دور مراكز الفكر في صنع القرار وتحقيق الأمن القومي في مصر

بقلم أسماء مصطفى، المركز العربي للبحوث والدراسات

لقد اصبح للمراكز البحثية دور رائد ومتقدم في عملية صنع القرار في مصر ويرتبط عمل هذه المراكز بدرجة كبيرة في كل ما يخدم الأمن القومي المصري، كما أصبحت هذه المراكز البحثية جزء لا يتجزأ من المشهد السياسي والتنموي في العديد من البلدان المتقدمة ولها دور أساسيا في النهوض بالأمم وتقدم الشعوب وتحقيق أمنها القومي. كما لمراكز الأبحاث دور هام في توجيه عالم اليوم، كونها أداة هامة في إنتاج العديد من المشاريع الحيوية التي تتصل بالدولة والمجتمع، ودراسة كل ما يتصل بها وفق منهج علمي معرفي، ولذلك يستعين صناع القرار المصريين بهذه المراكز في عملية صنع القرار السياسي السليم والصائب لدعم وتحقيق الأمن القومي المصري ، استمدت هذه الدراسة أهميتها من أهمية هذه المراكز وضرورتها في صنع القرار وتحقيق الأمن القومي.

المقدمة

لقد تزايد الإهتمام بمراكز الفكر والأبحاث بشكل ملحوظ في الفترات الأخيرة في جمهورية مصر العربية وذلك لما تمتاز به هذه المراكز من فاعلية وأثر في تقدم الشعوب ورقيها، كما تزداد الحاجة إلى هذه المراكز بهدف تقديم التحليلات السلمية لصانع القرار المصري والمساعدة في إتخاذ القرارات السياسية ودعم وتحقيق الأمن القومي. كما أن عملية صنع القرار في مصر تسبق عملية إتخاذ القرار، إذ أن عملية صنع القرار يتم الإعداد لها من قبل مؤسسات عدة منها رسمية واخري غير رسمية، وأن أحد هذه المؤسسات غير الرسمية هي (مراكز الفكر الأبحاث)، والتي تؤدي دوراً هاماً في تقديم المشورة اللازمة لمتخذ القرار المصري، كما أنها تؤدي دوراً فعالاً في تحقيق الامن القومي المصري. كما أن عملية صنع القرار السياسي في مصر وما ينعكس ذلك علي تحقيق الامن القومي المصري، وهي من أهم ما يضطلع به متخذ القرار المصري كون أن الأمن القومي المصري هو من أهم الأولويات التي تسعى إليها أي دولة. ومن الجدير بالذكر أن من أولويات الأمن القومي المصري هو تحقيق المصالح القومية التي بدون مراكز الفكر لا يمكن تحقيقها، حيث أن مراكز الفكر والأبحاث المصرية تعد بمثابة خزائن الفكر وينابيع التخطيط الاستراتيجي الفعال.

أهمية الدراسة :

تشمل هذه الدراسة على أهمية علمية وعملية يمكن عرضها على النحو الأتي:

الأهمية العلمية :

تكمن الاهمية العلمية لهذه الدراسة في تقديم دراسة متكاملة تخلق ثراءاً فكرياً وتكون بمثابة مرجع علمي للباحثين المختصين في دراسة مراكز الفكر والأبحاث في مصر والوطن العربي بأكمله، وتقديم رؤية كاملة علمية عن دور مراكز الفكر في صنع القرار وتحقيق الأمن القومي مما يثري المكتبة العربية ويمثل رافداً معرفياً ولو ضئيلاً في هذا المجال.

الأهمية العملية :

تتجسد الأهمية العملية لهذه الدراسة في عدد من الإعتبارات التي يمكن عرضها على النحو التالي:

1-إضاءة الجوانب الخفية حول دور مراكز الأبحاث في دعم وتحقيق الأمن القومي المصري.

2- تحليل دور مراكز الأبحاث في صنع القرار السياسي وأهميتها لمتخذي القرار.

3-مساعدة متخذي القرار علي اتخاذ القرارات والاليات المناسبة لتحقيق الأمن القومي المصري.

أهداف الدراسة :

تكمن اهداف الدراسة في ما يلي :

1-دراسة الدور الذي تقوم به بمراكز الفكر المصرية في صنع القرار.

2-معرفة كيف لهذه المراكز ان تؤثر في عمليه صنع القرار و اعداد السياسات العامة وتحقيق الامن القومي.

3-مساعده الباحثين والمهتمين في دراسة جوانب محددة في مراكز الفكر وأهمية هذه المراكز بالنسبة لصانع القرار في جمهوريه مصرالعربية.

4-تقديم صوره واضحه عن مراكز الفكر ودورها في صنع القرار وتحقيق الامن القومي المصري.

5-معرفه السياسات التي على صنع القرار اتخاذها لتحقيق الأمن القومي.

6-معرفه عناصر القوه والضعف التي تواجه المراكز البحثية في مصر.

حدود الدراسة :

الإطار المكاني:

يتمثل الإطار المكاني للدراسة في جمهورية مصر العربية لمعرفة أهمية مراكز الفكر والأبحاث في جمهورية مصر العربية وأسباب تداعى هذه المراكز ، وكيفية دعمها وتحقيقها للأمن القومي المصري.

الإطار الزماني :

يتمثل الإطار الزماني للدراسة في الفترة (2000:2010) حيث حظيت جمهورية مصر العربية بأكبر عدد من مراكز الفكر والأبحاث في تلك الفترة، حيث بدأ الإهتمام بهذه المراكز منذ عام 2000 ووصلت إلى ذروتها وقمة ازدهارها في عام 2010 وذلك بالمقارنة بباقي الدول العربية.

إلاطار الموضوعي :

يتمثل الإطار الموضوعي لهذه الدراسة في معرفة دور مراكز الفكر في صنع القرار السياسي وتحقيق الأمن القومي في مصر، وتتناول هذه الدراسة بالتحليل أهمية مراكز الفكر في جمهورية مصر العربية بالنسبة لصانع القرار السياسي، ودور هذه المراكز في تحقيق الامن القومي والمعوقات التي تواجهها مصر.

منهج الدراسة :

من أجل تحقيق أهداف الدراسة تستند هذه الدراسة إلى :

منهج صنع القرار

لان طبيعة الدراسة تسعى إلى توضيح دور مراكز الفكر والدراسات في جمهورية مصر العربية وتقديم قراءة تحليلية وتفسيرية لها، ولأن عملية صنع القرار السياسي محل إهتمام عملي في الدراسات السياسية بمجالاتها المختلفة وفروعها المتنوعة.

ومن مقولات هذا المنهج:

1-السياسية في النهاية هي عملية صنع القرارات وعملية صنع القرار هي من أهم جوانب الدراسة السياسية.

2- بالرغم من أن الدولة هي الوحدة الأساسية في العلاقات الدولية إلا أن افعالها يقوم بها من يتحدثون بإسمها.

وتم إختيار هذا المنهج لكونه يتلاءم مع طبيعة الدراسة هذه، ولكونه يقوم على جمع الحقائق والمعلومات ويقوم بتحليلها وتفسيرها بما يخدم موضوع الدراسة. مما يساعد على معرفة الحقيقة بصورة أكثر شمولية ومساعدة متخذي القرار علي اتخاذ القرارات السليمة والصائبة.

تطبيق المنهج:

يتم تطبيق هذا المنهج عن طريق معرفة كيفية تأثير مراكز الفكر المصرية في عملية صنع القرار وإعداد السياسات ، وكذلك معرفة كيفية تأثير هذه المراكز في تحقيق الامن القومي، وأيضاً معرفة عناصر القوة والضعف التي تواجه مراكز الفكر في مصر.

أولاً- مفهوم مراكز الفكر وتصنيفها

هناك صعوبة في إيجاد تعريف عام وشامل لمراكز الفكر ويرجع ذلك إلى تعدد وتنوع وجهات النظر بالإضافة إلى تعدد وتنوع مراكز الفكر فمنها مراكز فكر حكومية ومنها مراكز فكر غير حكومية.

ويعرفها الدكتور محمد مجاهد الزيات بأنها “هي مؤسسات تقوم بإعداد دراسات استراتيجية متنوعة ترتبط بالدرجة الأولى بكيفية حماية مصالح الدولة والتنبيه لما يمكن أن تتعرض لها تلك المصالح علي اتساعها من مخاطر وترتبط كذلك بكيفية المحافظة على مكانة الدولة ودعمها والإنتباه لعناصر القوة فيها وكيفية تطويرها وهكذا ينطلق جوهر عمل مراكز الفكر أساساً من حماية المصالح القومية والتنبيه بكيفية تعظيمها ومواجهة اية مخاطر تتعرض لها.

كما يمكن تعريف مؤسسات الفكر والرأي على أنها “منظمات تقوم بإجراء تحليل ومشاركة في البحث في السياسية العامة التي تؤدي إلى ظهور بحوث وتحاليل ونصائح توجهها السياسية العامة تتعلق بقضايا دولية ومحلية، وبهذا يتم تمكين صانعي السياسات العامة وعامة الناس من إتخاذ قرارات مستنيرة حول السياسة العامة، قد تنتمي مؤسسات الفكر والرأي إلى مؤسسات أخري، وقد تكون مستقلة ومنظمة بشكل هيئات عامة وليس هيئات لأغراض خاصة”.

فضلاً عن ذلك تعرف مراكز الفكر والرأي بأنها” مؤسسات تقوم بالدراسات والبحوث الموجهة لصانعي القرار، والتي تتضمن توجيهات او توصيات معينة حول القضايا المحلية والدولية، بهدف تمكين صانعي القرار السياسي الخارجي لصياغة سياسات حول قضايا السياسية العامة”.

كما تعرف بأنها “مراكز إنتاج أو إدارة المعرفة البحثية، وتتخصص في مجالات أو قضايا معينة علمية أو فكرية، بما يخدم تطوير وتحسين أو صنع السياسات العامة أو ترشيد القرارات أو بناء الرؤى المستقبلية للمجتمع أو الدولة”

كما تعرف هذه المراكز بأنها” تجمع وتنظيم لنخبة متميزة ومتخصصة من الباحثين تعكف على دراسة متعمقة ومستفيضة لتقدم إستشارات وسيناريوهات مستقبلية يمكن أن تساعد أصحاب القرارات في تعديل أو رسم سياساتهم بناء على هذه المقترحات في محاولات مختلفة.

تصنيف مراكز الفكر في مصر :

تمتلك مصر العديد من المراكز والمعاهد العلمية والبحثية الرائدة في مختلف التخصصات ويمكن تصنيف هذه المراكز في مصر إلى ما يلي :

مراكز أبحاث حكومية :

تعتبر الركيزة الأساسية التي تقوم عليها القطاع الحكومي، فهي الاعتبارات السياسية والأمنية والاستخبارية ، وذلك ان حصيلة هذه الأبحاث طريقها على دوائر الاستخبارات بأقسامها وفروعها. ويسهم إنتاج مراكز الفكر والمصرية في تطوير الحياة المعرفية في الوسط العام عن طريق أنشطتها الثقافية، وتقوم هذه المراكز برفد الحكومة بالمعلومات الجديدة الموثوقة والتحليل العلمي الرصين.

ترتبط مراكز الأبحاث الحكومية بالدولة إدارياً ومالياً وتدور مجالات عملها حول متطلبات الحكومة وسياساتها، و إحتياجات صانع القرار، وتسعي أغلبية هذه المراكز إلى تحقيق المصالح الحيوية للدولة وتحقيق الامن القومي، وإن أغلب ما تطلبه الدول من مراكز الدراسات ينحصر في إستطلاعات الراي. وامثلة على مراكز الأبحاث الحكومية ( المركز القومي للبحوث ويعتبر بيت خبرة للبحث العلمي والتطوير والابتكار في مصر – مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية – مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار).

مراكز أبحاث شبه الحكومية :

تعرف مراكز الأبحاث شبه الحكومية بأنها غير ربحية، ولكنها تجمع بين أكثر من مصدر تمويل، وبعض المصادر حكومي، وبعضها الآخر غير حكومي كمؤسسات داخلية، أو منظمات او مانحون دوليون.

مراكز أبحاث خاصة :

إن ما يميز هذه المراكز البحثية الخاصة هو عدم إرتباطها مالياً او إداريا بالقطاع الحكومي، وهي تنتمي إلى مؤسسات المجتمع المدني غير الربحية، و تتصف بإستقلالها في إعداد أجندتها وإهتمامها البحثي وبرامجها، وتتجه تلك الاهتمامات نحو قضايا المجتمع والدولة، وتستمد مصادر تمويلها من مشاريعها البحثية التي تتعاقد فيها مع منظمات مانحة أو رجال أعمال أو هيئات داعمة للبحث العلمي أو الموقف المالي، وتنتشر هذه الأبحاث في مصر مثل (الشركة العربية للأدوية والصناعات التكنولوجية – شركة أمون).

مراكز الأبحاث ذات الطابع الأكاديمي :

تعد الجامعات المصرية الأطر الأكثر اتساعا في العملية البحثية، إذ تتوفر لها وفيها الكفاءات والخبرات العلمية والظروف الأكاديمية. فبعض هذه المراكز تابعة للجامعات أو المؤسسات التعليمية، وبعضها يكون مستقلاً، ويعتمد على أكاديميين لتطبيق منهجيات البحث العلمي والتحليل العميق، ويأتي تمويل هذه المراكز من مصادر غير مشروطة :إما من ميزانية الجامعة، أو من مؤسسات دولية داعمة للبحث العلمي، أو من شركات كبري أو من رجال أعمال. تتركز اهتماماتها حول توفير التحليل المعمق للقضايا الساخنة والسياسات الأكاديمية والعامة، وتقديم الدراسات الاستشرافية بعيدة المدى، بعد هذه المراكز يمارس العملية التعليمية ويمنح درجات أكاديمية عليا.

أمثلة على هذه المراكز(معهد بحوث الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة مدينة السادات – مركز الدراسات والبحوث التجارية كلية التجارة جامعة الزقازيق – وحدة نظم المعلومات الجغرافية جامعة المنصورة – معهد الدراسات العليا جامعة القاهرة – مركز الدراسات والاستشارات العلمية جامعة عين شمس).

ثانياً- التطور التاريخي لمراكز الفكر في مصر

إن مراكز الأبحاث ظاهرة حديثة نسبياً في المجتمعات العربية والغربية ، وكانت بداية نشأتها في مرحله ما بعد الحرب العالمية الأولى وكانت بمثابة منابر النقاش الجماعي أو لدراسة القضايا الأساسية التي تشغل المجتمع أو صانع القرار، ويعود نشأة وتطور المراكز البحثية المصرية بشكل أساسي في الخمسينيات مع تأسيس المركز القومي للبحوث عام 1956 في القاهرة، بالإضافة إلى مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الذي تأسس عام 1968، وأيضا نشأ المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد عام 1932.وتأسس مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار عام 1985، كما أنشأ معهد البحوث المعلوماتية عام 1989 في القاهرة. كما أنشأ المجلس الأعلى لمراكز ومعاهد البحوث طبقاً للقرار الجمهوري سنة 1991،بالإضافة إلى معهد بحوث الهندسة الوراثية والتكنولوجيا الحيوية بجامعة مدينة السادات الذي تأسس في عام 1995.وهم يرتبطون بهيئات حكومية.

ثالثاً- دور مراكز الفكر في صناعة القرار وتحقيق الأمن القومي في مصر

تسهم مراكز الفكر بشكل مباشر أو غير مباشر في رفد صانع القرار السياسي بأهم المعلومات والدراسات والأبحاث التي تسعى لدعم وتحقيق الأمن القومي، حيث يكون تأثير هذه المراكز من خلال تلك الأبحاث التي تسهم صناعة القرار السياسي المؤثر والفعال، تعمل هذه المراكز لإعداد دراسات تتعلق بمجالات مختلفة، السياسية، الاقتصادية، الثقافية، العسكرية، التكنولوجية وغيرها من الدراسات، التي من شأنها أن تولد بديلاً مناسباً لصاحب القرار لإتخاذه.

وتمارس هذه المراكز دورها في رسم السياسية العامة في بعض الدول لأنها تعد الدراسات والإحصاءات التي تكون أقرب إلى الواقع وبالتالي تقدم هذه المراكز النتائج التي توصلت إليها إلى صاحب القرار لمساعدته في إتخاذ القرارات السياسية السليمة والصائبة.

وتمثل أهمية مراكز الفكر في أنها تكون بمثابة المنبع الحيوي والمعلوماتي في كتابه الدراسات والبحوث، سواء كانت تلك المؤسسات قائمة ومستقلة بحد ذاتها أو أنها تكون تابعة لجامعة او مؤسسة معينة، بمعنى أن صاحب القرار السياسي يحتاج إلى قرار سليم وصائب.

كما تلعب مراكز الفكر دوراً لا يمكن تجاهله في بناء التوجهات لصانع القرار السياسي المصري سواء على المستوى الداخلي أو الإقليمي أو الدولي، وذلك من خلال دراسة توجهات معينة تخدم الأمن القومي المصري كما تلعب دور في المشهد السياسي كونها تؤثر في عملية صنع القرار، وبالتالي نجد أن مصر أخذت في الاعتماد على تلك المراكز في تقديم الدراسات والتقارير والاستشارات في كثير من القضايا السياسية والعسكرية والأمنية.

ولسنا بحاجة اليوم للتأكد من أن مراكز البحوث اكتسبت أهمية كبيرة بسبب ما تنجزه من دراسات وبحوث، مصداقية كبيرة في مجال تحديد أولويات القضايا الاستراتيجية التي تواجه مصر، هذا فضلا عن اسهاماتها في تعيين المسارات التي ينبغي على الدولة او المجتمع سلوكها في التعامل مع المشكلات والقضايا الكبرى التي تهدد المصالح القومية للدولة.

والحقيقة أن مصر أدركت مؤخرا أهمية هذه المراكز ودورها القيادي والريادي في صناعة الأفكار والأهداف والوسائل التي تخص السياسية الداخلية والخارجية والأمن والدفاع ودورها الرئيسي في دعم وتحقيق الأمن القومي المصري، حيث أن هذه المراكز تقوم بتوفير المعلومات اللازمة لصانع القرار السياسي لتساعده في إتخاذ القرارات بشأن قضية معينة كما تمثل الشكل الأكاديمي لحماية الأمن القومي المصري.

كما أنها تعد من أهم وسائل حماية المصالح القومية الداخلية، إذ أنها تشارك إلى جانب أجهزة المخابرات في تدعيم الأمن القومي من خلال تحليل المعلومات التي يتم الحصول عليها ورسم إستراتيجية تساعد صناع القرار بمهمتهم ،لذلك إستطاعت هذه المراكز بفعل الفهم والإدراك أن تصل إلى ما وصلت إليه اليوم من مكانة سياسة واقتصاد وأمنية قوية.

رابعاً- أسباب تداعى مراكز الفكر والأبحاث في مصر

تعتبر مراكز الفكر أحد الأركان المؤثرة على صانع القرار المصري ومع ذلك تواجه هذه المراكز العديد من التحديات ويمكن تلخيص هذه التحديات التي على النحو التالي:

· يعد السبب الرئيسي لتداعي مراكز الفكر والأبحاث في مصر هو هجرة العقول، وذلك بسبب غياب نظام جاذب يحفز الكفاءات وذوي الخبرة على الالتحاق بمراكز الفكر في مصر، وضعف الحوافز التي تسند إلى الباحثين لتشجيعهم على العمل المبدع والهادف والمبتكر.

· أيضاً تعقد البيئة التي تعمل فيها مراكز الأبحاث وهو ما يعني أن هذه البيئة طاردة للكفاءات المهنية، فالباحث يحتاج إلى بيئة مهيأة من الاستقرار المادي والوظيفي والتفرغ الكامل لأنشطة البحثية، وهو ما يبدوا ان بيئة مراكز الأبحاث المصرية غير مولدة للإفكار المتجددة.

· الافتقار إلى الحرية في العمل والموضوعية والاستقلالية، حيث أن قيمة هذه الأبحاث والدراسات التي تعدها المراكز الفكرية تكمن في الحيادية والمهنية، بالإضافة إلى ضعف المعلومات وعدم توافر قواعدها نتيجة ضعف الإهتمام بالبحث العلمي وتقديم الاهتمام لأعمال أخرى، بالإضافة إلى صعوبة الحصول على إحصاءات وبيانات تتعلق بإحصاءات تعدها الدولة شديدة الحساسية،كما أن البنية المؤسساتية لعمليــة ضعيفة جدا لصناعة القرار الأمر الذي يضعف من عمل هذه المؤسسات ويضعف من دورها ويفوت الكثير من الفرص الهامة التي تهم صانع القرار في إعداد سياساته

· وتعد العشوائية في العمل أيضاً سبب هام لتداعي مراكز الفكر مما يترتب عليه العشوائية في إتخاذ القرارات وضعف أليات التعاون بين المراكز البحثية المصرية، فعدم وجود إستراتيجية موحدة توجه حركة الدراسات التي تنفذها مراكز التفكير بما يخدم أولويات التنمية الاجتماعية والاقتصادية يؤدي إلى العشوائية في إتخاذ القرار مما يؤثر بشكل أو بآخر على الامن القومي والمصالح القومية.

· كما تعاني المراكز البحثية من التهميش في مصر بسبب عدم الاهتمام بالباحثين والعلماء وندرة اهتمام ولجوء صانع القرار السياسي لها، والدليل على تهميش هذه المراكز وعدم الاهتمام بها هو عدم توفير دورات تدريبية تساعد الطلاب والخريجين على إعداد الدراسات البحثية المبتكرة.

· عدم وجود دراسات ومواد لإعداد الدراسات البحثية وكيفية إدارة الازمات والصراعات في جميع الكليات المصرية الأمر الذي يجعل هناك قسور في جدوى مراكز الفكر وضعف في التخطيط الاستراتيجي الفعال وكيفية إعداد القائد الحكيم.

· معاناة هذه المراكز البحثية من القسور والضعف نظراً لغياب القوانين والتشريعات الخاصة بهذه المراكز، وكل هذا أدى فالنهاية إلى تعرض هذه المراكز البحثية للقسور وللضعف نظراً لغياب القوانين والتشريعات الخاصة بهذه المراكز.

التوصيات :

1-إستقطاب الكفاءات من الباحثين وذوي الخبرة والإهتمام بهم، وتقديم الدعم لهم والعمل على رفع مستواهم العلمي والمعرفي وتطوير مهاراتهم.

2-توفير جو الحرية والديمقراطية لتناول القضايا المهمة والحساسة، إذ أن غياب الحرية سيؤدي إلى تقييد امكانات تلك المراكز وأهميتها بشكل يجعل بحوثها وتوصياتها غير مجدية.

3-توفير الدعم الكافي للقيام بالأنشطة العلمية؛ لما في ذلك إثراء النقاشات وتوجيه الراي العام ،إيجاد السبل لتوفير الدعم المالي

4-توفير الدعم المالي من قبل القطاع الخاص وتقليل الإعتماد على الدولة تدريجياً بعد إنتعاش دور القطاع الخاص وهو ما سيؤدي لبناء حالة من الثقافة بين المراكز والقطاع الخاص من خلال عمل هذه المراكز علي حل مشكلات القطاع الخاص.

5-ضرورة التواصل والتنسيق مع مراكز الفكر المصرية ومراكز الفكر العالمية وعقد اتفاقيات تعاون وتدريب معها، والمشاركة في نشاطات تلك المراكز.

الخلاصة :

إن مراكز الفكر والأبحاث في مصر في تصاعد وإنتشار ونمو في الفترة الأخيرة؛ كما تلعب بشكل عام دور هام وتكتسب أهمية كبيرة من ضرورة وجودها من الحاجة لها ومن مقتضيات الضرورة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأكاديمية، بإعتبارها الطريقة لإيصال المعرقة المتخصصة من خلال ما تقدمه من إصدارات علمية وندوات متخصصة تضاعف الوعي لدي صانع القرار وتساعده على إتخاذ القرارات السياسية السليمة والصائبة،وتساعدهم على الربط بين الوقائع الميدانية وإطارها العملي النظري، ولكنها لم تأخذ مكانتها الحقيقية بعد في مصر كما في الدول الغربية المتقدمة، وقد جاء الوقت ليصبح لتلك المؤسسات أهمية ودور رائد في خدمة قضايا المجتمع، وأن يكون وجودها خادماً للمصلحة الحيوية والأمن القومي في مصر.

المراجع :

أولاً: الكتب

محمود، خالد، 2013، مراكز البحث العلمي في الوطن العربي “إلاطار المفاهيمي – الأدوار – التحديات – المستقبل”.

المنوفي،كمال، 1984،”مقدمة في مناهج وطرق البحث” الكويت، وكالة المطبوعات.

عبدالعظيم، جهاد، 2015،”الوظيفة السياسية لصانع القرار في السياسية الخارجية المصرية النظرية والمؤشرات “، القاهرة، المكتبة العربية للمعارف.

ثانياً: الدراسات والأوراق البحثية

هلال، على الدين، 2005،”دور مراكز البحوث السياسية والإستراتيجية في ترشيد القرار :العلاقة مع الدولة والمجتمع “،الشارقة، مركز الخليج للأبحاث .

عبدالحي، وليد، 2012،”دور مراكز الأبحاث في صناعة القرار الاردني 1989-2010″،بيروت،مركز عصام فارس للسياسة العامة والشئون الدولية

شفيق إبراهيم، دينا شرين، 2016،”دور وأهمية المراكز البحثية في صنع السياسات الخارجية”، المركز العربي الديمقراطي.

الخزندار، طارق الأسعد، 2012،”دور مراكز الفكر في البحث العلمي والسياسات العامة”، الأردن، الجامعة الهامشية الأردنية.

ثالثاً: المقالات

محمود ،خالد، 2013، “دور مراكز الأبحاث في الوطن العربي :الواقع الراهن وشروط الفاعلية”، متاح على المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية.

هزار، أمين، 2015،” مراكز التفكير ودورها في التأثير على صنع السياسة”، متاح على الرابط Stratege. Urbloy. Fr

رابعاً :الرسائل العلمية

السيقلي، محمود،” دور مراكز الفكر والبحث في صنع القرار :واقع مراكز الفكر العربية”، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق، جامعة محمد الأول، جدة.

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

I hold a bachelor's degree in political science and international relations as well as a Master's degree in international security studies, alongside a passion for web development. During my studies, I gained a strong understanding of key political concepts, theories in international relations, security and strategic studies, as well as the tools and research methods used in these fields.

Related Articles

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Back to top button