الهجمات والحروب السيبرانية: خطوات استباقية للحروب التقليدية

تعد الهجمات الإلكترونية سلاحا مهما في الحروب الإلكترونية بين الدول العظمى. وغالبا ما تتعرض الدول لهجمات إلكترونية موسعة بالبرمجيات الخبيثة، تستهدف الأفراد أو المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والبنى التحتية. لذلك أصبح الأمن السيبراني أو أمن المعلومات من أهم ما يشغل دول العالم من أجل حماية الأنظمة والشبكات والبرامج ضد الهجمات الرقمية. كذلك لتوفير التكنولوجيا المتطورة لمنح المؤسسات والأفراد أدوات الأمن الإلكتروني اللازمة للتصدي الهجمات السيبرانية.

الهجوم السيبراني

يعرف بأنه محاولات ضارة ومتعمدة من جانب فرد أو مؤسسة ما لاختراق نظام المعلومات لدى فرد أو مؤسسة أخرى. عادةً ما يبحث المهاجم عن شيء من المنفعة وراء تعطيل شبكة الضحية. وتعد منظمة “DarkSide” من أبرز مجموعات قراصنة عبر الإنترنت ومقرها في روسيا. تدير المجموعة ما يُعرف بنموذج أعمال “برامج الفدية كخدمة” مما يعني أن المتسللين يطورون ويسوقون أدوات برامج الفدية ويبيعونها إلى مجرمين آخرين ينفذون بعد ذلك هجمات. وتمتلك ” DarkSide” محفظة بيتكوين لجمع مدفوعات الفدية من ضحاياها تحتوي على ما قيمته (5.3 ) مليون دولار من العملة الرقمية.
وتُعد أيضا جماعة ريفيل – المعروفة أيضا باسم سودينوكيبي – من أكبر جماعات الجريمة الإلكترونية وأكثرها تحقيقا للأرباح على مستوى العالم. واتهمها مكتب التحقيقات الفيدرالي بأنها نفذت هجوما إلكترونيا في الولايات المتحدة في مايو2021 والذي تسبب في حالة من الشلل في عمليات شركة جي بي إس، أكبر موردي اللحوم في العالم. وفيما يلي أبرز الأنواع الشائعة من الهجمات السيبرانية.

البرامج الضارة: البرامج الضارة هو مصطلح لوصف البرمجيات الخبيثة، بما في ذلك برامج التجسس ” spyware ” وبرامج الفدية الضارة والفيروسات وكذلك الفيروسات المتنقلة.

تصيّد المعلومات: تصيد المعلومات هو عملية إرسال أشكال احتيالية من الاتصالات التي قد تبدو أنها تأتي من مصدر موثوق، ويتم عادةً عبر البريد الإلكتروني. والهدف هو سرقة البيانات الحساسة مثل بيانات بطاقة الائتمان ومعلومات تسجيل الدخول أو تثبيت برامج ضارة على جهاز الضحية.

هجوم الوسيط (Man-in-the-Middle): تحدث هجمات الوسيط (MitM)، والمعروفة أيضًا بهجمات التنصت، عندما يُدخل المهاجمون أنفسهم ضمن معاملة ثنائية الأطراف. بمجرد أن يتمكن المهاجمون من اعتراض حركة مرور البيانات، يمكنهم حينها تصفية البيانات وسرقتها.

هجوم رفض الخدمة: يعمل هجوم رفض الخدمة على إغراق الأنظمة أو الخوادم أو الشبكات بسيل من حركة مرور البيانات لاستنفاد الموارد. ونتيجة لذلك، يتعذر على النظام تنفيذ الطلبات المشروعة. كما يمكن للمهاجمين استخدام العديد من الأجهزة المخترقة لشن هذا الهجوم.

حقن SQL: يُدرج المهاجم تعليمات برمجية ضارة إلى خادم يستخدم لغة SQL ويجبر الخادم على الكشف عن المعلومات التي لا يُظهرها في العادة. يمكن للمهاجم تنفيذ حقن SQL ببساطة عن طريق إرسال تعليمات برمجية ضارة إلى أحد مربعات البحث على الويب التي تحتوي على ثغرات أمنية.

الهجوم دون انتظار: يستهدف المهاجمون الثغرات الأمنية التي تم الكشف عنها خلال هذه الفترة الزمنية الصغيرة. يتطلب اكتشاف الثغرات الأمنية التي تسهل الهجوم دون انتظار وجود وعي دائم.

الاتصال النفقي عبر DNS : يتم التلاعب بطلبات DNS لنقل البيانات من النظام الذي تم اختراقه إلى البنية الأساسية للمهاجم. كما يمكن استخدامها في تمرير الأوامر إلى الاستدعاءات التي يتم إرسالها من جانب البنية الأساسية للمهاجم إلى النظام الذي تم اختراقه والتحكم بها.

أبرز مخاطر الهجمات الإلكترونية

رفع أسعار النفط : توقع تقرير لشركة “Cybersecurity Ventures” في شهر فبراير2021، أنه بحلول العام 2025 ستصل قيمة الخسائر الناجمة عن “الجرائم الإلكترونية” حول العالم، إلى(10.5 ) تريليون دولار. كما تسببت الهجمات الإلكترونية في إغلاق خط أنابيب شركة “كولونيول بايبلاين” في رفع أسعار النفط الخام في 10 مايو 2021 وتسبب أيضا في زيادة العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي مسجلة (65.41) دولار للبرميل.

تعطيل البني التحتية: أكد “آرني شوينبوم” رئيس وكالة الأمن السيبراني بألمانيا في 22 مايو 2021 ، إن المستشفيات بالبلاد قد تكون في خطر متزايد من هجوم سيبراني، بعد هجومين تعرضت لهما الخدمات الصحية الأيرلندية وخط أنابيب وقود أمريكي. وتم استهداف العيادات الألمانية بسلسلة من الهجمات الإلكترونية على مدى السنوات الخمس الماضية. ويقول “شوينبوم” إن العديد من الشركات الألمانية معرضة بشكل متزايد لخطر الاستهداف من قبل المتسللين بسبب العمل عن بعد خلال جائحة COVID-19. وأضاف أنه “كان على العديد من الشركات تمكين المكاتب المنزلية في غضون وقت قصير”، مضيفا أنه نتيجة لذلك، كانت العديد من أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة بها عرضة للهجمات.

التلاعب بالبيانات: أشار مكتب الشرطة الجنائية الفيدرالي الألماني (BKA) في 10 مايو 2021 إلى زيادة كبيرة في عدد الهجمات على أنظمة تكنولوجيا المعلومات (IT) في تقريره السنوي. إنه تم الإبلاغ عن حوالي (108474) جريمة إلكترونية في عام 2020 ، بزيادة قدرها (7.9٪ )عن عام 2019 – وأكثر من ضعف ذلك في عام 2015. وكانت الزيادة الأكبر مرتبطة بالتلاعب بالبيانات وتخريب الكمبيوتر، والتي ارتفعت بنسبة (18٪) مقارنة بعام 2019. أكد تقرير “BKA ” أن هجمات برامج الفدية كانت من بين “التهديدات الرئيسية للشركات والمؤسسات العامة” في عام 2020.

سرقة تكنولوجيا المعلومات: حذر تقرير مكتب هيئة حماية الدستور الألماني في 15 يونيو 2021 من ارتفاع مستوى التهديد من الهجمات الإيرانية. خاصة بعد تطوير القدرات الإيرانية التكنولوجية على تنفيذ العمليات السيبرانية. وتستهدف الهجمات الشركات الألمانية من خلال خداع موظفيها لتثبيت برامج ضارة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم. والمؤسسات البحثية في ألمانيا مثل الكليات والجامعات.بالإضافة إلى الشركات الألمانية ، يُعتقد أن المتسللين الإيرانيين استهدفوا المنشقين والصحفيين والنشطاء الحقوقيين الذين يعيشون في أوروبا.

أبرز الهجمات السيبرانية

ديسمبر 2020 : أعلنت شركة مايكروسوفت إن مجموعة التسلل الالكتروني التي اخترقت نظم شركة “سولارويندز” تمكنت من اختراق الشركة والوصول إلى بعض شيفرات المصادر. وكشفت الوكالة الأوروبية للأدوية عن تعرضها لهجوم إلكتروني سُرقت فيه وثائق تتعلق بلقاحات وأدوية كوفيد-19 وجرى تسريبها على الإنترنت.
يناير 2021 : أغلقت شركة “كولونيال بايبلاين”، وهي أكبر شركة لإدارة أنابيب نقل الوقود في الولايات المتحدة، شبكتها بالكامل بعد هجوم إلكتروني، نجم من برنامج فيروسي لدفع فدى.
فبراير2021: عثرت الوكالة الوطنية الفرنسية لأمن الأنظمة المعلوماتية على آثار هجمات سيبرانية، استهدفت موردي خدمات المعلومات.وتم تسجيل الهجمات بين 2017 و2020. واعتبر الخبراء الفرنسيين أن أساليب الهجمات تدل على وقوف جماعة “Sandworm” للهاكرز وراء الهجمات. وفقا للإحصائيات الرسمية الفرنسية في فبراير 2021 تضاعفت الهجمات الإلكترونية (4) مرات عام 2020، واستهدف (11 %) منها المستشفيات.
مارس 2021 : أعلنت الهيئة المصرفية الأوروبية أنها كانت من بين ضحايا القرصنة العالمية التي استهدفت نظام المراسلات الخاصة بشركة مايكروسوفت.
أبريل 2021 : استهدفت هجمات إلكترونية في مواقع “فضاءات العمل الرقمية” والمركز الوطني للتعليم عن بعد” التي تستخدمها وزارة التربية الفرنسية للتعليم عن بعد.
مايو 2021 : أغلق مشغل الخدمات الصحية في إيرلندا أنظمة تكنولوجيا المعلومات الخاصة به لحمايتها من هجوم إلكتروني “كبير”، مما أدى إلى تعطيل خدمات التشخيص واختبارات ” COVID-19″ وإلغاء العديد من المواعيد.
يوليو 2021 : استهدف هجوم إلكتروني شركة “كاسيا” الأمريكية في 2 يوليو 2021 ليطال بذلك أكثر من (1000) أخرى من عملائها. وطالب منفذو الهجوم بفدية، ما تسبب بإغلاق شركات ومتاجر عملاقة داخل البلاد وخارجها. أكدت إيران في 9 يوليو 2021 أن متسللين عبر الإنترنت اخترقوا شبكة السكك الحديدية فيها مما أدى إلى إرباك وتعطيل الخدمات.
أثارت التقاريرفي يوليو 2021 التي كشفت استخدام عدة دول لبرنامج بيغاسوس للتجسس على الهواتف الذي طورته شركة إسرائيلية ردود فعل غاضبة، خصوصا وأن هذا البرنامج يستهدف نشطاء وسياسيين وصحافيين ومؤسسات إعلامية، كما يستهدف سياسيين ومسؤولين حكوميين. ورغم أن شركات التكنولوجيا أنفقت أموالا طائلة لحماية أجهزتها، إلا أن هذا البرنامج تمكن من اختراق الهواتف المحمولة لآلاف الضحايا دون اكتشافه.
تقول “سوزان سبولدينغ” من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن في 25 مايو 2021 “لقد شهدنا عددا كافيا من الهجمات الالكترونية لكي يدرك الجميع خطورة وأهمية هذه المسألة”.وتضيف “لم تعطَ هذه المسألة أولوية كافية”، مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه من الصعب إقناع أصحاب القرار بضرورة الاستثمار لاتقاء تهديد محتمل. وتشير إلى مقولة باتت مستخدمة كثيرا في صفوف المحللين ومفادها “أن ثمة نوعين من الشركات في العالم: تلك التي تعرضت للقرصنة وتلك التي لم تدرك الأمر بعد”.

جهود دولية للتصدي للهجمات السيبيرانية

مجلس الأمن والتهديدات السيبيرانية

عقد مجلس الأمن الدولي في 29 يونيو 2021 أول اجتماع رسمي عام بشأن الأمن الإلكتروني، طالبت خلاله واشنطن باحترام إطار أقر في الأمم المتحدة في حين دافعت موسكو عن إبرام معاهدة. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد” إن الخطر واضح و”التعاون لا بد منه” لمحاربة الأنشطة الضارة. وأضافت “لدينا إطار عمل، حان الوقت لتطبيقه”، بدون الإشارة إلى روسيا التي غالبًا ما يتهمها الغرب بأنها تقف وراء أعمال قرصنة استهدفت مؤسسات لديه. وأوضح سفير أوروبي أنه ضمن اللجنة الأولى المعنية بنزع السلاح في الأمم المتحدة “اتفقنا بالفعل في عام 2015 على الامتناع عن أي نشاط إلكتروني ضار ضد البني التحتية الحيوية لكل دولة عضو في الأمم المتحدة”.
أكد الاتحاد الدولي للاتصالات التابع للأمم المتحدة في 30 يونيو 2021 ن نحو نصف بلدان العالم قد شكلت فرقا وطنية للتصدي للحوادث الحاسوبية، ليرتفع عددها بنسبة (11 %) منذ عام 2018. وبنهاية عام 2020، اعتمد ما يقرب من (64 %) من بلدان العالم إستراتيجية وطنية للأمن السيبراني، كما نفَّذت أكثر من (70%) من البلدان حملات للتوعية بالأمن السيبراني، مقارنةً بـ (85%) و(66%)، على التوالي، في عام 2018. وفقاً لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات، أصبح نحو مليار شخص في العالم يستخدمون الإنترنت للمرة الأولى في الفترة ما بين عامي 2015 ومع توقع وصول الخسائر العالمية الناجمة عن الجريمة السيبرانية إلى 6 تريليونات دولار يعتمد المواطنون على حكوماتهم في تعزيز قواعد الأمن السيبراني وحماية البيانات الشخصية والمالية التي تتزايد عرضتها للتهديدات.

إستراتيجية أوروبية للتصدي للهجمات الإلكترونية

طالب “مانفرد فيبر” رئيس الكتلة البرلمانية للمسيحيين الديمقراطيين في البرلمان الأوروبي في 28 ديسمبر 2019 بتشكيل لواء أوروبي لدرء الهجمات السيبرانية، حتى تستطيع أوروبا الدفاع عن نفسها على نحو مشترك في الشبكة السيبرانية ضد الهجمات المتزايدة من العالم. قاما المعهدان التقنيان الفدراليان بسويسرا بتدشيّن برنامج مشترك في مجال الأمن السيبراني وفقاً لـ”swi” في 21 مارس 2019 .حيث يتلقى الطلاب تدريبا في مجال الحوسبة وتكنولوجيا المعلومات.
حدّدت المفوضية الأوروبية في ديسمبر 2020 إستراتيجية لتعزيز الأمن السيبراني والتهديدات المرتبطة بالجرائم الإلكترونية. تعتمد الإستراتيجية الجديدة على وضع تدابير وقائية لتعزيز عمل الوكالة الأوروبية للأمن السيبراني من خلال تخصيص ميزانيات لتشغيل آليات أوروبية منسّقة وواضحة المعالم لمكافحة التهديدات الإلكترونية المستقبلية. لتكون عنصراً أساسياً في تحديد “تشكيل المستقبل الرقمي لأوروبا”، وخطة التعافي الأوروبية بغية مواجهة التهديدات التي يتم تنفيذها عبر القرصنة وغيرها من الوسائل التي تخترق أنظمة الحواسيب بشكل عام حيث ” يحتاج الأوروبيون إلى أن يطمئنوا إلى أنهم محميون من التهديدات الإلكترونية.
ترمي الخطة إلى ضمان استفادة المواطنين الأوروبيين والشركات بشكل كامل من الأدوات والخدمات الرقمية الآمنة والموثوقة عند استخدام الأجهزة المتصلة بشبكة الإنترنت ويدخل في هذا الإطار، شبكة الكهرباء، أو الخدمات المصرفية أو النقل الجوي أو الإدارات العامة أو المستشفيات”. كما تتمثل الخطة الجديدة في تمويل ودعم زيادة الأمان عبر الإنترنت للشركات الصغيرة والشبكات الخاصة والعامة في أوروبا. كما ترمي إلى تحسين الاستجابة للأزمات عندما تحدث الاختراقات الإلكترونية.

عملية “Operation Ladybird” : فككت العديد من الدول الأوروبية في 29 يناير 2021 البنية التحتية لـ” Emotet” البرمجية الضارة. وقفت ” Emotet” وراء العديد من حملات البريد العشوائي المعتمدة على الروبوتات وهجمات برامج الفدية على مدار العقد الماضي.

جهود فرنسية للتصدي للتهديدات

برنامج كوم سبير “ComCyber” : أنشئ في عام 2017 من المتوقع أن يصل عدد العاملين فيه إلى (4500) متخصص في الانترنت مع حلول عام 2025. البرنامج عبارة عمليات تدريب قام بها الجيش الفرنسي في مارس 2021 تتعلق بتعلم كيفية مواجهة الهجمات الإلكترونية المكثفة. تتم التدريبات على نطاق واسع في العديد من المواقع العسكرية والمدنية واختبار مدى فعالية عمليات التنسيق بين جهات عديدة لمواجهة تلك المخاطر.
تعزيز ميزانية الأمن الالكتروني: أعلنت السلطات الفرنسية في فبراير 2021 تخصيص مليار يورو بحلول 2025 ومضاعفة عدد العاملين فيه للتصدي للهجمات الإلكترونية المتزايدة التي تستهدف المستشفيات والشركات والمؤسسات الحكومية.
مشروع “المجمع الإلكتروني”: تسعى السلطات الفرنسية إلى إنشاء “بيئة لتعزيز الأمن الإلكترونيّ.” أشاد “إيمانويل ماكرون” بمشروع الإنشاء المرتقب في باريس الذي يهدف لخلق “بيئة لتعزيز الأمن، أكثر تلاحما وكفاءة”. الهدف منه هو مضاعفة العاملين في القطاع ليصل عددهم إلى (40) ألفا، واستحداث ما لا يقل عن(3) شركات ناشئة. ومن المزمع تعزيز عدد العاملين في الوكالة الوطنية لأمن أنظمة المعلومات، ليصل إلى (600 ) موظف عام 2021 مقابل (400) عام 2017.

بريطانيا وتعزيز الأمن السيبيراني

فوج سيبيراني : أعلنت وزارة الدفاع في المملكة المتحدة في 8 يونيو 2020 أن الجيش البريطاني أطلق فوجه السيبراني المتفرغ الأول المخصص لمواجهة الدول المعادية والمجموعات الإرهابية المحلية والخارجية. ويطلق تعبير “سيبراني” على الوسائل الإلكترونية التي تعمل في الفضاء الافتراضي للإنترنت وغيرها من الشبكات الرقمية.
مكافحة الإرهاب: كشف “جيريمي فليمينغ” مدير مكتب الاتصالات الحكومية ” GCHQ” في فبراير 2021 عن قيام مهمة سرية بهجمات إلكترونية. حيث قامت بالتشويش على طائرات مسيرة تابعة لـ “داعش” ومنعت مقاتليه من التواصل في المعركة.
تعزيز قدرات مجال الأمن السيبراني: أعلن “بوريس جونسون” رئيس الوزراء البريطاني في 14 مارس 2021 عن وضع حكومته نهجا جديدا شاملا لتعزيز قدرات المملكة المتحدة في مجال الأمن السيبراني. وتتخذ القوة السيبرانية الوطنية البريطانية التي تم تشكيلها في عام 2020 من شمال إنجلترا مقرا لها، مع إقامة ما وصفه “ممرا سيبرانيا” سيؤدي إلى تحويل هذا الإقليم إلى مركز عالمي في مجال الأمن السيبراني. وأنشئت القوة السيبرانية الوطنية التي تضم موظفين من الأجهزة الدفاعية والاستخباراتية بهدف تطوير قدرات البلاد على “تنفيذ عمليات هجومية ضد الإرهابيين والدول المعادية والعصابات الإجرامية”. القوة تستطيع تنفيذ عمليات مختلفة منها اختراق هاتف نقال لمنع إرهابي من التواصل مع زملائه، والمساعدة في منع استخدام الإنترنت كمجال لارتكاب جرائم خطيرة، بالإضافة إلى منع استهداف الطائرات الحربية البريطانية.

الصين وتطوير صناعة الأمن الإلكتروني

طرحت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية في 12 يوليو 2021 مسودة خطة عمل تستمر ثلاث سنوات لتطوير صناعة الأمن الإلكتروني في البلاد وقدرت الصين هذا القطاع بما يتجاوز 250 مليار يوان (38.6 مليار دولار) بحلول عام 2023. تكثيف السلطات الصينية جهودها لإعداد لوائح لتحسين تنظيم تخزين ونقل البيانات وخصوصية البيانات الشخصية.

الولايات المتحدة الأمريكية وتقويض النشاطات السيبرانية

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في 15 يوليو 2021 مكافأة مالية تصل إلى (10) ملايين دولار، لمن يدلي بمعلومات تساعد في تحديد هوية أي شخص يشارك في نشاطات سيبرانية ضد الولايات المتحدة. وكانت الخارجية الأميركية قد ذكرت أن التحقيقات لا تزال جارية بشأن الهجمات السيبرانية التي استهدفت عددا من المؤسسات الأميركية، من بينها جهات حكومية، في الآونة الأخيرة.
نبه خبير أميركي بالأمن السيبراني في 1 مارس 2021 ، إلى أن أي صراع مستقبلي بين الولايات المتحدة، وخصم مثل الصين أو روسيا، ستكون له تأثيرات مباشرة على الأميركيين العاديين، بسبب خطر التعرض لهجمات إلكترونية. وحذر أيضا من أن القواعد أو المعايير غير الواضحة للانتقام، ستؤدي إلى استمرار الهجمات، التي ستتركنا “مصدومين ولكن ذلك لن يكون مفاجأة”. وشدد الخبير الأميركي على أن معظم الدول لا تستطيع هزيمة الولايات المتحدة بالدبابات، ولا بالطائرات، “ولكن في الإنترنت، ربما هذا هو المكان الذي يمكنهم الاستثمار فيه لضربنا “.

الحروب الإلكترونية

تعد الحرب الإلكترونية سلاحا محوريا في الحروب بين الدول الكبرى خاصة روسيا وأمريكا، لأن من يمتلك اليد العليا فيها، يستطيع فرض هيمنته الجوية على سماء المعركة. تعتمد أسلحة الحرب الإلكترونية على توظيف موجات الراديو والرادار، والأشعة تحت الحمراء، ووسائل الرؤية الرقمية، والأشعة فوق البنفسجية، وتقنيات الليزر في مهاجمة العدو، وشل قدرته على تنفيذ هجوم، أو حرمانه من استخدام أسلحته الدفاعية عند شن هجمات ضده.
تتكون قوة الحرب الإلكترونية التابعة لأي جيش من 3 أقسام هي: وحدات الهجوم الإلكتروني؛ ووحدات الحماية؛ والقسم الثالث مختص بوسائل دعم الحرب الإلكترونية، بسحب ما ذكره موقع “بيزنيس إنسيدر” الأمريكي.
الهجوم
تعد عمليات التشويش إحدى أسلحة الهجوم الإلكتروني الفعالة، وتعتمد على بث موجات مركزة تتداخل مع الموجات الخاصة برادارات العدو ووسائل اتصاله، وتؤدي إلى شل قدرتها على تمييز الموجات الخاصة برصد أهداف معادية، إضافة إلى تداخلها مع موجات الاتصال الخاصة بالعدو.
الحماية
لأن العدو يمتلك وسائل تشويش مماثلة، فإن وسائل الحماية الإلكترونية تقوم بزيادة قوة وسائل الرصد والاستشعار الخاصة بالحرب الإلكترونية، لزيادة قدرتها على مواجهة أي تشويش، أو التقليل من قوته.
الدعم
تقوم وسائل الدعم الإلكتروني بالبحث عن مصدر التشويش الإلكتروني المعادي، ومحاولة اعتراضه والتعرف عليه، تمهيدا لشن هجوم مضاد.

التقييم

تشكل الهجمات الإلكترونية تهديدا عالميا مستمرا وأصبحت أكثر تعقيدا وصعوبة. يمكن أن تؤدي انتهاكات الأمن السيبراني إلى دخول المتسللين إلى الحسابات المصرفية وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي والمزيد وتسريب البيانات الخاصة وسرقة تكنولوجيا المعلومات المتطورة الخاصة بأسلحة الدمار الشامل وتعطيل البنى التحتية للدول.
تبذل دول العالم جهودا حثيثة لتعزيز الأمن الرقمي بعد سلسلة الهجمات السيبيرانية التي طالت العديد من الدول. وتسببت في أضرار بالغة في القطاعات والمؤسسات والبنى التحتية. تعالت الأصوات الدولية بتأسيس تحالف دولي ضد الهجمات الإلكترونية واستحدثت القوى العظمى داخل صفوف جيوشها الوطنية وحدات إلكترونية جديدة للتصدي للهجمات السيبيرانية بما في ذلك الهجمات باستخدام برمجية الفدية .
تعتمد الحرب الإلكترونية على استخدام الطاقة الفائقة، لموجات الراديو وأشعة الليزر، وأصبحت حروب غير مرئية وغير معلنة. تتسابق الدول في تلك الحروب على تطوير أنظمتها السيبيرانية فائقة التطور وذكائها الاصطناعي ومن يمتلك اليد العليا فيها، يستطيع فرض هيمنته على المعركة بشكل كامل .
الحروب الإلكترونية لن تصبح بديلا عن الحروب التقليدية فهي خطوة استباقية للحروب التقليدية لشل قدرة الدولة على تنفيذ هجوم لفرض الهيمنة على المعركة. و تقلل من قدرة الدولة على حماية نفسها باستخدام وسائل الدفاع التقليدية .

الهوامش

ما هو الهجوم السيبراني؟
https://bit.ly/3ASyawj
جرائم القرصنة.. تهديد متزايد يستنفر جهود المجتمع الدولي
https://bit.ly/3r3Nzp4
هجوم إلكتروني يوقف أكبر خط لأنابيب الوقود في الولايات المتحدة
https://bit.ly/3kc5jx1
هجوم إلكتروني واسع النطاق يطال أكثر من ألف شركة أمريكية ودولية
https://bit.ly/3xLUyFu
شركة مايكروسوفت تقول متسللو سولار ويندز تمكنوا من اختراقها
https://reut.rs/2T5x3IH
هجوم سيبراني على قطارات إيران يخلف إرباكا واسعا للرحلات
https://bit.ly/2TZ3cSA
قراصنة جمعوا 90 مليون دولار كفدية على شكل بيتكوين.. منها أموال أميركية
https://bit.ly/3hxR0RF
حروب بلا دماء… القوى العظمى تتسابق لتطوير “فيروس الشلل” الخطير
https://bit.ly/3xCoHqK
الجيش الفرنسي يتدرب على مواجهة الهجمات الإلكترونية المكثفة
https://bit.ly/3wuBeLz
فرنسا: ماكرون يعلن أن بلاده ستخصص مليار يورو لتعزيز أمنها الإلكتروني
https://bit.ly/3xN9Iux
هجمات إلكترونية تستهدف منصة التعليم عن بعد في فرنسا
https://bit.ly/3AUDr6n
وكالة أمن فرنسية تشتبه بضلوع هاكرز “مرتبطين بروسيا” في هجمات سيبرانية على فرنسا
https://bit.ly/3eaYZlz
أوروبا تعطل برمجية ضارة
https://bit.ly/2UKF2LO
بعد تعرضها للقرصنة .. الهيئة المصرفية الأوروبية تعلن إعادة تشغيل خوادم بريدها الإلكتروني
https://bit.ly/3r3Y9MC
المفوضية الأوروبية تكشف عن إستراتيجيتها لتشكيل المستقبل الرقمي لأوروبا
https://bit.ly/2TTXBNy
ألمانيا.. الأمن السيبراني يخشى من تعرض المستشفيات لهجمات إلكترونية
https://bit.ly/3hAHYUd
Germany logs rise in cybercrime as pandemic provides ‘attack potential’
https://bit.ly/3hwnN9S
German intelligence warns of Iran’s growing cyber attack capabilities _ The National
https://bit.ly/3xIBZCs
الأمم المتحدة: 6 تريليونات دولار خسائر الهجمات السيبرانية

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button