أخبار ومعلومات

المغرب يتّكئ على الحليف الخطأ لاستهداف الجزائر

رضا شنوف

حملت زيارة نائب رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي ووزير الدفاع بيني غانتس الكثير من المؤشرات حول توجّهات المغرب والأهداف التي رسمها، ومن وراء خطوة التطبيع التي جاءت ضمن الموجة العربية الثانية من التقارب مع الكيان المحتل. ولعل إبرام اتفاقية التعاون الأمني والعسكري كانت الحلقة الأبرز في الزيارة التي وصفت بالتاريخية، والتي قالت الجزائر على لسان رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل إنها تستهدفها، بعد أن ثبت تورط كل من نظام المخزن والكيان الصهيوني في تدبير وتنفيذ أعمال عدائية ضد بلدنا.

اختتم وزير دفاع الكيان الصهيوني زيارته إلى المغرب التي دامت يومين، شهدت التوقيع على “مذكرة التفاهم الدفاعية” التي وصفتها الدفاع الصهيونية “بالتاريخية” وقالت في بيانها: “توفر الاتفاقية إطارا صلبا يضفي الطابع الرسمي على العلاقات الدفاعية بين البلدين وتضع أساسا يدعم أي تعاون في المستقبل، وسيمكن المؤسسات الدفاعية في كلا البلدين من التمتع بتعاون متزايد في مجالات الاستخبارات والتعاون الصناعي والتدريب العسكري”.

مذكرة التفاهم الدفاعي المبرمة بين الرباط وتل أبيب، تعد الأولى من نوعها تبرمها دولة عربية مع الكيان الصهيوني، وتبرز مدى اهتمام نظام المخزن بتقوية علاقاته مع الكيان الصهيوني، في وقت دخل في صدام مع جيرانه، خاصة الجزائر التي تعتبر تحركاته ضدها سواء من خلال التطبيع أو دعم الحركات الإرهابية، واستهداف مواطنيه خارج الحدود، بمثابة إعلان حرب.

واعتبر رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، أن الجزائر هي المستهدفة من زيارة وزير دفاع الكيان الصهيوني إلى المغرب. والتي تأتي بعد زيارة وزير الخارجية الصهيوني يائيد مائير إلى الرباط هدد خلالها الجزائر بحضور وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، وهي حادثة لم تسجل منذ نكبة 1948.

المغرب يبحث عن تعزيز علاقاته مع دولة الاحتلال، من خلال تمكينها من استغلال التراب المغربي ليكون منطلقا لتنفيذ مخططات تهدد استقرار الجزائر ووحدتها وكل المنطقة، وسخر نفسه لأن يكون عرابا لدولة الاحتلال التي يتقاسم معها نفس الصفة للدفاع عنها في نيل صفة المراقب داخل الاتحاد الإفريقي. وتصنف تل أبيب الجزائر في خانة العدو بسبب دفاعها عن حقوق الشعب الفلسطيني ورفضها التطبيع، كما أنها من أكثر الدول الإفريقية رفضا لانضمامها للمنظمة القارية، وهو ما لا يعجب الكيان ويجعله يتحمس في التعاون مع المغرب ضد الجزائر، إذ يتقاسمان نفس المصلحة والمنفعة من إلحاق الأذى بها.

المغرب بعد أن فشل في استدراج حلفائه التقليديين لتبني مواقف تدعم أطروحاته التوسعية في الصحراء الغربية وعلى رأسها الاعتراف بمغربية الصحراء رسميا كما فعل ترامب، يريد من علاقاته مع إسرائيل أن يكسب دعما أكبر من اللوبيات الصهيونية في مراكز القرار العالمي، ويناور على أكثر من جبهة ضد الجزائر، بعد أن وجد نفسه محاصرا بسبب سياساته الصبيانية، واستشعاره الخطر أكثر بعد الديناميكية التي عرفتها الدبلوماسية الجزائرية على الصعيد القاري، وإرادة الدولة الجزائرية الانفتاح على الأسواق الافريقية خاصة بغرب إفريقيا، ولم يكن استهداف الشاحنتين إلا رسائل من بين الرسائل التي أراد المغرب توجيهها إلى الجزائر بهدف التشويش على الخطط الرامية للتوسع بالسوق الموريتانية والسينغالية ومنها إلى باقي دول غرب إفريقيا التي كانت تعتبرها الرباط ملكية خاصة، في وقت خسرت لمشروع أنبوب الغاز النيجيري لصالح الجزائر، والتقارب الكبير بين الجزائر وموريتانيا ومالي وباقي دول الساحل، وتدرك أن المنافسة الجزائرية والخناق الذي أصبح مفروضا عليها، يكلّفها خسائر كبيرة لم تعد قادرة على تحملها وهي تقف عاجزة في معالجة المشاكل التي تواجهها داخليا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

 ولا نغفل في هذا المقام إغلاق الحدود مع المغرب وغلق المجال الجوي في وجه طائراته نظير رد على تحرشاته، إلى جانب الأزمة التي تورّط فيها مع إسبانيا، وفرض جبهة البوليساريو حرب استنزاف مفتوحة بدأ يشعر بثقلها مع الوقت، إلى جانب علاقاته المضطربة مع موريتانيا، كلها عوامل جعلت المغرب يبحث عن شريك يتقاطع معه في نوايا ومخططات الشر ويضع يده في يده في محاولة للخروج من الخناق الذي يعيشه.

لا يمكن أن ننفي بأن “الزواج المشبوه” بين المغرب والاحتلال وانخراطهما في مخططات عدائية يمكن أن تكون له تأثيراته، لكن لن تكون بالحجم الذي يتخيّله كثيرون، لأن دولة الاحتلال لم تكسب الدول المطبّعة معها أي مزايا ولم تخرجها من دائرة المشاكل التي تعانيها، فإسرائيل لم تنفع لا مصر ولا الأردن ولا السودان، فكيف ستنتفع المغرب، خاصة عسكريا والعالم شهد في أكثر من جولة حرب خاضها الكيان الصهيوني، سواء ضد حزب الله أو فصائل المقاومة بغزة، حجم الفشل الذي منيت بها عملياته العسكرية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى