تحليل النزاعات الدوليةدراسات افريقيةدراسات سياسية

رواندا بين الحرب الأهلية و التحول الديمقراطي

Rwanda between civil war and democratic transition

إعداد : أحمد جمال الصياد – باحث في العلوم السياسية

  • المركز الديمقراطي العربي

  مقدمة :

باتت عملية التحول الديمقراطي تحظى بأهمية كبيرة في مجال العلوم السياسية و ذلك منذ منتصف العقد السابع من القرن الماضي ، و هو ما شهد ما يسمى بالموجة الثالثة للديمقراطية ، و هي أحد مراحل عملية التحول الديمقراطي ،  و شملت تلك الموجة دولا مثل : إسبانيا و بعض دول أمريكا اللاتينية و البرتغال و بعض الدول الأسيوية منذ بداية الثمانينات و بعض الدول الأفريقية منذ نهاية الثمانينات ، و تلك العملية لاقت نجاحا في بعض الدول التي استطاعت إقامة نظام حكم ديمقراطي قائم على الفصل بين السلطات و احترام القانون و احترام حقوق الإنسان كذلك ، و فشلت في دول أخرى و هي دول وقعت تحت أنظمة حكم استبدادية تعتمد على حكم الفرد الواحد أو الحزب الواحد و لا نجد فيها فصل واضح بين السلطات على نحو يهيئ الطريق لاحترام القانون و قدرة كل سلطة بالقيام بمهامها الموكلة إليها ، مما دفع الباحثين للبحث عن مقومات التحول الديمقراطي و البحث أيضا عن أسباب فشله في بعض الدول ، و موضوع هذه الدراسة هو البحث عن عملية التحول الديمقراطي في دولة رواند و تقييم تلك العملية بها ، و ذلك لأن رواندا تحولت من دولة تشهد أحد أبشع الحروب الأهلية في القرن الماضي و الذي راح ضحيتها ما يقارب مليون قتيل و ذلك بسبب التمييز العرقي الذي كان قائم بين الهوتو و التوتسي ،  مما أثر على اقتصادها و أدى لانتشار الفقر بشكل كبير بيها و ارتفاع معدلاته ، و مما أدى لغياب الاستقرار السياسي عنها ،  لتتحول بعد ذلك لدولة تتمتع بالاستقرار السياسي و دولة تحقق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة كما أنها بدأت في عملية التحول الديمقراطي و ذلك بعد تلافي آثار الحرب التي دمرت اقتصادها و حرمتها من الاستقرار السياسي لعدة عقود مما يجعل منها نموذج ملهم للدول التي تشهد أعمال اقتتال طائفي و حروب أهلية .

و ستنقسم تلك الدراسة لثلاثة محاور :
أولا : إطار مفاهيمي لعملية التحول الديمقراطي .
ثانيا : الحرب الأهلية في رواندا 1994 .
ثالثا : عملية التحول الديمقراطي في رواندا .
رابعا:  تقييم عملية التحول الديمقراطي في رواندا.

  • أولا : إطار مفاهيمي لعملية التحول الديمقراطي .أ/ تعريف التحول الديمقراطي :
    تتسم عملية التحول الديمقراطي بالتشابك والتعقيد فالعالم شهد حركات عديدة للتحول الديمقراطي و على ذلك نرى أن التحول الديمقراطي ليس له تعريف واحد فقط بل تتعدد التعريفات للتحول الديمقراطي و ذلك نظرا لكثرة الدراسات التي عالجت ذلك الموضوع بالبحث من جهة ، و لارتباطه بمفهوم الديمقراطية نفسه الذي تتعدد التعريفات في صدده ، فكلما زاد التعدد في تعريف الديمقراطية زاد التعدد في تعريف التحول الديمقراطي و ذلك نظرا لعلاقة الارتباط بين التحول الديمقراطي و الديمقراطية ، و في البداية نعرف الديمقراطية على أنها : تعبير اصطلاحي ليس له أصل في اللغة العربية بل يعود إلى التعبير الإغريقي deoms بمعني شعب وkratos بمعني حكم ، فيكون المعنى اللغوي المباشر لها هو حكم الشعب و عرفها المؤرخ هيرودوت بأنها حكم الأغلبية و أنها المجتمع الذي تسود فيه المساواة أمام القانون و المجتمع الذي يساءل فيه الحكام عن أفعالهم و تصرفاتهم (1)، و على ذلك يمكننا تعريف الديمقراطية بأنها : النظام الذي يعزز من المشاركة السياسية و يحترم حقوق الإنسان و يكون فيه جميع الأفراد على قدم المساواة أمام القانون سواء كانوا حكام أم محكومين و يقوم على مفهوم المواطنة بمعنى أن يتم تحديد واجبات و حقوق المواطنين بشكل واضح ، ومن الملاحظ أن الديمقراطية ترتبط بمفاهيم مثل احترام حقوق الإنسان و الحرية و المواطنة و المشاركة السياسية مما  يكسبها مكانة هامة و يجعل منها قيمة في حد ذاتها و على ذلك نرى أن أكثر الأنظمة شمولية و سلطوية تحاول الارتباط بالديمقراطية و على ذلك نجد تعدد في مفاهيم الديمقراطية و أشكالها أيضا ، و على ذلك تعددت التعبيرات عنها مثل : الديمقراطية الليبرالية و الديمقراطية التوافقية و الديمقراطية الاشتراكية ، و على ذلك يمكن تعريف الديمقراطية على أنها : النظام الذي يكرس من المشاركة الشعبية في صنع القرار ، فالقرارات تصنع من أجل مصلحة الشعب و على ذلك يكون من حق الشعب أن يشارك في صنع القرارات التي تحدد مصيره مع مراعاة مستويات صنع القرار .

و على ذلك يمكننا تعريف التحول الديمقراطي في أوسع معانيه بأنه : التحول من نظام سلطوي أو شمولي  إلى نظام ديمقراطي يعزز من سيادة القانون و المساواة  و احترام حقوق الإنسان ، كما نجد أن أحمد تهامي عبدالحي يعرفها بلفظ الدمقرطة وهي تعني : عملية الانتقال من نظام سلطوي مهما كانت طبيعته ( نظام الحزب الواحد ، نظام عسكري ، نظام شمولي ، نظام أوليجارشي ، نظام ديكتاتوري ) إلى نظام يقوم على المواطنة ، و توسيع الحرية الشخصية و المشاركة السياسية (2) ، فيتضح من ذلك أنها عملية لها نقطة بداية تكون من النظام السلطوي الذي يحدث له عملية الدمقرطة ليتحول إلى نظام ديمقراطي يقوم على المواطنة الذي يتحدد على أساسها حقوق المواطن و واجباته ، و يقوم على تعزيز المشاركة السياسية و احترام حقوق الإنسان ،  كما يعرف تلك العملية أودونال و شميتر بأنها : عملية يتم خلالها تطبيق قواعد المواطنة و إجراءاتها على المؤسسات السياسية التي كانت تحكم مسبقا عبر قواعد أخرى كالمراقبة الزجرية أو الأعراف الاجتماعية أو الممارسات الإدارية كما يتم فتح هذه المؤسسات أمام أشخاص تم إقصاؤهم سابقا كالشباب و النساء و الأقليات الدينية و العرقية ، فيصبح لهؤلاء إمكانية المشاركة في مؤسسات الدولة و في الأحزاب السياسية . (3) ،  كما يمكن أيضا تعريف التحول الديمقراطي بأنه : التغير في النظام السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي سواء باتجاه الديمقراطية أو بالاتجاه المعاكس ، و هو يفترض الانتقال من حال إلى أخر من خلال مجموعة من التفاعلات المستمرة التي تشمل الجوانب القيمية و التجسيدات العملية (4) ، بينما يعرفها روستو بأنها : عملية تطبيق القواعد الديمقراطية سواء في مؤسسات لم تطبق من قبل أو امتداد هذه القواعد لتشمل أفراد أو موضوعات لم تشملهم من قبل ، أي هو عمليات و إجراءات يتم اتخاذها للتحول من نظام غير ديمقراطي إلى نظام ديمقراطي مستقر (5) .

و مما سبق يمكن الوصول لتعريف للتحول الديمقراطي تتبناه الدراسة و هو : التحول من نظام سلطوي إلى نظام ديمقراطي يقوم بتحقيق مبدأ سيادة القانون و يحترم حقوق الإنسان و يعزز من المشاركة السياسية و ذلك بعدم إقصاء أي فئة من فئات المجتمع سواء مثل الشباب أو النساء أو أي أقلية سواء كانت أقلية دينية أو عرقية بما يعزز من المشاركة السياسية و يساعد في إحداث تغييرات في النظام السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي في اتجاه الديمقراطية .

ب/ دوافع و أنماط عملية التحول الديمقراطي :
تتسم عملية التحول الديمقراطي بالعديد من الدوافع و هي كالآتي  :

1 / تآكل الشرعية ( الرضا و القبول الشعبي ) (6) : فعندما يفشل النظام السلطوي في التعامل مع المشاكل و الأزمات السياسية و الاقتصادية فذلك يخلق حالة من التذمر الشعبي و يواجه بذلك النظام السلطوي ضغوطا تتمثل في حالة عدم الرضا و عدم القبول الشعبي لذلك النظام و هو تآكل الشرعية مما يجعل النظام يتجه نحو الديمقراطية و ذلك عبر عملية التحول الديمقراطي . و لكن هذا السبب لا يرتبط بالضرورة في بدء التحولات الديمقراطية فقد يستمر النظام ممسكا بزمام الأمور على الرغم من فقده للشرعية (7) ، فهذا السبب يمكن أن يجعل النظام السلطوي أن يستجيب للضغوط و يتبنى عملية الدمقرطة أو من الممكن أن يستمر على نفس النظام و لكن في تلك الحالة سيظل ذلك السبب يشكل ضغطا على النظام السلطوي .
2 / تزايد قوة المجتمع المدني : و هو عامل يساعد على زعزعة مركز الأنظمة السلطوية ، فعلى المستوى الاجتماعي و التنمية الاقتصادية و التصنيع و التحضر تعمل هذه المتغيرات جميعا على خلق و تقوية جماعات المصالح و التجمعات الطوعية فالعديد من هذه الأنظمة كما أشار دي توكفيل هي حجر الأساس للديمقراطية ، حيث أصبحت المصادر البديلة للمعلومات و الاتصالات فهم يتحدون مباشرة الأنظمة السلطوية من خلال تتبع المصالح التي تتصارع (8) ، هذه الجماعات يكون لها مصالح معينة تسعى لتحقيقها و تتحول مطالبها لضغوط على النظام السلطوي و كلما قويت تلك الجماعات كلما كان لها تأثير كبير على النظام و ذلك لتحقيق مصالحها مما يهيئ للتحول الديمقراطي .
3/ زيادة مستوى الثقافة و الوعي السياسيين : فكلما زاد مستوى الوعي السياسي و كلما زادت الثقافة السياسية كلما زاد وعي الأفراد بحقوقهم و واجباتهم ، و مما يؤدي للرغبة في تعزيز المشاركة السياسية لهؤلاء الأفراد مما يهيئ للتحول الديمقراطي.

كما تتسم عملية التحول الديمقراطي بأنها لها أكثر من نمط و هذه الأنماط بمعنى الأشكال التي تتخذها عملية التحول الديمقراطي للتحول من نظام سلطوي لنظام ديمقراطي و تتمثل هذه الأنماط فيما يلي :
1/ التحول من أعلى ( الإصلاحي ) : في هذا النمط تقوم السلطة نفسها أو الجناح الإصلاحي فيها بالتوجه نحو الديمقراطية وإتاحة الحريات نسبيا ليس لإيمانها بالديمقراطية كفلسفة للحكم و لكن لحماية وجودها و الحفاظ على استمرارها في ظل وجود خطر محقق تقتنع معه النخبة الحاكمة بأن كلفة الانتقال نحو الديمقراطية أقل من كلفة الاستمرار في الممارسات التسلطية ، ويمكن تسمية هذا النوع تغييرا أو تحولا من الداخل (9) ، و من أمثلة الدول التي تمت بها عملية التحول الديمقراطي بهذا النمط هي إسبانيا ، و يطلق على هذا النمط ( منحة الديمقراطية ) ، فهي تكون من النخبة الحاكمة بعد تقييمها لممارساتها السياسية و مدى الرضا و القبول الشعبي لهذه السياسيات و عليه يتضح لها أنه من المخاطرة الاستمرار في الممارسات السلطوية ، و على ذلك يتكون لدى تلك النخبة الإدراك بضرورة التحول الديمقراطي و إتاحة الحريات بشكل نسبي ضمانا للحفاظ على استمرارها.

2/ التعاون : الديمقراطية تكون نتيجة فعل مشترك بواسطة الحكومة و حركات المعارضة و الميزة الرئيسية في هذا النموذج هو اتفاق أو تسوية بين الحكومة و المعارضة ، والإصلاحات تحدث نتيجة التعاون بين النخبة الحاكمة و المعارضة (10) ، و من أمثلة الدول التي أخذت بعملية التحول الديمقراطي بهذا النمط هي بولندا .

3/ التحول من خلال الشعب : هذا النمط من التحول يفرض من خلال الشعب ، و يأتي إثر صراعات عنيفة و انتشار أعمال الاحتجاجات و العنف من جانب القوى الاجتماعية الرافضة للوضع القائم ، فتسلم القيادات السلطوية للضغوط و تبدأ الإصلاحات المطلوبة منعا لتفاقم الموقف و سعيا لاحتواء الأزمة التي فجرتها المطالب الشعبية ، وتجنبا لانهيار النظام  (11) ، و من أمثلة الدول التي أخذت بعملية التحول الديمقراطي بهذا النمط هي كوريا الجنوبية ، فهذا النمط يبدأ من الضغوط الشعبية التي تتكون نتيجة السياسات السلطوية و تردي الأوضاع السياسية و الاقتصادية مما يقلل من الرضا و القبول الشعبي لتلك السياسات مما يخلق حالة من التذمر الشعبي التي تكون بدورها ضغوط على النظام التسلطي تكون هذه الضغوط في هذا النمط في شكل احتجاجات و أعمال عنف مقترنة بمطالب شعبية بالتحول نحو الديمقراطية .

و يمكن التدليل على نجاح عملية التحول الديمقراطي ( الدمقرطة ) من خلال العديد من المؤشرات و هي (12) :

1/  حدوث عملية تداول سلمي للسلطة .
2/ استمرار النظام الديمقراطي بعد إجراء انتخابات للمرة الثانية.
3/ إقامة مؤسسات فاعلة و إصلاح المؤسسات القديمة.
4/وجود إطار دستوري و وجود نظام تنافسي.
5/ استقرار النظام دون التعرض للحرب الأهلية.
6/ الحصول على عضوية المؤسسات الدولية و حصول النظام الديمقراطي على الاعتراف دوليا.
7/ أن يكون الجيش تحت قيادة مدنية.

ثانيا : الحرب الأهلية في رواندا 1994.

شهدت رواندا العقد الأخير من القرن العشرين حرب أهلية تعد من أبشع و أعنف الحروب الأهلية التي شهدتها أفريقيا و الذي راح ضحيتها العديد من الروانديين ، هذه الحرب كان سببها الصراع بين الهوتو و التوتسي حيث تمثل قبيلة الهوتو الغالبية من سكان رواندا و تمثل التوتسي الأقلية ، فالصراع و النزاع و غياب ثقافة التعايش من الأخر و عدم تقبل الأخر أدى لواحدة من أبشع الحروب الأهلية في تلك الفترة ، حيث راح ضحية تلك الحرب قرابة المليون إنسان في رواندا هذا غير أثارها المدمرة للاقتصاد و غياب الاستقرار السياسي ، لكن هذه الحرب و هذا النزاع ما هم إلا أحد صور الإرث الاستعماري ، فالاستعمار في رواندا هو ما ساعد على ترسيخ الكراهية بين الهوتو و التوتسي إلى أن اندلعت تلك الحرب في رواندا و التي راح ضحيتها قرابة المليون إنسان كما سبق أن ذكرنا ، فرواندا تعاقب عليها المستعمرون حيث كانت رواندا تحت سلطة الاستعمار الألماني منذ نهاية القرن التاسع عشر و انتهى الاستعمار الألماني في عام 1918م حيث بعد هزيمة ألمانيا في الحرب العالمية الأولى فقدت أجزاء من أراضيها كما فقدت مستعمراتها و من تلك المستعمرات كانت رواندا ثم وضعت رواندا بعد ذلك تحت سلطة الاحتلال البلجيكي ، و أدت ممارسات الاحتلال البلجيكي للتأثير على السلام الداخلي لرواندا و تعميق الخلاف بين مكونات المجتمع الرواندي تحديدا الهوتو و التوتسي ، فهم يعتبران المكونان الرئيسيان للمجتمع الرواندي ، فرواندا تتكون من 85% من الهوتو و كان غالبيتهم يعملون بالزراعة و 10% من التوتسي و كان غالبيتهم يمتلكون الأراضي و يمارسون الرعي  ، إضافة لمجموعة صغيرة تسمى توا .
و كانت سياسات و ممارسات الاحتلال البلجيكي إحدى الأسباب غير المباشرة للحرب إذ عمل الاحتلال البلجيكي على محاباة التوتسي ( الأقلية ) و تفضيلهم عن الهوتو ( الأغلبية ) ، إلى جانب ممارسة الاحتلال البلجيكي لسياسة العزل العنصري بين مكونات المجتمع الرواندي ، واستخدم الاحتلال البلجيكي الأقلية ( التوتسي ) لقمع و استعباد أغلبية الهوتو في بداية الأمر ، لكن التذمر و الإستياء من قبل الهوتو جعل سياسة الاحتلال البلجيكي تتغير بعكس ما سبق حيث أخذت تحرض ضد أقلية التوتسي من خلال نشر مجموعة من المفاهيم و الأفكار ضد التوتسي على سبيل المثال : ( التوتسي إقطاعيين و لا يحملون أصول رواندية) هذه الإزدواجية بالتعامل مع مكونات المجتمع الرواندي من قبل الاحتلال البلجيكي جعل سياسة الأخيرة قائمة على سياسة فرق تسد ، مما جعل المجتمع الرواندي مهيأ للنزاع و التخاصم (13) ، فهي سياسة سلبية أدت لتعميق الخلاف بين مكونات المجتمع الرواندي مما جعله عرضه للحرب الأهلية ، هذا إلى جانب نظام بطاقات الهوية التي اتبعها الاحتلال البلجيكي كأحد سياسات التمييز العنصري حيث فرض نظام لبطاقات الهوية في رواندا يتم إيضاح فيها المجموعة العرقية التي ينتمي إليها الفرد في رواندا كأحد سياسات التمييز العنصري (14)، فالاستعمار البلجيكي كان يتعمد تفضيل و محاباة الأقلية على حساب الأغلبية حيث كانت أغلب المناصب السياسية والإدارية كانت حكرا على الأقلية ( التوتسي) ، و هو ما خلق حالة من التذمر و الشعور بالظلم عند الأغلبية ( الهوتو) مما عمق لديهم الشعور بالكراهية ضد التوتسي و الرغبة في الانتقام عند أقرب فرصة ممكنة و هو ما حدث بالفعل (15) ، ففي عام 1959م اندلعت ثورة ” فلاحي الهوتو ” أو ” الثورة الاجتماعية ” و استمرت حتى عام 1961م و هاجر نتيجة لها العديد من أبناء التوتسي للدول المجاورة مثل تنزانيا و زائير ( الكونغو) ، و في عام 1962 م نالت رواندا استقلالها و تمكن أبناء الهوتو من السيطرة على الحكم بعد الاستقلال و في نفس الوقت كان أبناء التوتسي اللذين هاجروا للدول المجاورة لرواندا نتيجة ثورة فلاحي الهوتو ينظمون أنفسهم و يجهزون صفوفهم لاستعادة أماكنهم و مواقعهم السابقة في رواندا ، و في الفترة ما بين 1962 و 1967 قام الهوتو بأعمال عنف و قتل بدافع الانتقام من التوتسي مما تسبب في موجة كبيرة أخرى من اللاجئين و بحلول الثمانينيات كان هناك ما يقارب نصف مليون رواندي قد لجأوا للدول المجاورة مثل أوغندا و تنزانيا و زائير ( الكونغو) (16) ، و في نهاية الثمانينيات تم تأسيس الجبهة الوطنية الرواندية داخل أوغندا و هي حركة سياسية و عسكرية لها أهداف محددة مثل : إعادة الروانديين المنفيين إلى رواندا مرة أخرى و كذلك إعادة تشكيل الحكومة الرواندية ، وكانت تلك الحركة مكونة من أبناء التوتسي المنفيين خارج رواندا تحديدا في دولة أوغندا و قامت الجبهة الوطنية الرواندية في مطلع التسعينيات بهجوم كبير على رواندا منطلقة من أوغندا بقوة تتكون من 7 ألاف مقاتل (17) ، و كان هذا الهجوم في شكل حرب عصابات و تم هذا الهجوم على شمال رواندا في 1 أكتوبر عام 1990م ، وكان من أهداف الجبهة الوطنية الرواندية في ذلك الوقت الإطاحة بنظام هابياريمانا الرئيس الرواندي في ذلك الوقت ، وفي البداية حقق هجوم الجبهة الرواندية نجاحا كبيرا إلا أنه لاقى الفشل في 27 أكتوبر عام 1990م و ذلك بسبب المساعدات الفرنسية و البلجيكية لنظام هابياريمانا ( الهوتو) و استمرت أعمال القتال إلى أن تم الإعلان عن وقف إطلاق النار عام 1992م بالتوقيع على اتفاقية أروشا التي تقضي بوقف القتال و الأعمال العدائية  لتبدأ مفاوضات سلام في 4 أغسطس 1993م بمدينة أروشا في تنزانيا لإنهاء الحرب و العمل على تحقيق المصالحة الرواندية (18) ، و في 6 أبريل 1994م ليحدث ما يشعل فتيل الحرب الأهلية في روندا ، و بداية واحدة من أبشع الحروب الأهلية في التاريخ السياسي المعاصر لأفريقيا ففي هذا التاريخ تم قتل كلا من رئيس رواندا ( هابياريمانا ) و رئيس بوروندي و ذلك عن طريق إسقاط طائرتهما بصاروخ أرض جو عند اقترابهما من مطار كيغالي ، و تم إلقاء اللوم على التوتسي من قبل المتطرفون في رواندا عبر الصحف و الإذاعة بخصوص مقتل الرئيس الرواندي و طالبوا الهوتو في جميع أنحاء البلاد بالثأر و الانتقام من التوتسي ، و بعد هذا الحادث و نتيجة أيضا للتحريض بالانتقام من التوتسي بدأت أعمال القتل و العنف ، حيث قامت وحدات من النخبة العسكرية بما فيهم الحرس الرئاسي بعمليات القتل و العنف ضد التوتسي ، و كانت أولويات القتل للقادة السياسيين و المدنيين و نشطاء حقوق الإنسان ، و كانت هناك أوامر بتصفية و ذبح أي فرد من التوتسي يبدي أي نوع من المقاومة ، فتم مهاجمة منازل التوتسي و إشعالها مما جعل التوتسي يهربون و قد تم قتل العديد من أبناء التوتسي في تلك الأعمال و هم يقدرون بأكثر من 250 ألف قتيل ، فكان أبناء التوتسي يتم تصفيتهم و قتلهم بعدة ذرائع منها الدعوة للاستجواب و هو ما حدث في أماكن عديدة في رواندا ، و على الجانب الأخر بدأت الجبهة الوطنية الرواندية الرد على أعمال العنف و القتل الواقع على أبناء التوتسي ، فقامت بشن هجمات مضادة لهجمات الهوتو فقد ساد العنف و العنف المضاد مما نتج عنه واحدة من أكبر المذابح في أفريقيا فقد راح ضحية تلك الحرب قرابة المليون قتيل اغلبهم من التوتسي و الهوتو المعتدلين (19) ، واستمرت أعمال القتال و العنف ففي 4 يوليو 1994م تمكنت الجبهة الوطنية الرواندية  بزعامة بول كاغامي من السيطرة على مناطق اكثر في رواندا بدعم من الجيش الأوغندي و ذلك بعد توغل قواتها في كيغالي عاصمة رواندا ، لتنتهي بعد ذلك أعمال القتال و العنف في يوليو 1994م بعد تمكن الجبهة الوطنية الرواندية من السيطرة على رواندا و طرد المتطرفين و حكومتهم المؤيدة لأعمال القتال و العنف و الإبادة خارج رواندا (20) ، لتنتهي تلك الحرب الأهلية  مخلفة وراءها قرابة المليون قتيل إضافة لتدمير البنية التحتية في رواندا و تدمير الاقتصاد و تفشي الفقر و عدم الاستقرار السياسي ، و كان هذا في ذلك تقاعس للمجتمع الدولي .

ثالثا : عملية التحول الديمقراطي في رواندا .

بعد انتهاء الحرب الأهلية و أعمال القتل و العنف في يوليو 1994م كانت رواندا في حاجة لعملية شاملة لإعادة الإعمار في جميع المجالات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، وذلك لما خلفته الحرب الأهلية من تدمير للاقتصاد و شيوع حالة من عدم الاستقرار السياسي فضلا عن تدمير البنية التحتية في رواندا ، فهذه الحالة تحتاج للعمل على اصلاح الأوضاع في جميع المجالات .
و في الواقع أن عملية التحول الديمقراطي لا يمكن فصلها على المستويين النظري و التطبيقي عن عمليات و مفاهيم ، مثل عملية التحديث و الليبرالية ؛ حيث ترتبط تلك العملية ارتباطا وثيقا بتلك المفاهيم في المجالات السياسية و الاقتصادية و الحريات المدنية (21) ، و على ذلك يتضح أن عملية التحول الديمقراطي يمكن تقسيمها لشقين ، شق يشمل عملية التحول الديمقراطي عن طريق الإصلاحات السياسية في الدولة ، و شق يشمل الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية ، فالإصلاحات في المجالين الاقتصادي و الاجتماعي مكملة للإصلاحات السياسية بل و تعمل على الحفاظ عليها ، حيث أنها من أحد عوامل الاستقرار السياسي و لذلك يتضح الترابط بينهم ، و على ذلك سيتم تقسيم هذا المحور لشقين و هم : أ / الإصلاحات السياسية في راوندا .
ب / الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية في رواندا.

أ / الإصلاحات السياسية في رواندا :
بعدما استتبت الأمور للجبهة الوطنية الرواندية و تمكنها من السيطرة على رواندا و تم تشكيل حكومة جديدة في رواندا انصب تركيز تلك الحكومة على المصالحة من خلال إعادة بناء الهوية الرواندية ، وذلك حتى تتمكن من إنهاء الصراع و الانتقال بناء الدولة و البدء في عملية التنمية ، فتم إنشاء المفوضية الوطنية للوحدة و المصالحة عام 1999م و التي كان يقع على عاتقها تعزيز عملية المصالحة و تهيئة كل السبل لنجاحها ، وذلك لتعزيز الوحدة الوطنية ، كما تم وضع دستور جديد لرواندا عام 2003م ، وتم النص في هذا الدستور على أن ” جميع الروانديين لهم حقوق متساوية ” ، وتم إصدار قوانين تجرم التمييز و أيدولوجية الإبادة الجماعية ، و تم منع و تجريم استخدام ألفاظ الهوتو و التوتسي بموجب القانون الجديد ، كما تم تجريم أي خطاب له طابع عرقي (22) ، و ينص هذا الدستور على إنشاء هيئات السلطات التشريعية و التنفيذية عن طريق انتخابات بها تعددية حزبية ، و المبدأ الذي يحكم رواندا هو ” حكم الشعب بواسطة الشعب و لصالح الشعب ” ، و على ذلك فالسيادة الوطنية هي ملك للشعب الذي يمارسها إما عن طريق الانتخاب و الاستفتاء أو عن طريق ممثليه ، و تبنت الحكومة الرواندية استراتيجية رئيسية لتحقيق السلام تتمثل في إقامة الاتصال بين مختلف الأفراد في المجتمع ؛ بين الأعضاء السابقين داخل المؤسسة العسكرية و خارجها ، و بين الجماعات العرقية المختلفة ، وبين الجيش و المجتمع المدني ، وذلك لحفظ السلام و التمكن من إعادة بناء العلاقات بين أفراد المجتمع (23) ، و لإقامة الدولة الرواندية الجديدة تم الاعتماد على أن المؤسسات العسكرية و الأمن يجب أن تكون قوية و تمثل ركن أساسي في رواندا ، كما تم إدخال برنامج جديد لإعادة تدريس تاريخ رواندا يعتمد على التسامح و ليس النسيان فقط ، وهذا البرنامج تم اعتماده في معسكرات التضامن ( إنغاندو) ، و هي معسكرات أقامتها الحكومة بعد عام 1994م و ذلك لمحاربة أيدولوجية الإبادة العرقية و إحلال التسامح محل التمييز العرقي ، و في هذه المعسكرات تم دمج مختلف أفراد المجتمع الرواندي للعمل سويا في مشاريع و أعمال صغيرة جنبا إلى جنب لتكريس التسامح و ثقافة تقبل الأخر بدلا من الفرقة و الانقسام و التمييز العرقي ، و كانت هذه المعسكرات من خلال المشاركة الإلزامية في الأعمال أداة هامة لدمج المواطنين و مختلف الأفراد في رواندا ، كما تم إنشاء ما يسمى محاكم المجتمع المحلي ( غاتشاشا / gacaca) و تمكنت هذه المحاكم من جعل الروانديين يبتعدون عن الانقسام العرقي حيث ذكرتهم تلك المحاكم بويلات الحرب الأهلية التي عانى منها الروانديين حيث تم عقد 11000 محكمة محلية للنظر في قضايا الإبادة الجماعية مع إلزام المجتمع المحلي بالحضور و كانت هذه المحاكم تعقد محاكماتها كل أسبوع ، و هي بذلك ساعدت في الابتعاد عن الانقسام العرقي بتذكيرها الروانديين لويلات الحرب التي عانوا منها مما جعلهم يتخلون عن هوياتهم العرقية و الاتجاه لتبني الوحدة الوطنية ، هذا إلى جانب بعض المبادرات الحكومية الأخرى القائمة على المشاركة المحلية مثل مبادرة اموغاندا/ umuganda و هي مبادرة ذاتية قوامها تقديم المساعدة و العون بين أفراد المجتمع الرواندي بين العائلة و الجيران و الأصدقاء و كان لهذه المبادرة دور في إعادة تأهيل المدارس و العيادات و البنية التحتية في المجتمع المحلي ، كما تم إنشاء مبادرة إيميهيغو/ imihigo كبرنامج مصمم للمساءلة على ممارسات الحكومة من قبل المواطنين و ذلك عن طريق قيام أفراد الدولة و السلطة من جميع المستويات بوضع أهداف علنية لعملهم في إطار جدول زمني محدد و في إطار ذلك الجدول و بعد انتهاء مدته يكون المسؤول الحكومي خاضع للمراقبة و يمكن لأفراد المجتمع مسألته بكل شفافية و ذلك يضمن الاستجابة الجيدة لاحتياجات المواطنين و تلبية تلك الاحتياجات من قبل الحكومة و أيضا تحسين الخدمات المقدمة من قبل الحكومة للمواطنين ، فضلا عن برامج الحوار الوطني التي يتم فيها استعراض حالة الدولة في العام الماضي و تبادل الأفكار مثل برنامج أوميوشيكيرانو ، كما عملت رواندا بعد إنتهاء الحرب الأهلية على تمكين المرأة في جميع المجالات ، حيث أصبحت حقوق المرأة تمثل حجر الزاوية في خطط رواندا التنموية ، فأصبحت رواندا تمتلك نتيجة لذلك أعلى نسبة عالمية لتمثيل المرأة في البرلمان حيث تمثل المرأة في البرلمان الرواندي قرابة 56% من إجمالي مقاعد البرلمان ، و تعزيز حقوق المرأة و تمكينها كان نتيجة لإدراك الحكومة الرواندية بدور المرأة الرواندية و تضحياتها في إعادة بناء الدولة و هو ما أكد عليه الرئيس بول كاغامي بتأكيده على ضرورة تمكين المرأة و الحفاظ و تعزيز حقوقها نظرا لدورها و تضحياتها في رواندا (24) ، و في دستور رواندا الجديد عام 2003م تم تحديد المؤسسات الرسمية لرواندا متمثلة في السلطة التنفيذية و التشريعية و القضائية و هي سلطات منفصلة عن بعضها و تتمتع بالاستقلالية و لكنها متكاملة و تم تحديد السلطة التنفيذية في مؤسستي الرئاسة و يمثل قمتها رئيس الدولة و مجلس الوزراء و يمثل الرئيس قمة السلطة التنفيذية في رواندا و يكون هو القائم عليها بمعاونة مجلس الوزراء ، و تتمثل السلطة التشريعية في البرلمان الرواندي و هو يتألف من جلسين و هما مجلس النواب و مجلس الشيوخ و هي السلطة التي تقوم بالطبع بالتشريع و سن القوانين في رواندا و مراقبة أعمال السلطة التنفيذية وفقا للإجراءات التي يحددها الدستور الرواندي ، أما السلطة القضائية فهي تتمتع بالاستقلالية و تكون منفصلة تماما عن السلطتين التنفيذية و التشريعية كما تتمتع السلطة القضائية بالاستقلال المالي و الإداري و هي مسؤولة عن ضمان سير العدالة و سيادة القانون و احترام الحقوق و الحريات المنصوص عليها في الدستور و تتمثل قمة السلطة القضائية في المحكمة العليا (25).
أدركن الحكومة في رواندا وعلى رأسها الرئيس بول كاغامي أن كل الجهود السابقة للإصلاح السياسي و التحول للديمقراطية و جهود المصالحة بين أفراد و أطياف الشعب الرواندي يجب أن تشمل دولة رواندا ككل دون أي استثناء و هو ما تطلب في نظر الحكومة ضرورة إعادة بناء الجيش الرواندي و قوات الأمن الخاصة برواندا ، فالحكومة الرواندية في تلك الفترة استشعرت بالخطر من الجيش الرواندي و الذي كان أغلبيته من الهوتو و هو ما مثل خطر أمني يمكن ان يقف عائق أمام الإصلاحات و عمليات التحديث و التنمية ، و وجدت الحكومة الرواندية أن الطريق الوحيد لتلافي ذلك الخطر هو إعادة بناء جيش موحد يضم في صفوفه أعداء الأمس بعيدا عن أفكار التمييز العرقي و الإبادة الجماعية ، وذلك عن طريق إعادة تأهيل مقاتلي الجيش ليكونوا جيش وطني لرواندا تصبح مهمته الأساسية الدفاع عن الوطن ، وعلى ذلك قامت الحكومة بوضع معايير خاصة لمن يتم قبوله للانضمام لصفوف الجيش الرواندي منها أن يكون لديه استعداد للخضوع لعملية تأهيل عسكري ، و واجهت الحكومة الرواندية عدة مشاكل في هذا الصدد منها رفض الكثير من أفراد الجيش لعملية التأهيل العسكرية التي تتبناها الحكومة لكن قيادات الجبهة الوطنية الرواندية و على رأسهم الرئيس كاغامي لم يتنازلوا عن فكرة توحيد الجيش الرواندي و استطاعوا احتواء هذه المشكلة و قامت الحكومة بتشكيل لجنة الوحدة الوطنية التي مكنت الجبهة الوطنية الرواندية من مراقبة عملية تكوين الجيش الرواندي الموحد الذي هدفه الدفاع عن الوطن الرواندي بعيدا عن أفكار الانقسام و التمييز العرقي ، كما واجهت الحكومة الرواندية مشكلة قلة الموارد لتحقيق هذا الهدف و اعتمدت الحكومة لحل تلك المشكلة على تعزيز مشاركة المؤسسات المحلية لإتمام هذا الهدف و رفضت الاعتماد على المساعدات الخارجية ، مما رفع من معنويات الشعب الرواندي و كون لديه الشعور بأنه صاحب مبادرة ، و نجحت الحكومة في تحقيق هدفها عن طريق تحويل عقيدة للولاء للدولة رواندا و ليس الولاء للعرق و من خلال برامج إعادة التأهيل العسكري لأفراد الجيش يشمل التثقيف السياسي لأفراد الجيش و التأكيد على الدور التاريخي للجيش الرواندي لخدمة رواندا و التأكيد على وحدة الروانديين تاريخيا ، مما ساعد على عملية الاندماج و تكوين الجيش الرواندي الموحد (26).

ب/ الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية في رواندا :
قامت الحكومة في رواندا و على رأسها الرئيس بول كاغامي بالعديد من الإصلاحات في المجال الاقتصادي و الاجتماعي أيضا ، فالحرب الأهلية في رواندا كان لها آثار مدمرة في راوندا ، فالحرب في رواندا زادت من حدة الفقر ، و دمرت البنية التحتية ، فكان يجب القيام بخطة شاملة من الإصلاحات للنهوض برواندا و جعلها تتخطى و تعالج تلك الآثار التي خلفتها الحرب الأهلية .
فقامت الحكومة في رواندا بالعديد من الإصلاحات في المجال الاقتصادي و ذلك كما يلي :
اهتمت الحكومة في رواندا بالقطاع الزراعي و اعتمدت عليه بشكل كبير ، كما عملت على تطويره ، و ذلك للنهوض بالاقتصاد الرواندي ، فقامت بوضع خطة لتطوير القطاع الزراعي و استعانت بخبراء أجانب تم جلبهم من أجل تحقيق هذا الهدف ، كما عملت الحكومة على توفير الأسمدة و المعدات الزراعية بأسعار مخفضة تساعد المزارعين على زيادة الإنتاج ، كما وفرت قروض للمزارعين بشكل ميسر ، و ظهرت نتائج تلك السياسات بعد 5 أعوام من بعد الحرب الأهلية ، فعلى سبيل المثال نجد أن محصول مثل القهوة ارتفعت انتاجيته من 30 ألف طن إلى 15 مليون طن و في الخمسة أعوام التالية للحرب الأهلية ، كما أن تلك السياسات ساهمت من انخفاض معدلات الفقر في رواندا و ذلك بسبب ارتفاع مستوى إنتاج الأغذية ، ففي الفترة من 2010 إلى 2014 ارتفعت قيمة انتاج الغذاء من 1.2 مليون دولار إلى 2 مليون دولار ، و يشير الخبراء إلى أن ارتفاع الإنتاجية في قطاع الزراعة التي أدت لتحقيق الأمن الغذائي برواندا كانت بسبب السياسات التي قامت بها الحكومة في رواندا من أجل تطوير و إصلاح القطاع الزراعي ، كما عملت الحكومة في رواندا على جذب الاستثمارات الخارجية بها و ذلك بتسهيل الإجراءات على المستثمرين و ذلك بوضع قانون جديد للاستثمار ، و إنشاء نظام يدعى ” الشباك الواحد ”  و هو نظام يسهل من الإجراءات التي يحتاجها أي مستثمر داخل رواندا ، فيمكن للمستثمر من إنهاء كل الإجراءات التي يحتاجها في رواندا في مكان واحد و خلال بضع ساعات و ذلك طبقا لنظام الشباك الواحد الذي يسهل الإجراءات على المستثمرين و يبعدهم عن التعقيد ، كما أنشأت رواندا مجلس يساعد في أمور الاستثمار في رواندا و هو المجلس الاستشاري للاستثمار و التطوير ، كما قامت رواندا بإلغاء التأشيرة للأجانب مما جعل من العاصمة الرواندية كيغالي واحدة من أكثر العواصم استقبالا للسياح في أفريقيا ، كل هذه العوامل ساعدت في جذب المستثمرين لرواندا هذا إلى جانب جذب السياح إليها ، و كان من نتائج تلك الخطط و السياسات لإصلاح الاقتصاد و دفع عجلة التنمية أن ارتفع الناتج المحلي في رواندا بنسبة 10 أضعاف تقريبا ، فالنتاج المحلي برواندا تضاعف في الفترة من عام  1994 إلى عام 2017 من 900 مليون دولار إلى 9.4 مليار دولار تقريبا ، و نتيجة للجهود و السياسات الحكومية في رواندا للإصلاح الاقتصادي أن تحولت رواندا لأحد أهم الاقتصادات الناهضة بمعدل نمو 7.5% عام 2017 ، و تم تصنيف رواندا في تقرير منظمة الكوميسا عام 2016 كأول دولة أفريقية جذبا للمستثمرين و رجال الأعمال . (27) ، كما اهتمت رواندا بمجال التكنولوجيا ، فقامت بوضع رؤية لعام 2020 تركز على عدة جوانب منها التكنولوجيا و الابتكار و تضمنت تلك الرؤية ضرورة تطوير المناهج التعليمية برواندا في التخصصات التكنولوجية في المرحلة الثانوية و في الجامعات و ذلك لتسهيل إنشاء شركات التكنولوجية و استغلال الفرص التي تساعد في تحقيق التنمية المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات و الاتصالات (28) .
كما نجد أن الحكومة الرواندية قامت بالعديد من الإصلاحات في المجال الاجتماعي و التي يمكن إجمالها في التعليم و الصحة اللذان يمثلان الاستثمار البشري ، فالاستثمار البشري من أحد أهم العوامل التي تدفع من عجلة الاقتصاد في الدولة ، فعندما يتلقى الفرد التعليم الجيد الذي يناسب سوق العمل و يتماشى مع المستوى التكنولوجي السائد بالإضافة لتلقيه خدمة صحية جيدة و ارتفاع الخدمات الصحية المقدمة بما يضمن أن يكون الأفراد بصحية جيد فذلك يزيد من قدرتهم على العمل و يرفع من انتاجيتهم مما يساهم في تحقيق التنمية و دفع عجلة الاقتصاد في الدولة ، فحكومة رواندا اهتمت بالتعليم و الصحة و ذلك كما يلي :

فأما عن التعليم ، نجد أن رواندا أعلنت في عام 2015 أنها ستنفق نسبة تقدر ب20% من إجمالي ميزانيتها السنوية على التعليم من أجل تطوير مجال التعليم و زيادة فرص الوصول للتعليم وإتاحته لجميع المواطنين ، و نجد تصريحات تؤكد ذلك ، فلقد صرح الرئيس الرواندي بول كاغامي قولا ” أن 20% من ميزانيتنا ستنفق على التعليم ، إلى جانب توفير التعليم المجاني ل12 عاما للجميع ” و ذلك في قمة أوسلو بالنرويج ” التعليم من أجل التنمية ”(29) .

أما عن مجال الصحة قامت رواندا بالعديد من الإجراءات لتحسين المستوى العام للصحة بها ، و منها أن قامت ببناء نظام رعاية صحية يغطى أكثر من 90% من المواطنين ، و بالرغم أن النظام الصحي في رواندا لا يعد مثاليا و لكنه تطور بشكل كبير عن الماضي بشكل أصبح معه وصول المواطنين في رواندا للرعاية الصحية تحسن بشكل كبير عن الماضي ، و تقوم رواندا بتطعيم أكثر من 97% من الأطفال الرضع ضد العديد من الأمراض مثل : شلل الأطفال ، و الحصبة الألمانية ، و التهاب الكبد “ب” ، و النزلة النزفية “ب” ، و نتيجة لذلك انخفض معدل الوفيات للأطفال الرضع في رواندا عام 2015 إلى 31 وفاة لكل 1000 ولادة و نسبة الانخفاض هذه تمثل ثلاثة أرباع مقارنة بعام 2000 .(30)
و الجدير بالذكر أن هذه جميع الإصلاحات السابقة حولت رواندا من جحيم الحرب الأهلية لإحدى الدول الأفريقية الرائدة ، فبهذه الإصلاحات استطاعت رواندا أن تتخطى آثار الحرب الأهلية التي زادت من حدة الفقر و زادت من عدم الاستقرار السياسي فضلا عن تدمير الاقتصاد و البنية التحتية لتنجح رواندا في تخطى كل هذه الآثار لتصبح من إحدى دول أفريقيا الرائدة.

رابعا : تقييم عملية التحول الديمقراطي في رواندا .

و في هذا المحور سيتم تقييم عملية التحول الديمقراطي في رواندا وفقا لمؤشرات نجاح عملية التحول الديمقراطي السابقة الذكر و هم :

1/  حدوث عملية تداول سلمي للسلطة .
2/ استمرار النظام الديمقراطي بعد إجراء انتخابات للمرة الثانية.
3/ إقامة مؤسسات فاعلة و إصلاح المؤسسات القديمة.
4/وجود إطار دستوري و وجود نظام تنافسي.
5/ استقرار النظام دون التعرض للحرب الأهلية.
6/ الحصول على عضوية المؤسسات الدولية و حصول النظام الديمقراطي على الاعتراف دوليا.
7/ أن يكون الجيش تحت قيادة مدنية.
فبالنسبة لمؤشر حدوث عملية تداول سلمي للسلطة نجد أنه يتم إجراء انتخابات في رواندا لتحديد من يشغل منصب الرئيس فحدثت أول انتخابات في عام 2003 و التي فاز فيها بول كاغامي لمدة سبع سنوات ، ثم جرت انتخابات للمرة الثانية عام 2010 فاز بها أيضا بول كاغامي ، ثم جرت انتخابات للمرة الثالثة عام 2017 فاز فيها بول كاغامي ، فهذا يعني وجود تنافس سلمي في شكل انتخابات على السلطة و وجود تداول سلمي للسلطة ، لكن من المآخذ في تلك النقطة أن بول كاغامي فاز بالانتخابات في عام 2017 بعد تعديل دستوري يسمح له بالترشح للانتخابات لولاية ثالثة مع الأخذ في الاعتبار ظروف كل دولة و خصوصية تجربتها .
1 / بالنسبة لاستمرار النظام الديمقراطي بعد إجراء انتخابات للمرة الثانية نجد أن النظام الديمقراطي في رواندا مستقر بعد إجراء انتخابات عام 2017 و هي الانتخابات الثالثة و يؤخذ فقط التعديل الدستوري الذي حدث للسماح لبول كاغامي للترشح لولاية ثالثة  و الذي يسمح له الترشح لولاية رابعة أيضا و الذي يجعله باقيا في الحكم نظريا حتى عام 2034م ، و هو ما انتقده المراقبون ،مع الأخذ في الاعتبار مجددا أن لكل دولة خصوصية لتجربتها و ظروف خاصة بها تختلف عن الدول الأخرى.

2 /  بالنسبة لإقامة مؤسسات فاعلة و إصلاح المؤسسات القديمة نجد أنه بالفعل و بنص الدستور الرواندي تم تحديد المؤسسات الرسمية برواندا و تحبشكل واضح كما سبق ذكرها في الإصلاحات السياسية.

3 / بالنسبة لوجود إطار دستوري و نظام تنافسي نجد أنه بعد انتهاء الحرب الأهلية في رواندا تم وضع دستور جديد عام 2003 ينظم الحقوق و الواجبات في رواندا و يحدد المؤسسات الرسمية في الدولة و وظائف كل منها على حدى ، كما نجد أن الدستور الرواندي ينص على أن ” جميع الروانديين لهم حقوق متساوية ” ، كما أن الدستور الرواندي في تحديده للمؤسسات الرسمية في رواندا ، فيحدد أن إنشاء السلطتين التشريعية و التنفيذية يكون بإجراء انتخابات بها تعددية حزبية و هو ما يضمن وجود نظام تنافسي .

4 / بالنسبة لاستقرار النظام دول التعرض لخطر الحرب الأهلية فنجد أن رواندا حتى عامنا هذا 2021 مستقرة دون هذا الخطر التي استطاعت تجاوزه ، فنجد أن رواندا أصدرت قوانين تجرم الخطاب العرقي و التمييز العرقي و الأفكار التي تشجع على الانقسام و الإبادة الجماعية ، كما تم تجريم استخدام لفظتي الهوتو و التوتسي تجنبا للتميز العرقي ، ولتفادي خطر الانقسام و خطر الحرب الأهلية .

5 / بالنسبة للحصول على عضوية المؤسسات الدولة و حصول النظام الديمقراطي على الاعتراف الدولي ، نجد أن رواندا عضو في العديد من المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة ، حيث أن رواندا تمتعت بعضوية الأمم المتحدة منذ عام 1962م (31)، كما ان رواندا تتمتع بعضويتها  في الاتحاد الأفريقي ( منظمة الوحدة الأفريقية) منذ عام 1963م (32)، كما أن رواندا انضمت لمنظمة التجارة الحرة الأفريقية ( الكوميسا) منذ عام 2004م ( 33) ، كما أن رواندا تجمعها علاقات بالعديد من الدول مثل مصر و الصين و الإمارات  و السعودية على سبيل المثال ، مما يعني أنها دولة لها علاقات بالعديد من الدول مما يضمن لها الاعتراف الدولي بها.

6 / بالنسبة لمؤشر أن يكون الجيش تحت قيادة مدنية ، نجد أن دولة رواندا أعادت بناء الجيش الرواندي بعد الحرب الأهلية ، فأصبح جيش وطني موحد يضم من كانوا أعداء بالأمس بعيدا عن التمييز العرقي ، و أصبحت مهمته الدفاع عن الوطن و حماية رواندا ككل و ليس حماية هويات بعينها ، و ذلك يعني أن الجيش تحت قيادة مدنية و هو الرئيس الرواندي .

و على ذلك يتضح أن رواندا تمضي قدما في طريق التحول الديمقراطي و لتحقيق التنمية الاقتصادية أيضا ، فكل الإصلاحات التي قامت بها رواندا ، تقوم رواندا بجني ثمارها فهي تمضي قدما نحو التحول الديمقراطي و التنمية الاقتصادية ، فبعد سنوات من عدم الاستقرار السياسي ، و نشوب حرب أهلية راح ضحيتها قرابة المليون إنسان في رواندا ، و ما خلفته تلك الحرب من آثار دمرت الاقتصاد و زادت من حدة الفقر ، نجد أن رواندا بفضل الإصلاحات السابقة استطاعت تخطي كل هذه الآثار لتصبح إحدى الدول الرائدة في أفريقيا و وجهة للمستثمرين و السياح ، فمن يقارن بين رواندا 1994 و رواندا 2021 يجد أن جميع الإصلاحات بيها في المجال السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي تؤتي ثمارها و حولت رواندا من جحيم الحرب الأهلية لإحدى الدول الرائدة في أفريقيا .

خاتمة:

بعد أن تم عرض ما مرت به رواندا من حرب أهلية طاحنة راح ضحيتها قرابة المليون إنسان ، علاوة على الآثار المدمرة التي طالت الاقتصاد و دمرت البنية التحتية بها ، بالإضافة إلى غياب الاستقرار السياسي ، نجد أن رواندا استطاعت بالتخطيط و العمل و نبذ  الانقسام على تخطي تلك الآثار ، ضاربة مثلا يحتذي به للدول التي تعاني من الانقسامات الطائفية و العرقية ، و تعطي الأمل لأي دولة تعاني من ويلات الحرب الأهلية و الانقسام ، فرواندا 1994م كانت تعاني من الانقسام و التفرقة العنصرية و التمييز العرقي و ما ترتب عليه واحدة من أقسى و أعنف الحروب الأهلية في أفريقيا التي راح ضحيتها العديد من الروانديين ، لتتحول بعد ذلك لواحدة من الدول الرائدة في أفريقيا ، لتكون مثلا للدول التي تعاني من نفس الظروف من الانقسام و التمييز العرقي ، و لتكون رواندا أملا للدول في تحقيق المصالحة و نبذ الخلاف و تنحية الانقسام و التمييز جانبا و البدء في التكاتف و العمل من أجل النهوض و تحقيق التنمية و الاستقرار و الازدهار .

قائمة المراجع :
1 / علي الدين هلال ، الانتقال إلى الديمقراطية ، المجلس الوطني للثقافة و الفنون و الآداب ، ط 1 2019 ، ص 15.
2/ أحمد تهامي عبد الحي ، مبادئ السياسة المقارنة ، الوادي للثقافة و الإعلام ، ط1 2019، ص 71،72
3/ مرجع سبق ذكره ، أحمد تهامي عبدالحي ، مبادئ السياسة المقارنة ، ص 72.
4/ إيمان حسن ، المجتمع المدني و الدولة و التحول الديمقراطي ، معهد البحرين للتنمية السياسية ، ط2 2017، ص45.

5/ مرجع سبق ذكره ، إيمان حسن ، المجتمع المدني و الدولة و التحول الديمقراطي ، ص46.
6/ مرجع سبق ذكره ، أحمد تهامي عبدالحي ، مبادئ السياسة المقارنة ، ص68.
7/ مرجع سبق ذكره ، إيمان حسن ، المجتمع المدني و الدولة و التحول الديمقراطي ، ص 47.
8/ نور الهويدي ، التحول الديمقراطي : ما الذي يسبب الديمقراطية ؟ ، ملتقى الباحثين السياسيين العرب.
http://arabprf.com/?p=689
9/ نبيل علي ، محددات موقف النظام الدولي من التحول الديمقراطي في العالم الإسلامي ، أركان للدراسات و الأبحاث و النشر2019، ص6.

10/ علي مصباح محمد الوحيشي ، دراسة نظرية في التحول الديمقراطي ، مجلة كلية الاقتصاد للبحوث العلمية ، العدد 2 سنة 2015 ، ص60.

11/ دحمان بن عمار و محمد شريط ، الأليات الأساسية للتحول الديمقراطي في تونس – دراسة حالة- ، ص16 ، 2014.
12/ مرجع سبق ذكره ، أحمد تهامي عبد الحي ، مبادئ السياسة المقارنة ، ص 76.
13/ طارق عبد الحافظ الزبيدي ، دولة رواندا من الإبادة الجماعية للريادة المثالية.
http://mcsr.net/news508
14/ تحليل الصراعات ، معهد السلام الأمريكي .
https://www.usip.org/sites/default/files/academy/OnlineCourses/Conflict_Analysis_Course_Arabic_06_28_06.pdf

15/ بلال النجار ، التجربة الرواندية و الاستفادة منها فلسطينيا ، بال ثينك للدراسات الاستراتيجية ، 2020،ص3.
16/ جميل مازن شقورة ، رواندا ما بين التنمية الاقتصادية و الاستبداد مقاربة على النموذجين السوري و اليمني ، مركز الحوكمة و بناء السلام ، 2020 ، ص 3.
17/ مرجع سبق ذكره ، جميل مازن شقورة ، رواندا ما بين التنمية الاقتصادية و الاستبداد مقاربة على النموذجين السوري و اليمني ، ص 3 .
18/ مباركة رحلي ، الحرب الأهلية في رواندا ( 1994) و المواقف الدولية منها ، ص42، 2014.
19، مرجع سبق ذكره ، مباركة رحلي ، الحرب الأهلية في رواندا (1994) و المواقف الدولية منها ، ص 50.
20/ مؤمن يوسف عالم ، التعايش الاجتماعي في المجتمعات الإفريقية في مرحلة ما بعد الصراع : رواندا و الصومال نموذجا .
https://www.qiraatafrican.com/home/new/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D8%B1%D8%AD%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%A7-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D8%B1%D8%A7%D8%B9-%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%86%D9%85%D9%88%D8%B0%D8%AC-%D8%A7#sthash.7U7DdoYQ.nyN4GQxF.d
21/ مرجع سبق ذكره ، أحمد تهامي عبد الحي ، مبادئ السياسة المقارنة ، ص73.
22/مرجع سبق ذكره، بلال النجار، التجربة الرواندية و الاستفادة منها فلسطينيا ، ص6.
23/ أية حسين محمود ، النظام السياسي في رواندا منذ عام 1994.
http://www.acrseg.org/41743
24/ طارق ناصيف ، رواندا من الحرب الأهلية للتنمية الشاملة .
https://www.harmoon.org/reports/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84/

25/ مرجع سبق ذكره ، أية حسين محمود ، النظام السياسي في رواندا منذ عام 1994.
http://www.acrseg.org/41743
26/ سمية عبد القادر شيخ محمود ، إشكالية بناء جيش وطني موحد في مجتمع منقسم مناطقيا ، عمران ، العدد 20 ، 2017 ، ص 156 ، 157.

27/ مرجع سبق ذكره ، بلال النجار ، التجربة الرواندية  و الاستفادة منها فلسطينيا ، ص 7 ، 8 .
28/ الابتكار و التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة ، تقرير صادر عن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية و الاجتماعية لغرب أسيا ، ص 86.
29/ حكيم نجم الدين ، قراءة في الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية برواندا في ظل إطلاق سراح سجناء سياسيين .
https://www.qiraatafrican.com/home/new/%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B5%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D8%AF%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%B8%D9%84-%D8%A5%D8%B7%D9%84%D8%A7%D9%82-%D8%B3%D8%B1%D8%A7%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%A1#sthash.8p1QFlwn.c0hQHMQn.dpbs

30/ مرجع سبق ذكره ، حكيم نجم الدين ، قراءة في الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية برواندا في ظل إطلاق صراح سجناء سياسيين .

31/ تاريخ انضمام رواندا للأمم المتحدة ، الموقع الرسمي للأمم المتحدة .
https://www.un.org/ar/member-states/index.html#goto%D8%B1

32/ تاريخ انضمام رواندا للاتحاد الأفريقي، الموقع الرسمي للاتحاد الأفريقي .
https://au.int/ar/node/3678

33/ تاريخ انضمام رواندا لمنظمة التجارة الحرة الأفريقية ، الموقع الرسمي لوزارة التجارة و الصناعة المصرية .
http://www.expoegypt.gov.eg/agreements/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%B3%D8%A7

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى