دراسات تاريخية

المشير أحمد بدوي.. قصة صمود السويس وصولًا لقيادة الجيش الثالث الميداني

محمد عبدالرحمن عريف

    هو المشير أحمد بدوى سيد أحمد رجل من رجالات القوات المسلحة المصرية قدم روحه قربانًا لوطنه وفداءًا لأرضه مثل التجسيد الحي للصلابة والشدة في عمله ومهامه فهو خير مثال للأصالة المصرية النابعة من تراب أرضها سجل إسمه في تاريخ الجيش المصري بحروفً من ذهب وهو أحد أبرز قيادات نصر أكتوبر العظيم فقد كان أحمد بدوى قائدًا للفرقة السابعة المشاة في تلك الحرب والتي كانت ضمن وحدات الجيش الثالث الميداني الذى كان يقوده اللواء عبد المنعم واصل وكان المشير أحمد بدوى من الشخصيات العسكرية التي تدرك معنى الجندية التي ينتمى إليها وكان يؤمن بعدم مركزية القيادة وضرورة إعطاء القادة حرية إتخاذ القرار في ميدان المعركة كما كان مثالًا للقائد المتفاني الحريص على حياة جنوده.

    ولد المشير أحمد بدور في يوم 3 ايريل عام 1927 بمدينة الإسكندرية وبعد أن حصل علي شهادة إتمام الدراسة الثانوية إلتحق بالكلية الحربية وليتخرج منها عام 1948 وليشارك في نفس العام في حرب فلسطين حيث قاتل ضمن صفوف القوات المصرية في المجدل ورفح وغزة والعسلوج وإكتسب من خلال ذلك خبرة كبيرة في النواحي القتالية والإدارية وفي فن القيادة. وبعد إنتهاء حرب فلسطين تم تعيينه مدرسًا في الكلية الحربية عام 1955 ثم أصبح مساعدًا لكبير معلمي الكلية الحربية حتى عام 1958 وخلال هذه الفترة أضاف الكثير إلى العلوم العسكرية التي كانت تدرس في ذلك الوقت في الكلية الحربية وحرر البرامج التعليمية فيها من السطحية وحولها إلى برامج متعمقة وأكثر تخصصية ثم سافر في بعثة دراسية إلى الإتحاد السوفيتى لمدة ثلاث سنوات حيث إلتحق بأكاديمية فرونز العسكرية العليا وتخرج منها حاملا درجة أركان حرب عام 1961.

    بعد عودة المشير بدوى من الإتحاد السوفيتي إشترك في حرب اليمن عام 1965 وحارب في العديد من المعارك هناك ثم عاد ليتولى رئاسة الفرقة السادسة مشاة وإشترك المشير أحمد بدوى في حرب الخامس من يونيو عام 1967 وأبلي بلاءًا حسنًا وأدى واجبه في معركة الكونتلا وهي قرية تابعة لمركز نخل بمحافظة شمال سيناء على بعد نحو 30 كيلو متر شمال مدينة طابا ونحو 10 كيلو متر من الحدود المصرية الإسرائيلية ولذك فإن موقعها له أهمية إستراتيجية بالغة ولكن النتائج النهائية لتلك الحرب حجبت الكثير من العمليات البطولية التي أثبت فيها المقاتل المصرى قدرته على التفوق أمام العدو الإسرائيلي في الالتحام والمواجهة حيث أنه للأسف الشديد قد إنتهت الحرب بهزيمة مهينة لقواتنا المسلحة وإنتصار مدوى لإسرائيل وكان ذلك بسبب غياب الخطط العسكرية الحربية على مستوى القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية وإنشغال القيادات العليا بالجيش في أمور بعيدة عن الشئون العسكرية إلى جانب نقص التدريب الجيد والأسلحة المتطورة في صفوف قواتنا المسلحة بينما كان هناك إستعداد جيد جدًا للحرب من الجانب الإسرائيلي وتجلي ذلك في إستخدام إسرائيل لعنصر المفاجأة في ضرب القوات الجوية والبرية حيث لم تتوقع القيادة المصرية هجوماُ عند الفجر لكن إسرائيل نفذت الهجوم في هذا الوقت مما أفقد القيادة توازنها وشل تفكيرها وسبب خسائر فادحة في صفوف قواتنا المسلحة علاوة على تفوق القوات الإسرائيلية المسلحة بأفضل الأسلحة الغربية الحديثة وخاصة سلاح الطيران وسلاح المدرعات الإسرائيليين اللذان سيطرت بهما إسرائيل على ميادين القتال في الجبهات المختلفة مع مساندة الولايات المتحدة الأميريكية والدول الأوروبية لإسرائيل عسكريًا وإقتصاديًا وبعد حرب الخامس من يونيو عام 1967 صدر قرار بإحالته إلى المعاش وإعتقل لمدة عام على خلفية التخوف من دفعة شمس بدران وزير الحربية أثناء حرب 1967 وهي نفس دفعة أحمد بدوى والذي كان أحد القيادات الفاشلة التي تسببت في نكسة عام 1967 ثم تم الإفراج عنه في شهر يونيو عام 1968 وإلتحق خلال تلك الفترة بشعبة إدارة الأعمال بكلية التجارة بجامعة عين شمس وحصل منها على درجة البكالوريوس عام 1974.

   في شهر مايو عام 1971 صدر قرار من الرئيس الراحل أنور السادات بعد توليه الحكم في شهر أكتوبر عام 1970 خلفًا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعودته إلى الخدمة في صفوف القوات المسلحة المصرية وإلتحق بأكاديمية ناصر العسكرية العليا في عام 1972 وحصل منها على درجة الزمالة عام 1972 وتم إختياره ليكون قائدًا للفرقة السابعة المشاة خلال حرب أكتوبر عام 1973 وفي يوم 13 ديسمبر عام 1973 ليكون قائدًا للجيش الثالث الميداني مع ترقيته إلي رتبة اللواء ثم عين رئيسًا لهيئة تدريب القوات المسلحة في يوم 25 يونيو عام 1978 ليشرف على تدريب جيش مصر بأكمله ولم تمض إلا شهور قليلة إلا وتم إختياره ليشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية في يوم 4 أكتوبر عام 1978 خلفًا للمشير محمد علي فهمي وبحكم منصبه شغل أيضًا منصب الأمين العام المساعد للشؤون العسكرية في جامعة الدول العربية وفي يوم 26 مايو عام 1979 تمت ترقيته إلى رتبة الفريق ثم تم تعيينه وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة في يوم 14 مايو عام 1980.

    لقد تجلت بطولة المشير أحمد بدوى في حرب أكتوبر عام 1973 حينما إستطاع مع فرقته عبور قناة السويس إلى أرض سيناء ضمن فرق الجيش الثالث الميداني وإستطاع هو وفرقته أن يصدوا هجمات العدو الإسرائيلي المضادة بدون دبابات أو مدرعات حيث تأخر تركيب كبارى العبور في قطاع الجيش الثالث الميداني نظرًا للصعوبات الطبيعية التي واجهت سلاح المهندسين خلال عملية فتح الثغرات في الساتر الترابي نظرًا لسمكه الكبير وشدة إرتفاعه إلى جانب صلابة التربة وإحتوائها علي عناصر كلسية متحجرة مما جعل عملية التجريف عملية شاقة جدًا وأدت هذه المعوقات إلى الإكتفاء بتجهيز ميول حادة بالثغرات التي تم فتحها حتى يمكن تقليل الوقت وبالتالي تستطيع الدبابات والمدرعات والعربات المجنزرة التي كانت الحاجة ماسة إليها شرق القناة في ذلك الوقت العبور إلى هناك ووقف البطل أحمد بدوى وقائد الجيش البطل عبد المنعم واصل بين رجال المهندسين العسكريين يحثونهم على سرعة الإنتهاء من هذا العمل وفي النهاية تم إنشاء كبارى الفرقة السابعة المشاة بعد حوالي 16 ساعة من بدء العبور بتأخير قدره حوالي 7 ساعات عن التخطيط الموضوع مسبقًا وتمكنت دبابات ومدرعات ومجنزرات هذه الفرقة من العبور إلى شرق القناة كما أمر اللواء واصل بعبور قوات الفرقة 19 مشاة على كباري ومعدات الفرقة السابعة المشاة التي على يسارها وبإتمام عملية تركيب كبارى العبور والتي عبرت عليها دبابات ومدرعات الفرقة السابعة المشاة والفرقة 19 مشاة تمركز البطل أحمد بدوي بفرقته شرق القناة بعد تطهير مواقع العدو وتمكنت الفرقة من صد هجمات العدو الإسرائيلي المضادة وإنشاء رأس كوبرى بعمق حوالي 8 كيلو مترات شرقي القناة خلال يومي 6 و7 أكتوبر عام 1973 وفي يوم 8 أكتوبر عام 1973 صدرت أوامر قائد الجيش الثالث الميداني اللواء عبد المنعم واصل لكل من قائد الفرقة السابعة مشاة العميد آنذاك أحمد بدوي وقائد الفرقة 19 مشاة العميد آنذاك يوسف عفيفي بتطوير هجومهما شرقًا للوصول للحد النهائي لمهمتهما طبقًا للخطة الموضوعة للحرب.

     كان هدف عملية تطوير هجوم الفرقة السابعة المشاة التي يقودها البطل أحمد بدوي هو تأمين تقاطع طريق الشط مضيق الجدي وهي المنطقة التي إتخذ منها العدو الإسرائيلي قاعدة لإنطلاق هجماته المضادة على الجانب الأيسر للفرقة نظرًا لطبيعتها الحاكمة في المنطقة وأصدر العميد أحمد بدوى أوامره للعميد أحمد حلمي بدوي قائد اللواء 25 المدرع المستقل الملحق علي الفرقة بدفع سرية دبابات لإحتلال منطقة التقاطع المشار إليها والعمل كحرس جنب للفرقة وفي الساعة الرابعة مساء يوم 8 أكتوبر عام 1973 أصدر البطل العميد أحمد بدوىي أمره إلى ألوية الفرقة للبدء في التقدم لتطوير الهجوم شرقًا إلا أن العدو شن هجمات مضادة قوية على الجنب الأيسر للفرقة مما عطل عملية الهجوم حتي الساعة السابعة والنصف مساءًا ولذا أمر العميد أحمد بدوي بدفع دورية إستطلاع خلف خطوط العدو للإبلاغ عن أوضاع ونشاط العدو الذى تواجهه الفرقة كما أصدر تعليماته بدفع سرية دبابات وسرية مشاة ميكانيكية لدعم الكتيبة 603 التابعة للواء 130 مشاة الأسطول والتي يقودها المقدم البطل إبراهيم عبد التواب وكان الهدف من ذلك هو دعم سرية الدبابات التي تم دفعها للعمل كحرس جنب للفرقة عند تقاطع طريق الشط ممر الجدى على أن يتم إحتلال منطقة التقاطع هذه قبل آخر ضوء من يوم 8 أكتوبر عام 1973 وفي تمام الساعة السابعة والنصف كما ذكرنا سابقًا بدأت تشكيلات الفرقة في التحرك في إتجاه الشرق فإندفع المشاة مترجلين ومن خلفهم وعلى مسافة 200 متر تقدمت الدبابات وناقلات الجنود المدرعة وتمكن اللواء الأيمن للفرقة من الوصول إلى الموقع المطلوب إحتلاله بعد منتصف الليل بينما تعرض الجانب الأيمن للواء المشاة الميكانيكي الذي كان في مقدمة وسط الفرقة عدة مرات لهجمات مضادة قوية من دبابات العدو مما عطل تقدمه كما تعطل أيضًا اللواء الأيسر للفرقة لنفس السبب وهنا أمر العميد أحمد بدوي قائد اللواء 25 المدرع المستقل الملحق علي الفرقة السابعة المشاة بدفع كتيبة دبابات للإلتفاف حول الجانب الأيسر لقوات العدو الإسرائيلي وتدميرها إلا أن هذه الكتيبة قد تعثرت في أداء مهمتها نظرًا لرداءة الرؤية وطبيعة الأرض ولكنها نجحت في إجبار قوات العدو للإرتداد شرقًا في تمام الساعة السادسة والنصف صباح يوم 9 أكتوبر عام 1973.

    في الساعة الواحدة والربع ظهر يوم 9 أكتوبر عام 1973 تمكنت الكتيبة 603 مشاة الأسطول المدعومة بسرية دبابات وفصيلة مشاة ميكانيكية من الإستيلاء عل نقطة خط بارليف الحصينة المعروفة بإسم حصن بوتزر بموقع كبريت شرق وفي الساعة التاسعة مساء يوم 9 أكتوبر عام 1973 وبعد مجهود جبار بذله قائد الفرقة السابعة المشاة العميد بدوي ورجاله الأبطال تمكنت ألوية الفرقة من الوصول إلى أوضاعها النهائية التي تحركت منذ صباح اليوم السابق من أجل الوصول إليها وقام أفرادها برص الألغام أمام حدها الأمامي وعمل التجهيزات الهندسية اللازمة وقام العميد بدوى بناءًا علي تعليمات اللواء واصل قائد الجيش الثالث الميداني بدفع كتيبة مشاة مدعمة بسرية دبابات لتأمين الجانب الأيسر للجيش وتأمين القوات التي إستولت على موقع كبريت شرق وبتحقيق هذه المهمة والمهمة التي كلفت بها الفرقة 19 مشاة بدات الأرتال الإدارية في عبور قناة السويس من الغرب إلى الشرق تحمل التعيينات والمياه والذخيرة والأسلحة المضادة للدبابات والمدفعية التي تم إستهلاك كميات كبيرة منها خلال 4 أيام منذ قيام الحرب وتدفقت حوالي 700 سيارة لورى في قطاع الجيش الثالث الميداني وهي محملة بأكداس من المؤن والتشوينات وقبل أول ضوء صباح يوم 10 أكتوبر عام 1973 عادت اللوريات إلى غرب القناة بعد أن تم تحميلها بالجرحى المصريين وكذا جرحى وأسرى العدو الإسرائيلي كما تم إنتقال مراكز القيادات الرئيسية لفرق المشاة وألويتها إلي مواقعها المستجدة شرق القناة بالإضافة إلي عبور باقي مجموعت مدفعية الألوية والفرق أيضًا من غرب القناة لتتخذ مواقعها شرق القناة.

    في يوم 12 أكتوبر عام 1973م قررت القيادة العامة للقوات المسلحة تطوير الهجوم شرقًا بداية من صباح اليوم التالي 13 أكتوبر عام 1973 وإعترض على ذلك رئيس الأركان الفريق سعد الشاذلي واللواءان سعد مأمون وعبد المنعم واصل قائدا الجيشين الثاني والثالث الميدانيين واللذان تم إستدعاؤهما للقيادة العامة لمناقشتهما في هذا القرار وإنتهي الأمر بضرورة تنفيذه وكل ما تم هو تأجيله لمدة 24 ساعة ومن العجيب أن اللواء 11 المشاة الميكانيكي الذى كان سيتم دفعه من رأس كوبرى الفرقة السابعة المشاة لتنفيذ مهمة تطوير الهجوم شرقًا قد تحرك لتنفيذ المهمة الموكلة إليه قبل موعدها بأربع وعشرين ساعة حيث تحرك هذا اللواء مع أول ضوء صباح يوم 13 أكتوبر عام 1973 بدلًا من صباح يوم 14 أكتوبر عام 1973 وذلك يعود إلى أنه عندما تقرر في البداية القيام بعملية تطوير الهجوم شرقًا نحو المضايق صباح يوم 13 أكتوبر عام 1973 وقبل تأجيل تنفيذ القرار إلى اليوم التالي كان قد تم إبلاغ قادة الفرق والألوية التي ستشارك في عملية تطوير الهجوم بالموعد الأول لزوم عمل التجهيزات والإستعدادات اللازمة لتنفيذ الهجوم، نظرًا لضيق الوقت ولما تم إستدعاء قائدى الجيشين الثاني والثالث الميدانيين إلى القيادة العامة بالقاهرة، وتم تأجيل تنفيذ القرار إلي صباح يوم 14 أكتوبر عام 1973، وتم إبلاغ رئيسي فرعي العمليات بكل من الجيشين الثاني والثالث الميدانيين بالموعد الجديد واللذين قاما بإبلاغ قادة الفرق والألوية التي ستشارك في تطوير الهجوم بالموعد الجديد، إلا أنه قد حدث خطأ أو سهو فلم يتم إبلاغ العميد آنذاك أحمد بدوي قائد الفرقة السابعة المشاة التي سيتم دفع اللواء 11 المشاة الميكانيكي من خلال رأس الكوبري الخاص بهذه الفرقة وبالتالي بدأ في تنفيذ مهمته علي أساس الموعد الأول وعمومًا فقد فشل هذا اللواء والذي تم دفعه نحو ممر الجدي في تنفيذ مهمته نظرًا لتعرضه للقصف الجوي والمدفعي المكثف وخسرت كتيبة الدبابات التي يضمها هذا اللواء عددًا كبيرًا من دباباتها وإستشهد عدد كبير من ضباطه وجنوده ولم يكن هناك مفر من التراجع والإسراع بالعودة إلى رأس كوبرى الفرقة السابعة المشاة وفي الحقيقة فقد كان هذا الفشل متوقعًا وتنبأ به رئيس الأركان وقائد الجيش الثالث الميداني نظرًا لخروجه من مظلة الدفاع الجوي المصري ومن ثم فسوف يتعرض لهجمات جوية معادية مكثفة وقصف مدفعي أيضًا إلى جانب أنه سيواجه قوات مدرعة متفوقة عليه عدة وعتادًا.

    بعد حدوث الثغرة وبدء تسلل القوات الإسرائيلية إلى غرب القناة بداية من ليلة 15/16 أكتوبر عام 1973 وفشل المحاولات التي جرت لتصفيتها يومي 17 و18 أكتوبر عام 1973 وعبور فرقتين مدرعتين إسرائيليتين إلى غرب القناة وفي خلال ليلة 20/21 أكتوبر عام 1973 وأيضًا خلال الليلة التالية لها أي ليلة 21/22 أكتوبر عام 1973 دفع العدو بفرقة مدرعة جديدة غرب القناة وبذلك أصبح للعدو عدد 3 فرق غربي القناة فرقة إيريل شارون شمالًا في مواجهة الإسماعيلية وفرقتا الجنرال كلمان ماجن والجنرال إبراهام أدان تضغطان على الفرقة الرابعة المدرعة في إتجاه الجنوب والتي كانت تقاتل ببسالة في ظروف غاية في الصعوبة، حيث كان الطيران الإسرائيلي يسيطر على سماء المنطقة علاوة على تفوق العدو في المدرعات بنسبة الضعف، وعلى الرغم من ذلك لم يستطع العدو إكتساب أراض جديدة يومي 21 و22 أكتوبر عام 1973، وفي هذا اليوم الأخير صدر قرار مجلس الأمن بوقف إطلاق النار وعلى أن يبقي كل طرف على أوضاعه ولكن لكي يفاوض الإسرائيليون من موقف قوة ولكي يملوا شروطهم على مصر تم إستئناف القتال صباح يوم 23 أكتوبر عام 1973 بهدف إتمام حصار الجيش الثالث الميداني وإحتلال مدينة السويس أو محاصرتها على الأقل وتحججت إسرائيل بأن الجيش الثالث قد إنتهك وقف إطلاق النار، ولم تكن قد وصلت قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة لمراقبة إلتزام الطرفين بقرار وقف إطلاق النار، وتم تثبيت الفرقة الرابعة المدرعة بأحد الألوية المدرعة الإسرائيلية وإندفعت ثلاثة ألوية مدرعة أخرى جنوبًا لتحقيق الهدف المشار إليه وهو حصار الجيش الثالث الميداني وتمكنوا من الوصول إلى ميناء الأدبية الذي يقع جنوب مدينة السويس وبحلول يوم 24 أكتوبر عام 1973 كانت القوات الإسرائيلية قد تمكنت من إتمام حصار الجيش الثالث ومدينة السويس كما قامت بشن غارات جوية مكثفة على جميع معابر وكباري ومعهديات الجيش الثالث الميداني ودمرتها تمامًا مما قضى على أي فرصة لإنسحاب قوات هذا الجيش أو سحب أي قوات منه للعمل غرب القناة.

    في هذا اليوم أيضًا وخلال الأيام التالية وحتى يوم 27 أكتوبر عام 1973 حاولت القوات الإسرائيلية إحتلال مدينة السويس إلا أن المقاومة العنيفة التي واجهت هذه القوات من جانب قوات الدفاع الشعبي في مدينة السويس وبعض الجنود الذين تواجدوا في السويس في ذلك الوقت مع بعض أطقم إقتناص الدبابات التابعة للفرقة 19 مشاة التابعة للجيش الثالث والتي قامت بملحمة بطولية، فلم تستطع القوات المدرعة الإسرائيلية دخول المدينة والتي كانت تحلم بالوصول إلى مبني محافظة السويس ورفع العلم الإسرائيلي فوقه، وبحلول يوم 28 أكتوبر عام 1973 كانت قد وصلت قوات الطوارئ الدولية وتم تفعيل قرار وقف إطلاق النار، ولكن إسرائيل رفضت العودة إلى خطوط يوم 22 أكتوبر عام 1973 بحجة أن هذه الخطوط غير معلومة بدقة وبوصول قوات الطوارئ الدولية إلى جبهة القتال وتفعيل قرار وقف إطلاق النار بدأت الأمور تأخذ إتجاها آخر مع تدخل الولايات المتحدة الأميريكية وإيفاد وزير خارجيتها الدكتور هنرى كيسنجر إلى المنطقة وبدء مفاوضات الكيلو 101 على طريق القاهرة السويس الصحراوي بين الجانب المصري والذي ترأسه اللواء محمد عبد الغني الجمسي رئيس هيئة العمليات وبين الجانب الإسرائيلي الذي ترأسه الجنرال أهارون ياريف وذلك تحت إشراف الجنرال أنزيو سيلاسفو قائد قوات الطوارئ الدولية والتي أسفرت في النهاية عن إتفاقية سميت بإتفاقية النقاط الست والتي بموجبها تم السماح بمرور الإمدادات الطبية والتعيينات والمياه إلى قوات الجيش الثالث المحاصرة شرق القناة وإلى مدينة السويس كما تم فك الحصار البحري الذي فرضته القوات البحرية المصرية على باب المندب وتم السماح بمرور السفن المتجهة إلى ميناء إيلات الإسرائيلي كما تم البدء في تبادل الأسرى بين الجانبين وكنوع من الضغط على مصر وإجبارها على تقديم تنازلات من أجل فك الحصار عن الجيش الثالث الميداني كان الإسرائيليون يتعمدون تعطيل كل شيء ويتعنتون في إجراءات وصول الإمدادات الغير عسكرية إلى القوات المحاصرة ويقومون بتفتيش السيارات التي تحملها تفتيشًا دقيقًا كما رفضوا السماح للسائقين المصريين بتعدي علامة الكيلو متر 101 وأصروا علي أن يتولى قيادتها بعد ذلك إما سائقون إسرائيليون أو سائقون يتبعون قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة.

    خلال فترة الحصار ثم بعد أن تولى أحمد بدوي قيادة الجيش الثالث الميداني بداية من يوم 13 ديسمبر عام 1973، ولم يكن قد تم فك الحصار عن مدينة السويس وعن قوات الجيش الثالث الميداني بعد ضرب البطل أحمد بدوي ورجاله أروع المثل في الصمود والتحدي والأهم من ذلك كله الحفاظ على الروح المعنوية للقوات الواقعة تحت الحصار وقد كان حريصًا على أن يأكل الجنود قبل الضباط وأن ينام القادة بعد الضباط والجنود وكان حريصًا أيضًا على ألا يشمل موقع قيادته أي علامة تشير إلى أي درجة من درجات الترفيه فكان يلتحف ببطانية واحدة بينما كان لكل جندي بطانيتان أو ثلاث كما كان حريصًا على المرور اليومي على كل القطاعات ومخاطبة الجنود والتحدث إليهم وتسهيل عملية إتصالهم بأسرهم في القاهرة وبقية المحافظات ولا ننسى موقع كبريت الذي ظل تحت الحصار لمدة 114 يومًا بلا طعام ولا مياه ولا أدوية أو ضمادات لمداواة الجرحي وحرص البطل أحمد بدوي على الإتصال بقائد المقدم البطل إبراهيم عبد التواب، كما حرص على توصيل أي تعيينات لهذا الموقع المحاصر من خلال عمليات بطولية كانت تتم أثناء الليل تحت إشرافه المباشر، علاوة على مساهمة بعض قواته في الدفاع عن مدينة السويس التي فشل العدو الإسرائيلي في دخولها وإحتلالها.

     في خلال شهر نوفمبر والنصف الأول من شهر ديسمبر عام 1973 وصلت إلى مصر إمدادات عسكرية من بعض الدول العربية والدول الصديقة كان أهمها عدد من الدبابات، عوض إلى حد ما العدد الكبير مما تم تدميره خلال المعارك التي تمت بصفة خاصة أيام 14 و17 و18 أكتوبر عام 1973، وتم إعادة حشد الفرقتين المدرعتين 4 و21 وفرق المشاة الميكانيكية 3 و6 و21 إلى جانب وحدات من الصاعقة والمظلات ووضعت هذه القوات تحت قيادة اللواء سعد مأمون الذى كان قد تعافى وغادر المستشفي بعد تعرضه لأزمة قلبية يوم 14 أكتوبر عام 1973 وسميت هذه القوات قوات تصفية الثغرة وقد وقع الإختيار على اللواء سعد مأمون لكونه كان متصلًا بالحرب منذ فترة الإعداد لها وتوليه قيادة الجيش الثاني الميداني أكبر تشكيل قتالي في الجيش المصري والأداء المتميز الذي أداه هذا الجيش تحت قيادته في الأيام الأولي لحرب أكتوبر عام 1973 وحتى إصابته بالأزمة القلبية وتم وضع خطة سميت بالخطة شامل لتصفية الثغرة وأصبحت جاهزة للتنفيذ منذ يوم 24 ديسمبر عام 1973 بعد أن راجعها اللواء سعد مأمون وأجرى عليها بعض التعديلات بعد أن زار الجبهة وشاهد أوضاع القوات المصرية والإسرائيلية على الطبيعة وتدربت عليها الوحدات التي ستقوم بتنفيذها ومن ثم تم إعتمادها من رئيس الأركان والقائد العام والقائد الأعلي للقوات المسلحة المصرية.

    كانت في تلك الآونة قد بدأت حرب إستنزاف ضد الجيب الإسرائيلي في الثغرة غرب القناة خلال فترة الحشد ووضع خطة تصفية الثغرة على الرغم من سريان قرار وقف إطلاق النار بهدف عدم السماح للقوات الإسرائيلية بأي فترة هدوء أو راحة وحرمانها من تثبيت دفاعاتها أو تحصينها هندسيًا ومن الناحية العسكرية كان الجيب الإسرائيلي المتواجد غرب القناة قد أصبح يمثل مأزقًا عسكريًا ووضعًا خطيرًا للقوات المتواجدة فيه حيث أصبح هذا الجيب منفصلًا عن قواعده في سيناء ولا يربطه بها سوى ممر ضيق عرضه حوالي 10 كيلو مترات مهدد بأن يتم قطعه بواسطة القوات المصرية التي أصبحت تحيط به من كل جانب، كما كانت القيادة الإسرائيلية مضطرة لنقل جميع الإحتياجات الإدارية اللازمة لقواتها غرب القناة لمسافة تصل إلى حوالي 300 كيلو متر مما قد يعرضها لخطر مهاجمتها برًا وجوًا كما أنه نتيجة إمتداد وقت الحرب من يوم 6 أكتوبر عام 1973 وحتى أواخر شهر ديسمبر عام 1973، إضطرت إسرائيل إلى الإحتفاظ بتعبئة الإحتياطي لمدة طويلة وهو ما يخالف سياستها المعهودة في تعبئة الإحتياطي لمدة قصيرة حيث بذلك أصبح إقتصادها القومي مهددًا بالشلل والإنهيار حيث أن جنود جيش الدفاع الإسرائيلي هم أنفسهم المهندسون والأطباء والمحاسبون والعمال الذين تعتمد عليهم كل الأنشطة في الحياة اليومية في إسرائيل.

     لذا فبعد جولات مكثفة من المفاوضات ورحلات مكوكية لوزير الخارجية الأميريكي هنرى كيسنجر بين القاهرة وتل أبيب تم في يوم 18 يناير عام 1974 التوقيع على الإتفاقية الأولي لفض الإشتباك بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية والتي كان أهم بنودها أن تقوم إسرائيل بسحب قواتها من غرب وشرق القناة إلى مسافة حوالي 30 كيلو متر شرق القناة بينما تقوم مصر بسحب قواتها من شرق القناة مع إحتفاظها بعدد 7000 جندي وضابط بالإضافة إلى عدد 30 دبابة على ألا يتجاوز وجودها شرق القناة مسافة 10 كيلو مترات شرقها.

    في الوقت نفسه تتواجد قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة في المنطقة الفاصلة بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية وعرضها حوالي 20 كيلو متر مع النص على أن هذه الإتفاقية لا تعد إتفاقية سلام بين الطرفين بل هي مجرد خطوة للوصول إلى معاهدة سلام دائمة بين الطرفين يتم التفاوض بين الطرفين بشأنها داخل إطار مؤتمر جنيف للسلام الذى نادت به الأمم المتحدة في ذلك الوقت.

   كم كانت حياة المشير أحمد بدوي مليئة بالمعارك والبطولات كان موته لغزا محيرا ونهاية لم تغلق بعد رغم مرور سنوات طويلة + حجم الخط – 47 سنة مرت على حرب 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، أو حرب “العاشر من رمضان” التي سجلت فيها العسكرية المصرية أروع انتصاراتها ضد الاحتلال الإسرائيلي، وتظل سيرة قادة الحرب والشخصيات التي سجلت بطولات خالدة لا ينساها التاريخ حاضرة مع كل ذكرى.

     لا ينسى المصريون ذكرى الانتصار، ووقوف القائد العسكري أحمد بدوي أمام الرئيس أنور السادات قائلًا: “حافظت على الجنود والضباط وصمدنا ولم يستطع أن ينال منا العدو وكان في جميع اشتباكاته ومحاولاته هو الخاسر وكان يخسر أكثر مما خسرنا ونتيجة لهذا لم يجرؤ العدو على أن يقوم باقتحام مواقعنا بعد أن كبدناه خسائر جسيمة”. وكما لم ينس المصريون أيضًا رد الرئيس السادات عليه قائلًا: “الجيش الثالث الذي صمد وضرب أروع أمثلة البطولة والفداء والصمود، ولقائده أحمد بدوي تقديري وتقديركم جميعًا تعبيرًا عن تقدير الوطن كله”، فما هو الدور الذي لعبه أحمد بدوي في الحرب؟ ولماذا مثلت نهايته لغزًا محيرًا إلى يومنا هذا؟.

بطل الثغرة

    تجلت بطولة القائد العسكري المصري أحمد بدوي، خلال خوضه غمار حرب 6 أكتوبر/ تشرين الأول 1973 الخالدة، والتي حققت فيها العسكرية المصرية أول انتصار لها على دولة الاحتلال الإسرائيلي. تمثلت اللحظة الأصعب في تاريخ بدوي، فيما يعرف خلال الحرب بــ”ثغرة الدفرسوار”، إذ كان ضمن تشكيلات الجيش الثالث الميداني، وقائد اللواء 25 مدرعًا، الذي يعد من أقوى ألوية الدبابات المصرية بما له من دبابات تي 62 ذات مدفع 115 ملم القوي والدقيق جدًا في ذلك الوقت.

    بدأت الثغرة يوم 17 أكتوبر/ تشرين الأول 1973، عندما قام الجيش الإسرائيلى بعمل معبر على قناة السويس بمنطقة الدفرسوار، وعبرت منها 3 فرق مدرعة بقيادة كل من (أرئيل شارون – أبراهام أدان – كلمان ماجن)، للجانب الغربى من القناة. بعدها ازداد تدفق قوات العدو وتطور الموقف سريعًا، إلى أن تم تطويق الجيش الثالث المصري بالكامل في السويس، والذي كان أحمد بدوي ضمن قادته، ووصلت القوات الإسرائيلية إلى طريق (السويس – القاهرة)، ولكنها توقفت لصعوبة الوضع العسكري بالنسبة لها غرب القناة.

    لقد فشل الجنرال أرئيل شارون في الاستيلاء على مدينة الإسماعيلية وفشل الجيش الإسرائيلى في احتلال مدينة السويس، وضع القوات الإسرائيلية غرب القناة في مأزق صعب، وجعلها محاصرة بين الموانع الطبيعية والاستنزاف والقلق من الهجوم المصري. هنا برزت عبقرية أحمد بدوي أثناء الثغرة والحصار عندما اندفع بقواته إلى عمق سيناء، لخلخلة جيش العدو، واكتسب أرضًا جديدة، من بينها مواقع قيادة إسرائيلية في منطقة “عيون موسى” جنوب سيناء.

    في بداية حرب أكتوبر، استطاع بدوي وفرقته ببسالة عبور قناة السويس إلى أرض سيناء، وذلك من موقع جنوب السويس ضمن فرق الجيش الثالث الميداني متغلبًا على الصعوبات الطبيعية التي واجهته خصوصًا في اللحظات الأولى للعبور. وتمركز بدوي بفرقته في موقعه شرق القناة بعد تطهير مواقع العدو، حيث تمكن من صد هجوم إسرائيلي، استهدف مدينة السويس وحطمه.

نجمة الشرف

   ظهرت الشخصية العسكرية القيادية الحاسمة للقائد أحمد بدوي أيام حصار الثغرة، عندما استطاع الصمود مع رجاله شرق القناة، في مواجهات معارك السويس، وقام بتدبير وسائل الإعاشة لهم من الخزين القليل المتبقي، رغم المحاصرة القاسية للعدو، وانقطاع الإمدادات ووسائل الإعاشة عن قواته. ذلك الصمود المبهر في القتال، دفع الرئيس السادات، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، لإصدار قرار فوري يوم 13 ديسمبر/ كانون الأول 1973، بترقية أحمد بدوي إلى رتبة لواء، وتعيينه قائدًا للجيش الثالث الميداني. وبعد عودة بدوي من ميدان القتال سالمًا بقواته، قام السادات في 20 فبراير/ شباط 1974، بتكريمه في مجلس الشعب (البرلمان) ومنحه نجمة الشرف العسكرية، بعد أن أجرى معه تحقيقًا على مرأى ومسمع من الشعب، تمت إذاعته على شاشات التلفزيون الرسمي، في مشهد من أشهر مشاهد ما بعد الحرب. حينها سأله السادات بشكل مباشر، قائلا: “تبلغت إليك الأوامر بالصمود وادعى العدو أن السويس احتلت.. هل احتلت السويس؟. ليرد بدوي “لم يتمكن العدو من احتلال السويس ودمرنا جميع دباباته التي حاولت دخول السويس، وتمسكنا بالسويس وظلت صامدة ولم ينل منها العدو أبدا”. ثم سأله السادات مرة أخرى: كانت قوات بدر تحت قيادتك حوالي 50 ألفًا بأسلحتها ومعداتها، هل حافظت على المعدات والأسلحة؟ ليقول بدوي بحسم: “حافظت على جميع معداتي وأسلحتي وقاتلت العدو ورديت على جميع اشتباكاته بعنف وطورت الهجوم وعدلت مواقعي وكسبت أراضي جديدة”. السادات حينها قال: “الجيش الثالث اللي (الذي) قيل عنه أنه محاصر اللي قائده أحمد بدوي الذي رقيته وهو في الحصار قائدا للجيش الثالث الذي حمى السويس.. الجيش الثالث الذي صمد وضرب أروع أمثلة البطولة والفداء الصمود ولقائده أحمد بدوي تقديري وتقديركم جميعًا تعبيرًا عن تقدير الوطن كله”. وبعد تلك الإشادات حصل اللواء بدوي على تحية مدوية من نواب البرلمان، ونال إعجاب كافة المصريين، الذين عرفوا عن قرب شخصية ذلك القائد العسكري الذي أصبح علامة من علامات حرب أكتوبر.

رحيل غامض

    في 2 مارس/ آذار 1981، استيقظ المصريون على خبر مفجع، مع إذاعة خبر مصرع وزير الدفاع الفريق أحمد بدوي، مع 13 من كبار قادة القوات المسلحة، عندما سقطت بهم طائرة عمودية، في منطقة سيوة، بالمنطقة العسكرية الغربية، بمطروح. الحادثة تم تناولها على نطاق واسع في كثير من التحقيقات والمذكرات العسكرية، التي أشارت إلى أن الوفاة ليست طبيعية وأن الحادث ربما يكون مدبرًا. بعد الحادثة مباشرة أصدر الرئيس السادات قرارا بترقية الفريق أحمد بدوي إلى رتبة المشير وترقية رفاقه الذين قضوا معه إلى الرتب الأعلى. وانطلقت من مقر وزارة الدفاع، جنازة عسكرية يتقدمها السادات وكبار رجال الدولة، كما أقيمت صلاة الغائب على أرواحهم في المحافظات وسار أبناؤها في جنازات رمزية.

   كان المثير للتساؤل حول الواقعة، أن يكون من نجا من الحادث 5 أفراد فقط منهم 4 من طاقم الطائرة وسكرتير وزير الدفاع، وهو ما خلف الكثير من العلامات حول نجاة طاقم الطائرة، خاصة وأن طراز الطائرة (س 8 هيل) كان من النوع الذي يجب أن يفتح بابه من الخارج ولا توجد فتحة إلى قمرة القيادة أي أن من في الداخل محبوس وهو ما رجح أن تكون هناك أيدي خفية أو شبهة تواطؤ. وكما كانت حياة المشير أحمد بدوي مليئة بالمعارك والبطولات دفاعًا عن أرض مصر، وضد العدوان الخارجي، كان موته لغزًا محيرًا، ونهاية لم تغلق بعد رغم مرور سنوات طويلة.

   هو من كان يقرأ في كل المجالات في العسكرية بعلومها المتشعبة والمتشابكة وفى العلوم الإقتصادية والسياسية والإدارية وكذلك في العلوم القانونية بالإضافة لحبه للسياسة وكان يقرأ أيضًا في الأدب والفلسفة والشعر والملاحظ أنه كان يقرأ على طريقة المتخصصين وليس الهواة حتى وصل إلى مستوى عظيم من التحصيل في كثير من العلوم يفوق مستوى الخبراء والمتخصصين فعلًا في تلك العلوم كما كان يجيد اللغة الإنجليزية والروسية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى