دراسات جيوسياسية

المدخل الجيبوليتيكي في التحليل السياسي: نظريات الجيوبوليتكس والفرق بين الجغرافيا السياسية والجيوبوليتكس

Geopolitics and Political Geography

أ.د. كمال الأسطل  By Prof.Dr. Kamal AlAstal

 يرتبط الأمن القومي بالدولة وتوجد  علاقة تأثير متبادل بين السياسة والجغرافيا.. وهناك جوانب عديدة لدراسة الدولة من مختلف الجوانب والتعرف على مصادر القوة والضعف وعلاقة التأثير والناثر بالأمن القومي/الوطني للدول والوضع الجيوبوليتيكي  ودراسات الجغرافية السياسية , وفي إطار عناصر قوة الدولة وقد حصرها رودلف كلين Rudolf Kjellen في العناصر الخمسة التالية:

عناصر قوة الدولة من منظور الجغرافيا السياسية كما حصرها “كيلين”.

1-     الجيوبوليتيكا Geopolitics أي الجغرافيا السياسية للدولة

2-     الديموبوليتيكا Demopolitika أي السكان والدولة

3-     الإيكوبوليتيكا Eckopolitika  أي الموارد الإقتصادية والدولة

4-     السوسيوبوليتيكا Sociopolitika  أي التركيب الإجتماعي والدولة

5-     الكراتوبوليتيكا Kratopolitika أي حكومة الدولة

ويلاحظ أن “كلين” قد وضع الجغرافيا السياسية في المقدمة، باعتبارها العلم الأم، وأن هذه الدراسات التي عددها، إنما هي عناصر تكميلية تدخل ضمن الإطار الشامل لمفهوم الجغرافيا السياسية.

وقد حدد  العالم الألماني هاوسهوفر Haushofer الفرق بين الجغرافيا السياسية الجيوبوليتكس من وجهة النظر الألمانية بقوله : “إن الجغرافيا السياسية تبحث في الدولة من وجهة نظر المجال The Space، بينما الجيوبوليتيكا Geopolitics تبحث في المجال من وجهة نظر الدولة”

( محمود أمين عبد الله، دراسات في الجغرافيا السياسية للعالم المعاصر، القاهرة، 1968، ص 17).

مفهوم الجيوبوليتيكا والجغرافيا السياسية

مفهوم الجيوبوليتكس Geopolitics  ومفهوم الجغرافيا السياسية Political Geography– الفرق بين المفهومين

الجغرافيا السياسية Political Geography والأمن القومي

 الجغرافيا السياسية هي ى أحد فروع الجغرافيا البشرية Human Geography   وهي الفرع الذي يعنى بدراسة الوحدات السياسية  Political Units    (أي الدول وغيرها) وذلك من حيث نشأتها وتكوينها ومن حيث مقوماتها الطبيعية والبشرية ، ومن حيث مواردها ومشكلاتها وعلاقاتها الداخلية والخارجية وأثر العوامل الجغرافية في ذلك كله.

التعريف  بالجيوبوليتيكا وبالجيوبوليتكس Geopolitics

الجيوبوليتكس تنتمي إلى الميدان الواسع لعلم السياسة والعلاقات الدولية  وسياسات القوة Power politics  وقد حدد هاوسهوفر  ما يقصده بالجيوبوليتيكا  من وجهة النظر الألمانية بقوله “إن الجغرافيا السياسية تبحث في الدولة من وجهة نظر المجال The space   بينما الجيوبوليتيكا Geopolitics  تبحث في المجال من وجهة نظر الدولة”.

“Political Geography views the state from the standpoint of space, while geopolitics views space from the standpoint of the state”

,وقد حدد كل من العالم السويدي كيلين Kjellen والألماني هاوسهوفر Haushofer أربعة مصادر لدراسات الجيوبوليتكس هي:

1-     الدراسات الأكاديمية لكل من الجغرافيا السياسية والتاريخ

2-     الدراسات التخصصية في موضوعات الإمبريالية والتسلط الاستعماري

3-     الإستراتيجية العسكرية

4-     الإستراتيجية البحرية والجوية

 

الجغرافيا السياسية تعنى بتحليل الدولة من حيث بنيتها الطبيعية والبشرية.

ما الفرق بين الجيوبوليتكس والجغرافيا السياسية؟

وقد يخلط الكثيرون بين الجيوبوليتيكا Geopolitics  وبين الجغرافيا السياسية Political Geography  على الرغم من الاختلاف في النشأة بين العلمين:

الرقمالجيوبوليتكسالجغرافيا السياسية
1ترسم خطة لما يجب أن تكون عليه الدولةتدرس كيان الدولة كما هو في الواقع
2ترسم حالة الدولة في المستقبلرسم صورة الدولة في الماضي والحاضر
3متطورة متحركة Dynamic أميل إلى أن تكون ثابتة
4تجعل الجغرافيا في خدمة الدولةمرآة الدولة تعكس صورتها
5تدرس العلاقة بين الأرض والدولة، كما تدرس السياسة العالمية من وجهة نظر محلية قومية ضيقة ومغرضةعلم حكيم وحذر وتقوم دراسته على أساس موضوعي
6تعتنق فلسفة القوة وترسم الخطط السياسية التي تحقق سياسة السيطرةتدرس مقومات القوة دراسة متجردة غير متأثرة بدوافع قوية معينة
7متصلة منذ نشأتها بالعلوم العسكرية وبالتوسع الإمبريالي أكثر من اتصالها بمعطيات الأمن الداخلي للدولة ولذلك تجد مجالها في العلوم العسكرية والإستراتيجيةمتصلة بعلم الجغرافيا
8ساهمت فيها مدارس ألمانية وسويدية وفرنسية وإنجليزية وبولندية وانحسرت مع انحسار المد الاستعماريساهم فيها علم الجغرافيا

نظريات السيطرة  على العالم من الناحية الجيوبوليتيكية

1-النظرية الإنجليزية والسيطرة البرية : نظرية قوى البرنظرية قلب الأرض -نظرية هالفورد ماكينيدر Halford Mackinder   في الجغرافيا السياسية وأفكار عالم الجغرافيا السياسية الألماني  فردريك راتزل Freedrich Ratzel  والعالم السويدي رودلف كيلين Rudolf Kjellen  في كتابه Geopolitik ، وأفكار   الألماني هاوسهوفر Haushofer-

 النظرية البرية  تقوم على تصور أن من يسيطر على جزيزة العالم وقلب العالم يسيطر على العالم. و صاحبها الجغرافي الإنجليزي ماكندر وهو الذي أطلق مفهوم الجزيرة العالمية علي قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا  ولقد اعتبر في نظرياته أن من يسيطر علي منطقة شرقي أوروبا برياً و التي أطلق عليها اسم القلب القاري ومنطقة الشرق الأوسط فإنه يسيطر علي الجزيرة العالمية وبالتالي فإنه يسيطر علي العالم كله .
– وركزت هذه النظرية علي أهمية القوات البرية في حسم المعركة والسيطرة .

2- النظرية الأمريكية والسيطرة البحرية:  نظرية القوة البحرية-نظرية الفرد ماهان والقوة البحرية والأمن

ألفريد ثاير ماهان (1840-1914 Alfred Thayer Mahan (

– ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر علي يد الأميرال الأمريكي الفرد ماهان .
– 
وهي أن القوة الحقيقة للدولة تكمن في القوة البحرية وتحقيقها يتطلب ما يأتي :
المقومات التي تقوم عليها النظرية البحرية
1- أن تشرف الدولة علي ساحل البحار .
2- أن تكون السواحل متعرجة وعميقة للتلاؤم إقامة الموانئ .
3- أن تكون مساحة الدولة كبيرة وغنية بالموارد الاقتصادية والبشرية. .
4- ويتم إنشاء الأساطيل الضخمة للسيطرة علي المواقع الإستراتيجية في البحار ، ولقد جاءت نظريته بعد أن أدرك قوة بريطانيا وأسبانيا والبرتغال وبسط هذه الدول نفوذها وسيطرتها علي العالم .
– ولقد استفادت الولايات المتحدة من هذه النظرية وكذلك روسيا .
المجد للقوة البحرية …عودة نظرية الفرد ماهان

تضمنت نظرية ماهان عن تأثير القوة البحرية في التاريخ The influence of sea power upon history  مجموعة هامة من الآراء والتحليلات الخاصة بالنموذج البريطاني ودعا ماهان الولايات المتحدة لن تتبنى الإستراتيجية البحرية  البريطانية

المجد للقوة البحرية ‘ كان هو ملخص نظرية الأدميرال الأميركي الفرد ماهان، والتي تدرس في كليات القيادة والأركان في العالم دون استثناء ، حيث ركز في كتابه ‘أثر القوة البحرية في التاريخ’على إن الأحداث التاريخية ما هي إلا مظهر من مظاهر النشاط الجغرافي، وقد أشار على الحكومة الأميركية آنذاك بإضافة علم الجغرافيا السياسية إلى مناهج المدارس الثانوية ومن نتائج ذلك بسط واشنطن نفوذها في أميركا اللاتينية والمحيط الهادي والقسم الشمالي من المحيط الأطلسي معتمدة على قوتها البحرية.

1-   المدرسة السوفيتية والسيطرة الجوية: نظرية القوة الجوية Air Power والأمن

– ظهرت هذه النظرية في القرن العشرين علي يد العالمين  “سفرسكي و رينر”) بعد استخدام الطيران في الحرب العالمية الثانية.
– تنص هذه النظرية علي أن من يمتلك القوة الجوية ويسيطر علي منطقة النفوذ الأمريكي والروسي في المحيط المتجمد الشمالي يسيطر علي العالم من خلال سلاح الجو.

وأهم الآراء التي جاءت في هذا الصدد، ما جاء به ألكسندر سفرسكي في بحث باسم “القوة الجوية مفتاح البقاء Air Power Key to survivall” 1950 والذي نظر إلى الوضع الجيبوليتيكي في العالم في ضوء القوات الجوية، حيث رسم سفرسكي خريطة ذات مسقط قطبي “القطب الشمالي” ووضع فيها الأمريكيين جنوب القطب وأوراسيا وإفريقيا في شمال القطب، وعلى هذا فإن تقسيم سفرسكي هو التقسيم المتعارف عليه: العالم القديم والعالم الجديد، وفي هذه الخريطة يتضح أن السيادة الجوية الأمريكية تشتمل على كل الأمريكيتين بينما منطقة السيادة الجوية السوفيتية تغطي جنوب وجنوب شرق آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى.

   لكن منطقتي النفوذ الجوي تتلاقى وتتصادم في مناطق أخرى هي أوروبا الغربية وشمال إفريقيا والشرق فضلا عن أن نفوذ القوة الجوية الروسية يغطي أمريكا الشمالية وبالمثل تغطي القوة الجوية الأمريكية الهرتلاند الأوراسياوي، Euro-Asia Heartland ومنطقة تداخل السيادتين الجويتين البرية والبحرية تسمى في عرف سفرسكي “بمنطقة المصير” “Area of  decision فهي منطقة الحسم في أي معركة بين القوتين كما أنها المناطق الجيواستراتيجية الأهم في العالم وقد عبر سفرسكي عن ذلك بمبدئه القائل:

 –        من يملك السيادة الجوية يستطيع أن يسيطر على مناطق تداخل النفوذ الجوي.

 –        ومن يسيطر على مناطق تداخل النفوذ الجوي يصبح بيده مصير العالم.

   بالرغم من الإضافة الجديدة التي جاء بها سفرسكي على اللوحة الجيوبوليتيكية للعالم إلا أن عمله هذا لم يسلم من النقد.

4– الإستراتيجية الذرية  والنووية , والسيطرة التكنولوجية والالكترونية
– 
التقدم العلمي والتكنولوجي في المجال العسكري قلل من أهمية النظريات السابقة خاصة بعد دخول السلاح النووي والصواريخ بعيدة المدى .
– لذلك تقوم الدول التي تمتلك هذا السلاح بمراقبة الأنشطة والأبحاث النووية من خلال الوكالة الدولية للطاقة النووية لمنع ومعاقبة الدول التي تحاول امتلاكه:-
الدول التي تمتلك السلاح النووي تمنع وتعاقب الدول التي تحاول الحصول عليه.
وذلك بسبب الميزات التي يتمتع بها السلاح النووي والتي من أهمها:
-1– قوته التدميرية الهائلة.
2– سهولة وسرعة استخداماته لكافة الأهداف زفي أي مكان.
3– يعطي الدولة قوة رادعة ومكانة دولية تنافس غيرها من الدول.
*تعريف الإستراتيجية: كلمة ذات أصل يوناني تعني مكتب القائد، ويقصد به حديثا العلم أو الفن الذي من خلاله يتم توظيف كل إمكانات الدولة لتحقيق أهدافها على المدى القريب والبعيد.

(كمال الأسطل، الشامل في أصول العلوم السياسية، مكتبة الطالب، غزة، 2013، و2016).

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى