اصدارات الكتبتحليل النزاعات الدولية

قراءة في كتاب «الكماشة»، الذي يلقي الضوء على الصراع «الأمريكي – الإيراني»

بقلم محمد شعت – مركز دراسات الشرق الأوسط
صدر حديثًا للكاتبة والإعلامية الأردنية سونيا الزغول، كتابها الجديد «الكماشة»، الذي يلقي الضوء على الصراع «الأمريكي ـــ الإيراني»، وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط التي تعد حلبة الصراع للقوتين المتصارعتين، خاصة في ظل صناعة طهران أذرع لها في المنطقة باليمن وسوريا والعراق ولبنان، إضافة إلى إلقاء الضوء على الملف النووي، ومستقبل التفاوض حول هذا الملف، وخطورة امتلاك نظام الملالي القوة النووية.
تأثير العقوبات الأمريكية
يكشف كتاب «الكماشة»، مدى تأثير كماشة العقوبات الأمريكية بعد الانسحاب من الاتفاق النووي، على سلوك إيران المزعزع للاستقرار في المنطقة، وتصورات مستقبل الاتفاق النووي في عهد الرئيس الجديد للولايات المتحدة جو بايدن.
ويشير الكتاب إلى مرور 50 عاما على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية أو معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية‏ والمعروفة اختصارًا NPT التي تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، لتعزيز التعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية، وتهدف بشكل أبعد إلى نزع الاسلحة النووية ونزع الاسلحة العام والكامل، ويبدي التطلع إلى إزالة الأسلحة النووية في إطار حملة الأمم المتحدة ’نزع السلاح لإنقاذ البشرية، حيث نحتاج إجراءات عاجلة لضمان إزالتها، ومنع العواقب البشرية والبيئية الكارثية التي قد يسببها أي استخدام لها.
صناعة الأذرع
يلقي كتاب الكماشة، الضوء على حال الشرق الأوسط، في الصراع «الأمريكي ـــ الإيراني»، ونقل الحرب على الساحة العراقية ليتسارع الخصمان بفرد عضلاتهما في الصراع الدائر، خاصة أن نظام الملالي لا يزال يُمارس مغامراته في عدد من البلاد العربية بقوة السلاح (اليمن، سوريا، العراق، لبنان) وبالتآمر والتخطيط في بقية البلدان العربية يبحث عن موطئ قدم كلما لاحت له الفرصة.
ويوضح الكتاب أن نظام الملالي فى طهران، كي يحمي نفسه أوجد أظافر له في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين؛ ليُقايض بها عند التفاوض، وفي النهاية فإنه كما الغرب يمكن أن يستغني عن حلفائه إذا كانت المصلحة الخاصة تقتضي ذلك.
ولم يقف جهد النظام الإيراني عند حدود أظافره وعملائه بل راح يعقد تحالفا مع الصين، ويتبادل المصالح مع روسيا، وبخاصة أن الطرفين معنيان ببحر قزوين ونفطه.
القدرات الصاروخية
تكشف الكاتبة والإعلامية الأردنية سونيا الزغول، في كتابها الجديد الكماشة، مسألة قدرات إيران الصاروخية التي كانت مجرد نوايا في عهد الرئيس الأمريكى الأسبق باراك أوباما، وباتت اليوم تتركز في قدرة هذه الصواريخ على تنفيذ هذه النوايا التدميرية في المستقبل القريب، وعليه يظهر الضغط كبيرًا على إدارة الرئيس الجديد جوزيف بايدن لحسم الأمر في عام ٢٠٢١.
وتوضح أنه يفضل أن توقف الدول، الصواريخ الباليستية العابرة للقارات؛ لأنها عرضة للتدمير في حالة حدوث هجوم نووي، وتلجأ الدول على الأرجح لإطلاق هذه الصواريخ قبل التأكد من صحة التهديدات بشأن أي هجوم، ومن الممكن أيضا إضافة إمكانية تعطيل الصواريخ النووية إذا تبين أن الإنذار كان كاذبا فالصواريخ في الرحلات التجريبية عندما تخرج عن مسارها قد تدمر نفسها، لكن هذه الإمكانية غير متاحة في حالة شن هجوم حقيقي، خشية أن يستخدم العدو هذه الخاصية لتعطيل الصواريخ.
الانتشار النووي
يكشف الكتاب خطورة الانتشار النووي، ويشدد على ضرورة استكمال الجهود الرامية إلى إيجاد منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط، وإخضاع إيران للالتزام بمعايير وبروتوكولات الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما فيها الالتزام باتفاق الضمانات الشاملة والذي يشمل توضيح المسائل المتصلة بالأبعاد العسكرية الممكنة لبرنامجها النووي، واحترام حصانات وامتيازات مفتشي الوكالة، وعدم التأخر في توفير المعلومات المطلوبة حول برنامجها النووي.
ويؤكد أن الاتفاق النووي مع إيران لا معنى له، إلا إذا تم أخذ برنامج الصواريخ الإيراني ودور إيران في المنطقة بأكملها بعين الاعتبار، وأن إيران لن تحصل على أي فائدة من أي اتفاق نووي تبرمه في حال عدم وجود الولايات المتحدة فيه، وعدم حسم الملف النووي الإيراني سيؤدي إلى انطلاق سباق تسلح للحصول على القدرات النووية.
ويشدد على ضرورة تقليص دور الأسلحة النووية وأهميتها في السياسات الأمنية الوطنية له الدور تدريجي لن يقلل من خطر الاستخدام المقصود أو غير المقصود للأسلحة النووية وحسب، بل سيقلل أيضًا من الاعتماد العسكري على هذه الأسلحة وسيساعد على تهيئة الظروف لإزالتها، وهذه التدابير تشمل التحذير المسبق وتدابير أخرى للكشف عن النوايا من وراء التدريبات التي تشمل نُظمًا ذات مقدرة نووية ونشر السفن النووية أو الطائرات النووية بالقرب من مناطق لأعداء محتملين.
تشكيل كتلة إقليمية
يوصي الكتاب بضرورة البدء في تشكيل كتلة إقليمية لمواجهة التهديدات النووية الايرانية على غرار حلف شمال الأطلسي، وضرورة أن تغير الولايات المتحدة هيكل الدبلوماسية التي اتبعتها مع طهران بشكل جذري على مدى العقدين الماضيين، مع إدراك حاجة الأوروبيين الماسة إلى استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران، واستثمار ذلك لتحقيق أكبر استفادة ممكنة، وأشرتُ إلى أن عدم إدراج قوى الشرق الأوسط في مباحثات العودة لصياغة الاتفاق النووي الإيراني قد يقضي على آمال نجاح اتفاق طويل الأمد.
ويشدد الكتاب على ضرورة معالجة السلوك الإيراني الذي يثير الزعزعة وعدم الاستقرار في المنطقة ويرعى الإرهاب، بما يكفل عدم قيامها بأي نوع من الاستفزازات مستقبلاً، والحد من نفوذها في المنطقة الأمر الذي سيُعيد دمجها في المجتمع الدولي، ويحقق مصلحة ورفاه الشعب الإيراني، وأن الأمر ينطلق من ضرورة العمل على كل ما من شأنه الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل في منطقة الشرق الأوسط، وضرورة السعي إلى بنية أمنية موحدة مع توسيع وتعميق العلاقات مع الدول المتوافقة لشكل وترتيبات المنطقة الأمنية، واستمرار الشراكة الأمنية مع الولايات المتحدة إضافة إلى استمرار التعاون الخليجي الموحد والمُنسجم، مع الحذر من حوار أو تقارب مع القيادة الإيرانية الحالية لانعدام فائدته، مع الأخذ بعين الاعتبار ملل القوى الكبرى ويأسها من منطقة الشرق الأوسط، والذي ربما يتسبب في استعجال واشنطن إلى عقد صفقة نووية مع إيران لتسريع عملية تخفيف الوجود الأمريكي بالإقليم، واستكمال التمحور نحو آسيا.
تنفيذ الالتزامات النووية
يطالب كتاب الكماشة للكاتبة والإعلامية الأردنية سونيا الزغول، بتعميق الفهم بمخاطر الأسحلة النووية بعد أن رفعت إيران نسبة تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة ما يعني اقترابها من صناعة قنبلة نووية بنسبة 90 في المئة، مشيرًا إلى أن الخطر المتنامي المتعلق بأن تُطلَق الأسلحة النووية عن قصد أو دون قصد أو بخطأ حسابي، حيث تقع على كاهل المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية لضمان عدم استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى أبدًا، وضمان خفض مؤشر الخطر الخاص بإطلاق الأسلحة النووية إلى مستوى الصفر، وذلك لوجود مقدرة محدودة وغياب للخطط الواقعية أو المنسَّقة في غالبية البلدان لمواجهة هذه التحديات الهائلة.
كما يحث الدول النووية وتلك التي تعيش تحت مظلة نووية إلى التعجيل بتنفيذ التزاماتها السياسية القائمة منذ عهد طويل بتقليص الأخطار النووية، فالحاجة ملحة لخفض التأهب التشغيلي للأسلحة النووية، وينطوي هذا الإجراء على إبعاد الأسلحة النووية عن نطاق التأهب أي أقصى حالات الاستنفار، ويجب على الدول التي تمتلك أسلحة نووية أن تفي بوعدها التي قطعتها على نفسها.
وتؤكد سونيا الزغول في كتابها على أن الضمان الوحيد بألّا تستخدم الأسلحة النووية مرة ثانية أبدًا يرتكز على حظرها وإزالتها، والمفاوضات الحالية لإبرام معاهدة لحظر الأسلحة النووية هي الفرصة الأمثل لتحقيق تقدم حقيقي نحو الهدف العالمي المتطلّع إلى عالمٍ خالٍ من الأسلحة النووية، ويجب على جميع الدول أن تشارك في هذا المسعى؛ فمستقبل البشرية بأسرها رهنٌ بذلك لتحقيق هذا الطموح لتعزيز الأمن المشترك والسلامة الجماعية.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى