تكييف استخدام الحرب الالكترونية في النزاعات المسلحة وفقاً للقانون الدولي الانساني
الملخص
ربما كان يصعب التفكير في وجود الحرب الالكترونية (المعلوماتية) والآثار الناجمة عنها طالما لم تكن هنالك حرب حقيقية تدور على ارض الواقع، ولكن الواقع اليوم، تجاوز هذا الاعتقاد وامتد بخطى واسعة الى ما يشابه فترة ظهور الطائرات الحربية للمرة الاولى، في عام 1914، التي بدأت مهامها بالاستطلاع ثم تحولت لتنفيذ اغراض حربية، ولم يكن استخدام الطائرات الحربية في ذلك الوقت منظماً بقانون كما لم يكن القانون الدولي الانساني بصيغته القائمة. واليوم ظهر استخدام أطراف النزاعات المسلحة لمنظومات الأسلحة التي يتم التحكم بها عن بُعد كالطائرات بدون طيار، والأسلحة الأوتوماتيكية، والمنظومات الآلية كالرجال الآليين لأغراض القتال في ساحة المعركة ويثير استخدام كل من هذه التكنولوجيات عدداً كبيراً من المسائل القانونية [i]. ويمكن ان يمثل استخدام الانترنيت كوسيلة في الحرب، جزء من حرب المعلومات، التي تشمل الحرب باستخدام سلاح المعلومة سواء كانت من خلال الانترنيت أو القنوات الفضائية أو وسائل الإعلام الأخرى المسموعة والمرئية، وغيرها[ii]. او استخدامه لتوجيه اسلحة او لتعطيل دفاعات العدو في الميدان، او للتحكم في التوجيهات او المعلومات التي يجب ان يتم انتقالها عبر الشبكات لتنفيذ اوامر القادة، وغير ذلك من الوسائل المؤثرة على سير النزاع.
ولا تخفى اهمية هذا الموضوع في ظل تطور وتغير طبيعة النزاعات المسلحة التقليدية، خصوصا ان الامن الالكتروني بات يوضع في اعلى سلم التهديدات التي تواجه الدول الكبرى، في ظل صراعها المتنامي للتدخل في مناطق النزاعات المسلحة، التي تمتلك فيها مصالح ستراتيجية، دون ترك ادلة تكشف هوية الفاعل . والحرص على التدخل دون خسائر تذكر من الناحية البشرية ، وقد كان احتلال العراق في 2003 مسرحا لتجارب وصور وانواع متعددة من الحروب وكانت الحرب الالكترونية من بينها، وربما كانت دراسة مدى انطباق القانون الدولي الانساني على الحرب الالكترونية جزء من الجانب الموضوعي والجوهري لتكييف صور النزاعات الاخرى التي تستخدم في مواقع التواصل والحرب الاعلامية والاسلحة الموجهه عن بعد والمقاتليين الاليين الذي تجري التجارب لاعتمادهم في النزعات المسلحة، التي تجري كل يوم باليات ووسائل اكثر حداثة واقل انسانية وان كان البعض يرى فيها دقة فائقة لا يمكن التغاضي عنها.