تحليل السياسة الخارجيةدراسات افريقية

المحددات الخارجية للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه جنوب السودان

بقلم فاطمة محمد حمودة، الرمز العربي للبحوث والدراسات

ترتكز السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه أي دولة أو منطقة في العالم على عاملين مهمين؛ وهما أن تكون هذه السياسة نابعة من أهدافها ومصالحها من جهة، وأيضًا أهمية تلك الدولة أو المنطقة في سياستها من جهة أخرى، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 حدث تبدل في توجهات الإدارة الأمريكية تجاه العديد من القضايا الساخنة في العالم، والتي من بينهما انفصال جنوب السودان، وذلك ضمن خطة الولايات المتحدة بإنشاء “استراتيجية شاملة عالمية” تصير بها القوى العظمى الوحيدة في العالم وتتمكن بها من إنهاء الصراع بين شمال وجنوب السودان عبر أطر وآليات مختلفة ومتعاقبة.

وقد عزى الاهتمام الأمريكي بجنوب السودان إلى نجاح السودان في استخراج النفط واستثماره في أواخر التسعينات من القرن الماضي، وقيام المنظمات الأمريكية ذات الأصول الإفريقية بالضغط على الحكومة الأمريكية لإضفاء الطابع الديني في النزاع بين شمال وجنوب السودان، ولرغبة الولايات المتحدة في جعل السودان نقطة ارتكاز محورية لقواتها في الصحراء الكبرى وشرق إفريقيا، تم تعيين السناتور جون دانفورث في 6 سبتمبر 2001 كمبعوث رئاسي للرئيس الأمريكي في السودان كمقدمة للإعلان عن انتقال الإدارة الأمريكية من سياسة المواجهة إلى الحوار والتفاوض، ثم جاء اتفاق مشاكوس 2002 وحول الأزمة السودانية إلى أزمة دولية، وكان ذلك يندرج تحت مسمي المشروع الأمريكي في القارة الإفريقية.

أولًا- المحددات الإقليمية

النزاع الحدودى والانفصال على الجنوب وتأثيره على دول الجوار

منذ حصول السودان على استقلاله في الأول من يناير 1956 من الحكم الأنغلو- مصري، عانت البلاد من حرب أهلية مستمرة بين الشمال والجنوب، إذ بدأت الحرب بين الطرفين حتى قبل إعلان البلاد استقلالها، أي أنها بدأت في أغسطس 1955، ولم تتوقف إلا خلال فترة 1972-1983 في ظل نظام مايو عندما قام الاثنان بتوقيع اتفاق أديس أبابا، ولكن في عام 1983 اندلعت الحرب مرة أخرى بسبب قرار الرئيس نومي بتقسيم الجنوب إلى ثلاث مناطق رئيسية دون استشارة شركائه في الجنوب، وفي 30 يونيو 1989، جاءت حكومة الخلاص إلى السلطة بعد الإطاحة بالحكومة الديمقراطية المنتخبة لصادق المهدي، وأعلنت عن عزمها وقف الحرب في الجنوب كأحد أولوياتها، ثم تم إدخال نظام حكم اتحادي عام 1991، قسم البلاد إلى تسع ولايات (بما في ذلك الولايات الجنوبية)، ومع ذلك استمرت الحرب في الجنوب حتى عام 2005، عندما وقع الطرفان اتفاقية السلام الشامل (CPA) في نيفاشا كينيا، وكنتيجة لذلك تم إجراء استفتاء في يناير 2011، حيث صوت غالبية الجنوبيين (98٪) لصالح الاستقلال عن الشمال وللدولة المستقلة الخاصة بهم، والتي سميت فيما بعد باسم “جنوب السودان”.

كان لاستقلال جنوب السودان أثر بالغ على البلدين، حيث انخفض عدد سكان الشمال إلى 33.6 مليون، بدلًا من 41.3 مليون، وفقد الشمال أيضًا حوالي ثلث مساحته التي تبلغ الآن 1،882،000 كيلومتر مربع، وكان لضريبة الإستقلال أيضًا حدوث العديد من النزاعات حول السيطرة على الأرض والمنافسة الاقتصادية والتفسيرات المتضاربة للانقسامات الحدودية بين البلدين، فكان هناك نزاع حدودي على منطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق، ونزاعان حدوديان آخران باسم كافيا كينجي في جنوب دارفور و 14 ميل في شرق دارفور، وتتمثل أبرز أشكال النزاعات في الصراع حول النفط، إذ نتج عنه حدوث أعمال عنف في أربع مناطق: شمال كردفان والنيل الأزرق وأبيي وحقل هجليج النفطي، ووصل حد قرار حكومة السودان في 20 يناير 2012 بوقف إنتاج النفط وهو ما أثر على كلا البلدين، حيث يمثل إنتاج النفط 98 ٪ من عائدات الخزينة لجنوب السودان، وأسفر فقدان هذه الإيرادات عن تضخم كبير وفرض قيود شديدة على الوصول إلى الموارد المادية الأساسية للسكان، كما واجه السودان صعوبات مماثلة إذ أدى التضخم الجامح والسوق السوداء المزدهرة إلى تآكل اقتصادهما، فبالنسبة للسودان كان هذا الحقل هو مصدر ما يقرب من 60 ألف برميل من النفط يوميًا – أي أكثر من 50٪ من إنتاج البلاد من النفط.

كما كان لهذا الإستقلال أيضًا أثرًا كبيرًا على المستوى الإقليمي، يتمثل في:

1-  المصالح المصرية السودانية:

تعد السودان محور مهم للأمن المصري، حيث تؤثر عليه بطريقتين؛ أولًا، بما أن السودان له حدود طويلة مع مصر، فإن وجود درجة معينة من الاستقرار السياسي في السودان أمر مهم، حيث وجود حكومة قوية نسبيًا في الخرطوم يمنع النزاع من الدخول إلى مصر، ثانيًا، السودان جزء لا يمكن التنبؤ به إلى حد ما من مجمع أمني إقليمي أكبر تلعب فيه بلدان أخرى أدوارًا مهمة، فمن الضروري أن يكون لمصر حكومة في الخرطوم، ليست معادية بشكل صريح، ولكن من الأفضل أن تكون صديقة وحليفة في العمليات الإقليمية، كما أن السودان ترتبط ارتباطًا وثيقًا بإدارة النيل.

وفقًا لهذه المصالح كانت لمصر مواقف واضحة تجاه بعض التحديات السياسية التي واجهت جنوب السودان، حيث أرسلت مصر أكبر قوة لقوات حفظ السلام الدولية بجنوب السودان، حرصًا على دعم استقرار الدولة، كما تسعى مصر إلى زيادة دعمها لدولة جنوب السودان فى مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية والمشروعات الخدمية، والتعاون المشترك فى كافة المجالات، أما فيما يتعلق بقضية أبيي رحبت مصر بالقرار الذى صدر عن المحكمة ودعت الأطراف إلى الالتزام به إضافةً إلى استمرار المساهمة المصرية بأكبر مكون فى قوات حفظ السلام الدولية بدولة جنوب السودان، وتم تبادل الزيارات بين مصر وجنوب السودان على مستوى عالٍ والاتفاق على مشروعات تعاون لصالح الشعبين، وقام سلفا كير ميارديت رئيس جنوب السودان بلقاء عبد الفتاح السيسي رئيس مصر عدة مرات بهدف تعزيز العَلاقات بين البلدين، تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، ودفع التعاون بينهما قدمًا من خلال توقيع اتفاقيات جديدة.

2- علاقة إثيوبيا بجنوب السودان:

تأسست العَلاقات الإثيوبية السودانية على الأهداف الداخلية للأمن المادي، والتنمية الاقتصادية والوصول إلى الموارد المائية التي يوفرها النيل، بغض النظر عن كونها دولة جارة مهمة، وأقامت إثيوبيا روابط قوية مع كل من النخب في الخرطوم وفي جوبا، وقد أنشأت دبلوماسية متزايدة من خلال الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية(IGAD) والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والعمل الدبلوماسي المستقل، وساندت إثيوبيا قيام دولة جنوب السودان، حيث سعت إلى الفصل ما بين إسلامي السودان وإثيوبيا وإسلامي السودان والصومال، كما عملت على محاولة دمج السودان في محيط القرن الإفريقي ومشكلاته والابتعاد به عن قضايا الشرق الأوسط ومصر، وهذه الملامح الإستراتيجية تصب في صلب المصالح الغربية في المنطقة وخارجها.

 انتهجت إثيوبيا سياسة مزدوجة في التعامل مع السودان ومعارضيها، حيث تمكن ميلس زيناوي من إقامة علاقة متوازنة مع السودان لسنوات طويلة، حتى أنه لم يتردد في دعم الرئيس السوداني ضد محكمة الجنايات الدولية، وفي الوقت نفسه حرص على إقامة عضلاقات إستراتيجية مع الحركة الشعبية لتحرير السودان (المعارضة) في جنوب النيل الازرق أثناء الفترة الإنتقالية (2005– 2011) وبعد استقلال جنوب السودان، والتي تثعد مَعبرًا مهما لجيوش الحركة للتخلص من ضغوطات الجيش السوداني، إضافة إلى أنه لم يتردد في دعم ثوار دارفور الذين فتح لهم أبواب أديس أبابا لعرض قضاياهم المختلفة وقاموا بتقديم رسالة ابتزاز واضحة للحكومة السودانية تدفعها للخضوع لإثيوبيا.

إدراكًا من إثيوبيا لمخاطر نشوب حرب إقليمية شاملة تسهم في تدفق لاجئون من جنوب السودان إلى منطقة غامبيلا المضطربة تاريخيًا في غرب إثيوبيا، تحركت سريعًا في أواخر عام 2013 وأوائل 2014 لمحاولة حل النزاع في جنوب السودان، حيث قامت بصفتها رئيسًا للمنظمة الإقليمية لشمال شرق إفريقيا (IGAD)، بتعيين وزير الخارجية السابق سيوم مسفين لقيادة عملية وساطة دولية، ورغم دورها الكبير في تلك الفترة إلا أنها تراجعت عن هذا الدعم في  اتفاق السلام في يوليو 2016، ويمكن تفسير ارتباط إثيوبيا الأكثر ترددًا بعدم القدرة على تحديد أولويات مصالحها المتعددة، وقد تفاقم هذا الأمر ببراعة حكومة جوبا في التغلب على انعدام الأمن في أديس أبابا، بشأن اثنين من المصالح الوطنية الأساسية لإثيوبيا: استخدام مياه النيل ومحاولات جنوب السودان ذات الصلة لتعزيز العلاقات الإيجابية مع منافس إثيوبيا ، مصر؛ وجنوب السودان يزرع العلاقات مع إثيوبيا خصمًا قديمًا آخر، إريتريا.

وأخيرًا فإن أغلب الدول المجاورة تعاني من مشاكل جراء الإنقسامات الاجتماعية الموجودة بها، الناتجة عن التعددية الإثنية والدينية الكبيرة والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى حد الدخول في الحروب الأهلية، أو ضعف وتفتت الدولة وما يصحبه من التدخل في شؤونها الداخلية.

ثانيًا- المحددات الدولية:

1-  المصالح الصينية في جنوب السودان

سعت بكين للحصول على مصدر آمن وموثوق وكافٍ للنفط للحفاظ على اقتصادها سريع النمو،  وهذا ما دفعها نحو البحث عن أنشطة استخراجية ضخمة داخل أراضيها وخارجها، إذ دعت الحكومة الشركات الصينية للسفر إلى الخارج حول العالم لاستكشاف الموارد، وفي أواخر التسعينيات من القرن الماضي، فتحت جمهورية الصين الشعبية أكبر ثلاث شركات وطنية للنفط وهم: شركة البترول الوطنية الصينية، وشركة الصين للبتروكيماويات، وشركة النفط الوطنية الصينية البحرية، حيث يُنظر إلى هذه الشركات على أنها تمثل بكين في طموحها للخروج والاستحواذ على النفط والاستثمار في إفريقيا، وتم اكتشاف احتياطي نفطي كبير في السودان في الثمانينيات، ولكن الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب جعلت العمليات محاطة بالمخاطر للغاية بالنسبة لشركات النفط الدولية مثل شيفرون، التي أوقفت جميع عملياتها بعد مقتل ثلاثة من موظفيها على أيدي الجماعات المتمردة في الجنوب في عام 1984، بالإضافة إلى منع جميع شركات النفط الأمريكية من المشاركة في صناعة النفط في السودان والتي أتاحت فرصة لبكين التي نظرت إلى السودان كحليف.

بدأت عمليات النفط الصينية بقيادة شركة البترول الوطنية الصينية (CNPC) ووسعت نطاق عملياتها وسط الحروب الأهلية العديدة المتشابكة التي إندلعت في السودان في ذلك الوقت، ليس فقط صراع بين الشمال والجنوب ولكن أيضًا الصراع داخل جنوب السودان، حيث لعبت 6 شركات صينية دورًا مهمًا في تحويل السودان إلى دولة مصدرة للنفط في عام 1999، وهكذا كان السودان في بادئ الأمر ساحة اختبار لشركات النفط الحكومية الصينية، فكان يهيمن على انخراط الصين الإعتبارات الاقتصادية، بالإضافة إلى الدعم الدبلوماسي، حيث في دارفور من عام 2003 وقت قيام الحملة الوحشية لمكافحة التمرد، أصبحت علاقات بكين وثيقة مع الخرطوم، فقد حفزت الأزمة المشاركة السياسية من قبل الحكومة الصينية في محاولة للرد على النزاع، وظهرت ضغوط صينية على الخرطوم لقبول قوة حفظ سلام تابعة للأمم المتحدة.

كان لاتفاق السلام الشامل (CPA)، الموقّع بين حكومة السودان والحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان في يناير 2005، دور فعال في إعادة توجيه انخراط الصين داخل السودان بطرق مهمة، حيث في يوليو 2007، زار الرئيس كير بكين ونقل إلى الرئيس هو جينتاو نية الحركة الشعبية لتحرير السودان لاختيار الانفصال عن السودان عبر شروط اتفاقية السلام الشامل، وافتتحت قنصلية صينية في جوبا في سبتمبر 2008، وتعمقت العلاقات مع استفتاء يناير 2011 على الانفصال الجنوبي، بعد أن أدى ذلك إلى تصويت ساحق على مغادرة السودان، إذ أقامت الصين علاقات دبلوماسية رسمية مع جنوب السودان في 9 يوليو 2011، عندما أصبحت دولة مستقلة ذات سيادة.

فعلى الرغم من أن الحركة الشعبية لتحرير السودان والصين كانت بينهما علاقات فاترة في البداية، إلا أنه في السنوات التي سبقت استقلال جنوب السودان، نجحت الصين في الحكم على الحركة الشعبية لتحرير السودان، مما يجعل من مصلحة الطرفين الحفاظ على العَلاقات الودية، حيث أرادت الصين عائدات لاستثماراتها النفطية، كما أن حكومة جنوب السودان كانت بحاجة إلى عائدات النفط، والتي جاء معظمها من حقول النفط التي تديرها الصين، وتمثل 98 % من إيرادات الدولة في جنوب السودان، وكان ذلك منطقيًا لأن جنوب السودان قد انفصل عن الاستقلال بنسبة 75 % من ثروة السودان النفطية المعروفة، وكانت غالبية حقول النفط التي استثمرت فيها الشركات الصينية في أراضي جنوب السودان، ففي 1 يناير 2014، كان لدى جنوب السودان ما يقرب من 3.5 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة من النفط والتي تقدر قيمتها بحوالي 38 مليار دولار أمريكي على أساس حقول النفط الحالية مما يجعل احتياطي جنوب السودان من النفط ثلاثة أضعاف احتياطي السودان، وغالبية هذا النفط يخضع لسيطرة الشركات الصينية المملوكة للدولة مثل شركة البترول الوطنية الصينية، والتي تمتلك 41 % في كل من شركة دار البترول للتشغيل (DPOC) وشركة النيل الكبرى لتشغيل البترول GNPOC) )، وكلاهما من أكبر شركات النفط العاملة في جنوب السودان، وتملك شركة سينوبك، وهي شركة نفط صينية أخرى، 6 % من (DPOC)، مما يجعل الصين أكبر مستثمر للنفط في جنوب السودان والمستورد الرئيسي لها.

2-     المصالح الإسرائيلية في جنوب السودان

تعتبر منطقة القرن الإفريقي من الأوليات المهمة في الإستراتيجية الإسرائيلية، وتعتبر عَلاقات إسرائيل بجنوب السودان ضمن تلك الأولويات في العلاقات الخارجية ورؤية الأمن القومي بدوائره العالمية والإقليمية والمحلية، ويعود ذلك إلى أن الموقع الجيوسياسي لمنطقة جنوب السودان ذا أهمية بالغة لإسرائيل؛ نظرًا لكونها تقع في أعالي منابع نهر النيل، وعليه فإن إقامة علاقات قوية معها من شأنه أن يحقق مكاسب عديدة لإسرائيل، سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا، لذلك سارعت تل أبيب إلى الاعتراف بالدولة الجديدة بعد ساعات على قيامها، كما أقامت معها علاقات دبلوماسية، ونُظمت زيارة رسمية معلنة لوفد إسرائيلي، برئاسة “داني دانون” نائب رئيس الكنيست، إلى “جوبا” عاصمة دولة الجنوب، وفي أواخر أغسطس2011، فتحت المجال أمام تنوع الزيارات والاتصالات بين الطرفين، على عدة مستويات رسمية وشعبية، بالإضافة إلى تعيين وزارة الخارجية الإسرائيلية مسؤولًا فيها لمتابعة ملف الدولة الوليدة.

تتنوع مصالح إسرائيل مع جنوب السودان على أكثر من مستوى؛ حيث على المستوي العسكري، تقوم إسرائيل بتنظيم وتعزيز القوات العسكرية والاستخبارية في جنوب السودان، وذلك لتوسيع سوق الأسلحة من جانب، وللحصول على معلومات دقيقة حول ما يجري في المنطقة من جانب آخر، وعلى المستوى الاقتصادي، تعتبر جنوب السودان ذات احتياطيات نفطية مهمة (بالمرتبة 23 في العالم) كانت توفر نحو 90% من العملة الصعبة للسودان الموحد (سابقاً)، وقد بيّن الإسرائيليون أن مجالات التعاون مع جنوب السودان ستشمل قطاعات الزراعة والغابات والنفط والتعدين والتكنولوجيا والطرق والجسور والكهرباء، وغيرها، وفي المقابل تهدف دولة جنوب السودان إلى الاستفادة من الخبرات الإسرائيلية في مجالات الزراعة والبحث العلمي من أجل تعزيز فرص النمو الاقتصادي لديها، لاسيما وأنها تعد من أكثر دول العالم فقرًا، وتحتاج إلى المساندة والدعم من دول العالم كافة لترسيخ أركان الدولة الوليدة.

خاتمة

 عند الاضطلاع على الميزات التي تتسم بها دولة جنوب السودان والتي دفعت الولايات المتحدة للاهتمام بها ودعمها في قضية انفصالها عن الشمال، والتي تتمثل في الموقع السياسي المتميز للسودان كنقطة انطلاق محورية للرغبة الأمريكية للتوسع في إفريقيا وأيضًا لمساعدة حليفتها إسرائيل في مشاريعها التي ترغب في تنفيذها في الشرق الأوسط، والاستفادة من الثروات السودانية وخاصة النفط الذي يُعد المُحرك الأساسي في تطور العلاقات بين البلدين، بالإضافة إلى أن سيطرة الولايات المتحدة على جنوب السودان يساهم في إحباط محاولات الصين في التودد من منطقة الشرق الأوسط خاصة وأن الصين لها بالفعل عَلاقات سياسية واقتصادية وطيدة مع السودان قد تدفع إلى تهميش الوجود الأمريكي في المنطقة، وبذلك يتم إدراك طبيعة الجهود الأمريكية لتطوير العَلاقات بين البلدين في المجالات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية وأيضًا العسكرية.

 وفقًا لما تم تناوله يتضح أنه من الممكن حصر مستقبل العلاقات الأمريكية بجنوب السودان في سيناريوهين، السيناريو الأول يميل إلى حدوث تقارب بين الولايات المتحدة وجنوب السودان خاصة وأن الولايات المتحدة تعمل على تحسين علاقات جنوب السودان بدول الجوار كالسودان بهدف السيطرة على الصراعات بين البلدين وتحقيق الأمن لتسهيل مرور النفط من السودان وانتقاله لها بأمان، والسيناريو الثاني يتمثل في انحسار العلاقات بينهما وذلك في ضوء كثرة الصراعات والانقسامات داخل جنوب السودان ووضعها تحت قائمة الدول الراعية للإرهاب إضافة إلى استمرار فرض العقوبات الاقتصادية عليها.

 وأخيرًا يرجح الباحث السيناريو الأول بتحسن العلاقات بين البلدين خاصة مع وجود رغبة أمريكية قوية بعدم التخلي عن المنطقة للقوى الشرقية كالصين وروسيا، ولتحقيق أهداف المشروع الأمريكي في السودان، وأيضًا لمساندة حليفتها إسرائيل في مشروعها للتوسع في منطقة القرن الأفريقي، حيث تحقيقه يضمن بقاء دولة جنوب السودان وعدم انهاكها بالصراعات الاقتصادية والسياسية ما يساهم بتحقيق مصلحة الطرفين.

قائمة المرجع

أولًا- المراجع العربية

ذاكر محي الدين عبدالله العراقي، انفصال جنوب السودان : ملامح الموقف الأمريكي ومبرراته، في مجلة دراسات إقليمية،مجلد 9 ,عدد 27، 2012.

أ.د درية الخطيب، أ. محمد أمير الشب، انفصال جنوب السودان الجذور والتطورات والتداعيات، في مجلة جامعة القدس المفتوحة للأبحاث والدراسات، عدد27 (1)، 2012.

تقرير حول خاص لوكالة شهادة الإخبارية، العلاقات السودانية الإثيوبية: استقرار رغم الاختلاف ،متاح على: https://shahadanews.com/?p=1305.

وسام عبد العليم، مصر وجنوب السودان.. تاريخ طويل ومواقف مصرية واضحة إزاء التحديات السياسية ومساندة جهود التنمية، الأهرام، 17 يناير 2019،متاح على: http://gate.ahram.org.eg/News/2098529.aspx

علاقات إسرائيل وجنوب السودان: المصالح المشتركة وآفاق المستقبل، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 9يناير 2012، متاح على:https://www.ecssr.ae/reports_analysis /

ثانيًا- المراجع الأجنبية

Khalid Hassan Elbeely, The Economic Impact of Southern Sudan Secession, International Journal of Business and Social Research (IJBSR), Volume -3, No.-7, July, 2013.

Adeeb Yousif , Daniel Rothbart, Sudan and South Sudan: Post-Separation Challenges, George Mason University, School of Conflict Analysis and Resolution (S-CAR), in December 2012.

Jacob Høigilt, Fafo Åshild Falch, Øystein H. Rolandsen, The Sudan Referendum and Neighbouring Countries:  Egypt and Uganda, Noreg, Peace Research Institute Oslo (PRIO), January 2010.

Volkert Mathijs Doop,  HOW TO HANDLE YOUR NEIGHBOURS’ CONFLICT: ETHIOPIA’S

RELATIONSHIPS WITH SUDAN AND SOUTH SUDAN, UNISCI Discussion Papers, N. 33, October 2013, p127

 ALY VERJEE,  Ethiopia and the South Sudanese Civil War, 30 Novmber  2017, https://www.e-ir.info/2017/11/30/ethiopia-and-the-south-sudanese-civil-war/

Moawia Ali Ali, China and The Conflict in South Sudan: Security and Engagement , Journal of Economic, Administrative and Legal Sciences – AJSRP – Issue (2), Volume 2 – February  2018, p.p 115,116

DANIEL LARGE, China and South Sudan’s Civil War, 2013-2015, African Studies Quarterly, Volume 16, Issue 3-4, December 2016

Obert Hodzi, Strategy of ‘Parallels’: China in the South Sudanese armed conflict, Note d’actualité n°14/16 de l’Observatoire de la Chine, cycle 2016-2017 Janvier 2017

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى