القاموس الاقتصاديدراسات اقتصادية

تعريف النقود المعدنية

النقود المعدنية Metallic Money يقول كلاوس بیندر Klaus W. Bender في كتابه جول صناع النقود، أن “فيدون ، طاغية أرجوس، حسب الحوليات الإغريقية القديمة في أواخر القرن الثامن وبدايات القرن السابع قبل الميلاد، كان أول من اتخذ خطوات نحو سك العملات المعدنية في شمال شبه جزيرة “بيلوبونيز “. حيث كان القضاه في عهده يتقاضون أتعابهم مقابل ما يصدرونه من أحكام في صورة “أسياخ” كتلك التي تستخدم في شوي اللحوم، كان يطلق عليها اسم “أوبيلوس”. وقام فيدون بجمع تلك الأسياخ وصهرها، ثم قام بتكوين قطع معدنية منها سميت “أوبولوس” حيث عرف أنها كانت أول محاولة لسك العملات المعدنية.

والنقود المعدنية بوجه عام هي تلك العملات التي يتم سکها باستخدام المعادن بمعرفة السلطة النقدية المختصة في الدولة، وأيا ما كان نوع المعدن الذي تصنع منه . وتعتبر النقود المعدنية امتداد طبيعية للنقود السلعية السابق الإشارة إليها والتي ظهرت في أعقاب انتهاء عصور المقايضة.

تُصنع معظم العملات المعدنية حاليًا من معادن أساسية ، وتأتي قيمتها من وضعها كأموال ورقية. وهذا يعني أن قيمة العملة يتم تحديدها بموجب أمر حكومي (قانون) ، وبالتالي يتم تحديدها من خلال السوق الحرة فقط بقدر ما يتم استخدام العملات الوطنية في التجارة المحلية ويتم تداولها أيضًا دوليًا في أسواق الصرف الأجنبي. وبالتالي ، فإن هذه العملات هي رموز نقدية ، تمامًا كما هي العملة الورقية: فهي عادة لا تكون مدعومة بالمعدن ، ولكن بشكل ما من أشكال الضمان الحكومي. اقترح البعض أن هذه العملات لا تعتبر “عملات معدنية حقيقية” . وبالتالي ، هناك فرق اقتصادي ضئيل للغاية بين الأوراق النقدية والعملات المعدنية ذات القيمة الاسمية المكافئة.

تد عمر العملات النقدية من العصور القديمة حتى عصرنا الحالي، وترتبط العملات بالتاريخ الاقتصادي، وتاريخ تقنيات صك العملة، ويظهر ذلك

بواسطة الصور المطبوعة على العملات وتاريخ جمع العملات. لا تزال العملات تستخدم على نطاق واسع لأغراض نقدية واغراض اخرى.

كل تواريخ العملات النقدية الغربية تبدأ مع اختراعها في الفترة التي قبل أو بعد 700 ق م بقليل. في جزيرة أجانيطس,[1] أو وفقا للآخرين في أفسس، ليديا، 650 قبل

الميلاد.[2] الهند القديمة في حوالي القرن السادس قبل الميلاد، كانت واحدة من أوائل الجهات التي تسك العملات في العالم.[3]

منذ ذلك الوقت، كانت العملات هي الشكل الأكثر شيوعا من المال . صنعت هذه القطع النقدية الأولى من الإلكتروم ، وهو خليط أصفر شاحب ينتج طبيعيا من خلط الذهب والفضة مع مزيد من الفضة والنحاس .

أيضا، كانت العملات الفارسية مشهورة جدا في عهد الساسانيين والفرس . وعلى الأخص، في شوش(في فارس) وفي قطيسفون(عاصمة الساسانيين) .

بعض من القطع النقدية الأكثر شهرة والتي تم جمعها على نطاق واسع في العصور القديمة هي القطع النقدية الرومانية واليونانية.

سكت الإمبراطورية البيزنطية العديد من القطع النقدية (انظر العملة البيزنطية) ، بما في ذلك عملات ذهبية رقيقة جدا تحمل صورة الصليب المسيحي والعديد من الأباطرة البيزنطيين.

يعود تاريخ قبر سلالة شانغ الحاكمة إلى القرن الحادي عشر قبل الميلاد والذي يبين ما قد يكون أول عملة تونغ باي نحاسية مسكوكة. كان استخدام العملات علي نطاق واسع في فترة الدول المتحاربة وفي عهد سلالة هان الحاكمة.

بعض العملات القديمة كان يتم طرقها عند الحواف لتقليد شكل البقرة، في إشارة لقيمتها . معظم القطع النقدية المعدنية مستديرة ولكن بعضها مستطيل. أيضا الكثير من العملات، وخاصة في الصين احتوت على ثقب في مركزها حتى تسهل عملية ربطها في سلسلة .

كانت بعض العملات القديمة في أول ظهورها تصنع من الفضة النقية والذهب الخالص مثل الدرهم الفضى والدينار الذهبي في بداية الخلافة الاسلامية في القرن السابع .

العملات الفضية والذهبية هي الأوسع انتشارا ومعروفة عالميا عبر التاريخ، حتى يومنا هذا. مازالت مصانع صك العملة حول العالم تنتج الملايين من عملات الذهب والفضة، مثل العملة الفضية الكندية (تحتوي علي 99.99 % من الفضة في مكوناتها وعليها نقش ورقة شجرة القيقب ) العملة الأمريكية الذهبية ( عليها نقش النسر الذهبى الامريكى ) والعملة الذهبية الأسترالية. كما ان استخدام النحاس، النيكل، والمعادن الأخرى منتشر أيضا ولكن في نطاق أقل .

تقنيات صك العملات

قد تكون العملات المعدنية متداولة بقيم فيات أقل من قيمة المعادن المكونة لها ، ولكنها لا تصدر أبدًا بهذه القيمة ، ولا ينشأ النقص إلا بمرور الوقت بسبب التضخم ، حيث تتجاوز قيم السوق للمعدن القيمة الاسمية المعلنة.

أشكال النقود المعدنية

  1. النقود الموزونة : ويقول الدكتور سنوسي على أن النقود المعدنية كانت توزن حسب القانون الروماني عند أي معاملة بحضور شخص يعرف بأنه “حامل الميزان” الذي يقوم بوزن المعدن من أجل إثبات شرعية المعاملة ومنع الغش، ثم يقوم بتسليم البائع أو الدائن قيمة مبيعه أو قيمة دينه. ومع ذلك أن استخدام المعادن كان يتطلب أن يحمل المشتري في كل مرة يقرر فيها الشراء كميات من أي من هذين المعدنين تختلف فيما بينها من حيث الشكل والوزن، وكان على الطرف البائع دائما أن يوكل “حامل الميزان”، أو أن يقوم بوزن وتقييم ما يقدم إليه من المشتري بنفسه حتى يستطيع أن يقارن بين السعر الذي يعرض به سلعته والثمن الذي يقبضه من المشتري، وهو دون شك أمر شاق.
  2. النقود الحسابية : هي نقود تأخذ شكل كرات معدنية يتم الطرق عليها وهي ساخنة لتصبح مسطحة الشكل، وعادة ما | ينتج عن عملية الطرق أشكالا غير متسقة لا من حيث الشكل أو من حيث الوزن.
  3. النقود المسكوكة : وأدى اكتشاف أو اختراع ما يسمى بالمسكوكات Coinage إلى الحد من صعوبات الوزن المتكرر، فالمسكوكة هي قطعة من المعدن يتم صهرها وصبها في قالب محدد الشكل، ويقوم الحاكم بختم القالب بخاتمه محددة عليه وزن المسكوكة المعدنية وقيمتها. وكانت قيمة المسكوكة تتحدد بناء على القيمة السوقية اللوزن الذي تحتويه من المعدن، وتعرف القيمة المختومة على المسكوكة باسم القيمة الإسمية أو القيمة الظاهرية للمسكوكة Face Value of the Coin.

أنواع النقود المعدنية من حيث القيمة

مع الوصول للمسكوكات، أمكن التعرف على نوعين من النقود المعدنية هما النقود ذات القيمة الكاملة، والنقود المساعدة استنادا لقيمة المعدن الذي تحتويه كل مسكوكة. وسنعرض لهذين النوعين فيما يلي:

1- النقود المعدنية ذات القيمة الكاملة : هي تلك النقود التي تحتوی وزنة من المعدن المصنوعة منه يعادل في قيمته السوقية – إذا ما تم صهر المعدن وبيعه كسلعة – القيمة الاسمية لها. ولقد ظهرت هذه النقود في صورة النقود الذهبية – كالجنيه الإنجليزي الذهبي (الجنيه المنقوش عليه وجه الملك إدوارد أو الملكة فيكتوريا والمستخدمان حاليا في الحلي والمجوهرات)، الذي شاع استخدامه إبان الحرب العالمية الأولى. والملاحظ اختفاء هذا النوع من النقود من التداول کو سیط نقدي منذ فترة، وحدث ذلك عندما زادت قيمة الذهب الذي تحتويه في السوق عن القيمة المنقوشة عليه كعملة، فأصبح الجنيه الذهبي الإنجليزي يزيد عن قيمه المسكوكة كثيرة، ولذلك فهو يستخدم حاليا في الحلي والهدايا.

بعض المسكوكات المعدنية المصرية الجيدة - عملات معدنية نادرة
بعض المسكوكات المعدنية المصرية الجيدة – عملات معدنية نادرة
2- النقود المعدنية المساعدة : النقود المعدنية المساعدة Token Money، أو النقود غير الكاملة، هي النقود المعدنية التي تكون قيمتها الرسمية أقل من القيمة السوقية للمعدن المصنوعة منه. وينطبق هذا الأمر على كافة العملات المعدنية المساعدة التي كان يتم تداولها في مصر حتى وقت قريب من 5 قروش و10 قروش و25 قرشا 23، والتي كانت مصلحة سك العملة التابعة الوزارة المالية بسكها وطرحها للتداول في مصر.
وبوجه عام تستخدم العملات المعدنية المساعدة كوسيلة لتسوية المعاملات صغيرة الحجم منخفضة القيمة، وتقوم الدولة في العصر الحديث بسك هذه العملات المساعدة بما يتناسب مع الطلب على النقود لغرض تسوية المدفوعات اليومية الصغيرة نتيجة مشتريات ومبيعات أفراد المجتمع.
الجنيه الإنجليزي ويحمل صورة الملكة فيكتوريا وجنيه الملك إدوارد
الجنيه الإنجليزي ويحمل صورة الملكة فيكتوريا وجنيه الملك إدوارد

اختلاف قيمة المعدن عن القيمة الاسمية للنقود المعدنية

تحمل النقود المعدنية خاصية هامة تميزها، تتمثل في أن المسكوكة المعدنية تعتبر ذات قيمة ذاتية Has Intrinsic Value، فمحتواها من المعدن له قيمة سوقية تتحدد وفقا القيمة وزن المعدن الداخل في صناعة أو سك تلك المسكوكة كنقود. فزيادة القيمة السوقية للمعدن عن قيمة المسكوكة كعملة يجعل الإقبال عليها كسلعة أو كأصل ذا قيمة يفوق الإقبال عليها كنقود، مما يؤدي إلى طلبها لذاتها، والعكس صحيح. وبالطبع لا يمكن أن تستمر القيمة السوقية للوزن من المعدن الداخل في المسكوكة معادلة القيمتها الإسمية أو الظاهرية لفترة طويلة نظرا لأن قيمة المعدن الداخل في عملية سكها تتحدد بناء على قوى العرض والطلب في السوق.

ويذكر أن البعض قد لجأ وقت شیوع استخدام المسكوكات أو النقود المعدنية – حال ارتفاع القيمة السوقية للمعدن الداخل في صنع المسكوكة – إلى نشر وبرد حوافها، وبيع ما ينتج عن تلك العملية في السوق (26. وتاريخية، قام بعض الحكام أيضا يجمع المسكوكات القديمة وصهرها وإعادة سكها في وحدات ذات أوزان أصغر وبكميات أكبر محققين بذلك أرباحا كبيرة في عملية عرفت باسم عملية تخفيض قيمة المسكوكة Debasing.

ونتيجة لخاصية عدم ثبات قيمة المعادن سوقية لا يحتاج الأمر لقيام جهة ما بتقديم ضمان بثبات قيمة العملات المعدنية لجمهور المتعاملين بها. وبحلول القرن التاسع انحصرت العملات المعدنية في الذهب والفضة، حيث اتخذت النقود المعدنية عدة مسميات منها النقود الذهبية عندما كان الذهب هو المعدن المستخدم في سكها، والنقود الفضية حينما كانت الفضة تستخدم لذات الغرض. ثم عاد الأمر مرة أخرى إلى استخدام السبائك المعدنية.

قانون جريشام

ويفسر اختفاء العملات المعدنية بالقاعدة التي صاغها -1519) Sir Thomas Gresham 1599 في القرن السادس عشر كأحد القوانين الاقتصادية القديمة بما عرف باسم “قانون جريشام Gresham’s Law ” الذي ينص على أن النقود الرديئة (الي تقل قیمتها كمعدن عن قيمتها كعملة) تطرد النقود الجيدة (النادرة أو التي تزيد قيمتها السوقية كمعدن عن قيمتها كعملة من التداول Bad money drives out good. حيث يميل الأفراد إلى الاحتفاظ بالعملات المعدنية الجيدة، ومقابل ذلك يميلون إلى التخلص من النقود الرديئة باستمرار استخدامها في عمليات الشراء والبيع.
ولعل القارئ يلاحظ اختفاء بعض العملات المعدنية المصرية القديمة مثل القرش النحاسي الأحمر والخمسة قروش والعشرة قروش الفضية، وهي العملات التي كانت متداولة في خمسينيات القرن العشرين بسبب تحولها إلى نقود جيدة أو نقود نادرة أو نقود ذات قيمة سوقية كبيرة.
ويخلص من قانون جريشام بقاعدة مهمة هي أن كل العملات المعدنية الجديدة يجب أن تحتوي على وزن من المعدن تكون قيمته السوقية أقل من القيمة الاسمية لوحدة العملة. وقد أصبحت هذه القاعدة تمثل العرف السائد في عمليات سك العملة حتى الآن.
بعض النقود المعدنية المصرية المندثرة
بعض النقود المعدنية المصرية المندثرة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى