الآراء السابق تناولها في العديد من الدراسات فيما يتعلق بعملية صناعة واتخاذ القرارات والعوامل التي تؤثر عليها في مواجهة فيروس کورونا (کوفيد-19)، فأن الباحث يري أنه على الرغم من التباين الواضح فيما تناولته الدراسات السابقة حول العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية، إلا أن هناک العديد من مناطق الاتفاق حول أبرز العوامل المؤثرة في صناعة واتخاذ القرارات الاستراتيجية للحد من تفشي وانتشار فيروس کورونا (کوفيد-19)، والتي يمکن للباحث تلخيصها على النحو الآتي:

(1) النظم البيئية التي تؤثر في القرار وتتأثر به.

(2) سرعة تدفق المعلومات وتغيرها بشکل مستمر.

(3) البنية التحتية لتکنولوجيا المعلومات والاتصالات.

(4) مستوى الوعي المجتمعي وتفهم القرارات المتخذة.

(5) قدرات الأجهزة المعنية والأطراف ذات الصلة بتنفيذ القرارات الاستثنائية.

(6) امکانيات وقدرات القطاع الصحي سواء فيما يتعلق بالامکانيات المادية أو الإمکانيات البشرية.

)7) المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني من خلال المساهمات والمبادرات التي من شأنها تسهم في مساعدة الحکومة لمواجهة هذه الجائحة.

وانطلاقاً مما خلص إليه الإطار النظري وبناءً عليه فقد تمثلت فروض البحث في ثلاثة فروض أساسية ترکزوا من ناحية حول العوامل المؤثرة في صناعة القرارات في البيئة السعودية، بالإضافة إلى تأثير جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية في الحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19)، ومن ناحية أخرى تأثير مؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية في الحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19)، الأمر الذي يستوجب على الباحث اختبار تلک الفروض في البيئة السعودية. وهذا ما سوف تختص به الدراسة الميدانية والتي سيقوم الباحث باستعراض جوانبها المختلفة سواء ما کان منها يرتبط بهدف الدراسة، أو منهجيّتها وأدواتها، بالإضافة إلى عينة الدراسة الميدانية وما انتهت إليه من نتائج في ضوء التحليل الاحصائي الذي سيتم استخدامه.

8- الدراسة الميدانية

تناول الباحث في الإطار النظري للبحث کلاً من: المفاهيم الأساسية في صناعة القرارات الاستراتيجية، کما تناول العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا، بالإضافة إلى القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية واثارها على الحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19).

وبعد الانتهاء من الإطار النظري للبحث فإن الأمر يتطلب اختبار فروض البحث السابق ذکرها، ومن هنا تأتي الدراسة الميدانية والتي سيقوم الباحث بتناولها من حيث الهدف، وتوصيف وقياس المتغيرات، ومجتمع وعينة الدراسة، بالإضافة إلى منهجية أدوات وإجراءات الدراسة، وأخيراً ما انتهى إليه التحليل الاحصائي من نتائج.

8/1- أهداف الدراسة الميدانية

ترتبط الدراسة الميدانية ارتباطاً وثيقاً بفروض البحث؛ حيث تستهدف الدراسة الميدانية اختبار مدى صحة هذه الفروض في البيئة السعودية، وعليه فإن الدارسة الميدانية لهذا البحث سوف تستهدف ما يلي:

(1) اختبار مدى وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين صناعة القرارات الاستراتيجية وتوافر مجموعة من العوامل في البيئة السعودية.

(2) اختبار مدى وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية وبين الحد من تفشي فيروس کورونا.

(3) اختبار مدى وجود علاقة ذات دلالة احصائية بين مؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية وبين الحد من تفشي فيروس کورونا.

8/2- توصيف وقياس متغيرات الدراسة

تنقسم متغيرات الدراسة إلى متغيرات مستقلة ومتغيرات تابعة، وسوف يتم تناول تلک المتغيرات بالوصف والقياس على النحو الآتي:

  • المتغيرات المستقلة: تنحصر المتغيرات المستقلة في متغير واحد فقط وهو العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية، والتي يقصد بها أنها مجموعة من المؤثرات التي يساهم توافرها بشکل مباشر في صناعة واتخاذ القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا (کوفيد-19).
  • ·المتغيرات التابعة: تنحصر المتغيرات التابعة أيضاً في متغير واحد فقط وهو الحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19) في المملکة العربية السعودية، والتي تعد جائحة تعاني منها کافة دول العالم.

8/3- مجتمع وعينة الدراسة الميدانية

استنادا إلى هدف الدراسة الميدانية ولخدمة أهداف البحث بما يتناسب مع فروضه التي سيتم اختبارها فإن مجتمع الدراسة الذي يتمثل في مجموعتين، تتمثل المجموعة الأولى في أعضاء المنظومة الصحية، بينما تتمثل المجموعة الثانية في کافة فئات المجتمع (المواطنين والمقيمين). وقد راعى الباحث عند تحديد مجتمع الدراسة وبالتالي عند اختيار عينة الدراسة من أطراف تتأثر بشکل مباشر بالقرارات التي سوف تتخذها المملکة للحد من تفشي الفيروس، کما راعى الباحث أيضاً أن يکون أعضاء المنظومة الصحية وفئات المجتمع (المواطنين والمقيمين) من مستويات متعددة سواء على مستوى الوظيفة، العمر، الجنس، مستوى الدخل، الحالة الاجتماعية. وذلک لمراعاة التنويع والاختلاف للوقوف على الآراء الفعلية لعينة الدراسة وهو ما سوف يکون له بالغ الأثر على مخرجات التحليل الإحصائي لهذه الدراسة.

8/4- منهجية أدوات وإجراءات الدراسة الميدانية

8/4/1- منهجية الدراسة: أعتمد الباحث على المنهج الوصفي من خلال دراسة الحالة الذي يستهدف بشکل أساسي واقع الممارسة في البيئة السعودية، بالإضافة على المنهج الاستدلالي الاستنباطي من خلال اختبار مدى صحة فروض البحث في البيئة السعودية.

8/4/2- أدوات جمع البيانات: من خلال الاطلاع على الأبحاث والدراسات الأجنبية التي تناولت العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا، ووفقاً لطبيعة البيانات التي تخدم أهداف البحث والتي کان من الواجب جمعها، فإن الباحث يرى أن يتم الاعتماد في اجراء الدراسة الميدانية على قائمة استقصاء تتناسب مع طبيعة البيانات الخاصة بالدراسة. ووفقاً لذلک قام الباحث بتصميم قائمة استقصاء (ملحق) تشمل نوعين من الأسئلة – بخلاف البيانات الشخصية للمستقصي منه – تمثل النوع الأول في الأسئلة المغلقة والنوع الثاني في الأسئلة المفتوحة، وقد أخذ الباحث في اعتباره مجموعة من الاعتبارات عند تصميم قائمة الاستقصاء وهي:

(1) أن تکون الأسئلة واضحة لمجموعتي أفراد العينة.

(2) الالتزام بعدم استخدام مصطلحات متخصصة بقدر الإمکان.

(3) تم إعداد قائمة استقصاء مبدئية وتم توزيعها على عينة عشوائية من بعض أعضاء المنظومة الصحية وفئات المجتمع المختلفة (المواطنين والمقيمين)، واعتماداً على ما کان لهم من ملاحظات تم إعداد قائمة الاستقصاء النهائية (ملحق) التي تم توزيعها علـى عينـة الدراسة.

وقد قام الباحث بتوزيع قائمة الاستقصاء على العينة الکلية (إلکترونياً) نظراً لظروف التباعد الاجتماعي – تم تحديد حجمها بـ 384 مفردة من الجداول الإحصائية على اعتبار أن المجتمع غير محدود وبمعامل ثقة 95% ومستوى معنوية 0,05 – سواء المجموعة الأولى أو المجموعة الثانية من خلال المواقع الالکترونية وشبکات التواصل الاجتماعي المختلفة. ويوضح الجدول رقم (2) البيانات الخاصة بقوائم الاستقصاء المستلمة والصحيحة؛ حيث تعبر قوائم الاستقصاء الصحيحة عن عدد قوائم الاستقصاء المستلمة بعد استبعاد قوائم الاستقصاء التي لا يمکن الاعتماد عليها في التحليل الإحصائي واشتقاق النتائج وذلک إما بسبب عدم اکتمال الإجابات أو بسبب عدم اهتمام المستقصي منه بالإجابة على الأسئلة.

جدول رقم (2)بيان عدد قوائم الاستقصاء الموزعة والمستلمة
بيـــــــــانعدد قوائم الاستقصاء المستلمةعدد قوائمالاستقصاء الصحيحةنسبة الردود الصحيحة إلى عدد قوائم الاستقصاء الموزعةنسبة الخطأ في الردود
عينة أعضاء المنظومة الصحية21020595%2,4%
عينة المواطنين والمقيمين19017994%5,8%
الإجمالي40038495,5%4%

8/4/3- الأساليب الإحصائية المستخدمة:في ضوء الفروض التي سيتم اختبارها واستناداً إلى طبيعة عينة الدراسة التي تتضمن فئة أعضاء المنظومة الصحية وفئة فئات المجتمع (المواطنين والمقيمين)، فقد تم استخدام نوعين من أنواع الأساليب الإحصائية وهما:

(1) أساليب الإحصاء الوصفي: حيث تم استخدام متوسط قيم استجابات أفراد العينة وفقاً لمقياس ليکارت والانحراف المعياري Standard Deviation.

(2) أساليب الإحصاء الاستدلالي: حيث تم استخدام تحليل التباين ANOVA لتحديد ما إذا کانت هناک فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء مجموعتي الدراسة حول الأسئلة المطروحة عليهم أم لا، ولقد تم استخدام مستوى معنوية 0,05. وهو المستوى الشائع استخدامه في الدراسات والأبحاث العلمية. وتجدر الإشارة إلى أن مستوى الدلالة الوارد بجميع جداول تحليل التباين قد تم تحديده من خلال برنامج (SPSS) بعد مقارنة قيمة F المحسوبة (الواردة في الجدول) مع قيمة F الجدولية.

8/5- نتائج التحليل الإحصائي للدراسة الميدانية

انتهى التحليل الإحصائي لإجابات أفراد العينة الکلية من ناحية وإجابات أفراد مجموعتي الدراسة من ناحية أخرى إلى مجموعة من النتائج الهامة وهي:

8/5/1- نتائج التحليل الإحصائي للفرض الأول

يرى أفراد العينة أن هناک علاقة ذات دلالة إحصائية بين صناعة القرارات الاستراتيجية وتوافر مجموعة من العوامل في البيئة السعودية، حيث يشير الجدول رقم (3) إلى أن المتوسط العام لقيم استجابات أفراد العينة الکلية هو 4,65، ويلاحظ أن متوسط قيم الاستجابات لمجموعة المواطنين والمقيمين والذي يبلغ 4,77 قد جاء أکبر من متوسط قيم الاستجابات لمجموعة أعضاء المنظومة الصحية والذي يبلغ 4,54، وهذا يؤکد اقتناع مجموعة المواطنين والمقيمين بشکل يفوق مجموعة أعضاء المنظومة الصحية.

جدول رقم (3)نتائج التحليل الوصفي لآراء عينة الدراسة حول العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس (کوفيد-19)
الفئــةعدد العينةالمتوسطالانحراف المعياريالاستجابات
موافق بشدةموافقغير متأکدغير موافقغير موافق على الإطلاق
عينة أعضاء المنظومة الصحية2054,540,32575,8%10,3%6,1%7,8%
عينة المواطنين والمقيمين1794,770,32085,9%7,1%6%1%
الإجمالي3844,650,308

ولتفسير موقف العينة الکلية وکذلک مجموعتي الدراسة حول توافر مجموعة من العوامل المؤثرة، فقد تم إعداد الجدول رقم (4)، والذي يوضح النتائج التالية:

 (1) يتضح من الجدول رقم (4) اتفاق آراء العينة الکلية، وکذلک آراء مجموعتي الدراسة سواء أعضاء المنظومة الصحية أو المواطنين والمقيمين على أن جميع العوامل السابقة تعتبر من العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا (کوفيد-19) في البيئة السعودية، حيث جاءت جميع متوسطات قيم الاستجابات أکبر من 2,5.

(2) اتفقت مجموعتي الدراسة فيما يتعلق بالأهمية النسبية للعوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا (کوفيد-19) سواء وفقاً لآراء أفراد العينة الکلية أو أفراد مجموعتي الدراسة. حيث تمثلت العوامل الأکثر أهمية من وجهة نظرهم في: امکانيات وقدرات القطاع الصحي سواء فيما يتعلق بالامکانيات المادية أو الامکانيات البشرية، وسرعة تدفق المعلومات وتغيرها بشکل مستمر. بينما جاءت العوامل الأقل أهمية من وجهة نظرهم في المسئولية الاجتماعية للقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني من خلال المساهمات والمبادرات التي من شأنها تسهم في مساعدة الحکومة لمواجهة هذه الجائحة

(3) کما اتفقت مجموعتي عينة الدراسة على مجموعة من العوامل الأخرى المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في ظل أزمة کورونا وهي:

  • الاستفادة من تجارب الدول الأخرى المتضررة من کورونا (کوفيد-19)، واتباع الاستراتيجيات والاجراءات وبروتوکولات العلاج التي من شأنها تحد من تفشي انتشار الفيروس من ناحية وتقليل نسبة حالات الوفاة من ناحية أخرى.
  • الأبحاث العلمية التي تجريها الجامعات وشرکات الأدوية الکبرى حول التطور الجيني لفيروس کورونا (کوفيد-19).
  • الوضع الاقتصادي للدولة وقدرته على تحمل صدمات اقتصادية مؤلمة في سبيل اتخاذها سياسات الإغلاق لکافة الأنشطة المجتمعية.

(4) من خلال نتائج تحليل التباين ANOVA بين مجموعتي الدراسة والواردة بالجدول رقم (5) والذي يوضح النتائج التالية:

  • وجود فروق ذات دلالة إحصائية وذلک لدلالة قيمة (F) عند مستوى معنوية (0,05) فيما يتعلق بالعامل الأول والثالث والخامس والسابع.
  • وجود فروق ذات دلالة إحصائية وذلک لدلالة قيمة (F) عند مستوى معنوية (0,05) فيما يتعلق بالعامل الثاني والرابع والسادس.

وبذلک يتضح مما سبق أن الفرض الأول قد ثبت صحته

ينص الفرض الثاني على وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال أشهر (فبراير/مارس/أبريل/مايو) وبين الحد من تفشي فيروس کورونا، حيث يشير الجدول رقم (6) إلى أن المتوسط العام لقيم استجابات أفراد العينة الکلية حول جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية هو 4,51، کما بلغ متوسط قيم الاستجابات لمجموعة أعضاء المنظومة الصحية 4,59، على حين بلغ متوسط قيم الاستجابات لمجموعة المواطنين والمقيمين 4,43، وکما يتضح من الجدول نفسه رقم (6) فإن متوسط قيم الاستجابات لمجموعة أعضاء المنظومة الصحية قد جاء أکبر من متوسط قيم الاستجابات لمجموعة المواطنين والمقيمين، وهذا يؤکد اقتناع مجموعة أعضاء المنظومة الصحية بشکل يفوق مجموعة المواطنين والمقيمين.

جدول رقم (6)نتائج التحليل الوصفيلآراء عينة الدراسة حول جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال أشهر (فبراير/مارس/أبريل/مايو)
الفئــةعدد العينةالمتوسطالانحراف المعياريالاستجابات
موافق بشدةموافقغير متأکدغير موافقغير موافق على الإطلاق
عينة أعضاء المنظومة الصحية2054,590,51674,3%15,5%7%1,5%1,7%
عينة المواطنين والمقيمين1794,430,17474,2%7,2%7,9%10,7%
الإجمالي3844,510,403

وحتى يمکن تحديد الأهمية النسبية لکل شهر من شهور الأربعة التي اتخذت فيها المملکة العربية السعودية مجموعة من القرارات والاجراءات والتدابير للحد من تفشي فيروس کورونا (کوفيد-19) من وجهة نظر العينة الکلية وکذلک من وجهة نظر مجموعتي الدراسة کلاً على حدة، فقد تم إعداد الجدول رقم (7) والذي يتضح فيه مجموعة من الحقائق سواء على مستوى العينة الکلية أو مجموعتي الدراسة.

 (3) ولدراسة مدى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات مجموعتي عينة الدراسة. تم إجراء تحليل التباين ANOVA من خلال الجدول رقم (8) والذي يوضح وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين آراء مجموعتي الدراسة عند مستوى معنوية (0,05) فيما يتعلق بجودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال أشهر (فبراير/مارس/أبريل/مايو) وتأثيرها على الحد من انتشار الفيروس.

وبذلک يتضح مما سبق أن الفرض الثاني قد ثبت صحته

جدول رقم (8) نتائج تحليل التباينلآراء عينة الدراسة حول جودة القرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال أشهر (فبراير/مارس/أبريل/مايو)
مصدر التباينمجموع المربعاتSum of Squaresدرجات الحريةDfمتوسط مجموع المربعاتMean Squareقيمة فFالدلالةSig.
(1) القرارات والاجراءات والتدابير التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال شهر فبراير0,000
بين المجموعات1,92711,92712,438
داخل المجموعات59,1663820,155
الکلي61,093383
(2) القرارات والاجراءات والتدابير التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال شهر مارس0,000
بين المجموعات3,04813,04812,398
داخل المجموعات93,9203820,246
الکلي96,968383
(3) القرارات والاجراءات والتدابير التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال شهر أبريل0,002
بين المجموعات2,63112,6319,622
داخل المجموعات104,4763820,273
الکلي107,108383
(4) القرارات والاجراءات والتدابير التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال شهر مايو0,000
بين المجموعات53,117153,117144,034
داخل المجموعات140,8733820,369
الکلي193,990383

8/5/3- نتائج التحليل الإحصائي للفرض الثالث

ينص الفرض الثالث على وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين مؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية وبين الحد من تفشي فيروس کورونا، حيث يشير الجدول رقم (9) إلى أن المتوسط العام لقيم استجابات أفراد العينة الکلية لمؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية هو 4,36، کما بلغ متوسط قيم الاستجابات لمجموعة أعضاء المنظومة الصحية 4,16، على حين بلغ متوسط قيم الاستجابات لمجموعة المواطنين والمقيمين 4,59، وکما يتضح من الجدول نفسه رقم (9) فإن متوسط قيم الاستجابات لمجموعة المواطنين والمقيمين قد جاء أکبر من متوسط قيم الاستجابات لمجموعة أعضاء المنظومة الصحية، وهذا يؤکد اقتناع مجموعة المواطنين والمقيمين بشکل يفوق مجموعة أعضاء المنظومة الصحية.


جدول رقم (9) نتائج التحليل الوصفيلآراء عينة الدراسة حول مؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية وبين الحد من تفشي فيروس کورونا
الفئــةعدد العينةالمتوسطالانحراف المعياريالاستجابات
موافق بشدةموافقغير متأکدغير موافقغير موافق على الإطلاق
عينة أعضاء المنظومة الصحية2054,160,28465,3%6%9,9%17,6%1,2%
عينة المواطنين والمقيمين1794,590,29579,1%7%8,3%5,6%
الإجمالي3844,360,360

وحتى يمکن تحديد الأهمية النسبية لکل مؤشر من مؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية من وجهة نظر العينة الکلية وکذلک من وجهة نظر مجموعتي الدراسة کلاً على حدة.

تختلف الأهمية النسبية لمؤشرات وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية للحد من تفشي فيروس کورونا سواء وفقاً لآراء العينة الکلية أو أفراء مجموعتي الدراسة. حيث تمثلت المؤشرات الأکثر أهمية من وجهة نظر أعضاء المنظومة الصحية في جهود وزارة الصحة ودورها التوعوي والنصائح الطبية التي تصدرها، التدابير والقرارات التي اتخذتها الحکومة وتتابعها من ناحية الخريطة الزمنية. بينما جاءت المؤشرات الأقل أهمية من وجه نظرهم في الوعي المجتمعي العام بخطورة الأزمة بالشکل الکافي الذي ساعد الحکومة في تنفيذ القرارات التي اتخذتها. في حين تمثلت المؤشرات الأکثر أهمية من وجهة نظر المواطنين والمقيمين في جهود وزارة الصحة ودورها التوعوي والنصائح الطبية التي تصدرها، الوعي المجتمعي العام بخطورة الأزمة بالشکل الکافي الذي ساعد الحکومة في تنفيذ القرارات التي اتخذتها. بينما جاءت المؤشرات الأقل أهمية من وجه نظرهم في المؤسسات الإعلامية ودورها في نشر الوعي وتثقيف المجتمع وتوعيته.

(3) کما اتفقت مجموعتي عينة الدراسة على مجموعة من المؤشرات الأخرى التي ساهمت في وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية في ظل أزمة کورونا وهي:

  • الأعداد المتزايدة من الاصابات والوفيات التي اصابت دول العالم المتقدم کالولايات المتحدة الأمريکية والدول الأوروبية والصين.
  • الثقة والترابط بين الحکومة وفئات المجتمع (مواطنين مقيمين) وتأکدهم من اتباع الحکومة کافة الاجراءات التي تنحاز لصحة وسلامة مختلف فئات المجتمع.
  • جدية تنفيذ القرارات ووضح آليات التنفيذ للجميع، بالإضافة إلى صرامة الجهات المسئولة في تنفيذ القرارات الاستثنائية والمتابعة المستمرة على مدار الساعة.
  • سهولة التسوق عن طريق التطبيقات الالکترونية لتلبية کافة الاحتياجات الاساسية التي يحتاجها المجتمع سواء فيما يتعلق بالسلع والخدمات.

(4) ولدراسة مدى وجود فروق ذات دلالة إحصائية بين استجابات مجموعتي عينة الدراسة، تم اجراء تحليل التباين ANOVA من خلال الجدول رقم (11) الذي يوضح النتائج التالية:

  • وجود فروق ذات دلالة إحصائية وذلک لدلالة قيمة (F) عند مستوى معنوية (0,05) فيما يتعلق بالمؤشر الأول والرابع والخامس والسادس والثامن.
  • وجود فروق ذات دلالة إحصائية وذلک لدلالة قيمة (F) عند مستوى معنوية (0,05) فيما يتعلق بالمؤشر الثاني والثالث والسابع.

تناول الباحث في هذا البحث العوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا وأثارها على الحد من تفشي الفيروس “دراسة حالة المملکة العربية السعودية”، ولقد جاءت دوافع الباحث نحو إجراء تلک الدراسة ليس فقط من حيث ندرة الأبحاث والدراسات التي تناولت موضوع البحث، وإنما أيضا من أهمية النتائج المتوقعة للبحث والتي يمکن توضيحها على النحو الآتي:

(1) اتفقت آراء العينة الکلية وکذلک آراء مجموعتي الدراسة فيما يتعلق بالأهمية النسبية للعوامل المؤثرة في صناعة القرارات الاستراتيجية في مواجهة فيروس کورونا، حيث تمثلت هذه العوامل في امکانيات وقدرات القطاع الصحي سواء فيما يتعلق بالامکانيات المادية أو الامکانيات البشرية، وسرعة تدفق المعلومات وتغيرها بشکل مستمر.

(2) تختلف الأهمية النسبية للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية خلال أشهر (فبراير/مارس/أبريل/مايو) سواء وفقاً لآراء أفراد العينة الکلية أو لأفراد مجموعتي عينة الدراسة، حيث تمثلت الشهور الأکثر أهمية من وجهة نظر أعضاء المنظومة الصحية في شهري فبراير ومايو، وفي حين جاءت الشهور الأکثر أهمية من منظور المواطنين والمقيمين في شهري فبراير وأبريل.

(3) تمثلت الأهمية النسبية لآراء العينة الکلية للمؤشرات التي ساهمت في زيادة وعي وتقبل المجتمع للقرارات التي اتخذتها المملکة العربية السعودية للحد من انتشار فيروس کورونا في جهود وزارة الصحة ودورها التوعوي والنصائح الطبية التي تصدرها، والتدابير والقرارات التي اتخذتها الحکومة وتتابعها من ناحية الخريطة الزمنية.

10- توصيات البحث

استناداً إلى ما تم التوصل إليه من نتائج سواء من خلال الإطار النظري أو الدراسة الميدانية للبحث، يوصي الباحث بمجموعة من التوصيـات تتمثـل فيمـا يلي:

(1) ضرورة المراجعة المستمرة للقرارات والاجراءات والتدابير التي تتخذها المملکة العربية السعودية بشأن تطورات انتشار وتفشي فيروس کورونا (کوفيد-19)، خاصة وأن العالم أجمع في سباق حول السعي نحو تخفيف الإجراءات المقيدة للحياة الطبيعية واستخدام مصطلح “العالم الجديد The New World”.

(2) استمرار تضافر الجهود الحکومية والإعلامية لتوحيد الرسائل الموجهة للرأي العام لزيادة مستويات الوعي المجتمعي لتحمل الاجراءات الاستثنائية المقيدة للحياة الطبيعية لمختلف فئات المجتمع.

(3) ضرورة دعم وتعزيز الشراکة من أجل المجتمعات المستدامة The Partnership Structure for Sustainable Communities، من خلال إيجاد آليات لدخول القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني في البرامج والمبادرات التي أطلقتها المملکة العربية السعودية خلال الفترة الأخيرة لدعم الاجراءات الاستثنائية المتخذة للحد من انتشار فيروس کورونا (کوفيد-19).

(4) ضرورة إجراء أبحاث علمية مستقبلية حول المشاکل التي تعوق أداء وتقديم الخدمات العامة کل على حده – في ظل أزمة کورونا – وتشخيص أسبابها، واقتراح وسائل العلاج العملية التي يمکن تنفيذها على أرض الواقع.

(5) إرساء ونشر ثقافة العمل عن بعد من خلال تعزيز القدرات المؤسسية للمنظمات العامة، مع حتمية التقييم الدوري والمستمر لطبيعة عمل هذه المنظمات في ضوء أهدافها وسياساتها وبرامجها

(6) ضرورة تبني استراتيجية قومية لرفع الوعي المجتمعي في مجال الحد من المخاطر ومواجهة الأزمات من خلال مرکز دعم اتخاذ القرار التابع للديوان الملکي السعودي، وتستهدف هذه الاستراتيجية: رفع درجة الوعي الخاصة بکيفية الاستعداد للأزمات والکوارث ومواجهتها بأقل الخسائر الممکنة، تغيير الاتجاهات الخاصة بالممارسات السلوکية لمختلف فئات المجتمع والعمل على تحويلها من الاتجاه السلبي إلى الاتجاه المحايد ثم الإيجابي، بناء وتنسيق العلاقات مع  مختلف المؤسسات الاعلامية لوضع ميثاقاً لعملها قبل وأثناء وبعد الأزمة، إعادة النظر في أدوار مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص نحو مسئوليتهم الاجتماعية قبل وأثناء وبعد الأزمة.


[1] انتقل فيروس (کورونا) المسبب لمتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد الوخيم (السارس) من قطط الزباد إلى البشر في الصين عام 2002م، وقد انتقل فيروس (کورونا) المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (Mers) من الإبل إلى البشر في المملکة العربية السعودية عام 2012م. کذلک انتقل فيروس (کورونا) الأخير COVID-19 من فصيلة فيروسات (کورونا)، وکان له ارتباط بسوق للبحريات والحيوانات في مدينة ووهان الصينية. وهناک العديد من سلالات فيروس (کورونا) الأخرى المعروفة التي تسري بين الحيوانات دون أن تنتقل العدوى منها إلى البشر حتى الآن. أنظر : https://www.moh.gov.sa

المراجعمراجع الدراسة-    Ait Yassine.(2017).The Role of Management Information Systems in the Effectiveness of Managerial Decision Making in Greater Irbid Municipality, Arabian Journal of Business and ar A Management Review, Vol.7, Issue.4, PP.1-10-    Ali Intezari,David J. Pauleen.(2018). Conceptualizing Wise Management Decision Making: A Grounded Theory Approach, A Journal of The    Decision Sciences Institute, Vol.49, Issue.2, PP. 335-400 Retrieved February 20, 2017 from https://doi.org/10.1111/deci.12267-    Amirhoshang Hoseinpour Dehkordi, Majid Alizadeh, Pegah Derakhshan,Peyman Babazadeh & Arash Jahandideh.(2020). Understanding epidemic data and statistics: A case study of COVID‐19, Journal of Medical Virology, Retrieved April 24, 2020 from  https://doi.org/10.1002/jmv.25885-    Annelies Wilder-Smith,Calvin J Chiew,Vernon J Lee.(2020).Can we contain the COVID-19 outbreak with the same measures as for SARS?, Elsevier Public Health Emergency Collection, Vol.20 , PP.102-107 Retrieved March 05, 2020  from https://doi.org/10.1016/S1473-3099(20)30129-8-    Arjen Boin,Allan McConnell.(2007).Preparing for Critical Infrastructure Breakdowns: The Limits of Crisis Management and the Need for Resilience, Journal of Contingencies and Crisis Management, Vol.15, Issue.1, PP.50-59 Retrieved     February 28, 2007 from https://doi.org/10.1111/j.1468-5973.2007.00504.x-    Ata Elayyan.(2015).The Impact of Decision Making Styles on Organizational Learning: An Empirical Study on the Public Manufacturing Companies in Jordan, International Journal of Business and Social Science, Vol.6, No.4, PP.55-62-    Atika Qazi,Javaria Qazi,Khulla Naseer,Muhammad Zeeshan,Glenn Hardaker,Jaafar Zubairu Maitama,Khalid Haruna.(2020).Analyzing situational awareness through public opinion to predict adoption of social distancing amid pandemic COVID‐19, Journal of Medical Virology, Retrieved April 08, 2020 from https://doi.org/10.1002/jmv.25840-    Babar T. Shaikh,Nabeela Ali.(2020).COVID ‐19 and fiscal space for health system in Pakistan: It is time for a policy decision, International Journal of Health Planning and Management, Retrieved May 31, 2020 from https://doi.org/10.1002/hpm.2986-    Bo Pang,A. Ross Otto,Darrell A. Worthy.(2015).Self‐Control Moderates Decision‐Making Behavior When Minimizing Losses versus Maximizing Gains, Journal of Behavioral Decision Making, Vol.28, Issue.2, PP.176-187 Retrieved September 23, 2014 from https://doi.org/10.1002/bdm.1830-    Ciaran Heavey,Zeki Simsek,Christina Kyprianou,Marten Risius.(2020).How do strategic leaders engage with social media? A theoretical framework for research and practice, Strategic Management Journal, Retrieved March 26, 2020 from https://doi.org/10.1002/smj.3156-    Daniella Laureiro‐Martínez,Stefano Brusoni.(2018).Cognitive flexibility and adaptive decision‐making: Evidence from a laboratory study of expert decision makers, Strategic Management Journal, Vol.39, Issue.4, PP.1031-1058Retrieved January 18,  2018 from https://doi.org/10.1002/smj.2774-    Danish Rafiq,Asiya Batool,M. A. Bazaz.(2020).Three months of COVID ‐19: A systematic review and meta‐analysis, Reviews in Medical Virology, Retrieved       May 18, 2020 from https://doi.org/10.1002/rmv.2113-    Elizabeth Johnson,Melissa Graham,Sejin Park.(2016).Planning Makes (Closer to) Perfect: Exploring United States’ Local Government Officials’ Evaluations of Crisis Management, Journal of Contingencies and Crisis Management, Vol.24, Issue.2, PP. 73-81 Retrieved March 25, 2016 from https://doi.org/10.1111/1468-5973.12109-    Fabio Del Missier,Timo Mäntylä,Wändi Bruine de Bruin.(2012).Decision‐making Competence, Executive Functioning, and General Cognitive Abilities, Journal of Behavioral Decision Making ,Vol.25, Issue.4, PP.331-351 Retrieved February 07, 2011 from https://doi.org/10.1002/bdm.731-    Guan Wang,Wenhu Chen,Xian Jin,Yi‐Peng Chen.(2020).Description of COVID‐19 cases along with the measures taken on prevention and control in Zhejiang, China, Journal of Medical Virology, Retrieved April 20, 2020 from https://doi.org/10.1002/jmv.25906-    Hayley Watson,Rachel L. Finn,Kush Wadhwa.(2017).Organizational and Societal Impacts of Big Data in Crisis Management, Journal of Contingencies and Crisis Management, Vol.25, Issue.1, PP.15-22  Retrieved November 10, 2016 from https://doi.org/10.1111/1468-5973.12141-    Imran Ali,Omar M.L. Alharbi.(2020).COVID-19: Disease, management, treatment, and social impact, Science of The Total Environment Vol.728, Issue.1, PP.1-6  Retrieved April 22, 2020 from  https://doi.org/10.1016/j.scitotenv.2020.138861-    Iulian Gherghel,Mihai Bulai.(2020).Is Romania ready to face the novel coronavirus (COVID-19) outbreak? The role of incoming travelers and that of Romanian diaspora, Travel Medicine and Infectious Disease Vol.34, Retrieved from https://doi.org/10.1016/j.tmaid.2020.101628-    J. Robert Mitchell,Dean A. Shepherd,Mark P. Sharfman.(2011).Erratic strategic decisions: when and why managers are inconsistent in strategic decision making, Strategic Management Journal,   Vol.32,      Issue.7,    PP.683-704 Retrieved November 10, 2010 from https://doi.org/10.1002/smj.905-    Jeroen D. H. van Wijngaarden,Gerard R. M. Scholten,Kees P. van Wijk.(2012). Strategic analysis for health care organizations: the suitability of the SWOT‐analysis, International Journal of Health Planning and Management, Vol.27, Issue.1,  PP.34-49 Retrieved March 02, 2012 from https://doi.org/10.1002/hpm.1032-    Jialin Liu,Siru Liu.(2020).The management of coronavirus disease 2019 (COVID‐19), Journal of Medical Virology , Retrieved  May 05, 2020 from https://doi.org/10.1002/jmv.25965-    Juan Chen,Zhan-hui Feng,Liansheng Wang.(2020).Travel rush during Chinese Spring Festival and the 2019-nCoV, Travel Medicine and Infectious Disease, Retrieved      April 22, 2020 from https://doi.org/10.1016/j.tmaid.2020.101686-    Jyoti Mishra,David Allen,Alan Pearman.(2015).Information seeking, use, and decision making, Journal of the Association for Information Science and Technology, Vol.66, Issue.4, PP.662-673 Retrieved May 21, 2014 from https://doi.org/10.1002/asi.23204-    Lamya Benamar,Christine Balagué,Mohamad Ghassany.(2017).The Identification and Influence of Social Roles in a Social Media Product Community, Journal of Computer-Mediated Communication, Vol.22, Issue.6, PP.337-362 Retrieved    October 12, 2017 from https://doi.org/10.1111/jcc4.12195-    M. Jae Moon.(2020).Fighting COVID ‐19 with Agility, Transparency, and Participation: Wicked Policy Problems and New Governance Challenges, Public Administration Review, Retrieved April 29, 2020 from https://doi.org/10.1111/puar.13214-    Margaret G. Hermann,Bruce W. Dayton.(2009).Transboundary Crises through the Eyes of Policymakers: Sense Making and Crisis Management, Journal of Contingencies and Crisis Management, Vol.17, Issue.4, PP.233-241 Retrieved November 17, 2009 from https://doi.org/10.1111/j.1468-5973.2009.00590.x-    Martin Geisler,Carl Martin Allwood.(2018).Relating Decision‐Making Styles to Social Orientation and Time Approach, Journal of Behavioral Decision Making, Vol.31, Issue.3, PP.415-429, Retrieved December 19, 2017 from https://doi.org/10.1002/bdm.2066-    Maryam Temitayo,Habeeb Omotunde.(2012).Theories And Strategies of Good Decision Making, International Journal of Scientific & Technology Research, Vol.1, Issue.10, PP.51-54-    Michael J. Mannor,Adam J. Wowak,Viva Ona Bartkus,Luis R. Gomez‐Mejia.(2016). Heavy lies the crown? How job anxiety affects top executive decision making in gain and loss contexts, Strategic Management Journal, Vol.37, Issue.9,  PP.1968-1989 Retrieved Augus 03, 2015 from https://doi.org/10.1002/smj.2425-    Michael Shayne Gary,Robert E. Wood,Tracey Pillinger.(2012).Enhancing mental models, analogical transfer, and performance in strategic decision making, Strategic Management Journal, Vol.33, Issue.11,  PP.1229-1246 Retrieved March 26, 2012 from https://doi.org/10.1002/smj.1979-    Michel L.A. Dückers.(2017).A multilayered psychosocial resilience framework and its implications for community‐focused crisis management, Journal of Contingencies and Crisis Management, Vol.25, Issue.3, PP.182-187  Retrieved August 09, 2017 from https://doi.org/10.1111/1468-5973.12183-    Mikko Villi.(2019).Social Media as Distribution Tool, The International Encyclopedia of Journalism Studies, Retrieved April 29, 2019 from https://doi.org/10.1002/9781118841570.iejs0184-    Mohamed A.Daw(2020).Corona virus infection in Syria, Libya and Yemen; an alarming devastating threat, Travel Medicine and Infectious Disease, Retrieved    April 02, 2020 from https://doi.org/10.1016/j.tmaid.2020.101652-    Olli‐Pekka Kauppila,Lorenzo Bizzi,David Obstfeld.(2018).Connecting and creating: tertius iungens , individual creativity, and strategic decision processes, Strategic Management Journal, Vol.39, Issue.3,  PP.697-719 Retrieved November 15, 2017 from  https://doi.org/10.1002/smj.2728-    Philippe Gautre,Jaffar A.Al-Tawfiq,Van ThuanHoang.(2020).COVID 19: Will the 2020 Hajj pilgrimage and Tokyo Olympic Games be cancelled?, Travel Medicine and Infectious Disease, Vol.34, Retrieved from https://doi.org/10.1016/j.tmaid.2020.101622-    Po‐Lin Pan,Juan Meng.(2016).Media Frames across Stages of Health Crisis: A Crisis Management Approach to News Coverage of Flu Pandem, Journal of Contingencies and Crisis Management, Vol.24, Issue.2, PP.95-106  Retrieved January 05, 2016 from https://doi.org/10.1111/1468-5973.12105-    Raili Pollanen,Ahmed Abdel-Maksoud,Said Elbanna,Habib Mahama. (2017). Relationships between strategic performance measures, strategic decision-making, and organizational performance: empirical evidence from Canadian public organizations, Journal Public Management Review ,Vol.19, Issue.5, PP.725-746 Retrieved             Jul 05, 2016 from https://doi.org/10.1080/14719037.2016.1203013-    Rob Stones,Bryan S. Turner.(2019).Successful societies: Decision making and the quality of attentiveness, The British Journal of Sociology, Vol.71, Issue.1, PP.183-199 Retrieved December 27, 2019 from https://doi.org/10.1111/1468-4446.12724-    Saber Yezli,Anas Khana.(2020).COVID-19 social distancing in the Kingdom of Saudi Arabia: Bold measures in the face of political, economic, social and religious challenges, Travel Medicine and Infectious Disease, Retrieved from https://doi.org/10.1016/j.tmaid.2020.101692-    Saleh Al-Zhrani.(2010).Management Information Systems Role in Decision-Making During Crises: Case Study, Journal of Computer Science, Vol.6, Issue.11,      PP.1247-1251-    Samrat K. Dey,Md. Mahbubur Rahman,Umme R. Siddiqi,Arpita Howlader.(2020). Analyzing the epidemiological outbreak of COVID‐19: Avisual exploratory data analysis approach, Journal of Medical Virology, Vol.92, Issue.6, PP.632-638 Retrieved March 03, 2020 from https://doi.org/10.1002/jmv.25743-    Shahul H. Ebrahim,Ziad A Memish.(2020).Saudi Arabia’s drastic measures to curb the COVID-19 outbreak: temporary suspension of the Umrah pilgrimage, International Society of Travel Medicine, Journal of Travel Medicine, Vol.27, Issue.3, PP.1-2 Retrieved from https://doi.org/10.1093/jtm/taaa029-    Sjir Uitdewilligen,Mary J. Waller.(2018).Information sharing and decision‐making in multidisciplinary crisis management teams, Journal of Organizational Behavior, Vol.39, Issue.6, PP.731-748  Retrieved June 06, 2018 from https://doi.org/10.1002/job.2301-    Tiago Correia.(2020).SARS‐CoV ‐2 pandemics: The lack of critical reflection addressing short‐ and long‐term challenges, International Journal of Health Planning and Management, Vol.35, Issue.3, PP.669-672 Retrieved April 01, 2020 from https://doi.org/10.1002/hpm.2977-    Todd McElroy,David L. Dickinson,Irwin P. Levin.(2020).Thinking about decisions: An integrative approach of person and task factors, Journal of Behavioral Decision Making, Retrieved February 14, 2020 from https://doi.org/10.1002/bdm.2175-    Wayne Wanta.(2016).News Media Organizations, The International Encyclopedia of Journalism Studies, Retrieved January 04, 2016 from https://doi.org/10.1002/9781118541555.wbiepc136-    Yaqing Fang,Yiting Nie,Marshare Penny.(2020).Transmission dynamics of the COVID‐19 outbreak and effectiveness of government interventions: A data‐driven analysis, Journal of Medical Virology, Vol.92, Issue.6, PP.645-659 Retrieved      March 6, 2020 from https://doi.org/10.1002/jmv.25750

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button