دراسات أمريكا الشمالية و اللاتينيةدراسات سياسية

قلق علماء السياسة الأمريكيين من تصاعد الاستقطاب داخل المجتمع

الإيكونوميست - عرض: إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

دق تقرير لموقع “إيكونوميست” ناقوس الخطر من تصاعد آفة “الحزبية القاتلة” داخل المجتمع الأمريكي، حسب ما خلص إليه الاجتماع السنوي للرابطة الأمريكية للعلوم السياسية، الذي عُقد في سياتل مؤخراً، لمناقشة التهديدات المختلفة للديمقراطية الأمريكية؛ حيث كشف الاجتماع عن تزايد مشاعر القلق لدى علماء السياسة الأمريكيين بشأن ارتفاع مستويات “الاستقطاب العاطفي” أكثر من الضعف مقارنة بما كان عليه الحال في سبعينيات القرن الماضي، بالتوازي مع تصاعد الاستقطاب “القائم على الهوية” تدريجيًّا داخل المجتمع الأمريكي، وصولاً إلى بروز معضلة “الحزبية القاتلة”، التي تعني ترحيب أعضاء الأحزاب بالعنف ضد منافسيهم من أعضاء الأحزاب الأخرى. ويمكن استعراض أبرز ما جاء في هذا التقرير على النحو التالي:

1– مخاوف من ارتفاع مستويات “الاستقطاب العاطفي”: أوضح التقرير أن شعار الاجتماع السنوي للرابطة الأمريكية للعلوم السياسية، الذي عُقد في سياتل مؤخراً؛ تمثل في عبارة “تعزيز التعددية”. وأشار التقرير إلى أن الباحثين في الرابطة التَقَوا لمناقشة التهديدات المختلفة للديمقراطية الأمريكية، وما إذا كانت الأحزاب السياسية المستقطبة في البلاد قادرة على التعايش السلمي أم لا.

ووفقاً للتقرير، فإن علماء السياسة الأمريكيين يشعرون بالفزع بوجه خاص من ارتفاع مستويات “الاستقطاب العاطفي”، وهو مصطلح في العلوم السياسية يشير إلى مدى كره الناخبين للأحزاب الأخرى، أو مدى تشكيكهم في مصداقيتها، مقارنةً بالمشاعر التي يشعرون بها تُجاه أعضاء حزبهم. وحسَب التقرير، فقد ارتفعت مستويات الاستقطاب العاطفي أكثر من الضعف منذ السبعينيات.

2– تزايد تدريجي في الاستقطاب “القائم على الهوية”: أكد التقرير أن دراسات الانتخابات الوطنية الأمريكية –وهي دراسات استقصائية أكاديمية تُجرَى كل أربع سنوات في جامعة ميشيغان– بدأت منذ السبعينيات تطالب المواطنين بتصنيف شعورهم تجاه أعضاء أي من الحزبين الرئيسيين: الديمقراطي والجمهوري.

وطبقاً للتقرير، فإنه في عام 1978، ووفقاً لتلك الدراسة الاستقصائية، كان الفرق بين تقديرات الأمريكيين لأعضائهم وبين تقديرات أعضاء الحزب الآخر نحو 27 نقطة على مقياس مكون من 100 نقطة. ونوه التقرير إلى أنه بحلول عام 2020، اتسعت الفجوة إلى 56 نقطة. وأكد التقرير أن “ليليانا ماسون” من جامعة جونز هوبكنز، تُطلق على تلك الظاهرة اسم الاستقطاب “القائم على الهوية”.

3– تصاعد ظاهرة التصنيف على أساس حزبي: شدد التقرير على أن “ماسون” قامت، في كتابها الصادر عام 2018 بعنوان “اتفاقية غير مدنية”، بجمع قدر كبير من بيانات الاستطلاع للكشف عن كيفية تصنيف الهويات الأيديولوجية والدينية والعرقية إلى هويات متداخلة يتم اختصارها في كلمتي “ديمقراطي” و”جمهوري”. وأوضح التقرير أن “ماسون” خلصت إلى أن الانتماءات السياسية للأفراد تحدد المعلومات التي يستوعبونها، وليس العكس.

4– ترحيب أعضاء الأحزاب بالعنف ضد المنافسين: أشار التقرير إلى أن درجة ازدراء أعضاء الأحزاب بعضهم بعضًا، هي الأكثر إثارةً للقلق. ووفقاً للتقرير، ففي ورقة قدمتها “ماسون” في الاجتماع السنوي للرابطة الأمريكية للعلوم السياسية، جنباً إلى جنب مع “ناثان كالمو” و”جولي ورونسكي”؛ أجرى الباحثون سلسلة من التجارب لقياس مدى اعتقاد الأمريكيين أن بعض المجموعات تستحق معونة لإنقاذ الحياة إذا ما أُصيبوا بفيروس كورونا، وإذا كان ينبغي إعادة فتح الاقتصاد حتى إن كان ذلك سيضر مجموعات معينة، وما إذا كانت الوفيات غير المتناسبة بين الطرف المعارض مستحقة أم لا.

وبحسب التقرير، تم اكتشاف أن المجيبين كانوا أكثر احتمالاً للقول بأن الوفيات غير المتناسبة بين مؤيدي الطرف الآخر أكثر قبولاً من الوفيات بين مؤيديهم. وطبقاً للتقرير، وفي ورقة بحثية نُشرت في عام 2019، درس “كالمو” و”ماسون” مدى تبرير الناخبين للعنف الحزبي ضد خصومهم أو التعبير عن دعمهم الصريح له، الذي يسميانه “فك الارتباط الأخلاقي” و”الحزبية القاتلة”. وأشار التقرير إلى أن الورقة البحثية وجدت أيضاً أن 60% من الحزبيين اعتبروا أن المعارضة تشكل تهديداً خطيراً للولايات المتحدة، وأن 40% نظروا إلى المعارضين من الطرف الآخر على أنهم شر مطلق.

وأشار التقرير إلى أن “كالمو” و”ماسون” يقومان بتحديث عملهما حول العنف الحزبي من أجل كتاب قادم بعنوان “الحزبية الأمريكية الراديكالية”. ونوه التقرير بأن نحو 5%–15% من الأمريكيين في أي من الحزبين: الديمقراطي والجمهوري، يؤيدون العنف تبعاً للظروف. وأكد التقرير أنه وفقاً للبيانات الجديدة، فقد أصبح الأمريكيون من كلا الحزبين أكثر انفصالاً أخلاقياً، وأكثر عرضةً لتأييد العنف منذ الدراسة الأولى للمؤلفَيْن في عام 2019. وشدد التقرير على أن الباحثَين وجدا أيضاً أنه منذ انتخابات عام 2020، أصبح الناخبون الجمهوريون أكثر ميلاً إلى تبني هذه الآراء، وتأييد العنف ضد القادة السياسيين.

وختاماً، أوضح التقرير أنه على الرغم من أن تلك الظاهرة لافتة للنظر، فإن الاستقطاب مشكلة مألوفة للغاية، لدرجة أن مجرد ذكرها يمكن أن يكون بمنزلة مهدئ للأعصاب. وأشار التقرير إلى أن “إيرين روسيتر” من جامعة نوتردام، أكدت أنه حتى تخيل المحادثة مع خصم، يمكن أن يؤدي –على الأقل– إلى انخفاض مؤقت في العداء لمؤيدي الطرف الآخر.

المصدر:

–America’s political scientists are worried about “lethal partisanship”, The Economist, October 7, 2021. Accessible at: https://www.economist.com/united–states/2021/10/07/americas–political–scientists–are–worried–about–lethal–partisanship

المصدر إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

vote/تقييم

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى