نظرية العلاقات الدولية

تيارات الإتجاه المعياري للعلاقات الدولية

 النظرية المثالية في العلاقات الدولية:

 تمهيد
مفهوم النظرية المثالية
مرتكزات وأسس النظرية المثالية
مجالات اهتمام المثالية

 أهم المعايير التي يعتمدها المثاليون في تحليل السياسة الدولية

_  تمهيد: 

          تعد النظرية المثالية إحدى الاتجاهات المعيارية في تحليل العلاقات الدولية فإن دراسة العلاقات بهذا المنهج قديمة قدم العلاقات فمند فجر العصور الحديثة والفلاسفة المثاليون يتناولون هذه العلاقات في ضوء القيم المثالية ويعتبرون الفكر الإنساني هو الحكم الأعلى في القضايا الأخلاقية. فإلى أي مدى نجحت النظرية المثالية في معالجتها لقضايا العلاقات الدولية.

أولا_ مفهوم النظرية المثالية:

         يمكن تعريف النظرية المثالية بأنها تلك الطريقة المنهجية المميزة في العلاقات الدولية والتي تساعد اطرافها( النظام الدولي ، المنظمة الدولية ، الدولة ) على بلوغ اهداف محددة ، تصب جميعها في تكريس  الحقيقة الفاضلة باعتبارها جاءت لتنقذ الانساني وتجعله  يواصل مشواره في هذه الحياة ، ولو من الناحية النفسية برفع معنوياته ، وتجديد طموحاته وآماله  الخيالية وغير الخيالية في مستقبل افضل .

           من خلال التعريف السابق يتضح لنا انها لا تريد الإبقاء على الوضع القائم، وانما تريد تغييره. وهو ما يتضح من الاهداف التي تصبو الى تحقيقها والتي تدور حول بلوغ مجتمع دولي افضل يقوم بالأساس على المبادئ الاخلاقية المستمدة من المبادئ الدينية والقانونية.  [1]

ثانيا_ نشأة النظرية المثالية:

           يعتقد الباحثون في نظرية العلاقات الدولية أن أهم فترة ازدهرت فيها أفكار النظرية المثالية هي فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى التي واكبت الإعلان عن إنشاء عصبة الأمم وأفكار الرئيس الأمريكي” ويلسن” المثالية التي نادي بها في مؤتمر فرساي عام 1919 في فرنسا والتي كانت تطالب بعالم أكثر أمنا ونبذ اللجوء إلى الحرب لحل المشكلات السياسية ورفض المعاهدات السرية بين الدول بشكل يجعل العالم يلجأ إلى الأدوات القانونية والسياسية في التعامل مع المشاكل العويصة ومن بين هذه الأدوات التحكيم الدولي, القضاء الدولي, المفاوضات, التحقيق, الوساطة.

         أما من ناحية الخلفية النظرية للمثالية فهي ترجع إلى أفكار جيريمي بنتهام في القرن التاسع عشر من خلال كتاباته التي حاول فيها بلورت الكثير من المفاهيم والمبادئ المثالية. ومن الأفكار الأساسية التي طرحها فكرة الأخلاقية العقلانية. فهو يرى أن الخير هو’إعطاء أكبر درجة من السيادة لأكبر عدد من الناس’ بل بالإضافة إلى أن هناك مقاييس أخلاقية مطلقة وفريدة وعامة في المجتمع الإنساني ثم جاء تلميذه جيمس ميل الذي ركز على دور الرأي العام وأهميته وضرورة الاعتماد عليه واعتبر أنه حين تعرض عليه أي قضية بشكل عقلاني.

ثالثا_الأخلاق والدين كمرتكزات للنظرية المثالية:

          يرى أنصار النظرية المثالية أنه كما هي الأخلاق ضرورية في علاقات الناس العادية وحياتهم الاجتماعية والشعور المجتمعي ودورها في تنظيم وترتيب العلاقات الإنسانية في المجتمع، هي كذلك ضرورية للعلاقات بين الدول ويخول لها نفس الدور. وتعد الأديان مصدر العديد من مبادئ العلاقات الدولية في نظر المثاليين باعتبار الوعاء الذي يحتوي الأخلاق والإلزامات والواجبات والحقوق وكذلك نظام متكامل للتقييم السياسي. فالحرب الهجومية بالنسبة للأديان جريمة إنسانية تستحق الإدانة والشجب.[2]

رابعا_ مجالات إهتمام المثالية:

1_ القانون الدولي:

        لا يكتب استقرار للعلاقات الدولية إذا لم يكن للقانون الدولي المكان اللازمة في ضبط وتنظيم سلوك الفواعل الدولية وفض النزاعات التي تنشب بينهم, فالنسبة للمثاليين القوانين تلزم الدول الأعضاء في المجتمع الدولي في علاقاتهم المتبادلة.من الناحية الأكاديمية يدعو المثاليون إلى دراسة وتدريس القانون الدولي والمنظمات الدولية بغية القضاء على النزاعات وإقامة تنظيم أفضل للعالم وخدمة أهداف السلم ودعم وتطوير التفاهم الدولي. وكان من أبرز كتاب القانون الدولي والمنظمات في تلك الفترة جيمس برايلي, وكلايد ايتلتون, وشارلز فانويك, وقد تمثل الاهتمام النظري عند الباحثين في تقديم نظرية قيمية أومعيارية.

2_ المنظمات الدولية: حيث ركز المثاليون على التأكيد على دور المنظمات الدولية كإطار دولي للحفاظ على السلم والأمن الدوليين. ومن ثم فهم يعتقدون أن عصبة الأمم وميثاق باريس وميثاق الأمم المتحدة قد حققوا نجاحا في تقييد القضايا المشروعة والتي يمكن أن تكون السبب في نشوب الحرب بين الدول العظمى والأهم من ذلك هو أنه بفضل الأمم المتحدة أصبح هناك امكانية تمييز السلوك الدولي الشرعي وغير الشرعي وبدأت مسألة الشرعية الدولية وهي قضية.[3]

           إن هذا المنهج يعتمد بالأساس على جملة من المبادئ والقيم والمثل التي يعتنقها دعاة هذا المنهج . فقد حاولوا أن يقيموا وفقا لتصوراتهم نظاما دوليا مثاليا يتلاءم مع القيم والمبادئ والمثل التي دعوا إليها.  إن النظام الدولي الذي يتصوره هذا المنهج قائم على حكم القانون والخضوع لسلطة التنظيم

الدولي في كل ما يتعلق بشؤون المجتمع الدولي . ولو نظرنا إلى ديباجة ميثاق الأمم المتحدة التي تعلن نبذها لمبدأ العنف والعدوان، وتدعو إلى ارتقاء سلطة التنظيم الدولي وحل الخلافات الدولية بالطرق السلمية ، لرأيناها مثالا واضحا يعكس جوهر هذا المنهج. إلا أن التصورات المثالية لا يمكن أن تشكل بذ اتها نظرية أو هيكلامحددا يمكن تحليله والتعرف إلى الجوانب المختلفة التي تحكم عمل ه ،لكنه يقوم على استخدام مقاييس الصواب والخطأ في إطار من القيم الأدبية والأخلاقية التي لا تعكس الأوضاع الحقيقية للمجتمع الدولي الذي لايزال حتى وقتنا الحاضر يعلق أهمية كبيرة على القوة كأداة تخدم سياسات الدول وأهدافها القومية.[4]

        كخلاصة نستطيع القول أن المثالية برزت  كمدرسة في مرحلة مبكرة بعد الحرب العالمية الأولى حيث انطلقت من المبدأ القائل بميل الإنسان الفطري أو الطبيعي نحو الخير، وتعود جذور المدرسة المثالية إلى الفلسفة القديمة التي سعت إلى إقامة الحياة الفاضلة والمدينة الفاضلة في المجتمع الإنساني .

           لقد ركزت المدرسة المثالية على دور لضمير الإنسان أو الضمير العالمي في ضبط العلاقات الدولية بواسطة وضع معايير أخلاقية. كمااستند بعض المثالين إلى دور القانون الدولي في ضبط الاتصال بين الدول وتأمين المصالحة المشتركة. 

 النظرية اليبرالية في العلاقات الدولية

اولا _ ﻧﺸﺄة اﻟﻠﻴبراﻟﻴﺔ وﺟذورﻫﺎ:

         يرى تيم ين انه يمكن فهم  التفكير الليبرالي حول العلاقات الولية من خلال عدة طرق للسلام المطروح من قبل الفلاسفة وعلماء اللاهوت منذ القرن 16 وما بعده . اذ يرفض هؤلاء المفكرون ان فكرة النزاع هو حالة طبيعية في العلاقات بين الدول ، وإنما يمكن ان تكون الدولة مسالمة  بواسطة العناية بإدارة ميزان قوى السياسات وبناء التحالفات ضد الدولة المهددة للنظام الدولي كما يعد ايرسميس اول من كرر المفهوم الليبرالي للسلم والذي يعني ان الحرب هي غير محتملة وللتغليب عليها ، لابد على الملوك وأمراء اوربا ان يرغبوا في السلام.

            من ناحية اخرى ركز المفكرون اليبراليون الاوائل الاخرون على الحاجة الى بنيات مؤسساتية تكبح الاطراف الدولية التي تخرج عن القانون . وبالاتجاه نحو نهاية القرن 17، نجد ان وليام   بانن قد دافع عن البرلمانية الاوربية. كما يرى تيم دين ان هذه التفضيلات الكبيرة للافكار من بعض الرواد الاوائل للتفكير الليبرالي في العلاقات الدولية تبين كيف انه منذ ان تحدث بانن حول البرلمانية في عام 1963، الى الاتفاقية حول الاتحاد الاوربي في عام 1992، ظهرت موضوعات مشتركة تشملها البيرالية ، لكن الموضوع الاهم هنا هو اخضاع الارادات المنفصلة للدول منفردة الى ارادة جماعية متفق عليها بواسطة العمل الجماعي .

         كذلك يرى تيم دين ان “ايمانويل كانت” و” جيرمي بنثام”  كانا رائدين لليبرالية الدولية في عصر التنوير ن من جهة اخرى تعد فكرة النظام الطبيعي التي تقوم عليها المجتمع الانساني حجر الزاوية للنزعة التدويلية اليبرالية .[5]

         لقد ﻧﺸﺄت اﻟﻠيبراﻟﻴﺔ في اﻟتغيرات اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ التي ﻋﺼفت ﺑﺄورﺑﺎ ﻣنذ بداﻳﺔ اﻟﻘﺮن اﻟﺴﺎدس ﻋﺸـﺮ الميلادي، وطبيعة اﻟتغير اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻟﻔﻜﺮي ياتي ﺑﺸكل ﻣتدرج ﺑطﻲء. وﻫﻲ لم ﺗﺘﺒﻠور ﻛنظرية في اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎد واﻻﺟﺘﻤﺎع ﻋﻠﻰ يد ﻣﻔكر واحد  بل أسهم عدة ﻣﻔكرين  في إعطائها ﺷﻜﻠﻬﺎ اﻷﺳﺎﺳﻲ وطاﺑﻌﻬﺎ المميز. [6]>

ثانيا_ مفهوم الليبرالية:

          ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ كلمة ﻤﺸﺘﻘﺔ ﻤﻥ ﺃﺼل ﻻﺘﻴﻨﻲ، ﻭﻫﻲ ﺘﻌﻨﻲ “ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﺤـﺭ ” ﺃﻭ ﺘﻌﻨﻲ “ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩﻴﺔ “. ﻭﻗﺩﻤﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺭﺅية ﺠﺩﻴﺩﺓ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ، ﻭﺼﻔﻬﺎ ﻋـﺎﻟﻡ ﺍﻻﺠﺘﻤﺎﻉ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻲ “ﺃﻤﻴل ﺒﻭﻻ ” ﺒﻘﻭﻟﻪ: “ﺇﻥ ﻫﺫﻩ ﺍﻷﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺎ ﺍﻟﺘـﻲ كشفها ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ ﻟﻠﻌﺎﻟﻡ. ﻭﺍﻟﻭﺠﻭﺩ، ﺒﺈﻋﻼﻨﻬﻡ : ﺃﻥ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻫﻭ ﻗﻴﻤﺔ ﺒﺤﺩ ﺫﺍﺘﻪ ﻭﻴﻨﺒﻐﻲ ﺃﻥ ﻴﺤﺘﺭﻡ ﺒﻐﺽ ﺍﻟﻨﻅﺭ ﻋﻥ ﺩﻴﺎﻨﺘﻪ ﺃﻭ ﻤﺫﻫﺒﻪ ﺃﻭ ﻤﻌﺘﻘﺩﻩ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﻲ . ﻭ ﻋﺼﺭ ﺍﻷﻨﻭﺍﺭ، ﻗﺩﻡ ﺃﻓﻜﺎﺭﺍ ﺠﺩﻴﺩﺓ ﺭﺒﻁﺕ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﺍﻟﻌﻠﻤﻲ ﻭﺍﻟﺘﻘﻨﻲ ﺒﻔﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ، ﺒﺎﻟﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺜﻘـﺎﻓﻲ ﻭﺍﻷﺨﻼﻗﻲ، ﻭﻭﻀﺤﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺒﻴﻥ ﻓﻜﺭﺓ ﺍﻟﺘﻘﺩﻡ ﻭﺒﻴﻥ ﺴﺒل ﺴﻴﻁﺭ ﺓ ﺍﻹﻨﺴـﺎﻥ  ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻁﺒﻴﻌﺔ ﻭﺘﺴﺨﻴﺭﻫﺎ ﻓﻲ ﻤﺼﻠﺤﺘﻪ.[7]

          ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻫﻲ اﻴﺩﻴﻭﻟﻭﺠﻴﺔ ﺍﻫﺘﻤﺎﻤﻬﺎ ﺍﻟﻤﺭكزي ﻴﻨﺼﺏ ﻋﻠﻰ ﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻔﺭﺩ، ﻭﺘﻌﺘﺒﺭ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺍﻟﻤﺒﺩﺃ ﻭﺍﻟﻤﻨﺘﻬﻰ، ﺍﻟﺒﺎﻋﺙ والهدف ﺍﻷﺼل ﻭﺍﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﻓﻲ ﺤﻴﺎﺓ ﺍﻹﻨﺴﺎﻥ. ﻭﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﻭﻥ ﻴﺭﻭﻥ ﻓﻲ ﺘﺄﺴﻴﺱ ﺍﻟﺩﻭﻟﺔ ﺍﺴﺘﺠﺎﺒﺔ ﻟﻀﺭﻭﺭﺓ ﺤﻤﺎﻴـﺔ ﺍﻟﺤﺭﻴﺔ ﺴﻭﺍﺀ ﻤﻥ ﺍﻋﺘﺩﺍﺀﺍﺕ ﺍﻷﻓﺭﺍﺩ ﺃﻭ ﻤﻥ ﺍﻟﺩﻭل ﺍﻷﺨﺭﻯ، ﻭﺍﻟﺤﻜﻭﻤﺔ ﻴﺠﺏ ﺃﻥ ﺘﻜﻭﻥ ﺩﺍﺌﻤﺎ ﺤﻜﻭﻤﺔ ﺨﺎﺩﻤﺔ ﻟﻺﺭﺍﺩﺓ الجماعية ﻭﺍﻟﻤﺅﺴﺴﺎﺕ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻴـﺔ ﻫﻲ ﺍﻟﻭﺴﺎﺌل ﺍﻟﺘﻲ ﺘﻀﻤﻥ ﺫﻟﻙ. ﺃﺜﻨﺎﺀ ﺘﻁﻭﺭﻫﺎ ﺍﻟﺘﺎﺭﻴﺨﻲ ﻤﺭﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﺒﺄﺭﺒﻌﺔ ﻤﺭﺍﺤل:

1 ﻤﺭﺤلة  ﺍﻟﺘﻜﻭﻴن : ﺤﻴﺙ كاﻨﺕ ﻭﺠﻬﺎ ﻤﻥ ﻭﺠﻭﻩ ﺍﻟﻔﻠﺴﻔﺔ ﺍﻟﻐﺭﺒﻴﺔ ﺍﻟﻤﺭﺘﻜﺯﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﻭﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﺫﺍﺕ.

2 ﻤﺭﺤلة الاكتمال: ﻭﻫﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺸﻬﺩﺕ ﻅﻬـﻭﺭ ﻋﻠـﻡ ﺍﻻﻗﺘﺼـﺎﺩ ﻭﻋﻠـﻡ ﺍﻟﺴﻴﺎﺴﺔ. ﻭﻫﻲ ﻤﺭﺘﻜﺯﺓ ﻋﻠﻰ ﻤﻔﻬﻭﻡ ﺍﻟﻔﺭﺩ ﺍﻟﻌﺎﻗل ﺍﻟﻤﺎﻟﻙ ﻟﺤﻴﺎﺘﻪ ﻭﺒﺩﻨﻪ ﻭﺫﻫﻨﻪ ﻭﻋﻤﻠﻪ.

3 ﻤﺭﺤلة ﺍﻻﺴﺘﻘﻼل: ﺤﻴﺙ ﻨﺯﻋﺕ ﺍﻟﻠﻴﺒﺭﺍﻟﻴﺔ ﻤﻥ ﺃﺼﻭﻟﻬﺎ ﻜل ﻓﻜﺭﺓ ﺘﻨﺘﻤـﻲ ﺇﻟﻰ ﺍﻹﺘﺠﺎﻩ ﺍﻟﺩﻴﻤﻘﺭﺍﻁﻲ ﺒﻌﺩ ﺘﺠﺭﺒﺔ ﺍﻟﺜﻭﺭﺓ ﺍﻟﻔﺭﻨﺴﻴﺔ.

4. ﻤﺭﺤلة ﺍﻟﺘﻘﻭﻗق: ﺤﻴﺙ ﺃﺼﺒﺤﺕ ﺘﻌﺘﺒﺭ ﺃﻨﻬـﺎ ﻤﺤﺎﻁـﺔ ﺒﺎﻷﺨﻁـﺎﺭ ﻭﺃﻥ ﺘﺤﻘﻴﻘﻬﺎ ﺼﻌﺏ ﺇﻥ ﻟﻡ ﻴﻜﻥ ﻤﺴﺘﺤﻴﻼ، ﻟﻤﺎ ﺘﺴﺘﻠﺯﻡ ﻤﻥ ﻤﺴﺒﻘﺎﺕ ﻏﻴﺭ ﻤﺘـﻭﻓﺭﺓ ﻟﺩﻯ ﺍﻟﺒﺸﺭ ﻓﻲ ﺃﻏﻠﺏ ﺍﻷﺤﻴﺎﻥ. ﺒﻨﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻙ ﻴﻤﻜﻥ ﺍﻟﻘﻭل ﺒﺄﻥ ﻟﻠﺒﻴﺭﺍﻟﻴﺔ ﻤﻌﻨﻴﻴﻥ ﻤﺘﺩﺍﺨﻠﻴﻥ، ﺍﻷﻭل ﻓﻠﺴﻔﻲ ﻜﻤﺎ ﺘﻁﻭﺭ ﻤﻨﺫ ﻋﺼﺭ ﺍﻟﺘﻨﻭﻴﺭ، ﻭﺍﻟﺜـﺎﻨﻲ ﺍﻗﺘﺼـﺎﺩﻱ ﻭﻤـﺭﺘﺒﻁ ﺒﺎﻗﺘﺼـﺎﺩ.[8]

ثالثا_المفاهيم الاساسية لليبرالية:

1_ الامن الجماعي: بمعنى ان امن دولة عضو هو امن الكل ، حيث توافق الدولة على المشاركة على الرد الجماعي على اي اعتداء من اي طرف داخلي او خارجي.

2_الشرطية: وهي الحالة التي تقوم فيها الدول او المؤسسات الدولية بفرض شروط على الدول الكبرى والدول النامية لتطوير توزيع المنافع الاقتصادية.

3_ النموذج العالمي للديمقراطية: حيث يتطلب انشاء برلمانات جهوية وتوسيع سلطات هذه الاجهزة الجهوية .

4_ السلم الديقراطي: وتعني استحالة التفكير في الحرب بين الدول اليبرالية.

5_تشجيع الديمقراطية: وهي استراتيجية تتتبناها الدول اليبرالية من خلال المساعدات الاقتصادية لنشر القيم الليبرالية

6_حركة التنوير: وفقا للمفكرين العقلانيين في القرن الثامن عشر، فإن الافكار الاساسية للتنوير هي:

التقدم واستقلالية العقل وسيادة  العلم والمعرفة ونشر الحرية، كعناصر اساسية للازدهار الانسانية.

7_المثالية: وتقوم على الاعتقاد بان تحقيق السلم والأمن الدوليين من خلال المنظمات الدولية.

8_التكامل: هو عملية اتحاد وتقارب بين الدول، في سياق جهوي او دولي .

9_ الاعتماد المتبادل: وهو حالة تكون فيها الدول متاثرة بما يحدث في دولة اخرى.

10_ اليبرالية: هي ايديولوجية تعني حرية الفرد

11_ النزعة التدويلية الليبرالية: هي ان الاتصالات بين الشعوب من خلال التجارة والسياحة والاعلام. [9]

      وبناء عليه فإن انتهاء الحرب الباردة بدون حرب والتحول السلمي في المعسكر الشرقي يعد ان انتصارا كبيرا للنظرة الاخلاقية للعلاقات الدولية التي تحرص على ارساء اسس السلم والامن العالميين، وفض النزاعات والصراعات بالطرق السلمية . ومايبرهن على تكريس التحولات الهيكلية للنظام الدولي القائم للنظرة الاخلاقية هو ادعاء انصار هذا النظام بان المحافظة عليه.[10]

 النظرية اللبرالية الجديدة:

نشأت الليبرالية الجديدة وجذورها :

           نشأت نظرية الاعتماد المتبادل كنقد للنظرية الواقعية في سبعينيات القرن العشرين، فتحدَّت الفكرة الواقعية التي مفادها أنَّ الدولة هي الكيان الأهم في العلاقات الدولية. وشدد واضعو نظرية الاعتماد المتبادل على أهمية الجهات الفاعلة من غير الدول،كالشركات متعددة الجنسيات، والدور الفعال الذي تضطلع به في مجتمع عالمي أكثر تعقيدًا، باتت فيه القوة العسكرية أقل أهمية بكثير، أو تكاد لا تربطها صلة بتشكيل العلاقات بين البلدان.

         ويتداخل نهجَا المؤسسية الليبرالية والاعتماد المتبادل إلى حد بعيد؛ فكلاهما يتطلع إلى الطبيعة البشرية من منظور أكثر تفاؤلًا، ويتشاركان الرأي القائل إن زيادة الاعتماد المتبادل تقوِّي مؤسسات التعاون الإقليمي، وتفتح آفاقًا أفسح فيما يتعلق بتعزيز الأمم المتحدة وتطوير آليات الحوكمة العالمية. ومن الممكن بالتأكيد أن يشير أصحاب نظرية المؤسسية الليبرالية إلى حقيقة أن الأغلبية العظمى من التعاملات بين الدول سِلمية، وتُدار وفقًا للقانون الدولي، في إطار المصلحة المشتركة للدول الأطراف. وإن نشأة الاتحاد الأوروبي وتطوره يمكن النظر إليهمامن منظور ليبرالي على أنهما رد حاسم أفحم المقتنعين بأن السياسة الدولية لا ترتكز إلاعلى السعي المستمر وراء السلطة والمزيد من السلطة، وأنها لا بد أن تكون تنافسًا نتيجته خسارة كاملة أو ربح كامل.[11]

الملامح الرئيسية لليبرالية الجديدة :

1_هيمنة السوق:

         هو رفع كافة القيود التي تفرضها الحكومات على المشروعات الخاصة، مهما كانت التبعات الاجتماعية والأضرار التي يتسبب فيها رفع هذه القيود. ومزيد من الانفتاح على التجارة والاستثمار الدولي. وتخفيض الأجور،وتهميش حقوق العمال التي حصلوا عليها عبر سنوات من الكفاح. وعدم التدخل لضبط الأسعار. وإتاحة الحرية الكاملة لحركة رؤوس الأموال والبضائع والخدمات.

2_ تقليص الإنفاق على الخدمات الاجتماعية:

         مثل التعليم والرعاية الصحية، وتخفيض الإنفاق على الضمان الاجتماعي، وصيانة الطرق والكباري، وخدمات المياه النظيفة والكهرباء، تحت مسمى تقليص دور الدولة. وبالطبع لا يعارضون الدعم الحكومي لرجال الأعمال.

3_التحرير:

 تقليص التدخل الحكومي في أي شيء قد يخفض الربح، حتى فيما يختص بتهديد البيئة والأمان الصناعي.

4_الخصخصة:

        بيع المشروعات والبضائع والخدمات التي تمتلكها الدولة إلى رجال الأعمال. ويتضمن هذا بيع البنوك والصناعات الحيوية والسكك الحديدية والكهرباء والمدارس والمستشفيات، وغيرها. ورغم أن البيع يتم بحجة البحث عن كفاءة الإدارة، إلا أن الخصخصة تسببت في مزيد من مركزة الثروة في يد قلة من رجال الأعمال، واضطرت الجمهور إلى دفع المزيد مقابل احتياجاته.

5_القضاء على مفهوم “الصالح العام” أو “المجتمع”:

         واستبداله بمصطلح “المسؤولية الفردية”، والضغط على الشرائح الأفقر في المجتمع من أجل البحث عن حلول لمشاكلهم الخاصة بنقص الرعاية الصحية والتعليم والضمان الاجتماعي بأنفسهم، وإذا فشلوا في إيجاد الحلول، يتم توجيه اللوم إليهم باعتبارهم “كسالى”.

الانتقادات الموجهة للنظرية اليبرالية الجديدة :

            وصف أحد الباحثين ما يحدق بقوله: “الليبرالية الجديدة تعني استعماراً جديداً لأمريكا اللاتينية“.وتدمر الليبرالية الجديدة برامج الرفاهية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية، وتهاجم حقوق العمال ومن بينهم العمال المهاجرون،  وتقتطع من ميزانية البرامج الاجتماعية.[12]

         يرى ستيفن لامي ان  محاولة الدول الغربية عولمة الليبرالية قد ابرزت عددا من العيوب الجوهرية في موقف اليبراليين الدوليين الجدد منها:

_ ان هزيمة الاسلوب الشيوعي لا يعني ان اليبرالية انتصرت على كل الايديولوجيات الاخرى . فقد بقيت الديمقراطيات الاشتراكية ايديولوجية مهمة في شمال اوربا.

_ ان مشروع نشر القيم اليبرالية هو قصة ملائمة لتعزيز  المصالح التجارية للشركات الغربية وليس كأسلوب حياة ملائم لحياة الشعوب كلها.

_ كانت مهمة اجندة الليبراليين الجدد الدوليين في سنوات التسعينات من القرن العشرين هي ابراز ان المبادئ المتصارعة في الغالب تؤيد اليبرالية ن لكن تعزيز الليب الية الاقتصادية ن خاصة في الاقتصاديات الفقيرة عادة يدخل في صراع مع المعايير الديمقراطية وحقوق الانسان .[13]


[1] _ عبد الناصر جندلي ، التنظير في العلاقات الدولية بين الاتجاهات التفسيرية والنظريات التكوينية،( الجزائر، دار الخلدونية للنشر،2007) ص. 120/121

[2] _  النظرية المثالية في العلاقات الدولية، تاريخ الاطلاع:13/03/2017. www.politics-dz.com

[3] _ المرجع نفسه.

[4] _ أنور محمد فرج ، مرجع سابق، ص.64.

[5] _ عامر مصباح، العلاقات الدولية الحوارات النظرية الكبرى ( الجزائر: دار الكتاب للنشر، 2008)، ص 82

[6] _ – عبد الرحيم بن صمايل السلمي، اليبرالية نشأتها ومجالاتها ، تاريخ الاطلاع: 22/03/207. ص 06_12_ 15.
www.muslim-library.com/dl/books/Arabic-al-libiraliyah-nashatuha-wa-majalatuha.pdf

[7]  _  كريم ابو حلاوة، إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﻣﻔﻬم اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﻧﻲ: اﻟﻨﺸﺄة ـ اﻟﺘﻄﻮر ـ اﻟﺘﺠﻠﻴﺎت (دﻣشق : دار اﻷهﺎﻟﻲ ﻟﻠﻨﺸﺮ، 1998)، ص 24.

[8] _ ﻋﺒﺪ اﷲ اﻟﻌﺮوي،  ﻣﻔﻬم اﻟﺤﻳﺔ ( ﺑﻴﺮوت: دار اﻟﺘﻨﻮﻳﺮ، ط.3 1984) ص. 39.

[9] _ عامر مصباح، مرجع سابق،  ص 82

[10] _ عبد الناصر جندلي ، “النظريات التفسيرية للعلاقات الدولية بين الاستمرارية والتكيف والتغير في ظل تحولات عالم مابعد الحرب الباردة ،” مجلة المفكر :ع. 05،  جامعة بسكرة. ص 120.

[11]  _ بول ويكلنس، مرجع سابق، ص11.

[12] _    اليزابيث مارتينيز و أرلوند جارسيا، ترجمة نصر عبد الرحمان، اليبرالية تعريف مختصر، تاريخ الاطلاع:12/03/2017.
                                                                 .: https://qira2at.com/2014/10/21/
[13] _ عامر مصباح، مرجع سابق، ص.101_102.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى