انتهاء معاهدة الصواريخ و التوجه نحو سباق تسلح جديد

اعداد : شروق مستور  – مدونة و باحثة علاقات دولية

  • المركز الديمقراطي العربي

سباق التسلح هو آلية تسعى من خلالها الدول لزيادة تفوقها العسكري و   لتعزيز أمنها، وحماية نفسها ككيان سياسي وسيادي بين غيرها من الدول و يعتبر من أبرز المواضيع في ميدان العلاقات الدولية.

حيث إرتبط بشكل مباشر بالدراسات الأمنية و دراسات التسلح و نزع السلاح و شغل الدارسين و الباحثين في هذا المجال فهو هاجس امني يمثل خطر على كل العالم و في نفس الوقت هو طموح سياسي و حق مشروع في ظل فوضوية النظام الدولي

و على الرغم من أن التسلح حق سيادي يكفله القانون الدولي والعلاقات الدولية، الا أن هناك ضوابط تعارفت عليها الدول في تعاملها مع هذا الموضوع و هناك اتفاقيات كثيرة حاولت التقليل و الحد من التسلح

و تعتبر معاهدة القوى النووية المتوسطة المدى  من المحاولات المهمة في مجال الحد من التسلح و من الإنجازات الاولى لإرساء الامن في فترة الحرب الباردة ، الى انها توقفت  عن السريان في 2 أغسطس 2019 ، بعد انسحاب الولايات المتحدة رسميًا فهل سيؤدي توقف سريان هذه المعاهدة ، الى ظهور اتفاقية من نوع اخر تشمل كل الدول النووية ؟

  • و في ظل التنافس الأمريكي _ الصيني ، هل إنسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة له علاقة بالتنافس العسكري بين الطرفين ؟

تعود هذه المعاهدة الى تاريخ الثامن من ديسمبر/كانون الأول 1987 حين وقع رونالد ريغان و ميخائيل غورباتشوف إتفاقية تعتبر تاريخية و كان من شأنها أن تؤدي إلى نزع السلاح وتقضى على الحرب الباردة و تم ادخالها حيز التنفيذ في 27 مايو/أيار 1988 و تقوم في الأساس على اجبار كلا الطرفين لإزالة الصواريخ الباليستية أو النووية أو التقليدية التي يتراوح مداها بين خمسمئة وخمسة آلاف كيلومتر اي الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى و أطراف هذه المعاهدة : الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي (12 جمهورية سابقة لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية ، ستة منها – روسيا وأوكرانيا وبيلاروسيا

و توقفت المعاهدة عن السريان في 2 أغسطس 2019 ، بعد انسحاب الولايات المتحدة رسميًا وهي خطوة يقول الخبراء بأنها ستدفع الأمن الدولي نحو مزيد من الشكوك.

حيث ستفتح الباب امام الولايات المتحدة و روسيا للدخول الي سباق تسلح جديد و ممكن ان يكون اقوى و اعنف من السابق ، و خاصة في وجود قوى نووية أخرى في الساحة الدولية و تعتبر هذه الاتفاقية مهمة و ضرورية لارساء السلم و للحد من التسلح ، على الرغم من أنها تشمل فقط روسيا و الولايات المتحدة.

و لكن حاليا باتت الصين قوة عسكرية ذات مصداقية وتأثير في محيطها الإقليمي.حيث حسب تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري” بشأن عام 2019 والصادر يوم (27 أبريل / نيسان 2020) أكد انه هناك سباق عالمي غير مسبوق نحو التسلح والإنفاق العسكري. وتتقدم الولايات المتحدة فيه على الصين…

يعتبر التنافس بين بيكين و واشنطن من أبرز المواضيع المحددة للتوازن الدولي و على الرغم من ان صعود الصين اقتصاديا رشحها لتكون المنافس الاقوى للولايات على الهيمنة العالمية الى أن المجال العسكري لا يزال واحد من المجالات القليلة الذي احتفظ الأمريكيون فيها على تفوقهم ضد غريمهم الصيني و لهذا يبدو ان انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من الصواريخ سيعطيها مساحة أكبر و فرصة لتطوير أسلحتها و التنافس بشكل قوي دون حواجز على الرغم من ان هذه الاتفاقية بينها و بين روسيا. فقط الى ان هذه الاخيرة لم تعد هي المنافس العسكري الوحيد للولايات المتحدة ، لأن الصين دخلت الساحة بقوة حيث نصت دراسة لـ”مركز دراسات الولايات المتحدة” في جامعة سيدني الأسترالية، التي صدرت في (19 آب / أغسطس 2019) ان قوة الجيش الأمريكي في آسيا تراجعت ، وأنها لم تعد في موقع يسمح لها بمواجهة الصين. وأكدت الدراسة أن الجيش الصيني يمكنه القضاء على القواعد الأمريكية في آسيا بصواريخه في غضون ساعات قليلة. هذه الدراسة التي لقت صدى إعلاميا كبيرا، خلصت إلى أن “الصين أنشأت ترسانة مثيرة من الصواريخ الدقيقة وأنظمة الدفاع الأخرى، مما يقوض الهيمنة العسكرية الأمريكية في المنطقة”.

و لهذا ستعمل الولايات المتحدة على خرق كل المعاهدات ان لزم الامر فقط لكي تبقى في الصدارة العسكرية العالمية ، فبحسب دراسة لمؤسسة العلوم السياسية الالمانية ان “هناك مؤشرات تؤكد أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يرى في التفوق، وبالأخص الهيمنة العسكرية، هدفا في حد ذاته، وليس بالضرورة أداة في خدمة مصالح وقيم معينة. فيما يبدو أن الرئيس الصيني تقوده رؤية للنظام العالمي يكون فيها التفوق الصيني هدفا ووسيلة في نفس الأن.”

و يتوقع الكثير من المحللين تصاعد في وتيرة السباق نحو التسلح بين الطرفين و من الممكن ان يصل الى مواجهة او صدام عسكري و في سياق اخر يرى المعارضون لهذا الانسحاب  الامريكي من المعاهدة انه الامور ستتعقد و تشتبك في ظل غياب  اتفاقية اخرى بديلة، و قد يشتعل سباق تسلح جديدا بين الولايات المتحدة وروسيا ويعرض أوروبا لمخاطر عديدة، حيث لم يعد هناك الآن ما يمنع روسيا من تطوير أنواع جديدة من الصواريخ علناً ،ومن المرجح أن ترد الولايات المتحدة ودول/ الناتو/ بتطوير أسلحة جديدة خاصة بها..

و لكن يبدوا ان الخطر الحقيقي الذي لم يتوقعه المحللين ليس من روسيا و لا من الدول الاوروبية ، بل هو من الصين..

فالصين هي المنافس الاقوى في هذه المجموعة ، و مع مرور الوقت و تزايد الدور الذي تلعبه الصين في مختلف المجالات اصبحت هي التهديد الحقيقي للولايات المتحدة الأمريكية حيث تقول مجلة “ناشيونال إنترست” الأمريكية إن هدف واشنطن من الانسحاب من الاتفاقية هو الدخول في حقبة جديدة من المنافسة الاستراتيجية مع الصين في مياه المحيط الهادئ جنوب شرق آسيا، بحسب المجلة”.

ولأن الصين لم توقع على المعاهدة، فإنها تقوم بتطوير قدرات صاروخية تعتبرها واشنطن تهديدا لقواتها في المحيط الهادئ، جنوب شرق آسيا.

ونقلت مجلة “ذي إيكونوميست” عن كريستوفر جونسون، عميل وكالة الاستخبارات الأمريكية “سي آي إيه” السابق: “امتلاك قدرات عسكرية تمكن أمريكا من الوصول إلى قلب الأراضي الصينية يمثل أهمية كبيرة بالنسبة للجيش الأمريكي في أي مواجهة مع الجيش الصيني”.

وأضاف: “إذا لم تملك أمريكا القدرة على ضرب قواعد الصواريخ المضادة للسفن، الموجودة داخل الأراضي الصينية، ستقتصر قدراتها العسكرية في المنطقة على قواعدها الموجودة في اليابان، وسيكون إرسال سفنها الحربية إلى المياه القريبة من سواحل الصين مخاطرة غير مقبولة” لهذا يرى المحللون ان افضل طريقة لتجنب المواجهة بين بيكين و واشنطن هي التعاون فيما يخص القضايا المشتركة و التهديدات الخارجية،خاصة الانتشار النووي و تغير المناخ الدولي و قضايا الامن و السلم .

المراجع:

https://amp.dw.com/ar/%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%AE%D8%B7-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%B9%D8%B3%D9%83%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AC%D9%87%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%A8/a-53513813

https://www.france24.com/ar/20190802-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%83%D9%88-%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%87%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%87%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%84%D8%AD%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D8%AF%D8%A9

https://www.nti.org/learn/treaties-and-regimes/treaty-between-the-united-states-of-america-and-the-union-of-soviet-socialist-republics-on-the-elimination-of-their-intermediate-range-and-shorter-range-missiles/

https://arabic.sputniknews.com/military/201810231036258581-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%88%D9%88%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D9%88%D8%B3%D8%B7%D8%A9-%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D8%A7/

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button