أخبار ومعلومات

قيود المناخ: تحديات معرقلة للتوسع في قطاع النفط الصخري الأمريكي

إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية

صرَّحت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية مؤخراً بأن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة ارتفعت بنحو 4.3 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 22 أكتوبر الماضي إلى 430.8 مليون برميل، مقارنةً بتوقعات المحللين في استطلاع لرويترز بزيادة 1.9 مليون برميل، كما توقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ارتفاع إنتاج النفط الصخري 77 ألف برميل يوميّاً في نوفمبر الحالي، وأن متوسط إنتاج النفط الصخري من سبعة حقول رئيسية قد يسجل 8.219 مليون برميل يوميّاً في نوفمبر المقبل. وعلى الرغم من المكاسب الكبيرة التي تحققت في هذا القطاع في ظل ارتفاع أسعار النفط عالمياً، فإن هناك العديد من التحديات التي يتوقع أن تلقي بظلالها على الاستثمار في قطاع النفط الصخري الأمريكي في الفترة القادمة.

مؤشرات جيدة

وفي هذا الإطار، يمكن استعراض أبرز الملامح والتوقعات المتعلقة بالإنتاج النفطي للولايات المتحدة في عدد من الاتجاهات؛ وذلك على النحو التالي:

1– استفادة “أوبك بلس” من استقرار مستويات الإنتاج الأمريكي: بينما ارتفعت أسعار نفط غرب تكساس الوسيط منذ نهاية العام الماضي، ظل إنتاج النفط الأمريكي ثابتاً نسبياً؛ حيث ركزت شركات النفط الصخري الأمريكية خلال الفترة الماضية على تحقيق عائدات للمساهمين، وتوليد التدفق النقدي الحر، وسداد الديون بدلاً من توسيع الإنتاج والاحتياطيات. ومع الإشارة إلى أن النفط الصخري الأمريكي كان المحرك الرئيسي للنمو في إمدادات النفط من خارج مجموعة “أوبك بلس” على مدى العقد الماضي، فإن تقييد الإنتاج الأخير كان مفيداً للغاية للمجموعة؛ حيث سمح لها ذلك بتحقيق هدفها الخاص بخفض أحجام النفط الخام في السوق العالمية دون خوف من خسارة دائمة لحصتها في السوق.

2– توجه نحو زيادة إنتاج النفط الصخري الأمريكي بالتدريج: رغم حفاظ شركات إنتاج النفط الصخري الأمريكية على مستويات إنتاجها خلال الأشهر الماضية، فإنها بدأت مؤخراً تزيد الإنتاج، وإن كان ذلك بمعدل أبطأ مما كان عليه الأمر قبل ثلاث سنوات. وقد بلغ عدد منصات النفط في الولايات المتحدة 443 في 22 أكتوبر 2020، أي أكثر من ضعف المستوى الذي تم تسجيله في أغسطس 2020، ولكن أقل من نصف المستوى الذي تم تسجيله في فترة التوسع السريع في إنتاج النفط الصخري في عام 2018.

كما ارتفع عدد الآبار الجديدة التي تم حفرها من 294 بئراً في أغسطس 2020 إلى 635 بئراً في سبتمبر، بينما ازدادت عمليات إكمال حفر الآبار بمعدل أسرع؛ حيث ارتفعت من 248 في يونيو 2020 إلى 876 في سبتمبر، وارتفع معدل إتمام الآبار نحو 60% عن الذروة في مايو 2018، بينما لا يزال حفر الآبار الجديدة أقل نسبياً عند نحو 40% من أعلى مستوى في يناير 2019. ومن المتوقع أن يصل إنتاج النفط الصخري الأمريكي إلى 8.22 مليون برميل يومياً في نوفمبر الجاري، وهو أعلى مستوى منذ أبريل 2020.

3– انخفاض تكاليف خدمات النفط يحقق مكاسب للشركات: من المرجح أن تتسارع الزيادات في إنتاج النفط الصخري الأمريكي في الأشهر المقبلة؛ ما يوفر مكاسب نقدية غير متوقعة للشركات في هذا القطاع، ولا سيما أن النقص النسبي في نشاط الحفر الجديد أدى إلى انخفاض تكاليف خدمات النفط والإنفاق الرأسمالي، وهذا يعني أنه يمكن تحقيق المزيد من نمو الإنتاج بمعدلات استثمار أقل.

وبجانب الزيادة في أسعار خام غرب تكساس الوسيط، أدت هذه الزيادة إلى تعزيز التدفقات النقدية لشركات إنتاج النفط الصخري. ويتوقع أن صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة قد تحقق عائدات هيدروكربونية بقيمة 195 مليار دولار أمريكي هذا العام، وهو أعلى من الرقم القياسي السابق البالغ 191 مليار دولار أمريكي المسجل في عام 2019.

قلق متزايد

تتمثل أهم الهواجس التي تنتاب المستثمرين من زيادة الحذر في التوسع في التنقيب عن النفط الصخري فيما يلي:

1– ضغوط إدارة بايدن على شركات النفط الصخري: رغم المكاسب المتوقعة من النفط الصخري، فإن الشركات الخاصة بإنتاجه، يتوقع أن تكون هدفاً لإدارة بايدن التي عانت مؤخراً من انتكاسات لاستراتيجيتها للتخفيف من آثار تغير المناخ، في ظل اتجاهها نحو الدفع بعدد من السياسات والتشريعات المقترحة التي تكافح لأجل تطبيقها، بما يشمل زيادة معدلات الضرائب على الشركات المنتجة للنفط، وفرض ضريبة الكربون.

2– سعي “أوبك بلس” إلى إلغاء تخفيضات الإنتاج السابقة: سيتعيَّن على شركات النفط الصخري أن تضع في الحسبان أحجام عائدات الإنتاج المتوقعة لمجموعة “أوبك بلس”، التي تتجه نحو إلغاء جميع تخفيضات الإنتاج التي تمت خلال العام الحالي بحلول سبتمبر 2022.

3– توجه متزايد نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة: يتوجه المستثمرون نحو الاستثمار في مصادر الطاقة المتوافقة مع عملية التحول الأخضر، والانتقال بعيداً عن الاعتماد بالأساس على قطاع الهيدروكربونات؛ لذا يجب أن يظل الوضع المالي لقطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة قوياً بما يكفي لدعم النمو المتحقق في الأشهر الماضية.

4– قيود متزايدة على تمويل مشاريع الوقود الأحفوري: تعد استراتيجية تمويل المناخ الأمريكية بمنزلة ضربة قوية لتمويل وإقراض مشاريع الوقود الأحفوري، التي ستحصل على تمويلات محدودة للغاية، وفي ظروف استثنائية، بهدف الحد من الانبعاثات الكربونية؛ ما يعني انكماش المعروض النفطي؛ الأمر الذي يتماشى مع سياسات مجموعة “أوبك بلس” من حيث تقييد الإمدادات وفتحها جزئياً في فترات ارتفاع الطلب الموسمي، مثل موسم الصيف الحالي، وخاصةً في ظل دعوة الرئيس الأمريكي جو بايدن” أمام قمة المناخ إلى ضرورة الاستثمار في المشروعات التي تهدف إلى إنهاء استخدام النفط الصخري.

5– تراجُع كفاءة الصخور الحاملة للنفط الصخري الأمريكي: صرح بعض الخبراء في مجال الطاقة بأن مخزون الصخور الحاملة للنفط الصخري العالي الجودة والمربح للغاية في الولايات المتحدة يتضاءل؛ ما يعوق الانتعاش. وفي حين أن النشاط انتعش في حوض بيرميان الغزير الإنتاج في نيومكسيكو وتكساس، فقد كان أبطأ في مناطق أخرى، مثل حقل باكن النفطي في داكوتا الشمالية؛ حيث تم حفر أفضل المناطق في الحقل. وقد ساعدت التحسينات الهائلة في الإنتاجية المدفوعة بالابتكارات في الحفر، الصناعة على مواجهة انخفاضات الأسعار السابقة، ولكن التحسينات تباطأت بدرجة كبيرة في السنوات الأخيرة.

كما يواجه المستثمرون في قطاع النفط الصخري مشكلة تتعلق بكفاءة رأس المال؛ حيث من المقرر أن يتراجع الإنتاج المحقق في الشهور القادمة مقابل كل دولار سيتم استثماره؛ وذلك بالنظر إلى وجود العديد من الآبار المحفورة غير المكتملة.

وختاماً، رغم الأرباح التي يحققها قطاع النفط في ظل ارتفاع أسعار النفط عالمياً، يواجه قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة العديد من التحديات، كما يواجه المستثمرون فيه مشكلة تتعلق بكفاءة رأس المال؛ حيث من المقرر أن يتراجع الإنتاج المحقق في الشهور القادمة مقابل كل دولار سيتم استثماره؛ وذلك بالنظر إلى وجود العديد من الآبار المحفورة غير المكتملة. وعلى صعيد آخر، يعتبر إنتاج النفط في الولايات المتحدة موضوعاً مهمّاً للنقاش؛ حيث يؤثر بدرجة كبيرة على الاقتصاد الأمريكي، بالإضافة إلى تأثيره على استراتيجيات أوبك واللاعبين الآخرين في سوق النفط.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى