دراسات تاريخية

عبد الحفيظ بوصوف ودوره في الثورة التحريرية الجزائرية

د.إسعد لهلالي – جامعة سطيف2

مقدمـــــة

     إن الحديث عن تاريخ الثورة الجزائرية يقود الباحث مباشرة إلى البحث عن قياداتها المختلفة، والتي لعبت دورا مهما في الكفاح الثوري الذي استمر سبع سنوات ونصف(1954-1962)، ومن أبرز تلك القيادات الثورية نجد العقيد عبد الحفيظ بوصوف الذي ساهم مساهمة فعالة في الثورة التحريرية الكبرى ، من خلال توليه العديد من المناصب العسكرية و السياسية مكنته من إحباط المخططات الفرنسية، ومن جهة ثانية  الدخول في دوامة الصراع على السلطة مع القادة العسكريين.

  والحقيقة أن هناك من اعتبر الرجل قائدا من قادة الثورة ، وهناك من اعتبره واحدا من الذين ارتكبوا العديد من التصفيات في حق زملائه في الكفاح وبذلك خلق جدلا بين الباحثين، ولكنه ساهم في الخفاء في دعم جهاز المخابرات باعتراف الفاعلين في الثورة ، وان كان مازال هناك غموض في الكثير من محطات الرجل لأن الشهادات لم تبح بكل أسرارها خاصة أذا علمنا الصراعات الكبيرة بعد الاستقلال وتخوف الكثيرين من الإدلاء بشهاداتهم وهناك من مات ودفنت معهم الكثير من الحقائق.

  ويبقى العقيد عبد الحفيظ بوصوف من أهم رجالات الثورة الجزائرية ولهذا حاولنا البحث في بعض جوانب من دوره في الثورة ، وعليه فالإشكالية الرئيسية في الدراسة ترتكز حول علاقة الرجل ودوره في الثورة، فماهي العمال التي قام بها بوصوف خلال الثورة ؟ وأين تركز نشاطه؟ وماهي أبرز الخلافات التي عاشها خلال الثورة؟

أولا- المولد والنشأة :   

ولد عبد الحفيظ بوصوف بميلة في 17 أوت 1926 [1] من عائلة فلاحية فهو الابن الثاني لهذه العائلة وأول ناجي لأمه التي فقدت تسعة أولاد قبل ولادته وقد كان فأل حسن على هذه العائلة كونها حصلت من بعده على أربعة أولاد وفتاة وكان أبوه إماما مع ممارسة القضاء في جبهة التحرير الوطني في الولاية الثانية، له أخوان هما رشيد وعبد العزيز اللذان كانا ثوريان فلقد كان رشيد مسبل مبعوث من طرف أخيه بوصوف لتوجيه السلاح نحو المنطقة الثانية أوقف من طرف الجيش الفرنسي سنة 1960.

أما أخوه عبد العزيز فقد كان ينقل القمح إلى الجبال “ميلة” أوقف مع ثلاثة من المجاهدين وقام الجيش الفرنسي باستجوابه لكنه لم يعترف ثم أطلق سراحه وبعد ذلك اتجه إلى فرنسا أين عمل في مصنع، عملية في الخلية التابعة لجبهة التحرير الوطني، شارك في سقوط إدارة المصنع الذي كان يعمل به، ثم فر إلى ألمانيا .[2]

عبد الحفيظ بوصوف كان مثل جميع الأطفال الجزائريين درس أولا في المدرسة القرآنية حيث تعلم القرآن الكريم وأكمل حفظه ، ويرجع هذا كله إلى الشيخ “سي السعيد بوصوف”[3] وبعدها درس بالمدرسة الفرنسية في سن الثمانية تقريبا حيث زاول دراسته هناك وتحصل على الشهادة الابتدائية [4] كان معروفا بحبه الدراسة وتواضعه فكان الأول في صفه كما قال صديق طفولته محمد الميلي ابن الشيخ مبارك الميلي”عرف بوصوف في المدرسة الابتدائية وفي هذه المرحلة تفوق علي في ثلاث مرات” فكان مميزا على غرار باقي التلاميذ بوطنيته أي حبه الشديد لوطنه رغم صغر سنه والرغبة الثورية المبكرة، فاستغل أوقات الفراغ لتعليم الآخرين النشيد الوطني.

كان محبا للقراءة حيث تصفح جميع الكتب المتعلقة بالمقاومة الجزائرية مع العلم أن أباه كان يملك مكتبة مليئة بكتب التاريخ وكتب الدين، في سن العاشرة كان متأثرا بملامح الأمير عبد القادر، المقراني، بوعمامة وفاطمة نسومر، وفي يوم سأله أبوه عن فائدة قراءته للكتب التاريخية فأجابه “إنني أقرأ لأعرف لماذا هذه الثورات لم تلقي نجاحا” إنه طفل في العاشرة من عمره يعتم بمقوماته الشخصية وهذا كان نادرا ما يوجد، لكنه كان مهتما بالوضعية المزرية التي يعيشها الشعب الجزائري، كان فخورا بكونه جزائري وكان يعبر عن هذا أمام أساتذته الفرنسيين اللذين يكرهون اللغة العربية.[5]

وفي عام 1944 سافر إلى قسنطينة ليشغل كعمال تسلم في غسالة التي كانت ملكا لحد المعمرين، كما أكمل دراسته هناك بثانوية رضا حوحو أين تحصل على هادة البكالوريا.[6]

وقد كان بوصوف رجلا قويا ذا وجه مستدير، شعر أسود مقصوص وعينين تخفيهما نظارات ملونة، كان بوصوف الذي تابع دراسته في علم النفس قبل 1954 يبدوا كشخص متواضع، يبعث في مرؤوسيه إحساسا بالاحترام والخشية[7] وكان يمثل الكثير من الأشياء فكان يعتمد على إستراتيجية الهدوء وفن المراوغة والإخفاء ودقة الملاحظة ومعرفة الأشخاص على حقيقتهم حيث يعمل على تحليل الأشياء ومعرفة الأشخاص وفائدة السياسة بروية وهدوء[8] ومن الصعب على أين كان أن يعرف نظراته وتصوراته ورد فعله التي يحتفظ بها دائما لنفسه ولا يبوح بها إلا لمن يريد عندما يتكلم طبعا خاصة وأنه قليل الكلام لا يتحدث إلا بمقدار ولا يضحك ولا يتبسم إلا نادرا وتلك هي طبعته[9]، وبعد مسيرته الطويلة في الثورة انسحب العقدي بوصوف من المسرح السياسي في 1962 ليتولى إدارة شؤونه الخاصة، كان يقول انه على استعداد دائم لخدمة الوطن.[10]

توفي في 31 ديسمبر 1980 في شقته في باريس بوجود زوجته إثر إصابته بنوبة قلبية مفاجئة وقد كان في فترة 1964 إلى 1980 لا يعطي أي تصريح عن ماذا كان يستعمل أو يجري لقاءات صحفية كما لم يكن يعطي وجهات نظره بطريقة واضحة غير أنه قبل وفاته أجرى مع احد رفقائه وهو المناضل محمد فقه البصري لكي يتمنى له أمنيات سعيدة بمناسبة حلول السنة الجديدة وهكذا كانت نهاية حياته.[11]

أنشأت الولايات بمناسبة التقسيم الإقليمي الذي قرره مؤتمر الصومام[12] في 20 أوت 1956 وكان على رأس كل واحدة منها عقيد يساعده ثلاثة رواد أو أكثر، وتنقسم هذه الولايات إلى مناطق حسب التشكيلة الجغرافية لكل ناحية[13].

ثانيا- دورعبد الحفيظ بوصوف في الولاية الخامسة

ولاية وهران أو الولاية الخامسة وهي تمتد من البحر المتوسط شمالا إلى أقصى الجنوب وتمتد من حدود المغرب الأقصى إلى الحدود الإدارية لعمالة الجزائر شرقا، وهي تمثل ثلث مساحة القطر الجزائري وتشمل ثماني مناطق عسكرية مقسمة بدورها إلى نواحي وأقسام وحددت المسؤوليات تحديدا تاما، وقد أنشأها المجاهد الشهيد محمد العربي بن مهيدي بمعاونة بوصوف وبعض المجاهدين الآخرين، الذي استشهد بعضهم وسجن بعضهم الآخر.

 وكانت الولايات حين ذاك تدعم المناطق ولم يبدأ العمل على منطقة وهران منذ نوفمبر 1954 إذ توصل العدو إلى القضاء على الفرق الصغيرة التي تكونت حين ذاك ومهدت بعد ذلك فترة من الاستعداد السري، وتنظيم الخلايا، وتجنيد الشباب المعروف بصدقه ووطنيته وإخلاصه وماضيه المشرف في الصراع ذد الاستعمار وعمله على نشر الوعي الوطني والثوري في وسط الشعب[14]، ووضعت الرتبة العسكرية وأصبح جيش التحرير الوطني جيشا عصريا وتجددت معالم ثورتنا كثورة تحريرية شعبية عامة وشاملة، وتطلعت بالشباب المثقف الذين غادروا مقاعد الدراسة والتحقوا بصفوف وقدموا لها خدمات كبيرة في كل ميدان خاصة الإعلام[15]، بالتشريعات والاجتماعات واللقاءات والقرى والمداشر، والمشاتي والقصور وتكونت المدارس الشعبية لدعم الثورة إعلاميا واقتصاديا وصحيا واجتماعيا وتقديم الإسعافات اللازمة للمتكونين، وعائلات السجناء والضحايا وأهم شيء في الولاية الخامسة هو تكوين النظام الصحي، ففي 1957 أصبح لديهم عدد كبير من الأطباء والمتربصين وطلبة الطب، كما أنشأوا لها مدرسة لتكوين الممرضين وإقامة المستشفيات قارة على باطن الأرض وتعميم وسائل العلاج في كل أنحاء الولاية حتى للمدنيين والنساء والصبيان وصار الأطباء والممرضون يتنقلون للعلاج وجرى الاهتمام بجمع الأدوية واستحلالها من كل مكان خاصة المدن الكبرى .

ومن التطورات الهامة للثورة في الولاية الخامسة إنشاء جهاز للمواصلات اللاسلكية التي قدمت خدمات كبرى لأن اتساع رقعة الولاية كان يفترض علينا تبليغ الأخبار والأوامر والتعليمات بسرعة ومن دون هذا الجهاز لا يمكن تحقيق ذلك، فوضع هذا النظام وحل لنا مشاكل كثيرة، وسهل علينا العمل، وقلل من ضحايا الجنود الذين يتنقلون ومن تعبهم ومشقاتهم عبر مسافات طويلة وفي أوقات متعددة، ومن أهم ما حققوه في الولاية الخامسة عام 1957 امتداد عملنا الوزاري إلى أعماق الصحراء حتى إلى أدرار وتيميمون بحيث انطلق خمسون شابا من الفدائيين وزاد عددهم في الطريق حتى أصبحوا 250 جندي وأظهر عمال المخابرات واللاسلكي بطولة وشجاعة بحيث يبلغوننا يوميا أخبار أنشطتهم وعمليتهم.[16]              

كذلك تمتاز الولاية الخامسة بكثرة أعمال التخريب ضد جيش العدو عن طريق الألغام، بحيث تعرض لخسائر كبيرة وأصبح لا يتحرك إلا بعد أن يجمع المدنيين الجزائريين ويحملهم أمامه بسيارات خاصة ويكون من ضحايا[17]  تلك الألغام وطلبنا من السكان أن يرفضوا ركوب هذه السيارات مهما كان الضغط وقد قويت عمليات التخريب بالألغام بالمناطق الجنوبية بصورة خاصة فحطم المجاهدون 13 قاطرة حتى مجموع 17 في ظرف 6 أشهر وصار لا يمر يوم دون حصول تخريب قطار ، وحاول جيش الاحتلال أن يقاوم هذا النشاط بوضع الأسلاك الشائكة المكهربة وفي عام 1958 تم تدعيم الثورة وتعمقت وآتت ثمارها بتكوين الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية يوم 19 سبتمبر 1958 واختنق الاستعمار الفرنسي ولم يفده مشروع شال العسكري الضخم الذي وضع عام 1959 وصارت المبادرة دائما في أيدي جيش التحرير الوطني عسكريا وجبهة التحرير الوطني سياسيا.[18]

ويذكر محمد لمقامي في كتابه رجال الخفاء أن التعداد في ناحية وهران كان معتبرا بقيادة العربي بن مهيدي، ومساعده عبد الحفيظ بوصوف والحاج بن علاوة محمد فرطاس كانت قد قررت تدعيم قطاعات الداخل بالأشخاص والعتاد وبإرسال وحدات كثيرة أطلق عليها اسم الطوابير والتوغل نحو الشرق والجنوب الوهراني فناحية وهران بما فيها الجنوب الغربي الصحراوي كانت تتحكم فيها منظمة وجيش التحرير الوطني وتلك الطوابير التي توغلت إلى داخل الجزائر قد انطلقت كلها من ناحية تلمسان قد أصبحت في وقت قليل معقل الثورة.

وفي وهران قام عبد الحميد بوصوف ونوابه بحماية الشبيبة ووضع شقتهم بها وبفضل هذه الثقة التي وضعها بوصوف في هذه الشبيبة المتطوعة فإن تنظيم الولاية الخامسة أكثر فعالية كما كان الشبان في ما بعد بالنسبة لمصالح وزارة التسليم والاتصالات العامة حيث يذكر محمد لمقامي إن كل الثانويين والجامعيين الذين التحقوا بنا احمد جلاد طالب[19]، محمد ديب احمد الغازي، علي زبيب وغيرهم من بين الذين هجروا المدرسة الابتدائية كشاوى علي المدعو مراد وعلي ديب وعبد الرحمان ديب واحمد جلاد، لحبيب محبوب.

وكان من أهم مسؤولي المنطقة الخامسة بوصوف بومدين [20]، لطفي، عثمان، عبان رمضان، سعد دحلب، بن طوبال، أدهليس، سليمان، صالح، زعموم، مقاتلي عبد الرحمان، الشايد حمود جابر.

بعد أرضية الصومام المنعقد يوم 20 أوت 1956 أصبحت ناحية وهران التي كان يشملها التقسيم الإداري الفرنسي أنها أوسع ولاية من بين الولايات التي كان عددها ستة، وكان السي لمبروك بمساعدة ثلاث ضباط برتبة صاغ هواري بومدين، الحنصالي، ميسوم من سردة شعبان (انواتي) أصله من الأنواط.[21]

وقد كان بومدين المفضل عند بوصوف كونه كان أكثر انضباطا في أعماله وكان يعتبر الرجل الأول بعد بوصوف.[22]

1- بوصوف وجهاز المخابرات والاستعلامات

أن في بداية كل حرب وطيلة استعمالها وبعد استتاب الأمن فيها لا يتوقف دور المخابرات ولا يكلّ بل هي الحرب المشتعلة أبدا وان كانت في الظل.

لكن هل كان لثورة التحرير جهاز مخابرات يتحدى العدو؟ وما هي تنظيمه وإمكانياته ودوره الثوري وكيف كان يتصدى لمخططات الأجهزة الفرنسية في الثورة؟

من المعلوم أن للثورة جهاز مخابرات أطلق عليها اسم “المالق MALG” وقد تأسس خارج الثورة وأن مؤسسه هو عبد الحفيظ بوصوف الذي ظل أهم شخصية مشرفة عليه إلى أن استرجعنا سيادتنا[23]، إنّه الرجل الصامت العامل في سرية تامة وبعد نظر، ومن الرجال الأفذاذ الثوريين القلائل وإذا تحدث متحدث عن السرية والكتمان والاستخبارات فإنه لا يكاد يذكر ذلك إلا ويتبادر إلى ذهنه شخصية بوصوف الاستراتيجي الكبير الذي انتبه مبكرا إلى ضرورة توسيع الثورة لتشمل ميادين أخرى تكمل الجوانب العسكرية والسياسية والدبلوماسية وتجميعها من الاختراقات.[24]

في الوقت الذي كانت أجهزة المخابرات الفرنسية تعربد به داخل الوطن وتكيد لقادة الثورة وتغتال البعض وتغالط لبعض كما جرى في الولاية الثالثة مع قصة الزرق Les blues  وتقتضي آثار المخلصين وتمد القوات المسلحة بدقائق المعلومات التي تحصلت عليها التعذيب وعبر شراء الذمم والابتزاز ويذكر لخضر بورقعة نموذجا عن مخططات جهاز المخابرات الفرنسية أن أحد الصحفيين الفرنسيين انتقل إلى الولاية الرابعة وادّعى أنه من أصل مجري وأنه ظل سنوات عديدة يحاول الوصول إلى قلب الثورة ويجتهد في التعرف إلى المجاهدين لينقل إلى العالم قضيتهم ويحسس الرأي العام الدولي بما يكابده الشعب الجزائري تحت سير الآلة الاستعمارية واستطاع أن يتوغل في صفوف المجاهدين ويكسب ثقتهم حتى أنهم أطلقوا عليه اسم “جلول” غير انه كان ينقل أخبار المجاهدين إلى فرنسا أول بأول ويكشف  مخططاتهم مستعملا جميع الطرق واستغل أول هجوم كاسح للعدو ضد المجاهدين واختفى وظن المجاهدين انه قتل في المعركة الشرسة لكن بعدما نشر الجنرال “ماسو” مذكراته حملها أجمل الصفحات عن ذلك الصحفي المزعوم.[25]

فمنذ 1954 بعد تشكيل الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي أصبح عبد الحفيظ بوصوف فيها وزير للتسليح والعلاقات العامة MALG  وقد منحته هذه الوظائف المسؤولية على كل منظمة الاستعلامات والجوسسة المضادة التي يعتبر مؤسسها والتي اظهر فيها يقضة كبيرة في إحباط مخططات المصالح الفرنسية[26] وفي تكوين إطارات في هذا المجال حتى لقب بأب المخابرات الجزائرية فقد استطاع جمع 8 مليارات فرنك فرنسي قديم في عهد الثورة الجزائرية بفضل حنكته ودهائه، مقابل تجارته في الاستعلامات الدولية، حيث باع معلومات للولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد السوفياتي، الصين، اليابان، وهذه المعلومات كانت تخص شؤونا دولية لهذه البلدان مصلحة فيها.

وهناك إحدى عملياته البارعة إذ أنه كشف أحد عملاء المخابرات الأمريكية بالجزائر إبّان الثورة وبعد استنطاقه تحصل منه على معلومات مهمة تتعلق ببعض الوزراء العرب العملاء لهذه الوكالة، فأخبر حكوماتهم العربية بذلك وتأكدت من صحة هذه المعلومات بعد تحقيقاتها حول الأشخاص المشار إليهم، أما قصة سكرتيرة في الناتو فهي واحدة من العمليات الناجمة لجهاز المخابرات الجزائرية في وقت الثورة تمثلت في تجنيد سكرتيرة فاتنة تعمل لدى جنرال كبير في حلف الناتو للقيام بتجنيده وقد كان الهدف إيصال أجهزة اتصال حديثة لجهاز الإشارة لجيش التحرير الوطني الجزائري بهدف الاتصال بين الوحدات وقد تمكن رجال عبد الحفيظ بوصوف من الحصول على الأجهزة وفي العديد من المرات التجسس على الاتصالات بين الوحدات الفرنسية واكتشاف الكثير من أسرار الجيش الفرنسي هذه العملية تمت بعد عملية السفينة اليونانية وإعدام اليوناني الخائن.

لقد أسس عبد الحفيظ بوصوف جهاز مخابرات قوي للثورة كما أنه بذكائه الحاد جند بعض الوزراء في الحكومة الفرنسية لصالح ثورة الجزائر من بينهم ميشال دوبري الذي كان رئيس الوزراء في حكومة شارل دغول ووزير الاقتصاد “فوركاد” ووزير الفلاحة “ادغار بيزني” وشخصيات أخرى لها صلة بالحكومة.[27]

وقد فرض بوصوف في جهازه انضباطا صارما على رجاله فنشر الرقابة البوليسية إلى درجة أنه لم يكن بإمكان أي جزائري أن يدخل الولاية الخامسة أو يغادرها بدون أن يخضع للرقابة أو يتعرض للمتابعة واستطاع بوصوف أن يقوّي تنظيمه بواسطة نظام الراديو والتنصت على اتصالات العدو الفرنسي والتجسس على أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ ثم على أعضاء الحكومة المؤقتة ولم يكن يثق بأي أحد سواء كان في الناضور في المغرب أو في تونس، كان ينام في أماكن يجهلها حتى أقرب المقربين إليه بالأخص بعد أن تعرض لعدة عمليات اغتيال[28]، هذا إضافة إلى إنشاء نظام السلاح المزدوج وهو سلاح الإشارة والشفرة والاعتماد على شباب يمتاز بالذكاء والفطنة، وانشأ مدارس للتكوين والتدريب على مختلف التقنيات لمواجهة مختلف أسلحة العدو والإستراتيجية في الدعاية المضادة وأحيانا تجاوز جهازه الناشئ العمل الدفاعي إلى العمل الهجومي فاخترقت أجهزته ورجاله الأجهزة الأجنبية بجمع المعلومات لصالح الثورة واختراق أجهزة العدو لمعرفة مخططاته مسبقا.

 وليس أدل على ذلك من المعلومات التي سلمها إلى الوفود الجزائرية المفاوضة والتي أظهرت للطرف الفرنسي وبينت أن الجزائريين كانوا على علم حتى بالأسئلة التي سيطرحها الفرنسيون أثناء المناقشات وكانت أجوبتهم جاهزة، وبفضل المبادئ التي كان يؤمن بها هذا الرجل التي علمها إلى تلاميذه، وهو كان قد أخذ بعضها عن غيره ورفاقه من أمثال بن مهيدي وعلمها إلى إخوانه ورفاقه من أمثال العقيد هواري بومدين والنقيب قاصدي مرباح وغيرهم وبفضل ذلك استطاع الجزائري أن يبرهن على ذكاء حاد وقدرة عجيبة في نسج شبكة التسليح والتمويل بالمال والمؤن أن يربط بين قواعد الثورة في الداخل والخارج دون أن يتمكن العدو من اكتشاف ذلك.[29]

وقد سخر بوصوف جميع الوسائل لخدمة الثورة مهما كلف ذلك من ثمن فاستعان بمساعديه من الشبان وتلامذة الكوليج والمدرسة  وعدد كبير من الطلبة الجامعيين الذين قدموا أحسن ما قدموا وضحوا بالنفس والنفيس وساهموا مساهمة مشرفة في سبيل الكفاح المسلح المجيد وكان حظ هؤلاء الشبان من الحياة محفوف بالصعاب والمخاطر وكتمان الاسم والخفاء التام وكان شعارهم كتمان السر والتقسيم والحجز بين المصالح وكان هدفهم الفعالية في العمل والمصلحة العليا للثورة.

وبعد تكوين ملائم في الجوانب التقنية والسياسية والعسكرية فقد عين الكثير منهم في الولايات والمناطق حيث العمليات العسكرية داخل البلاد إما كمراقبين أو محافظين سياسيين أو عاملين في الراديو أو الشفرة أو المصلحين لأجهزة الراديو أو ضباط الأخبار والاتصال واستشهاد الكثير منهم في ميدان الشرف أو سجنوا وقد جعل السي لمبروك (عبد الحفيظ بوصوف) من هؤلاء الشبان قوة ضاربة، وما من أحد يستطيع أن ينكر اسما من هؤلاء الشبان الذين ساهموا في الكفاح المسلح، وقد كان السي لمبروك هو المحرك الأساسي لنظام الاتصالات بمساعدة بومدين وموسى صدار وعبد الكريم حساني وغيرهم [30].      

ولقد تعرض بوصوف لعدة انتقادات حتى من بعض أعضاء الأركان العامة ما يتعلق بالحالة الماسة للسلاح لاسيما الذخيرة والعتاد، ومنذ بداية 1959 أصبح من الصعب جدا عبور السدود الحدودية لمواجهة هذه الوضعية المأسوية قرر بوصوف أن يسخر جميع الوسائل لفائدة القضية مهما كلف الثمن، ويذكر المقامي أيضا أن بومدين كان يتردد دائما إلى تلك المراكز السرية لكن ابتداءا من فترة معينة تغير سلوكية ومنذ ذلك العهد نشأ بين وبين بوصوف سوء تفاهم.[31]

كما يذكر فتحي الديب عن جهاز بوصوف الذي استولى على الطابق الخامس من العمارة المخصصة للحكومة المؤقتة، وطلب منهم السماح بإحضار جهاز سلكي ولأن جهازه كان في البداية محدود العدد ثم بدأ يتزايد أعداده بشكل ملفت وحينما استفسر من بوصوف عن تزايد هذا العدد يبرر ذلك باتساع دائرة عمله وأنه في أواخر ديسمبر 1958 بدأ يغير سياسته تجاه القاهرة.[32]

أما بورقعة فيقول أن جهاز المالق تأسس لأغراض غير أغراض مقاومة أجهزة العدو تفكيك مخططاته كما أن عملية اختيار الجهاز كانت خاضعة لمقاييس غير مقاييس الكفاءة والإخلاص للمبادئ وقد شهد بومدين معارك جهاز المالق في المتاجرة في السلاح وتكديس  المعدات والتجهيزات العسكرية في الحدود الغربية والشرقية، إن الرجل الذي كشف دسائس جهاز المالق هو المرحوم طوالبة عبد اللطيف، الذي رأى فصلا بين جنود الثورة وضباطه في الأكل والإقامة، فعمدوا إلى اعتقاله وتأديبه في الوقت الذي كان ضباط الخارج في نعيم البذخ والترف، فتمكنت المخابرات المصرية أن تاخذ من أفواههم معلومات قاتلة وبذلك تمكنت قوات العدو من إبادة أكثر من مئة مجاهد دفعة واحدة، فقد جرى اغتيال خيرة المجاهدين لأنهم رفضوا الانقسام وثورة القصور والمهرجانية السياسية تحت أضواء أجهزة الكاميرا.[33]

2- صراعه على السلطة (الباءات الثلاث)

فيما يتعلق بالمراحل الكبرى التي مرت بها السلطة في قيادة الجبهة كان مؤتمر الصومام قد حاول تكريس غلبة السياسي على العسكري إلا أنه لم يفلح في ذلك إذ سرعان ما تمكن العسكريون في أوت 1957 من تدجين السياسيين وبسط هيمنتهم على قيادة الجبهة من خلال ثلاثة أشخاص ركزوا بين أيديهم كل السلطات وصاروا مصدر القرارات المهمة في تسيير الثورة وهم الثلاثة كريم بلقاسم[34] عبد الحفيظ بوصوف، لخضر بن طوبال.[35]

وهكذا رضخ السياسيون للأمر الواقع باستثناء واحد منهم هو عبان رمضان الذي أبدى مقاومة شديدة لانفراد العسكر بين بقيادة حرب التحرير[36] بسبب إقصاءه تماما من تسيير الشؤون الهامة لذا قاوم بكل ما أوتي من قوة وما كان يملكه عبان بالدرجة الأولى هو لسانه. حيث اخذ يقول كل شيء لخصومه في السر والعلن وتمادي في هجماته الكلامية على العسكريين مؤكدا أنهم ليسوا بالثوريين، وقد كان العقداء مصممين على ترسيخ سلطته وكان عبان حجر عثرة في طريقهم لذا تدهورت العلاقات بينهم وصار عبان يتغيب عن اجتماعات لجنة التنسيق والتنفيذ وبعد ذلك وجه إليه العقداء الثلاثة إنذار أخيرا في وجه وساطة أخيرة كلف بها السياسيون الثلاثة في اللجنة عباس دباغين ومهري.[37]

ففي اجتماع لجنة التنسيق والتنفيذ الذي انعقد في تونس شرع عبان خلاله بفتح النار على قائد الولاية الخامسة عبد الحفيظ بوصوف لكن انتقادات عبان لم ترضى كريم بلقاسم.[38]

وطالب عبان بضرورة عقد دورة جديدة للمجلس الوطني للثورة الجزائرية للتأكيد على المبادئ التي اتفق عليها في مؤتمر الصومام قاموا بعقد الاجتماع في 27 أوت 1957 وقد شن فيه عبان هجوما على العسكريين بدءا بالعقيد أوعمران لكنه وجد نفسه معزولا هذه المرة فحتى كريم بلقاسم تخلى عنه وتحالف معه بن طويال، وبوصوف وهنا تبدأ مناورات كريم بلقاسم لسحب البساط من جماعة عبان حيث اتصل بالعقيد عبد الحفيظ بوصوف واقترح عليه فكرة الالتحاق به وتشكيل قطب جديد من العسكريين مناهض للسياسيين .

وكان بوصوف مثل بن طوبال متحفظا من مؤتمر الصومام فهو رجل مخابرات يفضل العمل وفق تصوراته ولا يرضى بأي قرار فوقي يملي عليه أفعاله، اكتشف عبان النظام البوليسي الصارم الذي أوجده بوصوف في سرية تامة لتفادي أعين رجال المخابرات الفرنسية واحترافات المناظلين المصاليين، كما سعى لتجنب ضغوطات القصر الملكي المغربي على جيش التحرير الوطني، كما تلقى عبان بضعة أيام بعد وصوله إلى المغرب تقريرا شاملا من أحد الإطارات عن أوضاع الثورة في الولاية الخامسة ولما علم بوصوف بالأمر وضع كاتب التقرير في السجن، كما أدرك عبان أن مصالح بوصوف كان بحوزتها ملايين الفرنكات بينما كانت الولايات الأخرى فقيرة لدرجة أنها غير قادرة على شراء الأسلحة[39] وواصل عبان تصديه للعسكريين وفي شهر ديسمبر 1957 كان العقداء قد قرروا نهائيا وضع حد لمعارضة عبان وبقي لهم أن يحددوا كيفية القيام بذلك.

و تم استدراجه إلى المغرب وقيل له أن قوات بوصوف قد جردها الجيش المغربي من سلاحها ولابد من تسوية القضية مع الملك محمد الخامس، قبل عبان وسافر مع كريم بلقاسم ومحمد الشريف وفي مطار تيطوان كان في انتصاره بوصوف وعنصران من مخابراته اللذان قاما بشنقه في مزرعة وعندما انتشر خبر اغتيال عبان وشرعت الصحافة الفرنسية في استغلاله، رتب العقداء حكاية أن عبّان سقط في ساحة القتال، اتفق على أن يبلغ بومدين الخبر إلى كريم بوصفه قائد القوات المسلحة وكلف بومدين بكتابة كلمة التأبين لصحيفة المجاهد.[40]

وخلال جلسات عديدة لم يحققوا أي تقدم خلال مسألة القيادة الجديدة، الصيغة التي كان الثلاثي قد اتفق عليها مبدئيا وشرع كريم في الدفاع عنها على أمل أن تحقق تمثلت في إلغاء الحكومة المؤقتة والعودة إلى ما يثبته لجنة ثورية مصغرة في تلك الأثناء كان كريم قد أدرك أن لطفي وبومدين وكافي المعارضين له المدعومين له من طرف بوصوف وبن طوبال، فقرر أن ينسحب ولجأ إلى التهديد باستخدام القوة وأمرهم أن يلتحقوا بمناضليهم فسارع لخضر بن طوبال إلى منزل كريم لتحذيره من مغبة اللجوء  إلى أساليب القوة ولم يبقى أمام كريم سوى التنازل والعودة إلى الاجتماع.[41]

وفي الفترة الممتدة من 16 ديسمبر 1959 إلى 18 جانفي 1960 اجتمع أعضاء المجلس الوطني للثورة الجزائرية الجدد بمدينة طرابلس، فاتخذوا الإجراءات الضرورية لجعل كفاح أبناء الشعب الجزائري أكثر فعالية وتقرر العمل في إطار جماعي وتقليص نفوذ الشخصيات العسكرية القوية داخل الحكومة المؤقتة وتعويضه بلجنة وزارته للحرب وتتشكل من عبد الحفيظ بوصوف ، لخضر بن طوبال، وكريم بلقاسم وغير أن هذه اللجنة اعتمدت في أعمالها على قيادة الأركان العامة واستطاع عبد الحفيظ بوصوف أن يعين العقيد هواري بومدين رئيسا للأركان العامة[42]، الذي كان المفضل عند بوصوف، وكان منضبط في أعماله وبعدها سيصبح الرجل الأول في مكان بوصوف.[43]

ويذكر سعد دحلب هكذا كنا نعتقد أن جيش التحرير الوطني سيصبح تحت قيادة موحدة في الداخل وفي الخارج، وقد بدأ نفوذ الباءات الثلاث يتقلص في تلك الفترة وأصبح بومدين متمكن من الرجال والأسلحة، الذي شرع مع مجموعة من الضباط تأسيس المكتب السياسي التي استعادها وأقرها بن بلة فيما بعد في طرابلس.[44]

وهكذا بعد بروز قوة هيئة الأركان فضل بوصوف في ظل أزمة صيف 1962 التخلي عن دوره لتلاميذه وانسحب من الحياة السياسية فجأة، وقد انتقلت معه من ملفات وأسرار الثورة التحريرية.[45]

بعد اغتيال عبان زالت العقبة الكبرى أما القادة العسكريين لكن ذلك لم يعن زوال الخلافات ضمن القيادة لاسيما كريم الذي كانت تراوده فكرة مهمة بالنسبة إليه وهي أن يصبح الزعيم الأول للثورة من دون منازع لكن بن طوبال وبوصوف وقف في طريقه ولم يسمحا له بتحقيق هدفه، وفي شهر أفريل 1958 قامت لجنة التنسيق والتنفيذ بمبادرة بين الأول لإعادة تنظيم الجيش وتمثلت في إنشاء قيادتي العمليات العسكرية الشرقية والغربية والثانية هي إنشاء دوائر ضمن لجنة التنسيق والتنفيذ.

 في الفترة نفسها شهدت الساحة الفرنسية أحداث هامة توجت بعودة الجنرال ديغول وهذا ما دفع بهم لإنشاء الحكومة الجزائرية المؤقتة[46] لتكون الرأس المسيّر للثورة والناطقة باسمها في جميع المحافل الدولية والمحلية، وفي الاجتماع المعقود بتاريخ 19 سبتمبر 1958 تقرر تشكيل في اقرب مهلة حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية[47] تتكون من رئيس المجلس فرحات عباس نائب الرئيس ووزير القوى المسلحة كريم بلقاسم، نائب الرئيس احمد بن بلة، وزارة الدولة حسين آيت احمد، رابح بيطاط محمد بوضياف، محمد خيضر، وزير التسلح والتموين محمود الشريف، وزير الداخلية لخضر بن طوبال، وزير العلاقات العامة والاتصالات عبد الحفيظ بوصوف، وزير المالية والشؤون الاقتصادية أحمد فرنسيس، وزير الاستعلام محمد يزيد، وزير الشؤون الاجتماعية بن يوسف بن خدة[48] وكما في السابق فالعقداء الثلاثة ظلوا أولى الأمر والنهي في الهيأة الجديدة.

واقترح بوصوف الحفاظ على القيادة الجماعية من دون شك للحيلولة دون رئاسة كريم[49] لها، وبعد أسابيع من ذلك وقعت حادثة عميرة علاوة، حيث عثر عليه ميتا أمام مبنى الحكومة المؤقتة بالقاهرة الرواية الرسمية قالت بالانتحار وأكدت المعلومات الدقيقة أن مدبر الحادث هو بوصوف وتم تنفيذه في الدور الخامس المخصص لجهاز مخابرات بوصوف والذي لا يسمح لأي فرد مهما كانت صفته دخول هذا الطابق من مبني الحكومة عدا أعضاء جهازه السري.[50]

واشتدت الخصومة بين بوصوف أعضاء الحكومة من جهة بوصوف وعباس المتهمان باغتيال علاوة ومن جهة أخرى دباغين وكريم ومعهما هذه المرة السلطات المصرية وانتهز كريم فرصته وجود عباس في قفص الاتهام للمطالبة بخلافة لكن معارضة بوصوف وبن طوبال لم تمكنه من ذلك فعمل على اقناعهما لإيقاف عمل الحكومة بدعوى أن السياسيين دباغين وعباس هما المسؤولان عن انقساماتها فقرر الثلاثة استلام كامل السلطات رسميا وممارستها فعليا[51] في جويلية 1959 أرغمت الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية على تسلم السلطات لهم فقد تحصلوا  الثلاثة على التفويض من زملائهم لجمع القادة العسكريين،.

وهذا من أجل تأسيس حكومة م ج مكلفة بإعطاء ثورتنا إستراتيجية عسكرية وسياسية ودبلوماسية جديدة،  لقد التقى الثلاثة مع قائد أركان الحرب الشرق والغرب، كان محمدي السعيد وبومدين و5 عقداء للولايات موجودين في تونس[52] وقد شكلوا بما يسمى بلجنة العقداء العشرة الذين اجتمعوا لمدة مئة يوم[53] عازمين على إيجاد وسائل أنجع وأحسن وطرق وأساليب سامية في القتال وقيادة أكثر كفاءة ، والكفاح إلى غاية الاستقلال .

خاتمــــــــة :

 إن البحث في تاريخ ونضال الشخصيات الثورية يبقى من أصعب الأبحاث نظرا لتشابك الأحداث وعدم ترك الكثير منهم لمذكرات تسلط الضوء على كفاحهم خلال الثورة ، ورغم ذلك فهناك كتابات ووثائق ولكنها تحتاج إاى دراسة وصبر خاصة مع وجود الشهادات الحية المهمة والصعبة في آن واحد.

من خلال دراستنا هذه تبين لنا  العقيد عبد الحفيظ بوصوف حقيقة  ينتمي إلى ذلك الجيل القوي والمدافع عن قضيته ،و قد أظهر في جميع الجبهات يقظة كبيرة في إحباط مخططات المصالح الفرنسية كما أن تلك الخصال التي ميزته جعلت منه رجلا سياسيا وعسكريا، ويعتبر أحد أفضل قادة جيش التحرير الوطني وهو رائد إستراتيجية الاستعلامات وسلاح الإشارة والشفرة في الثورة هو أبو المخابرات الجزائرية فإذا تحدث متحدث عن السرية والكتمان والاستخبارات فإنه لا يكاد يذكر ذلك إلا و يتبادر إلى ذهنه شخصيته بوصوف الاستراتيجي الكبير.

[1] الطيب بن نادر، الجزائر حضارة الحضارات المتعاقبة وتاريخ للجزائر وتاريخها المشرف، دار الهدى عين ميلة، الجزائر، ص 258. 

[2] Cherif abdedaim: le revolution mire aux pas de relours, editions 2 ANEP , rouiba, 2009, p 21-24.

[3] cherif abdedaime, opcit, p 26.

[4] عاشور شرفي ، قاموس الثورة الجزائرية، 1954-1962 نر: عالم مختار دار القصبة ببنشر، الجزائر، 2007، ص 91.

[5] Cherif abdedaime, op, cite., p 26-27.

[6] عاشور شرفي، المرجع السابق، ص 91.

[7] المرجع نفسه، ص 91.

[8]Cherif abdedaime, op,cite., p 27-28.

[9] يحي بوعزيز ، المرجع السابق، ص 175.

[10] عاشور شرفي،  المرجع السابق، ص 92.

[11]Cherif abdedaime, op ,cite., p 274.

[12] مؤتمر الصومام، انعقد في 20 أوت 1956 وهو أول مؤتمر للثورة الجزائرية واستطاع أن يزود الثورة بهياكل فعالة، ال….. خلف صراع بين قادة الداخل والخارج بسبب قراراته أنظر: النصوص الأساسية للثورة، منشورات  ANEP طبع المؤسسة الوطنية، رويبة، الجزائر، 2008، ص 15-27.

[13] عبد المجيد بوزيد، الامداد خلال حرب التحرير الوطني، شهادتين طبعة خاصة، ط2، مطبعة الديوان، 2007، ص 295.

[14] مصطفى طلاس، الثورة الجزائرية، طلاس للدراسات والنشر والترجمة، دمشق، 1984، ص 132-133.

[15] يحي بوعزيز،  المرجع السابق، ص 170.

[16]- جريدة المجاهد ، العدد 93، 10 أفريل 1961م ، ص .7

[17]- يحي بوعزيز،  المرجع السابق، ص 172.

[18] يحي بوعزيز، المرجع السابق، ص 172.

[19] محمد لمقامي، رجال الخفاء مذكرات ضابط في وزارة التسليح والاتصالات العامة، منشورات ANEP، 2005، ص 37-38.

[20] بومدين : ولد عام 1932 في ولاية قالمة، انظم في 1838 إلى مدرسة الكتابية، انخرط في الجناح السري لحزب الشعب أكمل دراسته في جامع الزيتونة ثم انتقل القاهرة وهناك  التحق بالمكتب المغرب العربي اختير فيما بعد لمهمة جلب الأسلحة ثم دخل في اتصالات مع قادة الثورة، ثم أسندت له بعض المسؤوليات فتولى قطاع العلاقات والمعلومات، ثم عين في منطقة وهران كما ساعد بوصوف بعدما تمكن من أن يصبح قائد القوات المسلحة للجيش في 1960، قاد الانقلاب في 19 جوان 1965 وأصبح رئيسا للدولة الجزائرية، توفي في ديسمبر 1979، نظم محمد الصالح شيروف، هواري بومدين رحلة أمل واغتيال حلم، دار الهدى، الجزائر، 2005، ص 5.   

[21] محمد لمقامي، المصدر السابق، ص 36.

[22]Mohamed harbi, gilbert meymier : le FLN documents et histoire, 1954-1962 , casbah, Editions, Algérie, 2004, p 306.

[23] لخضر بورقعة، مذكرات الرائد لخضر بورقعة شاهد على اغتيال الثورة، دار الحكمة، الجزائر، ص 307-308.

[24] مسعود مزهودي وآخرون، المرجع السابق، ص 77.

[25] لخضر بورقعة،  المصدر السابق، ص  309-310.

[26] عاشور شرفي، المرجع السابق، ص 91-92.

[27]Cherif abdedaiem , op, cite., p 206-207.

[28] حميد عبد القادر، عبان رمضان مرافعة من اجل الحقيقة، منشورات الشهاب، 2003، الجزائر،  ص 138-139.

[29] مسعود مزهودي وآخرون، المرجع السابق، ص 77-78.

[30] محمد لمقامي، المصدر السابق، ص  228-229.

[31] المرجع نفسه، ص 127.

[32] فتحي الديب،  عبد الناصر وثورة الجزائر، ط1، دار المستقبل العربي، القاهرة مصر، 1984، ص 322-323.

[33] لخضر بورقعة،  المصدر السابق، ص 311-315.

[34] حميد عبد القادر،  المرجع السابق، ص 132.

[35] محمد عباس، المرجع السابق، ص 135.

[36] صالح بلحاج، تاريخ الثورة الجزائرية، دار الكتاب الحديث، 2008، ص 435، 436.  

[37] صالح بلحاج، أزمات جبهة التحرير الوطني وصراع السلطة، 1956-1956 م ، ط1، دار قرطبة، الجزائر، 2006، ص 21-22.

[38] حميد عبد القادر، المرجع السابق، ص 134.

[39] حميد عبد القادر، المرجع السابق، ص 138-139.

[40] صالح بلحاج، أزمات جبهة التحرير الوطني وصراع السلطة، المرجع السابق، ص  22-23.

[41] صالح بلحاج، الثورة الجزائرية، المرجع السابق، ص 469-470.

[42] عمار بوحوش،  التاريخ السياسي للجزائر من البداية ولغاية 1962، ط1، دار الغرب الإسلامي، ببيرون، 1997، ص 493-494.

[43] mohamed harbi, gilbert meyrmier , op,cite., p 316.

[44] سعد دحلب، المصدر السابق، ص 113-114.

[45] مقلاتي عبد الله، قاموس أعلام شهداء وأبطال الثورة الجزائرية، ط1، ردمك الجزائر، 2009، ص 113.

[46] الصالح بلحاج، أزمات جبهة التحرير وصراع السلطة، المرجع السابق، ص 25-28.

[47] عمار قليل، ملحمة الجزائر الجديدة، ج2، ط1، دار البعث، قسنطينة، الجزائر، 1991، ص 148.

[48] مصطفى الطلاس، المرجع السابق، ص 326.

[49] الصالح بلحاج،  أزمات جبهة التحرير وصراح السلطة، الرجع السابق، ص 32-34.

[50] فتحي الديب، المصدر السابق، ص 426.

[51] الصالح بلحاج، تاريخ الثورة الجزائرية، المرجع السابق، ص 460.

[52] الحاج لخضر (الولاية 1)، علي كافي (الولاية 2)، بازوزن المدعو سعيد  (الولاية 3)، سليمان دحليس المدعى صادق (الولاية4) لطفي (الولاية 5)، انظر دحلب، ص 104.

[53] هناك اختلاف في المدة التي استغرقها الاجتماع، 94 يوم حسب كافي، 99 يوم عند كورير، 100 يوم عند بن خدة، 110 يوم عند حربي وحسب G. Mayner من بداية الاجتماع نهاية لم يفارق الحاضرون أسلحتهم. ولم يفارقهم فراسهم، أنظر الصالح بلحاج، أزمات جبهة التحرير، ص 42.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى