أخبار ومعلومات

الفحم…تجارة تنتعش وسط الشكوك

بقلم نوار سوكو – جريدة الخبر

الزائر لبعض أحياء العاصمة، عشية عيد الأضحى المبارك، يقف على انتعاش وازدهار غير مسبوق لتجارة الفحم، بينها ما هو مصنع محليا يتم تسويقه للخارج، وبينها ما تطرح بشأنه تساؤلات عما إذا كانت وراء إنتاجه ملابسات التضحية بالثروة الغابية مقابل الحصول على أرباح، خصوصا وأن عروض البيع تأتي حتى من مناطق معزولة بالجزائر العميقة التي استأثرت بموقع (واد كنيس)، في حين تبقى الدولة مسؤولة عن قمع أشكال الهمجية التي تتاجر بكل شيئ لأجل الحصول على المال.

واللافت في الجزائر أن المناسبات باتت تستثمر على نحو غير مسبوق للحصول على ما أمكن من ربح سريع، فالزائر للضواحي الجنوبية والشرقية والعاصمة عشية عيد الأضحى (الكاليتوس، براقي والحراش..)، يقف على مشاهد انتعاش تجارة الفحم الموجه لشواء اللحم.

فحم مصنع محليا…

يحرص باعة مستلزمات ذبح وسلخ الأضحية، وما يتبعها من الأدوات المستعملة في الشواء، على تسويق أنواع من الفحم بالكاليتوس والحراش، منها أكياس من سعة كيلوغرامين والتي لا يقل سعرها عن 250 دج وكيلوغرامين ونصف، التي لا يقل ثمنها عن 300دج.

ومع أن تلك الأكياس لم يرد فيها اسم الولاية التي يصنع بها الفحم، إلا أن البعض من أصحاب المحلات يقولون أنه فحم محلي يتم تصنيعه لدائرة عزازقة، شمال شرق ولاية تيزي وزو، وكتب على ظهر هذه الأكياس، أنه فحم معالج لا يلحق أضرارا بالبيئة بحكم أنه خال من الغازات والمواد الكيماوية وثاني أوكسيد الكربون.

نشتريه من الحميز..

 وبالموازاة مع ذلك، وقفنا على عرض كميات هائلة من ذلك الفحم بعمق أحياء الكاليتوس وبعض شوارع الحراش من سعة 35 كلغ، وهو فحم متوفر حاليا لدى باعة الخرداوات بسعر لا يتجاوز 1400 دج.

ويقول صاحب إحدى المحلات “أننا نشتري هذه النوعية من الفحم المعالج من سوق الحميز بالعاصمة..”. بل إن هذا النوع من الفحم يباع أيضا في أكياس من سعة 10 كلغ بسعر لا يتعدى 650 دج، فيما يتولى شبان آخرون بيع نوعية أخرى من فحم معبأ في أكياس بلاستيكية سوداء لا يقل سعر الكيس عن 100دج.

عروض بموقع “واد كنيس” 

الحاصل أن تجارة الفحم تحولت، خلال السنوات الأخيرة، إلى تجارة مربحة في أعقاب استغلال موسم الاصطياف لبيع هذه المادة إلى المطاعم وأصحاب المنتجعات السياحية والفنادق، فضلا عن استغلال مناسبة عيد الأضحى، لتحقيق ما أمكن من أرباح.

فالزائر لموقع (واد كنيس)، بوسعه اكتشاف عروض هائلة لبيع كميات هائلة من أنواع الفحم بعدد معتبر من الولايات انطلاقا من مناطق جبلية تكثر بها أحراش الغابات، منها ما قدم للزبائن على أنه فحم مصنع محليا، يسوق حتى إلى الخارج. ومنه ما يروج على أنه فحم خشبي طبيعي ينحدر من حمام ريغة بالبليدة، جيملة بولاية جيجل، بودواو ببومرداس، دراع الميزان بتيزي وزو، الأخضرية بالبويرة، سيدي لخضر بمستغانم ونوعيات أخرى أنتجت بخنشلة، سطيف، أم البواقي، تلمسان، تيبازة، وهران، سكيكدة..إلخ

ويمكن طرح تساؤلات كبيرة عما إذا كانت عروض البيع هذه تخفي وراءها ملابسات عديدة عن المسار الذي أنتجت بهذه الكميات من الفحم.

وإذا كان بعض الجزائريين العارفين بخبايا إنتاج الفحم يقولون أن إنتاج الفحم الموجه للشواء عن طريق استعمال حطب أشجار الغابات، هو كلام غير منطقي لأن العملية هي مسار تقني محض، يستلزم نوعا معينا من الأشجار، وتتم على مراحل، إلا أن أعوان مصالح الغابات يعترفون بوجود تزامن بين حريق الغابات وبيع الفحم، سيما أشجار البلوط، الصنوبر، الكاليتوس…الخ

توثيق العمل الإجرامي..

وقد أظهرت فيديوهات على موقع يوتيوب عمليات حرق لغابات بعدة ولايات، تزامنا مع اقتراب موعد عيد الأضحى بينها ولاية خنشلة، سكيكدة وتيزي وزو، والتي أبان فيها أعوان الغابات عن مساحات هائلة أتلفتها النيران، وعلى مقربة منها أفران لحرق الحطب بغية تحويله إلى فحم.

وتشير أصداء من ولايتي البويرة وخنشلة، منذ بضعة أيام، إلى تمكن أعوان الغابات وعناصر الدرك الوطني من توقيف عدة أشخاص كانوا بصدد إشعال النار في الغابات

عقوبات مشددة

وفي حصيلة للمساحات الغابية التي التهمتها النيران، بين الفاتح من جوان إلى الـ 25 من شهر جويلية من سنة 2020، أي أقل من أسبوع من عيد الأضحى المبارك، أوضحت مصالح الغابات أن هناك 882 حريقا، بمعدل 15 حريقا، طال 24 ولاية. وهو ما جعل السلطات المحلية تقر مشروع قانون للغابات، ضم مواد ذات طابع جزائي مشدد تتراوح أحكامها بين 15 و20سنة سجنا وحتى السجن المؤبد للمتورطين في إحراق المساحات الغابية، إذ كانت مصالح الدرك الوطني قد فتحت سنة 2020 أزيد من 1500 تحقيق بشأن اندلاع كل حريق، موضحة أن 80 بالمائة من الحرائق تمت بشكل عمدي.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى