أخبار ومعلومات

سفير الصين في الجزائر في حوار لـ”الخبر

تحدث سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر، لي ليان خه، عن دور بلاده في مكافحة جائحة كورونا عالميا، وقدم في حوار مع “الخبر” موقف بلاده بخصوص المرحلة الثانية من التحقيق حول منشأ فيروس كورونا، وشدد على رفض الصين تسييس المسائل العلمية، وتوقف في معرض حديثه عند التعاون الثنائي بين الصين والجزائر في مواجهة جائحة كورونا والمساعدات التي قدمتها في هذا المجال، حيث كشف عن توقيع اتفاق بتزويد الجزائر بـ15 مليون جرعة من اللقاح المضاد للفيروس القاتل وعن تبرعها بتجهيزات كمحطات إنتاج الأوكسجين وأسرّة العناية المركزة ستصل الجزائر قريبا.

 منذ تفشي الجائحة، جسدت الصين والجزائر المعنى الحقيقي لـشعار “مساعدة متبادلة وتكاتف في مواجهة المحنة” وأيضا معنى الصداقة المتميزة التي تربط البلدين على أرض الواقع، ولقد أصبح تضامن البلدين وتعاونهما في مكافحة الجائحة نموذجا يحتذى به عبر العالم.

ارتفعت أصوات تنادي بتتبع منشأ فيروس كورونا المستجد، وبعض الدول والأطراف توجه الاتهامات بشكل مباشر إلى الصين، ما هو الموقف الصيني في مسألة تتبع المنشأ؟

الموقف الصيني من مسألة تتبع منشأ فيروس كورونا المستجد في العالم ثابت وواضح. أولا، يعد تتبع المنشأ مسألة علمية، يجب أن يقوم العلماء دون غيرهم بالأبحاث، ولا يحق لأي دولة تجاهل الأرواح وتسييس المسائل العلمية أو تشويه صورة الدول الأخرى ومهاجمتها من أجل مصالحها السياسية الخاصة. ثانيا، من الضروري احترام وتنفيذ الاستنتاجات والتوصيات التي تم التوصل إليها في تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة العالمية، والتي تبناها المجتمع الدولي والأوساط العلمية، ومن قبل جميع الأطراف بما فيها منظمة الصحة.

ويجب المضي قدما في أعمال تتبع المنشأ في العالم على هذا الأساس فقط، بدلا من إنشاء نهج جديد. ثالثا، يدعم الجانب الصيني دائما التتبع العلمي للمنشأ وسيواصل المشاركة فيه. ما نرفضه هو اتباع النهج السياسي في تتبع المنشأ، والتتبع الذي يخالف قرار مؤتمر الصحة العالمية، والتتبع الذي يتخلى عن تقرير البحث المشترك بين الصين والمنظمة. رابعا، يجب على الأمانة العامة لمنظمة الصحة العالمية أن تقوم بالتشاور الوافي مع الدول الأعضاء حول خطة العمل لتتبع المنشأ في العالم وآليات المتابعة بهذا الخصوص مع الاحترام التام لآراء الدول الأعضاء وفقا لمطالب قرارات مؤتمر الصحة العالمية، ومن الأوجب القيام بالتشاور مع الدول المعنية وإجراء التعاون الفعال على هذا الأساس عند وضع خطة تتبع المنشأ التي تركّز على هذه الدول.

في هذا السياق، تناقلت وسائل إعلام دولية أخبارا حول عزم منظمة الصحة العالمية إطلاق المرحلة الثانية من التحقيق حول منشأ فيروس كورونا، ما هو موقف الصين من هذه الخطوة؟

في شهر مارس الماضي أصدرت منظمة الصحة العالمية بشكل رسمي تقرير البحث المشترك مع الصين بشأن تتبع المنشأ، حيث قدمت استنتاجات تتميز بأكثر مصداقية ومهنية وعلمية، وطرحت توصيات مفصّلة حول عمل تتبع المنشأ في المستقبل. وقبل فترة، طرحت أمانة منظمة الصحة العالمية خطة تتبع المنشأ للمرحلة الثانية، ولكن هذه الخطة طرحت من جانب واحد، ولم تنحرف عن متطلبات قرار الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية فحسب، بل تتجاهل استنتاجات تقرير البحث المشترك لتتبع المنشأ للمرحلة الأولى. وتجدر الإشارة هنا هو أثناء تحضير وصياغة هذه الخطة الجديدة، بعض الدول تتجاهل الحقائق وتخلط الحق بالباطل، استغلت كل وسيلة ممكنة لإرغام وفرض ضغط على أمانة منظمة الصحة العالمية والخبراء الدوليين، وحتى قامت بنشر فيروس سياسي في المجتمع الدولي من خلال تسييس الجائحة ووصم الفيروس واستخدام تتبع المنشأ كأداتها من أجل إنكار وتشويه الإنجازات التي حققتها الصين ومنظمة الصحة العالمية في تتبع المنشأ خلال الفترة الماضية.

فحتى الآن، أعربت كثير من الدول عن قلقها ومعارضتها لهذه الخطة التي اعتبرتها غير متطابقة مع متطلبات قرار الدورة الثالثة والسبعين لجمعية الصحة العالمية، وغير متطابقة مع استنتاجات وتوصيات تقرير البحث المشترك بين الصين ومنظمة الصحة، ولم تعكس أحدث نتائج البحث العالمية في تتبع المنشأ بشكل كامل، لهذه الأسباب فلا يمكن أن تكون هذه الخطة أساسا لخطة عمل تتبع المنشأ للمرحلة الثانية. هناك أكثر من 70 دولة أكدت بدعمها لتقرير البحث المشترك بين الصين والمنظمة، ومعارضتها تسييس مسألة تتبع المنشأ من خلال إرسال رسالة إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية وإصدار البيانات أو المذكرات.

في يوم 12 أوت الماضي، أصدرت أمانة منظمة الصحة العالمية بيانًا جديدا حول مسألة تتبع المنشأ في المرحلة القادمة، مؤكدة فيه بضرورة احترام وتنفيذ التوصيات المكتوبة في تقرير البحث المشترك بين الصين والمنظمة وقيامه بعمل تتبع المنشأ في المرحلة القادمة على أساس نتائج البحث في المرحلة الأولى، واعتقدت الأمانة أن عمل تتبع المنشأ يجب أن يقوم على أساس علمي، بدلا من أن يكون أداة لتوجيه أصابع الاتهام أو تسجيل نقاط سياسية. وترى الصين أنه ينبغي تنفيذ هذه الآراء بشكل فعال في الأعمال ذات الصلة لمنظمة الصحة العالمية.

إن الجائحة مازالت تنتشر في العالم، فالشغل الشاغل في الوقت الراهن هو تعزيز التوزيع المنصف للقاحات ومكافحة الجائحة بالتضامن والتعاون. بنسبة إلى التعاون في تتبع المنشأ، من الضروري التمسك بالنهج العلمي، ورفض بشكل قاطع محاولات التسييس، وسوف يحرص الجانب الصيني على بذل جهود حثيثة في العمل المشارك مع كافة الأطراف في تتبع المنشأ في العالم على نحو علمي بما يقدّم مساهمات صينية لجهود البشرية في هزيمة الجائحة في نهاية المطاف.

يواجه العالم انتشارا حادا لمتحور “دلتا” الذي خلّف عددا كبيرا من الضحايا، وتعترض دول العالم تحديات كبرى في مواجهته، كيف تساعد الصين بحكم أنها قوة عالمية في مواجهة هذا المتحور؟ وما نوع المساهمة التي قدمتها وتقدمها لمحاربة الجائحة؟

منذ تفشي الجائحة، تبقى الصين ملتزمة بمفهوم مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية في تعزيز التعاون الدولي لمكافحة الجائحة، وتساهم بطاقتها وخبرتها في الحرب العالمية ضد الجائحة.

إلى غاية شهر ماي الماضي، وفرت الصين مستلزمات طبية كهبة لأكثر من 150 دولة و13 منظمة دولية، وزوّدت العالم بأكثر من 280 مليار كمامة و3.4 مليار وحدة من ملابس الوقاية و4 مليارات طقم الاختبار، وأرسلت ما يقرب من 40 فريق من الخبراء الطبيين إلى أكثر من 30 دولة، ونظمت حوالي 100 اجتماع افتراضي مع الدول والمنظمات الدولية لمشاركة الخبرات الصينية في مكافحة الجائحة.

في مجال بحث اللقاح وتصنيعه واستعماله، تستمر الصين في الوفاء بتعهّدات الرئيس الصيني شي جينبيغ بشأن “اللقاحات الصينية ستكون منتجا عاما للعالم لكي تقدم المساهمة الصينية في تحقيق توافر اللقاحات والقدرة على تحمل تكاليفها في الدول النامية”. فالصين هي أول دولة شاركت معلومة التسلسل الجيني الكامل لفيروس كورونا المستجدة مع العالم وأول دولة أجرت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاح الجديد في الخارج، ولقد تعاونت مع أكثر من 20 دولة في البحث العلمي للقاح، ما يقدم المساهمة الصينية في عملية البحث العالمية لللقاحات، كما أنها أول دولة وفّرت اللقاحات للبلدان النامية المحتاجة وتبرعت ولا تزال تتبرع بلقاحات لأكثر من 100 دولة بما فيها الجزائر، وصدّرت لقاحاتها لأكثر من 60 دولة، ما جعل الصين تحتل المرتبة الأولى عالميا في مجال توفير اللقاحات للمجتمع الدولي بإجمالي حوالي 800 مليون جرعة، وهي أيضا أول دولة قامت بالتعاون مع الدول النامية في إنتاج اللقاح ودخلت اللقاحات الصينية مرحلة الإنتاج في الإمارات العربية المتحدة ومصر وإندونيسيا والبرازيل، وستدخل اللقاحات الصينية مرحلة الإنتاج في الجزائر في المستقبل القريب.

بالإضافة إلى ذلك، قدّمت الصين ملياري دولار أمريكي كمساعدة للبلدان النامية المتضررة من الجائحة من أجل مساعدتها على مكافحتها واستئناف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، كما تنفّذ الصين بشكل شامل “مبادرة مجموعة العشرين لتعليق مدفوعات خدمة الديون للدول الأشد فقرا”، وقد تم تعليق مدفوعات خدمة الديون بقيمة تتجاوز 1.3 مليار دولار أمريكي، وهو أكبر مبلغ من بين جميع أعضاء مجموعة العشرين.

في الوقت الراهن يواصل الفيروس عملية التحور وتنتشر الجائحة عبر العالم ولاتزال جهود مكافحتها الشغل الشاغل للمجتمع الدولي، وتعد اللقاحات وسيلة مهمة لهزيمة الجائحة. وستواصل الصين في زيادة طاقة إنتاج اللقاح بشكل مطرد وسعيها الحثيث لتزويد العالم بملياري جرعة من اللقاحات الصينية خلال هذا العام. وستواصل الصين تعميق التعاون في نقل التكنولوجيا وإنتاج اللقاح مع الدول النامية ودعم منظمة التجارة العالمية لاتخاذ قرار بشأن إعفاء حقوق الملكية الفكرية للقاح مبكرا. وستواصل الصين دعم “برنامج كوفاكس” وتبذل أقصى جهدها في إتمام تقديم أول دفعة من اللقاحات الصينية ويتجاوز عددها 100 مليون جرعة إلى “برنامج كوفاكس” قبل نهاية أكتوبر، كما تبرعت بـ100 مليون دولار أمريكي لـ”برنامج كوفاكس” مؤخرا لمساعدة الدول النامية.

بحديثكم عن التعاون الدولي في مجال مواجهة الجائحة وبحكم العلاقات المتميزة بين الصين والجزائر، هل هناك مشاريع تعاون بين البلدين لمنع تفشي الفيروس ومكافحته بالجزائر؟ وإلى أين وصل مشروع تصنيع اللقاح الصيني بالجزائر؟

منذ تفشي الجائحة، جسّدت الصين والجزائر المعنى الحقيقي لـشعار “مساعدة متبادلة وتكاتف في مواجهة المحنة”، وأيضا معنى الصداقة المتميزة التي تربط البلدين على أرض الواقع، ولقد أصبح تضامن البلدين وتعاونهما في مكافحة الجائحة نموذجًا يحتذي به العالم.

في العام 2021، تعاون البلدان في مكافحة الجائحة تعمّق بشكل مستمر، وستواصل الصين مساعدة الجزائر على مكافحة الجائحة. في بداية هذا العام، قدمت الصين 200 ألف جرعة من اللقاحات الصينية كهبة للجزائر، هي أول دولة تتبرع باللقاحات للجزائر. وبعد ذلك، تغلبت الصين على الضغط الهائل للطلب المحلي على اللقاحات وبذلت جهودا حثيثة لتزويد الجزائر باللقاحات، حيث أصبحت الصين الدولة التي تقدّم أكبر عدد من اللقاحات للجزائر. وبالإضافة إلى ذلك، قد تم توقيع عقد لتوفير 15 مليون جرعة من اللقاحات الصينية للجزائر بين الشركات الصينية والجانب الجزائري، بعض منها قد وصلت والبقية ستصل تباعا.

خلال زيارة مستشار الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي للجزائر في جويلية الماضي، أعلن الجانب الصيني أنه سيواصل توفير اللقاحات والمواد المضادة للجائحة للجزائر من أجل دعمها في التغلب على الجائحة بشكل نهائي وفي وقت مبكر. حاليا، يركز الجانب الصيني على تنفيذ النتائج المثمرة التي حققتها هذه الزيارة المهمة، وسوف تصل مجموعة من التجهيزات التي تبرعت بها الصين إلى الجزائر في الأيام المقبلة كأجهزة التنفس الاصطناعي ومولدات الأوكسجين وأسرّة العناية المركزة. كما قررت الحكومة الصينية تزويد الجزائر بأكثر من 3 ملايين جرعة من لقاح شركة “سينوفاك” من خلال “برنامج كوفاكس”. وبالإضافة إلى هذه الإجراءات، يستمر الجانبان منذ فترة في التعاون في عدة مشاريع بما فيها إنشاء مصنع لإنتاج اللقاح الصيني في الجزائر ومساعدة الجزائر على بناء مصنع لإنتاج الأوكسجين، ولقد حققت هذه المشروعات تقدّما مهما، ومن المتوقع أن يدخل مصنع اللقاح بقسنطينة ومصنع الأوكسجين في وهران حيز الخدمة قريبا.

تحدونا ثقة راسخة بأنه بفضل جهودنا المشتركة سنحقق انتصارات أكبر في مكافحة هذه الجائحة في المستقبل.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى