تأثير التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد في أسواق النفط العالمية

مقدمة:

شهد العقد الأخير من القرنِ الحادي والعشرين تحّولًا في الاستراتيجيةِ الأمريكية إزاءَ الساحة الأسيوية، وتمّثلَ ذلك بالانسحابِ من دولِ منطقة الشرق الأوسط والانتقال التدريجي نحو دول شرق آسيا بهدف مُحاصرة جمهورية الصين الشعبية، وتحديدًا مع بدايةِ حُكم الرئيس باراك أوباما، وتوسع هذا التوجه مع إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب واتخذ منحى أكثر فاعلية في عهد الرئيس الحالي جو بايدن. إذ اتخذت إدارة الرئيس جو بايدن خلال المدة من 15 آب/ أغسطس ولغاية 15 أيلول/ سبتمبر 2021، أي على مدار ثلاثين يومًا فقط، قرارين، كان توقيتهما مُفاجئًا إلى حدٍ ما لغالبية دول العالم، وبضمنهم حُلفائها في دول حلف شمال الأطلسي (الناتو). وقد عكس القرار الأول، انسحابًا عسكريًا أمريكيًا سريعًا من أفغانستان والذي أُعلن في 15 آب/أغسطس 2021 ونُفذ في غضونِ أسبوعين فقط، بينما تمَّثلَ القرار الثاني، بإعلان الرئيس جو بايدن في 15 أيلول/ سبتمبر 2021، عن تشكيل تحالف أمني استراتيجي جديد في منطقة المُحيطَين الهندي والهادئ تحت مُسمى تحالف أوكوس (AUKUS)، يضمّ كلًا من: الولايات المتحدة الأمريكية  والمملكة المتحدة (بريطانيا) وأستراليا، وسُمي باسم AUKUS وهي الحروف الأولى باللغة الإنكليزية من أسماءِ الدول الثلاث أعضاء التحالف الجديد وهي كل من : الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وأستراليا.

أولًا: الأهداف المُعلنة لتحالف دول أوكوس

يُمكن إيجاز الأهداف المُعلنة للتحالف الجديد بالآتي:

  1. وفقًا للإعلان المنشور في الموقع الرسمي للبيت الأبيض الأمريكي من رؤساء دول التحالف الجديد (AUKUS)، كل من: الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، ورئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون. بتاريخ 15 أيلول/ سبتمبر 2021، سيتم تزويد أستراليا بأسطول من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية مع تأكيد الرؤساء الثلاثة بعدم تسليح هذه الغواصات بأسلحة نووية في الوقت الحاضر، وذلك بهدف مواجهة تهديدات القرن الحادي والعشرين([1]).
  2. استهدف التحالف الدفاعي الجديد، المُحافظة على الأمن والاستقرار في المحيطين الهندي والهادئ، وستحصل أستراليا بمقتضى هذا الاتفاق على اثنتي عشرة غواصة تُدار بالطاقة النووية. وبذلك، تصبح أستراليا الدولة السابعة في العالم التي تمتلك هذا النوع من الغواصاتِ بعد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والهند. ومَثَّلَ هذا الاتفاق تراجعًا أستراليًا عن الصفقة المُماثلة التي كانت قد أبرمتها عام 2016 مع فرنسا. لذلك، أثار هذا الإعلان عاصفة من الغضب والاحتجاج في فرنسا على المُستويين الحكومي والإعلامي، ودعم موقفها عدد من الدول الأوروبية. وتضمن اتفاق الشراكة بإن تقوم الولايات المُتحدة بتسليم أستراليا غواصات تعمل بالدفع النووي، وهي أول مرة تزود بها واشنطن تلك التكنولوجيا إلى دولة أخرى غير بريطانيا؛ كما ستحصل أستراليا على صواريخ كروز أمريكية بعيدة المدى من طراز “توماهوك”. وعلاوة على ذلك، ستعمل دول تحالف الأوكوس على تعزيز التعاون في مجالي الدفاع السيبراني والذكاء الاصطناعي، وستحفز من تعزيز القدرات المُشتركة وإمكان التشغيل البيني العسكري بين البلدان الثلاثة ([2]).
  3. التخلي عن الغواصات الفرنسية التقليدية: نتج من تزويد أستراليا بالغواصات الأمريكية تخلي أستراليا عن صفقة مع فرنسا، كانت ستشتري أستراليا بموجبها نحو 12 غواصة تقليدية (غير نووية) من فرنسا تُقدر قيمتها بنحو 50 مليار يورو.
  4. موازنة النفوذ الصيني في المحيطين: سيتم دعم أستراليا بالغواصات النووية، نظرًا إلى موقعها الاستراتيجي الحيوي في المحيطين الهادئ والهندي، وكذلك كونها الفناء الخلفي للصين. ولذلك يمكن القول إن هذه الشراكة ستسمح لأستراليا أن تصبح لاعبًا قويًا بطريقة قد تغير توازن القوة البحرية في منطقة كانت، ولا تزال، ضمن الأهداف التوسعية للنفوذ الصيني ([3]).

ثانيًا: الموقف الصيني من اتفاقية أوكوس

أُعلنَ الموقف الصيني عقب محادثات هاتفية أجراها عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني (وانغ يي) مع كلٍ من وزيري خارجية ماليزيا وبروناي بتاريخ 29 أيلول/ سبتمبر 2021 وأصدروا بيانًا أعربوا فيه عن قلقهم البالغ إزاء اتفاق الشراكة الأمريكي البريطاني الأسترالي، واستنادًا إلى صحيفة الشعب الصينية في 30 أيلول/ سبتمبر 2021، أكد وزير خارجية الصين مخاطر خطوة التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي على منطقةِ جنوب شرق آسيا بالآتي:

  1. مخاطر تتعلق بالانتشار النووي: وفقًا لمُعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية تستطيع الدول غير الحائزة للأسلحة النووية استخدام الطاقة النووية بطريقة سلمية فقط، تحت إشراف ووفقًا لضمانات. لكن الغواصات النووية تُستخدم لأغراض عسكرية وتعمل بيورانيوم عالي التخصيب، يمكن استخدامه بشكل مُباشر لصناعةِ أسلحة نووية مما يساعد على زيادة الانتشار النووي.
  2. ستحفز هذه الخطوة دورة جديدة من سباق التسلح: تعَدّ الغواصات النووية قوة أمنية استراتيجية قادرة على حمل أسلحة نووية. وستؤدي هذه الخطوة التي اتخذتها أستراليا إلى الإخلال بالتوازن الاستراتيجي في منطقة جنوب شرق آسيا.
  3. ستقوض هذه الخطوة الرخاء والاستقرار الإقليميين، وستلقي بظلالها على السلام والاستقرار والتنمية في المنطقة.
  4. ستخرب هذه الخطوة بناء منطقة خالية من الأسلحة النووية في جنوب شرق آسيا.
  5. ستُحيي هذه الخطوة عقلية الحرب الباردة ([4]).

ثالثًا: دول تحالف أوكوس

مَثل تحالف دول الأوكوس الجديد، مَعلمًا بارزًا ومُؤثرًا في موازين العلاقات الدولية، ولتسليط الضوء على أهمية التحالف الجديد، لا بد من التطرق، وبإيجاز شديد، إلى مكامن قوة دول التحالف الجديد، وضدهم النوعي المتمثل بجمهورية الصين الشعبية، وكما يأتي:

1- الولايات المتحدة الأمريكية

عقب انهيار الاتحاد السوفياتي السابق عام 1991، تقدمت الولايات المتحدة الأمريكية لتحتل المرتبة الأولى في العالم في الميادين كافة، وبخاصة قي الميادين السياسية والاقتصادية والعسكرية، ولم تأتِ فاعلية الولايات المتحدة الأمريكية في الساحة الدولية من فراغ، فهي إحدى الدول العُظمى المُنتصرة في الحرب العالمية الثانية وتمتلك حق العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وهي أيضًا القوة الاقتصادية الأولى في العالم. ووفقًا لأحدث المعطيات الإحصائية الرسمية المُعلنة من جانب البنك الدولي، والمثبتة في الجدول الرقم (1)، بلغ عدد نفوس الولايات المتحدة الأمريكية نحو 329 مليون نسمة في عام 2020، بضمنهم 165 مليونًا من القوى العاملة للسنةِ ذاتها. وعلى الرغم من تراجع نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي مرحليًا – لاعتبارات تتعلق بوجود مشاكل هيكلية في الاقتصاد الأمريكي إضافة إلى تداعيات انتشار جائحة كورونا والوباء المنبثق عنها (كوفيد 19) – وتسجيله نسبة نمو “سالبة” (3.5 بالمئة – )  ومع ذلك تحتل الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى عالميًا من حيث الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي (GDP) للسنة ذاتها والذي سجل نحو 20.936.600.00 تريليون دولار أمريكي، بينما وصل إجمالي الاحتياطيات المالية الأمريكية للسنة ذاتها، بما فيها الذهب وبالأسعار الجارية للدولار الأمريكي نحو 628.364.72 مليار دولار أمريكي. أما في الميدان العسكري بلغت نسبة الإنفاق العسكري الأمريكي من الناتج المحلي الإجمالي نحو 3.7 بالمئة. ووفقًا للكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي: التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي لعام 2019، تمتلك الولايات المتحدة الأمريكية جيشًا متطورًا ومزودًا بأحدث الأسلحة التقليدية، فضلًا عن امتلاكها ترسانة نووية تتكون من 6185 رأسًا حربيًا نوويًا في الوقت الحاضر ([5]).

2- المملكة المتحدة (بريطانيا)

تأتي أهمية بريطانيا، كونها أيضًا من الدولِ العُظمى التي تمتلك حق العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي، وهي أيضًا عضو مُؤسس في حلف شمال الأطلسي (الناتو). وفي الميدان الاقتصادي، تحتل بريطانيا المرتبة الثالثة بعد ألمانيا وفرنسا في قارة أوروبا بينما تأتي في المرتبة التاسعة على المُستوى العالمي، ومع التراجع الحاد لنسب نمو الناتج المحلي الإجمالي والتي بلغت نحو – 9.8 بالمئة في عام 2020، فقد بلغ الناتج المحلي الإجمالي لها نحو 2.707.743.78 تريليون دولار، للسنة ذاتها، وتمتلك بريطانيا احتياطيات مالية بما فيها الذهب وبالأسعار الجارية للدولار الأمريكي قدرها نحو 180.054.10 مليار دولار أمريكي في عام 2020 (انظر الجدول الرقم (1)).  أما في الميدان العسكري، فقد بلغت نسبة الإنفاق العسكري البريطاني من الناتج المحلي الإجمالي نحو 2.2 بالمئة، كما تمتلك بريطانيا جيش مُتطور ومزود بأحدث الأسلحة التقليدية، فضلًا عن امتلاكها ترسانة نووية تتكون من 200 رأس نووي لسنة 2019([6]).

3- أستراليا

تأتي أهمية أستراليا، في موقعها الاستراتيجي القريب من جمهورية الصين الشعبية وهي بلد كبير ومترامي الأطراف، إلا إنَّ عدد سُكانها مُنخفض لا يتجاوز 25 مليون نسمة فقط وبضمنهم 15 مليون نسمة من القوى العاملة، بينما بلغَ ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2020 نحو 1.330.900.93 تريليون دولار أمريكي، وبنسبة نمو سالبة بلغت نحو – 0.3 بالمئة. وتمتلك أستراليا احتياطيات مالية بما فيها الذهب وبالأسعار الجارية للدولار الأمريكي بلغت نحو 43.012.63 مليار دولار أمريكي عام 2020 (انظر الجدول الرقم (1)).

* جمهورية الصين الشعبية

تستأثر جمهورية الصين الشعبية بأهميةٍ كبيرة في الساحةِ الدولية فهي إحدى الدول الأعضاء الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وتمتلك أكبر ثروة بشرية في العالم قوامها 1402 مليون نسمة في عام 2020، فضلًا عن تفوقها العالمي من حيث أعداد القوة العاملة والتي بلغت 770 مليون نسمة للسنة ذاتها، كما تمتلك الصين ثاني اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وبلغ ناتجها المحلي الإجمالي (GDP) لعام 2020 نحو 14.722.730.70 تريليون دولار أمريكي، بينما وصل إجمالي الاحتياطيات المالية الصينية لعام 2020 بما فيها الذهب وبالأسعار الجارية للدولار الأمريكي نحو 3.357.240.99 تريليون دولار أمريكي (انظر الجدول الرقم (1)). أما في الميدان العسكري فتمتلك جمهورية الصين الشعبية ترسانة عسكرية تقليدية كبيرة، فضلًا عن القُدرات النووية حيث تمتلك الصين نحو 290 رأسًا حربيًا نوويًا([7] )، آخذين بالحسبان أنَّ الصين لا تمتلك استراتيجية في الشرق الأوسط لأن بكين لم تصرّح علنًا عن أي استراتيجية، ويعود ذلك لرغبتها في تجنّب الخلافات في المنطقة وتداعياتها. وكما تقدم ذكره تحتفظ الصين بمكانة فريدة بوصفها القوة الخارجية التي تحافظ على علاقات جيدة مع بلدان الشرق الأوسط كافة. وتفضّل الصين عدم المخاطرة بهذا الوضع من طريق الإعلان عن مواقف سياسية، وتسعى جاهدة لحماية مصالحها المتزايدة في مختلف دول العالم، من خلال الحرص على تجنّب الانحياز إلى أطراف النزاعات والخلافات في مختلف دول العالم ([8]).

(الجدول الرقم 1)

 بعض المؤشرات الاقتصادية لدول الحلف الجديد والصين لعام 2020

الدولة إجمالي الناتج المحلي الإجمالي (دولار) (1) نمو الناتج المحلي الإجمالي  بالمئة (2) الانفاق العسكري  بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (3) إجمالي الاحتياطيات المالية بضمنها الذهب  مقومة بالدولار (4)  تعداد السكان الإجمالي مليون نسمة (5) إجمالي القوى العاملة مليون نسمة (6)
الولايات المتحدة 20,936,600.00 

 

3.5 

 -3.5

3.7 628,369.72 329,484.12 165,163.50
المملكة المتحدة 2,707,743.78 

 

-9.8 2.2 180,054.10 67,215.29 34,738.35
أستراليا 1,330,900.93 -0.3 2.1 43,012.63 25,687.04 13,452.60
الصين 14,722,730,70 2,3 1.7 33,357,240.88 1,402,112.00 770,950.79

Source:

  1. https://data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.CD?view=chart
  2. https://data.albankaldawli.org/indicator/NY.GDP.MKTP.KD.ZG?view=chart
  3. https://data.albankaldawli.org/indicator/MS.MIL.XPND.GD.ZS?view=chart
  4. https://data.albankaldawli.org/indicator/FI.RES.TOTL.CD?view=chart
  5. https://data.albankaldawli.org/indicator/SP.POP.TOTL?view=chart
  6. https://data.albankaldawli.org/indicator/SL.TLF.TOTL.IN?view=chart

رابعًا: الانعكاسات على أسواق النفط العالمية

بهدف تحديد تأثير التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي، على أسواق النفط العالمية، تم الركون إلى مُقارنة موضوعية، باعتماد لغة الأرقام للإمكانات النفطية وحجم الإنتاج، وكميات الاستهلاك (انظر الجدول الرقم (2)) بين دول التحالف الجديد مع الدولة المناهضة لهذا التحالف، وهي جمهورية الصين الشعبية، استنادًا إلى أحدث المُعطيات الإحصائية المُتاحة عن القطاع النفطي لعام 2020، نبين الاتي:

  1. تمتلك دول التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد احتياطيات نفطية قوامها نحو 7 مليار برميل من النفط الخام، أغلبيتها في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما يبلغ إجمالي إنتاج الدول الثلاث نحو 17.975 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، في حين يبلغ مجموع استهلاكها النفطي نحو 20.245 مليون برميل يوميًا، إي إنها تستورد نحو 2.270 مليون برميل يوميًا (الجدول الرقم (2)).
  2. تمتلك جمهورية الصين الشعبية احتياطيًا نفطيًا قدره 26 مليار برميل من النفط الخام، ويبلغ إنتاجها نحو 3.901 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، في حين ارتفع إجمالي استهلاكها ليصل إلى 14.314 مليون برميل يوميًا، أي إنها تستورد نحو 10.413 مليون برميل يوميًا، وبذلك أضحت الصين أكبر مُستورد للنفط في العالم في الوقت الحاضر (الجدول الرقم (2)).

(الجدول الرقم 2)

 بعض المؤشرات عن القطاع النفطي لدول الحلف الجديد والصين 2020

الدولة الاحتياطي النفطي (مليار برميل) الإنتاج النفطي (مليون برميل/ يوميًا) الاستهلاك النفطي (مليون برميل يوميًا)
الولايات المتحدة الأمريكية 68,8 16,476 18,120
المملكة المتحدة (بريطانيا) 2,5 1,029 1,230
أستراليا 2,4 .,740 .,895
المجموع لدول الحلف الجديد 73.7 17,975 20,245
جمهورية الصين الشعبية 26 3,901 14,314
 الإجمالي العالمي 1332,4 88391 91078

Source: bp Statistical Review of World Energy 2021, P. 16,18,22

الاستنتاجات

يتضح مما تقدم أنَّ تأثير التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد على أسواق النفط العالمية يتركز في عدة اتجاهات، لعل أهمها الآتي:

  • الاتجاه الأول: أنَّ دول التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد والدولة المناهضة له وهي جمهورية الصين الشعبية، هي دول عظمى تمتلك ترسانة عسكرية ونووية متقدمة جدًا (عدا أستراليا التي لا تمتلك أسلحة نووية حاليًا)، فضلًا عن كونها من الدول الصناعية المتقدمة والمستوردة للنفط الخام، إذ يبلغُ إجمالي الاستهلاك النفطي لدول التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد مع الدولة المناهضة لهذا التحالف وهي الصين نحو 34.559 مليون برميل يوميًا، أي ما يعادل 31 بالمئة من الاستهلاك العالمي من النفط الخام والبالغ 078 مليون برميل يوميًا، وكما موضح في الجدول الرقم (2). عندئذ سيبقى العامل النفطي أحد أهم العوامل الحاسمة في ضبط اتجاهات التوتر المُحتملة بين دول التحالف الجديد مع جمهورية الصين الشعبية في المدى المنظور.
  • الاتجاه الثاني: ستعمل الدول المُتضررة من تحالف دول أوكوس، وبخاصة جمهورية الصين وفرنسا، وبالتنسيق مع دول أخرى، نحو تطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية مع دول الخليج العربي النفطية، وكذلك مع إيران أيضًا، وبما يُعزز من مصالحها الاستراتيجية، ولإيجاد نمط من التوازن في الاختلال الذي أحدثه التحالف الجديد في الساحة الدولية.
  • الاتجاه الثالث: توجد خلافات أمريكية صينية، لاعتبارات استراتيجية واقتصادية، ترتبط بموضوع الهيمنة على بحر الصين الجنوبي، والذي تعدّه الصين جزءًا من مياهها الإقليمية وثمة مؤشرات عن اكتشافات نفطية واعدة في أعماق هذا البحر، بينما ترفض الولايات المتحدة الأمريكية هذا التوجه، وأي احتكاك عسكري في بحر الصين الجنوبي بين الطرفين ستكون له نتائج كارثية على أسواق النفط العالمية بوجه عام، وعلى البلدان العربية المصدرة للنفط للصين على وجه التخصيص.
  • الاتجاه الرابع: أضاف تحالف دول أوكوس مهام جديدة، اضطلعت بها ثلاث دول كبرى في بادئ الأمر، وهي الولايات المتحدة الأمريكية، والمملكة المُتحدة وأستراليا، ويتركز في المحافظة على الأمن في المحيطين الهندي والهادئ (من وجهة نظر دول التحالف)، ولا يُستبعد التحاق دول أخرى بهذا الحلف بما يجعل منه محورًا جديدًا للاستقطاب الإقليمي والدولي، وساحة استثمار واسع في القطاعات النفطية في المدى المنظور.

خاتمة

إنَّ التحالف الأمريكي البريطاني الأسترالي الجديد مَثلَ تطورًا استثنائيًا في الساحةِ الدولية، وستكون لهُ تداعيات مُتباينة على أغلبيةِ دول العالم، وبخاصة دول الخليج العربي المُصّدرة للنفط الخام، والمُتمثلة بانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من منطقةِ الشرق الأوسط مما يُثير طمع قِوى إقليمية ودولية لمحاولة ملء الفراغ في المنطقة، وهو ما يتطلب من صُناع القرار، والمختصين بالميدان الاقتصادي والمُتابعين، إيلاءه أهمية استثنائية، والاستفادة من الفُرص الإيجابية المتاحة لتعزيز واقع ومكانة دول الخليج العربية المُنتجة للنفط وتطوير علاقاتها الثنائية والإقليمية والدولية، مع الأخذ بالحسبان أنَّ دول شرق آسيا، وفي مُقدمتها الصين تُمثل الأسواق الواعدة للنفط الخليجي، سواء أكان ذلك في المدى المنظور أم في الإطار الاستراتيجي.

قد يهمكم أيضاً  الإنفاق العسكري والتسلح في العالم والمنطقة والوطن العربي

اقرؤوا أيضاً  الصين وحوكمة أمن الشرق الأوسط في العصر الجديد

#مركز_دراسات_الوحدة_العربية #التحالف_الأميركي_البريطاني_الأسترالي #التحالفات_الأمنية #أوكوس #الولايات_المتحدة #بريطانيا #أستراليا #AUKUS

المصادر:

(*) خضير عباس أحمد النداوي: كلية الفارابي الجامعة/ بغداد.

(1). Remarks by President Biden in Press Conference, NOVEMBER 02, 2021. It is available at: https://www.whitehouse.gov/briefing-room/speeches-remarks/

(2). مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، 5 تشرين الأول/ أكتوبر 2021، في الإنترنت، (تاريخ الدخول 3/11/2021) وعلى الرابط: (https://futureuae.com/ar-AE/Mainpage/Item/6704/%D8%AD%  )

(3). المصدر السابق.

(4). وزير الخارجية الصيني: اتفاقية أوكوس تجلب خمسة أضرار للمنطقة، موقع صحيفة الشعب الصينية (باللغة العربية)، 30 أيلول/ سبتمبر 2021، (تاريخ الدخول 3/11/2021) في الإنترنت، وعلى الرابط: http://arabic.people.com.cn/n3/2021/0930/c31660-9903045.html

(5). الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي: التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي لعام 2019،

(6). الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي: التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي لعام 2019.

(7). الكتاب السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي: التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي لعام 2019.

(8). أندرو سكوبيل وعليرظا نادر، الصين في الشرق الأوسط: التنين الحذر، مؤسسة راند، كاليفورنيا، 2016، ص 2.

1/5 - (1 vote)

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button