أخبار ومعلومات

الحكومة أمام تحدي توفير الأدوية في السوق

يقدر رقم أعمال سوق الأدوية في الجزائر بنحو 4.3 مليار دولار، ويصنفه المعهد الدولي للمعلومات حول الصناعات الصيدلانية في المرتبة الرابعة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتبلغ واردات الجزائر من الأدوية والمواد الصيدلانية نحو 1.6 مليار دولار سنة 2020 وبلغت نحو 850 مليون دولار في السداسي الأول من 2021، لكن إشكالية نقص أو ندرة الأدوية بشكل متكرر تجعل القطاع على المحك رغم تسجيل نمو إيجابي للصناعة الوطنية واعتماد تدابير خاصة، على غرار إطلاق المرصد الوطني لمراقبة وفرة المنتجات الصيدلانية.

يلاحظ خبراء في مجال الصناعات الصيدلانية وسوق الأدوية أن ظاهرة ندرة وتذبذب الأدوية حقيقة متكررة تسجل في دول قوية مثل فرنسا والولايات المتحدة والعديد من الدول المتقدمة الكبيرة الأخرى، بغض النظر عن القدرات التي تتوفر عليها، وتساهم عوامل عديدة في إبراز ضغوط على سوق الأدوية، لاسيما في الظروف الاستثنائية، على غرار تلك التي شهدها العالم مع جائحة كورونا.

وقد شهدت أسعار وتعريفات الشحن البحري والجوي ارتفاعا معتبرا، في حين تم تسجيل تباطؤ كبير في مواعيد تسليم جميع أنواع المنتجات، بما في ذلك الأدوية على وجه الخصوص، وذهبت بعض الدول الموردة إلى حد فرض حظر تصدير على المنتجات الصيدلانية والمواد الخام الحساسة في فترات معينة. هذه العوامل، حسب الخبراء، تؤثر بشكل واضح في إمداد أسواق الدول بالأدوية والمواد الصيدلانية، ومنها السوق الجزائرية.

في سنة 2020، كان سوق الأدوية الجزائري يمثّل 4.5 مليار دولار، منها نحو مليار دولار واردات و2.3 مليار دولار إنتاج محلي، مقابل 568 مليون دولار في سنة 2000؛ أي بمؤشر نمو إيجابي قدر بـ 657.04 بالمائة في غضون 20 سنة.

وجدير بالإشارة أن واردات الأدوية مرتبطة بالأدوية الأساسية التي تمثل 74.4 بالمائة، مقابل 25.5 بالمائة أدوية جنيسة.

وفي سياق مساعي إعادة توطين صناعة الأدوية عبر تشجيع مؤسسات الإنتاج الوطنية العمومية والخاصة، وخفض وإحلال واردات البلاد من الأدوية وتقليصها بما يوفر للبلاد ما يقارب 800 مليون دولار هذه السنة، يشدد الخبراء على ضرورة اعتماد سياسات واضحة المعالم لتشجيع فعلي للاستثمار المنتج في مجال حساس وضمان التنمية المستمرة للإنتاج الصيدلاني الوطني، الذي نجح في السنوات الأخيرة في تغطية ما يصل إلى ثلثي الاحتياجات الدوائية الوطنية، لاسيما ما خص الدواء الجنيس الذي دخل دائرة المجال العام، في حين يظل الرهان متصلا بالنجاح في ترسيخ مكانة قوية في سوق المنتجات المبتكرة، وهذا يتطلب مسبقا إستراتيجية وضوابط تحددها الدوائر المختصة.

أما فيما يتعلق بانتظام السوق وتفادي ظاهرة النقص، فإنه يمثل رهانا أيضا من حيث إحداث توازن بين الحاجيات الوطنية للأدوية والمخازن الموجودة، بينما يبقى النجاح مندرجا ضمن أهداف تنظيم سوق الأدوية في الجزائر المبني على ثلاثة محاور هي؛ ضمان وفرة الأدوية، وتطوير الصناعة الصيدلانية المحلية، وتخفيض فاتورة استيراد الأدوية.

ويتم تحسين الأمن الصحي بإشراك قطاع الصناعة الصيدلانية واعتماد إصلاح تنظيمي لضمان وفرة المنتجات الصيدلانية والأجهزة الطبية، فضلا عن ضمان النوعية والبحث والتنمية في مجال الدراسات السريرية والتكافؤ الحيوي للأدوية الجنيسة، وكذلك ضبط وأخلقة نشاط الإعلام العلمي وإشهار المواد الصيدلانية.

ولضمان وفرة الـمواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية، تم تنصيب لجنة للأدوية الأساسية واستباق معالجة البرامج التقديرية للاستيراد بسنة واحدة، من أجل رؤية أوضح بشأن الواردات أساسا، فضلا عن استغلال المنصة الرقمية الجديدة من أجل معالجة برامج الإنتاج والاستيراد ومتابعة آنية للوفرة والتنبؤ بالانقطاعات الـمحتملة، لاسيما عن طريق المرصد الوطني لمراقبة وفرة الـمواد الصيدلانية.

وقد أكد وزير الصناعات الصيدلانية، عبد الرحمان لطفي جمال بن باحمد، مؤخرا، أنّ التوجهات التي تتبناها الحكومة في مجال ترقية القطاع تهدف بالمقام الأول إلى تحقيق الأمن الوطني من المواد الصيدلانية والأدوية، واعتبرها تجسيدا لالتزامات رئيس الجمهورية لتطوير الصناعات الصيدلانية، من خلال التركيز على تنظيم النشاط وضبط السوق عبر العديد من الإجراءات التي لجأت إليها الوزارة خلال الأشهر القليلة الماضية.

ومن ثمة، فإن الهدف الأولي يكمن في ضمان وفرة المواد الصيدلانية من خلال تغطية 70 في المائة من الاحتياجات الوطنية وتخفيف فاتورة الواردات الوطنية في هذا المجال، فضلا عن كون هذا القطاع أحد القطاعات البديلة لقطاع المحروقات، ويتم ذلك من خلال معالجة الاختلالات عن طريق إعادة النظر في الأطر التشريعية، لجأت إليها الحكومة مؤخرا في سياق تطوير هذا القطاع الاستراتيجي، والعمل على أخلقة هذا النشاط وتنظيم كل السلسلة ذات العلاقة بالقطاع، إنشاء لجنة خبراء تضم كل التخصصات الطبية، مع التشديد على أن تغطية حاجيات السوق وضمان وفرة المواد الصيدلانية مسؤولية جماعية، فيما تظل الضرورة قائمة لاستقطاب الاستثمار ووضع وحدات إنتاج جديدة حيّز الخدمة وإعطاء الأولوية للإنتاج المحلي وإثراء مدونة المواد الصيدلانية من أجل تنويع الترسانة العلاجية وخفض أسعار الأدوية تحت تأثير المنافسة وتحفيز الشركات متعددة الجنسيات على توطين إنتاج أدوية ذات قيمة مضافة عالية مع توجيهات للتصدير.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى