دراسات أوروبية-أورومتوسطيةدراسات استشرافيةدراسات سياسية

جبروت السلطة الروسية: مستقبل روسيا ما بعد بوتين

في تسعينيات القرن الماضي، بدا للكثيرين (بمن فيهم من افلاديمير بولداکوف هم في الخارج، أن الديمقراطية قد انتصرت أخيرا في روسيا انتصارا لا رجعة فيه، وقد كنت من المتشككين، حيث إنه بداية من القرن السابع عشر، بعد الاضطرابات الاجتماعية الكبرى، بدأت روسيا بالعودة إلى النظام الاستبدادي، وهذا ما لاحظه معارضو البلاشفة في عشرينيات القرن الماضي بالطبع، إلى حد ما يمكننا القول إن الديمقراطية في روسيا اليوم قد انتصرت في النهاية نفذت إصلاحات ليبرالية في الاقتصاد، والبرلمان يعمل بانتظام، وقتلت الملكية الخاصة”، لكن هل الروس سعداء؟ هل هم راضون عن المستوى الحالي للحقوق الشخصية؟ هل يعترفون بدور الدولة بوصفها ضامنا لهذه الحقوق ؟ في الواقع، نحن نشهد تراجعا واضحا إلى الدكتاتورية. فبفضل التعديلات الدستورية الأخيرة ، أصبح لروسيا الآن رئيس أبدي، وهذا ليس بسبب غياب الليبراليين في البرلمان، أو استبداد فلاديمير بوتين، بل بسبب المفارقة التي تمثلت في أنه نتيجة للإجراءات الديمقراطية انصرف الوعي الجماهيري عن الديمقراطية، لا يزال هناك تقسيم مروع للمجتمع إلى طبقة ضئيلة من الأثرياء، وطبقة ضخمة من الفقراء، وهو أمر لا يتناسب مع أي شكل من أشكال الديمقراطية، ومع ذلك، يعتقد الناس أن البيروقراطية الفاسدة تظل هي السيد الحقيقي للبلاد، بالإضافة إلى احتكار الدولة الفعلي لوسائل الإعلام يبدو أن هذا الوضع لم ينشأ نتيجة الميول الاستبدادية للشعب الروسي فحسب، ولكن أيضا بسبب افتقارهم إلى مهارات التنظيم الذاتي، وغياب المجتمع المدني المكتمل، ويعد هذاء بالتحديد هو السبب وراء تحول السلطات بكاملها نحو خدمة الدولة، ودعم مجموعات النخبة المهمة ونتيجة لذلك، فوضت تماما ثقة الناس بأي مؤسسة ديمقراطية، وأي حزب سياسي ديمقراطي. أصبحت كلمة “ليبرالی لفظا تابيا، وشعر الناس بخيبة أمل من كل أنواع السياسة، كما أصبحت النتيجة الواقعية للإصلاحات في روسيا هي جعل النظام السياسي يتسم ظاهريا بالديمقراطية، ويتزا بزيها في ظل الانتصار الكامل للثقافة السياسية المناهضة للديمقراطية.

تحميل الدراسة

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى