التحضير لشهادة البكالورياقضايا فلسفية

تحليل نص مقال فلسفي: هل العولمة إيجابية أم سلبية ؟

الموضوع : تحليل مقال فلسفي

نص المقال: هل العولمة إيجابية أم سلبية ؟

الطريقة : جدلية

مقدمة:

إن المتتبع للتاريخ البشري، يجد أن لكل حقبة تاريخية اهتماماتها وقضاياها وانشغالاتها، وفي مسيرة الفكر الإنساني، تتحد ألفاظ الحضارة، وتبرز أفكار ومفاهيم جديدة، من أهم هذه المفاهيم الجديدة لهذا القرن مفهوم العولمة الذي يفرض نفسه على الحياة المعاصرة في جميع مستوياتها الفكرية والعلمية والسياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية والتربوية، والعولمة توصف بأنها إيديولوجية الألفية الجديدة، وقد اقترن ظهورها بانتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الشيوعي وسقوط جدار برلين كرمز لانتصار النظام الليبيرالي أو الرأسمالي كإيديولوجية أحادية لكن الإشكال المطروح : هل فكرة العولمة تترتب عنها المنافع والمحاسن أم الأضرار والمساوئ ؟

التحليل :

الموقف الأول:

يعتقد الكثير من المفكرين والباحثين قد تكون حسنة لها من المزايا الكثير من جهة خدمة الإنسانية وتقريبها لبعضها ولم الشمل وتحقيق التعايش السلمي وتمكين الدول من التفتح على بعضها البعض وتأسيس حوار حضاري من خلال احترام ذات الآخر وهويته واستقلاله وتميزه وإقامة اقتصاد مشترك عادل. فهي كإيديولوجية عالمية تسعى إلى تحقيق كثير من الأهداف من بينها تعميق التأثير في الثقافات الإنسانية والسلوك الاجتماعي لإلغاء التمايزات المختلفة، بالإضافة إلى العمل على تحقيق الثراء من خلال التجارة وذلك بتوسيع الخيارات الاقتصادية وحركة الاستثمارات الدولية والأسواق العالمية المفتوحة، كما أنها تسعى لتعميم وسائل الاتصال وجعل الفرد جزءا من منظومة عالمية للاتصالات من خلال تشجيع استثمار القطاع الإلكتروني بواسطة مؤسسات كبرى متعددة الجنسيات.ومن أبرز مناصري هذا  الموقف رجال أعمال الاقتصاد الأمريكي, ونخبة من البنكيين وخاصة أولئك الذين ينتمون إلى الدول الخمس العظمى من مصرفيين وأرباب شركات عالمية، حيث يتصور ” دافيد روكفيلير” أن العالم يكون في حال جيدة لو كان محكوما من طرف جماعة نخبوية تتألف من بنكيين.

مناقشة: لكن الباحث بعمق في فلسفة العولمة وأفكارها وأهدافها يدرك أنها اتجاه غايته الهيمنة والسيطرة على العالم وجعله في نسق واحد من قبل الأقلية وانطلاقا من هذا المعنى تعد العولمة خطرا وشرا كبيرا، فهي تملك قدرة كبيرة في التغلغل والتأثير والاستحواذ على مقدرات الشعوب والحكومات.

الموقف الثاني:

يرى العديد من المفكرين والعلماء خاصة منهم دعاء الأصالة أن العولمة سلبية تترتب عليها العديد من المساوئ، فهي مادية جشعة توجهها الليبيرالية المتوحشة لذلك فهي لا تراعي أبعاد الإنسان الروحية، كما أنها هدامة للقيم تشجع على الاضطراب وخلق الفوضى والأزمات ويمكن أن تؤدي إلى الحروب لفتح أسواق جديدة، بالإضافة إلى أن العولمة سوق عالمي تحكمه لغة المال والأعمال والربح والاستغلال بلا وازع أو ضمير أخلاقي، فهي خادمة للأقوياء وأصحاب رؤوس الأموال الكبيرة وتقضي على الضعفاء في إطار التذويب الاجتماعي العالمي والقضاء على الهوية الثقافية. لهذا فالعولمة مجرد سياسة اقتصادية وإيديولوجية مقصودة تحكمها وتوجهها منظمات دولية عالمية لها سلطتها وسيطرتها على الاقتصاد العالمي كصندوق النقد الدولي والمنظمة العالمية للتجارة… كما أن العولمة ترتدي لباس الغزو الثقافي وطمس الانتماء وتدمير القيم الأخلاقية في الأمم عبر أجهزة الاتصالات والتكنولوجيات المعلوماتية الحديثة لمحو كل موروث شعبي ثقافي وإفراغه من أصالته. ومن أبرز أنصار هذا الموقف المفكر ” هارالد كليمانطا ” حيث يؤكد في كتابه ” أكاذيب العولمة العشر ” مخاطر العولمة، أهمها أن العولمة تنفلت من المراقبة، فهي لم تسقط من السماء كقضاء محتوم، إنها مقصودة وتتحكم فيها قيادة المنظمات الدولية كصندوق النقد والمنظمة العالمية للتجارة.

مناقشة: ليس من الحكمة الابتعاد عن الواقع والنظر إلى العولمة على أنها كلها سلبيات ومساوئ، بل يجب الاستفادة من كل مظاهر العولمة الاقتصادية والاجتماعية لكن شريطة المحافظة على أصالة ثقافية معينة حتى لا نفقد هويتنا وتميزنا على الآخرين أي عن الأمم الأخرى.

التركيب:

العولمة سيف ذو حدين، فقد تكون سلبية إذا لم تعرف الشعوب كيف تستفيد منها ودخلت فيها بعيون مغلقة، أما الشعوب التي تدرك كيفية الاستفادة من الآخر دون الذوبان فيه، فهي أحسنت الاستفادة من العولمة وبذلك تكون العولمة إيجابية. فالفيلسوف الألماني ” إيمانويل كانط ” يعترض على ذوبان الدول والأمم في بوتقة واحدة، ويرفض انصهار واندماج دولة أو أمة في دولة أخرى أو أمة أخرى، وبهذا فهو يفضل التعدد والتنوع على الاختلاط والاندماج من أجل المحافظة على الرصيد الحضاري وهوية الدولة، لذلك يوجب التمييز بين ما هو ذاتي خاص وبين ما هو موضوعي عالمي تشترك فيه جميع الأمم.

خاتمة:

في الأخير يمكن أن نؤكد أن المشكلة ليست في العولمة بل في كيفية التعامل بها ومعها، والمشكلة الثانية تكمن في طبيعة الشخص الذي يريد التطبيع معها، فإن كان يريد الاستفادة حقيقة من العولمة ومن لبها استطاع أن يحاكي العولمة بإيجابية، وإن لم يعرف كيفية التعامل معها وأخذ القشور منها كانت في نظره سلبية وستبقى كذلك.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى