دراسات افريقيةدراسات سوسيولوجية

فرنسا والاحتجاجات الشعبية في السنغال

د / صالح محروس محمد

كاتب وأكاديمي مصري

لاشك أن فرنسا ليست بعيدة عن واقع مستعمراتها السابقة فكانت رغبة الشعب السنغالي من التخلص  من التبعية هذا تجسد في شخصيها أحبها السنغاليين وعقدوا الأمل فيها إنها شخصية أبوبكر سونكو الذي حرك المياه الراكدة في الواقع السنغالي فكان اعتقاله شرارة الغضب الشعبي .

فلقد شهد العالم وكتبت المواقع الإخبارية عن تظاهرات غير مسبوقة شهدتها العاصمة السنغالية داكار في الأيام الماضية. ما أسباب هذه الموجة الثورية ؟ وهل هي بداية صحوة في السنغال ؟ وماذا ينتج عن هذه الاحتجاجات ؟ وما سر تمسك السنغاليون بالمعارض أبي بكر سونكو ؟

  تسعى الشعوب الأفريقية لفك عقدة الارتباط بينها وبين القوى الاستعمارية القديمة ومع انتشار الوعي لم تعد الشعوب مغيبة بل أصبحت تعي ما يحدث من حولها. لقد تطلع الشعب السنغالي  إلى حياة أفضل ووجد في شخص المعارض السنغالي أبوبكر سونكو  من يخرج السنغال من أزمتها . في الوقت الذي يسعى فيه النظام السنغالي من التخلص من معارضيه .

وكانت قد ذكرت المواقع الاخبارية عن  اشتباكات بين أنصار المعارض السنغالى عثمان سونكو – المتهم بالاغتصاب كما وجهت له وهو نفي ذلك – مع أفراد الشرطة فى العاصمة دكار، وبحسب وكالة رويترز، فقد حاصر عشرات المحتجين منزل سونكو ورشقوا ضباط الشرطة بالحجارة، حيث قال أحدهم إنهم يرغبون فى بعث رسالة قوية إلى الرئيس ماكى سال مفادها إنهم لن يقبلوا التضحية بسونكو كما فعل مع خصوم آخرين، إذ أنهم يعتبرون سونكو بمثابة تراثًا وطنيًا يحمل مشروعًا اجتماعيًا لإخراج السنغال من مأزقها، مضيفًا أنهم لن يقبلوا تكميمه أو ترهيبه أو اضطهاده كما حدث مع آخرين. وجدير بالذكرأن عثمان سونكو هو زعيم حزب باستيف المعارض البالغ من العمر 46 عامًا وكانت قد ذكرت  تقارير إعلامية تفيد بأن موظفة فى صالون تجميل وجهت إليه اتهامات بالاعتداء عليها، إلا أنه نفى تلك المزاعم، وقال إنها مؤامرة سياسية وضعها الرئيس لإبعاده عن الانتخابات القادمة .

وبالرجوع لكلام المؤرخ السنغالي والسياسي والأكاديمي السنغالي “إيبا درم ثيام” الذي تحدث عن أزمة السنغال في العموم بعد الاستقلال عن فرنسا 1960  الذي  أكد على  جوانب من إرتباط فرنسا بالسنغال حتى اللحظة فيقول : تحمل الشوارع المهمة في السنغال أسماء الجنود الفرنسيين الذي حاربوا جنود الاستقلال ورجال الدين في السنغال “أمر مؤلم ومخجل”. وعلى حد تعبير ثيام –  وأضاف كما أن أحد أكبر شوارع العاصمة داكار يحمل اسم قائد فرنسي قتل 20 ألف شخص في غضون 8 أشهر. وقال: «حين كنت وزيراً للتربية، حاولت تغيير أسماء جميع المدارس التي تحمل أسماء المستعمرين، إلا أن الأمر الذي تلقيناه لم يكن في هذا الاتجاه.». ودعا ثيام أيضاً إلى ضرورة إعادة كتابة السنغاليين لتاريخ بلادهم من خلال الرجوع إلى مصادر موثوقة، و”إن لم يفعل السنغاليون ذلك، فلن ينجوا من قبضة المستعمر الفرنسي”.. فالذين ناضلوا ضد الاستعمار من أمثال “مابا دياخوبة” و”الشيخ أحمد بامبا”، لم يتم إعلانهم كأبطال وطنيين في التاريخ الرسمي للبلاد.ومن هنا يتضح تطلع الشعب السنغالي إلى تحسن أوضاعه المعيشية وأن يكتب تاريخه ويعزز رموزه الوطنيه بعيدا عن فرنسا .

فكان توقيف المعارض عثمان سانكو رمزا وطنيا معارضا  منذ يوم الأربعاء الماضي – سببا في خروج مظاهرات كبيرة و دعوات  لخروج في مظاهرات “بأعداد كبيرة” لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من الإثنين 8 آذار/ مارس. وتعيش البلاد موجه ثورية كبيرة  منذ ثلاثة أيام ضد السلطة أدت إلى سقوط قتلى. وتطالب المعارضة بـ”الإفراج الفوري عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين بشكل غير قانوني وتعسفي” و”احترام الحق في التظاهر”.  ولقد دعت حركة الدفاع عن الديمقراطية في السنغال  التي تضم معارضي الرئيس السنغالي ماكي سال السنغاليين إلى “النزول إلى الشوارع بأعداد كبيرة” لمدة ثلاثة أيام بدءا من الإثنين 8 آذار/مارس. وصدر النداء في مؤتمر صحفي بالعاصمة داكار بعد أيام على اندلاع صدامات شابها العنف بين الشرطة ومجموعات شبابية تطالب بالإفراج عن المعارض عثمان سونكو. وطالب التجمّع الذي يضم أحزابا سياسية من بينها حزب سونكو “باستيف” وناشطين ضمن المجتمع المدني، إلى “الإفراج الفوري عن جميع السجناء السياسيين المحتجزين بشكل غير قانوني وتعسفي” و”احترام الحق في التظاهر”. وكان على النظام السنغالي سرعة الاستجابة إلى نداءات المعارضة بالإفراج عن المعتقلين  لتهدئة الأوضاع  . الحقيقة الوضع خطير وسط تزايد أعداد المتظاهرين وتعسف النظام .فهل يستجيب النظام لمطالب المحتجين أم يتم استمرار التصعيد من المعارضة ؟

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى