سياسة الجزائر الاقليمية والدولية
كانت للدولة الجزائرية عبر الحقب التاريخية المتوالية علاقات دولية و إقليمية و سياسية واقتصادية بل وحتى عسكرية، لذلك فالنشاط الدبلوماسي الجزائري ليس وليد الصدفة الثورية أو نتاج لتطورات داخلية أو خارجية، بل هو حتمية تاريخية، كون الجزائر دولة طبيعية في المغرب العربي والشمال الإفريقي، والمحيط المتوسطي، وليست كيانا مصطنعا. فمنذ الحقبة الاستعمارية زاوج الجزائريون مقاومتهم للمحتل بنشاط دبلوماسي خارجی ، سواء من أجل الضغط على فرنسا أو لبناء تحالفات تدعم كفاحهم ، لكن الملمح البارز لهذا النشاط أنه لم يأخذ شكلا منظما مستقرا بل غالبا ما اعتمد على نشاط أفراد، كما انه كان يبرز و يخفت تبعا لتقلبات الجبهة الداخلية ، ورغم ذلك فقد تطور السلوك الخارجي للحركة الوطنية الجزائرية قبل الثورة عبر مراحل مختلفة.
فرضت دوائر الانتماء الجزائري في الفضاءات المتوسطية المغاربية العربية والإفريقية والإسلامية حتمية وجود دور إسلامي متميز، لوحظ نشاطه خلال النصف الثاني من القرن العشرين وخلال الحروب العربية الإسرائيلية سنتي 1967 و 1973، ومن خلال دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية، غير أن انكفاء الدور الجزائري عقب أزمة ” العشرية السوداء”، أدى إلى احتفاظ الجزائر بسمعتها ورواجها في الفضاء الإفريقي كعمق استراتيجي في ظل استمرار السيطرة المصرية على الجامعة العربية.
السياسة الخارجية والعمل الدبلوماسي، علم له قوام نظري ومرتكزات منهاجية، ففي الدول الديمقراطية المتقدمة، تدمج المقاربة العقلانية الرشيدة بالمقاربة الواقعية للقوة والمصلحة، لتنتج دورا إقليميا وفعالا للدولة، أما في دول العالم الثالث، فالفرص والضغوط هي التي تنتج المصلحة استبحث هذه المطبوعة في محاورها النظرية وفي دراسة الحالة الجزائرية، مختلف الموضوعات ذات العلاقة بتحليل وتفسير السياسة الخارجية الجزائرية في ضوء الفرص والقيود المحيطة بالسياق الجزائري، وستحاول أن تقترب أكثر من كيفية صياغة السياسة الراجية الجزائرية في شكل مقارن بن حقيبتي الرئيس هواري بومدين والرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
