أخبار ومعلومات

لدى الجزائر الخبرة والوسائل لجمع أدلة تدين المغرب

بقلم  أحمد حمداني – الخبر

كشف الخبير المعلوماتي كريم خلوياتي أن الجزائر تمتلك الخبرة والوسائل والعنصر البشري المؤهل للتحقيق التقني المعمق في إمكانية تعرض مصالح جزائرية ومواطنين ومسؤولين إلى جوسسة مغربية بواسطة برنامج بيغاسوس الإسرائيلي، مفيدا بأن الأجهزة الأمنية المختصة كانت على علم باستهداف الجزائر بهذا البرنامج منذ 2016، مستبعدا احتمال التنصت على اتصالات القيادات العسكرية والسياسية الجزائرية.

يبرز خلوياتي في حديث مع “الخبر”، أن الجزائر لديها ترسانة من الوسائل لإدانة المغرب دوليا في وقت لاحق، ويفيد أن خبراء تابعين إلى معهد متخصص (مصنف كثاني مركز متطور في إفريقيا) تابع لوزارة الدفاع الوطني، ومعهد الأدلة الجنائية التابع للدرك الوطني، بإمكانهما جمع أدلة وقرائن وتشكيل ملف متكامل في إطار التحقيقات التي أمرت بها النيابة العامة لدى محكمة سيدي امحمد بمجلس قضاء الجزائر العاصمة.

وأفاد بأن المصالح المختصة يمكنها الاعتماد على عدة أنظمة متوفرة ومتحكم فيها من طرف كفاءات وطنية لإنجاز ملف سيأخذ مرجاه إلى الهيئات القضائية والسيادية أولا، ثم سيتم توجيهه إلى الهيئات القضائية الدولية المختصة، ومن الأنظمة التي يمكنها أن تساعد في جمع المعطيات التقنية استغلال نظام فورنسيك وأنظمة أخرى يتحكم فيها الخبراء الجزائريون بشكل دقيق، حيث ستتم في البداية إعادة استغلال وتحليل جداول الاتصالات لجميع الهواتف التي قد تكون تعرضت إلى القرصنة (متوفرة عبر أرضيات إلكترونية ومواقع متخصصة عبر العالم) وهنا يؤكد أن الأمر يتعلق بشخصيات سياسية وناشطين وصحافيين.

رصدنا نظام بيغاسوس سنة 2016

وتوفر بعض الجهات والمواقع الدولية عناوين ومسارات لسلسلة الاتصالات والأنشطة الإلكترونية لكافة الأشخاص المستهدفين، وهو ما يمكن المحققين من جمع أدلة مادية حول الجريمة المغربية المتعلقة بسرقة معطيات الهواتف الذكية للشخصيات المستهدفة بنظام “بيغاسوس”. أما في حال أتلفت الجهة الفاعلة لآثار الجريمة، فإن هناك بدائل أخرى يمكن استغلالها لإثبات الجوسسة، وهي متوفرة لدى متعامل الهاتف النقال الذين يمكنهم تقديم كمّ هائل من المعلومات الإلكترونية الخاصة بالشخصيات المستهدفة، على اعتبار أن معدات التخزين (داتا سانتر) التابعة للمتعاملين تحتفظ بالمعطيات الخاصة بزبائنها لفترات طويلة ويمكن الرجوع إلى الفترة التي تعرض فيها الضحايا إلى الاختراق الخارجي، كما يمكن استغلال هواتف المعنيين الذين قدموا شكاوى لجمع الأدلة الرقمية لتقوية الملفات القضائية الجاري إنجازها تحت إشراف نيابة الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد.

ولفت الخبير ذاته إلى أن مصداقية الملفات التي ستنجز تعززها عمليات المطابقة مع عناوين بروتوكول الأنترنت والنصوص الأصلية التي تم كشفها من طرف مواقع عالمية متخصصة، ومنها سيتم تحديد الفترة التي تعرضت المصالح الجزائرية إلى القرصنة والجوسسة والاختراق من طرف مخابرات النظام المغربي أو أي جهة أجنبية معادية، مشيرا إلى أن جميع الأدلة في متناول المصالح المختصة وهي قادرة على إنهاء التحقيقات في ظرف وجيز، وبالتالي فإن الهيئات السيادية والدبلوماسية ستواجه المخزن المغربي بملفات تحتوي على أدلة دامغة وغير قابلة للطعن بخصوص إمكانية استهداف مواطنين وصحافيين جزائريين وناشطين أيضا.

مؤامرة دولية لضرب المعنويات

ويعتقد خلوياتي أن هناك ما يشبه مؤامرة دولية تستهدف الجزائر والجيش الجزائر على وجه الخصوص، وخاصة ما تعلق بترويج معلومات مفادها تمكن المخابرات المغربية من التنصت على يادات سياسية وعسكرية جزائرية، معتبرا ذلك مستحيلا بسبب التأمين العالي لمختلف وسائل الاتصالات التي تعتمدها قيادات الجيش، ويرى محدثنا أن إبراز “التفوق “المغربي الإلكتروني هدفه ضرب معنويات إطارات الجيش وإحداث شرخ بين المؤسسة العسكرية، وهو ما يتجلى في نشوة إعلامية مغربية تزامنت مع انكشاف امتلاك المغرب لبرنامج الجوسسة المغربية”. فوسائل الإعلام المغربية غطت على الفضيحة بإبراز الغلبة التكنولوجية والأمنية الإلكترونية المزعومة على الجزائر ودفعت إلى إيهام الرأي العام لديها بأنها متفوقة على الجزائر لدرجة قدرتها على اختراق اتصالات القيادات العسكرية والسياسية الجزائرية، وهو حسب محدثنا، أمر غير ممكن بالنظر للتدابير الاحترازية التي اعتمدها الجيش الجزائري منذ سنوات، خاصة وأن مصالح الأمن كانت قد تعاملت مع معلومات موثقة وصلتها منذ 2016 حول نظام بيغاسوس ولديها أنظمة الحماية “سوك” متطورة تقدم تحاليل آنية وفي الوقت المثالي، كما تتوفر على أنظمة “فاير وول” لحماية النقاط الإستراتجية والمؤسسات الهامة.

ويشير المختص في الأمن السيبراني إلى أن الجوسسة ممكنة وقد تكون طالت شخصيات هامة (ليس رأس القيادة)، عبر هفوات توفرها تطبيقات الاتصال فقط، وهذه التطبيقات المجانية هي المدخل والبوابة للتجسس الخارجي، فالصحافيون والدبلوماسيون السابقون وحتى ضباط متقاعدون يكونون عرضة للجوسسة المباشرة إذا ما قاموا بتحميل وتثبيت التطبيقات وأضحت تلك التطبيقات رغم أن خطورتها شائعة نظرا لخصائصها المتعددة، خاصة وأن المتجسس قد يتمكن من جميع أرقام هاتفية بفضل تحليل قائمة الاتصالات من الهواتف المخترقة، لكن على مستوى القيادات فهذا أمر غير معمول به على أعلى مستوى بسبب تدابير سرية اتخذت سابقا، خاصة وأن تحذيرات تم تعميمها قبل سنوات بخصوص التعامل الحذر مع “سمار تفون”، بل هناك أماكن إستراتيجية يمنع فيها إدخال أو استغلال الهواتف الذكية كما تخضع اتصالات أبسط أعوان وإطارات المصالح الحساسة إلى التشفير الاتصالي والتمويه التلقائي لمختلف المكالمات والتعاملات الإلكترونية.

ويبقى السؤال الأهم الذي ستكشفه الأيام المقبلة، حسب المختص، هو: “من هي الجهة التي سربت الفضيحة وفجرت ملف بيغاسوس؟”، متوقعا أن تتوفر في الأيام المقبلة، معلومات مهولة، كما يمكن أن تجمع الحكومات المستهدفة من البرنامج بيغاسوس ملفات متكاملة حول مواطنيها ومصالحها ومؤسساتها التي تكون قد تعرضت للاختراق.
وشدد محدثنا على ضرورة “انتفاض” جميع أفراد المجتمع وإطاراته والمؤسسات الاقتصادية والإدارات العمومية والقطاعات الوزارية لتفعيل مخطط طوارئ وطني للتوعية من مخاطر التطبيقات على غرار فايبر وواتساب وإيمو وتطبيقات المحدثات الافتراضية وكل الخدمات المجانية التي توفرها المتاجر الإلكترونية “بلاي ستور”.

ويلفت إلى ضرورة إعادة نظام العمل الداخلي لكافة المؤسسات العمومية، بحيث تصبح عملية اقتناء وتسيير أنظمة الحماية إجبارية تحت إشراف مباشرة من الجيش الوطني الشعبي وفروعه، كما يجب أن تلحق مصالح أنظمة الأمن المعلوماتي مباشرة بالمسؤول الأول عن أي مؤسسة وطنية عمومية أو خاصة مهما كان تنصيفها أو تخصصها، فأول قرار يجب أن يتخذ آنيا، حسب كريم خلواتي ومجموعة من الخبراء، هو ربط الصلة مباشرة بين الخبراء التقنيين في جميع القطاعات مع المسؤول التنفيذي للمؤسسة وذلك لاتخاذ القرار المناسب في أي لحظة، على اعتبار أن رصد الهجمات الإلكترونية يتطلب تدخلا فوريا لصاحب القرار، وهو ما يتطلب إزالة الحواجز “السلم التصاعدي” بين المسؤول التقني وبين المسؤول التنفيذي لاتخاذ القرار المناسب في حال التعرض لعدوان إلكتروني.

SAKHRI Mohamed

أنا حاصل على شاهدة الليسانس في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بالإضافة إلى شاهدة الماستر في دراسات الأمنية الدولية، إلى جانب شغفي بتطوير الويب. اكتسبت خلال دراستي فهمًا قويًا للمفاهيم السياسية الأساسية والنظريات في العلاقات الدولية والدراسات الأمنية والاستراتيجية، فضلاً عن الأدوات وطرق البحث المستخدمة في هذه المجالات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى