أخبار ومعلومات

تحديات بن عبد الرحمان حتى نهاية 2021

بقلم جلال بوعاتي – جريدة الخبر

بالتمعن في الخطوط العريضة لمخرجات اجتماع مجلس الوزراء الأخير برئاسة الرئيس عبد المجيد تبون، نضع الأصابع على معالم خطة الحكومة الجديدة برئاسة أيمن بن عبد الرحمان.
المعلم الأول: خطة مستعجلة لتجسيد تنويع الاقتصاد الوطني والاستفادة من الأزمة النفطية من خلال سياسات صناعية وفلاحية وسياحية، والتي قد تصطدم -ما لم يتم الانتباه والاحتياط لذلك- بجدار عال من العقبات أهمها استمرار المقاومة لأي تغيير لا دور فيها لفواعل فترة ما قبل الحراك.منذ بداية سنوات الـ2000، شهدت البلاد استقرارا سياسيا ساهم في تحسين الأداء الاقتصادي وزيادة حجم الداخل الوطني، الوضع الذي هيّأ نسبيا المناخ الاستثماري لجذب الاستثمارات الأجنبية الجديدة، إضافة إلى انتهاج سياسيات اقتصادية جديدة ترمي إلى إعادة الاعتبار للمؤسسة كعامل اقتصادي يتمتع بالاستقلالية التامة لكن تبني هذه السياسيات لم يحقق النتائج المرجوة.
سبب ذلك، افتقار الحكومات السابقة للرؤية الاستراتيجية والقدرة على التنظيم والضبط المحكم والأهم من ذلك آليات التنفيذ والمتابعة الناجعة والتقييم حسب الأهداف المحققة.

تركيز بيان مجلس الوزراء على الفاعلية في إعداد خطة تحرك الحكومة، يدل على رغبة في حدوث تذبذب بين الأهداف المسطرة والنتائج المحققة لتفادي تأثيرها سلبا على الاستقرار السياسي والاجتماعي.
ولعل النموذج الأمثل للجزائر لتحقيق الإقلاع، كامن في إيجاد توليفة أو توازن بين النظامين الرأسمالي والاشتراكي، والتركيز على تطوير القطاع الفلاحي كقطاع مفتاحي في مرحلة أولى من الإصلاحات، والاعتماد على الادخار المحلي كمصدر أساسي للتمويل بدلا من الاستدانة من الخارج التي سيعود شبحها ليحوم مجددا، بالإضافة إلى استعادة قيم العمل لدى الفرد الجزائري والتي تحطمت على مدى العقدين الماضيين، وهو ما يفهم من خلال إصرار الرئيس تبّون في اجتماع الأحد الماضي على أبعاد سيناريو الاستدانة الخارجية من خطة عمل الحكومة واستغلال القدرات الوطنية التي ينقصها الاستشراف الجيد وقيادة ذات فاعلية تعهد إليها مهمة التنفيذ والمتابعة.

من الوهلة الأولى، يبدو من الصعب التعويل على الفلاحة والصناعة لإخراج الجزائر من التبعية والارتهان للاستيراد، والسبب أن هذين القطاعين لا يزالان يسجلان نسبة نمو ضعيفة في الناتج المحلي الإجمالي، فضلا عن أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة أو المسماة الناشئة حاليا، لا تزال غير مؤهلة لمواجهة تحديات السوق الداخلي والمنافسة الأجنبية وبالتالي فهي غير مؤهلة للنهوض بالاقتصاد في الظرف الحالي. لكن تبني هذه النظرة المتشائمة في نظر المراقبين، يعني إعلان فشل مسبق وهذا لا يليق، وإنكار لتغيير بدأ يخترق صفوف الرافضين له من المستفيدين من الوضع الراهن.

وعليه، فإن رهان الرئيس تبون على انتقال اقتصادي يؤتي ثماره في وقت قياسي، يترجم حقيقة الأوضاع الصعبة التي لا تخفى على أحد، وأن الخروج من الأزمة الاقتصادية والتخفيف من تبعاتها الاجتماعية مرهون بقرار وطني وبانخراط أكبر عدد ممن من المتعاملين الوطنيين، يتخذ من تطوير القاعدة الصناعية وتحديث والتوسع في الإنتاج الفلاحي، بالإضافة إلى الاهتمام بالتربية والتعليم لغرس قيم العمل والاجتهاد من جهة، والتكوين لتطوير مهارات اليد العاملة من جهة ثانية، وهو ما تعهد به في برنامج الرئاسي ضمن الالتزامات الـ54.

ولن يكون الانطلاق الاقتصادي ممكنا وناجعا إلا بإسناد هذه المهمة الصعبة إلى أهلها، خاصة أن أداء الحكومات السابقة لم يرق إلى مستوى التحدي الذي يتطلع إليه المجتمع، مع الأخذ بالحسبان تداعيات جائحة كورونا وانعدام الاتصال الناجع في إبراز القرارات المتخذة حتى الآن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
ولأجل ضمان عوامل نجاح هذه الخطة، ينبغي الانتباه إلى أن المؤشرات المالية الكبرى، مثل احتياطي الصرف الأجنبي والقدرة على تمويل الاستثمار الداخلي، ومعدل التضخم ونمو القطاعات الركيزة لأي اقتصاد (فلاحة، صناعة..) مؤشرات تعكس قدرة الدولة على مواجهة حالات الطوارئ بعيدا عن التسول من الخارج، ورسالة سياسية لهذا الأخير بالقدرة على إبرام شراكات بعيدة عن فكرة الاستدانة التي تعني العودة إلى منطق البقرة الحلوب الذي يصيب الحركية الجديدة في مقتل ويضيع فرصة الإقلاع الحقيقي، بعد ضبط تمويل التنمية وتأهيل اليد العاملة وحسن توظيف الموارد، وصرف النظر عن الاعتماد المبالغ فيه على الريع البترولي، وأخيرا حسن تسيير أموال الاستثمار، بتشجيع الادخار الوطني وتفعيل البنوك.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى