النظرية الأمنية لمجلس التعاون لدول الخليج العربي

The National Security of the GCC

By Professor Doctor KAMAL  MM ALASTAL

 ( جزء من كتاب نحو صياغة نظرية لأمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، المنشور ضمن سلسلة دراسات إستراتيجية، مركز الإمارات للدراسات الإستراتيجية-أبو ظبي)

  التعريف بمفهوم الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

يعتبر الأمن الجماعي أحد صور تحقيق الأمن القومي لمجموعة من الدول، وأبسط تعريف للأمن الجماعي بأنه الضمان الذي تكفل به جماعة من الدول أمن كل دولة وسلامة أراضيها وتلجأ في سبيل ذلك إلى تنسيق جهودها المشتركة لمنع أي اعتداء على إحداها أو عليها مجتمعة. لقد تم تطوير مفهوم الأمن الجماعي Security Community بواسطة كارل دويتش Karl Deutsch خلال سنوات الخمسينات من هذا القرن وذلك بعد دراسة مكثفة لمنظمة شمال الأطلنطي. لقد أكد دويتش أن الأمن الجماعي هو شكل من أشكال التعاون الدولي الذي يمكن أن يؤدي – تحت ظروف معينه – إلى الاندماج أو التكامل. ويميز دويتش بين شكلين من أشكال الأمن الجماعي: الأول هو الشكل المتعدد الأطراف pluralistic والثاني هو الشكل المدمج amalgamated. والفرق الأساسي بين شكلي   الأمن الجماعي هو وجود أو غياب المؤسسات institutions . ففي الشكل الأول لا توجد مؤسسات واضحة  تجمع بين الأطراف ولكن يتميز الشكل المدمج بقيام الدول الأطراف ببناء كيان سياسي يجمع بينها وبناء مؤسسات للأمن الجماعي. أن هذا المفهوم يمكن أن يطبق على جماعة من الدول مثل مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو علي الدول العربية مجتمعة أو على أي تجمع  يتكون من عدد من الدول المستقلة.[i]

ان الأمن الجماعي  collective security هو نظام جوهره “أن الكل للواحد والواحد للكل “one for all and all for one”. فالإنسان بطبيعته كائن اجتماعي ، وحسب آراء توماس هوبز Hobbes فان الإنسان قد عمل على الهرب من حالة العزلة والفقر والوحشية والعوز إلى حال إيجاد المجتمع المنظم، ذلك أن غريزة الإنسان  العدوانية -كما يدعي هوبز-  تدفعه إلى الشعور بعدم الأمن، وان البحث عن الأمن  قددفع الإنسان إلى إيجاد النظام الاجتماعي والسياسي (الدولة) – Leviathan – القادر على فرض النظام والاستقرار. إن نظرية العقد الاجتماعي social contract تقوم على أساس افتراضي ونظري بحث، ذلك انه لا يمكن التأريخ لفترة محددة بدقة متى قرر الناس أن يعيشوا في اسر وعشائر وقبائل وقرى بحثا عن الصالح المشترك والأمن. أن توسع الجماعات والمجتمعات هو الذي زاد من احتمالات تفجر نزاعات مع بعضها البعض، ومن ثم أصبحت الحاجة ملحة إلى التركيز على مشكلة الأمن  وبصفة خاصة الأمن الجماعي. إن منظري نظرية العقد الاجتماعي – هوبزHobbes   ، اسبينوزا  Spinoza، ورسو Rousseau، ولوك  Locke- رأوا أن تكوين الدولة من جانب السكان كان بمثابة نوع من الاتفاق الجماعي لحل مشكلة الأمن. فالمجتمع سيوفر الأمن لنفسه، والدولة – Hobbes’ Leviathan –  هي الوسيلة من اجل تحقيق هذه الغاية.[ii]

ليس بالإمكان – في هذا السياق – التوسع في تأصيل مفهوم الأمن الجماعي وتطبيقاته في نطاق الخبرة التاريخية الدولية، ومع ذلك يمكن القول بصفة عامة أن مجمل تجارب التحالفات والتجمعات الدولية قد ارتكزت على صورة أو أخرى من صور الأمن الجماعي (مثال ذلك عصبة الأمم، الأمم المتحدة، حلف شمال الأطلنطي، جامعة الدول العربية، مجلس التعاون، …). وما يهمنا في هذا التحليل أن نؤكد على أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يمثل شكلا من أشكال التعاون من اجل تحقيق الأمن الجماعي لدول الخليج العربي والجزيرة العربية.

وهنا لابد من التأكيد على ان فكرة ومفهوم الأمن الجماعي في العلاقات الدولية لم تظهر من فراغ، فهذه الفكرة في مفهومها المعاصر تقوم على مبادىء التعايش السلمي بين الدول ذات الانظمة الاجتماعية المختلفة وأن حماية السلام والأمن تتطلب الجهود المشتركة والتعاون على قدم المساواة بين مختلف الدول. وفي الحقيقة لقد اكتسب مفهوم الأمن الجماعي في العلاقات الدولية سمة جوهرية في العلاقات الدولية واصبح التعبير عن الامن الجماعي شائعا في ميثاق الامم المتحدة وكذلك في سياسيات المنظمات  والمؤسسات والاحلاف الدولية المختلفة. وامتد مفهوم الامن الجماعي الى ضرورة اقامة سلسلة من التدابير لحماية ووقاية البنيان الاقتصادي والاجتماعي لمجموعة من الدول من الاعتداءات والتهديدات الخارجية. وبالتالي أصبحت قضية عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول جزءا لايتجزأ من مفهوم الأمن في العلاقات الدولية.[iii]

وهنا لابد من الاشارة الى ان تحقيق الامن الجماعي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية يجب ان يرتكز على الاسس الاتية:

أولا: ان الامن الجماعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية لايمكن تحقيقه الا اذا كانت كل دولة عربية خليجية تتمتع بالامن والاستقرار الداخلي.

ثانيا: أن الامن الجماعي لدول مجلس التعاون يمكن تحقيقه اذا استجابت الدول العربية الخليجية لأية دولة يتعرض امنها للخطر بمساعدتها على مواجهة التخريب الداخلي والمستورد.

ثالثا: أن امن دول مجلس التعاون هو قضية تهم ابناءه في المقام الاول وان الدفاع عنه هو مسئولية دوله وشعوبه.

رابعا: أن امن مجلس التعاون يرتبط بقضية البناء الاجتماعي والسياسي والقدرة على اقامة المؤسسات والانظمة الجماعية القادرة على تحقيق مستويات من التنمية والتطور الذاتي بما في ذلك استثمار الثروة النفطية لصالح المجتمع.

خامسا: أن أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو جزء  لايتجزأ من الأمن القومي العربي، وانه يثأثر به ويؤثر فيه سلبا وايجابا.

ان الامن الجماعي لدول مجلس التعاون يمكن ان ينطبق عيه مفهوم الامن الاقليمي، فالمفهوم هنا يشمل أكثر من دولة واحدة في منطقة جغرافية معينة تربطها روابط وصلات معينة. وفي معناه العام ينصرف امن مجلس التعاون لدول الخليج العربية الى تلك الحالة من الاستقرار الذي يجب ان يشمل منطقة الجليج العربي كلها بعيدا عن أي تهديد سواء من الداخل أو الخارج.

ولذلك فان الاجراءات التي يجب أن تتخذ لحماية أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يجب ان تمثل تصرفا جماعيا من جانب جميع دول مجلس التعاون متضامنة لرد أي تهديد لأمنها الجماعي بأي صورة من الصور. ومن هذا المنطلق لابد وان يتم تنمية الوعي بمفهوم الأمن الجماعي العربي لدول منطقة الخليج العربي، وان تتم صياغة واضحة لمرتكزات امن مجلس التعاون كمجموعة واحدة متميزة بين الدول العربية ، مع عدم اغفال الترابط والتساند بين الامن القومي العربي ككل والامن الجماعي لدول الخليج العربية.

 أهداف أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية

اذا كان الامن الوطني لدولة من الدول يهدف الى تأمينها من الداخل، ودفع التهديد الخارجي عنها، بما يكفل لشعبها حياة مستقرة توفر له استغلال أقصى طاقاته للنهوض والتقدم والازدهار، فان الامن الجماعي لدول مجلس التعاون يهدف الى حمايتها من كل مامن شأنه المس بكيانها وامنها الداخلي والخارجي.[iv]

فاذا ماتشابكت مصالح عدة دول، أو تماثلت الاخطار التي تحيط بها وتشابهت آمالها، فعادة ماييكون شغلها الشاغل عندئد تنسيق ركائز تأمينها من الداخل، ودفع التهديد المحتمل ضدها من الخارج، في صيغة أمن جماعي تسهم فيه تلك الدول أو الشعوب بصورة فردية وجماعية لتحظى جميعا بالاستقرار والتقدم والازدهار.

 لقد تطلبت المصالح المشتركة، ووحدة العقيدة واللغة والمصير ان تتعاون دول مجلس التعاون لدفع الاطماع الخارجية ومواجهة التكتلات الدولية، وبالتالي اصبح أمن دول مجلس التعاون امنا جماعيا ويمكن ان يكون في احد تطبيقاته نوعا من الامن الاقليمي.

ان امن الخليج العربي ينبغي ان يفهم بالمعنى المجتمعي الشامل لمفهوم الامن وهو بذلك يشمل اهدافا عسكرية واجتماعية واقتصادية وسياسية حيث يتكامل الاداء نحو تحقيق الحد الادنى من الحماية اللازم للحفاظ على دول مجلس التعاون. والشكل رقم (2) يبين مقومات واهداف الامن الجماعي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

تأصيل وتحديد مقومات الأمن الجماعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية 

امن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو شكل من اشكال الامن الاقليمي والامن الجماعي في ان واحد. واذا كان الامن الجماعي مفهوم قديم فان الامن الاقليمي مفهوم اكثر حداثة يرتبط بفترة مابعد الحرب العالمية الثانية ويراد به “سياسة مجموعة من الدول التي تنتمي الى اقليم واحد والتي تسعى لوضع  اسس تعاون عسكري معين أو تمنع أي قوة أجنبية أو خارجة عن الاقليم من التدخل في مشاكل ذلك الاقليم. وهو بهذا المعنى نوع من التحالف بين دول اقليم معين لتنظيم الدفاع عن ذلك الاقليم وهو بذلك التصور يقوم على فكرة التعبئة الاقليمية من جانب والتصدي للقوة الدخيلة من جانب اخر وحماية الوضع القائم من جانب ثالث.”[v]

ويمكن تعريف أمن دول مجلس التعاون بانه “حالة شعورية وواقعية  من الأمن والطمأنينة نابعة من الإحساس الجماعي والفردي الحقيقي بانعدام كل ما من شأنه تهديد الاستقرار الداخلي أو التعرض لأي شكل من أشكال التهديد الخارجي بما يضمن سلامة الجبهة الداخلية والسلامة الإقليمية والسيادة الكاملة لجميع دول مجلس التعاون. والقدرة على مواجهة مصادر التهديد”. ويمكن ان يتحقق ذلك -نظريا على الأقل- اذا امتلكت دول مجلس التعاون القدرات الدفاعية والهجومية بما يفوق القدرات الدفاعية والهجومية لأية جهة تخطط للأعتداء على اية دول من الدول الأعضاء في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وهذا يعني امتلاك القدرة الرادعة لمنع قوع أي عدوان محتمل.

من هذا التعريف يمكن القول بان أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يتمحور في المرتكزات الآتية:

أولا: ان الأمن هو حالة أو وضع situation  شعوري وواقعي بالإحساس بالطمأنينة. ولقد تم ذكر كلمة واقعي هنا لتجنب الخلط بين حالة الطمأنينة المبنية على أساس من الشعور الزائف بالأمن وبين حالة الشعور الحقيقي بالأمن القائمة على أسس ومرتكزات واقعية ملموسة على ارض الواقع. وبهذا فان الامن بالنسبة لدول مجلس التعاون يجب ان يكون مرتكزا على اسس موضوعية Objective وذاتية Subjective، فردية وجماعية في نفس الوقت.

ثانيا: ان أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يشمل إحساس دول مجلس التعاون فرادى أو كجماعة إقليمية منظمة بالأمن والطمأنينة وعدم التعرض لأخطار التهديد.

ثالثا:  ضمان الاستقرار الداخلي ومنع إثارة ما من شأنه تعكير صفو الأمن الداخلي لدول مجلس التعاون يشكل ركيزة أساسية من مرتكزات الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون، ذلك أن تعرض أية دولة من دول المجلس لعدم الاستقرار  الداخلي قد ينعكس سلبا على  أمن واستقرار بقية الدول الأعضاء.

رابعا: يجب أن يكون الإحساس بالأمن والطمأنينة لدول مجلس التعاون مبنيا على أساس من انعدام مصادر التهديد والعدوان الخارجي، بما يكفل السلامة الإقليمية والحفاظ على أراضى جميع دول مجلس التعاون  ومنع تعرضها للاحتلال والاغتصاب، ومع امتلاك القدرة الرادعة لمواجهة أي تهديد قائم أو محتمل.

خامسا: ويتوج كل ذلك ضرورة الحفاظ على السيادة الكاملة غير منقوصة لجميع دول مجلس التعاون فالأمن يعني الحفاظ علي السيادة ولا سيادة كاملة بدون أمن كامل. ولكن الواقع يشهد ان من متطلبات الأمن الجماعي اقدام الدول على التنازل الطوعي عن جزء من سيادتها من اجل التمتمع بالأمن الجماعي في اطار أو منظمة تجمع بين تلك الدول وتشكل مظلة واقية للحفاظ على أمن الدول الأعضاء المنضوية تحت لوائها.

مبادىء ومرتكزات الأمن الجماعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية

لقد اصبحت مهمة بناء نظام للامن الجماعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية قضية ملحة لاتحتمل أي تأخير. ذلك ان دول الخليج العربي باتت مستهدفة من جانب دول  كبرى عالمية واقليمية، ولذلك فان الجهود يجب ان تنصب نحو صياغة مبادىء ومرتكزات للامن الجماعي لدول مجلس التعاون، ولابد وان تشرع دول المجلس في بناء نظام فعال لأمنها الجماعي وترسيخ مبادىء هذا النظام في الممارسة القيادية والشعبية وان تتوحد جهودها المشتركة وتعاونها المخلص من اجل حماية امنها الذاتي والجماعي. وفي محاولة نظرية تصب في دائرة هذا الهدف فان الباحث يقدم تصورا لمرتكزات الامن الجماعي لدول مجلس التعاون. هذه المرتكزات لازالت في طوز الصياغة النظرية مما يعني انها قابلة للتطوير والتعديل.

يمكن القول ان مبادىء ومرتكزات الأمن الجماعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية  تتمثل في العناصر الاتية:

  1. ضرورة النظر للخليج العربي والبحر الاحمر وبحر عمان على انها بحيرات عربية

 من المعروف ان شبة الجزيرة العربية يحيط بها ثلاث مسطحات مائية يشكل بحر عمان قاعدتها ويمثل كلا من البحر الاحمر والخليج العربي اذرعا مائية تخترق اليابسة ويمكن ان تشكل منطلقات لتهديد دول مجلس التعاون. فالوجود الاسرائيلي في البحر الاحمر سيظل مصدرا محتملا لتهديد الجدار السعودي الغربي والشمالي، والمعروف ان المملكة العربية السعودية تمثل الدولة القائد      Pilot State  لدول مجلس التعاون. ان العداء بين اليهود والمسلمين والتنزيل القراني المصدق الهيا حول حتمية الصراع بين اليهود والمسلمين- رغم مايبدو من تسويات سلمية او هدنات مؤقتة – تنذر بتفجر الصراع المسلح وهذا  قد يجعل المملكة العربية السعودية طرفا مباشرا في الصراع.  وقد تقوم اسرائيل بالتقدم في شمال المملكة واحتلال منطقة تبوك وكذلك اغلاق بعض المؤانىء السعودية على البحر الاحمر مثل مينائي جدة وينبع. وهذا لاينفي ان الصراع العربي الصهيوني ينطوي على عدة مستويات ويحتوي على عدة مضامين فهو صراع حضاري شامل من جانب، وهو في نفس الوقت صراع وطني على المستوى الفلسطيني-الاسرائيلي من جانب أخر، وهو صراع قومي على المستوى العربي-الصهيوني من جانب ثالث، وهو  ديني اسلامي-يهودي من جانب رابع، كما انه صراع ضد الوجود الاستعماري الاستيطاني الصهيوني في قلب الوطن العربي من جانب خامس. ان الصراع الحضاري مع اسرائيل يشمل كافة المستويات وسيظل صراعا حول الوجود اكثر من كونه نزاعا حول الحدود. ان اسرائيل بوصفها كيانا استعماريا استيطانيا توسعيا عدوانيا لايمكن ان تكتفي -على المدى البعيد- باستيطان فلسطين، بل ان اطماعها تمتد الى مناطق اخرى في شرق الأردن وشبة جزيرة سيناء، والمملكة العربية السعودية، واجزاء من لبنان والعراق.

أما  مياة الخليج العربي -في حالة سيطرة قوى معادية عليها- فهي قابلة لأن تكون خنجرا في جسد دول مجلس التعاون اذا لم يتم اتخاذ الاجراءات والتدابير الملائمة لتفادي التقدم الايراني عبر الخليج واحتلال اراضي عربية في شرق المملكة العربية السعودية والبحرين وغيرها من دول الخليج تحت شعار حماية المصالح الشيعية في المنطقة. اما بالنسبة لبحر عمان فان الواجب ان يبقى بعيدا عن الاساطيل الدولية وان تعيد عمان الخبرة التاريخية حيث تتصدى للغزوات الخارجية وان يتم التعاون بين دول مجلس التعاون ودول شبة الجزيرة العربية (اليمن) من اجل ان تكون هذه الممرات المائية تحت السيطرة العربية، والعمل على ابعاد الاساطيل الدولية منها وكذلك الحذر من التسلل الاسرائيلي الى ارتريا ومحاولات اسرائيل اقامة قواعد لها في جزر البحر الاحمر بما يهدد امن دول مجلس التعاون والجزيرة العربية.

  1. ضرورة التساند والتكامل بين الرياض-مسقط- ابوظيبي-المنامة-الدوحة-الكويت-صنعاء-بغداد

ان اقامة علاقة من الترابط والتساند والتكامل بين دول مجلس التعاون الستة في كافة المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية يشكل المرتكز الثاني من مرتكزات الامن الجماعي لدول مجلس التعاون. هذه الدول يجب النظر اليها على انها تمثل جسدا واحدا اذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الاعضاء بالمساعدة والمؤازرة. فالمملكة العربية السعودية بثقلها الروحي حيث مكة اقدس اقداس المسلمين وكذلك مركزها كدولة قائد pilot state في مجلس التعاون، وكذلك كحامل لميزان التوازن في المجلس Balance Holder، وماتمتلكه من قدرات بشرية واقتصادية، وعمان بتقاليدها الحربية العريقة واصالتها العربية التاريخية والتي تصدت في مراحل تاريخية للعدوان البرتغالي وغيره، ودولة الامارات العربية المتحدة التي تمثل رأس الحكمة في سياسة المنطقة، وكذلك كل من البحرين وقطر والكويت وهي دول تمثل قلاعا وابراجا في الحائط الدفاعي لدول مجلس التعاون تكمل الخطوط الدفاعية لمجلس التعاون. والتساند بين دول مجلس التعاون يجب ان يعني تكتيل الجهود والقدرات الدفاعية والهجومية وغيرها والتي تمتلكها دول المجلس من أجل تكامل قدراتها في مواجة اية مخاطر قد تتعرض لها فرادى او مجتمعة وكذلك التصدي لكل مامن شأنه تعريض أمنها وسلامتها الاقليمية وكيانها الذاتي للخطر.

 قد يبدو هذا الحديث نوعا من المجاملة اكثر مما يدخل في اطار المنهجية العلمية ولذلك فان الباحث يرى ان التساند والتكامل الأمني بين دول المجلس يجعلها تطبق المبدأ القائل “الكل للواحد والواحد من أجل الكل”.  فالأمن والاستقرار في أي دول من دول مجلس التعاون يعتبر امتدادا طبيعيا للأمن والاستقرار في بقية دول المجلس. ومعني كل هذا ان امن دول مجلس التعاون هو كل لايتجزأ، فأمن سلطنة عمان يكمل أمن دولة الامارات العربية المتحدة، وأمن المملكة العربية السعودية ينعكس سلبا وايجابا على امن كل من قطر والبحرين والكويت واليمن والعراق.

  1. مبدأ عدم المساس بالحدود والسيادة الاقليمية لدول مجلس التعاون

ان مشكلة عدم المساس بالحدود وحرمتها ترتبط ارتباطا وثيقا بمبدأ احترام السيادة. ورغم ان مشاكل الحدود هي من مواريث المرحلة الاستعمارية، فانه يمكن حل نزاعات الحدود بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات الثناية وبروح حسن الجوار والتنازلات الاخوية المتبادلة. وبالطبع لا ينفي مبدأ حرمة الحدود مشروعية احداث تغييرات تتناول الارض، وذلك ضمن استعمال اساليب التفاهم الاخوي والحوار الودي بين دول المجلس.

ومايهمنا في هذا المبدأ هو التصدي لكل عدوان خارجي يهدف الى انتهاك سيادة دول مجلس التعاون وسيادتها الاقليمية على اراضيها. ولعل من الاخطار الحالية والمحتملة قد تأتي من ايران واسرائيل وبعض الدول الاسيوية. كما ان اطماع القوى الدولية والاقليمية في المنطقة قد تشكل تهديدا مباشرا لسيادة دول مجلس التعاون وسلامتها الاقليمية.

ان مشكلة الحدود تحتاج الى تفاهم داخلي اخوي بين دول مجلس التعاون من جانب، وكذلك تسوية المشاكل المعلقة مع الدول المجاورة وخاصة مع ايران والعراق واليمن بالطرق السلمية والتفاهم الودي. وفي حالة تعرض دولة من دول المجلس لأي عدوان او تهديد داخلي او خارجي فان على دول المجلس ان تقف صفا واحدا في الدفاع عنها. يضاف الى ذلك ان الباحث يتمنى ان تزال الحدود بين دول المجلس وان يتم اندماج هذة الدول في اتحاد فيدرالي اندماجي وتتشكل دولة واحدة من دول المجلس تصون حدودها وتتصدى لأي تهديد قائم وتردع أي عدوان محتمل. ولكن هذه الامنيات تحتاج الى رسم وتنفيذ سياسات عملية على ارض الممارسة الفعلية من جانب مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

  1. عدم التدخل في الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون

بدون المراعاة الحازمة لمبدأ عدم التدخل في الشئؤن الداخلية يصبح من غير الممكن تأمين حق أي شعب سواء أكان كبيرا أم صغيرا في اختيار طريق التطور الذي يرتضيه وحل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تواجهه بارادته المستقلة. وكذلك بدون المراعاة الحازمة لهذا المبدأ يصبح من المستحيل اقامة علاقات ثقة وتعاون بين البلدان ذات الانظمة الاجتماعية والاقتصادية المختلفة.

ان مبدا عدم التدخل في الشئون الداخلية لدول مجلس التعاون يعتبر دعامة اساسية من دعامات امنها الجماعي والفردي. وهذا يشمل عدم السماح لاية جهة بالتدخل في الشئؤن السياسية والاجتماعية والاقتصادية والانظمة التي ارتضتها دول المجلس لنفسها. وهذا يمتد ليشمل محاولات التصدير المذهبي والفكري وكذلك  احترام مناهج الحياة وطرق العيش التي تنتهجها دول مجلس التعاون.

ان هذا المرتكز من مرتكزات امن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يجب ان يقوم على اساس منع اية مخاطر قد تتعرض لها دول مجلس التعاون من الداخل ومن الخارج. فمن الداخل يجب التنبه الى الاثار السلبية التي قد تنعكس على أمن دول المجلس نتيجة التركيبة السكانية وطغيان العناصر غير العربية فيها مما قد يكون له اثار بعيدة المدى على أمن دول المجلس. وبالنسبة للاخطاتر التي قد تأتي من الخارج ينبغي الحذر واليقظة والتصدى لكل محاولات تجنيد الاقليات والطوائف لخدمة مصالح دول معادية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (اقليات اسيوية، فلبينية، تايلندية، هندية، كورية، ايرانية، باكستانية، سريلانكية،…الخ)

  1. نبذ استخدام القوة

ان نبذ استخدام القوة في العلاقات بين الدول هو المبدأ الرئيسي الذي يمكن ان يقام عليه الامن الجماعي لدول مجلس التعاون وكذلك في كل مناطق العالم. وتحريم استخدام القوة في العلاقات بين الدول لاينصب فقط على القوة المسلحة، بل يشمل ايضا تحريم كل اشكال الضغط الاقتصادي والسياسي وغيرها. وكما هو معروف فان استخدام القوة المسلحة ضد حرية الدول والشعوب يعتبر خرقا لمبادىء القانون الدولي المتعارف عليها.

ان  تحقيق الامن الجماعي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية  يتطلب نبذ كافة اشكال استعمال القوة او التهديد بها في مجال العلاقات الدولية بدول المجلس، كذلك يشمل عدم استعمال الاشكال المعاصرة من اساليب استعمال القوة مثل الضغط الاقتصادي واستعمال الجماعات المسلحة واثارة القلاقل والفتن الداخلية، واستعمال اساليب العنف المختلفة من خلال توظيف طرف ثالث، او مايمكن ان يسمى التدخل بالوكالةIntervention by proxy .

  1. اعتبار الامن الجماعي لدول مجلس التعاون جزءا لايتجزأ من الامن القومي العربي

ان الحديث عن الامن الجماعي لدول مجلس التعاون لايعني ان امن هذة المنطقة هو بمعزل عن الامن القومي العربي. بل ان بعض مرتكزات الامن الجماعي لدول المجلس تشكل في نفس الوقت مرتكزات للامن القومي العربي. صحيح ان الوطن العربي يمر بحالة من التهلهل الداخلي والتمزق، الا ان ذلك لايمنع الباحث من التأكيد على وظيفة المفكر العربي وهي ضرورة التصدي لمعالجة قضايا امته بما يخدم الصالح العام.

ان المصالح المتبادلة والمنفعة المشتركة في العلاقات بين الدول العربية ودول مجلس التعاون يمكن ان تلعب دورا هاما في دفع الجهود لاقامة نظام للامن الجماعي العربي بشكل عام ولأمن الخليج العربي بشكل خاص. فالدول والشعوب  العربيةتريد الامن حتى يمكنها الاستفادة من مزاياه لتلبية احتياجاتها الحيوية.

ومن الواضح ان دول مجلس التعاون والدول العربية  يمكن ان تستفيد من التعاون المشترك واستبعاد المنازعات، وان تستفيد ايضا من مزايا تقسيم العمل في اطار مفهوم واضح ومحدد المعالم للامن الجماعي لدول مجلس التعاون بشكل خاص وللامن القومي العربي بشكل عام.

ان مبادىء الامن الجماعي لدول الخليج العربية يجب ان تترسخ في الوعي الجماعي على المستوى القيادي والمستوى الجماهيري، وان يتم تدريس هذة المبادىء في كافة مراحل التعليم بحيث تصبح حاضرة في الوعي والضمير العام لكل فرد في المجتمع ولكل دولة من دول المنطقة وان تمثل الحد الادنى اللازم من الحماية لدول مجلس التعاون والذي لايجوز التنازل عنه حتى لو ادى ذلك الى استعمال القوة المسلحة. ان انتهاك أي مبدأ أو مرتكز من المرتكزات السابقة الذكر يعتبر انتهاكا مباشرا للامن الجماعي لدول مجلس التعاون مما يتطلب التدخل الفوري ومنع التهديد لاي عضو من اعضاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

لاشك ان التشديد على التلازم الوثيق بين أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأمن القومي العربي قد أصبح حقيقة مؤكدة تفرضها الوضاع القائمة في المنطقة العربية. فالدول العربية الخليجية لمست ضرورة تجسيد هذه الحقيقة بعدما اصبحت لأسرائيل حرية الحركة في خليج العقبة والبحر الأحمر وامتلاك اسرائيل القدرة على تهديد امن المملكة العربية السعودية  بشكل خاص ودول مجلس التعاون بشكل عام من خلال تهديد الحائط السعودي لأمن دول مجلس التعاون.[vi]

أبعاد الأمن لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية

الأمن مفهوم شامل لا يقتصر على جانب واحد بل يتضمن مجموعة وشبكة معقدة من الأبعاد والجوانب التي لا يمكن حصرها، وكنوع من الإيضاح سنلقي فيما يلي بعض الأضواء على بعض أبعاد مفهوم الأمن فيما يتعلق بمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

  1. البعد الاقتصادي

يعتبر البترول عصب الحياة المعاصرة ولا ينكر أحد الأهمية القصوى لمنطقة الخليج والجزيرة العربية في العلاقات الاقتصادية الدولية. ذلك أن الدول الغربية والصناعية عموما وعلى رأسها الولايات يهمها في المقام الأول أمن البترول واستمرار تدفق النفط لعجلة الحياة الصناعية. لقد أكد الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون هذه الحقيقة في كتابه “الفرصة السانحة” حيث قال إن ما يهم الولايات المتحدة في  منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط هو استمرار تدفق النفط للدول الصناعية والحفاظ على أمن إسرائيل.[vii]

إن البعد الاقتصادي لدول مجلس التعاون يتضمن الحفاظ على المنشئات البترولية من التخريب أو التعرض لعدوان خارجي، مع التطلع لإيجاد مصادر أخرى للدخل القومي لتحل محل البترول في المستقبل وتنويع فروع الإنتاج، وتخفيف درجة الاعتماد على العمالة الأجنبية (غير العربية) الوافدة ، وزيادة نسبة مشاركة الإنسان الخليجي في عجلة الإنتاج. مع استخدام النفط لدعم الامن الجماعي لدول مجلس التعاون مع عدم اغفال الامن القومي العربي بشكل عام.

النفط، المال، الاسواق، المواقع الاستراتيجية..تلك هي العناوين الرئيسية لاهداف الفوى الكبرى في محاولتها للسيطرة على منطقة الخليج العربي. فالنفط الذي يقارب انتاجه نصف حجم انتاج منظمة الاقطار المصدرة للنفط (اوبيك)    تتحكم في انتاج اغلبيتة الشركات الامريكية رغم اعلان السيطرة الوطنية على الانتاج. والدولار الامريكي هو العملة الرئيسية التي يحتسب بها اسعار النفط وارصدة دول مجلس التعاون رهينة تقلبات اسعار الدولار الامريكي. والبنوك الغربية تهيمن على سوق المال وعلى الاستثمارات الخارجية Off-Shore Investments، والشركات الامريكية والغربية  تعمل دائما على الحصول على حصة الاسد في كافة برامج خطط التنمية في المنطقة، و اما البضائع الغربية والمستوردة فان لها الصدارة في الاسواق العربية الخليجية. وتشكل مبيعات الاسلحة احد ابرز قنوات تدوير العائدات النفطية واحد مجالات الهيمنة العسكرية الامريكية والغربية، فالقواعد العسكرية والمطارات والمدن العسكرية تلبي اساسا متطلبات الامن الامريكي. ان كل ذلك قد يولد نوعا من التبعية الاقتصادية لدول مجلس التعاون للدول الغربية مما قد ينعكس بصورة سلبية على الأمن الوطني والجماعي لدول مجلس التعاون.

من المعترف به ان معظم دول مجلس التعاون مازالت دولا نامية وانه رغم اكتشاف البترول فان ايا من دول مجلس التعاون لم تصل الى مستوى الاكتفاء الذاتي في أي من حاجاتها الأساسية (وخاصة انتاج الغذاء). ولذا نجد ان معظم دول مجلس التعاون لازالت تعتمد اعتمادا تتفاوت درجته على امكانيات الدول الصناعية المتقدمة في تلبية احتياجاتها ومتطلبات الحياة فيها. وتظهر هنا نقطتان لهما تأثير محسوس على البعد الاقتصادي لأمن دول ملجس التعاون:

  1. النقطة الاولى هى ان الدول الكبرى تحاو استغلال الدول العربية الخليجية لصالحها عن طريق احتكار مواردها باقل فائدة ممكنة واستنزاف خيرات المنطقة من خلال اطالة امد الصراعات وعقد صفقات التسلح الضخمة التي ترهق ميزانيات دول مجلس التعاون.
  2. النقطة الثانية هي ان الدول الكبرى تسعى الى امتصاص ثروات دول مجلس التعاون عن طريق استخدام رؤوس أموالها في مشروعات تعود بالفائدة الحقيقية على الدول الكبرى علاوة على امداد دول مجلس التعاون بمنتجات استهلاكية وبضائع كمالية تضيع فيها أموالها وتسنزف من خلالها مواردها وخيراتها. ويتضح هذا الاستنزاف لموارد دول مجلس التعاون من خلال تحملها لدفع “فاتورة” حرب الخليج الثانية، واستمرا الادراة الامريكية في اطالة امد النزاع مع العراق بل وافتعال توتر مصطنع في المنطقة من اجل جلب قوات المزيد من القوات الامريكية الى المنطقة وفرض بيع صفقاتامريكية وغربية باهظة التكاليف على دول الخليج العربي من اجل استنزاف خيرات المنطقة. ولقد صرح باحث امريكي -كان جنديا امريكيا ايناء حرب الخليج الثانية- في مقابلة مع كاتب هذه السطور بقولة “اننا ننظر للنزاع الكويتي العراقي كنوع من ال Business  والاستثمار، وتعمل الادارة الامريكية من اجل استمرار التوتر في المنطقة من اجل بيع المزيد من الاسلحة لدول المنطقة حتي يتم تقليص نسبة البطالة في امريكا والغرب، فالحرب والتوتر في المنطقة تعني مزيدا من الوظائف Jobs ..”

ونتيجة لذلك فان الدول الكبرى تعمل على حرمان دول مجلس التعاون من فرص التنمية الانتاجية، ولاتترك الدول الكبرى الفرصة لهذه المناطق للنهوض السياسي أو الاكتفاء الذاتي الاقتصادي، بل تستنزف دخلها القومي أولا بأول بالحروب الاقليمية مثل حرب السنوات الثمانية بين العراق وايران ولحرب العراقية الكويتية والحرب بين دول التحالف والعراق والتي لازلنا نعيش اثارها السلبية على امن المنطقة.

كما ان البعد الاقتصادي لأمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية يتطلب مواجهة جماعية لمفهوم التبعية والاعتماد على الذات على المستويين القطري والقومي والاقليمي. والواقع ان مفهوم الاعتماد على الذات يمثل قيمة حضارية عربية واسلامية تمتد جذورها عميقا في حضارتنا وتراثنا، وهو كمفهوم حضاري قيمي يعكس موقفا فكريا وقرارا نابعا من المصلحة العليا لدول مجلس التعاون.

ان الحديث عن الاعتماد على الذات من اجل تحقيق التنمية الشاملة يجب الايغفل موقع دول مجلس التعاون في النظام العربي والنظام الدولي الراهن، وان يأخذ بنظر الاعتبار تقسيم العمل الدولي غير المتكافئ، الذي تكرس من خلاله الادوار الاستهلاكية والثانوية والهامشية للدول النامية، كمصدر للمواد الاولية، وسوقا للتصدير، وميدان للتنافس الاجنبي.

ان البعد الاقتصادي للامن يجعل الامن الجماعي لدول مجلس التعاون قضية دولية تخضع لقواعد الصراع والتنافس الدولي. ومن هنا يمكن القول أن المصالح المحلية  واالخليجية والعربيةوالإقليمية والدولية تتشابك في منطقة الخليج والجزيرة العربية.[viii]

  1. البعد الاجتماعي

تأتى أهمية البعد الاجتماعي للأمن في منطقة الخليج العربية من الاعتماد على العمالة الغير عربية الوافدة وقلة مشاركة السكان الأصليين في العمالة. فعلى سبيل المثال تمثل العمالة الآسيوية نسبة كبيرة ، حيث تصل مشاركة العمالة الوافدة إلى حوالي 82% في دولة الإمارات العربية المتحدة. وهذا يطرح تحديات ومخاطر أمنية واقتصادية وسياسية واجتماعية قد تنتج من الخلل في التركيبة الاجتماعية لدول الخليج والجزيرة العربية. ولاشك أن استخدام العمالة غير العربية (وخاصة الخادمات في البيوت) قد يؤدي إلى التأثير في نمط التربية للأطفال وينعكس سلبا على نمط نظام القيم values system . ففي المملكة العربية السعودية وحدها توجد حوالي ثلاثة ملايين خادمة تعمل في البيوت وتنقل إلى الأجيال الناشئة – بصورة أو أخرى – أنماط القيم التي تتناقض مع الأنماط العربية والإسلامية الأصيلة.

إن مما يزيد من أهمية طرح البعد الاجتماعي للأمن في دول مجلس التعاون هو التحول الحاصل في البنية الاجتماعية واتجاه المجتمعات إلى مرحلة ما بعد البداوة وتفكك القيم التي تميز المجتمعات البدوية nomadic societies، مع صعود شرائح اجتماعية متعلمة طموحة تبحث عن مكان لها في سياق العملية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. يضاف إلى ذلك  عملية التحديث modernization السريعة، والقفزات النوعية التي حققتها دول مجلس التعاون في مجال التحضر والعمران  مما قد يفرز علاقات وقيم جديدة قد تنعكس على المجتمع ككل وتؤثر على التماسك الاجتماعي، وقد تؤدي الى حدوث اثارا جانبية سلبية تنعكس على الأمن في منطقة الخليج والجزيرة العربية، إذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بوضع صمامات أمان لمنع تفاقم أية آثار  اجتماعية وسياسية وأمنية سلبية لعملية التحديث في مجلس التعاون لدول الخليج العربية.

  1. البعد السياسي

 البعد السياسي للأمن لا يقتصر على الحفاظ على الاستقرار السياسي فحسب بل يتعدى ذلك إلى وضع الضمانات التي تكفل الرضاء الشعبي public consensus وتوسيع المشاركة السياسية  political participation  وإزالة  أي أسباب قد ينجم عنها تذمر داخلي. والاستقرار السياسي political stability ليس مفهوما جامدا ولا يعني الجمود أو عدم  التغيير، بل معناه الديناميكية والتلاؤم مع الظروف والأوضاع والمتغيرات المستجدة من جانب والأنظمة والقوانين من جانب آخر. فإذا كانت الظروف والأوضاع السياسية والاجتماعية في تغير مستمر فان القوانين والأنظمة ينبغي أن تساير وتستوعب هذه الظروف والأوضاع المتغيرة. ذلك أن الجمود  في الأنظمة والقوانين وعدم مسايرتها لتطور الظروف والأوضاع قد يولد المصادمات والقلاقل والاضطرابات الداخلية وبالتالي يهدد أساس الاستقرار السياسي . [ix]

تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية مجموعة من العوامل التي تبرز البعد السياسي لمفهوم الأمن، ومن بين هذه العوامل ما يلي:

(1) تأثير الثورة الإيرانية على الأوضاع الداخلية من خلال استقطاب ولاء فئات من السكان لإيران ، وخاصة الشيعة في البحرين وغيرها من الدول مثل الشيعة في الكويت والشيعة في شرق المملكة العربية السعودية.

(2) التوسع الإيراني الأيديولوجي في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية واليمن والعراق وسوريا ولبنا وفلسطين.

(3) تشابك المصالح (أحيانا تضاربها) المحلية والإقليمية والدولية في منطقة الخليج والجزيرة العربية.

(4) الخلافات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بين دول مجلس التعاون لمجلس التعاون لدول الخليج العربية من جانب والدول الإقليمية الكبرى (إيران- العراق- اليمن) من جانب آخر.

(5) تجاهل اليمن واستبعادها – حتى ألان على الأقل- من منظومة الترتيبات الأمنية في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية، رغم أن اليمن يمكن أن تشكل مع بقة دول مجلس التعاون قوة ردع لا يستهان بها، خاصة إذا أخذنا بنظر الاعتبار الطاقات البشرية اليمينية والموقع الاستراتيجي لليمن (مضيق باب المندب)، وكذلك بدء تدفق النفط في اليمن بصورة تجارية، واحتمالات تحول اليمن إلى دولة رئيسية لانتاج البترول.

(6) احتمالات التغلغل الإسرائيلي في منطقة الخليج والجزيرة العربية وإقدام إسرائيل على خلق ذرائع للتدخل في منطقة الخليج والجزيرة العربية تحت شعار حماية المصالح الإسرائيلية في المنطقة.

(7) احتمالات تفجر مشكلة الاقليات غير العربية في المنطقة واستقطاب تدخل بعض الدول الآسيوية في المنطقة بحجة حماية مواطنيها في منطقة الخليج والجزيرة العربية.

(8) وجود سلسلة من القواعد العسكرية الاجنبية في دول مجلس التعاون وكذلك الوجود العشكري الاجنبي في دول مجلس التعاون الذي بدأ يتعزز بصورة اكثر وضوحا منذ سنوات السبعينات وخاصة في اواخر السبعينات وعقد الثمانينات والسنوات الستة الاولى من عقد الثمانينات. ان التواجد العسكري الاجنبي في دول مجلس التعاون قد يندرج تحت عنوان المحافظة على أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية ولكنة يؤثر تأثيرا مباشرا على البعد السياسي لأمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية. ان تواجد القواعد الامريكية في سلطنة عمان والبحرين والمملكة العربية السعودية والاتفاقيات الدفاعية بين دول مجلس التعاون والولايات المتحدة الامريكية وكل من فرنسا وبريطانيا والمانيا وغيرها من الدول الغربية يجعل الامن السياسي والاستقلال السيادي لتلك الدول عرضة للمخاطر والتهديد القائم والمحتمل. كما ان استمرار وجود بعض القوات الاجنبية التي شاركت في تحرير الكويت من الاحتلال العراقي في المرابطة في معظم دول مجلس التعاون قد يؤثر على القرار السياسي وعلى استقلال ارادة دول مجلس التعاون.

  1. البعد الجغرافي

البعد الجغرافي للأمن كما أوضحنا في غير هذا الموضع يمس مباشرة الكيان السياسي والسلامة الإقليمية لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولعل من لعوامل الراهنة والمحتملة التي تؤثر على البعد الجغرافي للأمن في منطقة الخليج العربي ما يلي:

(1) التوسع الإيراني في المنطقة تحت حجج ومبررات مختلفة (مثل توفير الحماية للشيعة في المنطقة).

(2) التوسع العراقي في المنطقة، وهذا الاحتمال وارد طالما لم يتم التوصل إلى تسوية مرضية لكل الأطراف في النزاع العراقي الكويتي الذي تفجر عدة مرات خلال هذا القرن (مثال ذلك في سنوات الستينات والسبعينات والتسعينات من هذا القرن).

(3) احتمال إقدام إسرائيل على احتلال (أو استئجار)  بعض الجزر في منطقة الخليج وبحر العرب والمحيط الهندي واستعمال هذه الجزر كقواعد ونقاط انطلاق للمس بأمن المنطقة، مع عدم نسيان أن إسرائيل قادرة على تهديد أمن المملكة العربية السعودية من خلال الوجود الإسرائيلي في منطقة البحر الأحمر.

(4) احتمال تفاقم مشكلة الخلافات علي ترسيم الحدود بين دول مجلس التعاون وإقدام بعضها على الاستعانة بقوات أجنبية لفرض تسوية لا ترضي كل الأطراف.

(5) احتمال التقدم التركي في العراق وكذلك قيام بعض الدول الاسيوية بالتدخل في منطقة الخليج العربي لحماية مصالحها مما قد يجعل أمن دول مجلس التعاون عرضة للتهديد القائم والمحتمل.

  1. البعد العسكري

لاشك أن التوترات والحروب في منطقة الخليج والجزيرة العربية قد أدت إلى إبراز أهمية البعد العسكري للأمن. فالاحتلال الإيراني للجزر العربية الثلاث ( أبو موسى، طنب الصغرى وطنب الكبرى) والحرب العراقية الإيرانية وكذلك الحرب العراقية الكويتية وغيرها من أعمال العنف – سواء تلك التي تتم داخل الدول (مثلما حدث في البحرين وقطر) أو الاشتباكات الحدودية والتوترات على الحدود بين بعض الدول في الخليج والجزيرة العربية – قد أكدت أهمية القوة العسكرية للدفاع عن المنطقة. إن الحروب والصراعات المسلحة في المنطقة تجعل الحديث عن البعد العسكري للأمن ذو أهمية خاصة في ظل المتغيرات والأحداث التي قد تعرض أمن دول المنطقة للمخاطر.[x]

ان مما يجدر لفت النظر اليه هو التساؤل: هل مشكلة الامن التي تواجهها دول مجلس التعاون -في الأساس- عسكرية؟ أم ان ثمة زوايا أخرى لهذه المشكلة باتت- وفق المعطيات الخليجية الحالية- تشكل في رأينا خطرا اكبر في مضامينه ومدلولاته من الخطر العسكري؟ نقصد بذلك الأمن يالمفهوم الشامل.

ان تفجر حربين في منطقة الخليج العربي (أي الحرب العراقية-الايرانية،والحرب العراقية الكويتية وماترتب عليها  من حرب التحالف الدولي ضد االعراق) خلال عقدين من الزمان يعطي البعد العسكري لأمن دول مجلس التعاون أهمية خاصة، ويتطلب من دول المجلس ان تكون على أهبة الاستعدا د والجاهزية من اجل مواجهة أي تهديد عسكري مسلح لأمنها، خاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار الخصائص التي تميز بها الحروب الحديثة مثل: السرعة او الحرب الخاطفة، ان هذه الحروب تتطلب السيطرة الدقيقة على القوات المقاتلة، وسرعة التصرف ازاء المواقف الطارئة، الحصول المبكر على المعلومات عن العدو القائم والمحتمل واستمرا تدفق هذه المعلومات، حتى يتصرف القادة بسرعة لسبق العدو في التخطيط وادارة العمليات، وكسب المعركة، والقدرة على الاستثمار السياسي للحروب من اجل تحقيق الاهداف السياسية.

ومن هنا فان من واجب مجلس التعاون لدول الخليج العربية وضع استرتيجية عسكرية تكون جاهزة للتنفيذ عند اقتضاء الضرورة. ويمكن ان تشمل هذه الاستراتيجية العناصر الاتية:

  1. تحديد الاهداف القطرية والعربية والاقليمية والقومية والدولية التي تسعى دول مجلس التعاون لتحقيقها.
  2. تحديد العدو المشترك الذي يهدد مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
  3. حماية الاراضي والحدود الاقليمية لدول مجلس التعاون والعمل على تحرير الاراضي العربية المغتصبة مثل الجزر العربية الثلاث (جزيرة أبو موسى، طنب الصغرى، وطنب الكبرى).
  4. تحديد نظام وأسلوب التعاون العسكري بين جيوش دول مجلس التعاون وقت السلم ووقت الحرب.
  5. تدعيم قوات درع الجزيرة بحيث تكون على مستوى التصدي لأي عدوان وحماية أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
  6. عدم اغفال ان تكون الاستراتيجية العسكرية الخليجية جزءا من الاستراتيجية العربية او التعاون العسكري في اطار المجموعة العربية.

 ومن الواضح أن مفهوم الأمن متعدد الجوانب ولا يمكن تحقيق الأمن بالمعنى الشمولي ما لم يتم وضع كافة أبعاد مفهوم الأمن في الحسبان فالأمن مفهوم معقد ويشمل في طيا ته جميع الأبعاد العسكرية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية والجغرافية ، وغيرها من الجوانب التي لا يمكن حصرها في هذا السياق.

  1. البعد الديموجرافي (السكاني)

 قد يتصور البعض ان البعد الديموجرافي للامن هو وجه اخر من وجوه البعد الجغرافي، وهذا صحيح في جانب ولكن يحتاج الى تسليط الضوء علية كبعد مستقل من جانب اخر. ذلك ان التركيبة السكانية في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية تتميز بعدم التجانس الداخلي. ان الهجرة التي فتحت ابوابها على مصراعيها للعناصر غير العربية عقب الثروة البترولية واغلقت او (حددت) امام بعض العناصر العربية تعكس نظرة ضيقة قصيرة المدى وقد تدفع القيادات المسئولة ثمنها في القريب العاجل. لقد اضحت هذة الهجرة تمثل النسبة العظمى من سكان المنطقة وبصفة خاصة  في بعض المناطق كالبحرين والكويت وقطر، وهو امر لابد وان يضعف من التماسك الداخلي اذ يخلق طابورا خامسا قادر ليس فقط على خلق القلاقل بل وفي الامد البعيد يكون قادرا على خلق قوة ضاغطة ليست في صالح الانتماء الى الخليج العربي.[xi]

لقد أصبحت دول مجلس التعاون مكتظة بشتى انواع البشر الذين تختلف عاداتهم وتقاليدهم وتتفاوت بيئاتهم ومناخاتهم وقيمهم، لذلك فان هناك خشية ان تتولد صراعات وتنشأ احتكاكات تقود الى زعزعة الاستقرار الداخلي، كما ان هناك مخاوف من يؤدي تواجد اعداد كبيرة من الاجانب من غير العرب في دول مجلس التعاون الى بروز مشاكل تكون مناهضة للوضع السياسي والامني، وربما يشكل الاجانب وخاصة الاقليات الايرانية والاسيوية جيوب للضغط السياسي وتشكيل طابور خامس لخدمة دول اجنبية. وقد يتطور الامر الى قيام بعض الاقليات الاجنبية في منطقة الخليج العربي بالمطالبة بحق تقرير المصير والتمثيل السياسي وغير ذلك من المشكلات المحتمله الت قد تنجم عن وجود اعداد كبيره من الاجانب من غير العرب في دول مجلس التعاون.

ان البعد الديموجرافي لمفهوم الامن يطرح قضية في غاية الاهمية والخطورة، فعدم اتباع سياسة للتحكم الديموجرافي من قبل دول مجلس التعاون ومنع تسلل عناصر اجنبية غير عربية للمنطقة يهدد بانفجار حقيقي في منطقة الخليج وخاصة على المدى البعيد، ذلك ان العمالة الاسيوية وبصفة خاصة الايرانية تتميز بالانجاب المرتفع في مواجهة مجتمع عربي محلي يعاني من نقص حقيقي في مستوى الانجاب، ومن ثم ففي فترة زمنية قصيرة لن يقتصر البعد الديموجرافي على العمالة فقط بل قد يقود الى مطالب حق تقرير المصير وايجاد اطار للحقوق للعناصر غير العربية مع تنظيم للعلاقة بين العناصر الغريبة غير العربية بتلك غير العربية.[xii]

ان ارتفاع نسبة العمالة الاجنبية في دول مجلس التعاون تطرح ابعادا سياسية وامنية وثقافية وحضارية، واذا كان المهاجرون الاسيويون يأتون الى دول مجلس التعاون للعمل وطلب الرزق، فان الدول الاسيوية والغربية تخطط بشكل منظم لهجرة الكوريين الجنوبيين والتايوانيين والفلبينيين الى منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية لأغراض هي ابعد ماتكون عن طلب الرزق والعمل، بل ان هناك اهداف سياسية وعسكرية يمكن رؤيتها بوضوح. فمثلا تسمح الحكومة الكورية الجنوبية لأفراد الجيش الراغبين في العمل بمنطقة الخليج العربي والجزيرة العربية بالحصول على اجازة صرف من الخدمة. وهم حسب تقارير الشرطة السعودية يتمتعون بقدرة قتالية وهذا ماتبين من خلال اشتباك وقع بينهم وبين البوليس السعودي في منطقة الخرج، والامر الملفت للنظر ويدعو الى الريبة والشك هو القيمة المنخفضة التي تطرحها الشركات الكورية وغيرها من شركات العرق الاصفر للمناقصات و العطاءات الحكومية وغير الحكومية في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية. لقد بدأت بعض الاثار السلبية للعمالة الاسيوية تظهر في منطقة الخليج مثل “التنظيم السيخي” الذي ضبط في ابو ظبي وكان يخطط لأعمال ارهابية، وكذلك التيار التبشيري الذي بدأ ينغرس في المنطقة وصارت له مؤسسات تعليمية وتجارية. كل هذا بدون شك لايخدم وحدة وتجانس وامن دول مجلس التعاون وستشكل المشكلة الديموجرافية احدى المناطق الرخوة في معادلة امن مجلس التعاون لدول الخليج العربية.[xiii]

تهديدات الأمن القائمة والمحتملة لدول مجلس التعاون

نظرا لتشابك وتعقد شبكة المصالح المحلية والإقليمية والدولية في منطقة الخليج العربي والجزيرة العربية فان أمن المنطقة مؤهل لأن يكون عرضة لمجموعة من عوامل التهديد المحلية والإقليمية والدولية، وسوف نورد هنا هذه العوامل مجملة ، وهذه العوامل هي:

  1. التهديدات الداخلية

تتمثل التهديدات الداخلية القائمة والمحتملة في العناصر آلاتية:

(ا) ألاقليات العرقية والدينية

(ب) الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار السياسي

(ج) التركيبة الديموجرافية وقلة عدد السكان

(د)  غياب الخدمة العسكرية الإلزامية

(ه) أعمال التخريب وإثارة القلاقل

(و) بروز خلافات بين الزعامات الحاكمة وإشعال نيران الحروب القبائلية

(ز) زعزعة نظام القيم values system وتغيير الولاءات

(ح) تفكك النظام القبلي التقليدي وتحول قيم  المجتمع التقليدية

(ط) صعود شرائح اجتماعية جديدة من التكنوقراط والمتعلمين الذين يرغبون في إفساح المجال أمامهم للمشاركة

(ي) وجود فجوات في البنية الاجتماعية (فقير وغني، وافد ومواطن، عربي وغير عربي، شيعي وسني…)

(ك) العمالة الاجنبية وخاصة الاسيوية وغير العربية

  1. التهديدات الإقليمية

تتمثل التهديدات الإقليمية القائمة والمحتملة في العناصر الآتية:

(ا) تمدد النفوذ الإيراني جغرافيا ومذهبيا (أيديولوجيا)

 (ب) التوسع الاقتصادي والجغرافي الإسرائيلي

(ج) عدم التوصل إلى تسويات مرضية مع العراق

(د) عدم تسوية منازعات الحدود بين دول الخليج والجزيرة العربية

(ه) عدم استيعاب اليمن ضمن منظومة الدفاع عن الخليج والجزيرة العربية

(و) بروز الدور التركي المعادي للمصالح العربية

(ز) زيادة عمليات الاستقطاب الاقليمي والدولي.

  1. التهديدات الدولية

(ا) أطماع الدول الكبرى

(ب) نهب الثروات من خلال إثارة الحروب

(ج) توظيف الاقليات غير العربية واستعمالها كوسيلة للتدخل في المنطقة

(د) إبقاء التوتر في المنطقة وتأجيج الصراعات والنزاعات

(ه) محاربة الحركات الاسلامية تحت شعار مكافحة الارهاب

(و) الوجود العسكري الاجنبي في منطقة الخليج العربي وشبة الجزيرة العربية وفي البحر الاخمر والمحيط الهندي.

 العوامل المؤثرة على الأمن الجماعي لدول مجلس التعاون

يمكن القول ان هنالك مجموعة من العوامل الخارجية والداخلية التي يمكن ان تؤثر على امن مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هذه العوامل يمكن اجمالها في النقاط الاتية:

أولا: العوامل الخارجية التي يمكن ان تؤثر على أمن مجلس التعاون لدول الخليج العربية:

(ا) تيارات سياسية عالمية:

  1. الأهمية الاستراتيجية لمنطقة الخليج العربي
  2. فرض الهيمنة السياسية الدولية وفرض مناطق النفوذ
  3. التكتلات السياسية وتقسيم الوطن العربي سياسيا

(ب) الصراع والتنافس الاقتصادي الدولي

  1. التنافس الاقتصادي الدولي للسيطرة على خيرات واسواق المنطقة
  2. الاستغلال الاقتصادي للدول النامية من قبل الدول المتقدمة
  3. التكتلات الاقتصادية العالمية واهدافها الاحتكارية
  4. النظام الاقتصادي العلمي واثره على اقتصاديات دول مجلس التعاون

(ج) اتجاهات ايديولوجية واجتماعية

  1. التأثير الدولى على الشعوب النامية
  2. استغلال العناصر الموالية
  3. بث المبادىء والقيم الاجتماعية الغريبة والقيم الغريبة عن التقاليد العربية والاسلامية
  4. استغلال الصراعات الطائفية والطبقية والقبائلية

(د) تهديدات عسكرية

  1. فرض جو التوتر العسكري المستمر على المنطقة
  2. اثارة الحروب المحلية
  3. اثارة الفتن الداخلية والقلاقل
  4. اعمال التخريب والارهاب الداخلية
  5. اقامة شبكات التجسس والتهريب والجريمة المنظمة

ثانيا: العوامل الداخلية التي قد تؤثر على امن مجلس التعاون

(ا) عوامل سياسية

  1. مشكلات ترسيم الحدود
  2. تغير في احدى النظم السياسية
  3. تفجير الصراعات بين دول المنطقة

(ب) عوامل اقتصادية

  1. عدم التقدم في خطوات الوحدة الاقتصادية

2.عدم استغلال الطاقات المتاحة

  1. ضعف التنسيق الاقتصادي

(ج) عوامل اجتماعية

  1. اهتزاز القيم الاجتماعية
  2. مشاكل التخلف الثقافي والتأخر التكنولوجي
  3. ضعف الروح القومية
  4. تباين بين الطبقات في داخل الدول
  5. محاربة النهضة الاسلامية الحضارية

(د) عوامل أمنية

  1. ضعف التنسيق العسكري بين جيوش دول المجلس
  2. الاعتماد على المرتزقة والجيوش المستوردة
  3. عدم اعطاء العناية الكافية للقوة الذاتية
  4. عدم توفر قوانين للخدمة الالزامية
  5. تبديد الثروة من خلال شراء اسلحة غالبا لايتم استعمالها للدفاع عن امن المنطقة.

المراجع

[i] Evans, Graham, and Newnham, Jeffrey, The Dictionary of World Politics: A Reference Guide to Concepts, Ideas and Insitutions, Harvester Wheatsheaf, London, 1990, pp.360-361.

[ii] Hobbes, Thomas, Leviathan, Part 1, ch.13.

Rousseau, J.J., The Social Contract and Discourses, Translated by Cole, G.D.H., Everyman’s Library Edition, 1950, pp.18-19.

[iii]  عبد الحليم، فؤاد، الأمن الآسيوي والشرق الأوسط، دار الثقافة الجديدة، لاقاهرة، 1974، ص ص 7-9.

[iv] سعيد، عدلي حسن، الأمن القومي العربي واستراتيجية تحقيقه، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1977، ص 11.

[v] القاسمي، خالد بن محمد، مرجع سبق ذكره، ص 76.

[vi]  صالح، غانم محمد (دكتور)، “أمن الخليج العربي بين استراتيجيات القوى العظمى وتصورات القوى الاقليمية”، في التوثيق الاعلامي، مجلة فصلية تصدر عن مركز التوثيق الاعلامي لدول الخليج العربي، المجلد الثاني، العدد الثالث، السنة الثانية، بغداد، 1983، ص ص 5-16.

[vii]  نيكسون، ريتشارد، الفرصة السانحة“، الفصل الخاص بالعالم الاسلامي، الترجمة العربية، ص ص 140-.158

[viii] عبدالله الاشعل، “التسوية القضائية للمنازعات العربية” ، بحث مقدم الى المؤتمر السنوي الخامس للبحوث السياسية الذي نظمه مركز البحوث والدراسات السياسية من 14-16 ديسمبر 1992، في حتى لاتنشب حرب عربية اخرى، مركز البحوث والدراسات السياسية ، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة ، 1992، ص ص 13-14. .

[ix]  حول تصور اخر للبعد السياسي لأمن دول مجلس التعاون، انظر:

النفيسي عبدالله فهد،(دكتور)،  مجلس التعاون الخليجي: الاطار السياسي والاستراتيجي، طه للنشر، لندن، 1994، ص ص 24-31.

[x] الاشعل ،عبدالله، الاطار القانوني والسياسي لمجلس التعاون الخليجي ، الرياض، 1983،ص ص 161-164.

[xi] ربيع، حامد عبدالله (دكتور)، “الحرب العراقية الايرانية وتطور مفهوم الأمن القومي العربي” في  الخليج العربي والعالم الخارجي: الندوة العلمية الخامسة لمركز دراسات الخليج العربي بجامعة البصرةبالاشتراك مع مركز الدراسات العربية بلندن، 29/4-1/5/ 1984،  مركز دراسات الخليج العربي (جامعة البصرة)، مركز الدراسات العربية (لندن)، البصرة، 1987، ص 159.

[xii]  المرجع السابق، ص 162.

[xiii]  النفيسي، مرجع سابق الذكر، ص ص 63-65.

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button